الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تأديب الأعراب
ولم تخل فترة الصلح من أحداث شغب قام بها الأعراب، لكنها لم تكن خطيرة ولم تؤثر على تفرغ المسلمين للدعوة ونشر الإسلام من ذلك ما حدث في:
غزوة ذات القرَد:
وقد وقعت قبل غزوة خيبر بثلاث ليال، وذلك حين أغار عبدالرحمن بن عيينة بن حصن الفزاري على نياق للرسول صلى الله عليه وسلم فأخذها وقتل راعيها، فلحقه سلمة بن الأكوع بعد ان أنذر المسلمين، فخرج الرسول صلى الله عليه وسلم فوجد سلمة بن الأكوع قد خلص النياق منهم واضطرهم للهرب وقد انتهى الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ماء ذي قرد ورجع إلى المدينة (1).
ومن ذلك أيضاً:
قصة عُكل وعرينة:
وبعد غزوة ذي قرد قدم رجال من قبيلتي عكل وعرينة إلى المدينة معلنين إسلامهم، ثم طلبوا أن يسكنوا الريف لأنهم يستوخمون المدينة، فأمر لهم الرسول صلى الله عليه وسلم بنياق وراع فخرجوا إلى الحرة فارتدوا وقتلوا الراعي وأخذوا النياق، فأرسل إليهم بعثا فجاءوه بهم حيث سمرت أعينهم وقطعت أيديهم وتركوا في حرة حتى ماتوا. وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن المثلة بعدها (2).
…
(1) صحيح البخاري (فتح الباري 7/ 460) وصحيح مسلم 3/ 1432. وأما ابن إسحق وكتاب السيرة الآخرون فيرون أن الغزوة كانت سنة ست قبل الحديبية (فتح الباري 7/ 460) وقال البيهقي: الذي لا نشك فيه أن غزوة ذي قرد كانت بعد الحديبية وخيبر وحديث سلمة بن الأكوع مصرح بذلك (فتح الباري 7/ 420 - 421) وقد وقعت فيها صلاة الخوف وإنما شرعت بعد الخندق. ويذكر خليفة بن خياط أن المغير هو عيينة بن حصن وليس ابنه عبدالرحمن (تاريخ خليفة 77).
(2)
صحيح البخاري: (فتح الباري 7/ 458).
ومن ذلك:
غزوة ذات الرقاع:
اختلف كتاب السيرة في تاريخ هذه الغزوة، فجنح البخاري إلى أنها بعد خيبر، وذهب ابن إسحق أنها بعد النضير وقبل الخندق سنة أربع، وعند ابن سعد وابن حبان أنها كانت في المحرم سنة خمس، وأما أبو معشر فجزم أنها كانت بعد بني قريظة والخندق. والراجح ما ذهب إليه البخاري وأبو معشر لأن أبا موسى الأشعري شهدها وقد قدم من الحبشة بعد فتح خيبر مباشرة، وأبو هريرة شهدها وقد أسلم حين فتح خيبر، وقد سميت بغزوة ذات الرقاع كما سميت بغزوة نجد وغزوة بني محارب وبني ثعلبة من غطفان.
وقد اقترب المسلمون من جموع غطفان دون أن يقع قتال بينهم، ولكن أخافوا بعضهم حتى صلى المسلمون صلاة الخوف في مكان يبعد من المدينة يومين يدعى نخلا ثم عادوا إلى المدينة، وقد اختلف في سبب تسميتها بغزو ذات الرقاع، لكن أبا موسى الأشعري ذكر أنها سميت بذلك لأنهم لفّوا في أرجلهم الخرق بعد أن تنقبت خفافهم، وكان لكل ستة بعير يتعاقبون على ركوبه (1).
وهذه الأحداث لم تحظ باهتمام كبير عند قدامى المؤرخين حيث طغت عليها أخبار إرسال الرسل لدعوة الملوك والامراء إلى الإسلام (2)، وفتح خيبر، وتوجه المسلمين إلى مكة في عمرة القضاء.
وعلى أية حال فإن سقوط خيبر فسح المجال أمام المسلمين للسيطرة على المناطق الشمالية المتاخمة للشام ويبدو أن غزوة ذات الرقاع التي اتجهت إلى
(1) فتح الباري 7/ 416 - 421.
(2)
كان ذلك عقب عودته صلى الله عليه وسلم من الحديبية وقد أرخ ابن سعد إرسالهم وهم ستة رسل في يوم واحد في المحرم سنة سبع (طبقات 1/ 2/15ط. أوروبا) وتابعه ابن القيم (زاد المعاد 1/ 30) في حين يقدم الطبري تاريخ إرسالهم قليلا فيجعلها في ذي الحجة سنة 6 هـ (تاريخ الطبري 2/ 228).
غطفان - وهي القوة الثانية في المنطقة بعد يهود خيبر - كانت ضمن خطتهم هذه، وقد أعقبتها غزوة مؤتة في هذا الاتجاه ولكن اهتمام المسلمين بزيارة الكعبة وأداء عمرة القضاء أخّر إرسال جيش مؤتة قليلاً.