الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويُستحبّ له أن يتنظف ويلبس أحسن ثيابه.
4 - يتوجه الحاج بعد الأعمال السابقة إلى مكة
؛ ليطوف بالبيت، ويُسمَّى هذا الطواف: طواف الإفاضة، وطواف الزيارة، وهو ركن من أركان الحج، وهو المراد في قوله تعالى:{ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالبَيْتِ العَتِيقِ} (1)، ويكون طوافه كالطواف الذي ذُكِرَ سابقاً تماماً، لكن ليس فيه رمل ولا اضطباع، لمن سبق أن طاف للقدوم، أو طاف للعمرة.
ثم يصلي ركعتين خلف المقام، ويُستحبّ أن يشرب من زمزم؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم (2).
ثم بعد الطواف وصلاة ركعتين يسعى بين الصفا والمروة إن كان متمتعاً؛ لأن سعيه الأول لعمرته، وهذا سعي الحج؛ لقول عائشة
لعن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: (( .. فطاف الذين أهلّوا بالعمرة بالبيت وبالصفا والمروة، ثم حلّوا، ثم طافوا طوافاً آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم، وأما الذين كانوا جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافاً واحداً)) (3)، وتعني بالطواف الآخر الطواف بين الصفا والمروة على أصحّ الأقوال؛ لأن طواف الإفاضة ركن في حق الجميع، وقد فعلوه، ويدلّ على صحّة ذلك أيضاً ما رواه البخاري تعليقاً مجزوماً به عن ابن عباس ب أنه سُئِلَ عن متعة الحج، فقال: أهلّ المهاجرون، والأنصار، وأزواج
(1) سورة الحج، الآية:29.
(2)
مسلم، برقم 1218، وانظر: البخاري، برقم 1635.
(3)
متفق عليه: البخاري، برقم 1561، ومسلم واللفظ له، برقم 1211.
النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، وأهللنا فلمَّا قدمنا مكة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((اجعلوا إهلالكم بالحج عمرة إلا من قلّد الهدي))، فطفنا بالبيت، وبالصفا والمروة، وأتينا النساء، ولبسنا الثياب، وقال:((من قلَّد الهدي؛ فإنه لا يحلّ حتى يبلغ الهدي محلّه))، ثم أمرنا عشية التروية أن نهلَّ بالحج، فإذا فرغنا من المناسك جئنا فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة .. الحديث (1)، وهذا صريح في سعي المتمتع مرتين، والله أعلم (2).
أما القارن والمفرد فليس عليه إلا سعي واحد؛ فإن كان قد سعاه بعد طواف القدوم كفاه ذلك عن السعي بعد طواف الإفاضة، وإلا سعى بعد طواف الإفاضة (3).
والأعمال التي يحصل بها التحلل الثاني ثلاثة: رمي جمرة العقبة، والحلق أو التقصير، وطواف الإفاضة مع السعي بعده لمن كان عليه سعي، فإذا فعل هذه الثلاثة حلّ له كل شيءٍ حرم عليه بالإحرام حتى النساء، ومن فعل اثنين منها حلّ له كل شيء حرم عليه بالإحرام إلا النساء، ويُسمّى هذا بالتحلّل الأول (4) كما تقدم.
والأفضل للحاج أن يرتّب هذه الأمور الأربعة المتقدمة: رمي جمرة العقبة، ثم النحر أو الذبح، ثم الحلق أو التقصير، ثم الطواف بالبيت
(1) البخاري، برقم 1572.
(2)
انظر فتاوى ابن باز في الحج والعمرة، 5/ 275، وزاد المعاد، 2/ 273.
(3)
انظر: انظر: حديث جابر رضي الله عنه صحيح مسلم، برقم 1218، والكلام على ذلك مع التحقيق في زاد المعاد، 2/ 273.
(4)
انظر فتاوى ابن باز في الحج والعمرة، 5/ 277.
والسعي بعده للمتمتع، وكذلك القارن والمفرد إذا لم يسعيا مع طواف القدوم.
فإن قدّم بعض هذه الأمور على بعض فلا حرج، وأجزأه ذلك؛ لثبوت الرخصة عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، وقد تتابعت الأسئلة عليه في ذلك.
فجاء رجل فقال: لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح، فقال:((اذبح ولا حرج)).
فجاء آخر فقال: لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي، فقال:((ارمِ ولا حرج)).
وجاء آخر فقال: حلقت قبل أن أرمي، فقال:((ارمِ ولا حرج)).
وجاء آخر فقال: أفضت إلى البيت قبل أن أرمي، قال:((ارمِ ولا حرج))، فما سئل النبي صلى الله عليه وسلم يومئذٍ عن شيء قُدِّم ولا أُخِّر إلا قال:((افعل ولا حرج)) (1).
وقال آخر رميت بعد ما أمسيت، فقال:((لا حرج)) (2).
وقال آخر: يا رسول الله سعيت قبل أن أطوف، قال:((لا حرج)) (3).
فدلّ ذلك كله على التيسير والتسهيل، والرحمة والرفق في هذه الأمور، والحمد لله.
(1) متفق عليه: البخاري، برقم 1736، ورقم 1737، ورقم 1738، ومسلم، برقم 327 - 333 (1306)، وانظر: جامع الأصول في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، 3/ 300 - 303.
(2)
البخاري، برقم 1735.
(3)
أبو داود، برقم 2015، وصححه الألباني في صحيح النسائي، 1/ 564، وابن باز في التحقيق والإيضاح، ص60.