الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع: النيابة في الحج والعمرة
من لا يستطيع الحج والعمرة بنفسه وقد اكتملت له الشروط كمن لا يستطيع الركوب، ولا يقدر عليه ولا يثبت على المركوب، ولا يرجى برؤه؛ فإنه يلزمه أن يُنيب من يحجُّ عنه ويعتمرُ (1)؛ لحديث ابن عباس
رضي الله عنهما أن امرأةً من خثعم قالت: يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يثبت على الراحلة، أفأَحُج عنه؟ قال:((نعم))، وذلك في حجة الوداع (2)، وفي رواية لمسلم:((فحجي عنه)) (3).
ولحديث أبي رَزِين رضي الله عنه: يا رسول الله إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج، ولا العمرة، ولا الظعن، قال:((فحج عن أبيك واعتمر)) (4)، فإن تُوفِّيَ من وجب عليه الحج ولم يحج أُخْرِجَ عنه من ماله ما يُحجُّ به عنه ويُعتَمرُ (5)؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: أمرت امرأة سنان بن عبد الله الجهني أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أمها ماتت ولم تحج، أفيجزئ عن
(1) المغني لابن قدامة، 5/ 19، وشرح العمدة في بيان مناسك الحج والعمرة لابن تيمية،
1/ 133، و183، والروض المربع حاشية ابن قاسم، 3/ 518، وأضواء البيان، 5/ 93، وشرح الزركشي، 3/ 31.
(2)
متفق عليه: أخرجه البخاري، برقم 1854، ومسلم، برقم 1334.
(3)
مسلم، برقم 1334.
(4)
أخرجه أصحاب السنن: أبو داود، برقم 1810، والترمذي، برقم 930، والنسائي، برقم 3638، وابن ماجه، برقم 2906، وصححه الألباني في: صحيح النسائي، 2/ 556، وفي صحيح أبي داود، 1/ 341، وصحيح ابن ماجه، 2/ 152، وصحيح الترمذي، 1/ 275، وتقدم تخريجه.
(5)
المغني لابن قدامة، 5/ 36، و38، و19، وشرح العمدة في بيان الحج والعمرة، 1/ 183.
أمها أن تحج عنها؟ قال: ((نعم لو كان على أمها دين فقضته عنها أكان يجزئ عنها؟)) قال: نعم، قال:((فلتحج عن أمها)) (1).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فماتت قبل أن تحج أفأحج عنها؟ قال: ((نعم، حجي عنها، أرأيتِ لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟)) قالت: نعم. قال: ((فاقضوا الذي له فإن الله أحق بالوفاء)) (2)، وفي رواية ((اقضوا الله فالله أحق بالوفاء)) (3)، وفي رواية أن رجلاً قال: إن أختي نذرت أن تحج وإنها ماتت، فقال:((فاقضِ الله فهو أحق بالقضاء)) (4).
· ولا يجوز أن يحج النائب عن غيره إلا بعد أن يحج عن نفسه؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول: لبيك عن شبرمة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((من شبرمة؟)) قال: أخٌ لي، أو قريبٌ لي، قال:((حججت عن نفسك؟)) قال: لا. قال: ((حج عن نفسك ثم عن شبرمة)) (5).
· وينبغي أن يحرص المستنيب على اختيار الوكيل الصالح الذي يعرف
(1) أخرجه أحمد، 1/ 217، 244، 279، والنسائي، برقم 2631، وابن خزيمة، برقم 3034، 3035، وحسنه الألباني في صحيح النسائي، 2/ 559.
(2)
أخرجه البخاري، برقم 1852.
(3)
أخرجه البخاري، برقم 7315.
(4)
أخرجه البخاري، برقم 6699.
(5)
أخرجه أبو داود، برقم 1811، وابن ماجه، برقم 2903، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، 1/ 341، وإرواء الغليل، 4/ 171.
أحكام الحج والعمرة، ويراقب الله عز وجل في ذلك؛ لأن هذا من أسباب القبول، وعلى الوكيل أن يخلص النية لله سبحانه، ويَعْلم أنه لا ينبغي لأحدٍ على الصحيح أن يأخذ مالاً يحج به عن غيره إلا لأحد رجلين:
1 -
رجل يحب أن يبرئ ذمة الميت عن الحج، ويحسن إليه بقضاء هذا الدين، إما لصلةٍ بينهما أو رحمة عامة بالمؤمنين، فيأخذ من المال ما يستعين به على أداء الحج عنه، ويردّ الباقي الفاضل من المال، وهذا محسن والله يحب المحسنين.
2 -
رجل يحبّ الحج ورؤية المشاعر، وهو عاجز عن النفقة فيأخذ ما يقضي حاجته ويؤدي به عن أخيه فريضة الحج.
والخلاصة: أن المستحب للوكيل أن يأخذ المال ليَحُجَّ، لا أن يحُجَّ ليأخذ، وهذا يُرجَى له الثواب العظيم، وأن يُعطى مثل أجر من وكَّله أو حج عنه إن شاء الله تعالى (1)، قال النبي صلى الله عليه وسلم:((الخازن الأمين الذي يؤدي ما أُمِر به طيبةً به نفسه أحد المتصدقين)) (2).
أما من أخذ المال، وأراد الدنيا بعمل الآخرة، ولم يقصد إلا الحطام الفاني، فليس له في الآخرة من نصيب (3).
(1) انظر: فتاوى ابن تيمية، 26/ 14 - 20، بتصرف.
(2)
أخرجه البخاري، برقم 2260، ومسلم، برقم 1023.
(3)
انظر: فتاوى ابن تيمية، 26/ 28، و20.