الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَدِيثِ) الغناء، قاله ابن عباس في رواية سعيد بن جبير، ومقسم عنه، وقاله عبد اللَّه بن مسعود في رواية أبي الصهباء عنه، وهو قول مجاهد، وعكرمة.
وجه الدلالة: أن اللَّه جل وعلا بيّن أن بعضاً {مِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} ، وهو الغناء، من أجل إضلال الناس، وإذا كان الغناء سبباً من أسباب الضلالة، فلاشك في تحريمه.
رابعاً: قال تعالى: {أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُون * وَتَضْحَكُونَ
وَلَا تَبْكُون * وَأَنتُمْ سَامِدُون} (1). قال عكرمة عن ابن عباس: «السمود» الغناء في لغة حمير، يُقال: اسمدي لنا. أي غَنِّي لنا. قال عكرمة: كانوا إذا سمعوا القرآن غنوا، فنزلت.
وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى استفهم منهم استفهام إنكار وتوبيخ وتقريع، وذكر في سياق هذا أن من أوصافهم الذميمة السمود، وهو الغناء، فهذا يدل على أنه محرم؛ إذ لو كان مشروعاً، أو باقياً على البراءة الأصلية، لما ذمّهم على فعله.
وأما السنة
فنقتصر على دليل واحد، وهو ما رواه البخاري في الصحيح معلقاً بصفة الجزم، ورواه أبو داود، وابن ماجه في السنن، وأبو بكر الإسماعيلي في الصحيح إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ليكونن
(1) .. سورة النجم، الآية: 59 - 61.
من أمتي أقوامٌ يستحلون الحِرَ والحَريرَ والخمرَ والمعازفَ
…
» (1).
وتقرير الاستدلال من ثلاثة أوجه:
الأول: أن الحديث سِيق لذمِّ هذا الصنف من الناس الذين يتجاوزون حدود اللَّه، ومنها هذه الأمور التي منها المعازف، وأَكَّد ذلك باللام في صدر الكلام، وبالنُّون المؤكدة، ولو كان مباحاً لما ذَمَّهُمْ.
الثاني: أنه قال: «يَسْتَحِلُّونَ» ، فَفُهِمَ من هذا أن حرمته متقررة. والمعازف هي: آلات الملاهي على اختلاف أنواعها، قاله غير واحد من أئمة اللغة: كابن منظور، وصاحب القاموس.
الثالث: أن اللَّه تعالى قرن المعازف بما ذكره معها، وهي محرّمة، فتكون المعازف مساوية لها في أصل الحكم الذي هو التحريم من (باب دلالة الاقتران).
وأما أقوال الأئمة، فقد قال عبد اللَّه بن الإمام أحمد: سألت أبي عن الغناء؟ فقال: «الغناء ينبت النفاق في القلب، لا يعجبني» .
وأما الشافعي فقد صرّح أصحابه العارفون بمذهبه أنه يقول بتحريمه.
وأما الإمام مالك لمّا سُئل عنه قال: «إنما يفعله عندنا الفساق» .
(1) .. البخاري برقم 5590، وتقدم تخريجه.