الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ} (1). فسره جمهور المفسرين: بالغناء، وكان عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه يقسم على ذلك ويقول:«إن الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل» ، وفي الحديث الصحيح عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه قال:«ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر، والحرير، والخمر، والمعازف» الحديث رواه
البخاري في صحيحه معلقاً، مجزوماً به (2)، ورواه غيره بأسانيد صحيحة.
والمعازف هي: الغناء، وآلات اللَّهو، وبهذا يُعلم أن هذا الذي أفتى ــ إن صح النقل ــ بمشروعية الغناء، قد قال على اللَّه بغير علم، وأفتى فتوى باطلة، سوف يُسأل عنها يوم القيامة، واللَّه المستعان (3).
4 - الاستماع إلى الأغاني لا شك في حرمته
س-: ما حكم الاستماع إلى الأغاني؟
الجواب: الاستماع إلى الأغاني لا شك في حرمته، وما ذاك إلا لأنه يجر إلى معاصٍ كثيرةٍ، وإلى فتنٍ متعددةٍ، ويجرُّ إلى العشق، والوقوع في الزنا، والفواحش، واللواط، ويجرُّ إلى معاصٍ أخرى: كشرب المسكرات، ولعب القمار، وصحبة الأشرار، وربما أوقع في
(1) .. سورة لقمان، الآية:6.
(2)
.. البخاري، برقم 5590 وتقدم تخريجه.
(3)
.. مجموع فتاوى ابن باز، 3/ 433.
الشرك والكفر باللَّه، على حسب أحوال الغناء، واختلاف أنواعه، واللَّه جل وعلا يقول في كتابه العظيم:{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِين * وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيم} (1).
فأخبر سبحانه أن بعض الناس يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل اللَّه، قرئ (ليُضِلّ) بضم الياء، وقرئ (ليَضِل) بفتح الياء مع كسر الضاد فيهما، واللام للتعليل، والمعنى أنه بتعاطيه، واستعاضته لهو الحديث، وهو: الغناء، يجرُّه ذلك، إلى أن يَضل في نفسه، ويُضل غيره: يَضل بسبب ما يقع في قلبه من القسوة،
والمرض، فيضل عن الحق؛ لتساهله بمعاصي اللَّه، ومباشرته لها، وتركه بعض ما أوجب اللَّه عليه، مثل ترك الصلاة في الجماعة، وترك بر الوالدين، ومثل لعب القمار، والميل إلى الزنا، والفواحش، واللواط، إلى غير ذلك مما قد يقع بسبب الأغاني، قال أكثر المفسرين:«معنى لهو الحديث في الآية الغناء» ، وقال جماعة آخرون:«كل صوت منكر من أصوات الملاهي، فهو داخل في ذلك: كالمزمار، والرّبابة، والعود، والكمان، وأشباه ذلك، وهذا كله يصدّ عن سبيل اللَّه، ويُسبب الضلال والإضلال» .
(1) .. سورة لقمان، الآيتان: 6، 7.
وثبت عن عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه الصحابي الجليل أحد علماء الصحابة رضي الله عنهم أنه قال في تفسير الآية: «إنه واللَّه الغناء» ، وقال:«إنه يُنبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل» .
والآية تدلّ على هذا المعنى فإن اللَّه قال: {لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ} (1)، يعني: يَعمي عليه الطريق كالسكران؛ لأن الغناء يُسكر القلوب، ويوقع في الهوى والباطل، فيعمي عن الصواب إذا اعتاد ذلك حتى يقع في الباطل من غير شعور بسبب شغله بالغناء، وامتلاء قلبه به، وميله إلى الباطل، وإلى عشق: فلانة، وفلان، وإلى صحبة: فلانة، وفلان، وصداقة فلانة، وفلان {وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا} معناه: هو اتخاذ سبيل اللَّه هزواً، وسبيل اللَّه هي دينه، والسبيل تُذَكَّرُ وتُؤَنَّثُ، فالغناء واللَّهو يفضي إلى اتخاذ طريق اللَّه لهواً ولعباً، وعدم المبالاة في ذلك، وإذا تلي عليه القرآن تولّى، واستكبر، وثَقُلَ عليه سماعه؛ لأنه اعتاد سماع الغناء، وآلات الملاهي، فيثقل عليه سماع القرآن؛ ولا يستريح لسماعه، وهذا من العقوبات العاجلة.
فالواجب على المؤمن أن يحذر ذلك، وهكذا على كل مؤمنة
الحذر من ذلك، وجاء في المعنى أحاديث كثيرة، كلّها تدلّ على تحريم الغناء، وآلات اللَّهو، والطرب، وأنها وسيلة إلى شرّ كثير، وعواقب وخيمة، وقد بسط العلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه
(1) .. سورة لقمان، الآية:6.