المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بحث في مؤاخاته صلى الله عليه وآله وسلم بين الصحابة - الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني - جـ ١١

[الشوكاني]

فهرس الكتاب

- ‌بحث في مؤاخاته صلى الله عليه وآله وسلم بين الصحابة

- ‌بحث في المتحابين في الله

- ‌تنبيه الأفاضل على ما ورد في زيادة العمر ونقصانه من الدلائل

- ‌زهرة النسرين الفائح بفضائل المعمرين

- ‌بحث في جواب سؤال عن الصبر والحلم هل هما متلازمان أم لا

- ‌بحث في الإضرار بالجار

- ‌نثر الجوهر على حديث أبي ذر

- ‌سؤال وجواب في فقراء الغرباء الواصلين إلى مكة من سائر الجهات ومكثهم في المسجد الحرام

- ‌رفع الريبة فيما يجوز وما لا يجوز من الغيبة

- ‌رسالة في حكم القيام لمجرد التعظيم

- ‌العرف الندي في جواز إطلاق لفظ سيدي

- ‌هذه مناقشة للبحث السابق لبعض الهنود الساكنين في تهامةتحقيق الرباني للعالم الصمداني على رسالة الشوكاني[العرف الندي في جواز لفظ سيدي]

- ‌ذيل العرف الندي في جواز إطلاق لفظ سيدي جوابا على المناقشة السابقة

- ‌جواب سؤالات وصلت من كوكبان

- ‌الدواء العاجل لدفع العدو الصائل

- ‌القول الحسن في فضائل أهل اليمن

- ‌مجموعة من الحكم لبعض الحكماء المتقدمين

- ‌بحث مشتمل على الكلام فيما يدور بين كثير من الناس هل الامتثال خير من الأدب أو الأدب خير من الامتثال

الفصل: ‌بحث في مؤاخاته صلى الله عليه وآله وسلم بين الصحابة

‌بحث في مؤاخاته صلى الله عليه وآله وسلم بين الصحابة

تأليف

محمد بن علي الشوكاني

حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه

محمد صبحي بن حسن حلاق

أبو مصعب

ص: 5273

وصف المخطوط:

1 -

عنوان الرسالة من المخطوط: بحث في مؤاخاته صلى الله عليه وسلم بين الصحابة.

2 -

موضوع الرسالة: "فقه".

3 -

أول الرسالة: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وآله الأكرمين وصحبه الأفضلين. وبعد:

4 -

آخر الرسالة: ومجرد الفعل يصلح لمطلق المشروعية عند وجود السبب وفي هذا المقدار كفاية. وإن كان المقام محتملا للبسط.

كتبه المجيب محمد الشوكاني غفر الله له وتجاوز عنه.

هذا منقول عن خطه نفع الله المسلمين بعلومه آمين.

5 -

نوع الخط: خط نسخي جيد.

6 -

عدد الصفحات: 7 صفحات.

7 -

عدد الأسطر في الصفحة: 15 سطرا.

8 -

عدد الكلمات في السطر: 9 كلمات.

9 -

الرسالة من المجلد الرابع من الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني.

ص: 5275

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وآله الأكرمين، وصحبه الأفضلين. وبعد:

فإنه سأل بعض أهل العلم عن الحكمة فيما وقع منه صلى الله عليه وآله وسلم من المؤاخاة (1) بين الصحابة بعد الهجرة، وذكر في سؤاله تكميلا لما أشكل عليه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم آخى بين غني وغني، وبين مهاجري ومهاجري، حتى

(1) قال الحافظ في "الفتح"(7/ 271) وكان ابتداء المؤاخاة أوائل قدومه المدينة واستمر يجددها بحسب من يدخل في الإسلام أو يحضر المدينة.

وقال الحافظ في "الفتح"(7/ 370): قال ابن عبد البر: كانت المؤاخاة مرتين: مرة بين المهاجرين خاصة وذلك بمكة.

- وقد أنكر ابن تيمية في رده على الرافضي في "منهاج السنة"(7/ 117،361) المؤاخاة بين المهاجرين وخصوصا مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم لعلي قال: لأن المؤاخاة شرعت لإرفاق بعضهم بعضا، ولتأليف قلوب بعضهم على بعض فلا معنى لمؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم لأحد منهم ولا لمؤاخاة مهاجري لمهاجري، وهذا رد للنص بالقياس وإغفال عن حكمة المؤاخاة لأن بعض المهاجرين كان أقوى من بعض بالمال والعشيرة والقوى فآخى بين الأعلى ليرتفق الأدنى بالأعلى ويستعين الأعلى بالأدنى ولهذا تظهر مؤاخاته صلى الله عليه وسلم لعلي لأنه هو الذي كان يقوم به من عهد الصبا من قبل البعثة واستمر، وكذلك مؤاخاة حمزة وزيد بن حارثة لأن زيدا مولاهم فقد ثبت أخوتهما وهما من المهاجرين.

ومرة بين المهاجرين والأنصار. ثم نقل الحافظ في " الفتح"(7/ 370) عن ابن سعد بأسانيد الواقدي إلى جماعة من التابعين قالوا: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة آخى بين المهاجرين والأنصار على المواساة وكانوا يتوارثون، وكانوا تسعين نفسا بعضهم من المهاجرين وبعضهم من الأنصار، وقيل كانوا مائة فلما نزل:{وَأُولُو الْأَرْحَامِ} بطلت المواريث بينهم بتلك المؤاخاة.

قال السهيلي: آخى بين أصحابه ليذهب عنهم وحشة الغربة ويتأنسوا من مفارقة الأهل والعشيرة ويشد بعضهم أزر بعض، فلما عز الإسلام واجتمع الشمل وذهبت الوحشة أبطل المواريث وجعل المؤمنين كلهم إخوة وأنزل:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} يعني في التواد وشمول الدعوة، واختلفوا في ابتدائها فقيل بعد الهجرة بخمسة أشهر، وقيل بتسعة، وقيل وهي يبني المسجد وقيل قبل بنائه، وقيل بسنة وثلاثة أشهر قبل بدر.

"فتح الباري"(7/ 270 - 271).

ص: 5279

آخى بينه وبين علي رضي الله عنه، وهل الإخاء مرة واحدة أم بحسب التدرج أو الأسباب؟ وما الفرق بين الإخاء والحلف؟ وهل نهى عن الحلف في الإسلام أم لا؟ وهل يجب على الإمام العادل الإخاء بين المسلمين عملا بفعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أم لا؟ انتهى.

ص: 5280

وأقول: - حامدا الله سبحانه، ومصليا على رسوله وآله -.

إني لم أقف لأحد من أهل العلم على كلام فيما اشتمل عليه هذا السؤال، وقد تقرر في أصول الشريعة أنه يجب العمل بما ورد عن الشارع، وإن لم نقف على وجه الحكمة فيه، فليس ذلك معتبرا في التعبد بأحكام الشرع، بل يجب علينا قبول ما ورد، والعمل به في العمليات، واعتقاده في الاعتقادات، وإن جهلنا وجهه، ولم نعقل الحكمة (1) فيه.

(1) قال ابن تيمية في "منهاج السنة النبوية "(1/ 141): "وقال الجمهور من أهل السنة وغيرهم: بل هو حكيم في خلقه وأمره، والحكمة ليست مطلق المشيئة، إذ لو كان كذلك لكان كل مريد حكيما، ومعلوم أن الإرادة تنقسم إلى محمودة ومذمومة، بل الحكمة تتضمن ما في خلقه وأمره من العواقب المحمودة، والغايات المحبوبة.

والقول بإثبات هذه الحكمة ليس قول المعتزلة من وافقهم من الشيعة فقط بل هو قول جماهير طوائف المسلمين، من أهل التفسير والفقه والحديث والتصوف والكلام، وغيرهم. فأئمة الفقهاء متفقون على إثبات الحكمة والمصالح في أحكامه الشرعية".

وقال القرطبي في "المفهم"(6/ 216): أن لله تعالى فيما يجريه حكما وأسرارا راعاها ومصالح راجعة إلى خلقه اعتبرها. كل ذلك بمشيئته وإرادته من غير وجوب عليه ولا حكم عقلي يتوجه إليه، بل ذلك بحسب ما سبق من علمه ونافد حكمه، فما اطلع عليه من تلك الأسرار عرف، وما لا فالعقل عنده يقف. وحذار من الاعتراض والإنكار! فإن مآل ذلك إلى الخيبة وعذاب النار.

وقال الحافظ في "الفتح"(13/ 450) في "شرح باب في المشيئة والإرادة": "وقالوا في قوله تعالى: {تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ} [آل عمران:26] أي يعطي من اقتضته الحكمة الملك، يريدون أن الحكمة تقتضي رعاية المصلحة، ويدعون وجوب ذلك على الله، تعالى الله عن قولهم، وظاهر الآية أن يعطي الملك من يشاء سواء كان متصفا بصفات من يصلح للملك أم لا؟ من غير رعاية استحقاق ولا وجوب ولا أصلح بل يؤتي الملك من يكفر به ويكفر نعمته حتى يهلكه، ككثير من الكفار، مثل نمرود والفراعنة، ويؤتيه إذا شاء من يؤمن به ويدعو إلى دينه ويرحم به الخلق مثل يوسف وداود وسليمان - وحكمته في كلا الأمرين علمه وأحكامه بإرادته وتخصيص مقدوراته.

وقال الحافظ في"الفتح"(8/ 600) في شرح كلام البخاري على قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56] وفيه: "وليس فيه حجة لأهل القدر" - قال الحافظ -: "أنهم يحتجون بها على أن أفعال الله لا بد أن تكون معلومة -[المعتزلة القدرية يقولون بوجوب التعليل في الأحكام، أي معللة بالمصالح وأن هذه الأحكام صدرت عن مصلحة، والوجوب في ذلك كله عندهم بجعل الله له ولكن هذا الوجوب فرضوه على الله تعالى.

قال ابن تيمية في"مجموع فتاوى"(8/ 92 - 93): وهؤلاء المعتزلة ومن وافقهم من الشيعة يوجبون على الله سبحانه أن يفعل بكل عبد ما هو الأصلح له في دينه وتنازعوا في وجوب الأصلح في دنياه

ثم قال رحمه الله وأما سائر الطوائف الذين يقولون بالتعليل من الفقهاء وأهل الحديث والصوفية وأهل الكلام كالكرامية وغيرهم والمتفلسفة أيضًا فلا يوافقونهم على هذا، بل يقولون أنه يفعل ما يفعل سبحانه لحكمة يعلمها سبحانه وتعالى، وقد يعلم العباد أو بعض العباد من حكمته ما يطلعهم عليه وقد لا يعلمون ذلك والأمور العامة التي يفعلها تكون لحكمة عامة ورحمة عامة كإرسال محمد صلى الله عليه وسلم فإنه كما قال تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} فإن إرساله كان من أعظم النعم على الخلق وفيه أعظم حكمة للخالق ورحمة منه للعباد

".]- فقال: لا يلزم من وقوع التعليل في موضع وجوب التعليل في كل موضع، ونحن نقول بجواز التعليل لا بوجوبه.

ص: 5281

وقد ثبت في هذه الشريعة المطهرة من التعبدات ما لا يمكن أن تتعقل فيه الحكمة [1أ](1) بوجه من الوجوه، ومن زعم أنه يتعقل ذلك ويعرف وجهه فقد ادعى ما ليس له، وأثبت لنفسه ما لا يقوم به، فإن هذه الصلوات الخمس التي هي رأس الأركان الإسلامية، وأساس الأمور الدينية لا يتمكن أحد أن يبين وجه الحكمة في أعداد الركعات وكونها في بعض الصلوات ركعتين، وفي بعضها ثلاثا، وفي بعضها أربعا، وكون أركانها على تلك الصفة، وأذكارها على تلك الهيئة.

ومن زعم أنه يبلغ علمه إلى معرفة ذلك فقد أثبت لنفسه ما ليس لها، وتحمل ما لا يطيقه، وإذا كان هذا في الصلوات التي هي أعظم شعائر الدين وفرائض الإسلام. فما ظنك بغيرها من الفرائض! بل ما ظنك بغير الفرائض من الأمور التي جاء بها الشرع! وهكذا الكلام في سائر أركان الدين، فإنه لو زعم زاعم أنه يعرف وجه الحكمة في مناسك الحج، وكونها على تلك الأعداد بتلك الصفات، أو زعم أنه يعرف وجه

(1) قال ابن تيمية في "منهاج السنة النبوية "(1/ 141): "وقال الجمهور من أهل السنة وغيرهم: بل هو حكيم في خلقه وأمره، والحكمة ليست مطلق المشيئة، إذ لو كان كذلك لكان كل مريد حكيما، ومعلوم أن الإرادة تنقسم إلى محمودة ومذمومة، بل الحكمة تتضمن ما في خلقه وأمره من العواقب المحمودة، والغايات المحبوبة.

والقول بإثبات هذه الحكمة ليس قول المعتزلة من وافقهم من الشيعة فقط بل هو قول جماهير طوائف المسلمين، من أهل التفسير والفقه والحديث والتصوف والكلام، وغيرهم. فأئمة الفقهاء متفقون على إثبات الحكمة والمصالح في أحكامه الشرعية".

وقال القرطبي في "المفهم"(6/ 216): أن لله تعالى فيما يجريه حكما وأسرارا راعاها ومصالح راجعة إلى خلقه اعتبرها. كل ذلك بمشيئته وإرادته من غير وجوب عليه ولا حكم عقلي يتوجه إليه، بل ذلك بحسب ما سبق من علمه ونافد حكمه، فما اطلع عليه من تلك الأسرار عرف، وما لا فالعقل عنده يقف. وحذار من الاعتراض والإنكار! فإن مآل ذلك إلى الخيبة وعذاب النار.

وقال الحافظ في "الفتح"(13/ 450) في "شرح باب في المشيئة والإرادة": "وقالوا في قوله تعالى: {تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ} [آل عمران:26] أي يعطي من اقتضته الحكمة الملك، يريدون أن الحكمة تقتضي رعاية المصلحة، ويدعون وجوب ذلك على الله، تعالى الله عن قولهم، وظاهر الآية أن يعطي الملك من يشاء سواء كان متصفا بصفات من يصلح للملك أم لا؟ من غير رعاية استحقاق ولا وجوب ولا أصلح بل يؤتي الملك من يكفر به ويكفر نعمته حتى يهلكه، ككثير من الكفار، مثل نمرود والفراعنة، ويؤتيه إذا شاء من يؤمن به ويدعو إلى دينه ويرحم به الخلق مثل يوسف وداود وسليمان - وحكمته في كلا الأمرين علمه وأحكامه بإرادته وتخصيص مقدوراته.

وقال الحافظ في"الفتح"(8/ 600) في شرح كلام البخاري على قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56] وفيه: "وليس فيه حجة لأهل القدر" - قال الحافظ -: "أنهم يحتجون بها على أن أفعال الله لا بد أن تكون معلومة -[المعتزلة القدرية يقولون بوجوب التعليل في الأحكام، أي معللة بالمصالح وأن هذه الأحكام صدرت عن مصلحة، والوجوب في ذلك كله عندهم بجعل الله له ولكن هذا الوجوب فرضوه على الله تعالى.

قال ابن تيمية في"مجموع فتاوى"(8/ 92 - 93): وهؤلاء المعتزلة ومن وافقهم من الشيعة يوجبون على الله سبحانه أن يفعل بكل عبد ما هو الأصلح له في دينه وتنازعوا في وجوب الأصلح في دنياه

ثم قال رحمه الله وأما سائر الطوائف الذين يقولون بالتعليل من الفقهاء وأهل الحديث والصوفية وأهل الكلام كالكرامية وغيرهم والمتفلسفة أيضًا فلا يوافقونهم على هذا، بل يقولون أنه يفعل ما يفعل سبحانه لحكمة يعلمها سبحانه وتعالى، وقد يعلم العباد أو بعض العباد من حكمته ما يطلعهم عليه وقد لا يعلمون ذلك والأمور العامة التي يفعلها تكون لحكمة عامة ورحمة عامة كإرسال محمد صلى الله عليه وسلم فإنه كما قال تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} فإن إرساله كان من أعظم النعم على الخلق وفيه أعظم حكمة للخالق ورحمة منه للعباد

".]- فقال: لا يلزم من وقوع التعليل في موضع وجوب التعليل في كل موضع، ونحن نقول بجواز التعليل لا بوجوبه.

ص: 5282

الحكمة في الصيام وكونه على تلك الصفة في ذلك الوقف المخصوص، أو زعم أنه يعرف وجه الحكمة في كون فرائض الزكاة على تلك الصفة في تلك الأعداد لكان زاعما [1ب] زعما باطلا، ومدعيا دعوى مدفوعة، ومتكلفا (1) ما ليس من شأنه، ومتقولا على الله ما لم يقل، وقد ورد في الزجر عن ذلك في الكتاب العزيز ما ترجف له الأفئدة، وتقشعر له الجلود.

قال الله عز وجل: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (2)، فجعل التقول على الله - سبحانه - قرينا للشرك، وعديلا للفواحش. وكفى هذا زاجرا لكل من:{لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} (3).

(1) نقول: إن مذاهب أهل السنة والجماعة في الحكمة والتعليل وهو: "أن أفعال الله تعالى تعلل بالحكم والغايات الحميدة، التي تعود على الخلق بالمصالح والمنافع، ويعود على الله تعالى حبه ورضاه لتلك الحكم، وهذه الحكم مقصودة، ويفعل لأجل حصولها كما تدل عليه النصوص من القرآن والسنة، ورد التعليل في القرآن في مواضع لا تكاد تحصى بأدوات متنوعة".

قال تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} [المائدة: 32].

وقال سبحانه: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ} [البقرة: 143].

وقال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} .

فأهل السنة لا ينكرون إمكان التعليل، وإنما ينكرون وجوبه.

قال ابن تيمية في "مجموعة الفتاوى"(8/ 97): "إذا علم العبد من حيث الجملة أن لله فيما خلقه وأمر به حكمة عظيمة كفاه هذا. ثم كلما ازداد علما وإيمانا ظهر له من حكمة الله ورحمته ما يبهر عقله، ويبين له تصديق ما أخبر الله به في كتابه حيث قال:{سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} [فصلت: 53].

(2)

[الأعراف: 33].

(3)

[ق: 37].

ص: 5283

والحاصل أن في الشريعة المطهرة مما لا يمكن تعقل وجه الحكمة فيه ما لا يأتي عليه الحصر، وانظر هل يدعي مدع، أو يزعم زاعم أنه يعرف وجه الحكمة في كون حد الزنا مائة جلدة، وحد القذف ثمانين جلدة، وحد الشرب أربعين أو ثمانين.

فكل عاقل فضلا عن عالم لا يشك ولا يرتاب في بطلان هذه الدعوى، وكذب هذا الزعم.

ولو ذهب ذاهب يتكلم في ذلك لجاء بما يضحك منه كل سامع، ويسخر منه كل عاقل.

وإذا عرفت هذا وتقرر عندك معناه فاعلم أن وجه الحكمة [2أ] في المؤاخاة هو ظاهر الوجه، واضح المنزع، بين السبب، جلي الفائدة. وليس القول فيه من التكلف لما لا يعلم، ولا من التقول على الله بما لا حقيقة له؛ فإن كل عاقل فضلا عن عالم يعرف أن تعاضد الرجلين على أمور المعاش، وتحصيل ما يكون به السداد من عوز الحاجة له مزيد تأثير على ما يكون من الواحد الفرد، وهكذا التعاضد على الأمور الدينية، والتعاون على تحصيلها، فإن ذلك من الأثر ما لا يخفي على عاقل، ولهذا أمر الله - سبحانه - به في قوله:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (1) وهكذا كل ما ورد في الكتاب والسنة من الندب للعباد إلى التعاضد والتناصر والتعاون، فإن وجه الحكمة فيه هو من هذا القبيل، بل لذلك تأثير في التعاضد على مجرد إدارة الرأي والتفاوض فيما ينوب من الأمور كما قال شاعر:

ورأيان أحزم من واحد

ورأي الثلاثة لا ينقض

ومعلوم أن الأخوة (2) الدينية الكائنة على لسان النبوة المصطفوية الصادرة عن الترجيح المحمدي - عليه أشرف صلاة وأكمل تسليم - يكون لها في قلوب المؤمنين من المواقع ما

(1)[المائدة: 2].

(2)

انظر "فتح الباري"(7/ 270 - 271).

ص: 5284

لا يكون لإخوة النسب [2ب]، فيجهد كل واحد منهما في تحصيل نفع أخيه بما لا يبلغ إليه الشقيق في النسب، ومن ذلك المواساة من كل واحد منهما للآخر بما تملكه يده، والتعاضد في تحصيل مواد العيش.

وقد يتناوبان في أمور الدين والدنيا فيسعى أحدهما في تحصيل علم الشرع يوما، والأخر في تحصيل أمور المعاش يوما، كما ثبت في الصحيح (1) أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يتناوب هو وأخوه الأنصاري في الذهاب إلى حضرة النبوة يوما فيوم، فيأتي من نزل منهما الحضرة المصطفوية بما حدث فيها من الأخبار والشرائع، ويقوم الآخر في ذلك اليوم بما يحتاجان إليه من أمور الدنيا، ومن أعظم الفوائد وأجل المقاصد أنه يحصل بهذه المؤاخاة المودة الخالصة، والتحاب الصحيح، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم:"أن المتحابين في الله على منابر من نور يوم القيامة"(2) فلو لم يكن من فوائد هذه الأخوة إلا هذه الفائدة فكيف ولها من فوائد الدين والدنيا ما لا يخفى على عاقل! وقد أوضحنا بعضه.

وأما قول السائل - عافاه الله -: وما الفرق بين الإخاء والحلف (3)؟

(1) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (89) معلقا وأطرافه: [2468، 4913، 4915، 5191، 5218، 5843، 7256، 7263] من حديث عبد الله بن عباس، عن عمر قال: كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد - وهي من عوالي المدينة - وكنا نتناوب النزول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل يوما، وأنزل يوما، فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره وإذا نزل فعل مثل ذلك

".

(2)

أخرجه الترمذي في "السنن" رقم (2390) من حديث معاذ بن جبل قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قال الله عز وجل: المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء".

وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح: وهو حديث صحيح.

انظر الرسالة الآتية رقم (175).

(3)

قال ابن الأثير في "النهاية"(1/ 424 - 425) أصل الحلف: المعاقدة والمعاهدة على التعاضد والتساعد والاتفاق فما كان منه في الجاهلية على الفتن والقتال بين القبائل فذلك الذي ورد النهي عنه في الإسلام بقوله صلى الله عليه وسلم: "لا حلف في الإسلام" أخرجه البخاري رقم (6083) من حديث أنس بن مالك. وما كان منه في الجاهلية على نصر المظلوم وصلة الرحم كحلف المطيبين وما جرى مجراه، فذلك الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم:"وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة" - أخرجه مسلم في صحيحه رقم (206/ 2530) من حديث جبير بن مطعم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا حلف في الإسلام وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة" - يريد من المعاقدة على الخير ونصرة الحق وبذلك يجتمع الحديثان وهذا هو الحلف الذي يقتضيه الإسلام. والممنوع منه ما خالف حكم الإسلام.

وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا حلف في الإسلام" قاله زمن الفتح فكان ناسخا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه من المطيبين، وكان عمر رضي الله عنه من الأحلاف والأحلاف ست قبائل: عبد الدار وجمح ومخزوم وعدي وكعب وسهم سموا بذلك لأنهم لما أرادت بنو عبد مناف أخذ ما في أيدي عبد الدار من الحجامة والرفادة واللواء والسقاية، وأبت عبد الدار، عقد كل قوم على أمرهم حلفا مؤكدا على أن لا يتخاذلوا، فأخرجت بنو عبد مناف جفنة مملوءة طيبا فوضعتها لأحلافهم وهم أسد، وزهرة، وتيم، في المسجد عند الكعبة، ثم غمس القوم أيديهم فيها وتعاقدوا، وتعاقدت بنو عبد الدار وحلفاؤها حلفا آخر مؤكدا فسموا الأحلاف لذلك.

وقد أخرج أحمد في "المسند"(1/ 190، 193) وأبو يعلى في مسنده رقم (846) وابن حبان في صحيحه رقم (4373) والحاكم (2/ 219 - 220) والبيهقي في "السنن الكبرى"(6/ 366) وفي "الدلائل"(2/ 37 - 38) والبخاري في "الأدب المفرد" رقم (567) عن عبد الرحمن بن عوف، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "شهدت غلاما مع عمومتي حلف المطيبين، فما أحب أن لي حمر النعم، وإني أنكثه". وهو حديث صحيح.

قال القرطبي في "المفهم"(6/ 482 - 483): قوله: "لا حلف في الإسلام" أي: لا يتحالف أهل الإسلام كما كان أهل الجاهلية يتحالفون، وذلك أن المتحالفين: كانا يتناصران في كل شيء، فيمنع الرجل حليفه، وإن كان ظالما، ويقوم دونه، ويدفع عنه بكل ممكن، فيمنع الحقوق، وينتصر به على الظلم والبغي، والفساد، ولما جاء الشرع بالانتصاف بالحدود، وبين الأحكام أبطل ما كانت الجاهلية عليه ممن ذلك، وبقي التعاقد والتحالف على نصرة الحق، والقيام به، وأوجب ذلك بأصل الشريعة إيجابا عاما على من قدر عليه من المكلفين.

ص: 5285

وأقول [3أ]: الفرق بينهما واضح، فإن التحالف الذي كان في زمن الجاهلية، وأوائل الإسلام هو مشتمل على التوارث، وتنزيل الأخ في الحلف منزلة الأخ في

ص: 5286

النسب، وليس في المؤاخاة الإسلامية الكائنة عن أمره صلى الله عليه وآله وسلم إلا مجرد التعاضد والتعاون على أمور الدين والدنيا، وهذه سنة نبوية ثابتة لم تنسخ، ولا ورد ما يرفعها بخلاف التحالف، فإنه قد نسخ (1) وارتفع حكمه في هذه الشريعة، فلا توارث

(1) أخرج البخاري في صحيحه رقم (2292) وطرفاه (4580، 6747) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما "وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ"[النساء:33]. قال: ورثة. "وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ" قال: كان المهاجرون لما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم المدينة يرث المهاجر الأنصاري دون رحمه، للأخوة التي آخى بينهم، فلما نزلت " وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ" نسخت ثم قال: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ" إلا النصر والرفادة والنصيحة وقد ذهب الميراث ويوصي له.

قال ابن كثير في تفسيره (4/ 95) في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال:72].

ذكر تعالى أصناف المؤمنين، وقسمهم إلى مهاجرين، خرجوا من ديارهم وأموالهم، وجاءوا لنصر الله ورسوله، وإقامة دينه، وبذلوا أموالهم وأنفسهم في ذلك، وإلى أنصار، وهم: المسلمون من أهل المدينة إذ ذاك، آووا إخوانهم المهاجرين في منازلهم، وواسوهم في أموالهم، ونصروا الله ورسوله بالقتال معهم، فهؤلاء بعضهم أولى ببعض أي: كل منهم أحق بالآخر من كل أحد ولهذا آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار، كل اثنين أخوان فكانوا يتوارثون بذلك إرثا مقدما على القرابة حتى نسخ الله تعالى ذلك بالمواريث.

قال الحافظ في" الفتح "(4/ 474): قال الخطابي: قال ابن عيينة حالف بينهم أي آخى بينهم، يريد أن معنى الحلف في الجاهلية معنى الأخوة في الإسلام لكنه في الإسلام جار على أحكام الدين وحدوده، وحلف الجاهلية جرى على ما كانوا يتواضعونه بينهم بآرائهم، فبطل منه ما خالف حكم الإسلام وبقي ما عدا ذلك على حاله.

قال الحافظ في: "الفتح"(4/ 474): واختلف الصحابة في الحد الفاصل بين الحلف الواقع في الجاهلية والإسلام.

فقال ابن عباس: ما كان قبل نزول الآية المذكورة جاهلي وما بعدها إسلامي وعن علي ما كان قبل " لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ " جاهلي.

وعن عثمان: كل حلف كان قبل الهجرة جاهلي، وما بعدها إسلامي.

وعن عمر: كل حلف كان قبل الحديبية فهو مشدود وكل حلف بعدها منقوض، ثم قال الحافظ: وأظن قول عمر أقواها ويمكن الجمع بأن المذكورات في رواية غيره ما يدل على تأكد حلف الجاهلية والذي في حديث عمر ما يدل على نسخ ذلك.

قال النووي في شرحه لصحيح مسلم (16/ 82): المنفي حلف التوارث وما يمنع منه الشرع، وأما التحالف على طاعة الله ونصر المظلوم والمؤاخاة في الله تعالى فهو أمر مرغب فيه.

قال القرطبي في "المفهم"(6/ 479): المؤاخاة: مفاعلة من الأخوة ومعناها: أن يتعاقد الرجلان على التناصر والمواساة. والتوارث حتى يصيرا كالأخوين نسبا، وقد يسمى ذلك حلفا

وكان ذلك أمرا معروفا في الجاهلية معمولا به عندهم ولم يكونوا يسمونه إلا حلفا، ولما جاء الإسلام عمل النبي صلى الله عليه وسلم به، وورث به على ما حكاه أهل السير.

ثم قال (6/ 483): وسمى ذلك أخوة مبالغة في التأكيد والتزام الحرمة ولذلك حكم فيه بالتوارث حتى تمكن الإسلام، واطمأنت القلوب، فنسخ الله تعالى ذلك بميراث ذوي الأرحام.

ص: 5287

به. وقد نزل في شأن ذلك القرآن الكريم، قال الله عز وجل:{وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} (1) وتولى الله - سبحانه - تفريض الفرائض، وتقدير المواريث في كتابه العزيز، ونسخ كثيرا مما كان في زمن الجاهلية.

وأما قول السائل - عافاه الله -: وهل يجب على الإمام العادل الإخاء بين المسلمين عملا بفعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم (2)

(1)[الأنفال:75].

(2)

قال ابن تيمية في "مجموع الفتاوى"(35/ 93 - 94): كذلك تنازع الناس هل يشرع في الإسلام أن يتآخى اثنان ويتحالفا كما فعل المهاجرون والأنصار؟ فقيل: إن ذلك منسوخ. لما رواه مسلم في صحيحه رقم (206) - تقدم تخريجه - عن جبير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا حلف في الإسلام وما كان من حلف في الجاهلية فلم يزده الإسلام إلا شدة" ولأن الله قد جعل المؤمنين إخوة بنص القرآن، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:"المسلم أخو المسلم لا يسلمه ولا يظلمه والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه من الخير ما يحب لنفسه".

أخرج الشطر الأول البخاري في صحيحه رقم (2442) ومسلم رقم (58) من حديث عمر رضي الله عنه.

وأخرج الشطر الثاني من الحديث البخاري في صحيحه رقم (13) ومسلم رقم (71، 72) من حديث أنس بن مالك.

فمن كان قائما بواجب الإيمان كان أخا لكل مؤمن، ووجب على كل مؤمن أن يقوم بحقوقه، وإن لم يجر بينهما عقد خاص، فإن الله ورسوله قد عقدا الأخوة بينهما بقوله:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} وقال صلى الله عليه وسلم "وددت أني قد رأيت إخواني" أخرجه مسلم رقم (39).

ومن لم يكن خارجا عن حقوق الإيمان وجب أن يعامل بموجب ذلك فيمد على حسناته ويوالي عليها وينهى عن سيئاته، ويجانب عليها بحسب الإمكان وقد قال صلى الله عليه وسلم:" انصر أخاك ظالما أو مظلوما " قلت يا رسول الله! أنصره مظلوما، فكيف أنصره ظالما؟ قال:"تمنعه من الظلم، فذاك نصرك إياه" أخرجه البخاري في صحيحه رقم (6952) بنحوه من حديث أنس رضي الله عنه وأخرجه مسلم رقم (62) من حديث جابر.

والواجب على كل مسلم أن يكون حبه وبغضه، موالاته ومعاداته تابعا لأمر الله سبحانه ورسوله، فيحب ما أحب الله ورسوله ويبغض ما أبغضه الله ورسوله ويوالي من يوالي الله ورسوله، ويعادي من يعادي الله ورسوله.

ص: 5288

فأقول: إن كان يظن الإمام أن لذلك مزيد أثر في الأمور العائدة على العباد بمصالح الدين والدنيا فعله، ولا سيما في مبادي ظهور الحق وفشو شرائع الإسلام في ذلك المكان ولم يرد ما يدل على الوجوب، ومجرد الفعل يصلح لمطلق المشروعية عند وجود السبب. وفي هذا [3ب] المقدار كفاية، وإن كان المقام محتملا للبسط.

كتبه المجيب محمد الشوكاني - غفر الله له، وتجاوز عنه -.

هذا منقول عن خطه - نفع الله المسلمين بعلومه - آمين [4أ].

ص: 5289