الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدرر البهية في المسائل الفقهية
تأليف
محمد بن علي الشوكاني
حقَّقته وعلَّقت عليه وشرحت غريبه
محفوظة بنت علي شرف الدين
أم الحسن
[مقدمة المؤلف]
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم بك الاستعانة، وعليك التوكل، نحمدك لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، ونصلي ونسلم على رسولك وآل رسولك.
[الكتاب الأول]
[كتاب الطهارة]
[الباب الأول] باب [أقسام المياه]
الماء طاهر مطهر (1)، لا يخرجه عن الوصفين (2)، ألا ما غير ريحه أو لونه أو طعمه من النجاسات (3)، وعن الثاني (4) ما أخرجه عن اسم الماء المطلق من المغيرات (5) الطاهرة، ولا فرق بين قليل وكثير، وما فوق القلتين (6) وما دونهما، ومستعمل وغير مستعمل،
(1) وذلك بلا خلاف. ولقوله تعالى: {وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به} [الأنفال: 11]
(2)
أي عن وصف كونه طاهرًا وعن وصف كونه مطهرًا
(3)
قال ابن المنذر في كتابه «الإجماع» (ص33) رقم (10): «وأجمعوا على أن الماء القليل والكثير إذا وقعت فيه نجاسة، فغيرت الماء طعمًا، أو لونًا، أو ريحًا، إنه نجس ما دام كذلك.
(4)
أي كونه طاهرًا.
(5)
كالصابون، والعجين، والزعفران، أو غير ذلك من الأشياء الطاهرة التي يسغني عنها عادة، فيصبح الماء طاهرًا في نفسه غير مطهر لغيره. انظر «المجموع» (1/ 150).
(6)
القلة: الجرة العظيمة، وسميت بذلك لأن الرجل العظيم يقلها بيديه أي: يرفعها.
وتقديرها: وقد اختلف فيها، ومن أشهر ما قيل: أنها
…
ومساحتها ذراع وربع طولًا وعرضًا وعمقًا «المجموع» (1/ 168).
قال ابن قدامة في «المغني» (1/ 36): وإذا كان الماء قلتين وهو خمس قرب. فوقعت في نجاسة فلم يوجد لها طعم ولا لون ولا رائحة؛ فهو طاهر. والقلة: هي الجرة، وسميت قلة لأنها بقل بالأيدي؛ أي: تحمل، ومنه قوله تعالى:{حتى إذا أقلت سحابًا ثقالُا} [الأعراف: 57]. ويقع هذا الاسم على الكبيرة والصغيرة، والمراد بها هاهنا قلتان من قلال هجر وهما خمس قرب، وكل قربة مائة رطل بالعراقي، فتكون القلتان خمسمائة رطل بالعراقي. قال ابن التركماني في «الجوهر النقي» ، وهو «بذيل» «السنن الكبرى» للبيهقي (1/ 265):
ومتحرك وساكن (1).
[الباب الثاني: النجاسات]
[الـ] فصل [الأول: أحكام النجاسات]
والنجاسات (2) هي: غائط الإنسان مطلقًا، وبوله إلا الذكر الرضيع (3)، ولعاب كلب، وروث، ودم حيض، ولحم خنزير، وفيما عدا ذلك (4) خلاف.
(1) لا دليل على الفرق بين الماء الساكم والمتحرك في التطهير.
(2)
النجاسة: هي كل عين حرم تناولها على الإطلاق لعينها مع إمكانه، لا لحرمتها ولا لاستقذارها أو ضررها في بدن أو عقل. وقال ابن تيمية: النجس ما حرم ملابسته ومباشرته وحمله في الصلاة.
انظر: «مجموع فتاوى» (21/ 541).
(3)
واعلم أن التخفيف في التطهير- من بول الذكر الرضيع- لا يستلزم خروجه من الاستثناء من النجاسة.
وغاية الأمر أن الاختلاف في كيفية التطهير وذلك غير موجب لاستثنائه من العموم.
قال صلى الله عليه وسلم: «يغسل من بول الجارية ويرش من بول الغلام» عن أبي السمح أخرجه أبو داود رقم (376) وابن ماجه رقم (526) والنسائي رقم (304).
وهو حديث صحيح.
(4)
مثل: المني، الدم المسفوح، الخمر، المذي، الودي، المشرك.
والأصل الطهارة فيا ينقل عنها إلا ناقل صحيح لم يعارضه ما يساويه أو يقدم عليه.
[الـ] فصل [الثاني: تطهير النجاسات]
ويطهر ما يتنجس بغسله حتى لا يبقى لها عين ولا لون ولا ريح ولا طعم. والنعل بالمسح. والاستحالة (1) مطهرة لعدم وجود الوصف المحكوم عليه، وما لا يمكن غسله فبالصب عليه أو النزح منه حتى لا يبقى للنجاسة أثر. والماء هو الأصل في التطهير ولا يقوم غيره مقامه إلا بإذن من الشارع.
[الباب الثالث] باب قضاء الحاجة
على المتخلي الاستتار حتى يدنو، والبعد، أو دخول الكنيف (2)، وترك الكلام (3)، والملابسة لما له حرمة (4) وتجنب الأمكنة التي منع عن التخلي فيها شرع- أو عرف-
(1) الاستحالة: استفعال من «حال الشيء عما كان عليه» أي: انتقل وتحول من حال إلى حال أخرى، مثل أن تصير العين النجسة رمادًا أو غير ذلك.
انظر: «المصباح» (1/ 157).
وقال الشوكاني في «السيل الجرار» (1/ 170): «إذا استحال ما هو محكوم بنجاستة إلى شيء غير الشيء الذي كان محكومًا عليه بالنجاسة كالعذرة تستحيل ترابًا، أو الخمر يستحيل خلًّا فقد ذهب ما كان محكومًا بنجاسته ولم يبق الاسم الذي كان محكومًا عليه بالنجاسة، والصفة التي وقع الحكم لأجلها وصار كأنه شيء آخر وله حكم آخر
…
».
(2)
الكنيف: الخلاء. وقيل هو المرحاض الذي تقضى فيه حاجة الإنسان وسمي (كنيفً)؛ لأنه يكنف قاضي الحاجة أي يستره.
«لسان العرب» (12/ 171)، و «تاج العروس» (6/ 293).
(3)
يشير إلى الحديث الضعيف الذي أخرجه أبو داود رقم (15) وابن ماجه رقم (342) من حديث جابر: «لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عورتهما يتحدثان فإن الله يمقت على ذلك» .
والضعيف لا تقوم به حجة.
(4)
يشير إلى الحديث الضعيف الذي أخرجه أبو داود رقم (19) وقال: هذا حديث منكر.
والترمذي رقم (1746) وقال: هذا حديث حسن غريب، وابن ماجه رقم (303) والنسائي (8/ 178).
من حديث أنس: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء نزع خاتمه» .
وعدم الاستقبال والاستدبار للقبلة، وعليه الاستجمار بثلاثة أحجار طاهرة، أو ما يقوم مقامها، وتندب الاستعاذة عند الشروع. والحمد بعد (1) الفراغ.
[الباب الرابع] باب الوضوء
[الفصل الأول: فرائض الوضوء]
يجب على كل مكلف أن يسمي، إذا ذكر، ويتمضمض ويستنشق، ثم يغسل جميع وجهه، ثم يديه مع مرفقيه ثم يمسح رأسه مع أذنيه ويجزئ مسح بعضه والمسح على العمامة، ثم يغسل رجليه مع الكعبين، وله المسح على الخفين ولا يكون وضوءًا شرعيًّا إلا بالنية.
[الـ] فصل [الثاني: مستحبات الوضوء]
ويستحب التثليث في غير الرأس، وإطالة الغرة والتحجيل، وتقديم السواك، وغسل اليدين إلى الرسغين ثلاثًا قبل الشروع في الأعضاء المتقدمة.
[الـ] فصل [الثالث: نواقض الوضوء]
وينتقض الوضوء بما خرج من الفرجين من عين أو ريح، وبما يوجب الغسل، ونوم المضطجع وأكل لحم الإبل والقيء ومس الذكر.
[الباب الخامس] باب الغسل
[الفصل الأول: متى يجب الغسل]
(1) يشير إلى الحديث الضعيف الذي أخرجه ابن ماجه رقم (301) من حديث أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج إلى الخلاء قال: «الحمد لله الذي أذهب عني الأذي وعافاني» .
ولكن يقوم مقام الحمد الاستغفار للحديث الصحيح الذي أخرجه أبو داود رقم (30) والترمذي رقم (7) وقال: حديث حسن غريب.
وابن ماجه رقم (300) من حديث عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء قال: «غفرانك» .
يجب بخروج المني بشهوة ولو بتفكر، وبالتقاء الختانين، وبالحيض والنفاس وبالاحتلام مع وجود بلل، وبالموت (1) وبالإسلام.
[الـ] فصل: [الثاني: أركان الغسل وسننه]
والغسل الواجب هو أن يفيض الماء على جميع بدنه، أو ينغمس فيه، مع المضمضة والاستنشاق والدلك لما يمكن دلكه، ولا يكون شرعيًّا إلا بالنية لرفع موجبه، وندب تقديم غسل أعضاء الوضوء إلا القدمين ثم التيامن.
[الـ] فصل: [الثالث: متى يسن الغسل]
ويشرع لصلاة الجمعة (2) وللعيدين ولمن غسل ميتاً وللإحرام ولدخول مكة.
[الباب السادس] باب التيمم
يستباح به ما يستباح بالوضوء والغسل، ولمن لا يجد الماء أو خشي الضرر من استعماله، وأعضاؤه الوجه: ثم الكفان (3) يمسحها مرة بضربة واحدة، ناوياً مسميًا،
(1) أي وجوب ذلك على الأحياء أن يغسلوا من مات.
عن أم عطية الأنصارية- رضي الله عنها قالت: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفيت ابنته فقال: «أغسلنها ثلاثًا، أو خمسًا، أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر واجعلن في الآخرة كافورًا، أو شيئًا من كافور، فإذا فرغتن فآذنني» فلما فرغنا آذناه فأعطانا حقوة، فقال:«أشعرنها إياه» تعني إزاره.
أخرجه البخاري رقم (1253) ومسلم رقم (939).
(2)
أوجب الشوكاني غسل الجمعة في «الدراري» (1/ 149) و «النيل» (1/ 274) ورجع عن ذلك إلى الندب كما في «السيل» (1/ 296 - 297).
(3)
قال الشوكاني في «الدراري» (1/ 159): وقد أشار بالعطف بثم إلى الترتيب بين الوجه والكفين.
انظر: «أضواء البيان» (2/ 48)، «نصب الراية» (1/ 151).
وقد جاء في حديث عمار بن ياسر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «إنما يكفيك هكذا» وضرب النبي صلى الله عليه وسلم بكفيه الأرض ونفخ فيهما، ثم مسح بهما وجهه وكفيه.
أخرجه البخاري رقم (338) ومسلم رقم (368).
وذهب جماعة من أهل العلم إلى أن الترتيب في التيمم غير مشترط.
انظر: «مجموع فتاوى» (21/ 422) و «الأحكام» لابن دقيق العيد (1/ 435) و «فتح الباري» (1/ 457).
ونواقضه نواقض الوضوء.
[الباب السابع: الحيض]
[الفصل الأول]: الحيض
لم يأت في تقدير أقله أو أكثره ما تقوم به الحجة، كذلك الطهر، فذات العادة المتقررة تمل عليها. وغيرها ترجع إلى القرائن، فدم الحيض يتميز عن غيره، فتكون حائضاً إذا رأت دم الحيض، ومستحاضة إذا رأت غيره، وهي كالطاهرة، وتغسل أثر الدم وتتوضأ لكل صلاة (1).
والحائض لا تصلي ولا تصوم، ولا توطأ حق تغتسل بعد الطهر، وتقضي الصيام.
[الـ] فصل: [الثاني: النفاس]
والنفاس أكثره أربعون يوماً، ولا حد لأقله، وهو كالحيض.
(1) وهذا ما اختاره الشوكاني أيضاً في «الدراري» (1/ 165) و «النيل» (1/ 322) ولكنه قال في «السيل» (1/ 351): «وكما أنه ليس في إيجاب الغسل عليها لكل صلاة وللصلاتين ما تقوم به الحجة» .
[الكتاب الثاني]
كتاب الصلاة
[الباب الأول: مواقيت الصلاة]
أول وقت الظهر الزوال وأخره مصير ظل الشيء مثله سوى فيء الزوال، وهو أول وقت العصر وآخره ما دامت الشمس بيضاء نقية، وأول وقت المغرب غروب الشمس، وآخره ذهاب الشفق الأحمر وهو أول العشاء، وآخره نصف الليل. وأول وقت الفجر إذا انشق الفجر وآخره طلوع الشمس، ومن نام عن صلاته، أو سها عنها فوقتها حين يذكرها، ومن كان معذوراً وأدرك ركعة فقد أدرك. والتوقيت واجب، والجمع لعذر جائز والمتيمم وناقص الصلاة أو الطهارة يصلون كغيرهم من غير تأخير، وأوقات الكراهة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس، وعند الزوال، وبعد العصر حتى المغرب.
[الباب الثاني] باب الأذان [والإقامة]
يشرع لأهل كل بلد أن يتخذوا مؤذناً أو أكثر، ينادي بألفاظ الأذان المشروعة، عند دخول وقت الصلوات، ويشرع لكل سامع للآذان أن يتابع المؤذن، ثم تشرع الإقامة على الصفة الواردة.
[الباب الثالث] باب [شروط الصلاة]
ويجب على المصلي تطهير ثوبه وبدنه ومكانه من النجاسة وستر عورته، ولا يشتمل الصماء (1) ................................
(1) قال الحافظ في «الفتح» (1/ 477): اشتمال الصماء: هو بالصاد المهملة والمد قال أهل اللغة: هو أن يخلل جسده بالثوب لا يرفع منه جانباً ولا يبقى ما يخرج منه يده.
قال ابن قتيبة: سميت صماء لأنه يسدد المنافذ كلها فتصير كالصخرة التي ليس فيها خرق. وقال الفقهاء: هو أن يلتحف بالثوب ثم يرفعه من أحد جانبيه فيضعه على منكبيه فيصير فرجه بادياً، قال النووي: فعلى تفسير أهل اللغة يكون مكروهاً لئلا يعرض له حاجة فيتعسر عليه إخراج يده فليحقه الضرر. وعلى تفسير الفقهاء يحرم لأجل انكشاف العورة، قلت: طاهر سياق- البخاري- من رواية يونس في اللباس أن التفسير المذكور فيها مرفوع، وهو موافق لما قال الفقهاء، ولفظه: والصماء أن يجعل ثوبه على أحد عاتقيه فيبد أحد شقيه. وعلى تقدير أن يكون موقوفاً فهو حجة على الصحيح، لأنه تفسير من الراوي لا يخالف ظاهر الخبر.
ولا يسدل (1) ولا يسبل ولا يكفت (2) ولا يصلي في ثوب حرير، ولا ثوب شهرة ولا مغصوب، وعليه استقبال الكعبة إن كان مشاهداً لها أو في حكم المشاهد، وغير المشاهد يستقل الجهة بعد التحري.
[الباب الرابع] باب كيفية الصلاة
لا تكون شرعية إلا بالنية، وأركانها كلها مفترضة إلا قعود التشهد الأوسط، ولا يجب من أذكارها إلا التكبير والفاتحة في كل ركعة، والتشهد الأخير والتسليم، وما عدا ذلك فسنن، وهو الرفع في المواضع الأربعة والضم والتوجه بعد التكبيرة والتعوذ والتأمين، وقراءة غير الفاتحة معها، والتشهد الأوسط والاستراحة والأذكار الواردة في كل ركن والاستكثار من الدعاء بخيري الدنيا والآخرة بما ورد وبما يرد.
[الباب الخامس: متى تبطل الصلاة. وعمن تسقط]
[الـ] فصل [الأول: مبطلات الصلاة]
وتبطل الصلاة بالكلام، وبالاشتغال بما ليس منها، وبترك شرط أو ركن عمداً.
(1) السدل: «أن يلقي طرف الرداء من الجانبين، ولا يرد أحد طرفيه على الكتف الأخرى، ولا يضم الطرفين بيده» . «المغني» (1/ 584).
وقال صاحب «المصباح» (1/ 271): «سدلت الثوب من باب «قتل» : «أرخيته وأرسلته من غير ضم جانبيه. فإن ضممتها فهو قريب من التلفف»
(2)
الكفت: الضم والجمع. وهو جمع الثوب عند الركوع والسجود.
«النهاية» (4/ 184).
[الـ] فصل: [الثاني: على من تجب الصلوات الخمس: وعمن تسقط]
ولا تجب على غير مكلف، وتسقط على من عجز عن الإشارة، أو أغمي عليه حتى خروج وقتها، ويصلي المريض قائماً ثم قاعداً ثم على جنب.
[الباب السادس]: باب صلاة التطوع
هي أربع قبل الظهر، وأربع بعده، وأربع قبل العصر، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل صلاة الفجر وصلاة الضحى وصلاة الليل، وأكثرها ثلاث عشرة ركعة، يوتر في آخرها، وتحية المسجد، والاستخارة، وركعتان بين كل آذان وإقامة.
[الباب السابع]: باب صلاة الجماعة
هي من أكد السنن (1) وتنعقد باثنين، وإذا كثر الجمع كان الثواب أكثر، وتصح بعد المفضول، والأولى أن يكون الإمام من الخيار، ويؤم الرجل النساء لا العكس والمفترض بالمنتفل والعكس، وتجب المتابعة في غير مبطل، ولا يؤم الرجل قوماً وهم له كارهون، ويصلي بهم صلاة أخفهم، ويقدم السلطان ورب المنزل، والأقرأ ثم الأعلم ثم الأسن، وإذا اختلت صلاة الإمام كان ذلك عليه لا على المؤتمين به.
وموقفهم خلفه إلا الواحد فعن يمينه، ويقدم صفوف الرجال ثم الصبيان ثم النساء والأحق الصف الأول أولو الأحلام والنهى، وعلى الجماعة أن يسووا صفوفهم، وأن يسدوا الخلل، ويتموا الصف الأول ثم الذي يليه، ثم كذلك.
[الباب الثامن] باب سجود السهو
هو سجدتان قبل التسليم أو بعده (2) بإحرام وتشهد وتحليل، ويشرع لترك مسنون
(1) انظر: «كتاب الصلاة» لابن القيم.
«المغني» (2/ 176)، «مجموع فتاوى» لابن تيمية (23/ 222).
(2)
قال الشوكاني في «الدراري» (1/ 247): فهذه الأحاديث المصرحة بالسجود تارة قبل التسليم، وتارة بعده، تدل على أنه يجوز جميع ذلك، ولكنه ينبغي في موارد النصوص أن يفعل كما أرشد إليه، فيسجد قبل التسليم فيما أرشد إلى السجود فيه قبل التسليم ويسجد بعد التسليم فيما أرشد إلى السجود فيه بعد التسليم وما عدا ذلك فهو بالخيار والكل سنة.
انظر بسطه للمسألة في «نيل الأوطار» (3/ 110 - 112).
وللزيادة ولو ركعة سهواً، وللشك في العدد، وإذا سجد الإمام تابعه.
[الباب التاسع] باب القضاء للفوائت
إذا كان الترك عمدًا لا لعذر؛ فدين الله أحق أن يقضى (1) وإن كان لعذر فليس بقضاء بل أداء في وقت زوال العذر، إلا صلاة العيد ففي ثانيه.
[الباب العاشر] باب صلاة الجمعة
تجب على كل مكلف، إلا المرأة والعبد والمسافر والمريض، وهي كسائر الصلوات لا تخالفها إلا في مشروعية الخطبتين قبله ووقتها وقت الظهر، وعلى من حضرها أن لا يتخطى رقاب الناس، وأن ينصت حال الخطبتين، وندب له التبكير، والتطيب والتجمل، والدنو من الإمام، ومن أدرك ركعة منها فقد أدركها، وهي في يوم العيد رخصة.
(1) قال الشوكاني في «السيل الجرار» (1/ 588 - 589): «
…
لم يرد في قضاء لصلاة المتروكة عمدًا دليل على وجوب القضاء على الخصوص ولكنه وقع في حديث الخثعمية الثابت في الصحيح- عند البخاري رقم (1845) ومسلم رقم (1335) - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: «دين الله أحق أن يقضى» .
والتارك للصلاة عمدًا قد تعلق به بسبب هذا الترك دين الله وهو أحق بأن يقضيه هذا الترك.
وأما قول من قال: إن دليل القضاء هو دليل الأداء فليس ذلك إلا مجرد دعوى ادعاها بعض أهل الأصول.
وانظر: «مجموع الفتاوى» (2/ 285).
وقال ابن حزم في «المحلى» (2/ 235 مسألة 279)» «وأما من تعمد ترك الصلاة حتى خرج وقتها فهذا لا يقدر على قضائها أبدًا من فعل الخيرات، وصلاة التطوع، ليثقل ميزانه يوم القيامة وليتب وليستغفر الله- عز وجل» .
[الباب الحادي عشر] باب صلاة العيدين
هي ركعتان، في الأولى سبع تكبيرات قبل القراءة، وفي الثانية خمس كذلك، ويخطب بعدها، ويستحب التجمل، والخروج إلى خارج البلد، ومخالفة الطريق، والأكل قبل الخروج في الفطر دون الأضحى ووقتها بعد ارتفاع الشمس قدر رمح إلى الزوال، ولا أذان فيها ولا إقامة.
[الباب الثاني عشر] باب صلاة الخوف
قد صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم على صفات مختلفة وكلها مجزئة، وإذا اشتد الخوف والتحم القتال، صلاها الراجل والراكب ولو إلى غير القبلة ولو بالإيماء (1).
[الباب الثالث عشر] باب صلاة السفر
يجب القصر على من خرج من بلده قاصدًا وإن كان دون بريد (2) وإذا أقام
(1) الإيماء: الإشارة يقال: أومأت إليه إيماء: أشرت إليه بحاجب أو يد أو غير ذلك.
انظر: «تحرير ألفظ التنبيه» (ص81).
(2)
البريد: قال ابن الأثير في «جامع الأصول» (5/ 24 - 25): البريد: أربعة فراسخ، وقيل: فرسخان، وأصل الكلمة فارسية، وهو بريدة دم؛ أي حذف الذنب؛ يعني البغل؛ لن بغال البريد كانت محذوفة الأذناب فعربت الكلمة، وخففت ثم سمي الرسول الذي يركبه بريدًا.
والمسافة التي بين السكتين بريدًا، والسكة: هي: الموضع الذي يسكنه الفيوج المرتبون من رباط أو قبة أو بيت، أو نحو ذلك، وبعد ما بين السكتين: فرسخان. وقيل: اثنا عشر ميلًا، كل ثلاثة أميال فرسخ، فيكون كما سبق أربعة فراسخ.
وبما أن الميل في عصرنا 1.855 كم تقريبًا فإن البريد: 22.260 كم تقريبًا.
انظر: «القاموس الجغرافي الحديث» للأيوبي (ص494).
وقال الشوكاني في «السيل» (1/ 632) معقبًا على قوله «إن كان دون بريد» ولكنه لا ينبغي ثبوت القصر فيما دون البريد إلا أن يثبت عند أهل اللغة أو في لسان أهل الشرع أن من قصد دون البريد لا يقال له مسافر. والنظر: «مجموع الفتاوى» (19/ 244).
ببلد مترددًا إلى عشرين يومًا إذا عزم على إقامة أربع أتم بعدها، وله الجمع تقديمًا وتأخيرًا.
[الباب الرابع عشر] باب صلاة الكسوفين (1) هي سنة، وأصح ما ورد في صفتها ركعتان، فيكل ركعة ركوعان، وورد ثلاثة، وأربعة، وخمسة، يقرأ بين كل ركوعين ما تيسر وورد في كل ركعة ركوع وندب الدعاء والتكبير والتصدق والاستغفار.
[الباب الخامس عشر] باب صلاة الاستسقاء
يسن عند الجدب ركعتان، بعدهما خطبة (2)، تتضمن الذكر والترغيب في الطاعة والزجر عن المعصية، ويستكثر الإمام ومن معه الاستغفار والدعاء برفع الجدب ويحولون جميعًا أرديتهم.
(1) الكسوفان: كسوف الشمس والقمر، وهو ذهاب ضوئهما أو بعضه ويطلق الكسوف على كليهما إلا أن الأشهر أن يقال في القمر، وفي الشمس: كسفت.
انظر: «النهاية» (4/ 174). «تاج العروس» (6/ 233).
(2)
انظر: «المجموع» للنووي (5/ 82):
قال الشوكاني في «السيل» (1/ 652): وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه خطب بعد صلاته للركعتين.
- ويشير إلى الحديث الذي أخرجه أحمد (2/ 362) وابن ماجه رقم (268) من حديث أبي هريرة قال: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا يستسقي، فصلى بنا ركعتين بلا أذان ولا إقامة ثم خطبنا ودعا الله وحول وجهه نحو القبلة رافعًا يديه، ثم قلب رداءه فجعل الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن» .
وهو حديث ضعيف.
ثم قال الشوكاني: وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه خطب قبل صلاة الركعتين والكل سنة.
- وهو يشير إلى الحديث الذي أخرجه البخاري رقم (1022).
قلت: قد ثبت تقديم الخطبة على الصلاة ثبوتًا قويًّا فتقديم ذلك في العمل والذكر أولى من تقديم عكسه.
انظر: «المغني» (2/ 433). «الفتح» (2/ 499).
[الكتاب الثالث]
كتاب الجنائز
[الفصل الأول: أحكام المحتضر]
من السنة عيادة المريض، وتلقين المحتضر الشهادتين، وتوجيهه، وتغمضه إذا مات، وقراءة ياسين عليه (1)، والمبادرة بتجهيزه إلا لتجويز حياته والقضاء لدينه، وتسجيته، ويجوز تقبيله، وعلى المريض أن يحسن الظن بربه ويتوب إليه. ويتخلص من كل ما عليه.
[الـ] فصل: [الثاني: غسل الميت]
ويجب غسل الميت المسلم على الأحياء والقريب أولى بالقريب إذا كان من جنسه، وأحد الزوجين بالآخر، ويكون الغسل ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر بماء وسدر، وفي أخيرة كافور، وتقدم الميامن، ولا يغسل الشهيد.
[الـ] فصل: [الثالث: تكفين الميت]
ويجب تكفينه بما بستره، ولو لم يملك غيره، ولا بأس بالزيادة مع التمكن من غير مغالاة، ويكفن الشهيد في ثيابه التي قتل فيها، وندب تطييب بدن الميت وكفنه.
[الـ] فصل: [الرابع: صلاة الجنازة]
وتجب الصلاة على الميت، ويقوم الإمام حذاء راس الرجل ووسط المرأة ويكبر أربعًا أو خمسًا (2)، ويقرأ بعد التكبيرة الأولى الفاتحة وسورة، ويدعو بين التكبيرات بالأدعية
(1) قلت: حديث قراءة سورة ياسين عليه: ضعيف لا تقوم به حجة.
(2)
قال ابن عبد البر في «التمهيد» (6/ 334): إنه انعقد الإجماع بعد الاختلاف على أربع وأجمع الفقهاء وأهل الفتوى بالأمصار على أربع على ما جاء في الأحاديث الصحاح وما سوى ذلك عندهم فشذوذ لا يلتفت إليه قال ولا نعلم أحدًا من أهل الأمصار يخمس إلا ابن أبي ليلى.
وانظر: «المغني» (2/ 515).
المأثورة ولا يصلي على الغال، وقاتل نفسه والكافر والشهيد، ويصلى عرى القبر، وعلى الغائب.
[الـ] فصل: [الخامس: المشي بالجنازة]
ويكون المشي بالجنازة سريعًا، والمشي معها، والحمل لها سنة، والمتقدم عليها والمتأخر عنها سواء ، ويكره الركوب، ويحرم النعي والنياحة، واتباعها بنار وشف الجيب، والدعاء بالويل والثبور، ولا يقعد المتبع لها حتى توضع والقيام لها منسوخ.
[الـ] فصل: [السادس: دفن الميت]
ويجب دفن الميت في حفرة تمنعه من السباع، ولا بأس بالضرح واللحد أولى، ويدخل الميت من مؤخر القبر، ويوضع على جنبه الأيمن مستقبلًا. ويستحب حثو التراب من كل حاضر ثلاث حثيات، ولا يرفع القبر زيادة على شبر، والزيارة للموتى مشروعة ويقف الزائر مستقبلًا للقبلة، ويحرم اتخاذ القبور مساجد، وزخرفتها، وتسريحها، والقعود عليها، وسب الأموات ، والتعزية مشروعة. وكذلك: إهداء الطعام لأهل الميت.
[الكتاب الرابع]
كتاب الزكاة
تجب في الأموال التي ستأتي: إذا كان المالك مكلفًا.
[الباب الأول] باب زكاة الحيون
إنما تجب منه في النعم وهي الإبل والبقر والغنم.
[الـ] فصل: [الأول: نصاب الإبل]
إذا بلغت الإبل خمسًا ففيها شاة. ثم في كل خمس شاة، فإذا بلغت خمسًا وعشرين ففيها ابنة مخاض (1) أو ابن لبون (2)، وفي ست وثلاثين ابنة لبون (3) وفي ست وأربعين حقة (4) وفي إحدى وستين جذعة (5)، وفي ست وسبعين بنتا لبون، وفي إحدى حقتان، إلى مائة وعشرين، فإذا زادت ففي كل أربعين ابنة لبون، وفي كل خمسين حقة.
[الـ] فصل: [الثاني: نصاب البقر]
ويجب في ثلاثين من البقر تبيع (6) أو تسعة وفي كل أربعين ...........................
(1) المخاض: هي أنثى الإبل التي أتمت سنة وقد دخلت في الثانية سميت بذلك لن أنها لحقت بالمخاض وهي الحوامل.
(2)
هو ذكر الإبل الذي أتم سنتين ودخل في الثالثة.
(3)
هي أنثى الإبل التي أتمت سنتين ودخلت في الثالثة، وسميت بذلك لن أنها وضعت غيرها وصارت ذلت لبن.
(4)
هي أنثى الإبل التي أتمت ثلاث سنين، ودخلت في الرابعة، وسميت لأنها استحقت أن يطرقها الفحل.
(5)
هي أنثى الإبل التي أتمت أربع سنين ودخلت الخامسة.
انظر: «النيل» (4/ 107 - 113) و «المطلع» (ص24).
(6)
التبيع: ولد البقرة (جمع): أتبعه. والأنثى: تبيعة: (جمع): تباع.
وسميت تبيعًا لأنه أمه، وقد أتى عليه الحول.
«تاج العروس» (5/ 286).
مسنة (1) ثم كذلك.
[الـ] فصل: [الثالث: نصاب الغنم]
ويجب في أربعين من الغنم شاة إلى مائة وإحدى وعشرين، وفيها شاتان إلى مائتين وواحدة، وفيها ثلاث شياه، إلى ثلاثمائة وواحدة وفيها أربع، ثم في كل مائة شاة.
[الـ] فصل: [الرابع: في الجمع والتفريق والأوقاص]
ولا يجمع بين متفرق من الأنعام، ولا يفرق بين (2) مجتمع خشية الصدقة، ولا شيء فيما دون الفريضة، ولا في الأوقاص (3) وما كان من خليطين فيتراجعان بالسوية، ولا تؤخذ هرمة (4) ولا ذات عوار ولا عيب، ولا صغيرة، ولا أكولة (5) ولا ربى ولا ماخض (6) ولا فحل غنم.
(1) قال الأزهري في «تهذيب اللغة» (2/ 299): البقرة والشاة يقع عليهما اسم «المسن» إذا أثنيا، وتثنيان في السنة الثالثة، وليس معنى إسنانها كبرها كالرجل المسن ولكن معناه طلوع سنها في الثالثة ....
(2)
قال مالك في «الموطأ» (1/ 264): وتفسير قوله: «ولا يجمع بين مفترق» أن يكون النفر الثلاثة الذين يكون لكل واحد منهم أربعون شاة. قد وجبت على كل واحد منهم في غنمه الصدقة. فإذا أظلهم المصدق جمعوها لئلا يكون عليهم فيها إلا شاة واحدة. فنهوا عن ذلك.
وتفسير قوله: «ولا يفرق بين مجتمع» أن الخليطين يكون لكل واحد منهما إلا شاة واحدة. فنهى عن ذلك فقيل: لا يجمع بين مفترق ولا يفرق بين مجتمع. خشبة الصدقة .. »
(3)
قال ابن الأثير في «النهاية» (5/ 214): الوقص، بالتحريك ما بين الفريضتين، كالزيادة على الخمس من الإبل إلى التسع، وعلى العشر إلى أربع عشرة والجمع: أوقاص.
(4)
الهرمة: الكبيرة التي قد سقطت أسناهنا. «وذات العوار» قيل: العوراء: المعيبة.
«تاج العروس» (3/ 429)، و «الداري» (2/ 8).
(5)
الأكولة: تطلق على الشاة التي تسمن، فيه من كرائم المال. وعلى العاقر التي لا تلد والأول أشهر.
«تاج العروس» (7/ 210).
(6)
المخاض: هي التي أخذها المخاض لتضع، والمخاض: الطلق عند الولادة يقال: مخضت الشاة مخضًا ومخاضًا، إذا دنا نتاجها.
«النهاية» (4/ 306).
[الباب الثاني] باب زكاة الذهب والفضة
إذا حال على أحدهما الحول ربع العشر، ونصاب الذهب عشرون دينارًا، ونصاب الفضة مائتا درهم، ولا شيء فيما دون ذلك، ولا زكاة في غيرهما من الجواهر وأموال التجارة (1) والمستغلات.
[الباب الثالث] باب زكاة النبات
يجب العشر في الحنطة والشعير والذرة (2) والتمر والزبيب، ما كان يسقى ......................
(1) قال الشوكاني في «النيل» (3/ 36): «وقد احتج بظاهر حديث الباب- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس على المسلم صدقة في عبده ولا فرسه» .
أخرجه أحمد (28249) والبخاري رقم (1464) ومسلم رقم (982).
أما الظاهرية فقالوا: لا تجب الزكاة في الخيل والرقيق لا لتجارة ولا لغيرها.
وأجيب عنهم بأن زكاة التجارة ثابتة بالإجماع كما نقله ابن المنذر وغيره فيخص به عموم هذا الحديث، ولا يخفى أن الإجماع على وجوب زكاة التجارة في الجملة لا يستلزم وجوبها في كل نوع من أنواع المال؛ لن مخالفة الظاهرية في وجوبها في الخيل والرقيق الذي هو محل النزاع مما يبطل الاحتجاج عليهم بالإجماع في وجوبها في الخيل والرقيق.
(2)
مع العلم أن الذرة لم تثبت في السنة.
انظر: «التلخيص» (2/ 166).
قال ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (28/ 20 - 22):
* قالت طائفة: يجب العشر في كل ما يزرعه الآدميون من الحبوب والبقول ما أنبتته تجاراتهم من الثمار قليل ذلك وكثيره.
* وقال أبو يوسف ومحمد: لا يجب إلا فيما له ثمرة باقية. فيما يبلغ خمسة أوسق، وقال أحمد: «يجب العشر فيما ييبس ويبقى، مما يكال ويبلغ خمسة أوسق، فصاعدًا، وسواء أن يمون قوتًا كالحنطة والشعير والأرز، والذرة، أو من القطنيات كالباقلاء، والعدس، أو من الأبازير كالكسفرة، والكمون والكراويا، والبزر كبزر الكتان والسمسم، وسائر الحبوب.
وقال مالك وأصحابه في المشهور من قولهم: تجب الزكاة في الحنطة، والشعير والسلت، والذرة، والخن، والأرز، والحمص، والعدس، والجلبان، والرش، البسلة، والسمسم والماش، وحب الفحل، وما أشبه هذه الحبوب المأكولة المدخرة.
بالمسني (1) منها ففيه نصف العشر ونصابها خمسة أوسق (2) ولا شيء فيما عدا ذلك كالخضروات وغيرها في العسل العشر، ويجوز تعجيل الزكاة، وعلى الإمام أن يرد صدقات أغنياء كل محل في فقرائهم، ويبرأ رب المال بدفعها إلى السلطان وإن كان جائرًا.
[الباب الرابع] باب مصارف الزكاة
هي ثمانية كما في الآية (3) وتحرم على بني هاشم ومواليهم، وعلى الأغنياء والأقوياء المكتسبين.
[الباب الخامس] باب صدقة الفطر
هي صاع من القوت المعتاد عن كل فرد، والوجوب على سيد العبد، ومنفق الصغير ونحوه، ويكون إخرجها قبل صلاة العيد، ومن لا يجد زيادة على قوت يومه وليلته، فل فطرة عليه، ومصرفها مصرف الزكاة.
(1) أي فيما سقي بالساقية: الساقية هو البعير الذي يستقى به الماء من البئر ويقال له: الناضح.
(2)
الوسق: 60 صاعًا كيلًا.
الصاع: 4 أمداد كيلًا.
المد: 544 غرامُا من القمح.
الوسق = 60×4×544=130560 غرامًا =130.56 كيلو غرام.
فالخمسة أوسق = 130.56×50 = 652.8 كيلو غرام.
وانظر: «الإيضاحات العصرية للمقاييس والموازين الشرعية «لمحمد صبحي حسن حلاق.
(3)
قال تعالى {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وف سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم} [التوبة: 60]
[الكتاب الخامس]
كتاب الخمس
يجب فيما يغنم في القتال وفي الركاز ولا يجب فيما عدا ذلك، ومصرفه من في قوله تعالى: {واعلموا أنما غنمتم من شيء
…
الآية} (1).
(1)[الأنفال: 41]
[الكتاب السادس]
كتاب الصيام
[الباب الأول: أحكام الصيام]
[الفصل الأول: وجوب صوم رمضان]
يجب صيام رمضان لرؤية هلاله من عدل، أو إكمال عدة شعبان، ويصوم ثلاثين يومًا ما لم يظهر هلال شوال قبل إكمالها، وإذا رآه أهل بلد لزم سائر البلاد الموافقة، وعلى الصائم النية قبل الفجر.
[الـ] فصل [الثاني: مبطلات الصوم]
ويبطل بالأكل ولشرب والجماع، والقيء عمدًا، ويحرم الوصال وعلى من أفطر عمدًا كفارة ككفارة الظهار، ويندب تعجيل الفطر، وتأخير السحور.
[الـ] فصل [الثالث: قضاء الصوم]
يجب على من أفطر لعذر شرعي (1) أن يقضي والفطر للمسافر ونحوه رخصة، إلا أن يخشى التلف أو الضعف عن القتال فعزيمة عن الأداء والقضاء يكفر عن كل يوم بإطعام مسكين.
[الباب الثاني] باب صوم التطوع
[الفصل الأول: ما يستحب صومه]
يستحب صيام ست من شوال، وتسع ذي الحجة، ومحرم وشعبان، والاثنين
(1) قال الشوكاني في «السيل» (2/ 55): وأما من أفطر عامدًا قدمنا في حديث المجامع في رمضان أنه قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «وصم يومًا مكانه» وذكرنا أنه صاغ للاحتجاج به والظاهر أنه كان عامدًا ولهذا قال هلكت وأهلكت.
أخرجه البخاري رقم (1936)، مسلم رقم (1111).
والخميس، وأيام البيض، وأفضل التطوع صوم يوم وإفطار يوم.
[الفصل الثاني: ما يكره صومه]
ويكره صوم الدهر. وإفراد يوم الجمعة، ويوم السبت.
[الفصل الثالث: ما يحرم صومه]
ويحرم صوم العيدين وأيام التشريق (1) واستقبال رمضان بيوم أو يومين.
[الباب الثالث] باب الاعتكاف
بشرع للصائم في كل وقت في المساجد، وهو في رمضان آكد سيما في العشر الأواخر منه، ويستحب الاجتهاد في العمل فيها، وفي ليالي القدر ولا يخرج المعتكف إلا لحاجة.
(1) أيام التشريق: هي الأيام الثلاثة التي بعد يوم النحر. قيل: سميت بذلك لن لحوم الأضاحي تنشرح وتقدد في الشمس.
وقيل: لأن الهدي لا ينحر حتى تشرق الشمس.
وقيل: لأن صلاة العيد تقع عند شروق الشمس.
وقيل التشريق: التكبير دبر كل صلاة.
انظر: «غريب الحديث» لأبي عبيد (2/ 139). «فتح الباري» (4/ 243).
ويرخص للمتمتع فقط إذا لم يجد الهدي أن يصوم أيام التشريف، للحديث الذي أخرجه البخاري رقم (1999) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:«الصيام لمن تمتع بالعمرة إلى الحج إلى يوم عرفة فإن لم يجد هديًا ولم يصم صام أيام منى»
وللحديث الذي أخرجه البخاري رقم (1997 و1998) عن عائشة وابن عمر- رضي الله عنهم قالا: «لم يرخص في أيام التشريق أن يضمن إلا لمن لم يجد الهدي» .
وانظر: «فتح الباري» (4/ 242 - 243).
[الكتاب السابع]
كتاب الحج
[4]
[الباب الأول: أحكام الحج]
[الفصل الأول: وجوب الحج]
يجب على كل مكلف مستطيع فورًا.
[الـ] فصل [الثاني: وجوب تعيين نوع الحج بالنية]
ويجب تعيين نوع الحج من تمتع أو قران أو إفراد، والأول أفضلها، ويكون الإحرام من المواقيت (1) المعروفة ومن كان دونها فمهله أهله حتى أهل مكة.
[الـ] فصل [الثالث: محظورات الإحرام]
ولا يلبس المحرم القميص ولا العمامة ولا البرنس، ولا السراويل، ولا ثوبًا مسه ورس ولا زعفران ولا الخفين إلا أن لا يجد نعلين فيقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين.
ولا تنتقي المرأة ولا بلبس القفازين، وما مسه الورس والزعفران، ولا يتطيب ابتداء،
(1) وهي خمسة:
1 -
ذو الحليفة: ميقات أهل المدينة ومن مر بهم، يبعد عن مكة 400 كم تقريبًا.
2 -
الجحفة: مهل أهل الشام ومصر وسائر المغرب.
وهي قرية تبعد عن مكة 187 كم وهي اليوم خراب ولهذا صار الناس يحرمون قبلها من المكسان الذي يسمى «رابغًا «وتبعد عن مكة (220 كم). 3 - قرن المنازل: ويسمى قرن الثعالب، وهو ميقات أهل نجد، يبعد عن مكة 94 كم.
4 -
يلملم: وهو ميقات أهل اليمن، يبعد عن مكة 54 كم.
5 -
ذات عرق: وهو ميقات أهل العراق. وهو مكان بالبادية، يفصل بين نجد وتهامة، يبعد عن مكة 70 كم.
ولا يأخذ من شعره وبشره إلا لعذر، ولا يرفث ولا يفسق، ولا يجادل، ولا يَنكح، ولا يُنكح، ولا يخطب، ولا يقتل صيدًا، ومن قتله فعليه جزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل، ولا يأكل ما صاده غيره، إلا إذا كان الصائد حلالًا ولم يصده لأجله، ولا يعضد من شجر الحرم إلا الإذخر (1)، ويجوز له قتل الفواسق الخمس، وصيد حرم المدينة وشجره كحرم مكة. إلا أن من قطع شجره أو خبطه كان حلالًا لمن وجه ويحرم صيد وج (2) وشجره.
[الـ] فصل [الرابع: ما يجب عمله أثناء الطواف]
وعند قدوم الحاج مكة يطوف للقدوم سبعة أشواط يرمل في الثلاثة الأولى، ويمشي فيما بقي، ويقبل الحجر الأسود أو يستلمه ...................
(1) بكسر الهمزة وإسكان الذال وكسر الخاء، هو نبات معروف عند أهل مكة طيب الرائحة ينبت في السهل والحزن، وأهل مكة يسقفون به البيوت بين الخشب ويسدون به الخلل بين اللبنات في القبور.
انظر: «شرح صحيح مسلم» (2/ 787).
(2)
وج: بفتح الواو وشد الجيم. اسم واد بالطائف.
وقيل: هو اسم جامع لحصونها، وقيل اسم واحد منها يحتمل أن يكون على سبيل الحمى له ويحتمل أن يكون حرمه في وقت معلوم ثم نسخ.
«النهاية» (5/ 155).
* يشير إلى الحديث الذي أخرجه أبو داود رقم (2032) وأحمد (3/ 10 رقم 1413 - شاكر) والبخاري في تاريخه (1/ 140 رقم 420) عن الزبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن صيد وج وعضاهه حرام محرم الله عز وجل» .
وهو حديث ضعيف.
* فمن قوى الحديث قال بمدلوله فذهب إلى ما في الحديث.
* ومن ضعفه- وهم الجمهور- لم يحرمه وهو الأصح.
انظر: «المجموع» (7/ 405)، و «مجموع الفتاوى» (26/ 117).
العضاهة: كل شجر عظيم له شوك.
بمحجن (1) ويقبل المحجن ونحوه، ويستلم الركن اليماني والركن الأسود ويكفي القارن طواف واحد وسعي واحد، ويكون حال الطواف متوضئًا شاتر العورة، والحائض تفعل ما يفعل الحاج غير أن لا تطوف بالبيت، ويندب الذكر حال الطواف بالمأثور، وبعد ف فراغه يصلي ركعتين في مقام إبراهيم، ثم يعود إلى الركن فيستلمه.
[الـ] فصل [الخامس: وجوب السعي بين الصفا والمروة]
ويسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط داعيًا بالمأثور وإذا كان متمتعًا صار بعد السعي حلالًا حتى إذا كان يوم التروية أهل بالحج.
[الـ] فصل [السادس: مناسك الحج]
ثم يأتي عرفة صبح يوم عرفة ملبيًّا مكبرًا، ويجمع العصرين (2) فيها ويخطب ثم يفيض من عرفة ، ويأتي المزدلفة، ويجمع فيها بين العشائين (3)، يبيت بها، ثم يصلي الفجر، ويأتي المشعر (4)، فيذكر الله عنده، ويقف به إلى قبل طلوع الشمس ثم يدفع حتى يأتي بطن مجسر (5) ثم يسلك الطريق الوسطى إلى الجمرة التي عند ..............................
(1) عصا معوجة الرأس يجتذب بها الإنسان الشيء إلى نفسة.
«غريب الحديث» لأبي عبيد (2/ 340).
(2)
العصران: صلاة الظهر والعصر. وقيل لهما تغليبًا لأحدهما على الآخر.
انظر: «جنى الجنتين» (ص 79) للمحبي
(3)
هو المغرب والعشاء. انظر: المصدر السابق
(4)
المشعر الحرام: قال الشوكاني في «فتح القدير «(1/ 201): هو جبل قزح الذي يقف عليه الإمام.
وقيل: هو ما بين جبلي المزدلفة من مأزمي عرفة إلى وادي محسر.
وقال ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (26/ 135): الوقوف عند قزح أفضل، وهو جبل المقيدة، وهو المكان الذي يقف فيه الناس اليوم. وقد بني عليه بناء، وهو المكان الذي يخصه كثير من الفقهاء باسم المشعر الحرام.
(5)
هو واد بين مزدلفة ومنى، وليس من منى ولا المزدلفة، بل هو واد برأسه.
انظر:» معجم البلدان» (5/ 62).
الشجرة (1)، وهي جمرة العقبة (2) فيرميها بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة، ولا يرمنها إلا بعد طلوع الشمس، إلا النساء والصبيان فيجوز لهم قبل ذلك. ويحلق رأسه أو يقصره، فيحل له كل شيء إلا النساء، ومن حلق أو ذبح أو أفاض إلى البيت قبل أن يرمي فلا حرج. ثم يرجع إلى منى فيبيت بها ليالي التشريق، ويرمي في كل يوم من أيام التشريق الجمرات الثلاث بسبع حصيات، مبتدئًا بالجمرة الدنيا ثم الوسطى ثم جمرة العقبة، ويستحب لمن يحج بالناس أن يخطبهم يوم النحر وقي وسط أيام التشريق، ويطوف الحاج طواف الإفاضة وهو طواف الزيادة يوم النحر، وإذا فرغ من أعمال الحد طاف للوداع.
[الـ] فصل [السابع: أفضل أنواع الهدي]
والهدي أفضله البدنة ثم البقرة ثم الشاة، وتجزئ البدنة والبقرة عن سبعة، ويجوز للمهدي أن يأكل من لحم هديه ويركب عليه، ويندب له إشعاره (3) وتقليده (4)، ومن
(1) ملاحظة: لا وجود للشجرة الآن، ولا في عصر المصنف أيضًا، ولعل الحامل له على ذكرها هو إيثاره الألفاظ الواردة في السنة منها حديث جابر الطويل رقم (174/ 1218).
وانظر: «الفتح» (3/ 582).
(2)
وهي آخر الجمرات مما يلي (منى) وأولها ممل يلي مكة.
وتمتاز عن الجمرتين الأخريين بأربعة أشياء:
اختصاصها بيوم النحر، وأن لا يوقف عندها- يعني الدعاء، وترمى ضحى ومن أسفلها استحبابًا.
(3)
الإشعار: أن يخرج من جلد البدنة حبى يسيل الدم ثم يسلته، فيكون ذلك علامة على كونها هديُا. ولكون ذلك في صفحة سنامها الأيمن.
وانظر: «الفتح» (3/ 543).
(4)
التقليد: أن يعلق في عنق الهدي شيئًا كالنعلين، ليعلم أنه هدي.
«تاج العروس» (2/ 475).
قال الحافظ في «الفتح» (3/ 545): «اتفق من قال: بالإشعار بإلحاق البقر في ذلك بالإبل، إلا سعيد بن جبير، واتفقوا على أن الغنم لا بشعر، لضعفها ولكون صنوفها أو شعرها بستر موضع الإشعار
…
».
والإشعار مذهب جمهور علماء الأمصار من السلف والخلف.
بعث بهدي لم يحرم عليه شيء مما يحرم على المحرم.
[الباب الثاني] باب العمرة المفردة
يحرم لها من الميقات، ومن كان في مكة خرج إلى الحل (1) ثم يطوف ويسعى ويحلق أو يقصر، وهي مشروعة في جميع السنة [5].
(1) قال النووي في «تهذيب الأسماء واللغات» (3/ 82): «قد اعتنيت بتحقيق حدوده، فحده من طريق المدينة دون التنعيم عند بيوت نفار، وهو على ثلاثة أميال، وحده من طريق اليمن طرف «أضاه لبن» على سبعة أميال. ومن طريق العراق على ثنية جبل المقطع، على سبعة أميال ومن طريق الجعرانة في شعب آل عبد الله بن خالد، على تسعة أميال، ومن طريق الطائف على عرفات من بطن نمرة على سبعة أميال، ومن طريق جدة منقطع الأعشاش، على عشرة أميال.
وانظر: «تاريخ مكة» للأزرقي (2/ 130).
[الكتاب الثامن]
كتاب النكاح
[الفصل الأول: أحكام الزواج]
يشرع لمن استطاع الباءة، ويجب على من خشي الوقوع في المعصية، والتبتل غير جائز إلا لعجز عن القيام بما لا بد منه، وينبغي أن تكون المرآة ودودًا ولودًا بكرًا، ذات جمال وحسب ودين.
وتخطب الكبيرة إلى نفسها، والمعتبر حصول الرضا منها، بمن كان كفئًا والصغيرة إلى وليها، ورضا البكر صماتها وتحرم الخطبة في العدة، على الخطبة، ويجوز النظر إلى المخطوبة، ولا نكاح إلا بولي وشاهدين إلا أن يكون عاضلًا أو غير مسلم، ويجوز لكل واحد من الزوجين أن يوكل لعقد النكاح ولو واحدًا.
[الـ] فصل [الثاني: الأنكحة المحرمة]
ونكاح المتعة منسوخ (1) والتحليل حرام وكذلك .....................................
(1) المتعة: هو نكاح المرأة إلى أجل مؤقت، كيومين أو ثلاثة أو شهر أو غير ذلك.
فإنه لا خلا ف أنه قد كان ثابتًا في الشريعة كما صرح بذلك القرآن في سورة النساء الآية (24): {فما استمتعتم به منهن فئاتوهن أجورهن} .
وللحديث الذي أخرجه البخاري رقم (4615) ومسلم رقم (11/ 1404) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: «كنا نغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم وليس معنا نساء فقلنا ألا نختصي؟ فنهانا عن ذلك، فرخص لنا بعد ذلك أن نتزوج المرأة بالثوب، ثم قرأ: {يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا}» [المائدة: 87].
* وثبت النسخ بأحاديث منها: ما أخرجه مسلم رقم (21/ 1406) وغيره من حديث سيرة الجهني: أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا أيها الناس إني كنت آذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة. فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئًا» .
الشغار (1) ويجب على الزوج الوفاء بشرط المرأة، إلا أن يحل حرامًا، أو يحرم حلالًا، ويحرم على الرجل أن ينكح زانية أو مشركة والعكس، ومن صرح القرآن (2) بتحريمه والرضاع كالنسب، والجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها، وما زاد على العدد المباح للحر والعبد، وإذا تزوج العبد بغير إذن سيده فنكاحه باطل، وإذا عتقت أمة ملكت أمر نفسها، وخيرت في زوجها، ويجوز فسخ النكاح بالعيب (3) ويقر من أنكحة الكفار إذا أسلموا ما يوافق الشرع. وإذا أسلم أحد الزوجين انفسخ النكاح، وتجب العدة، فإن أسلم هو الآخر ولم تتزوج المرأة كانا على نكاحها الأول ولو طالت المدة إذا اختارا ذلك.
[الـ] فصل [الثالث: أحكام المهر]
والمهر واجب، وتكره المغالاة فيه، ويصبح ولو خاتمًا من حديد أو تعليم قرآن، ومن تزوج امرأة ولم يسم لها صداقًا فلها مهر نسائها إذا دخل بها. ويستحب تقديم شيء من المهر قبل الدخول وعليه إحسان العشرة، وعليها الطاعة.
ومن كان له زوجان فصاعدًا عدل بينهن في القسمة وما تدعوا الحاجة إليه، وإذا سافر أقرع بينهن. وللمرأة أن تهب نوبتها أو تصالح الزوج على إسقاطها، ويقيم عند الجديدة البكر سبعًا والثيب ثلاثُا، ولا يجوز العزل (4) ولا إتيان المرأة في دبرها.
(1) الشغار معناه يوضحه الحديث الذي أخرجه البخاري رقم (5112) ومسلم رقم (57/ 1415). عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشغار، والشغار أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته ليس بينهما صداق.
(2)
انظر: سورة النساء الآيتان (24،23)
(3)
لم يأت من قال: بجواز فسخ النكاح بالعيب بحجة نيرة، ولم يثبت شيء منها
(4)
الأصح جواز العزل:
للحديث الذي أخرجه البخاري رقم (5209) ومسلم رقم (1440) عن جابر قال: «كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل» .
والأولى ترك العزل.
للحديث الذي أخرجه مسلم رقم (141/ 1442) عن عائشة، عن جذامة بنت وهب أخت عكاشة، قالت «
…
ثم سألوه عن العزل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ذلك الوأد الخفي» .
* العزل: هو النزع بعد الإيلاج لينزل خارج الفرج.
* وانظر: «السيل» للشوكاني (2/ 319) حيث تراجع عن رأيه هنا فقال في «السيل» :
«قد اختلف أهل العلم في هذه الأحاديث فمنهم من جمع بحمل حديث- جذامة- وما ورد في معناه على التنزيه، ومنهم من رجح أحاديث الجواز لصحتها وكثرتها والطريقة الأولى أرجح.
فصل: والوليمة للعرس مشروعة وإجابتها واجبة ما لم تكن فيها ما لا يحل.
[الـ] فصل [الرابع: الولد للفراش]
والولد للفراش، ولا عبرة بشبهه بغير صاحبه، وإذا اشترك ثلاثة في وطء أمة في طهر ملكها كل واحد منهم فيه فجاءت بولد وادعوه جميعًا فيقرع بينهم ومن استحقه بالقرعة فعليه للآخرين ثلثا الدية.
[الكتاب التاسع]
كتاب الطلاق
[الباب الأول: أنواع الطلاق]
[الفصل الأول: مشروعية الطلاق وأحكامه]
هو جائز: من مكلف مختار ولو هازلًا لمن كانت في طهر لم يمسها فيه ولا طلقها في الحيضة التي قبله أو في حمل قد استبان، ويحرم إيقاعه على غير هذه الصفة، وفي وقوعه ووقوع ما فوق الواحدة من دون تخلل رجعة خلاف، والراجح عدم الوقوع (1).
[الـ] فصل [الثاني: بما يقع الطلاق]
ويقع بالكناية (2) مع النية، وبالتخيير إذا اختارت الفرقة. وإذا جعله الزوج إلى غيره وقع منه، ولا يقع بالتحريم (3) والرجل أحق بإمرأته في عدة طلاقه يراجعها متى شاء إذا كان الطلاق رجعيًّا، ولا تحل له بعد الثلاث حتى تنكح زوجًا غيره.
[الباب الثاني] باب الخلع
وإذا خالع الرجل امرأته كان أمرها إليها، لا ترجع إليه بمجرد الرجعة، ويجوز بالقليل والكثير ما لم يجاوز ما صار إليها منه فلا بد من التراضي بين الزوجين على الخلع أو إلزام الحاكم مع الشقاق بينهما، وهو فسح وعدته حيضة.
(1) انظر مناقشة ذلك في الرسالة رقم (211) من «الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني» .
وانظر: «مجموع الفتاوى» رقم (33/ 20).
(2)
قال الشوكاني في «السيل» (2/ 365) واللفظ والمعنى في الكناية «فقد عرفت أنه لا فرق بين اللفظ الصريح والكناية؛ لنه إذا لم يكن قاصدًا لمعناه لم يقع به الطلاق ولا فرق بين أن تكون الكناية بلفظ أو إشارة أو كناية إذ ليس المراد إلا الإفهام وهو يقع بجميع ذلك
…
».
(3)
قال الشوكاني في «الدراري» (2/ 14): «في هذه المسألة نحو ثمانية عشر مذهبًه والحق ما ذكرناه وقد ذهب إليه جماعة من الصحابة ومن بعدهم.
[الباب الثالث] باب الإيلاء
هو أن يحلف الزوج من جميع نسائه أو بعضهن لا يقربهن، فإن وقت بدون أربعة أشهر أو بها اعتزل، حتى ينقضي ما وقت به، وإن وقت بأكثر منها خير بعد مضيها بين أن يفيء أو يطلق.
[الباب الرابع] باب الظهار
وهو قول الزوج لامرأته: أنت علي كظهر أمي أو ظاهرتك أو نحو ذلك، فيجب عليه قبل أن يمسها أن يكفر بعتق رقبة، فإن لم يجد [6] فليطعم ستين مسكينًا، فإن لم يجد فيصم شهرين متتابعين (1)، ويجوز للإمام أن يعينه من صدقات المسلمين إذا كان فقيرًا لا يقدر على الصوم، وله أن يصرف منها لنفسه وعياله، وإذا كان الظهار مؤقتًا فلا يرفعه إلا انقضاء الوقت، وإذا وطئ قبل انقضاء الوقت أو قبل التكفير كف حتى يكفر في المطلق وينقضي وقت الموقت.
[الباب الخامس] باب اللعان
إذا رمى الرجل امرأته بالزنى، ولم تقر بذلك ولا رجع عن رميه، لاعنها فيشهد الرجل أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين. والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم تشهد المرأة أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين. والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، ................
(1) وهذا الترتيب للكفارة مخالف للنص وللإجماع
…
قال تعالى: {والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير 3 فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا} [المجادلة: 3 - 4].
وانظر: «السيل الجرار» (2/ 454) فقد رتبها المصنف على الصواب. وانظر: «فتح القدير «(5/ 183).
[](1) ويفرق الحاكم بينهما (2)، وتحرم عليه أبدًا، ويلحق الولد بأمه فقط، ومن رماها به فهو قاذف.
[الباب السادس] باب العدة
[الفصل الأول: أنواع العدة]
هي للطلاق من الحامل بالوضع، ومن الحائض بثلاث حيض، ومن غيرهما (3)، بثلاثة أشهر، وللوفاة بأربعة أشهر وعشر، وإن كانت حاملًا فبالوضع، ولا عدة على غير مدخولة، والأمة كالحرة، وعلى المعتدة للوفاة ترك التزين، والمكث في البيت الذي كانت فيه عند موت زوجها أو بلوغ خبره.
[الـ] فصل [الثاني: استبراء الأمة المسبية والمشتراة]
ويجب استبراء الأمة المسبية والمشتراة ونحوهما بحيضة إن كانت حائضًا، والحامل بوضع الحمل، ومنقطعة الحيض حبى يتبين عدم حملها (4)، ولا تستبرأ بكر ولا صغيرة مطلقًا ولا لزم البائع ونحوه (5).
(1) هنا عبارة مطموسة أصلًا ولكن نجد المصنف قال في «الدراري» (2/ 28 - 29): تعليقًا عليها [وإذا كانت حاملًا أو كانت قد وضعت أدخل نفي الولد في أيمانه] وأما كونه يدخل الولد في أيمانه، فلم يكن ذلك في الكتاب العزيز، ولا وقع في الملاعنة الواقعة في زمنه صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم:«لاعن بين رجل وامرأته فانتفى من ولدها، ففرق بينهما والحق الولد بالمرأة» .
أخرجه البخاري رقم (5315) ومسلم رقم (8/ 1494).
(2)
قال في «السيل» (2/ 468): «فالفرقة بتفريق الحاكم مغنية عن الطلاق فإن وقع الطلاق فذلك تأكيدًا للفرقة ولا تتوقف الفرقة عليه» .
(3)
قال في «الدراري» (2/ 32): «وهي الصغيرة والكبيرة التي لا حيض فيها، أو التي انقطع حيضها بعد وجوده فإنها تعتد بثلاثة أشهر .... »
(4)
انظر مناقشة المسألة في «السيل» (2/ 408 - 410). «مجموع الفتاوى» (34/ 19 - 23).
(5)
لعدم وجود دليل على ذلك لا بنص، ولا بقياس صحيح بل هو محض رأي.
[الباب السابع] باب النفقة
تجب على الزوج للزوجة، والمطلقة رجعيًّا بائنًا ولا في عدة الوفاة، وفلا نفقة ولا سكنى إلا أن تكونا حاملتين (1) وتجب على الوالد الموسر لولده المعسر والعكس، وعلى السيد لمن يملكه ولا تجب على القريب لقريبه إلا من باب صلة الرحم المشروعة، ومن وجبت كسوته وسكناه.
[الباب الثامن] باب الرضاع
إنما يثبت حكمه بخمس رضعات مع تيقن وجود اللبن، وكون الرضيع قبل الفطام، ويحرم به ما يحرم بالنسب، ويقبل قول المرضعة، ويجوز إرضاع الكبير ولو كان ذا لحية لتجويز النظر (2).
[الباب التاسع] باب الحضانة
الأولى بالطفل أمه ما لم تنكح، ثم الخالة، ثم الأب، ثم يعين الحاكم من القرابة من رأي فيه صلاحًا، وبعد بلوغ سن الاستقلال (3) يخير الصبي (4) بين أبيه وأمه، فإن لم يوجد أكفله من كان له في كفالته مصلحة.
(1) كذا في المخطوط والأجود «حاملتين «لن حامل نعت لا يكون إلا للإناث كحائض، فاستغنى فيه عن علامة التأنيث. «التاج» (7/ 288).
(2)
حمل العلماء من الصحابة والتابعين، وعلماء الأمصار إلى الآن- ما عدا عائشة وداود الظاهري- من حديث امرأة أبي حذيفة على أنه مختص بها وبسالم وهو الراجح.
(3)
هو سن التمييز، قال النووي في «التحرير» (ص134): «التمييز حاصل بفهم الخطاب ورد الجواب، ولا بضبط بسن بل يختلف باختلاف الأفهام.
وذهب الجمهور إلى تقييده، فهب أكثرهم إلى تقييده بسبع سنين؛ لأنه السن الذي علق عليه الأمر بالصلاة. انظر:«المغني» (7/ 615).
(4)
قال الشوكاني في «السيل» (2/ 474): فإن لم يقع الاختيار من الصبي أو تردد في الاختيار وجب الرجوع إلى الإقراع بينهما لثبوت ذلك في حديث أبي هريرة عند ابن أبي شيبة- في مصنفه (5/ 237) - بلفظ «استهما فيه «وصححه ابن القطان _ انظر «التلخيص» (4/ 24) -.
[الكتاب العاشر]
كتاب البيع
[الباب الأول: أنواع البيوع المحرمة]
المعتبر فيه مجرد التراضي، ولو بإشارة من قادر على النطق، ولا يجوز بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام والكلب والسنور. والدم وعسب الفحل وكل حرام، وفضل الماء، وما فيه غرر كالسمك في الماء، وحبل الحبلة والمنابذة (1) والملامسة (2) وما في الضرع، والعبد الآبق، والمغانم حتى بقسم، والتمر حتى يصلح، والصوف في الظهر، السمن في اللبن، والمحاقلة (3) والمزابنة (4) والمعاومة (5) والمخاضرة (6) .............
(1) المنابذة: أن يقول الرجل لصاحبه: انبذ إلي الثوب، أو انبذه إليك ليجب البيع.
وقيل: هو أن يقول: إذا نبذت إليك الحصاة فقد وجب البيع فيكون البيع معاطاة من غير عقد، ولا يصح. «النهاية» (5/ 6).
(2)
الملامسة: أن يقول: إذا لمست ثوبي أو لمست ثوبك فقد وجب البيع.
وقيل: هو أن يلمس المتاع من وراء ثوب ولا ينظر إليه ثم يوقع البيع عليه.
«النهاية» (4/ 269 - 270).
(3)
المحاقلة: قيل: هي اكتراء الأرض بالحنطة، وقيل: هي المزارعة على نصيب معلوم كالثلث والربع ونحوهما. وقيل: هي بيع الطعام في ستبله بالبر.
«النهاية» (1/ 416).
(4)
المزابنة: وهي بيع الرطب في رءوس النخل بالتمر، وأصله من الزين وهو الدفع، كأن كل واحد من المتبايعين يزين صاحبه عن حقه بما يزداد منه. «النهاية» (2/ 249).
(5)
المعاومة: وهي بيع تمر النخل والشجر سنتين وثلاثًا فصاعدًا. يقال: عاومت النخلة إذا حملت سنة ولم تحمل أخرى وهي مفاعلة من العام: السنة. «النهاية (3/ 323).
(6)
المخاضرة: هي بيع الثمار خضرًا لم يبد صلاحها. «النهاية» (2/ 41).
والعربون (1) والعصير إلى من يتخذه خمرًا، والكالئ بالكالئ وما اشتراه قبل قبضه، والطعام حتى يجري في الصاعان، ولا يصح الاستثناء في البيع إلا إذا كان معلومًا، ومنه استثناء ظهر المبيع، ولا يجوز التفريق بين المحارم، ولا أن يبيع حاضر لباد، والتناجش (2) والبيع على البيع، وتلقي الركبان، والاحتكار (3)، والتسعير، ويجب وضع الجوائح، ولا يحل سلق وبيع، وشرطان في بيع، وبيعتان في بيع، وبيع ما ليس عند البائع، ويجوز عدم الخداع، والخيار في المجلس ثابت ما لم يتفرقا.
[الباب الثاني] باب الربا
يحرم بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح إلا مثلًا بمثل يدًا بيد [7] وفي إلحاق غيرها بها خلاف، فإن اختلفت الأجناس جاز التفاضل إذا كان يدًا بيد، ولا يجوز بيع الجنس بجنسه مع عدم العلم بالتساوي، وإن صحته غيره، ولا بيع الرطب بما كان يابسًا، إلا لأهل العرايا (4)، ولا بيع اللحم
(1) العربون: هو أن يعطي المشترى البائع درهمًا أو نحوه قبل البيع على أنه إذا ترك الشراء كان الدرهم للبائع بغير شيء.
وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: «نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع العربون» . وهو حديث ضعيف.
(2)
التناجش: هو أن يمدح السلعة لينفقها ويروجها أو يزيد في ثمنها وهو لا يريد شراءها ليقع غيره فيها.
«النهاية» (2/ 21).
(3)
الاحتكار: حبس السلع عن البيع إرادة غلاتها. «النهاية» (1/ 417).
(4)
العرايا: وهو أن مت لا نخل يه من ذوي الحاجة يدرك الرطب ولا نقد بيده يشتري به الرطب لعياله، ولا نخل له يطعمهم منه ويكون قد فضل له من قوته تمر فيجيء إلى صاحب النخل فيقول له: بعني تمر نخلة أو نخلتين بخرصهما من التمر، فيعطيه ذلك الفاضل من التمر تلك النخلات ليصيب من رطتها مع الناس، فرخص فيه إذا كان دون خمسة أوسق.
«النهاية» (3/ 224)
بالحيوان، ويجوز بيع الحيوان باثنين أو أكثر من جنسه، ولا يجوز بيع العينة (1).
[الباب الثالث] باب الخيارات
يجب على من باع بعيب أن يبينه وإلا ثبت المشتري الخيار، والخراج بالضمان، وللمشتري الرد منه المصراة (2) فيردها وصاعًا من تمر، أو ما يتراضيان عليه، ويثبت الخيار لمن خدع أو باع قبل وصول السوق، ولكل من المتبايعين بيعًا منهيًّا عنه الرد، ومن اشترى شيئًا لم يره فله رده إذا رآه، وله رد ما اشتراه بخيار مده معلومة قبل انقضائها ، وإذا اختلف البيعان فالقول ما يقوله البائع.
[الباب الرابع] باب السلم
هو أن يسلم رأس المال في مجلس العقد على أن يعطيه ما يتراضيان عليه معلومًا إلى أجل معلوم، ولا يأخذ إلا ما سماه أو رأس ماله، ولا يتصرف فيه قبل قبضه.
[الباب الخامس] باب القرض
يجب إرجاع مثله، ويجوز أن يكون أفضل أو أكثر إذا لم يكن مشروطًا، ولا يجوز أن يجر القرض نفعًا ........................................
(1) العينة: هو أن يبيع من رجل سلعة بثمن معلوم إلى أجل مسمى ثم يشتريها منه بأقل من الثمن الذي باعها به، فإن المشتري بحضرة طالب العينة سلعة من آخر بثمن معلوم وقبضها ثم باعها المشتري من البائع الأول بالنقد بأقل من الثمن فهذه أيضًا عينة، وسميت عينة لحصول النقد لصاحب العينة لن العين هو المال الحاضر من النقد والمشتري إنما يشتريها ليبيعها بعين حاضرة تصل إليه معجلة.
«النهاية» (3/ 333 - 334).
(2)
المصراة: الناقة أو البقرة أو الشاة بصرى اللبن في ضرعها: أي يجمع ويحبس.
قال الأزهري: قال الشافعي: المصراة أنها التي تصر أخلافها ولا تحلب أيامًا حتى يجتمع اللبن في ضرعها. فإذا حلبها المشتري استغزرها.
«النهاية» (3/ 27).
للمقرض (1).
[الباب السادس][باب](2) الشفعة
سببها: الاشتراك في شيء ولو منقولًا (3)، فإذا وقعت القسمة فلا شفعة، ولا يحل للشريك أن يبيع حتى يؤذن شريكه، ولا تبطل بالتراخي.
[الباب السابع][باب](4) الإجارة (5)
تجوز على كل عمل لم يمنع منه مانع شرعي، وتكون الأجرة معلومة عند الاستئجار، فإن لم تكن كذلك استحق الأجير مقدار عمله عند أهل ذل العمل وقد ثبت النهي عن كسب الحجام ومهر البغي وحلوان (6) الكاهن وعسب الفحل وأجرة المؤذن وقفيز الطحان ويجوز الاستئجار على تلاوة القرآن لا على تعليمه، ويجوز أن تكري العين مدة معلومة بأجرة معلومة، ومن ذلك الأرض لا بشطر ما يخرج منها، ومن أفسد ما استؤجر عليه أو أتلف ما استأجره ضمن.
[الباب الثامن] باب الإحياء والإقطاع
من سبق إلى إحياء أرض لم يسبق إليها غيره فهو أحق بها وتكون ملكًا له، ويجوز للإمام أن يقطع من في إقطاعه مصلحة شيئًا من الأرض الميتة أو المعادن أو المياه.
(1) مثاله: أن يقول المقرض: أقرضك على أن تبيعني كذا، أو على أن تقرضني مالًا إذا احتجت.
«المغنى «(4/ 354 - 355).
(2)
في المخطوط «كتاب «وبدلت إلى «باب «لضرورة التبويب.
(3)
المنقول: كالثياب والحيوان.
انظر: «مغني المحتاج» (2/ 296).
(4)
في المخطوط «كتاب «وبدلت إلى «باب «لضرورة التبويب.
(5)
هو «تمليك المنافع بعوض» . «التعريفات «(10).
(6)
حلوان الكاهن: هو ما يعطاه من الأجر والرشوة على كهانته. يقال: حلوته أحلوه حلوانًا، والحلوان مصدر كالغفران، ونوه زائدة.»
النهاية» (1/ 435).
[الباب التاسع][باب](1) الشركة
الناس شركاء في الماء والنار والكلإ، وإذا تشاجر المستحقون للماء كان الأحق به الأعلى فالأعلى يمسكه إلى الكعبين ثم يرسله إلى من تحته، ولا يجوز منع فضل الماء ليمنع به الكلأ، وللإمام أن يحمي بعض المواضيع لرعي دواب المسلمين في وقت الحاجة، ويجوز الاشتراك في النقود والتجارات ويقسم الربح على ما تراضيا عليه، وتجوز المضاربة (2) ما لم تشتمل على ما لا يحل، وإذا تشاجر الشركاء في عرض الطريق كان سبعة أذرع، ولا يمنع جار جاره أن يغرز خشبه في جداره، ولا ضرر ولا ضرار بين الشركاء، ومن ضار شريكه جاز للإمام عقوبته بقلع شجره أو بيع داره.
[الباب العاشر][باب](3) الرهن
يجوز رهن ما يملكه الراهن دين عليه والظهر يركب واللبن يشرب بنفقة المرهون، ولا يغلق (4) الرهن بما فيه.
[الباب الحادي عشر][باب](5) الوديعة [8] والعارية
يجب على .................................................................................................
(1) في المخطوط (كتاب) ودلت (باب) لضرورة التبويب.
(2)
المضاربة: أن تعطي مالًا لغيرك يتجر فيه فيكون له سهم معلوم من الربح وهي مفاعلة من الضرب في الأرض والسير فيها للتجارة.
(3)
في المخطوط (كتاب) ودلت (باب) لضرورة التبويب.
(4)
قال الشوكاني في «الدراري» (2/ 140) «: والمراد بالغلاق هذا استحقاق المرتهن له حيث لم يفكه الراهن في الوقت المشروط، وروى عبد الرازق- في مصنفه (8/ 237 رقم 15033) - عن معمر أنه فسر غلاق الرهن بما إذا قال الرجل: إن لم آتك بمالك فالرهن لك، قال: ثم بلغني عنه أنه قال: إن هلك لم يذهب حق هذا إنما هلك من رب الرهن الذي له غنمه وعليه غرمه وقد روى أن المرتهن في الجاهلية، كان يتملك الرهن إذا لم يؤد الراهن إليه ما يستحقه في الوقت المضروب فأبطله الشارع والغنم والغرم هنا هو أعم مما تقدم من أن الظهر يركب واللبن يشرب بنفقة المرهون.
(5)
في المخطوط (كتاب) ودلت (باب) لضرورة التبويب.
الوديع (1) والمستعير تأدية الأمانة إلى من ائتمنه، ولا يخن من خانه، ولا ضمان عليه تلفت بدون جنايته وخيانته، ولا يجوز منع: الماعون كالدلو والقدر، وإطراق الفحل وحلب المواشي لمن يحتاج ذلك، والحمل عليها في سبيل الله.
[الباب الثاني عشر][باب](2) الغصب
يأثم الغاصب، ويجب عليه رد ما أخذه، ولا يحل ما امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه، وليس لعرق (3) ظالم حق، ومن زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء، ومن غرس في ارض غيره غرسًا رفعه (4)، ولا يحل الانتفاع بالمغصوب ومن أتلفه
(1) مراده «المودع» .
(2)
في المخطوط (كتاب) ودلت (باب) لضرورة التبويب.
(3)
العرق الظالم: أن يجيء الرجل إلى أرض قد أحياها غيره فيغرس فيها أو يزرع ليستوجب به الأرض. «مختار الصحاح «(ص 180).
(4)
قوله: «ومن زرع
…
««ومن غرس «قد فرق بين حكم من زرع وحكم من غرس وهو قول لبعض أهل العلم جمعًا بين الأدلة في الباب. ولكنه قال في «السيل» (3/ 93): إلى أن ما غرسه الغاصب أو زرعه في الأرض المغصوبة فهو لمالكها وليس للغاصب من ذلك شيء، إلا من زرع في أرض قوم على غير وجه التعدي والعدوان، فالزرع لمالك الأرض ويرجع هو على الغاصب بما أنفق فيها وهذا الاستثناء علق المصنف صحته على صحة الخبر ثم قال عقب الحديث _الذي أخرجه أبو داود رقم (3399) وحديث حسن- عن عروة بن الزبير عن بعض الصحابة: أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم غرس أحدهما خلا في أرض الآخر فقضى لصاحب الأرض بأرضه وأمر صاحب النخل أن يخرج نخله منها قال: «فلقد رأيتها وإنها لتضرب أصولها بالفئوس، وإنها لنخل عم، وإذا كان هذا هو حكم الشرع في النخل الذي تعظم المؤونة عليه، وتكثر الغرامة فيه فأمر النبي صلى الله عليه وسلم الغاصب بالقطع وإخراج نخله مع كونه قد صار نخلًا عما، فكيف لا يكون الزرع مثله مع حقارة المؤونة عليه وقصر المدة فيه، وليس في كون البذر من الغاصب زيادة على كون أصول الغرس منه، فلا يصح أن يكون أحدهما سببًا لاستحقاق الغاصب للنفقة دون الآخر. فما ذكره المصنف رحمه الله تعالى- صاحب الأزهار- من قلع الزرع وإن لم يحصد ولزوم أجرة الأرض للغاصب وإن لم ينتفع صواب.
فعليه مثله أو قيمته.
[الباب الثالث عشر][باب](1) العتق
أفضل الرقاب أنفسها، ويجوز العتق بشرط الخدمة ونحوها، ومن ملك رحمه عتق عليه، ومن مثل (2) بمملوكه فعليه أن يعتقه، وإلا أعتقه الإمام أو الحاكم، ومن أعتق شركًا له في عبد ضمن لشركائه نصيبهم بعد التقويم، وإلا عتق نصيبه فقط واستسعي العبد (3). ولا يصح شرط الولاء لغير من أعتق، ويجوز التدبير (4)، فيعتق بموت مالكه، وإذا احتاج المالك جاز له بيعه، ويجوز مكاتبة المملوك على مال يؤديه، فيصير عند الوفاء حرًّا، ويعتق منه بقدر ما سلم، وإذا عجز عن تسليم مال الكتابة في الرق (5) ومن استولد أمته لم يحل له بيعها، وعتقت بموته، أو بتنجيزه (6) لعتقها (7).
(1) في المخطوط (كتاب) ودلت (باب) لضرورة التبويب.
(2)
المثلة: يقال: مثلت بالحيوان أمثل به مثلُا: إذا قطعت أطرافه وشوهت به، ومثلت بالقتيل: إذا جدعت أنفه وأذنه أو مذاكيره أو شيئًا من أطرافه أو (مثَّل) بالتشديد فللمبالغة.
«النهاية» (4/ 294).
(3)
قال في «السيل» (3/ 126): «أن الشريك الموقع للعتق إن كان مؤسرًا ضمن قيمة نصيب الشريك من ماله، وإن كان معسرًا فإن كان العبد قادرًا على السعاية واختار ذلك عتق جميعه وسعى، وإن لم يكن قادرًا على السعاية أو أبى أن يسعى فقد عتق منه ما عتق، وهو نصيب الذي أعتقه، ويبقى نصيب الآخر رقًا.
(4)
قال في «السيل» (3/ 128): أن التدبير بما كان مضافًا إلى ما بعد الموت كان له حكم الوصية وهي في هذه الصورة نافذة من الثلث.
(5)
قال في «السيل» (3/ 140): وذلك في الجملة بأن له قبل الوفاء حكمًا بين حكمي الحر والعبد إلا في رجوعه في الرق إذا عجز فإن له في ذلك حكم العبد.
(6)
تنجيزه: أي تعجيله. «المصباح «(2/ 594).
(7)
أي تنجيز مستولدها لعتقها.
قلت: هذا في حين العتق بالولادة، ولكن العتق لا يقع.
[الباب الرابع عشر][باب](1) الوقف
من حبس ملكه في سبيل الله صار محبسًا، وله أن يجعل غلاته لأي مصرف شاء مما فيه قربة. وللمتولي عليه أن يأكل منه بالمعروف، وللواقف أن يجعل نفسه في وقفه كسائر المسلمين.
ومن وقف شيئًا مضارة لوارثه فهو باطل، ومن وضع مالًا في مسجد أو مشهد لا ينتفع به أحد جاز صرفه في أهل الحاجات ومصالح المسلمين، ومن ذلك ما يوضع في الكعبة وفي مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، والوقف على القبور لرفع سمكها أو تزيينها أو فعل ما يجلب على زائرها فتنة: باطل.
[الباب الخامس عشر][باب](2) الهدايا
يشرع قبولها ومكافأة فاعلها ، وتجوز بين المسلم والكافر، ويحرم الرجوع فيها، وتجب التسوية بين الأولاد، والرد لغير مانع شرعي مكروه.
[الباب السادس عشر][باب](3) الهبات
إن كانت بغير عوض فلها حكم الهدية في جميع ما سلف، وإن كانت بعوض فهي بيع ولها حكمه، والعمرى (4) والرقى (5) توجبان الملك للمعمر والمرقب ولعقبه من بعده لا رجوع فيهما.
(1) في المخطوط (كتاب) وبدلت بـ (باب) لضرورة التبويب.
(2)
في المخطوط (كتاب) وبدلت بـ (باب) لضرورة التبويب.
(3)
في المخطوط (كتاب) وبدلت بـ (باب) لضرورة التبويب.
(4)
العمرى: يقال: أعمرته الدار عمري: أي جعلتها له يسكنها مدة عمره، فإذا مات عادت إلي، وكذا كانوا يفعلون في الجاهلية، فأبطل ذلك وأعلمهم أن من أعمر شيئًا أو أرقبه في حياته فهو لورثته من بعده.
«النهاية» (3/ 298).
(5)
الرقى: هو أن يقول الرجل للرجل قد وهبت لك هذه الدار فإن مت قبلي رجعت إلي، وإن مت قبلك فهي لك ، وهي فعلى من المراقبة لأن واحد منهما يرقب موت صاحبه.
[الكتاب الحادي عشر]
كتاب الأيمان
الحلف إنما يكون باسم الله تعالى أو صفة له، ويحرم الحلف بغير ذلك، ومن حلف فقال:(إن شاء الله) فقد استثنى ولا حنث عليه، ومن على شيء فرأى غيره خيرًا منه فليأت الذي هو خير وليكفره عن يمينه ومن أكره على اليمين فهي غير لازمة، ولا يأثم بالحنث فيها واليمين الغموس (1) هي التي يعلم الحال كذبها، ولا مؤاخذة باللغو (2) ومن حق المسلم على المسلم إبرار قسمه، وكفارة اليمين هي ما ذكره الله في كتابه العزيز.
(1) اليمين الغموس: هي اليمين الكاذبة الفاجرة كالتي يقتطع بها الحالف مال غيره، سميت غموسًا؛ لأنها تغمس صاحبها في الإثم، ثم في النار وفعول للمبالغة.
«النهاية» (3/ 386).
(2)
اللغو: لغو اليمين: هو أن يقول: لا والله وبلى والله، ولا يعقد عليه قلبه.
وقيل: هي التي يحلفها الإنسان ساهيًا أو ناسيُا.
وقيل: اللغو: سقوط الإثم عن الحالف إذا كفر يمينه. يقال: لغا الإنسان بلغو، ولغى يلغى، إذا تكلم بالمطرح من القول، وما لا يعني، وألغى إذا سقط. «النهاية» (4/ 257).
[الكتاب الثاني عشر]
كتاب النذر
إنما يصح إذا ابتغي به وجه الله تعالى، فلا بد أن يكون قربة، ولا نذر في معصية، ومن النذر في المعصية ما فيه مخالفة للتسوية بين الأولاد، أو مفاضلة بين الورثة مخالفة لما شرعه الله، ومنه النذر على القبور، وعلى ما لم يأذن به (1) الله ومن أوجب على نفسه فعلًا لم يشرعه الله لم يجب عليه (2).
وكذلك إن كان مما شرعه الله وهو لا يطيقه فعليه كفارة يمين، ومن نذر بقربة وهو مشرك ثم أسلم لزمه الوفاء، ولا ينفذ النذر إلا من الثلث (3)، وإذا مات الناذر بقربة ففعلها عنه ولده أجزأه ذلك.
(1) قال في «الدراري» (2/ 192): كالنذر على المساجد أو على أهل المعاصي ليستعينوا بذلك على معاصيهم.
(2)
كمن نذر أن يقوم في الشمس ولا يقعد أو لا يتكلم وأن يصوم. ذكره الشوكاني في «الدراري» (2/ 192).
(3)
ونجد الشوكاني- رحمه الله في «السيل» : قد مال إلى أنه ينفذ من جميع المال فقال: «قوله: «وإنما ينفذ من الثلث
…
إلخ «لم يدل على هذا دليل يخصه، وفي القياس على الوصايا نظرًا لأن الوصايا مضافة إلى ما بعد الموت، وهذا منجز في حال الحياة، فإن كان مضافًا إلى ما بعد الموت فله حكم الوصية.
[الكتاب الثالث عشر]
كتاب الأطعمة
[الباب الأول: المحرمات من الأطعمة]
الأصل في كل شيء الحل، ولا يحرم إلا ما حرمه الله تعالى ورسوله، وما سكت عنه فهو عفو، فيحرم ما في الكتاب العزيز، وكل ذي ناب من السباع (1) وكل ذي مخلب من الطير، والحمر الإنسية، والجلالة (2) قبل الاستحالة، والكلاب والهر، وما كان مستخبثًا (3) وما عدا ذلك فهو حلال.
[الباب الثاني] باب الصيد
ما صيد بالسلاح الجارح والجوارح كان حلالًا إذا ذكر اسم الله وما صيد بغير ذلك فلا بد من التذكية.
وإذا شارك الكلب المعلم كلب آخر لم يحل صيدهما (4) وإذا أكل الكلب المعلم
(1) السباع: ما يفترس الحيوان ويأكله قهرًا وقسرًا؛ كالأسد والنمر والذئب ونحوها.
«النهاية» (2/ 337).
(2)
الجلالة: هي التي تأكل العذرة من الحيوان، وأصل الجلة البعر فاستعير لغيره يقال منه جلت تحل وجتلت تجتل.
«مشارق الأنوار على صحاح الآثار «للقاضي عياض (ص149).
(3)
فما استخبثه الناس من الحيوانات لا لعلة ولا لعدم اعتياد بل لمجرد الاستخباث فهو حرام وإن استخبثه البعض دون البعض كان الاعتبار بالأكثر كحشرات الأرض وكثير من الحيوانات التي ترك الناس أكلها ولم ينهض2 على تحريمها دليل يخصها، فإن تركها لا يكون في الغالب إلا لكونها مستخبثة.
«الدراري» (2/ 206 - 207).
(4)
قال الشوكاني في «النيل «(5/ 335):
…
لا يحل أكل ما يشاركه كلب آخر في اصطياده. ومحله: ما إذا استرسل بنفسه أو أرسله من ليس من أهل الزكاة فإن تحقق أنه أرسله من هو أهل الزركاة حل، ثم ينظر فإن كان إرسالهما معًا فهو لهما، وإلا فللأول».
ونحوه من [9] الصيج لم يحل فإنما أمسك على نفسه، وإذا وجد الصيد بعد وقوع الرمية فيه ميتًا ولو بعد أيام في غير ماء كان حلالًا، ما لم ينتن أو يعلم أن الذي قتله غير سهمه (1).
[الباب الثالث] باب الذبح
هو ما أنهر الدم وفرى (2) الأوداج وذكر اسم الله عليه ولو بحجر أو نحوه ما لم يكن سنًّا أو ظفرًا، ويحرم تعذيب الذبيحة والمثلة بها وذبحها لغير الله، وإذا تعذر الذبح بوجه جاز الطعن والرمي وكان ذلك كالذبح، وذكاة الجنين ذكاة أمه وما أبين من الحي فهو ميتة، وتحل ميتتان ودمان: السمك والجراد والكبد والطحال، وتحل الميتة للمضطر.
[الباب الرابع] باب الضيافة
يجب على من وجد ما يقري به من نزل عليه من الضيوف أن يفعل ذلك وجد الضيافة إلى ثلاثة أيام، وما كان وراء ذلك فصدقة، ولا يحل للضيف أن يثوي عنده حتى يخرجه، وإذا لم يفعل القادر على الضيافة ما يجب عليه كان للضيف أن يأخذ من ماله بقدر قراه ويحرم أكل طعام الغير (3) بغير إذنه، ومن ذلك حلب ماشيته وأخذ ثمرته
(1) قال في «النيل «(5/ 344): أنه إن وجد فيه أثر غير سهمه لا يأكل.
(2)
فرى: قطع. الأوداج، جمع ودج، وهما ودجان: أي: عرقان محيطان بالحلقوم.
«النهاية» (5/ 165)، «المصباح «(2/ 471).
* ولكن الشوكاني في «السيل» (3/ 218): قال: لم يثبت في المرفوع ما يدل على اشتراط فري الأوداج إلا ما أخرجه أبو داود- رقم (2826) وهو حديث ضعيف- من حديث أبي هريرة وابن عباس قالا: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم: عن شريطة الشيطان وهي التي تذبح فيقطع الجلد ولا تفري الأوداج.
(3)
الغير: هكذا والوجه عدم دخول (أل) على غير؛ لأن المقصود بدخول (أل) التعريف على النكرة أن يخصصه بشخص بعينه فإذا قيل: «الغير «اشتملت هذه اللفظة على ما لا يحصى كثيرة، ولهذا لم تدخل (أل) على جملة مشاهير المعرف كدجلة، وعرفة لوضوح اشتهارها. «تصحيح التصحيف «(ص 398)،
«تاج العروس «(3/ 460).
وزرعه لا يجوز إلا بإذنه، إلا أن يكون محتاجًا إلى ذلك، فليناد صاحب الإبل أو الحائط فإن أجابه وإلا فليشرب وليأكل غير متخذ خبنة (1). [الباب الخامس] باب آداب الأكل
تشرع للآكل التسمية، والأكل باليمين، ومن حافتي الطعام لا من وسطه ومما يليه، ويلعق أصابعه والصحفة، والحمد عند الفراغ والدعاء، ولا يأكل متكئًا (2).
(1) الخبية: معطف الإزار وطرف الثوب: أي لا يأخذ منه في ثوبه، يقال أخبن الرجل إذا خبأ شيئًا في خبنة ثوبه أو سراويله. «النهاية» (2/ 9).
(2)
قال ابن القيم في «زاد المعاد «(4/ 202): وقد فسر الاتكاء بالتربع، وفسر الاتكاء على الشيء. وهو الاعتماد عليه وفسر بالاتكاء على الجنب، والأنواع الثلاثة من الاتكاء، فنوع يضر بالأكل وهو الاتكاء على الجنب فإنه يمنع مجرى الطعام الطبيعي عن هيئته ويعوقه عن سرعة نفوذه إلى المعدة
…
وأما النوعان الآخران فمن جلوس الجبابرة المنافي للعبودية.
[الكتاب الرابع عشر] كتاب الأشربة
كل مسكر حرام، وما أسكر كثيره فقليله حرام، ويجوز الانتباذ في جميع الآنية، ولا يجوز انتباذ (1) جنسين مختلطين (2)، ويحرم تخليل الخمر، ويجوز شرب العصير والنبيذ قبل غليانه، ومظنة ذلك ما زاد على ثلاثة أيام، وآداب الشرب أن يكون ثلاثة أنفاس، وباليمين، ومن قعود، وتقديم الأيمن فالأيمن، ويكون الساقي آخرهم شربًا، ويسمي في أوله، ويحمد في آخره، ويكره التنفس في السقاء والنفخ فيه والشرب من فمه، وإذا وقعت النجاسة في شيء من المائعات لم يحل شربه، وإن كان جامدًا ألقيت وما حولها ويحرم الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة.
(1) انتباذ: يقال نبذت التمر والعنب إذا تركت عليه الماء ليصير نبيذًا، فصرف من مفعول إلى فعيل وانتبذته: اتخذته نبيذًا. «النهاية» (5/ 7).
(2)
يريد ما ينبذ من البسر والتمر معًا، أو من العنب والزبيب أو من الزبيب والتمر ونحو ذلك مما ينبذ مختلطًا وإنما نهى عنه لأن الأنواع إذا اختلفت في الانتباذ كانت أسرع للشدة والتخمير.
«النهاية» (2/ 63).
[الكتاب الخامس عشر]
كتاب اللباس
ستر العورة واجب في الملأ والخلاء، ولا يلبس الرجل الخالص من الحرير، وإذا كان فوق أربع أصابع، إلا للتداوي، ولا يفترشه ولا المصبوغ بالعصفر (1) ولا ثوب شهرة ولا ما يختص بالنساء ولا العكس، ويحرم على الرجال التحلي بالذهب لا بغيره.
[الكتاب السادس عشر]
كتاب الأضحية
[الباب الأول: أحكام الأضحية]
تشرع لهل كل (2) بيت، وأقلها شاة ووقتها بعد صلاة عيد النحر، إلى آخر أيام التشريق، وأفضلها أسمنها، ولا يجزئ ما دون الجذع (3) من الضأن، ولا الثني من المعز ولا الأعور والمريض والأعرج، والأعجف (4)، ..............................
(1) العصفر: نبات سلافته الجريال وهي معربة. وقيل: هو الذي يصبغ منه ريفي ومنه بري وكلاهما نبت بأرض العرب، وقد عصفت الثوب فتعصفر.
«لسان العرب «(9/ 242).
وانظر رسالة «القول المحرر في حكم لبس المعصفر وسائر أنواع الأحمر «في قسم الفقه «الفتح الرباني» . رقم (138).
(2)
قال في «السيل» (3/ 2312): وبهذا تعرف أن الحق ماقاله الأقلون من كونها واجبة ولكن هذا الوجوب مقيد بالسعة، فمن لا سعة له لا أضحية عليه.
(3)
جذعة: الجذع من الشاه، ما دخل في السنة الثانية ومن البقر وذوات الحافر، وما دخل في الثالثة ومن الإبل ما دخل في الخامسة، والأنثى في الجميع: جذعة والجمع: جذعان وجذعات.
«غريب الحديث الهروي «(3/ 72).
(4)
العجفاء: العجف الهزال والضعف». «لسان العرب «(9/ 62).
وأعضب (1) القرن والأذن، ويتصدق منها ويأكل ويدخر، والذبح في المصلى أفضل، ولا يأخذ من له أضحية من شعره وظفره بعد دخول عشر ذي الحجة حتى يضحي.
[الباب الثاني] باب الوليمة (2) هي مشروعة وتجب الإجابة إليها ويقدم السابق ثم الأقرب بابًا، ولا يجوز حضورها إذا اشتملت على معصية.
[الـ] فصل [الثاني: أحكام العقيقة (3)]
والعقيقة مستحبة، وهي: شاتان عن الذكر وشاة عن الأنثى، يوم سابع المولود، وفيه يسمى ويحلق رأسة، ويتصدق بوزنه ذهبًا أو فضة.
[الكتاب السابع عشر]
كتاب الطب
يجوز التداوي، والتفويض أفضل لمن يقدر على الصبر (4)، ويحرم بالمحرمات ويكره الاكتواء ولا بأس بالحجامة، والرقية بما يجوز من العين وغيرها
(1) العضب: القطع، وناقة عضباء مشقوقة الأذن وكذلك الشاة والعضباء من أذن الخيل: التي يجاوز القطع ربعها. «لسان العرب «(9/ 252).
(2)
الوليمة: وهو الطعام الذي يصنع عند العرس. «النهاية» (5/ 266).
(3)
انظر: «تحفة المودود بأحكام المولود «تحقيق محمد صبحي بن حسن حلاق.
(4)
قال في «الدراري» (2/ 280): أن التفويض أفضل مع الاقتدار على الصبر كما يقيده قوله صلى الله عليه وسلم: «إن شئت صبرت» وأما مع عدم الصبر على المرض وصدور الحرج والحرد وضيق الصدر من المرض فالتداوي أفضل لأن فضيلة التفويض قد ذهبت بعدم الصبر.
[الكتاب الثامن عشر]
كتاب الوكالة
يجوز لجائز التصرف أن يوكل غيره في كل شيء ما لم يمنع منه مانع (1)، وإذا باع الوكيل بزيادة [10] على ما رسمه له موكله كانت الزيادة للموكل، وإذا خالفه إلى ما هو أنفع أو إلى غيره ورضي به صح (2).
[الكتاب التاسع عشر]
كتاب الضمانة (3)[الكفالة]
يجب على من ضمن على حي أو ميت تسليم مال أن يغرمه عند الطلب، ويرجع على المضمون عنه إن كان مأمورًا من جهته (4). ومن ضمن بإحضار شخص وجب عليه إحضاره وإلا غرم ما عليه.
(1) قال الشوكاني في «الدراري» (2/ 288): «وذلك كالتوكيل في شيء لا يجوز للمتوكل أن يفعله ويجوز للوكيل؛ كتوكيل المسلم للذمي في بيع الخمر أو الخنزير أو نحو ذلك، فإن ذلك لا يجوز ولا يكون محللًا للثمن
…
».
(2)
قال في «الدراري» (2/ 289 «: فتكون الرضا مناطًا مسوغًا لذلك ومجوزًا له، وإذا لم يرض؛ يلزمه ما وقع من الوكيل مخالفًا لما رسمه له لعدم المناط المعتبر» .
(3)
هي التزام من يصح تبرعه حقًّا وجب على غيره، أو إحضار من هو عليه.
انظر: «مغني المحتاج «(2/ 298).
(4)
لكون الدين عليه والأمر منه للضمين بالضمانة كالأمر له بالتسليم فيرجع عليه لذلك.
وانظر «السيل» (2/ 397).
[الكتاب العشرون]
كتاب الصلح (1) هو جائز بين المسلمين، إلا صلحًا أحل حرامًا أو حرم حلالًا، ويجوز علن المعلوم والمجهول بمعلوم وبمجهول (2)، ولو عن انكسار وعن الدم كالمال (3) بأقل من الدية أو أكثر، ولو عن إنكار.
[الكتاب الحادي والعشرون]
كتاب الحوالة
من أحيل على مليء فليحتل، وإذا مطل المحال عليه أو أفلس كان للمحال أن يصيب المحيل بدينه.
(1) الصلح معاقدة يتوصل بها إلى الإصلاح بين المختلفين ويتنوع أنواعًا، صلح بين المسلمين وأهل حرب، وصلح بين أهل العدل وأهل البغي، وصلح بين الزوجين إذا خيف الشقاق بينهما.
«المغني» (7/ 5).
(2)
انظر: تفصيل ذلك في «المغني» (7/ 9 - 15).
(3)
قال في «الدراري» (2/ 297): «وأما جواز المصالحة عن الدم كالمال، فلكون اللازم في الدم مع عدم القصاص هو المال، فهو صلح بمال عن مال يدخل تحت عموم قوله تعالى:{أو إصلاح بين الناس} [النساء: 114].
[الكتاب الثاني والعشرون]
كتاب يجوز لأهل الدين أن يأخذوا جميع ما يجدونه معه، إلا ما كان لا يستغني (1) عنه وهو: المنزل وستر العورة وما يقيه البرد ويسد رمقه ومن يعول، ومن وجد ماله عنده بعينه فهو أحق به، وإذا نقص مال المفلس عن الوفاء بجميع دينه كان الموجود أسوة الغرماء، وإذا تبين إفلاسه فلا يجوز حبسه.
ولي (2) الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته، ويجوز للحاكم أن يحجزه عن التصرف في ماله ويبيعه لقضاء دينه، وكذا يجوز له الحجر على المبذر، ومن لا يحسن التصرف، ولا يمكن من التصرف في ماله حتى يؤنس منه الرشد، ويجوز لوليه أن يأكل من ماله بالمعروف.
(1) قال في «السيل» (3/ 421 - 422): «وهكذا ينبغي أن يترك للمفلس على كل تقدير ما تدعوا إليه حاجته من الطعام والإدام إلى وقت الدخل، وهكذا يترك للمجاهد والمحتاج إلى المدافعة عن نفسه أو ماله وسلاحه، وللعالم ما يحتاج إليه من كتب التدريس والإفتاء والتصنيف، وهكذا يترك لمن كان معاشه بالحرث ما يحتاج إليه في الحرث من دابة وآلة الحرث.
ثم قال: والحاصل: أن تفويض مثل هذه الأمور إلى أنظار حكام العدل العارفين بالحكم بما أنزل الله هو الذي لا ينبغي لاختلاف الأحوال والأشخاص والأمكنة والأزمنة.
(2)
اللي: المطل، يقال: لواه غريمه بدينه يلويه ليا وأصله: لويا فأدغمت الواو في الياء.
«النهاية» (4/ 280).
[الكتاب الثالث والعشرون]
كتاب اللقطة
من وجد لقطة فليعرف عفاصها (1) ووكاءها (2)، فإن جاء صاحبها دفعها إليه، وإلا عرف بها حولًا، وبعد ذلك يجوز له صرفها ولو في نفسه ويضمن مع مجيء صاحبها، ولقطة مكة أشد تعريفًا من غيرها، ولا بأس بأن ينتفع الملتقط بالشيء الحقير كالعصا والسوط ونحوهما، وتلتقط ضالة الدواب إلا الإبل.
[الكتاب الرابع والعشرون]
كتاب القضاء
إنما يصح قضاء من كان: مجتهدًا، متورعًا عن أموال الناس عادلًا في القضية حاكمًا السوية، ويحرم عليه الحرص على القضاء وطلبه، ولا للإمام تولية من كان كذلك، ومن كان متأهلًا للقضاء فهو على خطر عظيم، وله مع الإصابة أجران ومع الخطأ أجر إن لم يأل جهدًا في البحث، وتحرم عليه: الرشوة والهدية التي أهديت لأجل كونه قاضيًا، ولا يجوز له الحكم حال الغضب، وعليه التسوية بين الخصمين إلا إذا كان أحدهما كافرًا والسماع منهما قبل القضاء، وتسهيل الحجاب بحسب الإمكان، ويجوز له اتخاذ الأعوان (3) مع الحاجة، والشفاعة، ..................................
(1) العفاص: هو الوعاء الذي يكون فيه النفقة، إن كان من جلد أو من خرقة أو غير ذلك.
«لسان العرب «(9/ 289).
(2)
الوكاء: الخيط الذي تشد به الصرة والكيس.
«النهاية» (5/ 222).
(3)
قال في «السيل» (3/ 453): فإذا لم يتم حكم الشرع منه إلا بأعوان تشتد بها وطأته على المرتكبين للمنكرات والمتساهلين في تأدية الواجبات والمتمردين امتثال ما يقضي به شرع الله كان اتخاذ من يحصل به التمام من الأعوان ونحوهم واجبًا على القاضي.
ثم قال: ومن مقتضيات اتخاذ الأعوان إحضار الخصوم، ودفع الزحام وعلو الأصوات .....
والاستيضاع (1) والإرشاد إلى الصلح، وحكمه ينفذ ظاهرًا فمن قضي له بشيء فلا يحل له إلا إذا كان الحكم مطابقًا للواقع.
[الكتاب الخامس والعشرون]
كتاب الخصومة والبينة والإقرار
على المدعي البينة، وعلى المنكر اليمين، ويحكم الحاكم بالإقرار، وبشهادة رجلين أو رجل وامرأتين، أو رجل ويمين المدعي، ويمين المنكر ويمين الرد (2) وبعلمه (3)، ولا تقبل شهادة من ليس بعدل، ولا الخائن ولا ذي العداوة والمتهم، والقاذف، ولا بدوي (4) على صاحب قرية، وتجوز شهادة من يشهد على تقرير فعله أو قوله، إذا انتفت التهمة، وشهادة الزور من أكبر الكبائر، وإذا تعارض البينتان ولم يوجد وجه ترجيح قسم المدعي بين الغريمين، وإذا لم يكن للمدعي بينة فليس له إلا يمين صاحبه ولو كان فاجرًا، ولا تقبل البينة (5) بعد اليمين، ومن أقر بشيء عاقلًا بالغًا، غير هازل ولا بمحال عقلًا أو عادة
(1) الاستيضاع: أن يطلب من أحد الخصمين أن يضع دينه عن خصمه.
«اللسان «(15/ 328).
(2)
قال في «السيل» (3/ 325): لم يصح شيء في يمين الرد قط وما روي في ذلك فلا يقوم به حجة ولا ينهض للدلالة على المطلوب والأسباب الشرعية لا تثبت إلا بالشرع.
(3)
انظر: رسالة «رفع الخصام في الحكم بعلم الحكام «رقم (63).
(4)
قال في «النيل «(5/ 582) تعليقًا على أقوال العلماء في ذلك فقال: لأن البدوي إذا كان معروف العدالة كان رد شهادته لعلة كونه بدويًّا غير مناسب لقواعد الشريعة؛ لأن المساكن لا تأثير لها في الرد والقبول، لعدم صحة جعل ذلك مناطًا شرعيًّا، ولعدم انضباطه، فالمناط هو العدالة الشرعية إن وجد للشرع اصطلاح في العدالة، وإلا توجه الحمل على العدالة اللغوية، فعند وجود العدالة يوجد القبول وعند عدمها بعدم، ولم يذكر صلى الله عليه وسلم المنع من شهادة البدوي إلا لكونه مظنة لعدم القيام بما تحتاج إليه العدالة، وإلا فقد قبل النبي صلى الله عليه وسلم في الهلال شهادة بدوي.
(5)
قال في «السيل» (3/ 322): «لكنه إذا اختار اليمين لم تسمع منه البينة من بعد لأن السبب الشرعي المقتضي للحكم- وهو اليمين- قد وقع ووجب به وعلى الحاكم عند أن يسمع طلب المدعي ليمين المنكر أن يبين له أنه يأتي ببينة إذا كان له بينة قبل يمين خصمه وأنه إذا حلف خصمه لم تقبل البينة بعد ذلك. وليس هذا من التلقين للخصم، بل هو مما يلزم الحاكم
…
لزمه ما أقر به به كائنًا ما كان، ويكفي مرة واحدة من غير فرق بين موجبات الحدود وغيرها كما سيأتي.
[الكتاب السادس والعشرون]
كتاب الحدود
[الباب الأول] باب حد الزاني
إن كان [11] بكرًا جلد مائة جلدة، وبعد الجلد يغرب عامًا، وإن كان ثيبًا جلد كما يجلد البكر، ثم يرجم حتى يموت، ويكفي إقراره مرة، وما ورد من التكرار في وقائع الأعيان فلقصد الاستثبات، وأما الشهادة فلا بد من أربعة. ولا بد أن يتضمن الإقرار والشهادة التصريح بإيلاج الفرج في الفرج، ويسقط بالشبهات المحتملة، وبالرجوع عن الإقرار ويكون المرأة عذراء أو رتقاء (1)، ويكون الرجل مجبوبًا (2) أو عنينًا (3).
وتحرم الشفاعة في الحدود ويحفر للمرجوم إلى الصدر، ولا ترجم الحبلى حتى ترضع ولدها إن لم يوجد من يرضعه، ويجوز الجلد حال المرض بعثكال (4) ونحوه، ومن لاط بذكر قتل ولو كان بكرًا، وكذلك المفعول به إذا كان مختارًا، ويعزر من نكح بهيمة، ويجلد المملوك نصف جلد الحر، ويحده سيده أو الإمام.
(1) الرتق: التحام الفرج بحيث لا يمكن دخول الذكر.
«التحرير» للنووي (ص255).
(2)
مجبوب: أي مقطوع الذكر.
«النهاية» (1/ 223).
(3)
العنين: العاجز عن الوطء، ربما اشتهاه ولا يمكنه، مشتق من (عنَّ) الشيء: إذا اعترض؛ لأن ذكره يعترض عن يمين الفرج وشماله. «التحرير» (ص255).
(4)
العثكال: العذق من أعذاق النخل الذي يكون فيه الرطب، ويقال: إثكال وأثكول. ويكون فيه أغصان كثيرة وكل واحد منها يسمى شمراخًا. «لسان العرب «(9/ 47).
[الباب الثاني] باب السرقة
من سرق مكلفًا، مختارًا، من حرز، ربع دينار فصاعدًا، قطعت كفه اليمنى، ويكفي الإقرار مرة واحدة، أو شهادة عدلين، ويندب تلقين المسقط، ويحسم موضع القطع، وتعلق اليد في عنق السارق، ويسقط بعفو المسروق عليه قبل البلوغ إلى السلطان لا بعده فقد وجب، ولا قطع في ثمر ولا كثر ما تؤويه (1) الجرين (2) إذا أكل ولم يتخذ خبنة وإلا كان عليه ثمن ما حمله مرتين وضرب نكال، وليس على الخائن والمنتهب والمختلس قطع، وقد ثبت القطع في جحد العارية.
[الباب الثالث] باب حد الشرب
من شرب مسكرًا مكلفًا، مختارًا؛ جلد على ما يراه الإمام إما أربعين جلدة أو أقل أو أكثر ولو بالنعال، ويكفي إقراره مرة، أو شهادة عدلين ولو على القيء، وقتله في الرابعة منسوخ، والتعزير (3) في المعاصي التي لا توجب حدًّا ثابت بحبس أو نحوه أو ضرب ولا يجاوز عشر أسواط.
[الباب الرابع] باب حد القذف
من رمى غيره بالزنى وجب عليه حد القذف ثمانين جلدة، ويثبت ذلك بإقراره مرة،
(1) رفع الفعل المضارع بعد (لم) قليل في لغة العرب، إلا أن الجزم للفعل المضارع بعد (لم) هو مذهب عامة العرب.
انظر: «مغني اللبيب «(1/ 307). «الخصائص «لابن جني (2/ 411).
(2)
الجرين: بفتح الجيم وكسر الراء: الموضع الذي تجفف فيه الثمار.
«تهذيب الأسماء «(3/ 50).
(3)
التعزير: التأديب، ولهذا سمي الضرب دون الحد تعزيرًا إنما هو أدب.
«لسان العرب «(9/ 184).
وقيل: التعزير: التأديب على ذنب لا حد فيه ولا كفارة. «إعلام الموقعين «(2/ 99).
أو بشهادة عدلين (1)، وإذا لم يتب لم تقبل شهادته فإن جاء بعد القذف بأربعة شهود سقط (2) عنه الحد، وكذلك إذا أقر المقذوف بالزنى.
[الباب الخامس] باب حد المحارب
هو أحد الأنواع المذكورة في القرآن: القتل أو الصلب أو قطع اليد والرجل من خلاف أو النفي من الأرض، يفعل الإمام منها ما رأى فيه صلاحًا لكل من قطع طريقًا ولو في المصر، إذا كان قد سعى في الأرض فسادًا، فإن تاب قبل القدرة عليه سقط عنه ذلك (3).
[الباب السادس] باب من يستحق القتل حدًّا
هو الحربي، والمرتد، والساحر، والكاهن، والساب لله أو لرسوله أو للإسلام، أو للكتاب، أو للسنة، والطاعن في الدين، والزنديق (4) بعد استتابتهم، والزاني المحصن، واللوطي مطلقًا، والمحارب.
(1) وزاد في «السيل» (3/ 523): ويكتفى فيه أيضًا بشهادة رجل وامرأتين وبشهادة وحد مع يمين المدعي.
(2)
قال في «الدرري «(2/ 372): لأن القاذف لم يكن حينئذ قاذفًا بل قد تتقرر صدور الزنا بشهادة الأربعة فيقام الحد على الزاني
…
(3)
انظر: «مجموع الفتاوى» (28/ 310).
(4)
تقدم التعريف به ص 257 من القسم الأول من «الفتح الرباني» .
[الكتاب السابع والعشرون]
كتاب القصاص
يجب على المكلف المختار العامد إن اختار ذلك الورثة وإلا فلهم الدية، وتقتل المرأة بالرجل والعكس. والعبد بالحر والكافر بالمسلم، والفرع بالأصل لا العكس، ويثبت القصاص في الأعضاء ونحوها، والجروح مع الإمكان. ويسقط بإبراء أحد الورثة، ويلزم نصيب الآخرين من الدية. وإذا كان فيهم صغير ينتظر في القصاص بلوغه. ويهدر ما سببه من المجني عليه. وإذا أمسك رجل وقتل آخر قتل القاتل وحبس الممسك. وفي قتل الخطأ الدية والكفارة وهو ما ليس بعمد (1)، أو من صبي أو مجنون، وهي على العاقلة (2) وهم العصبة.
(1) انظر: «مجموع الفتاوى» (20/ 382).
(2)
العاقلة: هي العصبة والأقارب من قبل الأب الذين يعطون الدية قتيل الخطأ وهي صفة جماعة عاقلة.
«النهاية» (3/ 278).
العقل الدية وأصله: أن القاتل كان إذا قتل قتيلًا جمع الدية من الإبل فعقلها بفناء أولياء المقتول: شدها في عقلها ليسلمها إليهم ويقبضوها منه فسميت الدية عقلًا بالمصدر.
«النهاية» (3/ 278).
[الكتاب الثامن والعشرون]
كتاب الديات
[الباب الأول: أحكام الدية والشجاج]
دية الرجل [12] المسلم مائة من الإبل، أو مائتا بقرة، أو ألفا شاة، أو ألف دينار، أو اثنا عشر ألف درهم، أو مائتا حلة، وتغلط دية العمد وشبهه بأن يكون المائة من الإبل في بطون أربعين منها أولادها، ودية الذمي نصف دية المسلم ودية المرأة نصف دية الرجل.
والأطراف وغيرها كذلك في الزائد على الثلث، وتجب الدية كملة في العينين، والشفتين، واليدين ، والرجلين، والبيضتين، وفي الواحدة منها نصفها، وكذلك تجب كاملة في الأنف واللسان، والذكر، والصلب (1) وأرش المأمومة (2) والجائفة (3) ثلث دية المجني عليه، وفي المنقلة (4) عشر الدية ونصف عشرها، وفي الهاشمة (5) عشرها، وفي كل إصبع عشرها، وفي كل سن نصف عشرها، وكذا في الموضحة (6)، وما عدا هذه المسماة فيكون ارشه
(1) الصلب: أي إن كسر الظهر فحدب الرجل ففيه الدية، وقيل أراد إن أصيب صلبه بشيء حتى أذهب الجماع، فسمي الجماع صلبًا؛ لأن المني يخرج منه.
(2)
المأمومة: وهما الشحة التي بلغت أم الرأس، وهي الجلدة التي تجمع الدماغ.
«النهاية» (1/ 68).
(3)
الجائفة: هي الطعنة لتي تنفذ إلى الجوف يقال: جفته إذا أصبت جوفه، وأجفته الطعنة وجفته بها، والمراد بالجوف هاهنا: كل ما له قوة محيلة كالبطن والدماغ.
(4)
المنقلة من الجراح: ما ينقل العظم عن موضعه.
«النهاية» (1/ 317).
(5)
الهاشمة: هي التي تهشم العظم- أي تكسره.
(6)
الموضحة: هي التي تكشف العظم بلا هشم.
بمقدار (1) نسبته إلى أحدها تقريبًا، وفي الجنين إذا خرج ميتًا (2) الغرة، وفي المملوك قيمته وأرشه بحسبها (3).
[الباب الثاني] باب القسامة (4)
إذا كان القاتل من جماعة محصورين ثبتت وهي خمسون يمينًا، يختارهم (5) ولي القتيل والدية إن نكلوا عليهم وإن حلفوا سقطت، وإن التبس الأمر كانت من بيت المال.
(1) قال في «الدراري» (2/ 411): «الموضحة إذا كان أرشها نصف عشر الدية كما ثبت عن الشارع نظرنا إلى ما هو دون الموضحة من الجناية، فإن أخذت الجناية نصف اللحم وبقي إلى العصب كان أرش هذه الجناية نصف أرش الموضحة وإن أخذت ثلثه كان الأرش ثلث أرش الموضحة، ثم هكذا وكذلك إذا كان المأخوذ بعض الأصبع كان أرشه بنسبة ما أخذ من الأصبع إلى جميعها فأرش نصف الأصبع نصف عشر الدية ثم كذلك
…
».
(2)
قال في «الدراري» (2/ 412): «وإذا خرج الجنين حيًّا ثم مات من الجناية ففيه الدية أو القر، وهذل إنما هو في الجنين الحر» .
وانظر: «النيل» (7/ 69 - 72).
(3)
قال في «الدراري» (2/ 412 - 413): «
…
فلا خلاف في ذلك، وإنما اختلفوا إذا جاوزت قيمة دية الحر هل تلزم أم لا ولأولى اللزوم، وأرش الجناية عليه منسوب عليه من قيمته فما كان فيه في الحر نصف الدية أو ثلثها أو عشرها ونحو ذلك ففيه في العبد نصف القيمة أو ثلثها أو عشرها ونحو ذلك».
(4)
القسامة: بالفتح: اليمين، كالقسم، وحقيقتها أن يقسم من أولياء الدم خمسون نفرًا على استحقاقهم دم صاحبهم، إذا وجدوه قتيلًا بين قوم ولم يرف قاتله، فإن لم يكونوا خمسين؛ أقسم الموجودون خمسين يمينًا، ولا يكون فيهم صبي ولا امرأة، ولا مجنون، ولا عبد، أو يقسم بها المتهمون على نفي القتل عنهم، فإن حلف المدعون استحقوا الدية، وإن حلف المتهمون لم تلزمهم الدية.
«النهاية» (4/ 62). «التحرير» (ص 339).
(5)
قال في «السيل» (3/ 659): وليس في هذا- يعني حديث القسامة- ما يدل على أن لمدعي القسامة أن يختار لليمين من أراد.
[الكتاب التاسع والعشرون]
كتاب الوصية
تجب على من له ما يوصي فيه، ولا تصح: ضرارًا. ولا لوارث (1)، ولا في معصية، وهي القرب من الثلث (2). ويجب تقديم قضاء الديون. ومن لم يترك ما يقضي دينه قضاه السلطان من بيت المال.
[الكتاب الثلاثون]
كتاب المواريث
هي مفصلة في الكتاب العزيز، ويجب الابتداء بذوي الفروض المقدرة (3)، وما بقي فللعصبة (4) والأخوات مع البنات عصبة (5). ولبنت الابن مع البنت السدس تكملة الثلثين، وكذا الأخت لأب مع الأب لأبوين، والأخ لأبوين أقدم من الأخ والأخت لأب، وللجدة أو الجدات والسدس مع عدم الأم، وهو للحد مع من لا يسقطه، ولا
(1) إلا أن يجيز ذلك الورثة، كما أومأ إليه في «الدراري» (2/ 420).
(2)
قال في «السيل» (3/ 668): أن من وارث لم يصح تصرفه في زيادة على الثلث، ومن لا وارث له يصح تصرفه في جميع ماله إذا لم يخش عليه الحاجة إلى الناس، والوقوع في المسألة المحرمة ولا فرق بين المرض والصحة ....
(3)
الفروض المقدرة: هي النصف والربع والثمن والثلثان والثلث والسدس وأصحابها اثنا عشر وارثًا هم: الأم والأب والزوج والزوجة والجد والجدة والبنت وبنت الابن والأخت الشقيقة والأخت لب والأخ لأم والأخت لأم.
وانظر: سورة النساء (176،12،11).
(4)
العصبة هم قرابات اشخص من قبل الأب.
(5)
قال في «الدراري» (2/ 413): «أي يأخذن ما بقي من غير تقدير كما يأخذ الرجل بعد فروض أهل الفرائض فلحديث ابن مسعود عند البخاري- رقم 6736 - أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في بنت وبنت ابن وأخت بأن للبنت النصف، ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين وما بقي فللأخت.
ميراث للإخوة والأخوات مطلقًا مع الابن أو ابن الابن أو الأب، وفي ميراثهم مع الجد خلاف، ويرثون مع البنات إلا الإخوة لأم، ويسقط الأخ لأب مع الأخ لأبوين.
وأولو الأرحام يتوارثون وهم أقدم من بيت المال، فإن تزاحمت الفرائض فالعول (1)، ولا يرث ولد الملاعنة والزانية إلا من أمه وقرابتها والعكس، ولا يرث المولود إلا إذا استهل وميراث العتيق لمعتقه، ويسقط بالعصبات وله الباقي بعد ذوي السهام (2)، ويحرم بيع الولاء وهبته، ولا توارث بين أهل ملتين، ولا يرث القاتل من المقتول.
(1) العول: يقال: عالت الفريضة: إذا ارتفعت وزادت سهامها على أصل حسابها الموجب عن عدد وارثيها، كمن مات وخلف ابنتين، وأبوين وزوجة، فللابنتين الثلثان، وللأبوين السدسان، وهما الثلث، وللزوجة الثمن، فمجموع السام واحد وثمن واحد، فاصلها ثمانية، والسهام تسعة، وهذه المسألة تسمى في الفرائض: المنبرية؛ لأن عليًّا رضي الله عنه سئل عنها وهو على المنبر فقال من غير روية: «صار ثمنها تسعًا» . «النهاية» (3/ 321).
(2)
انظر: «الدراري» (2/ 445) و «المغني» (6/ 349).
[الكتاب الحادي والثلاثون]
[كتاب الجهاد والسير]
[الفصل الأول: أحكام الجهاد]
الجهاد: فرض كفاية، مع كل بر وفاجر إذا أذن الأبوان. وهو مع إخلاص النية يكفر الخطايا إلا الدين، وتلحق به حقوق الآدمي، ولا يستعان فيه بالمشركين إلا لضرورة، وتجب على الجيش طاعة أميرهم إلا في معصية الله، وعليه مشاروتهم والرفق بهم وكفلهم عن الحرام، ويشرع للإمام إذا أراد غزوًا أن يكتم حاله أو يوري بغير ما يريده، وإن يذكي العيون ويستطلع الأخبار، ويرتب الجيوش ويتخذ الرايات (1) والألوية، وتجب الدعوة قبل القتال إلى إحدى ثلاث خصال: إما الإسلام أو الجزية أو السيف، ويحرم: قتل النساء والأطفال والشيوخ إلا لضرورة (2)، والمثلة والإحراق بالنار. والفرار عن الزحف إلا إلى فئة ويجوز تبييت الكفار، والكذب في الحرب. والخداع (3).
[الـ] فصل [الثاني: أحكام الغنائم]
وما غنمه الجيش كان لهم أربعة أخماسه وخمسه، يصرفه الإمام في مصارفه، ويأخذ الفارس من الغنيمة ثلاثة أسهم والراجل سهمًا، ويستوي في ذلك القوي والضعيف ومن قاتل ومن لم يقاتل، ويجوز تنفيل (4) بعض الجيش، وللإمام ..........................
(1) الرايات: جمع راية، والألوية: جمع لواء: هما علم الجيش. قيل: هما بمعنى وقيل: بل اللواء دون الراية. وهذا أظهر، فاللواء: علامة لمحل الأمير معه حيث دار. والراية: يتولاها صاحب الحرب. «تاج العروس» (10/ 160).
(2)
قال في «الدراري» (2/ 467): إذا كان ذلك لضرورة كأن يتترس بهم المقاتلة أو يقاتلون.
(3)
قال النووي في شرحه لصحيح مسلم (12/ 45): واتفقوا على جواز خداع الكفار في الحرب كيفما أمكن إلا أن يكون فيه نقض عهد.
(4)
نفله تنفيلًا: أي: أعطاه نفلًا. والنفل: زيادة يزادها الغازي على نصيبه من الغنيمة.
وانظر: «أضواء البيان» (2/ 384).
الصفي (1) وسهمه كأحد الجيش، ويرضخ (2) من الغنيمة لمن حضر، ويؤثر المؤلفين إن رأى في ذلك صلاحًا، وإذا رجع ما أخذه الكفار من المسلمين كان لمالكه (3)، ويحرم الانتفاع بشيء من الغنيمة قبل القسمة إلا الطعام والعلف، ويحرم الغلول، ومن جملة الغنيمة الأسرى، ويجوز القتل أو الفداء أو المن.
[الـ] فصل [الثالث: أحكام الأسير والجاسوس والهدنة]
ويجوز استرقاق العرب، وقتل الجاسوس، وإذا أسلم الحربي قبل القدرة عليه أحرز أمواله، وإذا أسلم عبد الكافر صار حرًّ، والأرض المغنومة أمرها إلى الإمام فيفعل
(1) الصفي: أن يختص الإمام من الغنيمة بشيء لا يشاركه فيه غيره وفي ذلك أقوال منها:
1 -
أنه قد حكى الجماع جماعة على خصوصيته صلى الله عليه وسلم بذلك، وأنه ليس لأحد بعده.
انظر: «الأموال» لأبي عبيد (ص 14، 17)، «روح المعاني» للآلوسي (10/ 3).
2 -
أنه لم يفهم أحد من الصحابة والتابعين من الأخبار الواردة أنه لمن بعده ولا أفتوا به- فيما أعلم- بل قال الإمام الشافعي: الأمر الذي لم يختلف فيه أحد من أهل العلم عندنا علمته ولم يزل يحفظ من قولهم أنه ليس لأحد ما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم من صفي الغنيمة.
انظر: «معرفة السنن» (9/ 217).
3 -
أنه لم يدع الصفي أحد من الخلفاء بعده صلى الله عليه وسلم حتى ولا من بعدهم في القرون المفضلة.
وسبب هذه الأمور التي قدمت أنه قد جاء في غير حديث مما في الباب ما يشير إلى اختصاصه صلى الله عليه وسلم بذلك، ففي رواية: «
…
وأديتم الخمس من المغنم وسهم النبي صلى الله عليه وسلم وسهم الصفي»
وفي رواية: «كان للنبي صلى الله عليه وسلم سهم يدعى الصفي
…
».
وانظر تخريج هذه الأحاديث وغيرها والتعليق عليها في «السيل» (3/ 743 - 745).
(2)
الرضخ: الغطية القليلة. «النهاية» (2/ 228).
(3)
قال في «السيل» (3/ 750): لم يثبت ما يدل على أنه يخرج عن ملكه حتى عن ملكه حتى يقال: هو أولى به من قبل القسمة وبعدها بالقيمة، بل هو باقِ على ملك مالكه، وأخذه منه على غير ما أذن به الشرع لا يترتب عليه حكم الملك أصلًا، فيأخذه قبل القسمة وبعدها، ولا يلزمه شيء، ويرجع من قد صار في نصيبه بالقسمة على الغنيمة فيعطى منها بقدر ما استحق، ولا فرق بين العبد وغيره».
الأصلح من قسمتها أو تركها مشتركة بين الغانمين أو بين جميع المسلمين، ومن أمنه أحد المسلمين صار آمنًا، والرسول كالمؤمن، وتجوز مهادنة الكفار ولو بشرط وإلى أجل أكثره عشر سنين، ويجوز تأييد (1) المهادنة بالجزية، ويمنع المشركون وأهل الذمة من السكون في جزيرة العرب.
[الـ] فصل [الرابع: حكم قتال البغاة]
ويجب قتال البغاة حتى يرجعوا إلى الحق، ولا يقتل أسيرهم، ولا يتبع مدبرهم، لا يجاز على جريحهم، ولا تغنم أموالهم.
[الـ] فصل [الخامس: من أحكام الإمامة]
وطاعة الأئمة واجبة إلا في معصية الله، ولا يجوز الخروج عليهم ما أقاموا الصلاة ولم يظهروا كفرًا بواحًا، ويجب الصبر على جورهم، وبذل النصيحة لهم، وعليهم الذب على المسلمين وكف يد الظالم، وحفظ ثغورهم، وتدبيرهم بالشرع في الأبدان والأديان والأموال، وتفريق أموال الله في مصارفها، وعدم الاستئثار بما فوق الكفاية بالمعروف، والمبالغة في إصلاح السيرة والسريرة.
وإلى هنا انتهى المختصر بخط مؤلفه محمد بن علي بن محمد الشوكاني غفر الله لهم. آمين آمين.
(1) قال في «السيل» (3/ 769): وأما كون المدة معلومة فوجهه أنه لو كان الصلح مطلقًا أو مؤبدًا؛ لكان ذلك مبطلًا للجهاد الذي هو من أعظم فرائض الإسلام، فلا بد من أن يكون مدة معلومة على ما يرى الإمام من الصلاح، فإذا كان الكفار مستظهرين وأمرهم مستعلنًا جاز له أن يعقده على مدة طويلة ولو فوق عشر سنين، وليس في ذلك مخالفة لعقده صلى الله عليه وسلم للصلح الواقع مع قريش عشر سنين، فإنه ليس في هذا ما يدل على أنه لا يجوز أن تكون المدة أكثر من عشر سنين إلا اقتضت ذلك المصلحة.