الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بحث في العمل بقول المفتي صحّ عندي
تأليف
محمد بن علي الشوكاني
حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه
محمد صبحي بن حسن حلاق
أبو مصعب
وصف المخطوط:
1 -
عنوان الرسالة: (بحث في العمل بقول المفتي صح عندي).
2 -
الموضوع: في أصول الفقه.
3 -
أول الرسالة: الحمد لله، ورد سؤال من سيدي عبد الكريم بن محمد دولة كوكبان الآن عن العمل بقول المفتي: صح عندي، هل على ذلك دليل أم لا؟. فأجبت بما لفظه
…
4 -
آخر الرسالة
وقول المفتي: إخبار عن السبب بواسطة الشهادة، أو كمال العدة، وهي لا تكون إلا عن السبب الحقيقي، وهو انقضاء العدة من عند الرؤية المتقدمة. فاعرف هذا والعلم لله وحده.
5 -
نوع الخط: خط نسخي جيد.
6 -
عدد الأوراق: ورقة واحدة.
7 -
المسطرة: الصفحة الأولى: 25 سطرًا.
الصفحة الثانية: 18 سطرًا.
8 -
عدد الكلمات في السطر: 8 - 9 كلمة.
9 -
الرسالة من المجلد الرابع من (الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني).
الحمد لله، ورد سؤال من سيدي عبد الكريم بن محمد دولة كوكبان الآن (1) عن العمل بقول المفتي (2): صح عندي، هل على ذلك دليل أم لا؟
(1) أي في زمان المؤلف رحمة الله.
(2)
الفتوى لغة: «أفتاه في الأمر أبانه له، وأفتى الرّجل في المسألة واستفتيته فيها فأفتانيب إفتاه.
يقال: أفتيت فلانًا رؤيا رآها إذا عبَّرتها له، وأفتيته في مسألة إذ أجبته عنها».
يقال: أفتاه في المسألة إذا أجابه، والفتيا والفتوى والفتوى: ما أفتى به الفقيه، الفتح في الفتوى لأهل المدينة.
قال ابن سيده: وإنَّما قضينا على ألف أفتى بالياء لكثرة ف ت ي وقلة ف ت و
…
«لسان العرب» (15/ 147، 148).
وفي تفسير قوله تعالى: {ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن} [النساء: 127]. قال ابن عطية «أي يبَّين لكم حكم ما سألتم» .
«المحرر الوجيز»
(4/ 267). وقد عرف العلماء المفتي بتعاريف عدة:
قال الشاطبي في «الموافقات» (4/ 244): المفتي هو القائم في الأمة مقام النبي صلى الله عليه وسلم».
«إعلام الموقعين» (4/ 224).
وقيل: «هو المتمكن من معرفة أحكام الوقائع شرعًا بالديلل مع حفظه لأكثر الفقه» . «صفة الفتوى» (ص44).
هل هناك فرق بين المجتهد والمفتي؟
تقدم تعريف المفتي.
أما المجتهد: قال في «تاج العروس» (2/ 329، 330): «الجهد بالفتح الطاقة والوسع، ويضم.
قال ابن الأثير في «النهاية» (1/ 320): الجهد والجهد
…
بالضم الوسع والطاقة وبالفتح: المشقة وقيل المبالغة والغاية وقيل: هما لغتان في الوسع والطاقة.
- فالاجتهاد هو استفراغ الوسع في النظر فيما لا يلحقه فيه لوم، مع استفراغ الوسع فيه.
«المحصول» (2/ 3).
قال الزركشي في «البحر المحيط» (3/ 281) الاجتهاد: بذل الوسع لنيل حكم شرعي بطريق الاستنباط.
قال ابن الهمام: «إن المفتي هو المجتهد وهو الفقيه» .
وقال الشوكاني في «إرشاد الفحول» (ص547) إن المفتي هو المجتهد ..
ومثله قول من قال: إن المفتي هو الفقيه لأن المراد به المجتهد في مصطلح الأصول ..
- شروط وصفات المفتي: أن يكون مكلفًا مسلمًا، ثقة مأمونًا متنزهًا ممن أسباب الفسق ومسطقات المرؤة، لان من لم يكن كذلك فقوله غير صالح للاعتماد وإن كان من أهل الاجتهاد. ويكون فقيه النفس، سليم الذهن، رصين الفكر، صحيح التَّصرف والاستنباط مستيقظًا. انظر:«صفة الفتوى» (ص13). «أدب المفتي والمستفتي» (ص 85 - 86).
- ثم ينقسم إلى قسمين:
المفتي المستقل: وشرطه أن يكون مع ما ذكرنا قيَّما بمعرفة أدلة الأحكام الشرعية من الكتاب والسنة والإجماع والقياس وما التحق بها على التفصيل.
أن يكون عالمًا بما يشترط في الأدلة ووجوه دلالتها، وبكيفية اقتباس الأحكام منها، وذلك يستفاد من علم أصول الفقه، عارفًا من علم القرآن الكريم، وعلم الحديث، وعلم الناسخ والمنسوخ، وعلمي النحو، واللغة واختلاف العلماء واتفاقهم بالقدر الذي يتمكّن به من الوفاء بشروط الأدلة والاقتباس منها ذا دربة وارتياض في استعمال ذلك، عالمًا بالفقه، ضابطًا لأمهات مسائلة وتفاريعه المفروع من تمهيدها.
فمن جمع هذه الفضائل فهو المفتي المطلق المستقل لذي يتأدى به فرض الكفاية، ولن كيون إلا مجتهدًا مستقلًا.
والمجتهد المستقل: هو الذي يستقل بإدراك الأحكام الشرعية من الأدلة الشرعية من غير تقليد وتمسك بمذهب واحد.
أنظر: «المستصفى» (2/ 315)، «البرهان» للجويني (2/ 1320، 1332)، «إعلام الموقعين» (4/ 212). «اللمع» (ص127). «أدب المفتي والمستفتي» (ص 85 - 90).
المفتي الذي ليس بمستقل وله أحوال أربعة:
1 -
أن لا يكون مقلدًا لإمامه، لا في المذهب، ولا في دليله لكونه قد جمع الأوصاف والعلوم المشترطة في المستقل، وإنَّما ينتسب إليه لكونه سلك طريقه في الاجتهاد ودعا إلى سبيله.
2 -
أن يكون في مذهب إمامه مجتهدًا مقيَّدًا فيستقل بتقرير مذاهبه بالدليل، غير أنه لا يتجاوز في أدلته أصول إمامه وقواعده ومن شأنه أن يكون عالمًا بالفقه، خبيرًا بأصول الفقه عارفًا بأدلّة الأحكام تفصيلًا بمسالك الأقيسة والمعاني».
يتخذ نصوص إمامه أصولًا يستنبط منها نحو ما يفعله المستقل بنصوص الشارع وربما مر به الحكم وقد ذكره إمامه بدليله، فيكتفي بذلك فيه، ولا يبحث هل لذلك الدليل من معارض؟ ولا يستوفي النظر في شروطه كما يفعله المستقل.
3 -
أن لا يبلغ رتبة أئمة المذهب أصحاب الوجوه والطرق، غير أنه فقيه النفس حافظ لمذهب إمامه عارف بأدلته قائم بتقريرها وبنصرته يصور ويحرر ويرجح
…
ولكنه قصر عن درجة أولئك إما لكونه لم يبلغ في حفظ المذهب مبلغهم، وإمَّا لكونه لم يرتض في التخريج والاستنباط كارتياضهم، وإمّا لكونه غير متبحر في علوم أصول الفقه على أنه لا يخلو مثله من ضمن ما يحفظه من الفقه ويعرفه من أدائه على أطراف من قواعد أصول الفقه، وإمَّا لكونه مقصرًا في غير ذلك من العلوم التي هي أدوات الاجتهاد والحاصلف لأصحاب الوجوه والطرق.
4 -
أن يقوم بحفظ المذهب ونقله، وفهمه واضحات المسائل ومشكلاتها غير ان عنده ضعفًا في قترير أدلته وتحرير أقيسته فهذا يعتمد نقله وفتواه فيما يحكيه من مسطورات مذهبه من منصوصات إمامه وتفريعات أصحاب المجتهدين في مذهبه وتخريجاتهم.
انظر تفصيلات ذلك: «الرد على من أخلد إلى الأرض» (ص97)، «تبصرة الحكام» (ص516)«إعلام الموقعين» (4/ 212 - 213)، «الكوكب المنير» (4/ 551 - 560).
فأجبت بما لفظه:
أقول: وجه ذلك أن صدور مثل هذا القول ممن الحاكم أو المفتي الذي يعقل حجج الله - سبحانه -، ويعرف ما تقوم به الحجة على العباد في الصوم والإفطار يدل على أنه قد صح عنده مستندٌ شرعي من المستندات المعتبرة، فكأنه أخبر بوجود ذلك المستند وصحته وكلامه دليلٌ على نفس السبب الشرعي، وإن لم يكن سببًا في نفسه. وبهذا تعرف أنه لا وجه لما وقع من العلامة الجلال- رحمه الله في ضوء النهار (1) أن ذلك من تقليد المعين (2)، فليس هذا من التقليد في شيء، لأن القول هو قبول رأي الغير لا قبول روايته،
(1)(2/ 415).
(2)
تقدم تعريفه.
وهذا من قبول الرواية الكاشفة عن وجود السبب، وليس للمفتي في هذا رأي (1)، لأه استفراغ الوسع في استنباط حكم شرعي. وأين هذا ممن ذاك!؟ فجعله من باب التقليد للمعين (2) وهم لا شك فيه، وهكذا اعتراضه رحمه الله بأنه لم يقم دليل على هذا بأنه سبب شرعي، فإن ذلك غير وارد، لأنه لم يقل صاحب الأزهار (3) بأنه سبب، ولا قال
(1) انظر: «أدب المفتي والمستفتي» (ص23).
(2)
قال الأمير الصنعاني في «منحة الغفار على ضوء النهار» (2/ 416): قوله: وإنه تقليد لمعين، أقول: فيه إبانة أن المراد بالمفتي في عبارة المصنف المجتهد، وقد صرح ابن بهران بانهالمراد وهو مقتضى الأصول، ولأنه الذي يصح عنده، وأمَّا المقلد فبمعزل عن أن يصح عغنده إذ لا عند له إذ الذي يصح عنده وله هو التابع للدليل، ولأنه مقتضى قول المصنف في المقدمة ويكفي المغرب انتصابه للفتيا في بلد شوكته لإمام حق فإنه جعل ذلك أي الانتصاب للفتاي كاف في معرفة كونه مجتهدًا فأفاد أنه لا يرد بمقت إلا المجتهد فقوله عرف مذهبه أي ما يذهب إليه في اجتهاده إلا أن ههنا بحثًا وهو أن العامل بقوله صح عندي لا يخلو ما أن يكون مجتهدًا، وهو لا يجوز له التقليد فيتعين أن العامل لا يكون مقلدًا والمقلد لا يلزمه معرفة ما يذهب إليه المجتهد، وهو لا يجوز له التقليد فيتعين أن العامل لا يكون مقلدًا والمقلد لا يلزمه معرفة ما يذهب إليه المجتهد، إنما يكفيه مجتهدًا عدلًا لا غير فالموافقة من طرف المقلد غير ملاحظة لعدم الدليل على اشتراطهما وتمثيل الشارح بخبر الواحد إن أراد أن مذهب المستفتي أي ما يذهب إليه من يقلده من المجتهدين في غير هذه المسألة لا يقبل الواحد في الرؤية والقايل صح عندي يقبل الواحد فذلك لا يصح إلا في حق الملتزم لا المقلد للمجتهدين فقد تقدم في شرح المقدمة أنه لا خلاف في جواز تقليد أئمة مختلفين إلاما استثنى هنالك وإذا عرفت أن اتباع قول المفتي تقليد فإنه يحرم على المجتهد العمل به لما سبق من حرمة التقليد على المجتهد، قال ابن بهران ظاهر المذهب أنه لابد أن يقول المفتي صح لي أو صح عندي فأما لو قال رأيت الهلال فإنه لا يجوز أن يعمل بقوله،
وحده قيل وفيه نظر وهو ظاهر اهـ.
ثم قال الأمير الصنعاني: واعلم أن في هذه الأزمنة التي عرفناها تقاصرت الهمم فولي القضاء والقتيا مقلدون منادون على أنفسهم أنهم ليسوا من أهل الاجتهاد في ورد ولا صدر وصاروا في مسألة الهلال يقولون صح عندي ويفطر الناس بأقوالهم وينقولن في الشهادة مجاهيل غير معروفي العدالة مع عزة شروطها وكوهم مقررين في أنه لا يقبل المجهول في رواية ولا شهادة لأن الأصل الفسق فلا بد من تحقق خلافه ثم يوجهون سهام الملام إلى من توقف على قاعدة الشريعة فإنا لله وإنا إليه راجعون، وقياس ما ذكرناه يحرم العمل بقول المقلد صح عندي.
(3)
الإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى الحسني وقد تقدمت ترجمته.
قال الأمير الصنعاني في «منحة الغفار» (2/): قال المؤيد لو قال رجل كبير من العلماء قد صح عندي رؤية الهلال يجوز العمل على قوله، قال وهكذا الحاكم وهو أولى من قول المفتي فقيل يحمل الجواز على ظاهره وقيل أراد به الوجوب قال المصنف: الأولى أن يقال أراد بالجواز الصحة بمعنى أن يصح الأخذ بقوله في هذه الصورة وإذا صح وجب.
بذلك غيره، بل هو خبرٌ يدل على وجود السبب الحقيقي، وهو ظهور الهلال (1)، أو كمال (2) العدة، مع أن شهادة الشهود على الرؤية للهلال منهم أو كمال العدة، وتسمية ذلك شهادة في كلام الشارع وكلام الفقهاء إنما هو باعتبار ما يكثر في لسان أهل اللغة (3) والشرع مر إطلاق الخبر على الشهادة، والشهادة على الخبر، بل لم يرد دليل يدل على أن في الشهادة أمرًا زائدًا على الخبر [1ب]، بل هي الخبر (4) من الشاهدين بكذا، سواء
(1) سيأتي تخريج الحديث.
(2)
سيأتي تخريج الحديث.
(3)
قال الجوهري في «الصحاح» (2/ 494): الشهادة خير قاطع والشاهد حامل الشهادة ومؤديها لأنه مشاهد لما غاب عن غيره قيل هي مأخوذة من الإعلام من قوله تعالى: {شهد الله أنه لا إله إلا هو} [آل عمران: 18]. أي: علم. وانظر: «لسان العرب» (7/ 223).
(4)
عن ابن عمر رضي الله عنه قال: تراءى الناس الهلال، فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أني رأيته، فصام، وأمر الناس بصيامه.
[أخرجه أبو داود رقم (2342) والحاكم (1/ 423) وابن حبان في صحيحه رقم (3447) وغيرهم وهو حديث صحيح].
قال ابن قدامة في «المغني» (4/ 418): ولأنه خير عن وقت الفريضة فيما طريقة المشاهدة، فقبل من واحد، كالخبر بدخول وقت الصلاة، ولأنه خبر ديني يشترك في المخبر والمخبر، فقبل من واحد عدل، كالرواية.
وأخرج النسائي في «السنن» (4/ 132 رقم 2116) عن عبد الرحمن بن زيد أنه قال: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غمَّ عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يومًا، إلا أن يشهد شاهدان».
قال ابن قدامة في «المغني» (4/ 419): وجملة ذلك أنه لا يقبل في هلال شوال إلا شهادة اثنين عدلين في قول الفقهاء جميعهم اهـ وقيل لأنه خروج من العبادة.
قالا نشهد أو اقتصروا على مجرد الخبر، فإن الشاهد الذي شاهد الهلال إذا قال: رأيت الهلال لم يبق ما يقتضي إتيانه بلفظ الشهادة (1)، لا في هذا الذي ورد السؤال عنه، ولا في غيره. وقد يبعد هذا عن ذهن من لم يشتغل حق الاشتغال بعلوم الاجتهاد.
وإذا عرفت هذا، وتقرَّر لك أن السبب الشرعي هو نفس طلوع الهلال، أو كمال العدة كما في قول الصادق المصدوق صلى الله عليه وآله وسلم:«صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا العدة» (2) فظهور الهلال هو سبب إيجاب الصيام (3)
(1) قال الأمير الصنعاني في «منحة الغفار على ضوء النهار (2/ 417): «قوله: بناء على أنه خبر لا شهدة، أقول: إن كان تعليلاً لقبول العدلتين فالخبر تقبل فيه العدلة ولذا قبلت أخبار أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في الأحكام فلا وجه لاشتراط الاثنين. وإن كان تعليلاً لقولهم خبر وأنه لم يشترط لفظ الشهادة فلا حاجة إلى اشتراط العدلين لأن الخبر العدل مقبول.
وبالجملة أنه جعل الإعلام بالشهادة خبرًا فلا وجه لاشتراط العدد في ذكر ولا أنثى، وقد أشار إليه الشارح آخرًا وإن كان شهادة فلابد من لفظها عند المصنف، وعدم قبول خبر الاثنين في قوله صلى الله عليه وسلم خبر الواحد ما يدل على أنه خبر، وأ/ا حديث النسائي -تقدم-.
وفيه فإن غمّ عليكم فأتموا ثلاثين فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا. وحديث أبي داود «عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننسك لرؤيته فإن لم نره وشهد شاهدا عدل نسكنا بشهادتهما وهما دليل اشتراط العدلين فلا يعارض مفهومها العمل بخبر الواحد فإنه أصرح من المفهوم
…
».
(2)
أخرجه البخاري رقم (1907) ومسلم رقم (1080) من حديث ابن عمر رضي الله عنه.
وأخرج البخاري رقم (1900) من حديث ابن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غمَّ عليكم فاقدروا له» .
(3)
السبب: قال الجوهري في «الصحاح» (1/ 145) السبب: ما توصل به إلى غيره، وقال السبب الحبل، وكل شيء يتوصل به إلى أمر من الأمور».
وقال الشوكاني في «إرشاد الفحول» (ص61 - 62) السبب: هو جعل وصف ظاهر منضبط مناطًا لوجود حكم أي يستلزم وجوده وبيانه أن الله سبحانه في الزاني مثلًا حكمين أحدهما تكليفي وهو وجود الحد عليه، والثاني وضعي وهو جعل الزاني سببًا لوجوب الحدِّ لأن الزاني لا يوجب الحد بعينه وذاته بل بجعل الشرع. انظر:«الإحكام للآمدي»
(1/ 127). قال الزركشي في «البحر المحيط» (1/ 306) السبب ينقسم إلى ما يتكرر الحكم بتكرره كالدلوك للصلاة، ورؤية الهلال في رمضان لوجوب الصوم وكالنصاب للزكاة.
وما لا يتكرر بتكرره كوجوب معرفة الله عند تكرر الأدلة الدالة على وجوده ووجوب الحج عند تكرر الاستطاعة عند من يجعلها سببًا. -
ولتعلم أن السبب يوجد الحكم عنده لا به وهو الذي يضاف إليه الحكم قال تعالى: {أقم الصلاة لدلوك الشمس} [الأسراء: 78]. أي إن السبب لا يكون سببًا إلا بجعل الشارع له سببًا، لأنه وضعه علامة على الحكم التكليفي، والتكليف من الله تعالى الذي يكلف المرء بالحكم ويضع السبب الذي يرتبط به الحكم، وهذه الأسباب ليست مؤثرة بذاتها في وجود الأحكام، بل هي علامة وأمارة لظهورها ووجودها ومعرفة لها عند جمهور العلماء.
انظر: «الكوكب المنير» (1/ 446) و «الموافقات» (1/ 129)، «الإحكام» للآمدي (1/ 128).
ونفس مشاهدته، أو الشهادة عليه، إنما هي خبرٌ عن وجود السبب لا أنها نفس السبب.
فقوله المفتي: صح عندي هو إخبار عن وجود السبب بواسطة من شهد له به بالرؤية، فالشهادة إخبار عن السبب بلا واسطة.
وقول المفتي: إخبار عن السبب بواسطة الشهادة، أو كمال العدة، وهي لا يكون إلا عن السبب الحقيقي، وهو انقضاء العدة من عند الرؤية المتقدمة. فاعرف هذا. والعلم لله وحده.