المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القاعدة السادسة والأربعون: يجزئ فعل غير المكلف عن المكلف في صور - القواعد والضوابط الفقهية المتضمنة للتيسير - جـ ٢

[عبد الرحمن بن صالح العبد اللطيف]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌القسم الأول: القواعد

- ‌القاعدة الثالثة والأربعون: النفل أوسع من الفرض

- ‌القاعدة الرابعة والأربعون: نية الأداء تنوب عن نية القضاء، وعكسه

- ‌القاعدة السادسة والأربعون: يجزئ فعل غير المكلف عن المكلف في صور

- ‌القاعدة السابعة والأربعون: يجوز تصرف الآحاد في الأموال العامة عند تعذر قيام الأئمة بذلك

- ‌القاعدة الثامنة والأربعون: يعمل بالقرعة عند تساوي الحقوق

- ‌القاعدة الثانية والخمسون: يقدم النادر على الغالب أحياناً، وقد يلغيان معاً

- ‌القاعدة الثالثة والخمسون: يقوم البدل مقام المبدل منه إذا تعذر المبدل منه

- ‌القاعدة الرابعة والخمسون: ينزَّل غالب الظن منزلة اليقين

- ‌القاعدة الخامسة والخمسون: ينزّل المجهول منزلة المعدوم وإن كان الأصل بقاؤه إذا يُئس من الوقوف عليه أو شق اعتباره

- ‌القاعدة السادسة والخمسون: اليقين لا يزول بالشك

- ‌القسم الثاني: الضوابط

- ‌الضابط الأول: الحدود تسقط بالشبهات

- ‌الضابط الثاني: الشبهة تسقط الكفارة

- ‌الضابط الثالث: لا تجب الإعارة إلا حيث تعينت لدفع مفسدة

- ‌الضابط الرابع: لا تصح الوصية بكل المال إلا في صور

- ‌الضابط الخامس: لا رابطة بين الإمام والمأموم وكل منهما يصلي لنفسه

- ‌الضابط السابع: لا يتوقف الملك في العقود القهرية الاضطرارية على دفع الثمن بل يقع العقد ويكون الثمن مضموناً في الذمة

- ‌الضابط الثامن: لا يجب في عين واحد زكاتان إلا في مسائل

- ‌الضابط التاسع: اللهو واللعب عند الشافعي على الإباحة، وعند مالك على التحريم

- ‌الضابط العاشرة: ليس للنجاسة في الباطن حكم النجاسة

- ‌الضابط الحادي عشرة: من استحق القصاص فعفا عنه إلى بدل فهو له إلا في صور

- ‌الضابط الثاني عشرة: يجبر أحد المشركين على موافقة الآخر إذا كانا محتاجين على رفع مضرّة أو إبقاء منفعة

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌القاعدة السادسة والأربعون: يجزئ فعل غير المكلف عن المكلف في صور

‌القاعدة السادسة والأربعون: يجزئ فعل غير المكلف عن المكلف في صور

. ((صياغة))

أورد القرافي معنى هذه القاعدة عند بيانه الفرق بين قاعدة ما يجزئ فيه فعل غير المكلف عن المكلف وبين مالا يجزئ1.

وأشار إليها المقري بعد أن بين أن ((الأصل في العبادات أن لا تُتَحمل)) 2 وألمح إليها الحصيري، وابن رجب، وابن سعدي عند بيانهم حكم من أدى عن غيره واجبا من حيث الرجوع عليه بما أداه عنه أو عدمه3.

معاني المفردات:

المكلّف: اسم مفعول من كلفه أي أمره بما يشق عليه4.

1 انظر: الفروق 3/185.

2 انظر: قواعد المقري 2/543.

3 انظر: القواعد والضوابط المستخلصة من التحرير ص145، وانظر: القاعدتين رقمي 227-229، وقواعد ابن رجب ص137-142، والقواعد والأصول الجامعة ص77، ورسالة القواعد الفقهية لابن سعدي ص50.

4 انظر: الصحاح 4/1424 (كلف) .

ص: 563

وفي الاصطلاح: هو من أُلْزِم بمقتضى خطاب الشرع. فقد عرف الأصوليون التكليف بأنه إلزام مقتضى خطاب الشرع1.

المعنى الإجمالي:

المراد بهذه القاعدة أنه يمكن أن يقوم في بعض الصور من لم يؤمر بفعل ما بالأداء عمن أمر به ووجب عليه وأمر به ومُخرجا له عن عهدة التكليف.

فيكون المراد بغير المكلف هنا من لم يجب عليه ذلك العمل المعين لامن سقط عنه التكليف أصلا لصغر أو جنون أو نحوهما.

وأكثر ما يكون ذلك في الحقوق المالية التي لا تفتقر إلى نية2، وأجازه الجمهور في الحج من العبادات3.

وتعم هذه القاعدة الأحياء والأموات؛ لأن الميت قد يتعلق بذمته حال حياته واجب، ثم يموت قبل أدائه فيؤديه عنه ورثته

1 انظر: شرح الكوكب المنير 1/483.

2 راجع في هذا ص 203.

3 انظر: الفروق 3/185، وكتاب الأمنية في إدراك النية ص27، وفتح الباري 4/83، وشرح صحيح مسلم 9/97، ونيل الأوطار 5/9.

ص: 564

أو غيرهم تبرعا.

ولا شك أنه إذا جاز ذلك تبرعا جاز من باب أولى إذا وصى المكلف به، أو وكل غيره1.

أما مسألة العمل للميت ووصول الثواب إليه فمسألة أخرى لها حكمها المستقل؛ لأن المراد بها العمل عنه على سبيل إهداء الثواب لا على سبيل إبراء الذمة2.

الأدلة:

يدل لهذه القاعدة ما يلي:

أولا: حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: "جاءت امرأة من خثعم فقالت: يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: "نعم". وذلك في حجة الوداع"3 قال ابن حجر: "وفي هذا الحديث من الفوائد جواز الحج عن الغير"4.

1 تقدمت قاعدة في هذا المعنى وهي: ((من صحت منه مباشرة الشيء صح توكيله فيه)) .

2 انظر في هذه المسألة مقدمة شرح صحيح مسلم 1/89-90، 7/89، 8/26، وفتح الباري 4/228، ونيل الأوطار 4/140-144.

3 تقدم تخريجه ص 477.

4 فتح الباري 4/82.

ص: 565

ثانيا: الحديث الآخر الذي رواه ابن عباس رضي الله عنه وفيه: "

أرأيت لو كان على أمك دَين أكنت قاضيه؟ اقضوا الله، فالله أحق بالقضاء" 1. فقياسه صلى الله عليه وسلم حكم قضاء الحج عن الميت على قضاء الدين عنه دليل على صحة قضاء الدين عنه وإجزاء ذلك.

قال الشوكاني: "وفيه تشبيه ما اختلف فيه وأشكل بما اتفق عليه"2.

ثالثا: حديث عائشة رضي الله عنه وفيه: "

قالت: فدُخِل علينا يوم النحر بلحم بقر فقلت: ما هذا؟ قال: نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أزواجه"3، وقد ترجم البخاري لهذا الحديث بقوله:

1 أخرجه الإمام البخاري، وروى مسلم نحوه في الصوم. صحيح البخاري مع الفتح 4/77 (جزاء الصيد/الحج والنذور عن الميت

) وقد روى الإمام مسلم نحوه في الصوم. انظر: صحيح مسلم مع النووي 8/23 (الصيام/قضاء الصوم عن الميت) .

2 نيل الأوطار 5/10.

3 متفق عليه، واللفظ للبخاري. صحيح البخاري مع الفتح 3/643-644 (الحج/ذبح الرجل البقر عن نسائه من غير أمرهن) ، وصحيح مسلم مع النووي 8/147-148 (الحج/مذاهب العلماء في تحلل المعتمر المتمتع) .

ص: 566

"باب ذبح الرجل البقر عن نسائه من غير أمرهن".

قال الحافظ ابن حجر: "وأما قوله: "نت غير أمرهن" فأخذه من استفهام عائشة عن اللحم لما دخل به عليها ولو كان ذبحه بعلمها لم تحتج إلى الاستفهام"1.

وقال: "واستدل به على أن الإنسان قد يلحقه من عمل غيره ما عمله عنه بغير أمره ولا علمه، وتُعُقِّب باحتمال الاستئذان"2.

رابعا: حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: "بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر على الصدقة فقيل: منع ابن جميل3 وخالد بن الوليد4، والعباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيرا فأغناه الله، وأما خالد فإنكم

1 فتح الباري 3/644.

2 المرجع السابق 3/645.

3 قال الحافظ ابن حجر: "لم أقف على اسمه في كتب الحديث، ونقل عن بعضهم أن اسمه عبد الله، وعن البعض أن اسمه حميدا. قال: "وقول الأكثر أنه كان أنصاريا، وقيل: إنه كان منافقا ثم تاب" وذكره ابن الأثير بكنيته ولم يزد في ترجمته على ذكر هذا الحديث المتعلق به. انظر: فتح الباري 3/390، وأسد الغابة 5/325.

4 هو: خالد بن الوليد بن المغيرة القرشي المخزومي رضي الله عنه، يكنى أبا سليمان، وقيل أبا الوليد، شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة، توفي سنة 21هـ في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. انظر: أسد الغابة 2/93-99، والإصابة 2/251.

ص: 567

تظلمون خالدا قد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله، وأما العباس فهي عليَّ ومثلها معها"، ثم قال: "يا عمر: أما شعرت أن عمّ الرجل صنو أبيه"1.

وقد تأول بعض العلماء قوله صلى الله عليه وسلم: "فهي عليّ ومثلها" بأنه صلى الله عليه وسلم تسلف منه زكاة عامين، أو غيره من الأوجه إحسانا للظن بالصحابة الكرام واستبعادا لأن يمنع العباس أو غيره من الصحابة رضوان الله عليهم الزكاة الواجبة2.

إلا أنه يمكن أن يؤخذ منه بوجه من الوجوه صحة أداء الزكاة عن الغير إذا لم يكن من وجبت عليه جاحدا لوجوبها.

1 متفق عليه، واللفظ لمسلم، ولفظ البخاري:"فهي عليه صدقة ومثلها معها". صحيح البخاري مع الفتح 3/388 (الزكاة/قول الله تعالى: {وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} التوبة (60) ، وصحيح مسلم مع النووي 7/56 (الزكاة/تقديم الزكاة ومنعها) .

2 انظر: فتح الباري 3/391، وشرح صحيح مسلم 7/57، ونيل الأوطار 4/214.

ص: 568

قال النووي: "وقال الذين لا يجيزون تعجيل الزكاة: معناه أنا أؤديها عنه"1.

وقال ابن حجر: "ودلت رواية مسلم على أنه صلى الله عليه وسلم التزم بإخراج ذلك عنه لقوله "فهي عليّ"2.

خامسا: استدل المقري على صحة الأداء عن الغير بحديث: "أدوا صدقة الفطر عمن تمونون"3.

1 شرح مسلم 7/57.

2 فتح الباري 3/391، وانظر شرح ابن القيم لسنن أبي داود المطبوع مع عون المعبود 5/19.

3 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 4/161 (الزكاة/زكاة الفطر عن نفسه وغيره) ، والدارقطني في سننه 2/141 (كتاب زكاة الفطر) ، وقد ضعف هذا الحديث الحافظ ابن حجر في التلخيص 2/183، وقال الشيخ الألباني في إرواء الغليل 3/319-320:"إنه يرتقي بما يعضده إلى درجة الحسن. ومعنى هذا الحديث وارد في صحيح مسلم (الزكاة/زكاة الفطر) فيما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "كنا نُخْرج إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر عن كل صغير وكبير حر أو مملوك صاعا من طعام أو صاعا من أقط

" الحديث.

قال النووي: "فيه دليل على وجوبها على السيد عن عبده لا على العبد عن نفسه. وقال بعضهم: بل تجب عليه" انظر: صحيح مسلم مع النووي 7/62-63 (الزكاة/زكاة الفطر) . وانظر تفصيل القول فيمن تجب عليه زكاة الفطر عن العبد والصغير في شرح صحيح مسلم 7/62-63، وفتح الباري 3/432-434.

ص: 569

ومما يدل على صحة هذه القاعدة في حق الميت ما يلي:

1-

الحديث المتقدم في الحج عن الميت1.

2-

حديث: "من مات وعليه صوم صام عنه وليه"2.

3-

ما روي: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتي بجنازة ليصلي عليها، فقال: "هل عليه من دين؟ " قالوا: لا، فصلى عليه، ثم أتي بجنازة أخرى، فقال: "هل عليه من دين؟ " قالوا: نعم، قال: "فصلوا على صاحبكم". قال أبو قتادة3: عليَّ دينه يا رسول

1 انظر: قواعد المقري 2/543.

2 متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها. صحيح البخاري مع الفتح 4/226 (الصوم/من مات وعليه صوم) ، وصحيح مسلم مع النووي 8/23 (الصيام/قضاء الصوم عن الميت) وانظر أقوال العلماء في المراد بهذا الحديث في فتح الباري 4/228، ونيل الأوطار 4/320-321.

3 هو: الحارث بن ربعي الأنصاري الخزرجي رضي الله عته، وقيل، اسمه النعمان، شهد أحدا وما بعدها، واختلف في شهوده بدرا، اختلف في تاريخ وفاته فقيل: سنة 40هـ، وقيل: غيره. انظر: أسد الغابة 5/274-275، والإصابة 1/572.

ص: 570

الله فصلى عليه"1.

العمل بالقاعدة:

قسم القرافي الأفعال المأمور بها إلى ثلاثة أقسام:

قسم اتفق الناس على صحة فعل غير المأمور به عن المأمور وذلك كدفع المغصوب للمغصوب منه وإن لم يشعر الغاصب فإن ذلك يسد المسد ويزيل التكليف، ودفع النفقات للزوجات والأقارب والدواب فإن دفعها غير من وجب عليه لمن وجبت له أجزأت وإن لم يشعر المأمور بها من زوج أو قريب، وكذلك دفع اللقطة لمستحقها وإن لم يشعر ملتقطها وهذا النحو.

وقسم اتفق الناس على عدم إجزاء فعل غير المأمور به وهو الإيمان والتوحيد والإجلال والتعظيم لله سبحانه وتعالى، ونَقَل حكاية الإجماع على ذلك في الصلاة أيضا، ثم نقل فيه خلافا عن بعض الشافعية.

وقسم مختلف فيه هل يجزئ فعل غير المأمور عن المأمور ويسد المسد أم لا؟ وذكر من ذلك الزكاة، والحج عن الغير والصوم

1 أخرجه الإمام البخاري. صحيح البخاري مع الفتح 4/554 (الكفالة/من تكفل عن ميت دينا فليس له أن يرجع) .

ص: 571

عن الميت وعتق الإنسان عن غيره1.

وقد أورد الفقهاء ما يدل على صحة التبرع بالأداء ممن لم يجب ذلك الحق عليه عمن وجب الحق عليه وخاصة في الحقوق المالية، وما يدل على براءة الذمة من الحق المالي بوصوله إلى صاحبه بأي طريق، قال المرغيناني:"ومن ضمن عن آخر خراجه ونوائبه وقسمته فهو جائز"2 وجاء في حاشية رد المحتار: "أن الردّ - أي رد المغصوب- يشمل الرد حكما، فلو وضَع الغاصبُ المغصوب بين يدي ماله برئ"3.

قال الخرشي: "وصح -أي الضمان- من أهل التبرع"4، وقال:":إن من غصب طعام فقدمه لربه ضيافة فأكله فإن الغاصب يبرأ من ذلك وسواء علم مالكه أنه له أم لا"5 فدل على أن الغاصب يبرأ إذا وصل المغصوب إلى مالكه من أي طريق.

وقال الشيرازي من الشافعية: "إذا قضى الضامن الدين عن

1 انظر: الفروق 3/185-188.

2 الهداية 3/105.

3 انظر حاشية رد المحتار 6/182.

4 الخرشي مع حاشية العدوي 6/22.

5 المرجع السابق 6/141.

ص: 572

المدين وقد كان ضمن بغير إذنه وقضى بغير إذنه لم يرجع، لأنه تبرع بالقضاء"1.

وقال ابن قدامة: "فأما إن قضى الدين متبرعا به غير ناو للرجوع به فلا يرجع بشيء؛ لأنه تطوع بذلك فأشبه الصدقة"2، وبين أن مذهب الجمهور اشتراط النية لأداء الزكاة، ثم بين الفرق بينها وبين قضاء الدين بأن قضاء الدين ليس بعبادة3.

وقال ابن تيمية: "وتبرأ ذمة كل غاصب يوصل المال إلى مستحقه ولو كان بغير فعل الغاصب"4.

مما تقدم من النقول يظهر أن جمهور الفقهاء من المذاهب الأربعة على أنه يسقط الدين بأداء المتبرع وإن لم يعلم المدين، وكذلك ما في حكم الدين من رد المغصوب واللقطة، ونحوهما.

وهذه النقول وإن كان بعضها منصبا على مسألة رجوع المتبرع على المدين ونحوه يفهم منها صحة الأداء عن الغير من حيث الجملة.

1 انظر: المهذب 1/342.

2 انظر: المغني 7/89.

3 انظر: المرجع السابق 4/71، 88.

4 انظر: مجموع الفتاوى 31/330.

ص: 573

وإنما اختلفوا في تطبيقها على الزكاة ونحوها للاختلاف في اشتراط النية أو عدمه، والله أعلم.

من فروع القاعدة:

1-

رد المغصوب فإنه يحصل عند الأكثرين بوصوله إلى المغصوب منه بأي طريق كما تقدم. وأكثر الفقهاء لا يصرحون بحكم رد المغصوب من قبل شخص آخر غير الغاصب إلا أن ذلك يدخل في عموم صورة المسألة1.

2-

وكذا الضمان وردّ الدين وما في معناها2.

وجه التيسير:

يتضح التيسير في هذه القاعدة إذا علمنا أنها استثناه من قوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلاّ مَا سَعَى} 3، وأن الأصل في العبادة أن لا تتحمل4.

1 انظر: حاشية رد المحتار 6/182، وشرح الخرشي 6/141، والتنبيه ص116، والمغني 7/419.

2 انظر: تفصيل المسألة في الهداية 3/105، والقوانين الفقهية ص 278-279، التنبيه ص 106-107، والمغني 7/72.

3 النجم (39) .

4 قواعد المقري 2/543.

ص: 574

قال ابن العربي: "حديث الخثعمية أصل متفق عليه خارج عن القاعدة المعهودة في الشريعة أي أنه ليس للإنسان إلا ماسعى؛ رفقا من الله في استدراك ما فرط فيه المرء بولد"1.

فإن الإنسان قد يعرض له ما يجعل القيام بالأمر الشرعي شاقا عليه مشقة لا تسقط التكليف عنه أو يكون فيه من الصفات مالا يقدر على التخلص منه إلا بمشقة كالشح بالمال فيسر الله تعالى عليه بأن جعل الأداء عنه ممكنا من غيره في بعض الأحوال وجعل ذلك مجزئا عنه ومبرئا لذمته، والله أعلم.

1 عارضة الأحوذي 4/158، وانظر: فتح الباري 4/84، والجامع لأحكام القرآن 4/151، 17/114.

ص: 575