الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الخامس: بيان أسباب التحريف في الكتب المقدسة السابقة
نعلم الآن بأن هذه الحروف قد حملت في طياتها مانِعاً أصيلاً من موانع التحريف، وهو إعجاز المبلّغين عن التصرف في لفظهِ وكتابتهِ، قياساً على ما حصل للكتب المقدسة السابقة، فمنعت أسباب التحريف الأساسية، والتي قامت عليها كل الأسباب الظاهرة الجلية. ولبيان بعض الأسباب لحفظ القرآن المتمثلة في الدلالات والإشارات الواردة في فواتح السور، وما فيها من إعجاز لحفظ القرآن، باتباع الأسس المدلول عليها في حروف الفواتح، لضمان عدم التغيير في المكتوب، كما هو الإعجاز في النظم أيضاً لضمان عدم التغيير في المعاني، يلزمنا أن نُفصّل في أسباب التحريف للكتب المقدسة السابقة بعد تتبعها وتنقيحها بناءً على ما جاء في كتبهم من تناقض، وما ذكره القرآن كأسباب للتحريف، لنعلم أن الحروف ما جاءت إلا لمنع الأسباب الرئيسية للتحريف.
ومجمل الأسباب بشكل عام ينقسم إلى قسمين، أسباب خفية (أساسية) وأسباب جلية (فرعية).
الباب الأول: الأسباب الخفية للتحريف (الأسباب الأساسية)
وهي الأسباب الرئيسية التي نتجت عنها كل الأسباب الظاهرة لنا في التحريف، وكانت المسوغ الأساسي لبدء التحريف بتغيير كلام الله والاستمرار به أيضاً وهي:
أولاً: الترجمة الحرفية لكلمات الكتب المقدسة
كما في العهد الجديد (الإنجيل) باللغة اليونانية (وهي لغة العلم في ذلك الزمان)، وما نتج عنه من تناقض مع غيره من الكتب باللغة العبرية أو السريانية الآرامية، حتى تم ترجيح المعاني الواردة في اللغة اليونانية على غيرها لأنها أدق وأقدم تاريخياً! ومن ذلك الخلاف بين بعض المسلمين واهل
الإنجيل على كلمة"البارقليط" أو "المعزّي" أو "روح الحق" الواردة في إنجيل يوحنا (الإصحاح 15 فقرة 26)"ومتى جاء المعزّي الذي سأرسله أنا إليكم من الأب روح الحق الذي من عند الأب ينبثق فهو يشهد لي" وبعدها بقليل بيانا لبشارة المعزّي (الإصحاح 16 فقرة 13)"وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بامور آتية" وفي ذلك يقول الدكتور منقذ السقار: "هو بشارة من المسيح بنبينا صلى الله عليه وسلم، وذلك يظهر من أمور: منها أن لفظة "المعزي" لفظة حديثة استبدلتها التراجم الجديدة للعهد الجديد، فيما كانت التراجم العربية القديمة (1820م، 1831م، 1844م) تضع الكلمة اليونانية (البارقليط) كما هي، وهو ما تصنعه كثير من التراجم العالمية. وفي تفسير كلمة "بارقليط" اليوناني نقول: إن هذا اللفظ اليوناني الأصل، لا يخلو من أحد حالين، الأول أنه "باراكلي توس"، فيكون حسب قول النصارى بمعنى: المعزي والمعين والوكيل. والثاني أنه "بيروكلوتوس"، فيكون قريباً من معنى: محمد وأحمد. ويقول أسقف بني سويف الأنبا أثناسيوس في تفسيره لإنجيل يوحنا: "إن لفظ بارقليط إذا حرف نطقه قليلاً يصير "بيركليت"، ومعناه: الحمد أو الشكر، وهو قريب من لفظ أحمد." (1) وهي بلا شك كانت تكتب قديماً باللفظ الأصلي فقط "البارقليط" أو "الفارقليط" من غير ترجمة، إذ نقل الكثير من العلماء والمؤرخين هذه النصوص من الكتاب المقدس عن ترجمات تعود لمئات السنين، (2) ويقول الدكتور عبد الرحمن السليمان أستاذ علم اللغات ومقارنتها: "كلمة "الباراقليط" الموجودة في الأصل اليوناني لإنجيل القديس يوحنا هي: Parakletos ••••••••• ، وهي كلمة مركبة من: •••• ومعناها "إلى جانب"، و••••••: وهي صفة غالبة مشتقة من الفعل ••• ومعناه "ساعد، آزر، دعا، عزَّى، شجَّعَ". وعليه فإن معناها
(1) هل بشَّر الكتاب المقدس بمحمّد صلى الله عليه وسلم ص82
(2)
كالماوردي (1058 - 974م) في النكت والعيون (268/ 2) والفخر الرازي (1210 - 1150م) في مفاتيح الغيب (36/ 3) وأبو حيّان الأندلسي (1344 - 1256م) في تفسير البحر المحيط (327/ 4) والبقاعي (1480 - 1406م) في نظم الدرر (351/ 2) وغيرهم
الحرفي يكون: "المساعد، المؤازر، الداعي، المعزي، المشجع". وقد أصبح هذا الفعل في اليونانية الحديثة كما يلي • • • • • • • • = paregoro أما المعزي فصار فيها • • • • • • • • • • = paregoros. والطريف في الموضوع أن هذه الكلمة اليونانية دخيلة في العبرية وتعني فيها "محامٍ"(• • • • • • = باراقليط "محامٍ"؛ • • • • • • • = باراقليطوت "محاماة". وهنالك كلمة يونانية ثانية هي: • • • • • • • • • Pariklytos ومعناها "الإنسان الحميد/المحمود" إذاً عندنا كلمتان متشابهتان جداً في اللفظ: "الباراقليطوس" (بفتح الراء وإمالة اللام) المثبتة في الأصل اليوناني لإنجيل القديس يوحنا ( Parakletos=) وتعني "المعزي"، و"البارِقليطوس" (بكسر الراء) التي تفيد معنى "الحمد" ولكنها غير موجودة في الأصل اليوناني لإنجيل القديس يوحنا ( Pariklytos=) وواضح من رسم الكلمتين ونطقهما أنهما متشابهتان تشابهاً يجعل التصحيف (أقول التصحيف) أمراً وارداً." ويقول بعدها:"والتصحيف وارد جداً سواء أكان في النقل أو في الترجمة. ومن يعرف مشاكل نصوص الكتب المقدسة التي تناهت إلينا بلغات ميتة كالعبرية والآرامية واليونانية القديمة والأبستاقية والسانسكريتية، يعي الأمر أكثر من غيره."(1) واقول: قد رأيت هذه الكلمة (باراكليت) مثبتة في حاشية الترجمة العربية لنسخة قديمة من الكتاب المقدس بدلاً من المعزي، ولست أستشهد هنا بكلام أحد لإثبات التحريف في كلمة ما، بقدر ما أستشهد لبيان حقيقةٍ ظاهرة وسبب من أسباب الطعن الرئيسة في الكتب المقدسة القديمة، فقد تمت ترجمة الإنجيل من لغته الأصلية (العبرية) إلى اللغة اليونانية القديمة وهذا معلوم علم اليقين، كما هو معلوم أن إحدى هذه اللغات تنتمي لعائلة لغوية مختلفة وبعيدة كل البعد عن الأخرى، فالعبرانية لغة آرامية سامية كما هي السريانية، وتنتمي لعائلة اللغات الأسيوية-الافريقية، واللغة اليونانية لغة أغريقية تنتمي لعائلة اللغات الهندية-الأوروبية، ونحن الآن نختلف على إعادة الأصل منها إلى لغة سامية هي أخت اللغة العبرانية الأم وأخت الآرامية وهي العربية، فلو كان الأصل
(1) موقع الجمعية الدولية لمترجمي العربية - المنتدى اليوناني اللاتيني، جواب الدكتور السلمان عن استفسار حول كلام الدكتور منقذ السابق.
موجوداً وبقي ولم يُترجم ترجمة حرفية أضافت عليه وغيرت فيه وأصبحت هي الأَوْلى بالمتابعة والنقل والمقابلة، لكانت المقارنة بين لغة واختها، وما دامت الكلمات تحمل المعاني فلن نختلف عليها، أما ما نحن فيه فلا وجه لمعرفته إلا بالإثبات التاريخي الأثري، وهو معدوم كليّا بسبب جواز الترجمة الحرفية لمعاني الكلمات في الكتاب المقدس من أصله الأول، هذا أولاً، وثانياً بسبب فقدان الأصل وبقاء الترجمة. وهذه الحجة هي أول حجة لأصحاب المذهب البروتستانتي في النصرانية على غيرهم من النصارى عند ظهور مذهبهم في القرن السادس عشر ميلادي، فرفضوا كثيراً من أسفار العهد القديم وقالوا:"إن الأصل العبراني لهذه الأسفار مفقود، والموجود هو ترجمة لها."(1)
ثانياً: كتابة النص بحرف غير الحرف المنزل
كما في العهد الجديد والقديم، فقد اختلفوا على أصل كتابة الإنجيل أهي بالعبرية أم بالسريانية رغم أن لغة المسيح عليه السلام عبرية، كذلك العهد القديم إلا أن اليهود كتبوه باللغة العبرية ولكن بأحرف كنعانية فينيقية، إلى أن اتخذوا الخطوط المربعة من الآرامية وكتبوه بها بعد مئات السنين، وأقدم النصوص للعهد القديم بما حوته من اختلاف بين أصولها وانعدام التطابق في محتواها سواء النصوص اليونانية أو العبرية أو السامرية لا تتعدى المئة الرابعة قبل الميلاد بافضل الأحوال، وهو التاريخ التقريبي للبدء بكتابة العهد القديم بالكتابة العبرية المستحدثة، وقد حدثت بعد السبي البابلي على يد الكاهن عزرا وهو موظف رفيع في بلاط ملك فارس، بعد أن استولى ملك الفرس كورش الثاني أو كورش الأكبر (559 - 530ق. م) على بابل وأسس الدولة الإخمينية، وسمح لبني إسرائيل بالعودة إلى القدس بعد أن سباهم نبوخذنصر إلى بابل، وذكر في العهد القديم ما يفيد أن الكاهن عزرا كتبها وهو هناك وبمباركة الملك أرتحششتا أو أرتحشستا
(1) انظر مختصر كتاب إظهار الحق لرحمت الله الهندي باختصار محمد ملكاوي ص16
ويسمى لونجيمانوس (465 - 424ق. م) حيث ورد في سفر عزرا (7)((6) عزرا هذا صعد من بابل وهو كاتب ماهر في شريعة موسى التي أعطاها الرب إله إسرائيل. وأعطاه الملك حسب يد الرب إلهه عليه كل سؤله
…
(11) وهذه صورة الرسالة التي أعطاها الملك ارتحشستا لعزرا الكاهن الكاتب كاتب كلام وصايا الرب وفرائضه على إسرائيل (12) من ارتحشستا ملك الملوك إلى عزرا الكاهن كاتب شريعة إله السماء الكامل إلى آخره (13) قد صدر مني أمر أن كل من أراد في ملكي من شعب إسرائيل وكهنته واللاويين أن يرجع إلى أورشليم معك فليرجع
…
(21) ومني أنا ارتحشستا الملك صدر أمر إلى كل الخزنة الذين في عبر النهر أن كل ما يطلبه منكم عزرا الكاهن كاتب شريعة إله السماء فليعمل بسرعة
…
(26) وكل من لا يعمل شريعة إلهك وشريعة الملك فليقض عليه عاجلاً إما بالموت أو بالنفي أو بغرامة المال أو بالحبس) وهذه الإشارات تدل على أن هذا الملك الوثني أراد بسط نفوذه السياسي بغض النظر عن المعتقدات الدينية، واعتبر تطبيق الشريعة الإلهية مرهوناً بمراعاتها لشريعته، فكانت جزءاً من منظومته الإدارية والسياسية. ولكن بغض النظر عن قبول محتوى الأسفار والإسناد فيها والخلاف على نسبتها لإرهاصات عزرا أو وحي الإله، فنحن أمام مفترق طرق، سلك فيه هذا الكتاب طريقاً لا رجعة فيه ولا سبيل لمعرفة المصدر قبله، وفي هذا يقول الدكتور منقذ السقار:"إن غاية ما يمكن أن نصل إليه فيما لو جمعنا كل هذه النصوص، أن نوفق في الوصول إلى نص يعود إلى القرن الرابع قبل الميلاد، أي إلى نص كتب بعد موسى بألف سنة، أما استعادة النص الذي كتبه موسى عليه السلام فدونه خرط القتاد."(1) ولو كانت الكتابة بنفس الحروف المنزلة موجودة ومحفوظة، وكتبت بها كلمات التوراة لما كان الترجيح أو المقابلة مرهونة بقرن أو بمدة، بل كانت حينها أساساً ومرجعاً نتكئ عليه عند المقابلة والترجيح. ولكن كتابة التوراة بحروف غير الحروف المنزلة وإن كانت تعطي اللفظ حقه قد صنعت حاجزاً وسدّاً منيعاً للبحث العلمي ولا سبيل لتخطيه أبداً، وقد كانت سبباً رئيساً في الطعن المثاليّ لأي محاولة في إثبات النصوص
(1) هل العهد القديم كلمة الله (ص17)
وأصالتها. "وطبقاً للموسوعة البريطانية فإن النص السامري يختلف عن النص اليوناني (في الأسفار الخمسة) بما يزيد على أربعة آلاف إختلاف، ويختلف عن النص العبري القياسي بما يربو على ستة آلاف إختلاف."(1)
ثالثاً: ضياع اللفظ وإضافة الحواشي والتعليقات
كما في العهد القديم والجديد، فلا يكاد أهلها وأهل العلم فيها يفرقون بين الكلام الإلهيّ وتعليقات الأحبار والرهبان. ومن المعلوم أن اللغات تتطور وتتبدل، وأسلوب الكتابة والتأليف محكوم بقرب المؤلف أو بعده عن بلاغة اللسان وفنون النظم لعصر ما. ونعلم "أنه علم بالتجربة أن الفرق يقع في اللسان الواحد بحسب اختلاف الزمان، فمثلاً لو لاحظت لسان الإنجليز قبل أربعمائة سنة لوجدت تفاوتاً فاحشاً بينه وبين اللسان الإنجليزي المعروف الآن، وقد قال نورتن الذي هو من كبار علماء النصارى بأنه لا يوجد فرق معتد به في محاورة التوراة ومحاورات سائر الكتب من العهد العتيق التي كتبت بعدما أطلق بنو إسرائيل من أسر بابل، علماً أنّ المدة الواقعة بين وفاة موسى عليه السلام وبين إطلاقهم من الأسر حوالي تسعمائة عام، ولأجل إنعدام الفرق المعتد بين أسلوب التوراة وبين أسلوب سائر كتب العهد العتيق فإن العالم ليوسدن الذي هو ماهر جداً باللسان العبراني إعتقد أن هذه الكتب جميعها صنّفت في زمان واحد."(2) ورغم هذا التناسق في الأسلوب تجد الاختلاف من كتاب لآخر وفصل لآخر بناءً على ما علّق وأضاف الكاتب والناسخ من حواشي، ومن ذلك ما ذكره رحمت الله الهندي من فقرات في سفر التثنية (أحد الأسفار الرئيسية الخمسة للتوراة) وهي: (فمات هناك موسى عبد الرب في أرض موآب
(1) هل العهد القديم كلمة الله (ص11)
(2)
انظر مختصر كتاب إظهار الحق لرحمت الله الهندي باختصار محمد ملكاوي ص23
حسب قول الرب (6) ودفنه في الجواء في أرض موآب مقابل بيت فغور ولم يعرف إنسان قبره إلى هذا اليوم (7) وكان موسى ابن مائة وعشرين سنة حين مات. . . (8) فبكي بنو إسرائيل موسى. . . (9) ولم يقم بعد نبي في إسرائيل مثل موسى
…
) وقال بعدها "فهل الكتاب السماوي المنزل على موسى عليه السلام يكون فيه موته ودفنه والبكاء عليه واندثار قبره إلى هذا اليوم وعدم قيام نبي مثله؟! "
والعجيب أن إضافة الحواشي سواء القديمة أو الجديدة مستمرة وفي تعديل دائم بحسب الطبعات والإتفاقات، مما يعني استمرار التحريف واستمرار الطعن في الكتب السماوية. وفي ذلك يقول الدكتور عبد الرحمن السليمان:"ونظرة واحدة إلى حواشي الطبعات العلمية للكتب المقدسة، تكفي لإثبات واقعة التصحيف إثباتاً لا يقبل الجدل لأنه مثبت في تلك الحواش. أما التحريف فهو وارد من الناحية العلمية البحتة وثابت في أكثر من موطن في الكتاب المقدس. وأنا أقول ذلك من الناحية العلمية البحتة وليس من باب الجدل الديني."(1)
رابعاً: كتابة النصوص بالفهم الفردي للمعنى من غير الالتفات للنظم
كما تجده في العهد القديم والجديد، فكل كاتب لسفر من الأسفار قد كتب بحسب ما فهم من النص الأصلي، أو بما تحصّل في ذهنه من القصص والروايات بلغته الخاصة، فتجد الإختلاف في نفس النسخة من مكان لآخر وتجد الركاكة في النظم واضحة، مما يدل على التحريف. ومن ذلك ما تجده في العهد الجديد (الإنجيل) والمنسوب ليوحنا حواري المسيح عليه السلام، فمن أسلوب الكاتب "لا يظهر من أي موضع في هذا الإنجيل أن كاتبه كتب الحالات التي رآها بعينه أو الحوادث التي وقعت بحضوره، بل تشهد عبارات هذا الإنجيل على أن كاتبه غير يوحنا الحواري؛ فهو يقول في ختام هذا الإنجيل (الإصحاح 21 فقرة 24): (هذا هو التلميذ الذي يشهد بهذا وكتب هذا ونعلم أن شهادته حق.) فاستعمل الكاتب في حق يوحنا ضمائر الغائب، لكنه قال في حق نفسه (نعلم) على صيغة المتكلم، فثبت أن كاتبه غير يوحنا الحواري قطعاً."(2) أما في العهد القديم (التوراة بأسفارها الخمسة فقط) فحدّث ولا حرج، والمثال فيها لا يُضرب على أسلوب الكاتب أو ما كتب بفهمه، بل إنك إن قرأتها ستبحث عن موطن لا تعتقد أن فيه إضافة أو تعليقا من كاتبها، "بل جميع عبارات التوراة الحالية تشهد بأن كاتبها غير موسى عليه السلام، وأن هذا الكاتب جمع الروايات والقصص المشتهرة بين اليهود وميّز بين الأقوال، فما كان في زعمه من كلام الله أدرجه تحت قوله: (قال الله)، وما كان في زعمه من كلام موسى أدرجت تحت قوله: (قال موسى)، وعبر الكاتب عن موسى في جميع المواضع بصيغة الغائب، مثل قوله: (وصعد موسى)، (وقال له الرب)، (فمات هناك موسى)، فلو كانت التوراة الحالية من تصنيف موسى عليه السلام، لعبر عن نفسه بصيغة المتكلم ولو في موضع واحد من المواضع؛ لأن التعبير بصيغة المتكلم يقتضي زيادة الاعتبار، وهذا وحده دليل كامل على أن التوراة الحالية ليست من تصنيف موسى عليه السلام."(3) وكل هذا الطعن ليس لإثبات تحريفها فالتحريف فيها أوضح من الشمس في كبد السماء، بل هو لبيان السبب الأصيل لهذا التحريف وهو كتابة كلام الله بالفهم الفردي، وكل كاتب يكتب بحسب علمه وفهمه وأسلوبه في البيان.
(1) موقع الجمعية الدولية لمترجمي العربية - المنتدى اليوناني اللاتيني
(2)
مختصر كتاب إظهار الحق لرحمت الله الهندي باختصار محمد ملكاوي ص28
(3)
مختصر كتاب إظهار الحق لرحمت الله الهندي باختصار محمد ملكاوي ص22