المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ باب في محل الشركة [ - المختصر الفقهي لابن عرفة - جـ ٧

[ابن عرفة]

فهرس الكتاب

- ‌[كتاب الشركة]

- ‌ باب صيغة الشركة [

- ‌ باب في محل الشركة [

- ‌[باب في شركة عنان]

- ‌[باب معنى الخلط في الشركة]

- ‌[باب في شروط شركة الأبدان]

- ‌[باب شركة الوجه]

- ‌[باب في شركه الذمم]

- ‌[كتاب الوكالة]

- ‌[كتاب الإقرار]

- ‌[باب المقر]

- ‌[باب المقر له]

- ‌[باب صيغة ما يصح الإقرار به]

- ‌[كتاب الاستلحاق]

- ‌[باب مبطل الاستلحاق]

- ‌[كتاب الوديعة]

- ‌[باب المودع]

- ‌[باب المودَع]

- ‌[باب شروط الوديعة]

- ‌[كتاب العارية]

- ‌[باب المستعير]

- ‌[باب المستعار]

- ‌[باب في صيغة العارية]

- ‌[باب المخدم]

- ‌[كتاب الغصب]

- ‌[كتاب التعدي]

- ‌[باب في المغصوب]

- ‌[كتاب الاستحقاق]

- ‌باب التعدي

- ‌[باب الفساد اليسير والكثير في التعدي]

- ‌[كتاب الشفعة]

- ‌[باب الأخذ بالشفعة]

- ‌[باب الموجب لاستحقاق الشفيع الأخذ بالشفعة]

- ‌[باب الشريك الأخص والأعم]

- ‌[باب المشفوع عليه]

- ‌[كتاب القسمة]

- ‌[باب قسمة المهانات]

- ‌[باب في قسمة التراضي]

- ‌[باب في قسمة القرعة]

- ‌[باب المقسوم له]

- ‌[باب ما يحكم فيه ببيع ما لا ينقسم]

- ‌[كتاب القراض]

- ‌[باب في عمل القراض]

الفصل: ‌ باب في محل الشركة [

وفيها: وتجوز بين النساء وبينهن وبين الرجال.

اللخمي: يريد: إن كانت متجالة أو شابة ولا تباشره في التجارة؛ لأن كثرة محادثة الشابة للرجال تبطر معها الفتنة، فإن كان بينهما في ذلك واسطة فلا بأس.

قُلتُ:: يريد: واسطة مأمونة.

المتيطي: عن ابن الهندي: إنما تجوز بين الرجال والنساء إن كانا صالحين مشهورين بالخير والدين، والفضل وإلا فلا.

وفيها: وتجوز شركة العبيد إذا أذن لهم في التجارة.

اللخمي: إن لم يكن مأذونًا له وولي البيع والشراء لم يضمن الحر وضيعة المال ولا تلفه، وكذا إن وليا معا البيع والشراء ووزن كل منهما منابه، وأغلقا عليهما ولم ينفرد الحر منهما، وإن انفرد الحر بتولي ذلك ضمن رأس المال إن هلك أو خسر.

]‌

‌ باب صيغة الشركة [

الصيغة: ابن شاس: ما دل على الإن في التصرف أو ما يقوم مقامه في الدلالة فيكفي اشتركنا إن فهم المقصود عرفًا.

ابن الحاجب: ما يدل لفظًا أو عرفًا، والأولى ما دل على الحقيقة لفظًا وعرفًا.

والأول: يقتضي أن الشيء يقوم مقام نفسه، والقائم مقام شيء غيره فيكون الشيء غير نفسه.

والثاني: يقتضي كون قسم الشيء قسيما له مرتين؛ لأن ما يدل لفظا ينقسم لما يدل وضعا وعرفًا، وما يدل عرفا ينقسم لما يدل لفظًا وفعلًا، فهو كقوله الحيوان إنسان أو أبيض.

]‌

‌ باب في محل الشركة [

محلها بالذات مال أو عمل، فيها مع غيرها: جوازها بالدنانير فقط، أو الدراهم

ص: 9

فقط جائزة.

ابن المنذر: إجماعًا.

ابن رُشْد: هو خلاف القياس.

وفي صحة القياس عليه قولان، وهي بالطعامين من صنف واحد مختلفي القيمة كثيرًا ممنوعًا.

الصقلي: اتفاقًا، وإلا فثالثها: إن لم يستو قيمتها لرواية ابن القاسم فيها قائلا: لم يجزه لها منذ لقيناه، وللصقلي: مع تخريج بعض القرويين على قول ابن القاسم بجوازها بين يزيدية، ومحمدية مختلفي النفاق يسيرًا، وقوله فيها مع أول قولي مالك.

وفيها: لا أعلم لكراهة مالك فيه وجها.

الصقلي: علله محمد بأنه إن خلط أدى إلى لخلط الرديء بالجيد، وإن لم يخلطا بطلت الشركة وبعض شُيُوخ بعض أصحابنا فيه لبيع الطعام قبل قبضه لبقي يؤكل منهما على طعامه، وإسماعيل القاضي بافتقارها فيه لمساواة الكيل والقيمة فيه لغو، فألزمه الصقلي في المختلفين الجائز فيهما التفاضل إن استوت قيمتهما، ولم يجيزاه.

قُلتُ: وقيل: اختلاف الأعراض مطلقًا لفسخ بيعه باستحقاقه وعدمه في العين لعدم الفسخ به يصير منهما ثلثي الطعام كمختلفي الشركة والبيع، وفي الأولى زيادة عدم المناجزة مع إجازة سَحنون الجميع، وأبي زيد عن ابن القاسم في الموازيَّة، وأحد قولي مالك وابن القاسم لاجتماع غلتين في الأولين، وانفراد غلة في العوضين.

الصقلي: عن محمد جواز الإجارة في الدنانير مع الدراهم غلط، ورواية ابن وَهْب كراهتهما أخف، وما علمت من أجازه؛ لأنه صرف لا يبين به صاحبه لبقاء كل منهما على صرفه.

قُلتُ: في حمل الكراهة على ظاهرها نظر.

اللخمي: معنى رواية الجواز أنهما تناجزا فقبض كل منهما ما أخرجه صاحبه.

وفيها: إن خرج أحدهما دنانير والآخر دراهم لم يجز، وإن باع نصف ذهبه بنصف فضة صاحبه، ولا بأس أن يخرج هذا ذهبًا وفضة، وهذا مثله.

قُلتُ: ما الفرق بينهما.

ص: 10

قال: لأن الأولى مع الشركة صرف، وهذه ليست فيها صرف.

قُلتُ: وتقدمت معارضتهما بمنع سلمها، الثالث: بيع مد قمح ومد دقيق بمثلهما وجوابهما.

ابن عبد السلام: احتجاجه بأنه صرف وشركة غير بين؛ لأن العقود المنضمة إلى الشركة إنما هو بيع من صحتها إن كانت العقود خارجة عن الشركة نص على معنى هذا في المدَوَّنة.

قُلتُ: قوله إن كانت العقود خارجة عن الشركة نص ظاهره أن غير الخارجة غير مانعة كيف كانت صرفًا أو غيره، وليس كذلك، إنما قاله فيما ليس صرفًا لأجل ضيق الصرف وشدته؛ لأن الغير مانعة الصرف إذا كان في الشركة.

سَحنون: حسبما ذكره الصقل عنه في تعليله، قوله: بإجازة الشركة بالدنانير وبالدراهم.

وفيها: إن اشتركا بدنانير أو بدراهم فلكل رأس ماله، ويقتسمان الربح لكل عشرة دنانير دينار، ولكل عشرة دراهم درهم، وكذا الوضيعة، ولو علم كل واحد منهما ما اشترى بماله بيعت السلع وقسم كل ثمنها كما ذكرنا، وقال غيره: لكل واحد ما عرف أنه اشتراه بماله ولا شركة له فيما اشترى بمال الآخر، وإن تفاضل المال فلأقلهما مالا أجره في عون صاحبه.

المتيطي: ذكره الشَّيخ في مختصره: على أن قول الغير خلاف لقول ابن القاسم، وأن ابن القاسم يقول: وإن عرف ما اشترى كل واحد برأس ماله من السلع؛ لأن الخلط تم بينهما؛ وقال أبو عمران: قول الغير وفاق؛ لأنه إذا عرف كل منهما سلعته لم تنعقد بينهما شركة، ولفظ الأمهات.

قال ابن القاسم: إذا كان ما اشترياه قائمًا بعينه بيع واقتسماه على ما وصفناه كان فيه ربح أو وضيعة.

ابن رُشْد في سماع عيسى: قول ابن القاسم: إذا اعتبرته بما يخرجه الحساب راجع إلى أن يقتسما جميع ما في أيديهما على ما فيه من ربح أو خسارة على قيمة الدنانير والدراهم يوم الفسخ، وهذا أقرب مأخذا في العمل، وقيل: يقتسمان ذلك كل قيمة

ص: 11

الدنانير والدراهم يوم اشتركا، وهو قول غيره في المدَوَّنة.

الصقلي: قال بعض فقهاء القرويين: قول غير ابن القاسم لكل واحد بما اشترى بماله صواب، وهو الجاري على أصل ابن القاسم؛ لأن الشركة إذا فسدت لم يضمن أحدهما لصاحبه شيئًا؛ لتفويته متاع صاحبه وثمنه لصاحبه، كقوله إن اشتركا بعرضين مختلفي القيمة فباع أحدهما عرض صاحيه لا يضمن له شيئًا، وثمن عرضه له وبه يكون شريكًا إن عملا بعد ذلك، فكذا ينبغي إن اشترى بالدنانير والدراهم عرضًا يكون لصاحبه ذلك المال، كما كان ثمن العرض في شركة العرضين لصاحب ذلك العرض.

قُلتُ: هو قول التونسي وقبله الصقلي، ويرد بأنه لا يلزم من اختصاص رب العوض بثمنه، اختصاص رب العين بعوضها؛ لأن أصل المذهب عدم إيجاب العين اختصاص ربها بعوضها إذا حركها غيره بخلاف العقد، فذلك في صرفها من أودعته دنانير، فابتاع بها سلعة فليس لك أخذها، إنما لك أخذ دنانيرك، ولو أودعته عرضًا فباعه بعرض أو طعام فلك أخذ ثمن ما باع أو المثل مما له مثل أو القيمة مما لا مثل له.

التونسي: وقوله: (إن لم يجز قسم ما بأيديهما على قيمة الدنانير والدراهم) صواب، وفي القيمة في قول ابن القاسم نظر؛ لأنه إذا استوت قيمة الدنانير والدراهم يوم الشركة كانت السلعة بينهما نصفين فيجب أن يكون ثمنها واحد بينهما نصفين، فإن زادت قيمة الدنانير يوم القيمة فأعطى مثل دنانير أنظر صاحب الدراهم، وكذا إن زادت قيمة الدراهم وقبله الصقلي، ويرد بأنه بناء على ترتيب القسم على قيمة الغير، وأصل المذهب خلال ذلك؛ لأنها ليست من ذوات القيم، إنما هي من ذوات الأمثال، إنما يعتبر فيها عددها، فوجب ترتيب القسم عليها اعتبار عددها لا باعتبار قيمتها، وحمل اللخمي المذهب على قسمتهما على قيمة المالين يوم الشراء، وحمل قول ابن القاسم: أن المشترى بينهما على أنهما لم يعلما ما اشترى بمال كل واحد منهما.

قال: وحمله بعض أهل العلم على أنه ولو علماء غير صحيح، ولو كان كلك كان المشترى بينهما نصفين؛ لأن كلا منهما اشترى ملك صاحبه، ويكون اشتراؤه فوتًا كالبيع الفاسد، ويكون قد اشتغلت ذمة كل منهما بنصف ما أخرجه من الآخر، وقول ابن القاسم: يأخذ كل منهما قدر ماله والربح على ذلك دليل أن مال كل واحد على ملكه،

ص: 12

ولم تعمر ذمة الآخر منه، وأما قوله يعطي كل منهما قدر ماله، أن الصرف لم يتغير، ولو تغير لاعتبر حال المالين يوم الشراء.

وفيها: نظر اعتبار التساوي بين التقدير في الوزن والقيمة لا السكة، ويسير اختلافهما في الصرف مغتفر.

اللخمي: القياس أنه لا يجوز؛ لأن الترك لموضع الشركة كما قال في شركة الطعام وتوليته: لا أقيلك إلا أن تقيلني ولا أشركك إلا أن تشركني، ولم يجز بخروجهما بذلك على وجه المعروف، إلا أن يعقدا على التساوي، ثم أحضر أحدهما ماله، وفيه فضل جودة أو وزن، وتقدم لهما من المكارمة ما يفعل في ذلك دون شركة، وإن تساوى الذهبان، ولأحدهما فضل سكة، وللأخرتين، فإن كثر فضل السكة لم يجز، وإن قل جاز إن ألقياه على قول ابن القاسم، وإن اعتدلا في القيمة فعدلت قيمة جودة التبر السكة جرت على القولين، كما لو أخرج أحدهما دنانير والآخر دراهم؛ لأنها حينئذ مبايعة، فيجوز إذا قبض كل منهما ما أخرج صاحبه.

وفيها: لا بأس بالشركة بعرضين مختلفين أو متفقين، أو بطعام وعرض.

الصقلي: روى محمد: ما الشركة بالعرضين من عمل الناس، وأرجوا أن لا بأس بها.

ابن رُشْد: وروى عن مالك أنه قال في الشركة بالعرضين المختلفين، وما هو من عمل الناس، وذلك والله أعلم؛ لأنه بيع وشركة.

قُلتُ: فظاهره عدم ذلك في العرضين المتفقين لبعد قصر التبايع فيهما لتماثلهما لا سيما إن كانا من ذوات الأمثال.

وفي الشركة بغزلين على نسجهما معا نظر؛ لأنه بيع لنصف غزله بشرط نسجه حسبما ذكره اللخمي على أصل سَحنون في الشركة بالمال للغائب، وذكر الصقلي في باب الإجارة والسلف رواية محمد بإجارته ما لم يزد أحدهما صاحبه شيئًا.

وفيها: إن اتفق قيمة العرضين المختلفين وعرف ذلك في العقد جازت شركتهما، وهو بيع لنصف عرض هذا بنصف عرض الآخر، وأن يشهد أو لم يذكر بيعا ولم يشترط التساوي فلما قوما بمفاضلة القيم، فإن لم يعملا فلا شركة، وإن عملا وفاتت السلعتان

ص: 13

فرأس مال كل منهما ثمن سلعته، وبقدره ربحه ووضعته؛ لأن شركتهما وقعت فاسدة.

وفي الصحيحة رأس مال كل منهما ما قومت به سلعته:

عياض: قوله: إذا فسدت إن لم يعملا وأدركت السلعتان ردتا، كذلك روايتنا وفي بعض النسخ ولم يفوتا ببيع ردتا.

قال شُيُوخنا: يفيتها حوالة الأسواق كالبيع الفاسد؛ لأن الشركة على قول ابن القاسم تلزم بالعقد الفاسد، كالبيع الفاسد.

الشَّيخ: علة فساد الفاسدة وتفاضل المالين غرر بيع في الأقل مالًا بالأفضل عمله فضل مال صاحبه وهو مجهول.

الصقلي عن بعض فقهاء القرويين: قد يقال على أن التمكين في البيع الفاسد يوجب ضمان المشتري، وإن لم يقبضه يلزم كل واحد قيمة عرضه يوم دفعه وأحضره لتمكين صاحب التصرف فيه، وإن كانت يد بائعه عليه.

ابن عبد السلام: وهذا شيء؛ لأن البائع في البيع مكن المشتري على وجه ليس للبائع معه تصرف، وفي الشركة الفاسدة إنما مكنه على أنه معه فيه التصرف فلم يفد هذا التمكين قوة ذلك التمكين.

قُلتُ: يرد بأن التمكين في مسألة الشركة لا تصرف فيه؛ لأن التصرف فيها إنما توجبه الشركة، وهي متأخرة عن لزوم القيمة المتأخرة عن التمكين ضرورة تأخر الموجب عن الموجب بالتصرف، فتأخر عن التمكين بمن يتبين وهو يتقرر دونه، فهو كالتمكين في البيع الفاسد، وبأن تصرف الشركة ليس خاًا بالمتصرف حكمًا؛ بل فنسبته لفاعله كنسبته لشريكه فيصير بما كره فرقا القياس أحرويا؛ لأن التمكين فيه ملزوم لكون الممكن فيها، وهو المشتري متصرف حكمًا كتصرف المتصرف حسًا، والتمكين في البيع الفاسد عري عن كون المشتري متصرفًا؛ لأنتفاء التصرف عنه حسًا وحكمًا.

الصقلي: إن جهلًا ما بيعت به سلعته كل منهما فلكل منهما قيمة عرضه يوم البيع؛ لأن سلعة كل منهما في ضمانه إلا إن بيعت، فالبيع أفاتها كالطعامين إذا خلطا رأس مال كل منهما قيمة طعامه يوم خلطا.

ص: 14

اللخمي: إن اشتركا على المساواة، والقيم مختلفة لم يجز، واختلف إن نزل وفات بالبيع أو القبض، ففي المدَوَّنة: لكل منهما ما بيعت به سلعته، ولا شركة بينهما، ولا قبض؛ لأن لكل منهما التصرف فيما باعه بالبيع بعد قبضه منه، فكان القبض في المشترى كلا قبض، والقبض الصحيح ما لا تسلط لبائعه فيه، والقول الآخر أن لك قبض، وهو قول مالك في مسألة الشركة بذهب وفضة، صحة مناجزتهما، وإذا كان كذلك فقبض كل منهما سلعة صاحبه ضمن نصف قيمتها يوم قبضها، وصار جميع ما تجرأ فيه بينهما نصفين، إذا باع كل منهما سلعة صاحبه بعد قبضها منه، وإن باعها قبل قبضها كان فيها قولان أحدهما أن بيعه كقبضه يوجب عليه نصف القيمة ويوجب له نصف الثمن، والثاني: أن ذلك ليس بقبض، وثمن السلعة لمن كانت له، وإن باع كل منهما سلعته قبل قبضها منه، أو بعد وقبل فوتها عند قابضها بحوالة سوق أو بدن بثمنها له شركة، وإن باعها بعد فوتها بيد قابضها فثمنها بينهما، وعلى كل واحد نصف قيمة سلعة صاحبه، وإن قبض أحدهما سلعة صاحبه ثم باعاها جميعًا كان له ثمن سلعته، وثمن سلعة صاحبه بينهما، وعليه لصاحبه نصف قيمتها، فإن تجروا بعد ذلك كان المشترى بينهما على قدر ذلك لأحدهما بقدر ثمن كل سلعته ونصف ثمن سلعة صاحبه، وللآخر قدر نصف ثمن سلعته فقط.

ابن الحاجب: لو وقعت فاسدة فرأس ماله ما بيع به عرضه لا قيمته يوم إحضاره على المشهور.

قُلتُ: لا وجود لمقابل المشهور إلا ما أشار إليه التونسي من التخريج على قول أشهب، ونص تخريج اللخمي على قول مالك في الشركة: بذهب وفضة، ولو وقعت فاسدة بطعامين قد خلطا ففيها رأس مال كل منهما قيمة طعامه يوم خلطا، ورواه محمد عن ابن القاسم، ولمالك ثمنه.

وفيها: تجوز الشركة بطعام ودراهم أو بعين وعروض، وقول ابن الحاجب: تصح بالعروض من جانب والنقد من جانب على المشهور، ولا أعرف مقابل المشهور في قول منهما.

ابن عبد السلام: تقدم هذا المعنى، ولعل الشاذ على المشهور في منعها بذهب

ص: 15

وفضة لاجتماع الشركة والصرف.

قُلتُ: تقدم لابن رُشْد الفرق بينهما، فذكره وتقدم ذكر الجودة والسكة.

وفي الشركة لمال حاضر وغائب نقل اللخمي صحتها عن مالك مع ابن القاسم، ومنعها عن سَحنون، ونقل ابن القاسم عنه الأكرية، والصقلي للفساد.

وفي كون قول بعض شُيوخ عبد الحق أنها تجوز عند ابن القاسم بشرط قرب الغيبة، ووقف التجر بالحاضر على حضور الغائب تقييدًا نظر، والأظهر أنه خلاف لاحتجاج ابن القاسم على الجواز بقول مالك فيها.

اللخمي: عن سَحنون على أصله أنها مبايعة، والأول أحسن، إذ لو كانت مبايعة ما جازت بدنانير ودراهم من الجانبين، ولا في الحرث لإخراجهما الزريعة وإخراج أحدهما بقر والآخر يد.

قُلتُ: إنما علل التونسي والصقلي قول محمد: بشرط الخلط وهو في الغائب متعذر.

قُلتُ: احتجاج ابن القاسم على جوازها بمال غائب بقول مالك: إن شارك ذو خمسمائة درهم له ألف غائبة ذو الف وخمسمائة حاضرة تخرج بذلك المحل الألف الغائبة فتشتري بالجميع تجرا فلم يجد ألفه مباشرة بما خرج به فقط ليكل منهما من الربح بقدر ماله فيها خرج به في تمسكه بهذا نظر؛ لأنه كذلك حكم، كذلك كونها فاسدة بعد وقوعها.

قُلتُ: إن كرهه بأن له مالاً غايبًا، ولا مال له غير حاضر بالربح بينهما على حاضرها، قاله محمد، وإلا ففي كونه كذلك أو بينهما نصفين ثالثها: إن اشترى بعد علمه فقد ما غاب لظاهرها، ولمحمد والتونسي، وقول اللخمي: أرى أن يسأل، فإن قال: اشتريت ببينة القصر على الحاضر صدق، وإن قال: عليه، وعليه والغائب صدق في النقض لعدمه لا في الربح؛ لأنكار ذي الحاضر فعليه في كونه رابعًا لظاهر قوله: أرى ذلك وفاقًا لمسائلة لقبول إقراره وعلى نفسه وعلى قبول دعواه نظر، وعلى كون الربح للحاضر فقط في لغو زيادة عمل ذي الغائب، وثبوت أجره.

نقل اللخمي عن ابن القاسم مع التونسي عن مالك، ونقلهما عن سَحنون وصوبه

ص: 16