الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والتجر فيهما.
ثم قال في فصل آخر: قال سَحنون: لا تنعقد الشركة إلا بخلط المالين وحمل أمرهما على أن كل وأمر باع نصف ملكه بنصف ملك الآخر، وأنها مصارفة، فإذا خلطا كان ذلك قبضًا وفوتًا، وقياد قوله إذا قبض كل منهما جميع دنانير الآخر كان مناجزة، وإن لم يخلطا كان ذلك قبضا؛ لأن المقبوض بعضه صرف وبعضه وديعة، ولو صرف رجل من رجل خمسين دينارَا، أو دفع إليه مائة دينار ليكون له نصفها، ونصفها وديعة جاز.
قُلتُ: ظاهر قوله وقياد قوله إن اجتماع المالين في حوز أحدهما دون خلط، كالخلط الحسي أنه غير نص له خلاف قول الصقلي.
قال سَحنون: إن جمعا الصرتين في خرج أحدهما أو في يديه تمت الشركة.
[باب معنى الخلط في الشركة]
ففي شرطها بالخلط الحسي المفيد عدم تمييز أحدهما من الآخر، أو بمجرد اجتماعهما في حوز واحد، ثالثها: هذا أو شراء كل منهما بماله على الشركة أو أحدهما فقط في ثبوتها، للخمي عن الغير، وعن سَحنون، وقول ابن القاسم فيها: وحكمها جوز استقلال كل منهما بتصرف التجر في مالها، وإن لم يشترطاه، وأن فعل أحدهما كفعل الآخر في شفعتها ليس لأحد المتفاوضين فيما باع الآخر شفعة؛ لأن بيع أحدهما يلزم صاحبه، وفي شهاداتها: إن ادعى أحد المتفاوضين وخير على رجل دينا من شريكه، فأنكره فله تحليفه على حظ شريكه لا فعل أحدهما كفعل الآخر.
قُلتُ: من قضى ما عليه لأحدهما لآخر جاز، ولأحدهما أن ينفع أو يفارض دون إذن الآخر ويودع لعذر نزل به، ومقتضى قولها: إن باع أحدهما لأجل، ثم أخر الغريم بعد حلول الاجل جاز استيلافًا، وما باعه لأجل لا يجوز لشريكه شراؤه بأقل نقدًا، وما
باعه لأجل فقضى الغريم ثمنه أحدهما قبل علمه بافتراقها جاز، جواز بيع أحدهما بالدين دون إذن شريكه، وعزاه اللخمي لابن القاسم فيها.
قال: ولَاصْبغ عنه لا يجوز، والأول أحسن.
الصقلي: لمالك فيها إن باع بدين ولم يذكراه في شركتهما جاز على شريكه.
وقال محمد في الموازية: لا يجوز إلا بإذن شريكه، وسمع ابن القاسم في رجلين اشتركا على مال مسمى على أن ما باع أحدهما بدين ضمنه معه صاحبه أكرهه؛ لأن كلاً منهما لا يدري ما يغيب به صاحبه.
سَحنون: لا بأس به؛ لأن الشركة لا تكون إلا بضمان كل منهما لصاحبه.
ابن رُشْد: معناه إن اشتركنا في مال مسمى على أن باع أحدهما بدين ضمنه الآخر معه كرهته؛ لأن كلا منهما لا يدري ما يغيب به عنه صاحبه من الخلاف.
سَحنون: لا بأس بذلك؛ لأن الشركة لا تكون إلا بالتفاوض والضمان من كل منهما لصاحبه.
ابن رُشْد: لم يرهما ملك باشتراكهما مال مسمى متفاوضين فيما اشتركا فيه حتى ينصا على المفاوضة بخلاف ما إذا اشتركا في جميع أموالها، برأي ما شرطا من ضمان كل منهما ما باعه الآخر بدين غرم إلا انه ضمن فيما اشتركا فيه، وإن لم يشترطا ذلك كما إذا تشاركا في جميع أموالها.
ابن الحاجب: لو باع أو اشترى نسيئة مضى وله ذلك ابتداء ما لم يحجر عليه.
قُلتُ: قوله ما لم يحجر عليه لا أعرفه، وفيه نظر؛ لأن ثبوت ذلك على المشهور إنما هو بمقتضى عقد الشركة، وما هو بمقتضى العقد يمتنع استقلال أحدهما برفعه كرفضه عهدة ما ابتاعه صاحبه عنه، وقد يجاب بأن هذا إنما فيما هو لازم للتجر من حيث استقلال أحدهما ذاته والبيع بالدين لا يلزمه، وإذا لم يكن ثابتًا في تجر القراض، وإذا كان كذلك جاز استقلال أحدهما برفعه كرفع رب المال لازم عقد القراض، وهو جواز سفر العامل بمال قبل أخذه في أهبته.
وفيها: منع تبرع أحدهما دون إذن صاحبه، إلا أن يكون أراد استيلاف التجر، وإن
وهب أحدهما أو أعار ضمن حظ شريكه إلا أن يفعل ذلك استيلافًا.
عياض: قوله لا يجوز ما صنعه أحدهما ضمن حظ شريكه من المعروف من مال شريكه في بعض الروايات، ورواية ابن أبي عقبة، ويجوز عليه قدر حصته، وضرب عليه في كتاب ابن وضاح، وقال: طرحه سَحنون.
قُلتُ: لاحتمال خوف نقص في المال يعجز به حظه في بانيه، وعن قدر تبرعه ولا مال له غيره.
وفيها: وإن أخر أحدهما بما أوضع له نظرًا أو استيلافًا للتجر جاز.
اللخمي: للشريك رده تأخير شريكه بدينهما في حظه، ويمضي في حظ المؤخر إن لم يكن في قسمها الدين ضرر، فإن كان عليهما فيه ضرر، وقال المؤخر: لم أظن ذلك يفسد على شيئًا من الجميع، وإن لم يعلم بتأخيره حتى حل الأجل فلا شئ على المؤخر، فإن أعدم المدين بعد التأخير ضمن المؤخر حظ صاحبه، وإن أخره استيلافًا جاز على شريكه، وإن أعسر المدين إلا يكون المدين ممن يخشى عدمه فيرد التأخير، وإن لم يرد حتى أعسر ضمن المؤخر إن كان عالمًا بذلك، وقيل: لا يجوز التأخير للاستيلاف؛ لأنه سلف بزيادة ووضع أحدهما يرد منه كا زاد ما يراد به الاستيلاف.
وفيها: ليس لأحدهما أن يعير من مال الشركة إلا بإذن شريكه أو ما حف كغلام يسقي دابة أو ما كان استيلافًا للتجر، ولما كان فعل أحدهما بالتجر كفعل الآخر لزم كلا منهما ما ابتاعه صاحبه.
فيها: ما ابتاع أحد المتفاوضين لزم الآخر، ويتبع البائع بالثمن أو القيمة في فوت البيع الفاسد أيهما شاء.
وفيها: من ابتاع عبدًا من أحدهما فظهر على عيب فله رده، فإن غاب بائعه غيبة قريبة اليوم ونحوه تلوم له إذ لعل له حجة، وإن بعدت غيبته، فإن أقام المشتري بينة أنه ابتاع بيع الإسلام وعهدته، فإن كان العيب قديمًا رد العيب على الشريك الآخر، وإن كان يحدث مثله فعلى المبتاع البينة أن العيب كان عند البائع وإلا حلف الشريك، فإن علم أن هذا العيب كان عندنا وبرئ، فإن نكل حلف المبتاع على البت أنه ما حدث عنده، ورده الصقلي، ويحلف الشريك على العلم كان العيب ظاهرًا أو خفيًا؛ لأن غيره
يتولى البيع كوارث، ولو حضر البائع حلف في الظاهر على البت، وفي الخفي على العلم، فإن نكل الشريك الذي لم يتول الشراء، فقال الشَّيخ: يحلف المبتاع على البت، وفي الموازية: كما يحلف بائعه في الخفي على العلم.
زاد ابن اللباد في مسألة المبتاع: وأنه نقد الثمن، وتقدم في العيوب.
قال بعض فقهاء القرويين: لو جاء الغائب فأقر بالعيب؛ لا نبغى أن يرده ويلزم ذلك الشريك الحالف، ولو أنكر لحلف، فإن نكل ففي رد جميعه أو نصفه فقط لتقدم حلف شريكه نظر.
الصقلي: الأظهر رد جميعه؛ لأن نكو له كإقراره، ويمين شريكه لغو؛ لأنه إنما حلف على عدم علمه.
قال: وإن نكل الحاضر الذي لم يتول البيع فحلف المشتري ثم قدم الغائب، فقال: أحلف وأنقض الرد على شريكي، فإذ للأشبه دون ذلك له؛ لأن نكول صاحبه إنما كان؛ لأنه لا حقيقة عنده، وقد يكون ذلك في نصفه ويمضي الرد في النصف الذي للحاضر لنكوله؛ لأن متولي البيع كوكيله.
وفي المدَوَّنة: اليمين في العيب فيما باعه الوكيل على الموكل وهو الحاضر، ولو نكل.
وفيها: إقرار أحد المتفاوضين بدين في تجرهما لازم لها لو كان الأجنبي لا يتهم عليه كجده أو جدته أو زوجته أو صديق ملاطف لم يلزم شريكه، وذكره اللخمي معزوا لمالك.
قال: ويتخرج جواز إقراره لمن يتهم عليه من إقرار من يتبين فلسه لمن يتهم، وقد اختلف فيه، والمفلس أبين في التهمة لنزع جميع ماله يبقى لا شيء له، فيولج من ماله لم يتهم كي يعيده عليه، وليس للتفرقة بأن هذا يبقى في ذمته دين وجه.
قُلتُ: التونسي أشار للتفرقة به، وليس بحيث أن يقال فيه ليس له وجه.
اللخمي: وإقرار أحدهما عند إرادة المفاصلة جائز، فإن افترقا ثم أقر أحدهما بدين أو شبهه لم يقبل إلا إن طال الافتراق، ويختلف إن قرب وادعى أنه شيء.
قال ابن القاسم في العامل: يدعي بعد المقاسمة أنه أنفق من عنده من مال القراض
وشيء ذكره عند المحاسبة لا يقبل قوله، وروى يحلف، ويكون له ذلك، والشريك مثله.
قُلتُ: يرد بأنه لم يقبله في المقيس عليه إلا بيمين، وهي في مسألى الشريك متعذرة؛ لأنها من الشريك لا تصح؛ لأنها يمين؛ لأنتفاع غيره، ومن المقر له يصير قول الشريك شهادة، والفرض أنه إقرار هذا خلاف مقتضى قوله: أنه لم يقف على القول المخرج عنده نصَّا له.
وقال الصقلي: لابن سَحنون عنه إقرار أحد الشريكين بدين بعد التفرق، ويلزمهما في أموالها، وقول ابن القاسم: لا يلزم المقر حصته؛ يريد: إن يحلف الشهود له.
قُلتُ: ظاهر قول سَحنون: ولو أقر بعد الطول، وتقدم نص اللخمي: الخلاف على القرب.
وقال الصقلي: أجاز فيها إقرار العبد بعد حجره سيده عليه بدين بقرب ذكر الحجر عليه ولا بعد، والأشبه إنما يجوز بقربه كما لو فلس فأقر ساعة ضرب على يده، فأما بعد تفليسه وسكوته فلا، وسمع يحيى ابن القاسم: إن قدم شريك غائب على شريكه فقال: في شيء مما بيده هو وديعة، وقال: لم أعين ربها سقط.
قوله: وإن عينه لم يأخذه حتى يحلف مع إقراره، كمن استحق حقه بيمين مع شاهد، فإن نكل أخذ حظه المقر فقط.
التونسي: ظاهره اشتراط عدالة المقر؛ لأنه جعله كشاهد، وينبغي قبول إقراره لمن لا يتهم عليه، وقد يحلفون استبراء.
ابن رُشْد: الصواب عدم شرط عدالته، وعليه يحمل السماع؛ لأنه لم يجعله شاهدًا، إنما جعله بمنزلة الشاهد، ولم يذكر هل يحلف الشريك أم لا، والوجه حلفه إن حقق عليه الدعوى أنه أقر بباطل، وإن اتهمه فلا يمين عليه، والأصل قبول إقرار الشريك إلا أنه لما كان هذا الذي أقر به ليس بدين من التجر استظهر على المقر له بيمينه كقولها آخر الوصايا في إقرار المدين يبرئ إياه من دين عليه أو ودائع أن المقر له يحلف.
وفيها لابن القاسم: إن أقام أحدهما بينة بعد موت شريكه أن مائة كانت بيده، ولم توجد ولا علم مسقطا فإن قرب موته أخذها فيما يظن أنه لم يشغلها في تجر فهي في
حصته، وما طال لا شيء عليه فيه.
وفي النوادر عن محمد: إن أشهد على نفسه بأخذ المائة بشاهدين لم يبرأ منها إلا ببينة على ردها، وإن طال ذلك، وإما إقرار بغير تعمد إشهاد وعلى بينة، ولا كتاب فكما قال في صدر المسألة.
قُلتُ: انظر قوله: (ولا كتاب) ظاهره إن كان بكتاب لم يبرأ منه، ووجهه أنه إذا أخذها بذلك فقد وثق أحدهما ولا يبرأ إلا بدليل على البراءة.
قال محمد: إن فلس أحد المتفاوضين، ولأحدهما زوجة لها عليه مائتا دينار، وعليهما للناس ألف دينار، وجميع ما بأيديهما ألف دينار ومائتا دينار والحصاص في حظ التزويج له من المال ستمائة، وعليه سبعمائة للزوجة ومائة وإحدى وستون دينارًا وثلاثة أسباع دينار، وللغرماء أربعمائة دينار وسبعا المائة، وذلك ثمانية وعشرون دينارًا وأربعة أسباع دينار، ثم يرجع على الشريك الآخر بما أخذت زوجة هذا من الخمسمائة درهم، وذلك خمسة أسباع المائة، ويأخذون منه الخمسمائة التي لهم عليه، ثم يرجع الشريك الغارم بما أدى عنه، وذلك خمسة أسباع المائة، ويبقى لها سبعا المائة، ولابن سَحنون سأله شجرة عن رجل دفع عن أخيه وهو مفاوضه صداق امرأته، ولم يذكر من ماله ولا من مال أخيه ثم مات الدافع، ثم ورثته هذا من مال ولينا فأجابه إن كانا متفاوضين، وأقاما سنين كثيرة في تفاوضهما لا يطلب أخاه بشئ من ذلك، فهذا ضعيف، وإن كان بحضرة ذلك فذلك بينهما شطرين ويحاسبه إلا أن يكون للباقي حجة.
وفيها: مع غيرها ربح مال الشركة وعمله ووضعه بقدر ما لكل منهما.
اللخمي: إن أخرج أحدهما ما ئتي دينار والآخر مائة وهي على ثلاثة أوجه، فإن كان العمل والربح نصفين والوضعية أثلاثًا، أو الربح معها أثلاثًا، أو لتكون الخمسون لرب المائة هبه أو سلفًا، فإن كان له ربحها وخسارتها على ربها فله ربحها اتفاقًا؛ لأنها باقية على ملك ربها، وإن جعل وضعيتها من الآخر؛ لأنها سلف أو هبة كان فيها قولان: أحدهما: ضمانها وربحها من المستلف والموهوب له الثاني: كونها من ربها؛ لأن شرط كون التجر بها من المال ولا يبين يمنع انتقال ضمانها، وهو قول مالك فيها
لقوله: (إنما أسلفه الخمسين) على أن أعانه بالعامل بضمانها من ربها وربحها ووضيعتها عليه، يريد: إن قصد أن يكون سلفًا لم يكن كذلك؛ لأن يدرب الثلثين متصرفة في جميع المال بالبيع والشراء.
وفي ثبوت أجر مثله في الخمسين الزائدة، ولو كان في المال وضيعة وسقوطها قولها، وقول مختضر ما ليس في المختصر: وهذا أحسن، وأرى أنه لا أجر له في الوضعية، وله في الربح لأقل من أجره المثل أو ربحه فيها؛ لأن بها لم يستأجر إنما جعل له العمل منهما لنفسه.
وقد قال ابن حبيب فيما يرد من فاسد القراض: لأجرة مثله إنما هي متعلقة بالربح، فإذا لم تتعلق الأجرة بالذمة في القراض مع أنه أجير على العمل فأحرى فيمن لم يكن له استئجار.
قال: وإن كان كل العمل على رب المائة على أن الربح والوضعية نصفان كما تقدم فمن ضمنه الخمسين جعل له ربحها، ومن لم يضمنه جعل له لربها وللعامل أجر مثله في مائة وخمسين؛ لأنه عملها لربها، ويختلف في الأجرة عن خمسين، وإن شرطا الربح تصفان والوضعية أثلاثًا جاز، وكانت المائتان قراضًا على الربح، ولم يضر شرط خلف المائتين على أحد قولي ولم يتكم مالك في هذا الوجه، وإنما جازت إذا شرط الربح والخسارة نصفين، ولذا لم يجرها مجرى القراض، ولو علم من رب المائتين فصد المعروف في سلفه الخمسين لؤاخاة بينهما كان صحيحًا، والهبة ماضية منتقلة الملك عن معطيها، ولو كان المال بينهما نصفين وربحه ووضعيته كمائتين، وكذا لو أخرج أحدهما مائتين، ولم يخرج الآخر شيئًا على أن مائة منهما سلف أو هبة، فإن كان لصدقاة بينهما بحيث أنه لو لم تكن شركة فعل ذلك جاز، وإلا لم يجز ثم يختلف في ضمان السلف والهبة أو لا ضمان لمكان التحجير، وسمع ابن القاسم من دعا أخا له إلى أن يسلفه ذهبا ويشاركه بمثلها يتجران بها في موضعهما، أو يسافران جاز إن كان على الصلة والمعروف، وإن كان لنفوذ التجر فلا خير فيه، ثم قال: ولا خير فيه بحال، والأول أحسن وأحب إليَّ.
ابن رُشْد: إن صح صدقه الربح جاز، وإن قصد نفع نفسه لم يجز اتفاقًا فيهما، فمرة
رأى مالك: الهبة في ذلك محتملة فسأله عنها وصدقه فيها، ومرة رآها بغيرة، والأظهر أنه قصد نفع نفسه بر المطلوب ليستعجل سلفه المؤجل، وقيمته إن كان عرضًا ففات، فعلى أنه يسأل عن نيته ابتداء لا يصدق في ذلك، وعلى أنه لا يسأل فيهما عن ذلك يصدق في ذلك مع يمينه، ويأخذ سلفه معجلًا، ولأبي عمر اختلف قول مالك فيمن أسلف رجلًا ليشاركه على وجه الرفق، فروى أبن القاسم: جوازه وكراهته، وأختار أبن القاسم جوازه، وإن كان لبصره بالتجر لم يجز.
ابن الحاجب: ولو تبرع أحدهما بعد العقد فجائز من غير شرط، وكذلك لو أسلفه أو وهبه.
ابن عبدالسلام: يعني اختلاف نسبة الربح والعمل مع رأس المال، وإنما يفسد الشركة إن كان شرطًا في عقدهما، ولو تبرع به أحدهما بعده جائز، وهو بين في شركة الأموال، لأن المذهب لزومها بالعقد دون الشروع في العمل دون شركة الحرث، كذلك قولا سَحنون وابن القاسم، وعليه يصعب التبرع بها قبل الشروع، وظاهر نصوصهم أنه لا يقدح في صحتها.
قُلتُ: سمع ابن القاسم إن شارك ذو مائة ذا خمسين، ثم دعا ذو المائة ذا الخمسين على أن يسلفه نصف ما فضل به، وكان ذلك على غير شرط عند الشركة، ولا الحاجة من المسلف من أسلفه الآن، إلا رفقًا به فلا بأس به.
ابن رُشْد: هذا كما قال، وإن شرط في سلفة أن يشاركه بذلك لم يجز، وكذا إن شرط بعد عقدها بأن يخرج مائة والآخر خمسين على الثلث والثلثين لم يجز، لأن الشركة من العقود الجائزة التي لا تلزم بالعقد، وإنما يفترق قوله ذلك في العقد أو بعده إن قاله على غير وجه الشرط، كقوله: تعالى أسلفك خمسة وعشرين نضيفها للتي له، وأخرج أنا مثل ذلك، ونشترك بها، أو يقول له ذلك بعد أن عقد معه الشركة على مائة له، وخمسين للآخر أثلاثًا، إلا أنه إن قال له ذلك في العقد ابتداء كان الأظهر منه قصد منفعته فيصدق في ذلك مع يمينه، وإن قال بعد العقد حمل على أنه لم يقصد منفعة نفسه، إذ قد رضى بشركته فأشبه إذا كان المشترط هو الذي سأله لك، ولو قال له ذلك بعد أن عقد الشركة فاشتريا بها عروضًا للتجر على الثلث والثلثين مبلغ رؤوس أموالهما كان بيعا
جائزا وإن سمياه سلفًا، لأنه باع منه سدس العروض بالخمسة والعشرين التي سميا سلفًا.
قُلتُ: قول ابن عبدالسلام: لأن المذهب لزوم الشركة بالعقد دون الشروع، وهو مقتضى قول ابن الحاجب بجواز التبرع بعد العقد خلاف قول ابن رُشْد: أنها من العقود الجائزة، وهو نقتضى مفهوم أنه إن شرط ذلك بعد العقد أنه لا يجوز، ومحوه قول المقدمات: هي من العقود الجائزة لكل منهما أن ينفصل عن شريكه متى شاء، ولهذه العلة لم تجز إلا على التكافئ والاعتدال، لأنه إن فضل أحدهما صاحبه فيما يخرجه، فلما سمح لذلك رجاء بقائه معه على الشركة فصار غررًا، وجاز في المزارعة كون قيمة كراء ما يخرجه أحدهما أكثر من قيمة ما يخرجه الآخر على قول سَحنون: أن المزارعة تلزم بالعقد، وقاله ابن الماجشُون وابن كنانة وابن القاسم في كتاب ابن سَحنون، ولا يجوز فيها على القول بأنها لا تلزم بالعقد وهو معنى قول ابن القاسم في المدونة: ونص سماعه أَصْبَغ.
اللخمي: إن اشتركا بالعقد اشتريا مالا يقدر أحدهما على شرائه بانفراده لم يكن لأحدهما الرجوع على ذلك، لأنهما أوجبا ما يتعلق به حق لمن طلبه، وكذا إن قدر أحدهما الرجوع على ذلك، لأنهما أوجبا ما يتعلق به حق لمن طلبه، وكذا إن قدر أحدهما على شرائه وشراء الجملة أرخص، وإن كان شراء الجملة، وعلى الانفراد وسواء جرت على القولين في وجوب الوفاء بشرط مالا يفيد، وإن اشترط للتجر في غير معين، وماله هذا، لأنقصانه فلكل منهما الرجوع، وكذا إن أخرج أحدهما دنانير والآخر دراهم على القول بإجازته، فلكل رد ما أخرجه، لأنهما لم يقصد الصرف إلا للشركة والتجر في المستقبل، ويجري فيها القول بلزومها لأول نضة كأحد قولي مالك في عقد مراء المشاهدة أنه يلزم منه أول شهر، وإن اشتركا بسلع، فإنه قصد بيع نصف كل منهما نصف الآخر فقط فهي لازمة، ومن دعا للمفاصلة فله ذلك، وإن قصد التربص لحوالة أسواق ترجي لموسم ونحوه، فالقول قول من دعا لتأخير المفاصلة للوقت المعتاد كسلع القراض إلا أن يكون مما ينقسم من غير عرض ولا نقص ولا ضرر فينقسم، وأن كان القصد تمادي التجر بأثمانهما فالقول قول من دعا على أحد قولي مالك في الكراء، ويكون لمن أحب التمادي الخيار في نقض الشركة في العرضين دون من أحب
التمادي فيها، لأن مقال من أحب التمادي أن يقول: لم أقصد باخراج عرضي الشركه فيه إلا لرجاء التجر في المستقبل، فإذا لم يكن من ذلك عدت في عرضي ولا حجة لمن كره التمادي، لأن شريكه مكنه من الوجه الذي تقصد الشركة لأجله، ولو اخرجنا دنانير ثم سافر أحدهما بالمال فليس لأحدهما أخذ حظه من المال، ولا حظ صحابة إليه، ولو سافرا معًا والسفر لأجل التعاون بالمالين، لأنهما يتجران فيه بما لا يقدر أحدهما ان يتجر فيه وحده، فالقول قول من دعا للتمادي لأول نضة.
وفيها: إن أدعى أحد الشريكين أنه ابتاع سلعة فضاعت منه صدق، لأنه امين.
قُلتُ: ما لم تقم عليه تهمة كدعواه التلف وهو في رفقة لا يخفى ذلك فيها فيسأل أهل الرفقة فلم يعلم ذلك أحد منهم أو يدعي الخسارة في سلعة لم يعلم ذلك فيها لشهرة سعرها، ومحو ذلك حسبما تقدم في دعوى مبتاع حيوان بخيار تلفه أو موته، وقول ابن عبدالسلام إثر قول ابن الحاجب: والقول قول من يدعي التلف أو الخسارة. قال الباجي: قال بعض أصحابنا: إن لم يبين العامل في القراض وجه دعواه الخسارة ضمن إن لم يرد تخريجه في الشريك، فذكر غير مناسب، وأن أراد تخريجه رد بوضوح دلالة مسائل المذهب على أن تسلط الشريك على مال الشركة أقوى من تسلط عامل القراض على ماله، ونسبته للشريك كنسبة الخصوص للمفروض إليه.
وفيها: لمالك لغو نفقتهما إن كان ذوي عيال، وإن كان ببلدين مختلفي السعر.
الصقلي في رواية سليمان لاابن القاسم: هذا إن تقاربا في العيال.
قُلتُ: ذكرها ابن العطار غير معزومة كأنها للذهب.
التونسي: بلغني إن كان لكل منهما عيال فاختلف سعر بلديهما اختلافًا بينًا أن تحسب النفقة إذا نفقت العيال ليست من التجر.
اللخمي: القياس إن كان أحدهما في قراره وسعره أغلى حوسب بما بين السعرين مطلقًا، لأنه لم يخرج لتجر، وإن كان الاخر اعلاهما لم يحاسب بفضل، لأنه خرج لتنمية المال، فإن كان كل واحد قراره أو كان أغلاهما من هو في قراره دون من خرج لتنمية المال كان لأقلهما سعرًا أن يحاسب الآخر، لأن الأصل أن نفقة كل واحد عليه، وما سوى ذلك فهو للعادة، فأن كانت العادة الإنفاق من الوسط جاز على ما تجوز عليه
الشركة وهو المساواة في الانتفاع.
وفيها: لما قال مالك بلغني النفقة علمًا أن ما أنفقنا إنما جاز مال التجارة والكسوة لهما أو لعيالهما تلغى، لأن مالكًا قال: بلغني النفقة فالكسوة من النفقة.
قُلتُ: هذا نص في لزوم كسوة من ألتزمت نفقته وتقدم القول فيها في النفقة.
وفيها: إلا أن تكون كسوة ليس ما بيدلها العيال مثل القصي والشرطي والوشي فهذا لا يلغى، وما أشترا أحدهما من طعام أو كسوة لنفسه أو لعياله فلبائعة ان يأخذ من ثمنه من قدر عليه فيهما، لأن مالكًا قال: أنه يلغى.
اللخمي: إن تساوهما العيال في العدد وتباينوا في السر تحاسبوا بالفضل كتباين العدد، وإن كانت ممن لا يبدل واشتريت من مال الشركة فربحها للشركة، وخسارتها على مشتريها، وإن علم ذلك قبل، وزن الثمن فللآخر منعه إلا على المفاضلة فيه، وإن اشتركا على الثلث والثلثين وتساويا في العيال لم ينفق صاحب الثلث إلا قدر جزئه، ولا يجوز أن ينفق بقدر عياله ليحاسب بذلك في المستقبل.
قُلتُ: هذا إن عقد الشركة على ذلك، ولو كان تطوعًا بعد عقد الشركة كان كالسلف، وقد تقدم قول ابن الحاجب: وقيل: إنما يلغي في غير أوطانهما، فقبله ابن هارون.
وقال ابن عبدالسلام: لا أذكر من قاله في المذهب.
قُلتُ: في أخذه من كلام ابن شاس نظر.
قال ما نصه: الحكم إلغاء نفقتهما كان في بلد أو بلدين، وإن اختلفت الأسعار فيهما، وقيل: ذلك إن كان في غير أوطانهما فانظر هل لفظ قوله ذلك راجع إلى مطلق إلغاء النفقة فيكون إثباتًا لما نقله أبن الحاجب، ولا أعرف لغيرهما أو إلى إلغائهما مع أختلاف الأسعار فيكون إشارة لما قاله اللخمي فتأمله.
وفيها: إن كان لأحدهما عيال وولد وليس للآخر عيال ولا ولد حسب كل واحد ما أنفق.
وفيها: إن مات أحد الشريكين لم يكن للباقين أن يحدثوا في المال ولا في السلع شيئًا إلا برضا الورثة، لانقطاع الشركة.
وفيها: لابن القاسم من أقام بينه على رجل أنه مفاوضة كان له جميع ما بأيديهما بينهما إلا قامت فيه بينة أنه لأحدهما بإرث أو هبة أو صدقة، أو كان له قبل التفاوض، وأنه لم يفاوض عليه فيكون له خاصة.
الصقلي: عن بعض الفقهاء، وكذا يجب لو قال البينة عليه إنه شريكه كان شريكًا في جميع مابأيديهما إلا ما قامت بينة انه لأحدهما كالمفاوضة لا فرق بينهما.
اللخمي: لو أقام رجل البينة على رجل أنه شريكه لم يقض بالشركة في جميع أموالها، لأنه يقع على بعض المال، وعلى جميعه.
وفي كتاب ابن سَحنون: من أقر أنه شريك فلان في القليل والكثير فهما كمتفاوضين في كل ما بأيديهما، إلا إنه لا يجوز إقرار أحدهما على الآخر بدين ولا وديعة، ولو أقر أنهما شريكان في التجارات كان بأيديهما من التجارات بينهما لا يدخل فيه مسكنه ولا خادم ولا طعام، وإن قال إحدهما في مال بيده، ليس من الشركة هو لي من ميراث أو جائزة أو بضاعة أو وديعة لرجل صدق مع يمينه، إلا أن يقيم الآخر بينة أنه من الشركة، أو أنه كان بيده يوم أقر، فإن أقر أنه كان بيده يوم أقر بالشركة كان منهما، لان العين من التجارة، ولو قال: في متاع بيده من متاع التجر ليس منها ولم يزل بيدي قبل الشركة كان بينهما، ولو قال: فلان شريكي ثم قال: إنما عينت في هذه الدار والخادم صدق مع يمينه، وإن قال: شريكي في متاع كذا صدق، وإن قال: في كل تجارة، وقال الآخر: فيما بيدك، ولست شريكي فيما بيدي صدق مع يمينه، وإن قال: في حانوت بيده فلان شريكي فيما فيه، ثم أدخل فيه غزلًا وقطنًا، وقال: ليس من الشركة، وقال الآخر: كان فيه يوم أقر، فالقول قول من قال كان فيه.
قال: وقال سَحنون: روى أشهب أيضًا القول قول من قال: أدخله بعد الإقرار ليس من الشركة
قُلتُ: ففي كون الشركة كالمفاوضة في عموم شركتها في كل مالأحدهما أو ما قام دليل تخصيصه بأحدهما طريقا.
الصقلي مع التونسي واللخمي: ولو اختلفا عند المفاصلة بدعوى أحدهما الثلثين، والآخر النصف ففي كونه نصفين بعد أيهانهما، وأخذه في الثلثين إياهما إلا نصف
السدس، والباقي للآخر نقلا محمد عن أشهب، وابن القاسم بناء على اعتبار اتحاد حوزهما وتسليم دعواهما، وتعقب ابن عبدالسلام وغيره قول أشهب بعد إيهانهما بأنه لا موجب ليمين به لامتناع الثلثين، لأن مامضى له به منازع له فيه.
ابن فتوح: إن دعا أحد إلى أحد رجلين أنه بينهما وأدعى الآخر نصفه، ففي كتاب الجار لعيسى بن دينار: حلفا، وكان بينهما شطرين بعد أن يحلف طال النص أن نصفه له لا يعلم جميعه لمنازعة.
ابن فتوح: هذا وهم، إنما اليمين على مدعي النصف أنه لا يعلم جميعه لمدعي الكل، ولا يمين على مدعي الكل.
قُلتُ: وكان يمشي لنا الجواب عنه بأن تعقبه إنما يتصور باعتبار رعي دعوى مدعي الثلثين أو النصف مع قصد دعوى خصمه على النصف الآخر، وذلك يوجب تسليم النصف لمدعي الثلثين، ومن سأله خصمه مدعاه امتنع حلفا عليه، وقول أشهب: يمتنع بناء على رعي ذلك، لأن بناءه على رعي الدعوتين يوجب أن يكون لمدعي الثلثين النصف بتسليم خصمه، ونصف السدس باعتبار دعواهما في السدس والفرض الحكم بأنه بينهما نصفين، هذا خلاف، وإذا بطل بنا على رعي دعواهما وجب بناه على رعي تساويهما في الحوز، والقضاء بالحوز لا يستقل الحكم له دون يمين الحائز، فوجب يمين كل منهما، لأن الحكم إنما هو الحوزة، ولهذا قال الصقلي ما نصفه: وحجة أشهب أنهم تساووا في الحيازة واليمين، وقول ابن الحاجب: وإذا تنازعا في قدر المالين حمل على النصف خلاف قول أشهب لإسقاطه اليمين، وخلاف قول ابن القاسم: ونقل خلاف نصوص المذهب عنه لا يجوز.
وفي النوادر: لو أدعى أحد رجلين في جدار بينهما جميعه والآخر نصفه، ففي كون الواجب لمدعي كله ثلثه أو ثلاثه أرباعه قولًا مطرف وابن الماجشون، فالأول على قول مالك والليث وابن كنانة وأشهب وابن وهب وابن الماجشون على قول أبيه، وبه قال ابن القاسم.
وفيها: إن اشترى أحد المتفاوضين من مال شركتهما جارية، وقال: إنما اشتريتها لنفسه.
قال ابن القاسم: هي بينهما وشريكه بالخيار، وليس من فعل هذا كغاصب الثمن أو متعدي في وديعة ابتاع بها سلعة، هذا ليس عليه لرب الدنانير إلا مثل دنانيره، وهو كمبضع معه في شراء سلعة أو مقارض، أو وكيل تعدى فرب المال مخير في أخذ ما اشتراه أو تركه واختصرها البرادعي يزيادة بأن هؤلاء أذن لهم في تحريك المال فلكل متعد سنة يحمل عليه.
قُلتُ: تعليله بأنه أذن له في تحريك المال يبطل بتجر الوصي لنفسه بمال يتيمه.
فيها: يندب لجعله الربح لليتيم، ولا يجب عليه، والصواب تعليله بأنه أخذه بحركة التجر، وأصل أخذ الوصي إنما هو للحفظ لا لتنمية.
وفي وطء أحد الشريكين منهما طرق:
ابن رُشْد في نوازل سَحنون من الاستبراء: إن وطئها بعد إذن شريكه ففي تخيير غير الواطئ في التقويم عليه، وإبقائهما ولزوم تقويمها قولها مع المشهور، وغيره مع ظاهر قولها في الشركة، وعلى الأول إن لم يقومها منع الوطئ من الغيبة عليها، وعقوبته إن جهل أخف منها إن تعمد.
اللخمي: اختلف هل لغير الواطئ ردها للشركة فمنعه ابن القاسم وأجازه غيره، وأرى إن زطئها جهلاً فله ردها، وإن تعمده حيزت عنه لشريكه إن كان مأمونًا وله أهل، وإلا فلا حتى تباع.
ولابن القاسم: من وطئ أخته من الرضاعة بملك بيعت عليه إن كان عالمًا، وإن ظن حل ذلك لم تبع عليه، وفي استبرائها من وطئ أختين بملك، ثم عادت إليه إحداهما بعد بيعها قبل وطء الباقية أن يجتمعا في ملكه؛ ومعناه: إن كان جاهلاً.
عياض: في أمهات الأولاد: معروف مذهب المدونة في هذا الكتاب وغيره تخيير غير الواطئ التقويم والتماسك، وفي الشركة ما ظاهر خلاف هذا، وأنهما قولان آخران له أحدهما تقويمها يوم وطئها، ولم يذكر تخييرًا أو نحوه في الموازية واللفظ الآخر.
قوله: إن اشترى جارية لنفسه فوطئها أنهما يتقاومانها.
قال محمد بن يحيي: وكذا كل مالا ينقسم إذا ادعى أحدهما بيعه، فإن أبي أحدهما المقاواة عرضت للبي، وأخذها فإن أحب أمسكها بما بلغت.
وقال ابن أبي زَمَنين: هذا حكم المتفاوضين دون غيرهما، وقال فيها قول رابع: أنها باقية على حكم الشركة، ويعطي الشريك ما نقصها الوطء إن نقصها، وهو نحو رواية البرقي عن أشهب، لا يجب على الواطئ تقويم.
قال بعضهم: وهو القياس.
قُلتُ: قوله ونحوه في الموازية عزاه اللخمي لرواية محمد، وعزا الرابع أيضًا لرواية محمد.
قال: وهو القياس.
قال: وإن نقصها الوطء؛ لأنها ثيب فلا شيء عليه، وإن كانت بكرًا فعليه ما نقصها، وإن كان ربها إنما اشترى لقصد بكارتها كان له تغريمه نصف قيمتها.
ابن الحاجب: ولو وطئ جارية للشركة فللآخر تقويمها أو إبقاؤها، وقيل: تتعين مقاومتها، وقال ابن القاسم: تتعين إن كانت في شركة مفاوضة.
ابن عبد السلام: القول الثالث لا أعمله لغير ابن القاسم غير أن مالكًا قال في المدونة: إن كان كل واحد منهما يشتري امة من مال الشركة يطأها ثم يبيعها ويرد ثمنها في رأس المال ولا خير في ذلك، وما بأيديهما من الجواري على هذا يتفاومانها بينهما، فلو بقي هذا القول على هذا الوجه كان قريبًا من الثالث، غير أنه منسوب لمالك لا لابن القاسم، وتممه ابن بشير القاسم لقوله: للشريك إنفادها لمن وطئها بالثمن.
فإن قال: لا أقاويه فيها: وأردها في الشركة لم يكن له ذلك.
وقال غيره: له ذلك، فإذا كان كلام ابن القاسم متممًا لقول مالك لم يبق للقول الثالث وجود، ولا نسبة لابن القاسم.
قُلتُ: يرد بأن الثالث هو عزاه عياض لا بن أبي زمنين؛ ومعنى عزوه له أنه حمل قول ابن القاسم عليه لا أنه أنشأه لنفسه، وقول ابن عبد السلام إن ماتممه به ابن القاسم لا يبقي للقول الثالث وجود غير صحيح، وبيانه أن المتمم حاصله أن الشريك الواطئ أن يمضي للواطئ الأمة بثمنها، وهذا؛ لأنه قصد بشرائه أنها له لا للشركة بدليل فرضه المسألة أنه اشتراها ليطأها فقصده بشرائه وطأها ظاهر في أنه اشتراها لنفسه، فكان لشريكه أن يضمي له ذلك على الأصل فيما اشتراه أحدهما لنفسه من مال