المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب في المغصوب] - المختصر الفقهي لابن عرفة - جـ ٧

[ابن عرفة]

فهرس الكتاب

- ‌[كتاب الشركة]

- ‌ باب صيغة الشركة [

- ‌ باب في محل الشركة [

- ‌[باب في شركة عنان]

- ‌[باب معنى الخلط في الشركة]

- ‌[باب في شروط شركة الأبدان]

- ‌[باب شركة الوجه]

- ‌[باب في شركه الذمم]

- ‌[كتاب الوكالة]

- ‌[كتاب الإقرار]

- ‌[باب المقر]

- ‌[باب المقر له]

- ‌[باب صيغة ما يصح الإقرار به]

- ‌[كتاب الاستلحاق]

- ‌[باب مبطل الاستلحاق]

- ‌[كتاب الوديعة]

- ‌[باب المودع]

- ‌[باب المودَع]

- ‌[باب شروط الوديعة]

- ‌[كتاب العارية]

- ‌[باب المستعير]

- ‌[باب المستعار]

- ‌[باب في صيغة العارية]

- ‌[باب المخدم]

- ‌[كتاب الغصب]

- ‌[كتاب التعدي]

- ‌[باب في المغصوب]

- ‌[كتاب الاستحقاق]

- ‌باب التعدي

- ‌[باب الفساد اليسير والكثير في التعدي]

- ‌[كتاب الشفعة]

- ‌[باب الأخذ بالشفعة]

- ‌[باب الموجب لاستحقاق الشفيع الأخذ بالشفعة]

- ‌[باب الشريك الأخص والأعم]

- ‌[باب المشفوع عليه]

- ‌[كتاب القسمة]

- ‌[باب قسمة المهانات]

- ‌[باب في قسمة التراضي]

- ‌[باب في قسمة القرعة]

- ‌[باب المقسوم له]

- ‌[باب ما يحكم فيه ببيع ما لا ينقسم]

- ‌[كتاب القراض]

- ‌[باب في عمل القراض]

الفصل: ‌[باب في المغصوب]

[باب في المغصوب]

والمغصوب الباقي بحالة غير متغير في سواقه، ولم يطل زمانه ليس لربه غيره.

اللخمي: وغيره اتفاقاً، فإن هلك ففي وجوب قيمته يوم الغصب، أو أعلي قيمة مضت عليه من يومه، معروف المذهب وأبن شعبان عن ابن وهب، وأِهب وعبدالملك قال: لأن عليه رده كل وقت فمتى لم يرده فهو كعصبه حينئذ.

اللخمي: فجعل له أرفع القيمة مع وجود عينة وعدمه، وأراه كذلك إن كان المغصوب للتجر لا للقنية كقول الأخوين وأبن عبدالحكم، وأصبغ فيمن غصب دارا فأغلقها أو أرضا فبورها أو دابة فوقها يغرم إجارتها لمنعه ربها إياها.

ولو قتل المغصوب أجنبي فلربه أخذ الغاصب بغصبه أو القاتل بقيمته يوم القتل، فإن أخذه بها وهي أقل منها يوم الغصب، ففي صحة رجوعه بتمامها يومه.

نقلا الصقلي عن محمد وسحنون قائلا: كما لو باعه الغاصب وأخذ ربه ثمنه، وهو أقل من قيمته يومه.

ورده الصقلي بأن أخذه الثمن إجازة لبيع الغاصب بخلافه القيمة في القتل، ولو أخذ قيمته يوم الغصب، وهي أقل منها يوم القتل، ففي كون فضل القيمة يوم القتل للغاصب أو لربه، نقلاه عن محمد وأشهب قائلاً: لا يربح الغاصب.

ورده محمد بأنه ضمنه قيمته يوم الغصب تمليك له.

محمد: ولم يختلف ابن القاسم وأشهب أن أخذ القيمة من القاتل أنه يرجع بتمامها يوم الغصب على الغاصب كما ذكرنا.

أبو عمران: وخالف ابن القاسم أشهب إن أخذ القيمة من الغاصب.

قال أِهب: يرجع بتمام القيمة يوم القتل على القاتل إن كانت أكثر، وخالفه بان القاسم في هذا.

الصقلي: وعليه ألزم بعض القرويين ابن القاسم، أنه لو كان الغاصب عديما لم يكن المغصوب منه أحق بما أخذ من القاتل من غرماء الغاص، لأنه بالنيابة عنه أخذه إلا

ص: 272

أن يرفع عن الغاصب طلبه بتمام القيمة.

اللخمي: ولابن القاسم أيضاً في تعدي الوكيل كأشهب.

ابن الحاجب: إن كان ما أخذ ربه أقل مما يجب له على الآخر، فثالثها: المشهور يأخذ الزائد من الغاصب لا من الجاني.

قلت: عزا الشيخ في النوادر: عدم أخذ الزائد مطلقاً لسحنون، والأخذ مطلقاً لأشهب، وما جعله ابن الحاجب المشهور لمحمد.

الشيخ: سمع ابن القاسم من سرق سلعة فأعطاه فيها غير واحد ثمناً، ثم استهلكها رجل ضمن ما كان أعطي فيها، لا ينظر إلى قيمتها إن كان عطاء تواطأ عليه الناس ولو شاء أن يبيع باع.

وقال سحنون: لا يضمن إلا قيمتها، وقال عيسي: يضمن الأكثر من القيمة أو الثمن.

ابن رشد: قول مالك ولا ينظر إلى قيمتها، معناه: إلا أن تكون القيمة أكثر من ذلك فتكون له القيمة، وهو نص قول مالك فى سماع عيسي من كتاب العتق مثل قول عيسى من رأ] هـ أن لهه الأكثر، فقوله مفسر لقول مالك، فالمسألة راجعة إلي قولي الأكثر وقول سحنون.

ابن حارث: اتفقوا إذا غصبه عبداً أو جارية ثم لقيه بها بموضع آخر أنه ليس له إلا أخذ ذلك بعينه، ولا تجب له قيمته ولا يأخذه برده إلي موضعه.

قال ابن الحاجب: فلو وجد الغاصب خاصة فله تضمينه، فقبله ابن عبدالسلام وابن هارون، وزاد: قال سحنون في الجموعة.

قلت: وقال اللخمي: إن لقي المغصوب منه الغاصب بغير البلد الذي غصبه فيه فأراد أن يغرمه المثل أو القيمة لم يكن له ذلك عند ابن القاسم، وعليه أن يصبر حتى يقدم البلد الأول وله ذلك عند أشهب إلى آخر كلامه المتقدم نقله في حمل الطعام.

ومثله قول المارزي: ولو أبقي الغاصب الطعام ببلد الغصب، ثم سافر فلقيه ربه فطلعه حيث لقيه، فقال ابن القاسم: لا يقضي عليه حيث هو بالطعام، إنما يقضى عليه

ص: 273

بدفع الطعام أو مثله بالبلد الذي قبضه فيه.

وما عزاه ابن هارون لسحنون في المجموعة لم أجده له في النوادر ولا غيرها، وإنما له في المجموعة ما نصه: وليس بمنزلته أن لو لقيه ربه وقد عاد إلى بلده والمتاع بالبلد الذي نقله إليه، هذا له تضمينه قيمته، لأنه حال بينه وبينه.

قلت: وهذا خلاف مسألة لقائه بغير بلد الغصب، والغاصب لم يحدث به نقلا، لأن نقله كإتلافه، وإذا لم يتقله صار بضمانه إياه بمجرد غصبه كمدين به في ذمته مشروطاً عليه دفعه ببلد معين فلقيه ربه بعد حلول أجله بغير بلد قبضه، فالواجب عليه خروجه لدفعه له ببلد شرط قبضه أو توكيله على ذلك ثقة غيره.

وفيها: وما اغتصب أو سرق من دواب أو رقيق فا استعملها، وطال مكثها بيده أو أكراها فلا شئ عليه في ذلك إنما عين شيئه، وليس أن يلزمه قيمتها إذا كانت بحالها لم تتغير في بدن ولا ينظر لتغير سوق، وأما المكتري أو المستعير يتعدي المسافة تعديا بعيداً أو يحبسها أياما كثيرة ولم يركبها ويردها بحالها، فربها أخذ قيمتها يوم التعدي، أو أخذها مع كراء حبسه إياها بعد المسافة، وله في الوجهين على المكتري الكراء الأول، ولولا ما قاله مالك لجعلت على السارق كراء ركوبه إياها وضمنته قيمتها إّذا حبسها عن أسواقها كالمكتري ولكني آخذ فيها بقول مالك، وقد قال جل الناس الغاصب والسارق والمكتري والمستعير سواء لا كراء عليهم، وليس عليهم إلا القيمة أو يأخذ دابته.

فقال ابن رشد في أول مسألة من نوازل عيسي: أما العبيد والدواب فلا يلزم الغاصب قيمته إلا بدخول نقصان في أبدانها، هذا قول ابن القاسم وفيه اختلاف كثير.

قيل: حوالة الأسواق بالنقص فوت يوجب قيمتها يوم الغصب، وقيل: طول الزمان، وإن لم تحل بنقص أو حالت بزيادة فوت، وإليه نحا ابن القاسم بقوله: ولولا ما قاله مالك لجعلت علي السارق والغاصب ما على المستعير والمكتري من ضمان القيمة بحبسه عن أسواقها، وقيل: إن حالت بزيادة فربها بتضمينه أرفع قيمتها، قاله ابن وهب

ص: 274

وأشهب، وقاله بعض المتأخرين إن كانت للتجارة، وإن كانت للقنية فليس لربها إلا أخذها.

ولأبن حبيب عن الأخوين وأصبغ: إن سافر غاصب الدابة بها سفراً بعيداً، ثم ردها بحالها فربها مخير في تضمينه قيمتها يوم الغصب، وأخذها مع كراء ركوبه إياها، ومثله حكي أبو زيد عن ابن الماجشون، وزاد: وإنما هو كالمكتري يتعدي على ما اكتري، فحيث يلزم المكتري القيمة تلزم الغاصب أمرهما واحد.

ولو أمسكها الغاصب في داره أياما كثيرة قدر ما لو سافر بها لزمته قيمتها، لم يلزمه قيمتها إن جاء بها صحيحة من غير سفر، وإن كان حبسها عن أسواقها وتفرقة ابن الماجشون هذه في حبسها عن أسواقها، وأتي بها بحالها بين أن يسافر عليها أو لا قول خامس في المسألة.

قلت: فالحاصل في قولها بمجرد طول حبسها أو به مع حوالة الأسواق، ثالثها: إن سافر بها وردها بحالها لا لطول حبسها دون سفر بها لنقلي ابن رشد مع زعمه ميل ابن القاسم للأول وأبن الماجشون.

وفي كون طول الحبس في المكتري والمستعير فوتا قولها، وميل ابن القاسم لمساواتها الغاصب، ولا أعرف فيهما نص القول بعدم التضمين بطول الحبس، ومقتضي قول ابن الحاجب: لو رجع بالدابة من سفر بعيد بحالها لم يلزم سواها عند ابن القاسم، بخلاف تعدي المكتري والمستعير، وفي الجميع قولان وجودهما فيهما نصاً، وقبله شارحاه، وتقدم في البيوع بيع المغصوب من حيث كونه مغصوباً، وأما بيعه من غاصبه بعد نقله من بلد غصبه والغاصب بغيره بلده، ففي صرفها لو غصبت جارية فانطلقت بها لبعض البلدان فأتيت ربها أيجوز إن ابتاعها.

قال: نعم إذا وصفها، لأنه ضامن لما أصابها.

الصقلي عن سحنون: لا يجوز له بيعها، لأنه لا يدري باع منه الجارية أو القيمة، فإن اختار تضمينه القيمة يوم الغصب كان له بيعها بما يجوز له بيعها وينتقد ابن محرز،

ص: 275

وهو كقول أِشهب، وفي قول ابن القاسم وسحنون في مسألة الجارية نظر، لأنه تقدم لابن رشد وغيره أن قول سحنون في نقل الرقيق: ليس لربه إلا أخذه، وذلك مناقض لقوله في مسألة الجارية له اختياره تضمينه القيمة، وتقدم للخمي عن ابن القاسم في نقل الحيوان: لزوم قيمته، وهذا مناقض لقوله في الجارية: يجوز بيعها، وقول أشهب جار علي أًله في النقل.

قال ابن الحاجب: وفيها لو نقل الجارية لبلد، ثم اشتراها من ربها في بلد آخر جاز، وقال أشهب: بشرط أن يعرف القيمة ويبذل ما يجوز فيها بناء علي أصلي السلامة على القول في النقل، فإن الواجب فيه للمغصوب منه أخذ شيئه، وهذا إنما هو قول سحنون حسبما تقدم للخمي، والثاني: عزاء المؤلف لأشهب.

وقوله في نقل المغصوب: إن ربه مخير في أخذه أو قيمته، ولم يقل بوجوب القيمة إلا ابن القاسم حسبما تقدم للخمي.

وإذا حكم بقيمة المغصوب لظن فوته، ثم وجد بصفة ما قوم عليه، ولم يدلس الغاصب بإخفائه، فالروايات والأقوال واضحة بلزوم ذلك لربه، ولم يحك المازري عن المذهب ولا غيره ممكن تقدمه غيره، وخرجه بأن القيمة عوض عن نفس المغصوب، وعن الشافعي أنه يقضي لرب المغصوب بأخذه، ووجهه بأنه بناء على أن المأخوذ من الغاصب إنما هو عوض عن حيلولته بين المغصوب وربه.

ولما ذكر ابن شاس الأول قال: ولربه الرجوع فيه لم يعزه، وعزاه اللخمي لابن القاسم في المبسوط وصوبه قال: ويحمل علي أنه أخفاه، لأنه علم رغبته فيه.

قلت: ويتخرج عندي من قولها في كتاب الجعل من الإجازة: وإن انقطع ماء

ص: 276

الرحى فهو عذر تتفسخ به الإجازة، فإن عاد الماء في بقية المدة لزمه باقيها.

وإن دلس الغاصب بإخفائها ففيها: لربه أخذه وإن لم يدلس، وظهر أفضل من الصفة التى قوم عليها فلربه الرجوع بتمام القيمة.

الشيخ: وقاله أشهب.

قال: ويخلف أنه ما أخفاه، وقال: من قال له أخذها أخطأ، لأنها لو ظهرت مثل الصفة لم يأخذها، لأنه لم يتبعها طائعا، إنما وجبت للغاصب بالقيمة حين أخذه ربها، فإنما تطلبه بما جحدك من قيمتها، لأنه لو نكل عن اليمين في صفتها وحلفت على صفتك، ثم ظهرت بخلاف ذلك كنت ظلمته في القيمة، فيرجع عليك بما حسبت عليه، ولو لم يكن له رد الجارية عليك.

قلت: فمقتضي تعبير المازري عن قول أشهب، وابن القاسم بالمشهور أن ما أنكره أشهب هو في المذهب.

عياض: وفي بعض رواياتها لرب الجارية أخذها ورد ما أخذ، وإن شاء تركها وحبس ما أخذ من القيمة، قيل: هذا قول مالك قال: هذا رأيي، وكذا لان عتاب وعلم عليه.

قال ابن وضاح: قال سحنون: لا أعرفه يقول هذا وتركه ولم يعرضه.

قال يحيي بن عمر لأصبغ وأبي زيد عن ابن القاسم: لربها رد ما أخذ وأخذ جاريته.

قال ابن وضاح: قال سحنون لا أعرفه يقول هذا وتركه ولم يعرضه.

قال يحيي بن عمر لأصبغ وأبي زيد عن ابن القاسم: لربها رد ما أخذ وأخذ جاريته.

قلت: ففي انحصار حقه في تمام قيمتها وتخييره فيه وأخذها برد ما أخذ، ومقابل لفظ المازري المشهور يحتملهما.

قلت: وكان يمضي لنا إجراء القولين على القول بعد التكفير في نفي الصفات بناء على أن نفي الصفة الثابتة للموصوف لا يستلزم القول بنفيه، وعلى القول بالتكفير به بناء على أن نفي الصفة الثابتة للموصوف يستلزم القول بنفيه.

وسمع ابن القاسم: من انتهب صرة من رجل بمنظر من الناس فطرحها حيث

ص: 277

فقد، ولم يدر المنتهب ما فيها، واختلف في عددها فاليمين على المنتهب.

وقال ابن مطرف وابن كنانة في هذا وشبهه: القول قول ربها إن ادعى ما يشبه وما يملك مثله.

ابن رشد: القول قول المنتهب أنه ليس فيها أكثر من كذا، إن حقق أنه لم يكن فيها أكثر من ذلك وأتي بما يشبه، فإذا أتي ربها على قول ابن كنانة بما يشبه قبل قول المنتهب إن أتي بما يشبه وإلا سجن، فإن طال سجنه استحلف على ذلك.

وأخذ منه اللخمي إن قال: غصبتنى هذا العبد، وقال الغاصب: بل هذا، واختلفا في الصفة فقط، قبل قول الغاصب إن أتي بما يشبه، وإن قال: ما لا يشبه ففي لغو قوله وقبوله قولا ابن القاسم، وقول أشهب فيمن غصب جارية، وقال: كانت صماء عمياء قبل قوله.

اللخمي: ولو آنكر الغصب وقامت بينة بإقراره أو البينة غصبه عبداً لم تثبت صفته، ففي استحقاق ربه بيمينه ما ادعاه من صفته أو الوسط منها قولان، والأول أصوب.

والمذهب أن الولد ليس بغلة خلافا للسيوري، وتقدم في الرد بالعيب، وعليه من غصب أمة فولدت عنده ففي ضمانه الولد بموته يوم ولد ولغوه. نقلا اللخمي عن أشهب وابن القاسم، وخرج اللخمي: ضمانه بأعلي قيمة على ضمان المغصوب كذلك، فول ماتت الأم فقول ابن القاسم: يضمنها فقط يوم الغصب، وإن ماتت الأم فقط خير عند ابن القاسم أحسن على أن قيمتها يوم الغصب.

والقياس أن له أخذ قيمتها يوم ماتت، وأخذ الولد وله أخذ أرفع قيمتها بعد الولادة، ولو قتل أحدهما فعلي قول ابن القاسم يأخذ قيمته يوم قتل مع الآخر، وعلى قول أشهب: إن قتل الولد أخذ قيمة الأم وقيمته يوم ولد، وإن قتلت الأم أخذ الولد

ص: 278

وقيمتها يوم الغصب، وأن قتلهما فعلي قول ابن القاسم فيها يأخذ قيمة الأم فقط، وعلى قوله في الدمياطية: يأخذ قيمتها يوم قتلهما، وعلى قول أشهب يأخذ قيمة الأم يوم الغصب، وقيمة الولد يوم ولد.

وعلى ما حكى ابن شعبان عنه له أخذ قيمته يوم القتل إن كانت أرفع، وإن قتل أحدهما ومات الآخر فعند ابن القاسم في الأم قيمتها يوم غصب ماتت أو قتلت، ولا شئ في الولد ولو قتل، وعلى قوله في غير المدونة له أخذ قيمة الأم يوم قتلت، ولا شئ في الولد ولو قتل، وعلى قوله في غير المدونة له أخذ قيمة الأم يوم قتلت، ولا شئ في الولد، لأنه مات، وإن ماتت الأم فالقيمة فيها عنده يوم الغصب ولا شئ في الولد، لأنه متى كانت القيمة عنده يوم الغصب لم يكن في الولد شئ.

هذا على أًصله في المدونة، وعلى قوله في الدمياطية له أخذ قيمة الولد يوم قتل وفيما مضي دليل الوجوب، لو ولدت عند مشتر أو موهوب له من زني ووجدهما قائمين، أو ماتا أو أحدهما، أو قتلا أو أحدهما، أو قتل أحدهما ومات الآخر والقتل من المشتري أو الموهوب له أو من غيرهما.

قلت: رد بعضهم تخريجه أعلي القيم بأن الولد رهنا.

قيل: إنه غلة فيمكن أن يراعي هذا الخلاف فتسقط زيادة القيم.

يرد بأن رعيه هنا يوجب لغو مطلق قيمته والفرض اعتبارها، وهو مع رعي كونه غلة متناف، وشرط رعي الخلاف عدمه حسبما تقدم الكلام عليه في الأنكحة، وإن عاب المغصوب بسماوي تخير ربه في أخذه كذلك أو أخذ قيمته.

فيها: إن عصب أمة فعميت أو عورت أو ذهبت يدها بأمر من الله من غير سبب الغاصب، فليس لربها أخذها وما نقصها إنما له أخذها ناقصة أو أخذ قيمتها.

اللخمي: وعلى قول سحنون له أن يأخذه بقيمة النقص يوم الغصب، لأنه قال: القيمة في قطع يد العبد يوم الغصب وإن لم يأخذه بالتعدي وهو يوم جني، وكان الحكم عنده يوم الغصب تساوي في ذلك ما كان من سبب الغاصب وغيره وهو أبين، لأنه يضمنه إن هلك من غير فعله فكذا إذا هلك بعضه، وتبع ابن رشد في المقدمات اللخمي في هذا التخريج.

ص: 279

وسمع عيسى ابن القاسم: إذا ذهبت يد العبد المغضوب بامر من السماء فلا شئ لربه، إلا قيمته أو أخذه مقطوعاً، ولا شيء علي الغاصب، لا اختلاف فيه من قول ابن القاسم.

ويتضمن الغاصب المغصوب بالعيب الكثير اتفاقاً، وفي ضمانه باليسير نقل اللخمي.

قال ابن القاسم: يضمن، وفي الموازيه: من غصب دارُا فانهدم بعضها خير ربها في إسلامه ما خرب بأصله واخذ قيمته أو أخذه بلا نقص، وإن انهدم أكثرهم فلا اسلام العرصة يأخذ قيمته مبينة وحبسها كلها بلا نقص ففرق بين الكثير والقليل، وعند ابن الجلاب مثله لا يضمن باليسير وهو أبين، ولا فرق بين الغصب والتعدي.

والفرق بين الغاصب كان ضامناً للرقبة بالغيبة عليه لا يصح، لأنه لا يضمن بها في الحقيقة، إنما هو مترقب إن سلم لم يكن للمغصوب منه سوي عين شيئه.

ولابن القاسم من خرج بعبد إلي بلد تعديا ضمنه إن هلك، وإن حدث به يسير عيب ضمن ما نقص فلم يضمنه باليسير، وإن كان ضامناً للرقبة.

قلت: ضمانه للرقبة بتعديه للسفر ليس كضمانه الرقبة بالغصب، لأن الغاصب يضمن الرقبة ولو هلكت بسماوي غير ناشئ عن فعله، والمتعدي ليس كذلك حسبما نقلناه في العارية فتذكره.

وتعقب المازري تخريج اللخمي بما في الموازية فقال: فيه نظر، لأنه يمكن ان يكون رأي بيوت اللدار كأنها سلع متفرقة، فإن انهدم بيت وسلم سائرها صار كمن غصب ثياباً، فلحق بعضها عيب وسلم باقيها فإنه لا يضمن السالم منها.

وتعقب ابن عبد السلام رد المازري بقوله: في هذا الرد عندي نظر؛ لأنه لو راعي محمد هذا لما فرق بين انهدام جل الدار وما هو دون ذلك.

قلت: يجاب للمازري بأنه إنما شبهها بالثياب وقرر احتمال اعتبار محمد ذلك حيث لا يكون هدم ما انهدم منها يوجب عيباً في باقيها وهو حيث كون المهدوم يسيراً، أما إن كان كثيراً فلا يتقرر شبهها بالثياب، لأن هدم كثيرها يعيب باقيها فيصير الهدم كأنه

ص: 280

عام فيها، ويؤيد هذا تفرقتهم في استحقاق بعضها بين اليسير والكثير.

وفيها: لو قطع يد الجارية أجنبي لم يكن لربها أخذ الغاصب بما نقصها، وله أن يضمنه قيمتها يوم الغصب ويتبع الغاصب الجاني بجنايته لربها أخذها وإتباع الجاني بما نقصها دون الغاصب.

الصقلي: قيل: إن كانت قيمتها يوم الغصب عشرين ونقصها القطع النصف فأخذها ربها ونقصها عشرةً نظر لقيمتها يوم الجناية، فإن كانت مائة ونقصها القطع خمسين أخذه ربها من الجاني يعطي منها للغاصب عشرة أخذها ما بقي، وهذا علي قول أشهب أن الغاصب لا يربح.

وفيها لأبن القاسم: من غصب أمه شابة فهرمت عنده فهو فوت يوجب لربها قيمتها، وفي كتاب أشهب، لربها أخذها ولا شئ له في هرمها يسيراً كان أو كثيراً، وكذا لو صارت إلي تغيير يسير كانكسار النهدين ونحوه له تضمينه قيمتها إن شاء، وقبله الصقلي.

وقال ابن عبد السلام: استشكل بعض الشيوخ قول اشهب من حيث لم يجعل ما حدث من النماء فيها، وهو نشور قدها جابراً لعيب انكسار الثديين.

قلت: يرد ما قاله: بأن جبر العيب بالزيادة إنما ذكروه في الزيادة الكائنة عن سبب العيب الذي يجبرها، حسبما تقدم في جبر عيب النكاح بالولد في الرد بالعيب وكتاب الوديعة.

وفي لغو حوالة الأسواق ولو بنقص وإيجاب نقصها خيار ربها في أخذه قيمتها، معروف المذهب، ونقل المازرى عن ابن حارث رواية ابن وهب، وتقدم حكم طول الحبس.

وفيها: لو قطع الغاصب يدها فلربها أخذها وما نقصها أو تركها بأخذ قيمتها.

ص: 281

الصقلي على ابن حبيب وقاله الأخوان وابن كنانة، وقال سحنون: هذا خالف قول ابن القاسم في قتلها أن عليه قيمتها يوم الغصب لا يوم القتل، وقد تزيد قيمتها يوم القتل فيكون فيما نقص القطع يغرمه مثل قيمتها يوم القتل أو أكثر فيأخذها، ومثل قيمتها فيأخذ في اليد ما لا يأخذ في النفس، وأري أن ليس له إلا أخذها ناقصة فقط أو قيمتها يوم الغصب.

محمد: وقاله أشهب وبه أقول.

محمد: وحجة ابن القاسم إسقاطه حكم الغصب، وأخذه بحكم العداء فيلزمه ذلك في القتل، وهو لا يقوله ولا مالك ولا أصحابه.

الصقلي: ذكر بعض أصحابنا: روي الدمياطي عن ابن القاسم أن له أخذه بالعداء فيغرمه القيمة يوم القتل، وقاله سحنون في المجموعة، ثم رجع عنه وهذا كقوله في القطع.

الصقلي: قيل: إنما خالف بين القطع والقتل، لأنه قي القتل أذهب عينها.

وفي القطع بقى بعضها، فقد يكون لربها رغبة في عينها فيرفع حكم الغصب ويأخذه بالجناية، وسحنون ضمنه قيمتها يوم الغصب كأجزاء غصبها فات بعضها وبقى بعضها فضمنه قيمة ما فات يوم الغصب، ويجب عليه إن ذهبت يدها بأمر من الله أن يضمنه قيمتها يوم الغصب ويأخذ بقية أعضائها.

قلت: وتقدم هذا اللخمي.

الصقلي: لأشهب: لو فقاً عينها أجنبي فلربها أخذها ونقصها من الفاقئ في عدمه وملائه، ولا شئ له على الغاصب، أو إسلامها وأخذ قيمتها منه يوم الغصب، ولو أخذ فإن كان عديما أخذ ذلك من الجاني على الغاصب، وإن كانت قيمتها يوم الغصب أكثر فله طلب الغاصب بالقيمة نقصها من الفاقئ وهو أكثر من قيمتها يوم الغصب أخذ منه الأكثر.

سحنون: لها تفسير ابن عبدوس هو إن كان أخذه الغاصب من الفاقئ أكثر من

ص: 282

قيمتها يوم الغصب أخذ جاريته واتبع الغاصب بما أخذ من الجاني، أو يتبع الجاني به ثم يرجع الجاني به علي الغاصب.

قلت: زاد في النوادر: قال أشهب: إن لم يأخذ من الجاني شيئاً فربها إن أخذ قيمتها من الغاصب وهي أكثر، فللغاصب طلب الجاني بما لزمه، وإن كان ما أخذ من الغاصب أقل رجع علي الجاني بما فضل له مما بين القيمتين، وأخذها الغاصب بما أدي من القيمة يوم الغصب، وأنكره محمد.

أشهب: ولو أخذ من الجاني أو لا نقصها وهو الأكثر فلا طلب علي الغاصب، وإن كان الأقل تبع الغاصب بباقي قيمتها يوم الغصب، علي قول سحنون: لا شيء له إلا أخذ جاريته ونقصها من الجاني كان أكثر من قيمتها اللازمة للغاصب أو أقل ولا شيء عل الغاصب، او يأخذ من الجاني قيمتها يوم الغصب ويسلم له الجارية، وما يلزم الجاني يأخذه منه الغاصب، لأنه لما ضمنه القيمه يوم الغصب، صارت الجناية إنما هي علي الغاصب.

أشهب: إن غصب أشياء مختلفةً فنقصت في يده فلربها تضمينه قيمتها يوم الغصب، أو اخذها ناقصة ولا شيء له، وله أخذ بعضها بنقصه وقيمة باقيها.

وقتل المغصوب بحق قصاص أو حرابة كموته، ولو جني فلربه أخذه فيخير في فدائه بالآرش أو إسلامه فيه، أو اخذ قيمته فيخبر الغاصب في الفداء والإسلام.

وفي قصر حقه علي هذا ورجوعه مع اي الأمرين اختاره علي الغاصب بالأقل من الأرش، أو قيمته نقلا الشيخ عن ابن القاسم مع قول محمد: هذا الصواب؛ لأن كل نقص يحدث ليس لربه أخذه مع نقصه، وأشهب قائلا، لأنه إن اسلمه وقيمته يوم الغصب أقل من الرش قال الغاصب: ليس علي غيرها، وإن كان الأرش أقل قال الغاصب: كان له فداؤه بالأرش فقط فأسلمته بما لا يلزمك ولا يلزم غيرك.

قلت: وسمع عيسي ابن القاسم مثله.

قال أشهب: ولو اسلمه الغاصب قبل استحقاقه ربه فله إمضاء تسليمه، ويتبع الغاصب بقيمته يوم الغصب، وإن فدأه رجع عليه بالأقل.

ص: 283

قلت: إنما رجع عليه إن أمضاه بالقيمة لا بالأقل، لأنه بإسلامه التزم قيمته.

قال: ولو كان الغاصب قد فداه أخذ ربه، ولا خيار له فيه إن كانت جنايته خطا أو عمداً، وكان يفعل ذلك عند ربه، وإن لم يكن يفعل ذلك عند ربه، فله تركه وأخذ قيمته، وقاله أشهب.

قال سحنون: كنت اقول بقول أشهب هذا، ثم تبين لي أن قول أبن القاسم أشبه، واحتج بمثل ما تقدم لمحمد.

وقي الموازية: لو جني العبد قبل الغصب جناية وبعده أخري علي رجلين، فقال أشهب: يخير ربه، فإن أسلمه بهما تبع الغاصب بنصف قيمته يوم الغصب، إلا ان يكون أكثر من أرش جنايته علي الثاني، وإن شاء فداه بالأرشين وتبع الغاصب بالأقل من أرش الثانية، ونصف قيمتة يوم الغصب.

محمد: ولم يعجبنا هذا، والصواب إن أسلمه ربه في الجنايتين لم يرجع علي الغاصب بشيء، لأنه كان مرتهناً بأرش الأول عليه وقع تعدي الغاصب فالعبد بين مستحقي الأرشين، ويرجع مستحق الأرش الأول علي الغاصب بنصف قيمة العبد، إلا أن يكون الأرش الثاني أقل من نصف فعلي الغاصب الأول، فيصير لمستحق الأرش الأول نصف العبد من نصف قيمته، إلا أن يدفع ربه لمستحقه ارشه فيصير له ما كان له ويصير له نصف العبد، ويرجع علي الغاصب بنصف قيمة العبد، لأن الغاصب لم يتلف عنده إلا نصف العبد.

اللخمي: من غصب عصيراُ فتجمد ليس عليه وغرم مثله، ومن غصب خمراً فتخلل ولربه أخذه، وإن غصب عصيراً فتخلل خير ربه في أخذه أو أخذ مثله.

وفي ثمانية أبي زيد: من كسر جرة عصير دخله عرق خلً، ولم يتخلل غرم قيمته علي الرجاء والخوف إن لم يدخله عرق خلً فلا شيء عليه؛ لأنه لو علم به ربه لم يحل له إمساكه.

المازري: خرج بعض متأخري حذاق الأشياخ وهو الشيخ أبو الطيب عبد المنعم

ص: 284

وفي مسلم غصب مسلماً خمراً فتخللت خلافاً فقال: من أوجب من أصحابنا إراقتها ومنع حائزها من تخليلها فقد ألغي حوزه بها، فاذا غصبها مسلم فتخللت عنده بقيت ملكاً له لمكانه؛ لأنها صارت بتخللها كطائر حصل في حوزه لم يتقدم عليه ملك أحد ولا حوزه، ومن لم يجب إراقتها علي من حبسها للتخليل فقد اعتبر حوز من هي بيده، فإن تخللت بيد الغاصب ردت لحائزها الأول، وما قاله الشيخ أبو الطيب ينظر إلي ما اعتل به ابن القاسم لما قال إن مالكاً قال: إن اجترأ فخللها فإنه يتملكها، وقال ابن أبي زيد: إنما وجبت لمن غصبت منه، لأن الغاصب لم يكن له فيها صنعة توجب ملكها له.

قلت: مفهومه لو تسبب في تخليلها كانت له، وتصير بتخميرها ثم تخليله إياها كصيد ند فتوحش فتسبب في صيده أجنبي، ففي كونها بتخليلها عند الغاصب له أو لربها ثالثها: إن تسبب في تخليلها لتخريج عبد المنعم والمعروف، ومفهوم تعليل أبي محمد، وللشيوخ قال أشهب: إن غصب مسلم خمراً لذمي فخللها خير في أخذها خلا وقيمتها يوم الغصب، ولو استهلك مسلم لذمي خمراً ففي غرمه قيمتها، ولغوه قول مالك مع أكثر أصحابه وابن الماجشون.

وفي كون الخلاف بناء علي عدم تكليفهم بالفروع وثبوته أو علي خصوص دليل تحريمها بالمؤمن لقوله تعالي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)) المائدة: 90) نقل المازري عن المذاكرين والبغداديين.

قلت: هذا خلاف نقل ابن حارث: اتفقوا في المسلم يستهلك لنصراني خمراً أنه يجب عليه قيمتها، واختلفوا فيمن يقومها فقال ابن القاسم: أهل دينهم.

سحنون: لا يقومها إلا أهل العدل من المسلمين.

محمد: وسمعت أنه يقومها من أسلم من المسلمين وهو قول ضعيف، والاستضافة في ذلك لا تعدم عند المسلمين.

الشيخ: لابن عبدوس عن ابن القاسم وعبد الملك: من غضب قمحاً فزرعه فعليه مثله.

ص: 285

قلت: زاد في المدونة: ولو حصد منه زرعاً كثيراً

ولابن عبدوس عن اشهب: من غصب بيضة فحضنها فخرج منها دجاجة فهي له وعليه بيضه مثلها، كغاصب قمح فزرعه فالزرع له وعليه مثل القمح، وأحب الي تصدقه بالفضل ولا يجب عليه.

ولسحنون في العتبية: من غصب بيضة من دجاجة حيه أو ميتة فحضنها تحت دجاجة فالفرخ لرب البيضة، وللغاصب قدر كراء حضانة دجاجته.

ابن رشد: فول سحنون علي أصله في المزارعة والفاسدة أن الزرع لرب البذر، وهي رواية ابن غانم

، وعلي أن الزرع فيها لرب الأرض والعمل يكون الفرخ للغاصب، وعليه لرب البيضة مثلها، وعليه قول سماع سحنون ابن القاسم في الشركة في رجل أتي بذكر حمام وآخر بأنثي علي الفراخ بينهما أن الفراخ بينهما.

ومن قال لرجل: حضن هذا البيض تحت دجاجتك والفراخ بينهما، أنها لرب الدجاجة ولرب البيض مثله. الشيخ: لأشهب في الموازية والمجموعة: من غصب دجاجة فحضن بيضها ففراخها لربها كالولادة

أشهب: ولو حضن بيض المغصوبة تحت دجاجة للغاصب، وبيض دجاجته تحت المغصوبه، فلا شيء للممغصوب منه إلا دجاجته ومثل بيضها.

قال في الموازية: وله كراء مثل حضانتها وما نقصت.

الشيخ: في قوله) وما نقصت) نظر إلا ان يكون نقصا بيننا فيخير في أخذ قيمتها يوم الغصب دون شيء من بيضها وفراخها وحضانتها.

قال في الكتابين: وكذا الحمامه يغصبها فتبيض وتحضنهم، فالأفراخ لربها ولا شيء للغاصب في إعانه ذكره.

قال في الكتابين: ولا شيء له من أفراخ ما حضنه غيرها من بيضها، إنما له مثله إلا أن يكون عليه في أخذ البيض ضرر في تكليف تمام تحضينهم، فله أخذ الغاصب بقيمة البيض.

ص: 286

ومن غصب عينا تجر بها ففي كون ربحها له مطلقا، أو إن كان موسرا وإلا فلربها، ثالثها: لربها قدر ما كان يربح فيها لو بقيت بيده.

للخمي عن ابن القاسم مع مالك، وابن مسلمة مع ابن حبيب في ولي اليتيم يتجر بما له لنفسه لا لليتيم، وابن سحنون فيمن رجع عن شهادته في دين عين أو مثلي حال أنه أخرجه المدين سنة، قال: وأري إن لم يتجز بها بل أنفقها أو قضاها في دين عليه، ولو كانت بيد ربها لم يتجر بها لا شئ على الغاصب، وإن كان ربها ممكن يتجر بها فعليه ما يري من تلك المدة، إلا أن يعلم أنها تلك المدة لا تربح، وإن كان ربها لا يتجر بها أو الغاصب موسر بغيرها ولم يعامل لأجلها فربحها له، وإن كان فقيراً عومل من أجلها فربحها لربها، وإذا لم تكن في ذمة الغاصب سبب الربح، فربح المال منه كزكاته.

قال: وإن كان ربها ممن يتجر بها والغاصب فقير فعليه الأكثر مما ربح فيها أو كان يربحه ربها.

ولو صبغ الثوب غاصبه فلربه أخذه.

وفي كونه مجانا أو يغرم:

نقل اللخمي عن أشهب: وعلي الثاني في كونه يغرم قيمة الصبغ أو زاده فيه قولها، ونقل اللخمي عن ابن القاسم: وله تركه للغاصب.

وفي كونه بأغرامه قيمته يوم الغصب وتخييره بكونها يوم الغصب أو يوم الصبغ قولها، ونقل اللخمي عن ابن القاسم في غيرها: وله عن ابن مسلمة إن نقصه الصبغ غرم النقص، وإن زاد لم يكن له فيه شئ إلا أن يكون إن غسل خرج منه شئ له قيمة فيخير ربه إن شاء أعطاه الثوب يغسله، أو قيمة ما يخرج منه، وعلى قول عبدالملك لربه أخذه مجانا إن كانت النفقة يسيرة، وإن كان لها قدر أعطاه قيمة ذلك أو ضمنه إن كانا شريكين.

المازري لان الماجشون في الواضحة: لا حق لغاصب في صبغ ولا صوغ ولا

ص: 287

طحن كقول أشهب لقوله "صلى الله عليه وسلم""ليس لعرق ظالم حق"، ولأبن الماجشون أيضا في المبسوط: إن صبغ الغاصب يسيرا فلربه أخذه مجانا، وإن صبغ فيه كثيراً فلا يأخذه إلأ بدفع قيمته الصنعة أو يضمن الغاصب أو يكون شريكين، فأثبت الشركة هنا عبدالملك، ونفاها ابن القاسم.

وقال أشهب: من غصب ثوبا فصبغه أو قطعه وخاطه، أو قمحاً فطحنه لربه أخذه بخلاف ما لو صبر القمح سويقا، وقال سحنون: كل ما غيره حتى انتقل اسمه فهو فوت.

قلت: تقدم قولها في الصبغ: أنه بخير ربه في قيمته وأخذه بغرمه قيمة الصبغ، ونحوه في السارق: يصبغ الثوب.

وفي تضمين الصناع منها: ولك أخذ ما خاطه الغاصب لا غرم أجر الخياطة لتغديه.

قلت: الفرق بينهما أن الصبغ بإدخال صنعة في المغصوب فأشبه البناء والخياطة مجرد عمل فأشبه التزويق في الدار، وفي المقدمات، ولابن القاسم وأشهب: الصبغ فوت ليس لرب الثوب إلا قيمته يوم الغصب، وانظر في اللقطة من المدونة: أن يكونا شريكين.

قال أبو عمران: لا يأخذه مصبوغاً إلا بغرم قيمة الصبغ ولو كان الصبغ قد نقصه.

قلت: هذا خالف نص الجلاب: من غصب ثوبا فصبغه صبغا ينقص الثوب فلربه أخذه ناقصا، أو تركه وأخذ قيمته يوم الغصب، وإن صبغة صبغا يزيد في ثمنه فلربه أخذه ويدفع ما زاده الصبغ في ثمنه، إن شاء تركه وأخذ قيمته، فإن أبي ربه أن يأخذه، وأبي الغاصب أن يعطي قيمته بيع الثوب ودفع لربه قيمته وما فضل للغاصب.

ص: 288

قلت: هذا قولها في صبغ السارق إذا كان عديما.

قلت: ففي لغو قيمة الصبغ وكونه فوتا، وتخيير رب الثوب في أخذه بغرم قيمة الصبغ، وأخذ قيمته يوم الغصب، رابعها: أو يوم الصبغ وقيمة الثوب إن أبي رب الثوب أن يدفع قيمة الصبغ، والغاصب أن يدفع قيمة الثوب، وسابعها: الأول إن لم ينقصه الصبغ وإلا خير في قيمته وأخذه مجاناً وعزوها واضح، وثامنها: قول لان الجلاب.

وفيها: من غصب ترابا فجعله ملاطا لبنيانه فعليه مثله.

قلت: وشبه الملاط بكسر الميم هو الطين، وذكر ابن زرقون فيمن غصب كتاناً فغزله أو غزلا فنسجه، إنه قيل: يشبه أن يكون كالثوب يخاط، لأنه إنما أحدث فيه تأليفاً لا قيمة له إذا أزيل.

الجلاب: من غصب شاة فذبحها ضمن قيمتها وكان له آكلها، وقال محمد بن مسلمة: لربها أخذها، ويضمن الغاصب ما بين قيمتها حية ومذبوحة.

وقال ابن الحاجب: وإذا ذبح الشاة ضمن قيمتها، وقال محمد: إذا لم يشوها فلربها أخذها مع أرشها.

ابن عبد السلام: ظاهره أن ليس لربها في القول الأول إلا قيمتها وذبحها إفاتة وهو ظاهر ما حكاه غيره، وقال بعضهم عن ابن القاسم: إن ربها مخير في أخذ قيمتها، أو أخذها بعينها على ما هي عليه من غير زيادة.

قلت: ما حكاه من أن ذبحها فوت يوجب قيمتها لا أعرفه في الذبح نصا، بل تخريجا مما حكاه المازري في طحن القمح، قال: روري عن ابن القاسم في المجموعة أن صحن القمح يوجب مثل القمح المغصوب وهو ظاهر قولها في الغصب.

قلت: أرأيت إن غصب من رجل حنطة فطحنتها دقيقاً، أحب ما فيه إلي آن يضمن حنطة مثل حنطته.

وقوله: وقال بعضهم عن ابن القاسم: إن ربها مخير، ظاهره أنه لم يقف عليه نصا

ص: 289

لابن القاسم.

وفي رسم الصبرة من سماع يحيي ابن القاسم من كتاب الدعوي والصلح: من ذبح لرجل شاة فيلزمه غرم قيمتها، لا يجوز لربها أن يأخذ فيها شيئا من الحيوان الذي لا يجوز أن يباع بلحمها.

قلت: ولم وإنما وجب لرب الشاة على ذابحها قيمتها عينا.

قال: لأن رب الشاة ما لم يفت لحمها مخير في أخذها مذبوحة.

وفي أخذ قيمتها حية فيدخله بيع اللحم بالحيوان، فإن فات لحمها فلا بأس بذلك، فقبلها ابن رشد ولم يزد فيها شيئا، ولا ذكر في أن لربها أخذها مذبوحة خلافا.

وفيها: من غصب فضة فصاغها حلياً أو ضربها دراهم أو حديداً أو نحاسا، فعمل منه قدوراً أو سيوفا فعليه مثل ما غصب في صفته ووزنه.

الشيخ عن ابن حبيب: قال ابن الماجشون في الفضة يصوغها حليا، والثوب يصبغة أو يقطعه ويخيطه، القمح يطحنه سويقا: لربه أخذه في كل ذلك.

المازري: من غصب حجرا، أو خشبة بني عليها بناء ففي تمكين رب ذلك من أخذه ولو يهدم بنائه، مشهور المذهب مع قول ابن القاسم في الموازية: ولو كان البناء قصورا، وقول أشهب في النوادر، وقوله في غيرها، ونقله عنه ابن حارث، وزاد اتفاقه مع ابن القاسم على هدم البناء المعتمد على الحجر المغصوب، وإنما اختلفا فيما انتشر منه فقال ابن القاسم قولا مجملاً: يهدم.

وقال أشهب: إن لم يكن نزع الحجر إلا بهدم كل البناء وجب قيمة الحجر لربها، وهذا الثقل لا أعرفه في المذهب، وما أدري من أين نقله، وإنما أعرفه للكرخي عن أبي حنيفة.

ولو رضي رب المغصوب بتركه، وأخذ قيمته ففي لزوم ذلك للغاصب، لأنه هدم بنائه إضاعة للمال وتمكين الغاصب من ربه بهدم بنائه.

قولا اللخمي مع عبدالحميد الصائغ، وابن القصار قال: وإدخال الغاصب لوحا في سفينة أنشأها عليه كالحجر المبني عليه بناء معتبراً، إن كان نزعه لا يستلزم موت

ص: 290

آدمي ولا إتلاف مال لغير الغاصب، وسبب الخلاف في هذا اعتبار أشد الضررين باعتبار ذات الضرر، ومن يلحقه من حيث كونه غاضباً وغير غاصب.

وكذا غصب خيط خيط به جرح إن لم يستلزم نزعه خوف إتلاف عضو آدمي محترم، أو حدوث مرض به مخوف، فإن لم يستلزم ذلك أو استلزم تأخير برءه فمختلف فيه بين الشافعية، ومن هذا الأسلوب لو أن كبشاً أدخل رأسه في قدر لغير ربه لا لتسبب من أحد مالكيهما لم يضمن أحدهما لصاحبه شيئاً، وهو من جرح العجماء، وكذلك دخول دينار في دواة غير ربه لا يمكن إخراجه إلا بكسرها، وكان شيخنا إذا حكي هذه المسائل يحكي أن جملين اجتمعنا في مضيق لا يمكن نجاة أحدهما إلا بنحر الآخر، فحكم بعض القضاة بنحر أحدهما ويشتركان في الباقي كالمطروح من السفينة لنجاتها.

وفيها: إن عمل الغاصب الخشبة باباً فعليه قيمتها، وإن غصب أرضاً فغرسها أو بني فيها ثم استحقها ربها، قيل للغاصب: اقلع الأصول والبناء إن كان لك فيه منفعة إلا أن يشاء رب الأرض أن يعطيه قيمة البناء والأصل مقلوعاً، وكل ما لا منفعة فيه للغاصب بعد القلع كالجص والنقش فلا شيء فيه، وكذا ما حفر من بئر ومطمر فلا شيء له في ذلك.

قلت: تقدم في العارية حكم قيمته مقلوعاً، وسمع ابن القاسم في كتاب الجنايات: من خصي عبداً فنقصه ذلك فعليه ما بين القيمتين كجراحه، وإن زاد فيه نظر إلى ما ينقص من مثله من أوسط صنفه فيحمل عليه، فإن كان عشراً كان ل عشر ثمنه.

ابن رشد: تأوله بعضهم على أنه إن زاد الخصاء في ثمنه الثلث، فعلى الجاني ثلث قيمته، وإن زاد فيه مثل ثلثه أو أكثر غرم جميع قيمته وهو بعيد في المعنى، وإن ساعده اللفظ، وإنما معناه أنه ينظر إلى ما ينقص منه الخصاء الذي زاد في قيمته كم كان ينقص منه لو لم يرغب فيه من أجل خصائه أنه لا شيء في نقص الخصاء بعض منافعه، فأراد في الرواية أن ينظر إلى ما نقص منه الخصاء لو لم يرغب فيه لأجل خصائه.

وقال سحنون: إن زاد فيه نظر إلى عدد من ينقص منه الخصاء، فيقال: ما ينقصه أن

ص: 291

لو أخصى، فيقال: خمسه، فيغرم الجاني خمس قيمة العبد المجني عليه، وفيه نظر، لأن الخصاء ينقص من قيمة العبد النبيل الرائع أكثر مما ينقص من قيمة الوخش، فما تأولناه من قول مالك أصح.

ولابن عبدوس: إن لم ينقصه فلا غرم على الجاني، والذي أقوله إن لم ينقصه أن على الجاني جميع قيمته، لأن الخصاء يقطع النسل، وفيه في الحر كمال الدية فيكون فيه في العبد كمال قيمته قياساً على موضحته ومنقلته ومأمومته.

وقول ابن الحاجب وابن شاس: ولو هزلت الجارية، ثم سمنت أو نسي العبد الصنعة ثم ذكرها حصل الجبر، هو كقولها من اطلع على عيب قديم فيما ابتاعه فلم يرده حتى زال فلا رد له، والهزال والنسيان زوالهما في المغصوب كذلك، ولا أعرفهما نصاً في المذهب لغيرهما، بل للغزالي قال في وجيزة: ولو هزلت الجارية ثم سمنت أو نسي الصنعة ثم تذكرها أو أبطل صنعة الإناء ثم أعاد مثلها ففي حصول الجبر وجهان.

قلت: الأظهر أن الإناء لا ينجبر بذلك، ومسألة الغاصب عندي تجري على ما تقدم من الخلاف في المودع يتعدى على الوديعة ثم يعيدها لحالها في المثلي منها، ومقتضى قولها أن الهزال في الجارية يوجب على الغاصب ضمانها، ولم أقف عليه لغيرها.

ومفهوم قولها: من غصب شابة فهرمت فهو فوت، مع قولها في السلم الثاني: أن الهزال في الجارية لغو بخلاف الدابة خلاف ذلك.

اللخمي: اختلف إن أغلق الدار وبور الأرض، ووقف الدابة ولم يستعمل العبد، فقال ابن القاسم: لا شيء عليه في كل ذلك، وقال الأخوان وأشهب وابن عبد الحكم وأصبغ: عليه الكراء.

ونحوه لابن حبيب: إن باع الغاصب أو وهب غرم الغلة التي اغتل المشتري والموهوب له، فإن كان الغاصب معسراً رجع المغصوب منه على الموهوب له أو وارثه. وفي غرم الغاصب غلة المغصوب مطلقاً ونفيه، ثالثها: غلة الرباع والإبل والغنم لا العبيد والدواب، ورابعها: ما استقل لا ما استعمل، وخامسها: غلة الرباع والنخل لا غلة العبيد والحيوان، للخمي عن رواية أشهب مع رواية علي بن زياد، ورواية ابن

ص: 292

القصار ورواية ابن القاسم، وقوله وقول ابن المعذل.

وفي المقدمات: اختلف في غلة المغصوب، فقال أشهب: حكمها حكم المغصوب يلزمه قيمتها يوم قبضها أو أكثر ما انتهت إليه وإن تلفت بأمر سماوي، ومن قال: حكمها خلاف حكم المغصوب اختلفوا بعد إجماعهم على أنها إن تلفت ببينةٍ لم يضمنها، وإن ادعى تلفها لم يصدق وإن يصدق وإن كان مما لا (يغاب) عليه.

وتحصيل اختلافهم أن ما تولد من المغصوب على هيئته وخلقته وهو الولد فإن الغاصب يرده، وما تولد عنه على غير هيئته وهو الثمر والعنب واللبن والصوف وشبهه في كونه للغاصب ووجوب رده قولان، وإن تلف المغصوب خير ربه في أخذ قيمته، ولا شيء له في الغلة وأخذ الغلة دون قيمته، وما كان غير متولدٍ وهي الأكرية والخراجات في وجوب ردها ونفيه، ثالثها: يرد إن أكرى أو انتفع لا إن عطل، ورابعها: إن أكرى لا إن انتفع أو عطل، وخامسها: الفرق بين الحيوان والأصول.

ابن شاس: منفعة البضع لا تضمن إلا بالتفويت، [ففي الحرة مهر المثل ولو كانت ثيباً، وفي الأمة ما نقصها، وكذا منفعة بدن الحر.

قلت: قوله لا يضمن إلا بالتفويت] هو مقتضى قولها في السرقة وسائر الروايات إن رجع شاهداً الطلاق بعد البناء فلا غرم، وكذا في معتمدة إرضاع من يوجب رضاعها فسخ نكاحٍ، واختصره ابن الحاجب: فقال ابن عبد السلام: فمن منع حرةً أو أمةً التزويج لم يضمن صداقاً، لا أعلم فيه خلافاً، وتقدم في كتاب النكاح ما قد يتخرج منه خلافٌ لبعض الشيوخ.

قلتُ: ما أشار إليه من التخريج لا أعرفه لأحدٍ، ولا أعرف في النكاح ما يناسب هذا الأصل، وهو منع متعة النكاح تعدياً، إلا قول اللخمي في الفصل الثالث من باب الطلاق قبل البناء في النكاح الثاني قال ما نصه في «الموازية»: إن قتل السيد أمته قبل البناء فله الصداق، وعليه إن قتلت الحرة نفسها فلها الصداق، وهذا كقولها إن باع السيد أمته بموضع لا يقدر الزوج على جماعها فله الصداق، ولا أرى للزوجة في جميع ذلك شيئاً إذا كان الامتناع منها أو من السيد إن كانت أمة.

ص: 293

قلت: وإشارة ابن عبد السلام إلى تخريج مسألة الغصب على ما اختاره اللخمي غير تام، وهذا لأن اللخمي لم يقل بغرم قيمة المنفعة بالقصد من حيث ذاتها، إنما اختار سقوط عوضها المالي بعد تقرره عوضاً فيها لطالبه بتعمده إتلافها، ولا يلزم من سقوط المال بالتعدي ثبوت المال عن مجرد منفعة البضع، لأنه غير مالي، ولم يحصل له عوض مالي.

وقال ابن هارون إثر ابن الحاجب: وخرج فيه بعضهم أن عليه قيمة ما عطله من المنافع كالدار يغلقها والعبد يمنع منه سيده مدة، ذكره المازري، وهذا أيضاً لا أعرفه للمازري، إنما ذكر إذا غاصب على رائعة شك في وطئه إياها في ضمانه إياها. قولا الأخوين وابن القاسم وله في كتاب الشهادات: لم يختلف المذهب أن شهيدي الطلاق بعد البناء إذا رجعا أنه لا غرامة عليهما.

وأوجب الشافعي غرامتهما لإتلافهما منافع البضع، وهي مما تقوم كالحقوق المالية، واعتمد أصحابنا على أن من له زوجتين أرضعت كبراهما صغراهما فحرمتا عليه أنه لا غرم عليها فيها حرمت به فرجها عليه، وعلى أن من قتل زوجة رجل لا يغرم له ما أتلف عليه من متعة.

وقول ابن شاس: وفي الأمة ما نقصها هو نصها في الاستبراء والأمة كالسلعة على واطئها غصباً ما نقصها الوطء كانت ثيباً أو بكراً، ومثله في القذف.

وفي الرهون منها: إن وطئ الأمة مرتهنها فعليه ما نقصها وطئه بكراً كانت أو ثيباً إن أكرهها، وكذا إن طاوعته وهي بكر، فإن كانت ثيباً فلا شيء عليه، والمرتهن وغيره في ذلك سواء.

قلت: وفي تفرقته في الثيب بين وطئه طائعة أو مكرهة نظر، والصواب عكس تفرقته، لأنه بوطئه إياها طائعة أحدث فيها عيباً وهو زناها، ليس هو كذلك في وطئه إياها مكرهة، لأنها غير زانية، وتقدم في الرد بالعيب أن زناها عيب.

وتقدم في الصيد حكم غصب آلته، وعلى غرم الغاصب الغلة في رجوعه بالنفقة فيها طريقان.

ص: 294

اللخمي: في رجوعه بنفقة العبد والدابة والسقي والعلاج ثلاثة.

ابن القاسم في الموازية: يرجع بذلك ما لم يجاوز الغلة، ثم قال: لا يرجع بشيء، وهذا فيما ليس للمغصوب منه مندوحة كطعام العبد وكسوته وعلف الدابة والرعي وسقي الحائط، إن كان بحيث لو كان بيد ربه استأجر له فهو كطعام العبد، وإن كان لا يستأجر له، لأن له عبيداً ودواباً ولم يستعملهم بعد غصب الحائط لم يكن عليه شيء، وإن كان عنده بعض ذلك رجع بأجر ما يعجز رب الحائط عنه من ذلك، وإن استعملهم ربهم بعد غصب الحائط كان عليه أجر ما عمله الغاصب ما لم يجاوز الأجر الذي أخذه فيهم.

ولأصبغ في الواضحة: من تعدى على رجل فسقى له شجره أو حرث أرضه أو حصد زرعه ثم سأله أجر ذلك ذلك، إن كان رب هذه الأشياء ممن لابد أن يستأجر عليها فعليه أجرها، وإن كان يلي ذلك بنفسه أو له من يلي ذلك له فلا شيء عليه، وأرى أن على المغصوب منه الأقل من إجارة المثل فيما عمله الغاصب، أو ما أجر هو عبيده أو الغلة.

قلت: الأظهر أن ثالث الأقوال هو اختياره كعد ابن رشد في كثير من المسائل اختياره قولاً، ولا يصح جعل قول اصبغ ثالثاً، لأنه في غير مسألة غاصب لنص قوله: من تعدى مفسراً له بقوله فسقى إلى آخره.

الصقلي: لما ذكر قولها برجوع الغاصب بما أنفق وسقى وعالج ورعى في الغلة، قال: وقاله أشهب في المجموعة.

وقال ابن القاسم أيضاً: لا شيء له من ذلك وإن كان سبباً للغلة، وقاله مالك.

قلت: وعزاه ابن رشد أيضاً لسحنون وابن الماجشون.

الصقلي: وبه أخذ محمد، قال: إذ ليس بعين قائمة ولا يقدر على أخذه ولا مما له قيمة بعد قلعه، وهو كما لو غصب مركباً خراباً أنفق في قلقطته وزفته وآلته ثم اغتل فيه غلة كثيرة فلربه أخذه مصلوحاً بجميع غلته، ولا غرم عليه فيما أنفق إلا في الصاري والأرجل والحبال، وما يوجد له ثمن إن أخذ فللغاصب أخذه، وإن كان بموضع لا

ص: 295

توجد فيه آلته التي لابد منها في جريه حتى يرد إلى موضعه، ولا يوجد ذلك بالموضع الذي حمله إليه بمشقة فربه مخير في أخذ ذلك بقيمته.

وزاد اللخمي عن محمد ما نصه: وقال: وأصبغ يذهب في ذلك لقول أشهب ولم يعجبني، وقول أشهب أبين، يقوم الأصل قبل إصلاحه فينظر ما كان يؤاجر به ممن يصلحه فيغرمه، وما زاد عليه فللغاصب، ولا أعلمهم اختلفوا فيمن غصب أرضاً فبناها ثم سكن أو استغل أنه لا يغرم إلا غلة القاعة.

قلت: مثله للشيخ عن محمد في سكني الأرض وغلة ما غرس من شجر، وما عزاه اللخمي لأشهب إنما ذكره الشيخ عن محمد.

وفيها مع غيرها: من ابتاع شيئاً من غاصب أو قبله منه هبة وهو عالم أنه غاصب، فهو كالغاصب في الغلة والضمان.

وفي استحقاقها إن جهل أمر الواهب أغاصب هو أم لا؟ فهو على الشراء حتى يعلم أنه غاصب، وكذا للشيخ عن المجموعة في المشتري وشكك في حمله على الشراء بأن ثبوت استحقاقه بموجبه، ويمين ربه يوجب كونه غصباً، فإذا احتمل كونه في يد من استحق منه بغصب أو شراء وجب حمله على الغصب لتحققه.

ويجاب بأن هذا الأصل عارضه أصالة سلامة المستحق منه، مع أن الغالب في وضع الآني الشراء لا الغصب.

اللخمي عن سحنون: من ابتاع داراً ممن زعم أنه وكل على بيعها وقدم ربها فأكذبه، فإن كان بائعها ينظر فيه نظراً يثبت له شبهه الوكالة فغلتها لمبتاعها وإلا فكغاصب.

وفي استحقاقها: من ابتاع داراً أو عبداً من غاصب ولم يعلم فاستغلهم ثم استحقوا فالغلة للمبتاع بضمانه.

ابن رشد: اتفاقاً.

وسمع عيسى ابن القاسم: من استحق منه عبد بحرية بعد قبضه مالاً كاتبه به لم يرجع عليه به كخراجه، ويرجع عليه بمال انتزعه من مال اشتراه معه أو فضل من

ص: 296

خراجه أو أعطيه وبأرش جراحه، لأن العبد يشتري للغلة لا لماله وأرش جراحه كأجزائه، ويرجع من استحق منه بما أعطاه، وبربح ما استتجره به لنفسه ولو أقر ربحه بيد العبد.

ابن رشد: لابن نافع أن العبد يرجع على من كان بيده بخراجه وخدمته، وهو دليل تعليل ابن القاسم في المستحق بملك بأنه كان ضامناً له بثمنه لو مات، وكذا الأصل إذا استحق بحبس من مشتريه وجوب عليه بالغلة يجري على هذين القولين.

وقوله: يرجع عليه بما كان أعطاه قبل استحقاقه بالحرية، مثل لابن حبيب عن الأخوين في الهبة إذا استحق بحرية أو ملك، وقالا لو أعمراه أو حبس فلا رجوع له في ذلك قبل استحقاقه، ولا بعده بملك أو حرية ولا لمستحقه بملك، وهو له مدة حياته، وقاله مالك والمغيرة وغيرهما من علماء المدينة قالا: وله ولمن صار إليه العبد أن يأخذا منه أو أحبا ما صار إليه من ثمرة الحبس أو غلته بعد أن يصير ذلك في يده وله، لأنه كما له وهو بعيد لا وجه للتفرقة بين الهبة والعمري والحبس، ولو أعطاه بعد أن أعتقه يرى أنه مولاه، ثم استحق بحرية أو ملك ففي رجوعه بما كان أعطاه قولا ابن حبيب مع ابن الماجشون، وأصبغ مع مطرف.

وفي لغو ما اغتله المشتري غير عالم بغصبه وغرمه غاصبه، معروف المذهب ونقل اللخمي عن ابن الماجشون قائلاً يريد: لأنه حرمه ذلك.

وفي الاستحقاق من النوادر عزو الأول لابن القاسم وأشهب.

الشيخ في الموازية لابن القاسم: من غصب نخلاً فوهبها رجلاً اغتلها سنين فلربها أخذها وغلتها من الغاصب، فإن كان عديماً أخذ ذلك من الموهوب وحاصه بما أنفق، وقال أشهب: الموهوب كالمشتري لا غلة عليه.

قلت: الأول قول ابن القاسم فيها.

وفيها: من وهب لرجل طعاماً أو إداماً فأكله، أو ثياباً فلبسها حتى أبلاها ثم استحق ذلك رجل، رجع بذلك على الواهب إن كان ملياً، وإن كان عديماً أو لم يقدر

ص: 297

عليه رجع على الموهوب له، ولا يرجع الموهوب له على الواهب بشيء، وكذا لو أعاره ثياباً فلبسها لبساً ينقصها ولا رجوع للمستعير بما يغرم على المعير.

ونقلها الصقلي بلفظ: من غصب طعاماً أو إداماً أو ثياباً فوهبها، وكذا هي في المجموعة قال: ولمحمد عن أشهب يتبع أيهما شاء كقول مالك في المشتري يأكل ويلبس.

قال ابن القاسم في المجموعة: وإن كان الواهب غير غاصب لم يتبع إلا الموهوب المنتفع.

الصقلي: هذا خلاف قوله في الاستحقاق: في مكري الأرض يحابي في كرائها ثم يطرأ له أخ يشركه، وقد علم به أولاً فإنه يرجع بالمحاباة على أخيه إن كان ملياً، فإن لم يكن له مال رجع على المكتري فسوى بين المتعدي وغيره.

وسمع عيسى ابن القاسم: من غصب شاة فوهبها من أكلها، غرم الغاصب قيمتها إن كان ملياً، وإلا غرمها من أكلها، وإن وهبها بعد ذبحها فكذلك، فإن كان الغاصب عديماً غرم آكلها قيمتها مذبوحة، وما بين قيمتها حية ومذبوحة على الغاصب ولو كان معدماً.

ابن رشد: هذا قولها في محاباة الوارث في الكراء وكقولها في كتاب الأقضية وقياس الدور، وعلى قياس قولها: إن غرم القيمة الموهوب له رجع بها على الغاصب، وإن غرمها أولاً لم يرجع بها على الموهوب له، لأنه لما أهداها التزم ضمانها، وإن كانا عديمين اتبع أولهما ملأ، ويرجع الموهوب له بما يغرم لا الغاصب عليه بما يغرم، وعلى قول غيره في مسألة كتاب الاستحقاق منها وهو أشهب بدليل قوله في رسم محض القضاء من سماع أصبغ من كتاب البضائع.

وقول ابن القاسم في الشركة منها: يرجع أولاً على الموهوب له إن كان ملياً، وإلا فعلى الغاصب، وإن رجع عليه رجع الغاصب على الموهوب له، وإن رجع على الموهوب له لم يرجع الموهوب له على الغاصب، عكس القول الأول، فإن كانا عديمين رجع على أولهما يسراً.

ص: 298

ولابن القاسم في كراء الدور منها: إن رجع على الموهوب له لعدم الواهب لم يكن للموهوب له رجوع على الواهب خلاف ما يوجبه القياس.

فيتحصل فيه خمسة أقوال، بقول أشهب روى ابن عبدوس عنه: أن المستحق يتبع أيهما شاء الغاصب الواهب أو الموهوب له.

قال: واستحسنه سحنون واحتج بالبيع، لو ابتاع طعاماً فأكله فله أن يضمن من شاء منهما الغاصب أو المشتري، فكذا الموهوب له.

قلت: قال الصقلي: الفرق بين المشتري والموهوب له أن المشتري إذا غرم رجع بثمنه على الغاصب، والموهوب له إذا غرم لم يرجع، إذ لا عهدة له الغاصب، وقاله المازري، ويتم على القول أن الموهوب له لا يرجع على الغاصب بما يغرمه، والقيمة على الآكل الموهوب له أو المشتري يوم الأكل، وعلى الغاصب يوم الغصب، لأنه هو وقت ضمان كل منهما، وقاله غير واحد.

قال ابن عبد السلام: انظر إن اختار المالك تغريم الموهوب له، ومن ذكر المؤلف معه قيمة المغصوب، وهي أقل من القيمة اللازمة للغاصب، فهل للمالك الرجوع بتمام القيمة أو لا؟ على ما تقدم في الأجنبي يقتل الأمة المغصوبة بيد الغاصب.

قلت: هذا التفريغ الذي ذكره إنما يتأتي على قول أشهب لقوله: إن اختار المالك، ولا خيار له إلا على قول أشهب أنه يتبع أيهما شاء.

قال المازري: واختاره محمد وسحنون فيرد إجراؤه على ما تقدم في الأجنبي بقول المازري تفريعاً عليه: لو كانت قيمة الثوب يوم الغصب عشرين ويوم اللبس ثلاثين، فإن أخذ من الغاصب عشرين لم يرجع على الموهوب له بالعشرة تمام القيمة يوم اللبس، لأنه إذا اختار طلب أحدهما فكأنه أسقط الطلب عن الآخر.

وفيها لابن القاسم: لو قتل الأمة مبتاعها فلربها أخذه بقيمتها يوم القتل، ثم يرجع على بائعه الغاصب بالثمن.

وفيها لابن القاسم: لو قتل الأمة مبتاعها فلربها أخذه بقيمتها يوم القتل، ثم يرجع على بائعه الغاصب بالثمن.

الصقلي: لأشهب: إن باعها الغاصب بمائة فقتلها المباع وقيمتها خمسون فأغرمه مستحقها قيمتها خمسين، فليرجع المبتاع على الغاصب بما غرم للمستحق وذلك

ص: 299

خمسون ويرجع المستحق أيضاً على الغاصب بخمسين بقية الثمن الذي أخذ فيها.

والقياس قول ابن القاسم: لأن المستحق لما أغرم قيمتها المبتاع كأنه أخذ عين شيئه، وانتقض البيع بين المشتري والغاصب، فيجب رجوعه بثمنه أجمع، ولو كانت قيمتها يوم الغصب مائة وعشرين وباعها الغاصب بمائة وقتلها المبتاع وقيمتها خمسون، وأخذ مستحقها قيمتها من المشتري، رجع المشتري على قول أشهب على الغاصب بما غرم وهو خمسون، ورجع عليه المستحق بتمام القيمة يوم الغصب وذلك سبعون.

وعلى قول ابن القاسم: يرجع المشتري بثمنه وهو مائة، ويرجع عليه المستحق بتمام القيمة يوم الغصب وذلك عشرون ونحوه للتونسي.

ووجه قول أشهب: أن المشتري إنما يرجع على الغاصب بالخمسين التي غرمها، ويرجع المستحق ببقية الثمن، فإن المشتري إذا رد إليه مثل ما أخذ منه فكأنه لم يغرم شيئاً، والغاصب لا يربح كون الباقي بيده للمستحق.

قال ابن الحاجب: وكذلك لو قتل العبد فإن اختار تغريمه فكان أقل من الثمن، ففي تعيين مستحقه من المشتري أو ربه قولا ابن القاسم وأشهب.

ابن عبد السلام: يعني إن قتل المشتري من الغاصب العبد المغصوب، فأخذ ربه منه قيمته يوم قتله فكانت أقل من الثمن، فاتفق ابن القاسم وأشهب على أن الغاصب لا يستحق زيادة الثمن على القيمة، واختلفا فيمن يستحقها، فقال ابن القاسم: يستحقها المشتري، وقال أشهب: يستحقها المالك، ويرجع المشتري بقدر ما أدى، هذا ما ذكره المؤلف وهو خارج عما نقله من يعتد بنقله.

قال في المدونة: فذكر متقدم لفظها قال: وحكي عن أشهب أن المشتري إن اشتراها بمائة وقتلها وقيمتها خمسون، فأغرمه المالك الخمسين القيمة، فالمبتاع يرجع على الغاصب بخمسين بقية الثمن الذي أخذ فيها، كذا حكي ابن يونس هذا القول، وظاهرة أنه يبقى بيد الغاصب مقدار ما غرمه المشتري للمالك وهو مشكل، لأنه يلزم عليه أن يبقى للغاصب بقية من الثمن يملكها بغير سبب.

قال ابن يونس: ولو كانت قيمة الأم يوم الغصب مائة وعشرين فباعها الغاصب

ص: 300

بمائة إلى آخر ما ذكرناه نحن عنه، وعقبه بقوله تأمل كلامه ذكر هنا على قول أشهب أنه يرجع المشتري على الغاضب بما غرم، وذكر في الصورة التي فوق هذه أنه يرجع بما بين القيمة وتمام الثمن فهو كالمتناقض.

قلت: في كلامه وهم من وجهين: الأول قوله: هذا ما ذكره المؤلف وهو خارج عما نقله من يعتد بنقله؛ لأن لفظه هذا يقتضي أنه ظفر بنقل مستقيم لمن يعتد به مخالف لما نقله المؤلف، وهو لم يأت بنقل إلا ما نقله من لفظ المدونة، وهو نفس ما عزاه ابن الحاجب لابن القاسم، فليس بمخالف له بحال، ولا ما أتى به في زعمه من نقل الصقلي عن أشهب المشكل عنده، فآل أمره إلى أنه تعقب نقل ابن الحاجب بنقلين:

أحدهما: موافق لنقل ابن الحاجب والآخر مشكل في نفسه، ومن البين لكل منصف أن هذا لا يصح التعقب به، وأن التعقب به وهم.

الثاني: أنه لا يخفى على منصف فهم ما نقلناه عن الصقلي أن ما ذكره ابن عبد السلام غلط سببه أن نسخته فيها نقص لم ينتبه له بحيث يحمله ذلك على مطالعة نسخ ابن يونس، والنقص المذكور هو ما بين قوله: فليرجع المبتاع على الغاضب، وبين قوله: بخمسين بقية الثمن الذي أخذ فيه، والنقص هو لفظها غرم للمستحق وذلك خمسون، ويرجع المستحق أيضا على الغاصب. انتهى.

كذا في نسخ ابن يونس الصحيحة، وهذه الزيادة تنفي استشكاله وما ذكره، والتناقض من التناقض في نقل الصقلي مبني على نسخته الناقصة فلا يفتقر لجواب، فتأمل ذلك كله منصفا.

وفيها: لو قتل الجارية مبتاعها من غاضب لم يعلم بغضبه فلربها أخذه بقيمتها يوم القتل ثم يرجع هو على الغاصب بالثمن؛ لأن مالكا قال: ما ابتاعه من طعام فأكله أو ثياب فلبسها حتى أبلاها فلمستحق ذلك أخذه بمثل الطعام وقيمة الثياب.

قلت: مثله لابن القاسم في المجموعة بزيادة.

قال أشهب: قتلها عمدا أو خطأ؛ لأنها جناية.

وفي سماع عيسى ابن القاسم: هذا إذا كان ذلك عمدا، وإن كان خطأ فلا شيء فيه

ص: 301

على الغاصب ولا على المشتري.

ابن رشد: هذه التفرقة تفسير قوله في المدونة إذا لم يفرق فيها بين عمد ولا خطأ، وقيل: لا فرق بينهما والخطأ كالعمد.

قلت: ظاهر كلام الشيخ أن قول أشهب وفاق لابن القاسم في المجموعة، وعليه حمل بعضهم المدونة وهو ظاهر؛ لأن إطلاقهاتها كالعموم.

ص: 302