الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الدار نفسها فلا يقسم الباب وتقوم رقبته في أحد النصيبين على أن للآخر فيه الممر.
قلت: يؤيده قولها: إن اقتسما أرضا على طريق لأحدهما على الآخر وهو لا يجد طريقا إلا عليه لم يجز، وليس هذا من قسم المسلمين، وفي قوله: في الباب نظر، والصواب إبقاؤه بينهما كالساحة، وقولها: إن قسموا البناء والساحة رفعوا الطريق، وأن قسموا على أن يصرف كل بابه بناحية، ولا يدعوا طريقا جاز ويصرف كل طريقه حيث شاء.
[باب في قسمة القرعة]
***** قسمة القرعة هي المذكورة بالذات وهي فعل ما يعين حظ كل شريك مما بينهم بما يمتنع علمه حيث فعله فيجزي المقسوم بالقيمة على عدد مقام أقلهم جزءا.
الباجي: صفتها أن تقسم العرصة على أقل سهام الفريضة ما هو متساو قسم بالذراع، وما اختلف قسم بالقيمة.
ابن حبيب: هذا قول جميع أصحابنا.
القاضي: رب جريب يعدل جريبين من ناحية أخرى، ولابن عبدوس عن سحنون: في الشجر تقوم كل شجرة ويسأل أهل المعرفة بالقيمة، ومن خبر حمل كل
شجرة، ورب شجرة لها منظر بغير فائدة وأخرى بالعكس، فإذا قوم جميع ذلك بكل القيمة جمع القيمة وقسمها على قدر السهام ثم يكتب أسماء الشركاء في رقاع وتجعل في طين أو شمع ثم ترمي كل بندقة في جهة انتهى.
وسمع عيسى ابن القاسم كيفية قسم الحائط أو الدار أو الأرض أن تقسم على أدناهم سهما ثم يضرب في الطرفين فأيهم وقع له سهمه في أحد الطرفين ضم له نصيبه إلى حيث وقع له سهمه، ثم يضرب في الطرفين فأيهم وقع له سهمه في أحد الطرفين ضم له نصيبه إلى حيث وقع له سهمه، ثم يضرب لمن بقي فيما بقي كذلك في أحد الطرفين بعد الذي عزل، فإذا وقع سهم أحدهم في شيء ضم إليه نصيبه إلى حيث وقع سهمه حتى يكون نصيب كل واحد مجتمعا، كذا فسر لي مالك ووصف إن كان أدناهم سهما ذا السدس قسمت الأرض على ستة أجزاء بالقيمة، فإن كان بعض الأرض أفضل فضلت بالقيمة على قدر تفاضلها، قد تكثر الأرض في بعض تلك السهام لردئتها، وتقل في بعضها لكرمها، فإذا استوت في القيمة كتب أهل سهم اسم سهمهم، ثم أسهم في الطرفين معا، فمن خرج سهمه في طرف ضم له ما بقي له من حقه.
قال عيسى: إن احتملت الكريمة القسمة قسمت على حدتها والدنية على حدتها.
ابن رشد: قوله: تقسم على أدناهم سهما؛ معناه: إن كانت فريضتهم تنقسم على أدناهم سهما مثل كمن تركت زوجا وأما وأختا لأم تقسم أسداسا، ثم يضرب لسهامهم على الطرفين، فإن خرج سهم الزوج في أحد الطرفين، وسهم الأم في الطرف الآخ كان للأخت السدس الباقي في الوسط، وإن خرج للطرفين سهما الأخت والأم فالوسط للزوج، وكذا إن خرج سهم الأم وسطا.
وقيل: إنما يضرب لسهامهم على الطرف الواحد أبدا، وهو الثابت في كل رواياتها، وإن كانت فريضتهم لا تنقسم على أدناهم سهما قسمت على مذهب ابن القاسم على مبلغ سهام فريضتهم التي تنقسم منها، وإن انتهى سهم أقلهم نصيا إلى عشرة أسهم أو أقل أو أكثر، كزوج وأم وابن وابنة تصح فريضتهم من ستة وثلاثين تضرب سهامهم على الطرفين كما مر من خرج منهم سهمه على طرف أخذ منه كل سهامه ثم يسهم بين الباقين، فمن خرج سهمه على طرف ضم له بقية حقه، وللباقين ما بقي.
وقيل: لا يسهم إلا على بعد طرف، فإن تشاحوا على أي الطرفين يسهم عليه أولا أسهم على ذلك، وهو قوله فيها: ففي كيفية تعيين الخط أربعة أقوال: سماع عيسى: يطرح اسمين على الطرفين يضم لكل ذي اسم كل حظه، فإن بقي واحد أخذ ما بقى، وإن بقي اثنان طرح اسم على كل طرف لمن بقي، وإن بقي أكثر فكما فعل أولا.
ابن رشد: كل رواياتها إنما يسهم على طرف واحد.
عياض: ولابن أبي زمنين عن رواية ابن وضاح فيها: إذا ضرب على أحد الطرفين أكمل لمن خرج اسمه كل حظه كان زوجة أو أما أو غيرهما، ثم يقسم ما بقي على أقل من بقي سهما، أو يبتدئ القسمة والقرعة على أي الطرفين، وأنكرها سحنون، وقال: يقسم على أقل الأنصباء حتى تنفذ السهام.
وقال ابن لبابة: مذهبها أن يبدأ بالضرب لذي الحظ الأقل، وحكاه فضل عن أبن الماجشون/ وقال المغيرة خلافه: يسهم للزوجة حيث خرج سهمها.
قلت: إنما عزا الباجي الأول لنقل محمد بن عبد الحكم.
قال: وقال أبو محمد: إنما هذا إذا كانت القسمة بين ابن وزوجة، وهذا الذي ذكره أبو محمد قد يكون مع الجماعة أيضا إذا كانوا أهل سهم كالعصبة لقول مالك في المجموعة في قسم الأرض والعصبة يضرب لها في أحد الطرفين.
ابن القاسم: ولو كانت العصبة جماهة.
قال حبيب: لأنهم أهل سهم واحد.
وقال المغيرة: تعطي حقها حيث خرج في طرف أو غيره، وقال ابن الماجشون.
قلت: وهذا خلاف ما عزاه عياض لابن الماجشون وعلى الضرب على طرف في الضرب على الطرفين لتعيين الضرب على من خرج اسمه منها، ثالثها: إن تشاحا، للخمي عن ابن عبدوس.
ونقل عياض عن ابن لبابة: لحضرة اعتبار التشاح بينهم في قسم الأجزاء من قبلة إلى جوف أو من شرق إلى غرب لاختلاف أغراضهم لجواز قرب ملك أحدهم لما
يصير له بمقتضى الأول لا الثاني أو العكس ولها.
وفيها: إن ضرب على أحد الطرفين لخروج اسمه على الضرب على الطرفين ثم تشاحوا ضرب أيضا على الطرفين، فإن بقي اثنان فتشاحا على أي الطرفين يضرب لم ينظر إلى قول واحد منهما، وضرب القاسم على أي الطرفين شاء، وظاهر قول الجلاب إذا اختلف المتقاسمان في القرعة على إحدى الجهتين أقرع بين الجهتين، فأيهما خرجت قرعتها أسهم عليها خلافها، ولك يحك عياض غير الأول.
وسمع ابن القاسم: شئل عن الرجل والمرأة يرثان الدار فيقع لأحدهما مواريث بعضها بعد بعض أيجمع له كل حظه في قسم واحد أم يقسم على ما ورثا؟
قال: يجمع له كل حظه في قسم واحد.
ابن رشد: هذا بين أن القسمة إلى ما تناهى إليه حظه بالمورث والشراء، وإن كان شيئا بعد شيء، وذلك بين ان انقسمت الدار على ما انتهى إليه حقه، وإن لم تنقسم على ما انتهى إليه حظه فيها، وتنقسم على ما كان له فيها أولا فيشبه أن يكون من حقه أن يقسم له حقه الأول منها إذا كان الزائد بميراث؛ لأنه يقول: وجبت لي القسمة فليس الميراث الذي وجب لي بمسقط حقي في القسمة، وأن لا يكون ذلك من حقه إن كان ذلك بشراء أو هبة بعدها.
الشيخ: عن المجموعة: في زوج وأم وابن قاطعا الزوج على شيء من التركة، فإن سلم لهما باقي الميراث فليقسما بقية المال على تسعة منها للأم تسعان.
ابن حبيب: وروي مطرف في أحد ورثة الدار أو الأرض يشتري من بعضهم أو يوهب له ثم يقتسمونه أنه يجمع له ما ورث وما صار إليه منهم، وقول ابن الحاجب: أصحاب الفريضة الواحدة يجعلون أولا كواحد ثم يقتسمون ثانيا؛ يريد: كأخوين ورثا دارا، ثم مات أحدهما عن ورثة فهو مع الباقي كواحد، ولم يقيده ابن عبد السلام ولا ابن هارون، ومقتضي ما تقدم من سماع ابن القاسم تقييده بما إذا لم يحتمل القسم بالوراثتين.
الشيخ: في المجموعة: قال ابن الماجشون: ما للأخوين وأخت يقسم على خمسة
أجزاء ويضرب بثلاثة أسهم، وقيل: بخمسة، والأول أصوب.
قلت: هو مقتضي جمع حظ من خرج اسمه.
الشيخ: عن سحنون: يبدأ في قسم الدار برفع الطريق من باب الدار إلى أقصى بيوتها يطرح ذلك لا يحسبه على أحد ثم يقسم ما بقي.
قلت: تقدم لأبي عمر المكوي تقييد ذلك.
وفيها: إن اقتسما دارا بأن أخذ أحدهما مقدمها والآخر مؤخرها على أن لا طريق لصاحب المؤخر على الخارج جاز إن كان له موضع يصرف إليه بابه وإلا لم يجز، وإذا اقتسموا دارا مذارعة بالسهم فإن كانت كلها سواء جاز، وإن تفاوتت أو كانت سواء وجعلوا في ناحية أكثر من ناحية لم يجز.
وسمع ابن القاسم: لا يجمع حظ اثنين في القسم.
ابن رشد: هو قوله فيها: ومعناه: إن لم يكونوا أهل سهم واحد.
قلت: للخمي من فصل قسم الوصي: يجوز جمع نصيبين في قسم التراضي.
**** ومنعه ******* قولا أشهب وابن القاسم.
وسمع أيضا: إن قال أحد ورثة الإخوة للأم: أقسموا لي حظي على حدة لا تضموه لإخوتي ليس له ذلك، يقسم لهما جميعا الثلث ثم يقاسمهم، وكذا الزوجات في الربع أو الثمن، وكذا العصبة الإخوة وغيرهم.
ابن رشد: لا خلاف في ذلك في أهل السهم الواحد وهم الأخوات والزوجات والبنات والأخوات والجدات والأخوة للأم والموصي لهم بالثلث.
***** العصبة كذلك واستقلال كل منهم بحظه لا يجمع مع مثله، ثالثهما: إن أرادوا لهذا السماع مع ابن حبيب والمغير، ويحتمل مثله لسحنون؛ ولذا طرح سحنون قول ابن القاسم فيها متصلا بقول مالك.
قد قال لي مالك ما أخبرتك أنه لا يجمع نصيب رجلين في القسم، وهذا عندي في أهل الميراث كلهم غيرها هؤلاء، وهذا تفسير مني عن مالك، وقول ابن القاسم فيها؛ لأنه فسر قول مالك فيها: من ترك زوجة وعصبة وأرضا أن المرأة يضرب لها
بحقها في أحد الطرفين، كان العصبة واحدا وعدد لا يريدون القسمة.
واختلف في قول مالك: يضرب لها مع العصبة في أحد الطرفين فقيل: ذلك مع الورثة من كانوا ثم يقتسمون إن أحبوا، وهو ظاهر قوله فيها، ورواية ابن الماجشون، وقيل: مع العصبة فقط.
قلت: مقتضي قول عياض: اختلف في تأويل قول مالك فيها: لا يجمع نصيب اثنين في القسم قال ابن القاسم: معناه عندي في أهل الميراث كلهم غير العصبة، قالوا: وتأويل ابن القاسم هذا خلاف قول مالك وغير مراده أنه لا يجمع فيها سهامهم فيه سواء.
فإن اختلف كأصحاب ثلث وأصحاب سدس وأصحاب نصف كل صنف في القرعة عليه خلاف ما ذكر ابن رشد من الاتفاق على الجمع في الإخوة للأم ونحوهم.
الجلاب: لا يجمع بين اثنين في القسم إلا أن يتراضى كل الشركاء بذلك.
الشيخ: عن ابن حبيب: لا يأمر القاضي إلا المأمون المرضي، وإن كان اثنين فهو أفضل، وإن لم يجد إلا واحدا كفى.
وفيها: يضيف القاسم إلى القسم قيمة خشب السطح والغرف مع قيمة البيوت التي تحت ذلك، فظاهره كفاية الواحد، ونحوه يأتي لابن القاسم في سماعه، وفي الزاهي: يقسم اثنان كالشهادة.
وسمع ابن القاسم: كره مالك جعائل الذين يحسبون مع القاضي ويقسمون الدور.
ابن القاسم: وذلك رأيي، وأرى أن ينظر الوالي رجلا ممن يحتاج إليه في أمر المسلمين ويحسبه عليهم، ويجري عليه عطاؤه كالغزاة وكالقاضي.
ابن رشد: مثله فيها وكرهه؛ لأن القاضي هو الحاكم بذلك على اليتيم باجتهاده، فلعله لو كان مالكا أمر لوجد من يقسم له بأقل مما جعله القاضي عليه، وكذا إن قضي بين قوم وأمر القاسم بذلك وجعل له أجرة باجتهاده يكرهله أخذ ذلك، إذ لعلهم لا
يرضون بذلك القدر، وإن رضي به المحكوم له فقد قيل: لا يرضي به المحكوم عليه؛ ولذا قال مالك لمن سأله في هذا من القضاة: ليكن من شأنك أن تأمر الورثة يرتضون رجلا، فإذا ارتضوه وليته أمرهم يحسب بينهم، ومن هذا المعنى جعل الشرط على الناس فيما يبعثون به من أمرهم حسبما سمعه ابن القاسم في كتاب السلطان: وإن استأجر القوم قاسما فلا كراهة في ذلك، وقاله في المدونة، وكذا ما جعله الإمام من بيت المال؛ لأن في مصالح المسلمين.
عياض: إن كان ذلك من بيت المال فجائز، وإن كان من أموال اليتامى والناس قسموا أو لم يقسموا فحرام، وبه علل المنع مرة في الكتاب، وإن كان باستئجار الناس مرة لحاجتهم فجائز إلا أنه كرهه في الواضحة.
قلت: ما ذكره عن الواضحة خلاف ما تقدم لابن رشد، وعزاه للمدونة، وفي قول ابن عبد السلام: إن جعل له من بيت المال عوض على عمله حرم عليه الأخذ من الناس، وإن جعل له إعانة له كره ولم يحرم نظر، والأظهر الحرمة فيهما لتشبيه ابن القاسم أجراؤه عليه من بيت المال بإجراء أرزاق القضاة.
ولنقل الشيخ عن ابن حبيب: إذا جرى القاسم عطاؤه من بيت المال أو من الفيء لم يحل له أن يأخذ ممن يقسم لهم شيئا؛ لأنه كالقاضي المرتزق، وإنما يفترق الوجهان لو طرأ عليه ما يمنعه من القسم من مرض ونحوه، فعلى أنه أجير تسقط مدة مرضه، وعلى أنه إعانة لا تسقط.
**** على الرؤوس أو قدر الأنصباء قولها مع ابن رشد عن نوازل سحنون في الأجير على حرز الأعدال ونوازل أصبغ قائلا: لا أقول بقول ابن القاسم مع ابن عبد الحكم، وسماع يحيي ابن القاسم في الأجير على الخصومة لقوم.
وصوب احتجاج ابن عبد الحكم بأنها إن جعلت على الرؤوس ربما صار على القليل النصيب أكثر من حظه، ونظرها أصبغ بكنس ساقية ماء لقوم عليها أملاك لبعضهم أكثر من بعض وبالشفعة، وفي نظائر أبي عمران: أن التقويم في العبيد والفطرة والشفعة على قدر الأنصباء، وكذا في نفقة القراض بمالي رجلين، وما
طرحه أهل السفينة خوف الغرق، والصيد يقسم على رؤوس الصيادين، وجناية معتق رجلين على عاقلتيهما بقدر حظيهما، وفي الأقضية منها: لا تجوز شهادة القسام على ما قسموا، وسمع القرينان: إذا اختصم القوم في قسم فقدم القاضي عدلا للقسم بينهم فأخبره بما صار لكل منهم قضي به، وإن لم يعلم ذلك إلا بقوله، وليكن من شأنه أن يأمر الورثة أن يرتضوا رجلا لذلك يوليه أمورهم.
ابن رشد: وكذا كل ما لا يباشره القاضي من أمور نفسه قول مأموره فيه مقبول عنده، ولو اختلف الورثة يعد أن أنفذ بينهم ما أخبره به ابن القاسم، ولو يوجد رسم أصل القسمة التي قضي بها فقول ابن القاسم في ذلك وحده مقبول عند القاضي الذي قدمه لا عند غيره، كما لا تجوز شهادة القاضي بعد عزله على ما مضى من حكمه، وهذا معنى قولها لا تجوز شهادة القسام على ما قسموا، وقوله: وليكن من شأنط أن تدعوا الورثة فتأمرهم يرتضون رجلا؛ هو على الاستحباب لا الوجوب، ومن قدمه القاضي جاز وإن لم يرتضوه، وإنما يقدم القاسم بينهم إن طلبها بعضهم وأبى بعضهم أو كان فيهم صغير أو غائب، وإن كانوا حضورا كبارا راضين بالقسم فليس عليه أن يقدم لهم قاسما إن دعوه إليه، وليقدموا لأنفسهم قاسما تطوعا أو بأجر، وإذا قدم قاسما لغيبة بعضهم أو صغره فقسم فلا ينبغي للقاضي أن يشهد على إمضاء فعله حتى يعرضه على الكبار منهم وعلى من قدمه للصغير أو للغائب فيسلموه ويراه هو صوابا في ظاهره، إن لم يقف على صحة باطنه، فغن اعترضه بعضهم نظر في ذلك، وكذا إنما يقدم من يحسب لهم إن كانوا لا يقومون بالحساب أو كان بعضهم لا يقوم به، أو كان فيهم صغير أو غائب، وإن كانوا كبارا يقومون به أمروا أن يجتمعوا على الحساب، ولا يقد ملهم حسابا إلا أن يختلفوا في الحساب مع اتفاقهم على أصل المواريث.
قلت: ما قاله ابن رشد وفسربه المدونة مثله نقل الشيخ عن ابن الماجشون.
قال ابن حبيب: وكذلك العاقل والمحلف والكاتب والناظر للعيب لا تجوز شهادتهم عند غير من أمرهم لا وحدهم ولا مع غيرهم، كما لا تجوز شهادة المعزول فيما يذكر أنه حكم به، وهو تفسير قول مالك، وفي كتاب ابن سحنون عنه: إذا شهد
شاهدان على ما قسماه بأمر قاض أو بغير أمره أن كل إنسان ممن قسما بينهم قد استوفى نصيبه لم تجز؛ لأنهما شهدا على فعل أنفسهما، ولما ذكر الباجي قول سحنون وما تقدم لابن حبيب قال: في قول ابن حبيب نظر؛ لأن القسمة تصح من غير القاضي، وإنما يستنيب فيما يختص به كالأعذار ونحوه.
قلت: هذا يقتضي أن قول ابن حبيب قول سحنون، والأظهر أنه وفاق، وأن معنىقول سحنون إنما هو عند غير القاضي الذي أمرهما؛ لأن نسبة قول سحنون كقولها، وقد جعل ابن رشد معنى قول ابن حبيب تفسيرا للمدونة.
**** أنواع: الأول: المكيل والموزون إن كان صبرة واحدة فقال ابن رشد: لا خلاف في وجوب قسمه على الاعتدال بالكيل والوزن وعلى بين الفضل ولو حرم فيه التفاضل، ويجوز بالمكيال والضنجة المجهولين.
ابن رزقون: قال ابن الماجشون: يقسم الرطب والتين والعنب على أكثر شأنه في البلد من وزن أو كيل.
قال محمد بن عبد الحكم: لا بأس أن يقسم القاضي الزيت كيلا أو وزنا؛ أي: ذلك شاء، وقال أشهب في المدونة: بيع الزيت بالكيل، فأما الوزن فإن عرف ما فيه من الكيل فلا بأس به، وإن اختلف فلا خير فيه، فجعل الأصيل الكيل.
قلت: ذكره قول أشهب في البيع يدل على أن ما به يعرف القدر في البيع والقسم سواء، وهو خلاف نص ابن رشد بالتفرقة بينهما وهو الصواب.
ابن رشد: ولا يجوز قسمه جزافا دون نحر اتفاقا، وقسمه تحربا في المكيل ويجوز في الموزون ويدخل من الخلاف ما في بيعه تحريا.
قلت: منع التحري في المكيل عزاء الشيخ لمحمد وابن حبيب.
ابن رشد: وإن لم يكن صبرة واحدة وهو لا يجوز فيه التفاصيل كصبرتي قمح وشعير محمولة وسمراء ونقي ومغلوث لم يجز إلا باعتدال الكيل والوزن بمكيال معلوم وصنجة معلومة؛ لأنه فيما فضل أحدهما الآخر مبادلة بمكيال مجهول.
ابن رزقون: ما كان ربوياً.
روى ابن حبيب فيه عن مالك وأصحابه: إنما يجوز قسمه كيلا أو وزنا أو عددا لا تحريا.
وروي ابن القاسم: يجوز قسم الخبز واللحم بالتحري، وله شرطان:
ابن حبيب: لأن الكيل لا يعدم ولو بالحفنة، وإنما تعدم الموازين، وظاهر قول مالك فيها: يجوز السلم في الخبز بالتحري جوازه مع وجود الموازين.
والثاني: سماع عيسى ابن القاسم: أن ذلك في القليل دون الكثير.
قلت: هو سماعه في السلم والآجال.
قال ابن رشد: وهو تفسير لقول مالك.
قال: وفي قسمة ما يجوز فيه التفاضل تحريا، ثالثها: فيما يباع وزنا لا كيلا لأشهب مع ابن حبيب، وهذا السماع وقولها آخر سلمها الثالث مع دليل قولها في القسمة: لا يجوز قسم البقل حتى يجز ويباع، ووقع في بعض الكتب حتى يجز أو يباع، فإن ثبتت الألف في ذلك دل على جواز قسمته تحريا بعد الجز.
ونقل ابن عبدوس عن ابن القاسم ولابن زرقون: ما يجوز فيه التفاضل كالحناء والقطن والمسك وشبهه.
روي ابن حبيب عن مالك والأخوان: جواز قسمه تحريا وتفاضلا لا على الشك، ولمحمد وابن عبدوس عن ابن القاسم: لا يجوز قسمه إلا كيلا في المكيل ووزنا في الموزون إلا أن يبين الفضل.
ابن عبدوس: وقول ابن القاسم أحب إلي، وقول ابن عبدوس في البقول: أخطأ من قال عن ابن القاسم: لا يجوز قسمه بعد الجز تحريا، وهو يجيز التحري في الخبز واللحم فكيف بما يجوز فيه التفاضل خلاف ما استحب هنا.
ابن رشد: إن لم يكن صبرة واحدة وهو مما يجوز فيه التفاضل جاز قسمه على التفاضل البين والاعتدال بالمكيال والصنجة المعلومين لا المجهولين؛ لأنه غرر، وواجب الحكم ألا تقسم كل صبرة إلا علة حدة فيجوز حينئذ بهما مجهولين؛ لأن قسم
الصبرة الواحدة تمييز حق.
قال هو والباجي: لا تجوز القرعة في قسم شيء مما يكال أو يوزن، وعزاه ابن زرقون لسحنون قال: وكذا عندي ما قسم بالتحري؛ لأن ما تساوي في الجنس والجودة والقدر لا يحتاج إلى سهم كالدنانير والدراهم.
قلت: تقدم للباجي لحم الأضحية خلافه فتأمله، الثاني: العقار في جمع الدور في القسم بتقارب مواضعها أو يتساوى نفاقها، ثالثها: بهما للباجي عن أشهب وابن القاسم في المجموعة وسحنون قائلا: إن كانت إحداهما قاعة لم يجمعا، فإن كان بناء أحدهما أجود جمعا إن كانتا في نمط واحد فليست الدور كالأرضيين، وقد تكون الدور في نم
ونفاقها مختلف، ومن داري إلى الجامع نمط واحد وهو متباين.
الباجي: والنمط قد يستعمل بمعنى التقارب في الصفة، ويحتمل أن يريد به المحلة الواحدة، ولابن رشد في كلامه على سماع أشهب راعي في قسمة الدور في هذا السماع اختلاف مواضعها لاختلاف نفاقها فلم يجز جمعها إن تباعدت مواضعها وإن اتفقت في التفاق عكس المدونة أنها تجمع إن اتفقت في النفاق واختلف في البعد، ولا تجمع إن اختلف مواضعها في النفاق وإن اتفقت في القرب، ويقوم من المدونة قول ثالث أنها لا تجمع إلا أن تتفق في النفاق والقرب.
اللخمي: يراعي في قسم الدور مواضعها إن كانت في محلتين متقاربتين جمعت، كانتا في وسط البلد أو طرفه، وإن كانت إحداهما بوسطه والأخرى بطرفه لم تجمعا، وإن كانتا بوسطه واحدهما بمحلة شريفة والأخرى بمحلة مرغوب عنها لم تجمعا، وقد يستخف ذلك في البلد الصغير وصفتها، فغن كان منها الجديد والقديم الرث وهي ذات عدد قسم الجديد بانفراده والقديم بانفراده، وإن كانتا دارين كذلك جمعتا وهذه ضرورة.
***** المعروفة
…
كغيرها وقبول قول مريد إفرادها، ثالثها: إن لم يكن شريفا لها به حرمة، ورابعها: إن كانه فلمن أبى المنع مطلقا، وإلا فشرط كونه ولذا سكنها مع أبيه لابن أبي زمنين مع أكثر مختصريها، وفضل وابن حبيب وعياض
عن بعضهم.
اللخمي: إن اختلفت قيمة الدراين ككون قيمة أحديهما مائة والأخرى تسعين فلا بأس أن يقترعا على أن من صارت إليه التي قيمتها مائة أعطى صاحبه خمسة دنانير؛ لأن هذا مما لابد منه، ولا يتفق في الغالب أن تكون قيمة الدارين سواء.
قلت: ظاهر الروايات منع التعديل في قسم القرعة بالعين وليس من شرط قسم الدور استقلال كل شريك بدار كاملة.
اللخمي: وتجمع الحوانيت إن كانت بسوق واحد أو بسوقين تتقارب فيهما الأغراض، وإن تباينت لم تجمع، ولا تجمع الدور لهام ولا الفنادق ولا للحمامات، وأما جمع فندق إلى حمام فيسأل عنه أهل المعرفة بالرباع، فإن قالوا تتقارب فيها الأغراض جمعت وإلا فلا، ولا تجمع الحوانيت إلى الفنادق، ويستحب جمع الحوانيت إلى دور الغلة.
وفيها: إن كانت دار بين رجلين فقال أحدهما: اجعلوا نصيبي لجنب دار له أخرى حتى أفتح فيها بابا لم يقبل قوله وقسمت، فحيث وقع سهمه أخذه، وإن اقتسماها فاشترى أحد النصيبين هو ومن اكترى منه أو سكن معه فذلك له إن أراد ارتفاقا، ولا يمنع أن يجعل ذلك كسكة نافذة لممر الناس يدخلون من باب ويخرجون كالزقاق فليس له ذلك؛ وإن قسموا دورا فيها بيوت وساحة ولها غرف وسطوح بين يديها فقسموا البناء بالقيمة وأبقوا الساحة فالسطح يقوم مع البناء تقوم الغرفة بما بين يديها من المرتفق، ولصاحب العلو أن يرتفق بساحة أسفل كارتفاق صاحب الشغل، ولا مرفق لصاحب السفل في سطح العلو إذ ليس من الأفنية، ويضيف القاسم قيمة خشب السطح مع قيمة البيوت التي تحت ذلك، وعلى ربها إصلاح مارث منها.
اللخمي: ما فسد من أجل تصرف صاحب العلو فإن إصلاحه عليه لا على ذي السفل وخشب الأجنحة لذي العلو إلا أن تكون ممدودة إلى سقف ذي السفل ينتفع بها.
كأحد خشبه، فما كان منها خارجياً فالذي العلو، وما كان منها داخلاً فالذي السفل، هذا إن كان الملك لواحد فباع أحدهما دون الآخر، وإن كان مشتري العلو أحدث تلك الخشبة فجميعها له، وإن كان لذي العلو خشب يصعد عليها إلي علوه وبنى عليها درجاً أو كانت سطحاً له كان خشبها له، وإن كانت محنية للسفل كان خشبها لذى السفل.
قُلتُ: ظاهرها قسم العلو مع السفل بالقرعة.
قال المتيطي: حمل المدونة أبو عمران مرة على التراضي، وهو نص ابن الماجشون، ومرة على القرعة، قال: فإن وقع تراضيا ولم يبينا لذي العلو مدخلاً ولا مجرى ماء كان على المدخل والمجرى القديمين حتي ينصا على أن ذا العلو يصرف ذلك لناحية كذا مما له الصرف إليه.
وإن اختلفا في خشب سقف السفل وهو سطح الأعلى فهو لذي السفل اتفاقاً لقوله تعالى: *********** ************* فأضاف السقف لها.
قال: ويجب في قسم الدار يآخذ كل منهما حداً معيناً بتراضي بيان كون الحد شرقياً أو غربياً أخذاً من منتهى الحد القبلي إلي منتهى الحد الجبلي، وذرعه من الشرق إلي الغرب في كل القطرين كذا، وفيه من البيوت كذا ومن العليات كذا على أن يفتح فلان لقطيعه بابا إلي محجة كذا، ويقيم في نصيبه مرحاضاً يخرج مجراه مع ما ينصب في داره من ماء السماء إلي محجة كذا إلي سرب كذا أو إلي حفره يحفرها فيها وينفرد الآخر بقديمها من ذلك، أو على أن يكون رقبة القديم من ذلك لفلان وللآخر فيه مجرد الانتفاع وعلى أن يقيما جميعاً من أموالهما على السواء من جزأيهما حائطاً موصوفاً بناؤه وقدره ارتفاعاً وعرضاً لسترهما يجعل فيه كا واحد من قاعته كذا أو على أن ذلك كله على أحدهما، فإن سكتا عن حكم المدخل والمخرج والمجرى والسترة ووقع المدخل والمخرج في حظ أحدهما ومنع منه صاحبه، ففي صحة القسمة ووجوب شركتهما في الدخول والخروج وصب المياه للمجرى القديم وتكون رقبة ذلك لمن صار في حظه وفسخ قسمتهما.
ثالثها: إن كان لغير من صار ذلك في حظه محل يفتح فيه بابه ويخرج منه ماؤه، أو يغور في صحنه دون ضرر أمر به وتمت القسمة، وإلا فسخت لابن القاسم وابن حبيب وعيسى.
قُلتُ: الأول قولها، قال: وإن سكتا عن الستر لم يجبر عليه من أباه، وإن ذكرا إقامته ولم يبينا هل هو على التساوي في القاعة والنفقة أم لا؟ حملا على التساوي لاستوائهما في السترة به.
قُلتُ: يأتي للخمي: الصواب أن يجعل كل واحد تحجيرا؛ لأن في تركه كشف حريمه ودخول بعضهم على بعض.
ابن رُشْد" الدار المشتركة بين اثنين فأكثر ولها ساحة إن كان يطير لكل ذي حظ من البيوت وساحتها ما ينتفع به ويستتر به عن صاحبه، ففي وجوب قسمها لمن طلبه ومنعه في ساحتها، ثالثها: إن لم يكن للبيوت حجر لمعروف المذهب وقول مطرف مع تأويله قول مالك عليه وسَحنون، وأخذ عياض الثاني من قولها في القسم إن كانوا قسموا البيوت والساحة قسماً واحداً تراضيا، ولم يذكر قول سحنون.
وقال: قال عثمان بن مالك الفاسي: إن كان للبيوت حجر أو لم يكن والساحة ضيقة لم تقسم الساحة إلا باجتماعهما وإن لم يكن لها حجر وهى واسعة فالقول قول من طلب قسمها، وإن لم تحتملها الساحة لم تقسم، وإن احتملها دون البيوت فقال ابن رُشْد: الآتي على قول ابن القاسم منعها إلا تراضياً لخروج بعض السهام في الساحة فقط وبعضها في البيوت فقط وإجازتها.
ابن حبيب: بعيد إلا على أصل أشهب وقول ابن القاسم في مسألة الشجرة والزيتونة، وفي شفعتها: إن قسموا البيوت دون الساحة فلا شفعة بينهم.
ثيل لمالك: إن كانت الساحة واسة فأرادوا قسمتها لحوز كل إنسان حصته لمنزله، قال: إن لم يكن ضررا قسمت.
عياض: حملها سَحنون على قسم القرعة، وتعقبها بأنه ضرر لاحتمال وقوع حظ أحدهم عند باب بيت غيره إلا أن يكون تراضياً.
عياض: قيل: معنى الساحة التي منع مالك قسمها هي أفنية الدور بين بيوت القرى حيث تبرك الإبل وبرتفق جميع أهل القرية، وأما ساحة داخل الدار فتقسم كالبيوت، وكذا قال ابن حبيب، وهذا وفاق قول أشهب: ليس لأحدهم بيع حصته من العرصة فقط إلا ببيع حظه من البيوت، ولو كانت واسعة إلا أن يجتمع ملاؤهم على بيعها فيجوز؛ لأنها أبقيت مرفقا لهم.
قُلتُ: يريد: أن قول أشهب يدل على أن المنع إانما هو فيها هو كالأفنية لامتناع بيعه، وذكر الصقلي قول أشهب غير مستشهد به بزيادة، فإن أبى أحدهم فهو مردود؛ لأنها أبقيت مرفقا لهم، وفيه تناف؛ لأن قوله أولاً: إن اجتمع ملؤهم على بيعها فيجوز يقتضي أن امتناع أحدهما لا يضر، وقوله: فإن أبى احدهم فهو مردود خلافه.
وفي الجلاب: إن قسمت الدار وتركت الساحة مرفقاً لأهلها، ثم أراد بعضهم قسمها فقيها روايتان: تقسم ولا تقسم وتترك مرفقاً.
وفيها: إن اقستسموا البناء والساحة رفعوا الطريق ولا يعرض فيها أحدهم لصاحبه، فإن اختلفوا في سعة الطريق جعلت بقدر دخول الحمولة ودخولهم، ولا أعرف عرفاً عرض باب الدار.
قُلتُ: صح في البخاري وغيره عن عكرمه قال: سمعت أبا هريرة قال: "قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تشاحوا في الطريق بسبعة أذرع"
وفيها: إن لم يطر لأحدهم من الساحة ما ينتفع به إلا في مدخله ومخرجه لا في مربط دابة وغيره لم تقسم بينهم وتركت؛ لانتفاعهم، وللأقل نصيباً من النفع بالساحة ما للأكثر نصيباً سكن معهم أو لم يسكن، ولهم منع من يبني في الساحة منهم، وكل منهم واحد أولى بها بين يدي بيته منها، وإن أراد بعضهم أن يطرح بين يدي باب غيره العلف والحط لم يكن له ذلك، إن كان في الدار سعة عن ذلك، وإن احتاج إلى طرح
ذلك في الساحة ووقع بعض ذلك على باب غيره طرحه إلا أن يكون في ذلك ضرر على من يطرحه على بابه.
زاد اللخمي: وقال محمد: الانتفاع على عدد البيوت، والصغير كالكبير، وإنما يصح هذا إن كانت القيم في حين القسمة على ذلك يحط القليل النصيب من البناء بقدر ما يزاد من الساحة؛ لأن الشركة في الساحة قبل القسم على مثل الأجزاء في البيوت، فلو كانت دار بين من له نصفها ومن له ثلثها ومن له سدسها، وقيمتها مائة وعشرون لأعطى ذو النصف من البيوت والساحة ما قيمته ستون وللآخر ما قيمته أربعون وللثالث ما قيمته عشرون، ولو أعطى ذو النص نصف المساكن وللآخر ثلثها وللآخر سدسها، وجعلت الساحة بينهم أثلاثاً في ذلك ظلم على ذي النصف، ويصير قيمة النصف دون الستين والسدس فوق العشرين، والأرضون.
قال ابن رُشْد: كالحوائط إن تقاربت وتشابه قربها من الحاضرة التي تعمر منها جمعت في القسم، وإن كان بعضها أقرب اليها بيسر تخرجت على الخلاف، وفي جمع الأرضين إذا كان بعضها أكرم من بعض؛ لأن القرب كالكرم تختلف لذلك قيمتها، واليسير ميل ونحوه، وقيل: ميلان ونحن ذلك، وكذا: يختلف في جمعها إن تباعدت وهى على قدر واحد من الحاضرة، فتجمع على قولها في الدارين: تقسم قسماً واحداً إن استوت في النفاق وتباعدت في المواضع، وعلى سماع أشهب في الدور: لا تقسم قسماً واحدا إلا على التراضي، وإن كان بعضها أقرب إلي الحاضرة بكثير لم تقسم قسماً واحداً لكثرة تباينها.
وسمع ابن القاسم: من ترك نخلاً بخيبر نحواً من خمسين عذقاً، وحوها بوادي القرى، ونحوها بالفرع، ونحوها وراء المدينة إلي مكه، وقسم ورثته على ثلاثة وعشرين سهماً فقال: اقسموا كل عذق على ناحيته.
قال مالك: لا أرى ذلك أيأخذون نخلة نخلة، هذا ضرر، يقسم ما يخيبر ووادى القرى ويعدل بالقيمة وما بناحية الفرع مثل ذلك تضم النواحي بعضها إلي بعض، تضم خيبر إلي وادى القرى والفرع إلي ما بناحيتها.
ابن رُشْد: بعد ذكره ما قدمناه: يريد: مالك: إن دعا إلي ذلك بعض الورثة؛ لأن معنى قوله: فقال: اقسموا كل عزق على حدته؛ أي: قال: ذلك بعضهم، إذ لو اتفقوا عليه لجاز، وقول مالك هذا كقول عيسى في الأرض الكريمة والدنية تقسم كل واحدة على حدة إن حملته، وفي جميعها، ثالثها: إن لم تحمل كل واحدة القسم لسماع عيسى مع ثاني وصاياها وقسمها وعيسى الباجي: أما البعد في الأرضين فقال ابن القاسم: إن تباعدت القرى اليوم واليومين قسمت كل قرية على حدة وإن تساوت رغبة الناس فيها.
قال الباجي: وهذا بحسب الاجتهاد.
قد قال ابن الماجشون: لا حد للقرب إلا ما يرى نحو يوم وقع، وقال ابن حبيب: يجمع البعل كله إذا تجاوز بالميلين، وسمع ابن القاسم ما بوادى القرى وبخيبر.
وروى أشهب: لا تجمع حوائط المدينة مع حوائط خيبر، وبينهما ثمانية وأربعون ميلاً.
اللخمي: لأشهب في مدونته: إن تقاربت الأرضون وبعضها أكرم، أو بعض الدور أعمر جمع لمن طلب الجمع حظه في مكان واحد، إلا أن يكثر حظه عن دار أو أرض فيجمع له في دار أو أرض أخرى، ثم يقسم الذين أرادوا التفرقة على ما تراضوا عليه، وإن تباعدت الدور والأرضون قسموا الذين أرادوا التفرقة حظوظهم من كل دار ومن كل أرض، ويقال للذين أرادوا الجمع: اقسموا كيف شئتم، وإنما أرادوا أنه إن كانت متقاربة بدئ بالقسم لمن أراد الجمع؛ لأن ذلك الحكم، ويوقف الآخرون على القسم ويسقط مقالهم في القسم، فإن كان الذين أرادوا الجمع واحدا كان الضرب على الديار تكتب أسماؤهم وتخلط، أيها خرج كان له، ثم يقسم الآخرون كل دار وكل أرض بانفرادها، وإن تباعدت بدئ بالذين أرادوا التفرقة تقسم كل أرض وكل دار بانفرادها منهم بالقرعة، فاذا أخذوا ذلك ففي بقية تلك الدار والأرض السابقة قبل أخذ هؤلاء أنصباءهم، ثم يجمع الباقون بالتراضي على أصله في القرعة في هذا بالتراضي.
وفيها: إن ورث قوم أراضي وعيوناً كثيرة، فإن استوت الأرض في الكرم
وتقاربت أماكنها واستوت العيون في سقيها الأرض جمعت، وإن اختلفت الأرض في الكرم والعيون في الغور قسمت كل أرض وعيونها على حدة، وجوز في الموطأ قسم البعل مع ما يسفى بالعين سيحا دون نضج.
الباجي: هذا مشهور المذهب، وروى نحوه ابن وَهْب؛ لأنهما يزكيان بالعشر بخلاف النضح المزكى بنصف العشر، وفي الواضحة وسماع أشهب: لا يجمع البعل مع السقي.
ابن زرقون: لا يجمع البعل مع النضح ولا مع السيح اتفاقاً؟ إلا على رواية النخلة والزيتونة.
قُلتُ: كذا نقل ابن رُشْد دون استثناء.
اللخمي: روى ابن وَهْب: يقسم البعل مع العيون إذا كان يشبهها في الفضل خلاف قول ابن القاسم واشهب: لا يجمع بعل مع سقي، وقال ابن مسلمة: يقسم البعل مع العيون لا مع النضح إلا برضى أهله، ولا وجه لهذا بل البعل مع النضح أقرب من البعل مع العين.
قُلتُ: قوله: لا وجه لهذا يرد بوضوح وجهه، وهو ما قاله الباجي من تماثلهما في الزكاه؛ لأن مراد ابن مسلمة بالعيون لا ما سقي نضحاً، وقوله: بل البعل مع النضح أقرب، كذا وجدته في غير نسختة، وبعضها مشهور بالصحة، وهو وهم في التصديق إن كان النضح عنده ما رفع بآله والعين ما جرى دون آله وإلا ففي تصور مسماها.
وسمع ابن القاسم: لا يجمع النضح مع السقي بالعين.
ابن رُشْد: ولم ينص هل يجمع ما يسقى بالعين مع البعل أم لا؟ وظاهرها أنه لا يجمع مثل ما في الواضحة، ونص سماع أشهب خلاف ما في الموطأ من قسم البعل مع العين إذا كان يشبهها واختلاف الثمار بالصنف كصيحاني وجعرور كالتماثل.
ابن رُشْد: اتفاقاً.
اللخمي: إن كان الجيد ناحية والردئ بناحية وكل واحد يحمل القسم فاستحسن أن يقسم على الانفراد.
الصقلي: عن ابن عبدوس: إن كان بعض الشجر أكرم من بعض بالأمر المتباين جداً لم تجمع في القسم، ومثله لابن حارث عنه، وقول ابن عبد السلام: ظاهر المجموعة أن الطيب والردئ لا يجمع ويقسم كل نوع على حدة خلاف تقييد.
الصقلي: الاختلاف بالتباين جدا، والاختلاف بالجنس كالنخل والتين غير مختلطين بمنع الجمع، وإن اختلطا في حائط واحد ففي جمعها، ثالثها: يكره لها وللصقلي عن سَحنون مع قول عياض: أنكرها سَحنون والباجي مع ابن حارث عنه.
وفيها: لا تقسم أصناف مختلفة بالسهم كالدور مع الرقيق وإن اتفقت قيم ذلك؛ لأنه خطأ إلا أن يتراضوا بغير سهم، ابن حارث: لا يجمع النوعان المختلفان اتفاقاً إلا قول أشهب: إن اعتدل الورثة فجعلو الدور سهماً والرقيق سهماً والدواب سهماً ثم أسهموا عليها أن ذلك جائز، وهو أصل خالف فيه جميع أصحابه.
ابن رُشْد: ومثله لابن القاسم في مسألة الشجرة والزيتونة وهو معترض؛ لأنه إن كان غرراً امتنع الرضا به، وإن لم يكن غرراً لزم الحكم به.
عياض: حملها بعضهم على قسمة القرعة لقوله: اعتدلتا، وقد يكون مثل هذا قوله في جميع الثمار المختلفة.
وقد أنكر سَحنون المسألة، وقال: المراد أنها قسمة مرضاة، والأول أظهر لقوله: إذا اعتدلتا، وإن كان لا يعتدلان تقاوماهما أو يبيعاهما، ولو كان على التراضي لم يحتج إلي ذلك، وقيل: إنما جاز ذلك للضرورة فيما قل كالأرض الواحدة بعضها رديء وبعضها جيد، وكما قال في الدار البالية مع الجديدة وشبهها بالدار: بعضها رث وبعضها جديد.
قُلتُ: الاختلاف بالجودة أخف منها بالجنس.
وفيها: لا يقسم مجرى الماء وبعدة لا تقسم الآبار، ولم أسمع من يقول: تقسم الآبار والعيون.
عياض: ظاهر المذهب أنه إنما أراد قسم الواحد منها، وإن الجمع منها إذا اعتدل في القسم قسم، وهو قول سَحنون وتأويله على الكتاب، وقاله ابن نافع وابن حبيب، وحمل ابن لبابه منع القسم فيها على العموم، واستدل بمخالفته للجواب في المواجل،
وقوله: أما على قول مالك فيقسم، وأما أنا فلا أرى ذلك للضرر إلا أن يكون لكل واحد ماجل فلا بأس به، ثم قال في العيون والآبار: لا أرى أن تقسم إلا على الشرب، ولم يقل فيها ما قال في المواجل ولم يفرق بين قليلها وكثيرها.
عياض: لا حجة بينة في هذا؛ لأنه إنما تكلم على ماجل واحد، ويمكن في كبير أن تصير مواجل، ولا يمك أن تصير العين عيوناً ولا البئر آباراً، وفي جمع الثياب طريقان.
ابن حارث: اتفقوا على أن كل صنف من الثياب أو البز إذا احتمل القسم وحده قسم ولم يجمع، وإن لم يحمله فثلاثة.
ابن القاسم: يجمع البز والخز والحرير والديباج والقطن والكتان والفراء.
ابن حبيب: وأنكره الأخوان وقالا: الخز والحرير صنف، والديباج صنف، والقطن والكتان صنف، والصرف والمرعزي صنف لا يجمع شئ منها للآخر.
ابن عبدوس: أنكر سَحنون قول ابن القاسم وصوب مذهب أشهب ما جاز فيهواحد باثنين لأجل لم يجمع، وما جاز من الكتان واحد باثنين لم يجمع.
اللخمي: المعروف عدم قصر قسم القرعة على الدور والأرضين.
وقال عبد الملك مرة: لا يقسم بالقرعة غيرها ويباع ويقسم ثمنها، قال: يريد؛ لأن الأصل منع القرعة لتضمنها بيع الإنسان ملكه بغير رضاه، والغرر فيما يطير له، وعلى المعروف في الصنف الذي يجمع ثلاثة، فذكر قولي ابن القاسم واشهب، ثالثها: قول ابن القاسم مرة: إن حمل كل نوع من الخز وما ذكر معه القسم لم يجمع وإلا جمع.
قال: وقول أشهب احسن، واعتبار ذلك فيما تتقارب الأغراض فيه وتتباين فالسلم صحيح.
وقال ابن القاسم: لا تجمع البسط والسائد مع الثياب ويجمع ذلك على أصله أن لم يحمل كل صنف القسم، ويختلف على قوله: إن حمله، وفي جمع أصناف الرقيق من الصغير والكبير والهرم والجارية الفارهه قولا ابن القاسم وقول أشهب، وجمع ابن القاسم الخيل والبراذين ولم يجمع البغال للحمير، ولا تجمع الخيل والبراذين على قول أشهب، وعلى منع ابن القاسم سلم البغال في الحمير جمعها في القسم أولى.
وفيها: قسم الحلي وزناً.
اللخمي: يريد: تراضيا، أو بالقرعة إن اتحد الوزن والقيمة.
وفيها: إن قال أحدهم: أعطوني حصتكم بوزنة ذهباً يداً بيد فرضوا جاز.
اللخمي: ولو اختلاف جاز ما لم يكن الأقل أجود منها إن كان جلياً نحو هي حليمة بوزن والذهب والفضة نمت ذلك فأقل جاز بالقيمة نفذا العرض وإلا لم يجز بالقيمة.
اللخمي: وله القول الآخر يجوز، وإن كان أحدهما مضموناً لأجل، وإن كان حلياً من ذهب وفضه واحدهما الثلث فقد مر في الصرف.
وفيها: لا تقسم الثمار مع الأصول وإن كان الثمر بلحاً أو طلحاً، وتقسم الأصول وتترك الثمرة حتي يحل بيعها فتقسم كيلاً أو ثمنها.
الباجي: منع قسمتها مع الطلع؛ لأنه مأكول يجري فيه الربا، ولا تجوز قسمتها دون الطلع؛ لأنها ثمرة لم تؤبر، وقول ابن القاسم: تقسم الرقاب دون البلح والطلع، أنكر سَحنون ذكر الطعام فيه، وقال: إذا لم تؤبر لم تجز قسمتها.
قُلتُ: ذكر الشيخ إنكر سَحنون ولم يجعله كأنه المذهب الباجي، وللشيخ: عن المجموعة قال ابن القاسم وأشهب: لا تقسم الثمر طعاماً أو بلحاً مع النخل إلا أن يجداه.
أشهب: أو يقسم معها على الجد ما لم يكن بلحاً قد احلولى لامتناع التفاضل فيه.
اللخمي: قيل: قسم الثمار مع أصلها جائز، وهو أحسن إن لم تبلغ إلي حرمة التفاضل كالزهو والبلح الكبير.
واختلف في استثناء ما لم يؤبر في البيع، والصحيح في المذهب جوازه؛ لأنه باق على ملك صاحبه لم يبعه، وأجاز محمد بن مسلمة بيع نخل فيها ثمر لم يصلح أبر أو لم يؤبر بالطعام؛ لأن المقصود بالبيع الأصل، وإن بدا صلاحه لم يجز، وأجاز سَحنون في السليمانية بيع نخل مع ثمرها وقد طاب بطعام إلي أجل؛ لأنه تبع للنخل كمال العبد.
قال: وقاله بعض أصحابنا، وكذا السيف تكون القبضة فيه تبعاً، والنقد فيه أحب
إلي، وإذا ثبت هذا الخلاف جاز قسم الحائط وفيه ثمر لم يؤبر على أن يبقى لربه، وعلى أن يدخل في القسم، وكذا إن كانت مأبورة أو بلحاً صغيراً جاز أن يدخل في القسم على قول ابن مسلمة، ويجوز على قول سَحنون إن كانت بلحاً كبيراً أو زهواً أن يدخل في القسم كالسيفين وحليتهما، وقول ابن مسلمة أحسن؛ لأن التناجز حصل، وإن كانت غير طعام فإنما تصير طعاماً على ملك المشتري.
وفيها: لا يقسم الزرع مع الأرض؛ لأنه طعام وأرض بطعام وأرض.
اللخمي: جوازة على قول ابن مسلمة أبين، ويختلف إن لم يدخلا ما فيها في القسم فجعله ابن القاسم كما لم يؤبر إن لم يخرج من الأرض وكالمؤبر إن خرج، وقال محمد: هو كما لم يؤبر وإن برز ما لم يسبل، وقال القاضي: هو كالمؤبر، وإن لم يبرز فعلى قول ابن القاسم: لا يجوز القسم قبل خروجه بحال لامتناع استثنائه وإدخاله في القسم، وإن خرج جاز إن استثنى لا بإدخالة في القسم، وعلى قول القاضي: يجوز أن يستثنى وإن لم يبرز، ولو اقتسما ولم يشترط بذراً ولا زرعاً فعلى هذا القول محمل القسمة الجواز، والبذر باق على الشركة وإن لم يبرز، وعلى قول ابن القاسم: محملها على الفساد قبل بروزه وعلى الصحة بعده وهو باق على الشركة وعلى قول محمد محملها على الفساد وإن برز ولم يسبل.
والأول أحسن؛ لأن البذر كسلعة أودعت الأرض فوجب قصر القسم على الأرض دونها، وإن برز زرع إحدى الأرضين دون الاخرى فالقسم على قول ابن القاسم على الجواز وما لم يبرز لمن صارت له أرضه وما برز على الشركة، فإن استثنى من برز ما في أرضه من ذلك الزرع أو استثنى نصيبه مما لم يبرز لم يجز القسم على مذهب ابن القاسم.
وفيها: قصر قسم الثمر في أصله بالخرص على الثمر والعنب، وبلغني أن مالكاً أرخص فيه في غيرهما من الفواكه فقال: لا أرى ذلك، ثم سألته عنه غيره مره فأبى أن يرخص فيه، وروى أشهب في المجموعة وسمع لا بأس به في العنب والنخل والتين وغير ذلك إذا طاب.
ابن رشد: إلى هذه الرواية أشار فيها بقوله: بلغني، وهي أظهر وأصح من روايتها، لأنه إذا جاز الخرص والتحري فيما يحرم فيه التفاضل لاختلاف حاجتهم إليه فأحرى أن يجوز فيما يجوز فيه التفاضل، وقوله: إذا طاب خلاف قولها بإجازته في البلح الكبير خلاف قول سحنون بمنعه فيه.
وفيها: شرط الخرص اختلاف حاجتهم بأن يريد بعضهم بيعاً، وبعضهم أكله رطباً وبعضهم تيبيسه، فإن أراد أحدهم بيعاً والآخر بيعاً والآخر أكلا، فقال الباجي: ابن القاسم: أجازه في البلح الكبير، ومنعه سحنون ولم يره اختلاف حاجة، لأن الذي يبيع يجد وتركه يبطل القسم فقد اجتمعا على الجد، وفيه نظرن لأن الجد يختلف وقته فيهما ولو كان على الجد ما قسم إلا كيلاً، ولذا منع ابن عبدوس قسمه إن أثمر، وتبعه ابن رشد في تعقبه قول سحنون، وقال: قول ابن القاسم أظهر.
وفيها جواز قسم البلح الكبير لاختلاف حاجتهم، وهو كالبسر في حرمة التفاضل، ومن عرف حظه فهو قبض له وإن لم يجده، وإن جده بعد ثلاثة أيام أو أكثر جاز ما لم يتركه حتى يزهى، فإن أزهى بطل قسمه.
وفي كراهة الخرص في الكبير رواية الباجي وظاهرها.
وللشيخ عن أشهب في المجموعة: إن كان بينهما بسر ورطب لم يجز أخذ أحدهما البسر، والآخر الرطب بالخرص وليقسما كلاً منهما به.
الباجي: وشرطه تساوي الكيل، وإن كان بعض ذلك أفضل كالصيحاني والعجوة والعنب الأحمر والأسود يجمع على التساوي، فإن أبي أحدهم قسم كل نوع وحده.
قال: مالك إلا أن يجبي المقاواة.
الباجي: وعندي أن هذه القسمة لا تجوز إلا بالقرعة، وهو ظاهر قول أصحابنا، لأنها تمييز حق، لأن المراضاة بيع محض لا تجوز في المطعوم إلا بقبض ناجز.
اللخمي: أرى إن أحب أحدهما ترك نصيبه ليبسه وغيره البيع لم يقسم، لأن المشتري يبقى حظه لذلك، وإطلاق البيع يقتضي البقاء لليبس، وإن أراد أحدهما إبقاء حظه والآخر الجد للأكل قسم عدل ما أحب جداده، وكذا إن أحب أحدهما الجد
والآخر البيع اقتسما قدر ما أحب جده، وكان من أراد الجد بالخيار بين أن يقاسم شريكه الآن أو يؤخر ليقاسم المشتري، وإن جذ البسر عرا جين فإن لم يفسد إن نثر لم يقسم بالخرص وإلا قسم إن اختلفت الحاجة.
وفيها إن قسم الثمر بالخرص فعلى كل واحد سقى نخله، وإن كان ثمرها لغيره إن قسموا الأصل قبل الثمر، لأن على صاحب الأصل سقيه إذا باع ثمره.
اللخمي: قال ابن عبدوس: أنكره سحنون، وقال: إنما السقي على من له الثمرة، لأن القسمة ليست ببيع ومن صار له حظه من الثمرة هو ميراثه، ولو كان بيعاً ما كان عليه إلا سقى نصف نخله ونخل صاحبه، وعلى صاحبه كذلك، ولو كان بيعاً كانت فيه الجائحة، وقال عبد الملك: لو اقتسم رجلان تمراً ثم اشترياه ثم أصيب حظ أحدهما رجع على البائع دون شريكه، والصواب أن قسمة القرعة بيع لا تمييز، لأنه لا يختلف أن كل نخلة قبل القسم شركة فالقسم بيع، لأن الذي صار إليه كان له نصفه ونصفه لصاحبه، فعليه سقى نصفه وما صار إليه بالشراء سواء صار لكل واحد ما في نخلة أو ما في نخله صاحبه، وقول ابن القاسم هنا كقول المخزومي فيمن باع نخلاً دون ثمره أن السقي على المشتري.
وفيها: إن قسما الرطب فالخرص وتركاه أو أحدهما حتى أتمر لم يبطل قسمه، وإن قسما صغير البلح وتركاه حتى كبر فإن قسماه على تفاضل أو تساو وهو إذا كبر تفاضل انتقض قسمه، وإلا فلا إلا أن يزهى كله أو بعضه فينتقض فيه، فإن أكل أحدهما كل حظه، والآخر نصفه فقط بطل فيما أزهى، ورد آكل كل حظه نصف قيمة ما جذ يقتسمانه مع ما أزهى.
اللخمي: والقيمة يوم الجد على أنه مجدود لا على الرجاء والخوف، لأنه جده بإذن شريكه.
وفيها: لا بأس بقسم صغير البلح على التحري إن اجتهدا حتى يخرجا من التخاطر.
قال مالك: إنما هو علف.
ابن القاسم: هو بقل من البقول.
مالك: ولا بأس أن يفضل أحدهما صاحبه.
ابن القاسم: لا بأس ببلح نخلة ببلح نخلتين على جده صغيراً مكانهما ويجوز قسمه وحاجتهما سواء، لأنه لا يشبه الرطب بالرطب، إنما هو كالبقل والعلف.
اللخمي: اختلف هل له حكم الطعام، فقال مالك: هو علف، وقال ابن القاسم: هو كالبقل، وأرى أن يحمل على عادة أكثر محله أن محله في كونه علفاً أو للأكل، وإن كثر استعماله فيهما فله حكم الطعام وإذا حكم له به لم يجز قسمه إلا بشرط جده إلا أن تختلف الحاجة فلا بأس أن يجد أحدهما دون الآخر.
قلت: جعل اللخمي قول مالك: هو علف خلاف قول ابن القاسم: هو بقل وفاق لقولها أولاً عنهما خلاف قولها أخيراً عن ابن القاسم: إنما هو كالبقل والعلف، وعلى هذا اقتصر البراذعي في اختصاره، ولعل مراده كالبقل فكونه طعاماً وكالعلف في جواز ربا الفضل فيه.
وفيها: لا يعجبني قسم البقل بالخرص، لأن مالكاً كرهه في الثمار، والبقل أبعد في الخرص منها فأكره قسمه به.
اللخمي: وقال أشهب: يقسم به إذا صلاحه، وإذا جد أو حصد لم يقسم إلا وزناً أو كيلاً لا خرصاً لزوال الضرورة بالجذ.
ابن حارث: عن محمد: غلط بعض الناس على ابن القاسم في التأويل فظن أنه لا يجيز قسم البقل تحرياً بعد جده، وإنما لم يجزه تحرياً قبل جزه لتأخير قبضه، وقال أشهب: لا بأس بفدان كراث بفداني كراث وإن لم يجداه بخلاف الثمرة.
وفيها: لا يقسم الزرع فدادين ولا مزارعة ولا قتاً ولكن كيلاً.
ابن رشد: لا يقسم بالخرص اتفاقاً لا تفاق حاجتهما فيه إذ لا يؤكل فريكاً إلا قبل بدو صلاحه، وعلى حصد كل حظه مكانه فيجوز على الخلاف في قسم البقل القائم بالخرص.
الشيخ: عن ابن سحنون عنه: لا يعتدل قسم الكتان قتاً وزريعته فيه، أو بعد زوالها
حتى يدق ويقسم.
قلت: وفي كون القطن قبل زوال حبه كذلك نظر، والأحوط منعه.
وفيها: لا يجوز قسم اللبن في الضروع، لأنه مخاطرة وإن فضل أحدهما الآخر بأمر بين على المعروف، وكان إن هلك ما بيد هذا من الغنم رجع فيما بيد الآخر فجائز، لأن أحدهما ترك للآخر فضلاً بغير معنى القسم.
عياض: قوله: وإن فضل
…
إلخ سقط لأحمد بن خالد ولم يقراه، وثبت لابن عتاب، وصح عند ابن المرابط لابن باز والدباغ، وقال أشهب وسحنون: هي أحرى بالمنع.
قلت: ذكره الشيخ في نوادره، وظاهره من المجموعة بزيادة: ومنعه أشهب، سحنون: لأنه طعام بطعام غير يد بيد، ولو حلباه قبل التفرق جاز، وعلة أشهب أنه لبن بلبن متفاضلاً والتأخير، وهو يجوز قسمته محلوباً تحرياً، فإذا فضله فهو حرام، وأنكر سحنون علته هذه، وقال: قد أجاز في الصبرة أخذ أحدهما أقل من نصفها بأمر بين ويترك باقيها لصاحبه، لأنه معروف.
ابن عبدوس: هذا يرد قوله في تفاضل اللبن معروفاً.
ابن القاسم: لو تهانوا في نخل أو شجر على أن يأخذ هؤلاء نخلاً يأكلون ثمرها والآخرون مثل ذلك دون قسم لم يجز، وكذلك اللبن، لأنه لبن بغير كيل وثمر قبل بدو صلاحه، وقد قال في الغنم ما ذكرنا.
قلت: قوله: وكذا اللبن خلاف ما رأيت في بعض الحواشي الرواية فيمن بينهما بقرة جواز أن يأخذا لبنها يوماً بيوم.