الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ابن رشد: فمن مات وترك امرأة وجب أن لا يعجل إرثه حتى تسأل، فإن قالت: إنها حامل؛ وقفت التركة حتى تضع أو يظهر عدم حملها بانضاء عدة الوفاة وليس بها حمل ظاهر، وإن قالت: لست بحامل؛ قبل قولها وقسمت التركة، وإن قالت: لا أدري؛ أخر الإرث حتى يتبين أن لا حمل بها بأن تحيض حيضة او يمضي أمد العدة ولا ريبة حمل بها، وهذا معنى قوله في السماع: لا يتعجل قسم الإرث حتى يتبين من حملها، وكره أن يقول: ختى تستبرئ.
[باب ما يحكم فيه ببيع ما لا ينقسم]
والمعروف الحكم ببيع ما لا ينقسم بدعوى شريك فيه لم يدخل على الشركة، وفيده غير واحد بنقص ثمن حظه مفرقا عن ثمنه في بيع كله.
وقال المتيطي في كتاب الشفعة: من أوصى بثلثه للمساكين فباع الوصي ثلث أرضه فلا شفعة فيه؛ لأن بيع الوصى له كبيع الميت، قال سحنون، وقال غيره: فيه الشفعة للورثة، قال ابن الهندي: وهو الأصح لدخول الضرر على الورثة، ربما آل ذلك لإخراجهم من ملكهم إذا دعا مشتريه إلى مقاسمتهم ولم يحتمل القسم.
قلت: تعليله نص في قبول دعوى البيع ممن دخل على الشركة.
قال عياض: وعلى قول اللخمي: ما اشترى للتجارة لا يجبر على قسمه من أباه، يجب أن لا يجبر من أبي بيعه عليه؛ لأن على الشركة دخل فيه حتى يباع جملة.
قلت: دخوله على بيعه جملة مؤكد لقبول دعواه بيعة جملة، فكيف يصح قوله: لا يجبر على البيع من أباه، وإنما يصح اعتبار ما دخلا عليه من شرائه للتجر إذا اختلفا في تعجيل بيعه وتأخيره، والصواب في ذلك اعتبار معتاد وقت بيع السلعة حسبما ذكره في القراض منها.
قال عياض: ويجب أن يكون الحكم بالبيع فيما ورث أو اشتراه الأشراك جملة في صفقة، ومن دخل على الشركة فلا جبر له إذ لا حجة له في بخس الثمن في حظه مفردا؛ لأنه كذلك اشترى، وذهب شيخنا أبو الوليد لمثل قول الداودي في رباع الغلة وما لا يحتاج إلى السكني والانفراد؛ لأن رباع الغلة إنما تراد للغلة، وقلما يحط ثمن بعضها مفردا عن ثمنه في بيعها جملة، بل ربما كان الراغب في شراء بعضها أكثر من شراء جملتها، بخلاف دور السكنى وما يريد أحد الأشراك الاختصاص به لمنفعة ما.
قلت: المعروف عادة أن شراء الجملة أكثر ثمنا في رباع الغلة وغيرها، إلا أن يكون ذلك عندهم بالأندلس، وإن كان فهو نادر، ويلزم على نقتضى قوله: أن لا شفعة فيها.
قال عياض: وخرج قول الداودي على قول مالك بوجوب القسم في كل شيء.
المتيطي: إن كانت دار شركو بين جماعة سكنها بعضهم، وبعضهم خارج عنها فأراد الخارجون تسويقها وبيعها وطلبوا إخلاءها لذلك، ودعا ساكنوها غرم كرائها على الإباحو للتسويق، وأبى الخارجون فأفتى ابن عتاب وحكى فتوى شيوخه بإخلائها لذلك، إلا أن يوجد من يكتر بها من غير الشركاء بشرط التسويق وأمن ميله لبعض الشركاء وليس من ناحية بعضهم.
وقال أبو عمر بن القطان: بقاء الدور دون كراء ضرر فيما يكرى مثلها، والصواب إن ثبت أن تسويقها للبيع خالية أفضل منه مسكونة وأوفر لثمنها أخليت، وإلا قيل لهم: تقاووها ليسكنها بعضهم، فإن أبيتم أخليت وأشهرت للكراء بشرط التسويق، وإذا وقفت على ثمن فلمن أراد سكناها منهم أخذها بذلك إلا أن يزيد عليه بعض من شركه، وحكاية بعضهم قصد الإخلاء على الدور هو مفهوم كلام الأندلسيين.
وفيها: إذا دعا أحدهما لقسم ثوب بينهما لم يقسم، وقيل لهما: تقاوياه فيما بينكما أو
بيعاه، فإن استقر على ثمن فلمن أبى البيع أخذه وإلا بيع.
وفيها أيضا: إن لم ينقسم ما بينهما من ربع او حيوان أو عرض وشركتهم بمورث او غيره فمن دعا إلى بيعه جبر عليه من أباه، ثم للآبي اخذ الجميع بما يعطي فيه فأخذوا منه أن ليس الطالب البيع أخذه إلا بزيادة على ما وقف عليه من الثمن، ومثله قول الباجي: إن أرادوا المقاواة جاز، ولا يجبر عليها من أبى، وقيل له: خذ حظه بما أعطي وإلا بع معه، ويحتمل أن يكون الشركاء في الأخذ بما بلغه المبيع من الثمن سواء؛ لأن قولها: لمن أبى البيع الأخذ بذلك أعم من كونه أباه، أولا فجبر عليه أو أباه حين بلوغه الثمن المذكور، وهو ظاهر قول أبي عمر في كافيه ما نصه: ما لا ينقسم يجبر فيه الشريكان على المقاواة أو البيع، وصاحبه أولى بما بلغ في النداء إن أراده، وذكر عياض ما حاصله لمن قصد بدعواه البيع إخراج شريكه والانفراد بالمبيع عنه فليس له اخذه بما وقف عليه من الثمن، وإن لم يقصد ذلك فله أخذه بذلك، قال في أول كلامه: أنه ظاهر مسائلهم.
وفي آخره: وقاله ابن القاسم، وبه أفتى الشيوخ وعمل القضاة، وفي لفظه إجمال حاصله عندي ما ذكرته، ففي كون الشريك أحق بما بلغ المبيع المشترك مطلقا أو إن لم يكن الطالب بيعه ثالثها: إن لم يكن قصد إخراج شريكه منه لأخذ غير واحد منها ولأبي عمر ونقل عياض.
وفيها مع الواضحة: لزوم حكم القسم بعد نفوذه ودعوى الغلط فيه دون بينة ولا تفاحش يوجب حلف المنكر، وبأحدهما يوجب نقصه.
ابن حبيب: ولو كان الغلط في حظ واحد فيبتدأ ولا تعدل السهام على أن يبقوا على سهامهم.
قلت: ظاهره نقضه بثبوت يسير الغلط، وعزاه عياض لها ولأشهب وابن حبيب، قال: وقال الشيخ: وبعضهم يعفى عن اليسير كالدينارين في العدد الكثير، هذا في قسم القرعة جبرا، ويعفى عنه في التراضي اتفاقا.
ابن حبيب: فإن فات ببناء حظ من غلط في حظه بزيادة تبعه ذو النقص بحقه في
قيمة ذلك مالا وفوته ببيع لغو ما لم يفت ببناء مبتاعه، فإن فات به رجع ذو النقص على بائعه، فإن وجد عديما رجع على مبتاعه ويرجع هو على بائعه، فتعقبه الشيخ بقوله: كيف يرجع على المشتري؟ وبماذا يرجع عليه بحصة الثمن أو القيمة؟
الصقلي: يريد ابن حبيب ان يرجع عليه بقيمة ما نقص من سهمه كالبائع.
ابن حبيب: فإن بنى الذي لم تقع الزيدة في حظه وبنى من وقعت عنده نقض القسم فيما لم يبن من الحظوظ وفي حظ ذي الزيادة، وما فات بالبناء مما لم يقع فيه غلط مضى لصاحبه، كذا فسر لي الأخوان وأضبغ.
اللخمي: دعوى الغلط في قسم التراضي كالغين في البيع.
وفيها إن اقتسما عشرة أثواب اخذا أحدهما ستة والآخر أربعة ثم ادعى ثوبا من الستة في قسمه لم يصدق، وحلف حائز الستة إن اشبه قوله، ولا ينتقض القسم بخلاف اختلافهما في زيادة ثوب في البيع، ففرق الشيخ باتفاقهما على دخول الثوب المتنازع فيه في القسم واختلافهما في دخوله في البيع.
اللخمي: وقال أشهب: يصدق حائزه دون يمين غن أقر خصمه انه دفعه له غلطا، وإن قال: وديعة قبل قوله أن القسم خمسة خمسة، وخير الحائز في رده له وحلفه فينتقض القسم.
ابن عبدوس: يتحالفان ويتفاسخان ذلك الثوب فقط.
قلت: الذي نقل الصقلي عن ابن عبدوس عن أشهب انهما يتحالفان ويتفاسخان مطلقا، وهو لفظ الشيخ في النوادر.
اللخمي: عن ابن حبيب: إن كان قسم تراض سقطت الدعوى، وإن بان الغلط فيرد القسم، وأرى غن كان قسم قرعة، فإن عدلت قيمة الستة قيمة الأربعة مضت القسمة دون يمين، وإن كان تعديلها خمسة بخمسة قبل قول مدعي السادس لدعواه صحة القسم بتسوية السهام ودعوى الآخر فساده بتفاوتها، وإن كان قسم تراض، فإن قاربت قيمة الستة قيمة الأربعة وإن أضيف السادس للأربعة تباينت القيم سقطت دعوى السادس؛
لأنها لا تشبه، وإن كان الاعتدال خمسة بخمسة سقطت دعوى حائز السادس؛ لأنها لا تشبه، وخير في تسليمه لمدعيه بيمينه وتحالفهما وتفاسخهما، وإن أشكل الأمر في قسمها ستة وأربعة قبل قول حائز الستة غن أقر الآخر أنه سلمه على وجه الملك، وإن قال: إيداعا تحالفا وتفاسخا.
وفيها: إن وجد أحد الشريكين بعد القسم في حظه عيبا؛ فإن كان المعيب وجهه أو أكثره رد الجميع وابتدأ القسمة، فإن فات ما بيد صاحبه رد قيمته يوم قبضه يقتسمانها مع المرودود، وإن كان الأقل رده ولم يرجع فيما بيد شريكه، وإن لم يفت فإن كان المعيب سبع ما بيده رجع على صاحبه بقيمة نصف سبع ما أخذ ثمنا، ثم يقتسمان المعيب، كان قسم قرعة أو تراض.
اللخمي: اختلف إن كان المعيب النصف هل له رد السالم؟ فلم يره ابن القاسم في مسألة الجاريتين يستحق نصف ما في يد احدهما، وقال أشهب: له رد الجميع.
قلت: كذا في غير نسخة، وهو مشكل باعتبار لفظه وعزوه؛ لأن الضمير في أيديهما يجب كونه عائدا على المتابعين، ويجب كون المراد بالنصف إحدى الجاريتين لا نصف كل واحدة منهما وإلا كان له ردهما اتفاقا، ويجب كونهما متكافئتيم، وإشكال عزوه أنه عزا لأشهب رد الجميع، والمعروف له أن ليس له رد الجميع في العبدين المتكافئين حسبما تقدم في كتاب الرد بالعيب، وكذا نقل ابن رشد عنه في أول مسألة في رسم الثمرة من سماع عيسى من كتاب الاستحقاق.
قال اللخمي: واختلف إن كان المعيب أيسر ما بيده، فقال ابن القاسم: يرجع بمنابه قيمة عينا، وقال أشهب: يرجع شريكا.
وقال محمد: إن استحق شيء مما بيد أحدهما انتقض القسم ولم يفرق بين كثير ولا قليل، ورأى غن كان قسم تراض فهو كما قال ابن القاسم، وغن كان قسم قرعة فالقول قول من طلب النقض وإن كان المعيب يسيرا؛ لأن ظهور العيب والاستحقاق بين أن القرعة وقعت على غير تعديل.
قلت: ما ذكره عن محمد وما اختاره من التفرقة بين قسم القرعة والمراضاة مثله في
سماع يحيى.
قال: أخبر من أرضى أن عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون.
قال: من استحق بعض حظه في قسم القرعة أو وجد به عيبا أعيد القسم، وإن كان قسم مراضاة جرى على ما يوجد معيبا فيما يشتري؛ لأنهم تراضوا، فكأنما اشترى بعضهم من بعض.
ابن رشد: هذه التفرقة لعبد العزيز تأتي على القول ان القسمة تمييز حق لا بيع؛ لأنه إذا استحق بعض حظه أو وجد به عيبا فليس ما بقى بيده مع ما يرجع به في الاستحقاق على حكم البيع من مشاركة صاحبه فيما بيده، او الدنانير التي يأخذ منه في ذلك هو حقه الذي كان تميز له بالقسم؛ لأن الذي تميز له به أخذ بالقرعة، فإذا لزم الرجوع على صاحبه بقدر ما استحق من حظه فقد حصلت القرعة على ما لا يجوز القرعة عليه من الصنفين، وقول ابن القاسم وروايته في إيجاب الرجوع على حكم البيع هو قياس القول أن القسمة بيع، وإن كانت القسمة على التراضي فحكمها حكم البيع في كل حكم يطرأ على البيع من استحقاق وعيب وغيرهما، وسمع عيسى ابن القاسم: إن اقتسما عشرة أرؤس خمسة، خمسة فكان حظ أحدهما أجود من حظ صاحبه بدينار ونصف فغرمها له فوجد أحدهما بحظه رأسا معيبا إن لم يفت رقيق صاحبه، وكان المعيب من قيمة الأرؤس سدسها كان بينهما نصفين ورد من الدينار ونصف لصاحبه نصف سدسهما وكان شريكا في رقيق صاحبه بنص سدسها، وإن فاتت تبعه بنصف قيمة سدسهاوقاصه في نصف قيمة سدسها بنصف سدس الدينار ونصف، وكان المعيب بينهما؛ لأن الدينار والنصف قد أصاب كل رأس منها بقدر قيمته، فلما صار المعيب سدس قيمة الخمسة كان ما أصابه من الدينار ونصف سدسه، فكان للذي وجد العيب نصف السدس وللآخر نصف السدس، ولو كان المعيب وجه الخمسة التي معه، ولم تفت رقيق صاحبه انتقض قسم كلها، ولو فاتت ولو باختلاف سوق غرم قيمتها واقتسماها والرقيق.
ابن رشد: قوله: فكان حظ أحدهما أجود بدينار ونصف فغرمهما غير صحيح؛
لأنه إنما يجب عليه غرمهما إذا كان حظ صاحبه أجود بثلاثة دنانير، وكذا قوله: إن كان المعيب سدس قيمة الأعبد التي هي حظه، أنه يكون بينهما نصفين ويكون شريكاً في رقيق صاحبه بنصف سدسها، ويرد من الدينار ونصف نصف سدسهما غلط؛ بل الواجب أن يرد إليه جميع سدس الدينار ونصف، أو يحاصه بذلك في سدس قيمة رقيقه إن فاتت، فيكون رد إليه قدر ما رجع به عليه، وبيان ذلك أن تكون الأرؤس خمسة عشر شاة أخذ أحدهما ستة قيمتها ستة دنانير، وأخذ الآخر تسع شياه قيمتها تسعة دنانير وأعطى صاحبه ديناراً ونصفاً نصف ما زاد ما أخذ على ما أخذ شريكه فاعتدلا بذلك، فإن وجده آخذ الدينار ونصف عيباً بشاة مما أخذ قيمتها دينار، وما بيد شريكه لم يفت رد على شريكه المعيبة فكانت بينهما نصفين، ورد عليه سدس الدينار ونصف وكان شريكاً معه في التسع شياه نصف سدسها، فكان إذا فعل ذلك قد قبض كل واحد من صاحبه ما ينوب ما دفع إليه مما بيده؛ لأن الذي وجد المعيب أعطى صاحبه أربعة أسداس مثقال ونصف سدسه نصف الشاة بثلاثة أسداس وسدس الدينار ونصف بسدسين ونصف سدس، وأخذ من صاحبه نصف سدس التسع شياه، وقيمة ذلك أربعة أسداس ونصف سدس كما دفع؛ لأن قيمتها تسعة مثاقيل فنصف سدسها أربعة أسداس ونصف سدس ولو فاتت التسع شياه بيد قابضها وجب إذا رد عليه المعيبة، وكانت بينهما أن يرجع عليه بنصف سدس قيمة التسع وهو أربعة أسداس ونصف سدس بعد أن يدفع إليه سدس الدينار ونصف أو يقاصه به فيأخذ منه نصف دينار فقط كما دفع إليه؛ لأنه إنما دفع إليه نصف الشاة وقيمتها نصف دينار، وقوله: يكون شريكاً في رقيق صاحبه بنصف سدسها إن كان العبد المعيب سدس حظه، وإن كان وجهه انتقض القسم، هو أحد قوليها، والثاني فيها: أنه في اليسير يرجع بما نابه من حظ صاحبه دنانير وإن كان قائماً، وفي الكثير يكون شريكاً وبما نابه ولا ينتقض القسم ففرق في كلا القولين بين الوجهين، وقال: في كل وجه منها قولين بلا خلاف في أنه لا ينتقض القسم في اليسير، ولا في أنه لا يرجع بقدره من الدنانير في الكثير ويرجع بمناب المعيب والمستحق من الدنانير في الفوت.
قُلتُ: نقلها الشَّيخ في النوادر بلفظ: أخذ كل واحد خمسة وأعطى أحدهما للآخر ديناراً ونصفاً فضله به بذلك إلى آخر المسألة، ولم يتعقبها.
وقال التونسي: جعلهم شركاء مع يسارة المردود بالعيب، وجعله يرد سدس الدينار ونصف، والواجب أن لا يرد إليه إلا العبد فقط بما يقابله من جملة ما بيد صاحبه، وإنما يرد سدس الدينار ونصف لو جد الآخر عيباً بأحد العبيد الذي بيده وهو سدس؛ لأن ثمنه منها سدس جميع ما بيد صاحبه فيرد حينئذ سدس الدينار ونصف، فتعقبها التونسي بغير ما تعقبها ابن راشد.
اللخمي: وإذا وجب الرجوع في عوض المعيب ففوته كالبيع في قسم التراضي، وفي قسم القرعة ثلاثة أقوال، قيل: كالتراضي، ولأشهب: ليست حوالة الأسواق ولا النماء ولا النقص فوتاً، فإن باع أو حبس أو دبر فقد فات وتجب قيمته يوم القسم بخلاف البيع؛ لأن المشتري ضامن والمقاسم غير ضامن لما قاسم.
ابن عبدوس: يدخل عليه ما ذكر في الموت، يقال له: فلو ذهبت يده بعد القسم، ثم أعتقه فأغرمته قيمته صحيحاً يوم القسم وهو مائة، وقيمته يوم العتق خمسون فقد ضمنته ما لم يكن في ضمانه، وقد كان التسليط موجوداً والضمان مرتفعاً.
قال: فأما سَحنون فضمنه القيمة يوم العتق، وقال: إن باع أحدهما واستحق بيد الآخر فالثمن بينهما، وإن كانت أمة أحبلها ضمن قيمتها يوم حملت، وقال أشهب: يوم قاسم.
قُلتُ: وفيها يوم القبض وعليه كلام لبعضهم يأتي.
اللخمي: وإن وهب أو حبس فعلى أصل سَحنون تجوز الهبة في حظه ويأخذ شريكه حظه من الموهوب له ويقاسمه إن انقسم، وإن أعتق ضمن حظ أخيه يوم قاسمه.
قال: وعلى أصل سَحنون يعتق حظه ويقوم عليه شريكه حظه يوم التقويم إن كان ملياً انتهى.
قوله: فاتفق أشهب وسَحنون فيما لم يخرج من اليد أن النماء والنقص غير فوت
وفيما خرج منها ولو بحبس في كونه فوتاً وقيمته يوم القسم أو يوم الفوت، ثالثها: لا يفوت وهو كمستحق، لأشهب: وأحد قولي سَحنون، وثانيهما: وعليه يرجع في عينه إن وهب أو تصدق، والاستكمال في العتق يوم الرجوع؛ لأن التسليط كان بالجبر إن دعا إليه صاحبه ففارق التسليط اختياراً فللراجع أن يعتق أو يقوم على شريكه، بخلاف عتق أحد الشريكين أمة بينهما فإنه يمضي عتق جميعها؛ لأن الشريك عالم بالتزام القيمة، وهذا غير عالم أن معه شريكاً.
قُلتُ: هذا التفريق إنما هو راجع إلى حال المعتق، والخيار المذكور إنما هو راجع للمستحق غير المعتق، فإذا كان لا مقال له على المعتق على المشهور وهو غير مسلط بالقسم فأحرى إذا كان مسلطاً به، وإذا لزم عتق المعتق في غير القسم وهو متعد فأحرى في القسم الذي هو فيه غير متعد.
قال: فإن مات العبد بعد العتق وقبل رجوع الشريك لم يضمن حظ شريكه على أحد قولي سَحنون.
وفيها: إن اقتسما دوراً أو أرضين ورقيقاً أو عروضاً فوجد أحدهما ببعض حظه عيباً، فإن كان وجهه أو أكثر نقض القسم إلا أن يفوت ما بيد صاحبه ببيع أو هبة أو حبس أو صدقة أو عدم أو بنا، فيرد قيمته يوم قبضه يقتسمانها مع المردود وحوالة أسواق في الدور لغو.
ابن عبد السلام: إن كان معناه أن يوم قبضه يقتسمانها مع المردود هو يوم بيعهم فصحيح، وإلا فانظر هل يقال: القيمة في البيع الصحيح يوم البيع وهذا بيع صحيح، أو يقال لما انقضت القسمة انتقض البيع فلا يضمن إلا يوم القبض، وتبقى الرواية على ظاهرها.
قُلتُ: هذا هو الصحيح، وعليه حمله الأشياخ، ونحوه قول الغير في النكاح الثاني: إذا وهبت المرأة مهرها ثم طلقها قبل البناء أنه يرجع عليها بقيمة ذلك يوم قبضته، ولابن القاسم: يوم وهبته؛ لأنها لا تضمن هلاكه بأمر من الله، وهنا يضمنه بذلك من هو بيده.
ابن حبيب: إن فات بعضه رد قيمة ما فات، وإن فات نصف المعيب رد قيمة نصفه، واختلاف أسواق ذلك عند مالك فوت في كل الأشياء سوى الدور.
الشَّيخ: قول ابن حبيب في فوت المعيب بحوالة الأسواق ليس بقول مالك، إنما ذلك في عوضه، والعوض في القسم جعله ابن حبيب كالبيوع، وقد اختلف فيه.
وفيها: لو بنى أحدهما في حظه أو هدم بعد القسم ثم وجد عيباً، فذلك فوت يرجع بنصف قيمة المعيب ثمناً على ما فسرنا.
سَحنون: لم يحملها ابن القاسم محمل البيع ولا القسم.
ابن عبدوس: كأنه يقول: ليس البناء فوتاً ويكون شريكاً به، فتكون الدار بينهما كصبغ المبتاع الثوب يكون به في الثوب لعيبه شريكاً، هذا محمل البيع، والقسم لا فوت فيه رجع فيه بكل حال فقبله الصقلي، وقال اللخمي: قول ابن القاسم أحسن، ليس الهدم والبناء كالصبغ، الهدم فوت كقطع الثوب تبابين وهرم الشباب، والبناء فوت ككبر الصغير، هذا إن كانت قاعة بناها أو كانت مما تعظم نفقته وتنتقل، وإن لم تكن قاعة والهدم أو البناء يسير فهو كالصبغ، واختلف بعد القول أن ليست القيمة يوم القسم، قيل: هي في الأرض يوم بنا كالقول في استكمال العتق يوم أعتق؛ لأنه كان بتسليط من المالك، ولابن عبدوس: عن سَحنون: يشاركه في قاعته بما بنى ثم يعملان في البناء على حديث حميد بن قيس، واحتج بالهدم، وعليه إن أعاد فيها نقضها فهو شريك بالتلفيق وحده، وإن زاد فيه كان شريكاً بالزائد والتلفيق، وإن انهدم ذلك وغصب النقض قبل الأخذ بالعيب لم يتبع أحدهما الآخر بشيء، وكانت الشركة في القاعة كالاستحقاق، وعلى القول الأول بعينه من الثاني وعليه قيمة حظ شريكه من القاعة والأنقاض، وإن هدم الشريك ولم يبن حتى قام شريكه رجع فيه مهدوماً، والهدم بخلاف البناء؛ لأنه إما أن يقال له أن تسليط الشريك فلا شيء عليه، والبناء بتسليط فوت، أو يقال أنه كالمستحق فلا شيء على من هدم ثم استحق كما لا يضمن لو تلف من يده، إنما يضمن بالهدم على القول أن القسمة بيع، وتكون القيمة يوم القسمة.
ولو اقتسما قمحاً فظهر عيب بحظ أحدهما بعد طحنه ففي رده قيمته أو مثله،
ثالثها: يكون شريكاً بقيمة الطحن في الدقيق وما بقي، وحصة الآخر بينهما لها ولابن عبدوس عن أشهب وسَحنون.
الشَّيخ: في المجموعة: قيل: لو اقتسما خشباً فعمل أحدهما بحظه باباً قال: قال مالك: ليس النسج فوت في التفليس، وقال سَحنون: ليس الطحن بتفويت هكذا في الخشب.
واستحقاق شائع من المقسوم بعد قسمه قال ابن شاس: لا بغيره.
قُلتُ: لأن تساوي النقض من متعددات لا ينقلها عن تماثلها أو اختلافها، واستحقاق معين منه إن كان جميع حظ نقض قسمه، وفي بعضه اضطراب.
قال عياض: فيه وفي عيبه فيها ألفاظ مشكلة وأجوبة مختلفة اضطرب الشُيُوخ في تأويلها وتحقيقها، ردها بعضهم لمعروف قوله، وبعضهم لاختلاف قوله، وقال بعضهم: ما خالف مشهور قوله وهم، حتى قال محمد بن أحمد العُتْبِيّ في كتاب القسم منها أوراق خطأ علم عليها، وعزا بعضهم بعض أجوبتها لعبد الملك، وضعف بعضهم هذا بأن كتاب القسمة لم يدونه سَحنون ولا عمل فيه شيئاً، فهو على أصل أسئلة أسد وتتمة سَحنون، وزيادت إنما هي فيما دون منها.
عياض: وجدنا سَحنونا أصلح بعض مسائل المختلطة من الأسدية حسبما ذكرناه في الشفعة وغيرها.
قُلتُ: الإصلاح لا يستلزم الزيادة.
وفيها: إن اقتسما عبدين فأخذ كل منهما أحدهما فاستحق نصف عبد أحدهما رجع على صاحبه بربع عبده إن كان قائماً، وإن فات رجع عليه بربع قيمته يوم قبضها لقول مالك: إن استحق اليسير من الأرض أو الدار رجع بقيمته من الثمن ولا ينتقض البيع.
قُلتُ: لعياض وغيره فيها كلام حاصله مناقضة قولها بعدم نقض قسمها بأصل قوله: استحقاق النصف كثير يوجب النقض، وأصل قوله: استحقاق اليسير من العبد يوجب لمبتاعه رد باقيه، أما الأول فقال عياض: أجاب بعض الشُيُوخ بأن المردود هنا الربع من جملة الصفقة وهو قليل، واستدلوا بقوله في احتجاجه في المسألة، فلما قاسم
صاحبه فأخذ كل واحد منهما إلى نصف عبده نصف عبد صاحبه، فاستحق من نصف عبد صاحبه ربعه لم يكن له أن يرد نصف صاحبه كله، ولكن يرجع بذلك الربع الذي استحق منه في العبد الذي صار لصاحبه إن لم يفت، كذا الرواية في جميع النسخ، فقوله: ربعه؛ يدل على أن الربع من الجملة قليل فلم يفسخ القسم، كما لا يفسخ البيع باستحقاق أحد الثوبين المتكافئين، وأجاب الشَّيخ عن الثاني فيما حكى الصقلي فقال: قسم العبدين بخلاف مبتاع عبد يرده باستحقاق أيسره لضرر الشركة من منع السفر وطء الأمة؛ لأنهما في قسمة العبدين لم يتبع أحدهما من الآخر عبداً كاملاً فيكون ضرر الشركة بالاستحقاق حجة؛ لأنهما على ضرر الشركة كانا، ولو نقض القسم لرجعا إلى ضرر الشركة فصار كمبتاع عبدين متكافئين استحق أحدهما.
زاد التونسي: ولو نقض القسم صارت الشركة في المستحق بين ثلاثة فيكثر ضررها.
وأشار عياض لرد جواب الأول بقوله: قالوا: فقوله: من نصف صاحبه ربعه وهم، وصوابه من نصف صاحبه نصفه، وكذا ذكرها العُتْبِيّ والشَّيخ ابن لبابة وغيره، وبها تصح.
التونسي: ولابن حبيب في المسألة أنه يرجع بربع قيمة ما بيد صاحبه ولم يذكر فات أو لم يفت، وللخمي: قال أشهب: للمستحق ما بيده رد الباقي ليكون مع الآخر بينهما.
قُلتُ: زاد عنه ابن حارث: وله أن يتماسك أو يرجع بربع العبد.
اللخمي: وأرى له ذلك في قسم التراضي إن قال المستحق من يده: إنما أردت رفع ضرر الشركة.
قُلتُ: فالأقوال ثلاثة لها ولابن حبيب وأشهب واختيار اللخمي رابع.
الصقلي: عن بعض القرويين: حاصل طرو العيب والاستحقاق بعد القسم إن كان بربع فأقل رجع بحصته ثمناً، وإن كان نحو النصف أو الثلث كان لحصته بحصتهم يكافئها بيد صاحبه، وإن كان فوق النصف انتقض القسم.
الصقلي: هذا حسن، ليس في الباب ما يخالفه إلا قولها في الدار: يأخذ أحدهما
ربعها، والآخر باقيها فيستحق نصف حظ أحدهما.
قال: يرجع بربع قيمة ذلك فيما بيد صاحبه، ولو قال: بربع ما بيد صاحبه لاتحد قوله في الكتاب، ولعياض نحوه، قال: ذهب المشايخ القرويون: كل أقواله في هذه المسألة تفريق بين البيع والقسمة، فمذهبه المعلوم في البيع أن الثلث يرد منه والقسمة على ثلاث درجات، ثم ذكر ما ذكره الصقلي، وذكر نقض ذلك بمسألة الدار، وقال: وعلى الرواية الأخرى بكونه شريكاً بربع ما بيده يتم كلامهم، ولعلها روايتهم، لكن ينتقض قولهم بقولها إثر مسألة العبدين: لا ينتقض القسم إن كان ما استحق يسيراً تافها لا ضرر فيه، وإن كان جل ما بيده انتقض القسم إلا أن يتأول أن النصف عنده بمعنى الجل.
قُلتُ: كونه بمعنى الجل بعيد، واقرب منه أنهم قدموا مفهوم قوله أولاً: يسيراً تافهاً على مفهوم قوله ثانياً: وإن كان جل ما بيده انتقض؛ لتقدم الأول وترجيح حمل الكلام الواحد على عدم التنافي وتقليله إن أمكن.
قُلتُ: ولابن حارث: عن أشهب في مسألة الدار: يستحق من يد آخذ الربع نصفه أن ذلك مضراً به ومضيقاً عليه فله نقض القسمة.
عياض: وقال ابن لبابة: اختلفت ألفاظه في ذلك لاختلاف أقواله وهي ثلاثة خلطت في المختلطة فأشكل أمرها وظهر أنها قول واحد مرة قال: ينتقض القسم من النصف ومما هو كثير؛ يريد: الثلث ونحوه على أصله في البيع، وقال مرة: يشركه بنصف الجزء المستحق فيما بيده، وإن كان أقل إلا أن يكون المستحق قليلاً، كقوله: إذا استحق نصف حظه رجع بقدر نصفه فيشارك به، وقوله: انظر أبداً لما استحق إن كان كثيراً رجع بقدر نصف ذلك فيما بيد صاحبه إن لم يفت، وإن كان تافهاً رجع بنصف قيمته ثمناً ولا يكون شريكاً، وعلى مسألة العبدين إحدى الروايتين في مسألة الدار، ومرة قال: ينتقض من الجل لا من النصف، ويرجع بما يجب ثمناً، وهذا على قوله في رواية الجماعة في مسألة الدار: أنه يرجع بقيمة ربع ما بيد صاحبه، وكذا تأويل ابن لبابة أن مذهبه في مسألة العشرين داراً استحق منها داراً، فقال: إن كان جل ما بيده ردت
القسمة، وإن كانت ليست كذلك ردها ورجع على شريكه بحصتها ثمناً وتفريقه بينهما وبين الدار المفردة في ردها من النصف.
عياض: وهذا عندي محتمل لو لم يكن بعده ما يفسره من قوله: فإن كانت عشراً أو ثمناً أو تسعاً فبين أنه يرجع عليه بالقيمة في اليسير، وإن كان الظاهر أو لا يحتمل ما قاله، وزعم أنه لم يختلف قوله في الدور الكثيرة أنه لا ينتقض إلا من الجل، وإنما يرجع فيما دونه فيما يصيبه من الثمن وإن كان قائماً، وقال آخرون: مذهبه في الكتاب أن القسمة لا تنتقض إلا باستحقاق جل النصيب أو ما فيه الضرر، وإليه نحا ابن أبي زيد وابن أبي زَمَنَيْن بخلافه مذهبه في البيع، وتأولوا ما خالف هذا الأصل أن القسم خلاف البيوع في استحقاق نصف الدار ونصف العبد، إذ إلى ضرر الشركة يرجعان إن فسخ القسم، وأن مسألة الغنم وهي إذا وقع لأحدهما خمسة بالقيمة فاستحقت شاة منها، فإن كانت نصف ما بيده رجع بربع ما بيد أخيه إن لم يتغير، وإن تغير رجع بربع قيمة ذلك، إنما أرجعه في غنم صاحبه؛ لأنها تحتمل القسم بلا ضرر فصارت كمكيل، وهذا على روايته، فإن كانت نصف ما بيده رجع بربع ما بيد أخيه، وعليها اختصر، وكذا في نسخ، وهي رواية وهب بن ميسرة، والذي في روايتنا واصل شُيُوخنا: فإن كانت خمس ما بيده رجع بنصف قيمة خمس ما في يديه، وكذا لابن عتاب وابن المرابط واختصار بن أبي زَمَنَيْن ورواية يحيى بن عمر، وهي على أصل مشهور المذهب، وقوله في مسألة العشرين من الدور: إن استحق أكثرها ثمنا فسخ قسمها، وإن لم تكن كذلك ردها وحدها ورجع على شريكه بحصتها من نصيبه، ثم فرق بينها وبين الدار الواحدة بأن الدار الواحدة كالعبد يستحق نصف له رد جميعه، والدور الكثيرة تحمل محمل البيع إن استحق بعضها، ظاهره أن استحقاق النصف فيها لا ينقض قسمها لقوله هذا ولقوله أولا: أكثرها ثمناً.
قال بعضهم: جعل الدار هنا كالعبد، وفي بعض الروايات بأثرها: إلا أن يكون ما استحق من الدار لا مضرة فيه على ما بقي فيكون كالدور، وليست هذه الزيادة في روايتنا عن ابن عتاب ولم تكن فيه كتابه، وثبت في رواية ابن المرابط للدباغ وفي كتاب
ابن سهل لابن لبابة، وسقطت من رواية ابن وضاح وابن باز، فإن رددنا هذا الاستثناء على مسألة النصف روعي فيه في الدار الواحدة الضرر، والأشبه أنها راجعة إلى أصل المسألة كلها في مراعاة ضرر الدار الواحدة على ما في الشفعة وما بعد هذا، وفرق بعضهم بين الدار والدارين في رعي الضرر في النصف، والرد به وبين الدور الكثيرة فلم يراع في الدور الكثيرة إلا الجل، وقال: إنه مذهب الكتاب، وقال ابن لبابة، وسوى بعضهم بين الدار والدور في اختلاف قوله، وهو ظاهر قول ابن أبي زَمَنَيْن.
قُلتُ: للمتيطي: عن ابن أبي زَمَنَيْن: ليس استحقاق نصف الدار المقسومة عند ابن القاسم بضرر ينقض القسم بخلاف المبيعة، وقال أبو عمران في استحقاق اليسير: في الكثير قولان أكثر قوليه أنه يرجع بقيمة ما يقابله مما بيد صاحبه، ومرة رآه شريكاً بذلك، وأخذه من مسألة العبدين ومسألة الغنم في رواية يحيى بن عمر، فلا خلاف إن استحق الجل والأكثر أنه يرد بقيمته، إنما اضطربوا فيما استحق من الدار الواحدة أو الدور ما فيه ضرر وليس بالجل، وقوله: فإن كان المستحق كثيراً أخذ قيمة نصف عشر ما بيد صاحبه، وأصل قوله أنه يرجع بقيمة نصف مثل ذلك الجزء المستحق؛ بل المستحق منه مما بيد صاحبه لا بنصف قيمة الجزء من نصيبه، إذا قد تكون مقاسمتهما على مراضاة ومغابنة.
قُلتُ: إنما ذكر هذا في المدَوَّنة في قسم القرعة، وأما قسم المراضاة فحكمه كالبيع، وقد تقدم لابن رُشْد: لا خلاف في أن قسم التراضي كالبيع.
ابن حارث: إن استحق الأكثر وفات باقيه ببناء ففي نقضه القسم ورد المستحق منه ما بقي بيده، وعدم نقضه فيرجع ما بيد صاحبه شريكاً بنصف ما استحق من يده قولا ابن القاسم وأشهب.
قُلتُ: إيجاز تحصيل ذلك إن استحق كل الحظ انتقض قسمه، وفي نقضه باستحقاق جله ورجوعه في حظ شريكه بقدر حظه فيما استحق، ثالثها: إن فات ما بقي بيد المستحق منه ببناء ونحوه، ورابعها: المستحق من يده مخير فيهما لسماع عيسى ابن القاسم مع اللخمي عن محمد، ونصها: ونقل البيان أحد قوليها في العيب مع المتيطي
عن ابن القاسم وابن حارث عن أشهب، وعنه أيضاً.
وفي نقضه باستحقاق نصفه ثالثها: إن اتحد الحظ ولم يتعدد كعبد أو دار لا كالدور، ورابعها: هذا إلا أن يضر المستحق بباقي الدار، وخامسها: هذا كالدار والداران، لعياض عن المتأخرين، وعزا ابن أبي زَمَنَيْن الثاني لابن القاسم، وعلى عدم النقض في رجوعه بنصف ما استحق في حظ شريكه إن لم يفت أو بربع قيمتها ولو لم يفت نصها.
ونقل التونسي على ابن حبيب: وفي نقضه باستحقاق ثلثه ورجوعه شريكاً.
نقل عياض قول ابن لبابة: هو أحد أقوالها قائلاً: لم يختلف قولها أنه لا ينتقض في الدور إلا بالجل، ويرجع فيما دونه فيما بيد صاحبه ثمناً ولو كان قائماً، وتفسيرها: بعض القرويين: وفي نقضه بما دون ذلك سماع يحيى من يثق به عن ابن الماجِشُون أو أبيه، والمعروف وفوت ما بيد غير المستحق منه كما مر في العيب.
عياض: عن ابن أبي زَمَنَيْن: جعل ابن القاسم البيع والهدم فوتاً في المقسوم، ومرة لم يجعله فوتاً، والأشبه بأصولهم الأول.
الشَّيخ: عن ابن عبدوس: غرم أحدهما بموت ما بيده نصف قيمته لمن استحق عبده.
قال سَحنون: هو خلاف أصل مالك وابن القاسم بخلاف البيع؛ لأنه لو طرأ دين لم يضمن من مات عبده قيمته.
ابن عبدوس: ولأنه لو طرأ دين بعد غرم من مات عبده نصف قيمته لمن استحق عبد، فإن دفعه في الدين لزم تضمينه الدين، وإلا لزم الإرث قبل ذلك الدين، وإن أسقطت بهذا الدين رجوع الأخ على أخيه فهو أشفع، ولو كان القسم بيعاً لكان لمستحق العبد إجازة البيع في نصفه وأخذ نصفه الآخر، وإن وجد عبده قد مات كان له أخذ نصف الآخر؛ لأنه ثمن نصف عبده، وكله قول أشهب وسَحنون، ثم اختلف فيما أحدث عنهما بفعلهما، فذكر عنهما ما تقدم للخمي عنهما: إذا باع أحدهما عبده أو أعتق أو وهب، ويرجع المستحق من يده في عبد الآخر وغلته.
قُلتُ: كالمطلقة قبل البناء تغتل عبدا أصدقها، فسكت ثم قال: قد اختلف فيه ابن
عبدوس، وغلة المستحق إن كان أبرهما غير غاصب للمستحق من يده إن لم يرجع على أخيه في عبده وإلا فبينهما.
اللخمي: هذا على أن قسم القرعة تمييز حق، وعلى أنها بيع كقسم التراضي لكل منهما ما اغتله، وسمع القرينان: إن قسم ثلاثة بنين ثلاثة أعبد ورثوها بالسوية فتوفي عبد أحدهم واستحق عبد آخر فلا شيء على من مات عبده، ويكون للمستحق من يده ثلث العبد الباقي، وباقيه لمن هو بيده.
قال ابن رشد: في سماعها سحنون من ابن القاسم في الاستحقاق معناها أن القسم بالقرغة؛ لأنه المختلف فيه هل هو تمييز أو بيع؟
وفيها على أنه تمييز ثلاثة أقوال: قول ابن القاسم هذا، وقاله مالك في سماع يحيي من كتاب القسم ضمان لكل حظه إن مات أو تلف بغير سببه ومضى القسم فيه بينه وبين من قاسمه لتمييزه له بالقسم، وينتقض القسم بين المستحق منه وبين من بقى حظه بيده فيرجع عليه بثلثه؛ لأنه باع منه ثلثه بثلث المستحق، فإن أخذ له ثمنا فله ثلثاه، فثلثه لمن بقى عبده بيده إن وجده بيد المعطي، ويقوم حظه منه على المعتق إن كان موسرا ويخير في البيع بين أن يرجع في عينه إن وجد بيد المعطي، ويقوم حظه منه على المعتق إن كان موسرا، ويخير في البيع بين أن يرجع في عينه أو الثمن من البائع، قولا أشهب وسحنون، والقول الثاني: نقض القسم بين المستحق منه وكل واحد من شريكيه لا فيما بينهما فيكون ثلث التالف من المستحق منه وثلثاه ممن تلف بيده ولا شيء له على من بقى عبده؛ لأن القسم بينهما لم ينتقض وللمستحق منه ثلث العبد الباقي؛ لانتقاض القسم بينه وبين من بقي عبده بيده، فإن قبض للعبد المستحق ثمن كان بينهم أثلاثا حكى هذا القول ابن عبدوس ولم يعزه، والقول الثالث نقضه بين جميعهم فيكون التالف بينهم والباقي بينهم، قاله ابن الماجشون أو أبوه عبد العزيز على اختلاف رواية سماع يحيي من كتاب القسمة، وكذا على هذا القول لو استحق يسير من حظ أحدهم أو وجد به عيب انتقض بين جميعهم، وأما على أن القسم بيع فلا خلاف في رجوع المستحق منه على من العبد بيده بثلثه، وعلى من مات عبده بثلث قيمته يوم القسم، وإن قبض للمستحق ثمن
فهو بينهم أثلاثا، وعليه إن استحق أكثر حظ أحدهم ففي نقض القسم فيرد ما بقي بيده، ويرجع فيما بيد أشراكه إن كان قائما وبقيمته إن فات ومضيه فيرجع بقدر ما استحق من يده فيما بأيديهم إن كان قائما وبقيمته إن فات قولان، وإن استحق أيسره لم ينتقض، وفيما يرجع به خلاف في المدونة تقدم، وكذا اختلف في قسم التراضي بالتعديل والتقويم دون قرعة، هل هو بيع أو تمييز؟ وقسم التراضي دون تعديل بيع اتفاقا، والأظهر إن قسم القرعة تمييز وقسم التراضي بيع.
قلت: ذكره الخلاف في قسمة التعديل والتقويم هل هو تمييز أو بيع خلاف ظاهر ما تقدم للباجي في قسم الصبحاني والعجوة والخرص، وهو قوله: وعندي أن هذه القسمة لا تجوز إلا بالقرعة؛ لأنها تمييز حق، فلو لم يكن التمييز خاصا بالقرعة لما صح استدلاله به عليها.
ابن الحاجب: إن استحق بعض معين فقال ابن القاسم: كالعيب، وقال مالك: إلا أن يكون كثيرا ولم يفت الباقي فله أن يكون شريكا لصاحبه بقدر نصف ذلك مما في يده ففسره ابن عبد السلام بتخييره في نقضه وتمسكه بما في يده، وظاهر قول أشهب أنه لا ينتقض القسم باستحقاق بعض نصيب أحدهما ولو كان كثيرا.
قلت: ما فسره به هو نقل ابن شاس عن مالك، ولا أعرفه لغيره، وإنما هو موجود لمالك في البيع لا في القسم في المدونة من كتاب القسم قال مالك: إن استحق وجه الدار والقدر منها خير المشتري إن أحب حبس ما بقي بيده منه، ورجع في الثمن بقدر ما استحق، وإن أحب رد ما بقي بيده وأخذ الثمن كله، وما ذكره عن أشهب لا أعرفه له، إلا ما ذكره ابن حارث عنه: بقيد فوت باقيه ببناء حسبما تقدم مع نقله عنه التخيير في نقضه إن لم يفت، وضد الاستحقاق وجود زيارة مجهولة.
سمع غيسى ابن القاسم: إن وجد أحد مقتسمي دار بحظه جبا أو لبنا فللآخر معاودة القسم إن لم يفت، فإن فات فعليه نصف قيمته كبيوت وجدها أسفل بيوت لم تعلم.
ابن رشد: هذا خلاف نص سحنون وقول ابن حبيب وابن دينار، واختلف فيه
قول ابن القاسم حسبما ذكرنا في سماعه عيسى من الأقضية، ولابن رشد في نوازل سحنون آخر جامع البيوع: وكذا لو وجد أحد الورثة في حظه صخرا أو عمدا أو رخاما، والخلاف إنما هو فيما لم يعلم صاحبه، وما علم أنه للبائع أو لمن ورثه المقتسمون عنه فهو للبائع أو الموروث اتفاقا، وكذا إن ثبت أن البئر أو الجب أو البيت الموجود تحت الأرض من عمل البائع أو الموروث عنه، وطرو دين على قسم ورثة جهلوه والمقسوم غير مثلي في نقضه لحق الله لزوما أو للدين فينقض ما لم يجتمعوا على أدائه، ثالثهما: ينقض إلا في حق من تلف كل حظه بسماوي فلا يتبع بدين، ولا حق له فيما فضل عنه للبيات عن رواية أشهب ومشهور قول ابن القاسم المنصوص له فيها، واضطرب قوله في ذلك، وابن حبيب وسحنون مع أشهب وغيرهما، وعزا هذا في مقدماته لأشهب، وكذا الشيخ في نوادره في البيان مثال قول ابن حبيب: من هلك عن أربعة بنين وثمان بقرات، قيمة كل واحد عشرة دنانير، فأخذ كل ابن بقرتين وماتت إحدى بقرتي أحدهم، وطرأ دين هو عشرة دنانير فيجب على قوله نقض قسمهم، وبيع بقرة للدين وقسم الستة الباقية بينهم، ولمن شاء منهم دفع منابه من الدين وهو ديناران ونصف، مع حمله نوبه من قيمة البقرة التي ماتت وهو ديناران ونصف فيفغرم خمسة دنانير نصفها للدين ونصفها لبقية الورثة يقتسمونه مع الخمس بقرات.
قال: وعلى قول ابن القاسم ينقض القسم إلا أن يتفقوا على أداء الدين من أموالهم.
قلت: وفيها إن تطوع أحدهم بأدائه من ماله لاغتباطه بحظه فلا ينتقض، وللخمي عن المذهب: لمن رضي بدفع منابع من الدين بقي قسم حظه إن استغرق الدين التركة وإلا فلا.
قلت: لانتفاء حق من سواه في قسم حظه، وعلى الرابع في فض الدين على ما بأيديهم من الحصص إن اعترق نصف التركة قيمة ما بيد كل منهم يوم الحكم، أو يوم الأجزاء التي قسموا عليها نقلا المقدمات عن سحنون واحد قولي أشهب قائلا: ما
كانت قائمة.
اللخمي: قال أشهب وسحنون: القسمة جائزة إن كان المقسوم موجودا، ويفض الدين على ما بأيديهم بالحصص إن اغترق نصف التركة ويبد أحدهما ثلثاها، وبيد الآخر ثلثها ببيع حظ نصف كل منهما، إلا أن يضر ذلك الغريم لقلة الرغبة في شراء البعض، أو لكون حظ أحدهم أحظى ثمنا فينقض القسم، وعلى قوله: إن بني أحدهم وقيمة حظه مائة فصارت مائتين بيع من حظه ربعه؛ لأنه نصفه قبل بنائه إلا أن يدفع نصف قيمة ذلك يوم القسم، وقيل: يوم البناء؛ لأنه فوت.
قلت: ما نقله عن أشهب وسحنون في كيفية الفض خلاف نقل المقدمات عنهما، وهذا هو الصواب لنقل الشيخ عن سحنون في المجموعة: لا يفض على قدر المواريث؛ بل على قدر قيمة ما بيد وارث يوم البيع للدين، وإن كان في البيع من كل حظ على ذي الدين ضرر لطوله أو لأن ما بيد أحدهم أحظى ثمنا بيع ما هو أنجز له، ويرجع من بيع حظه على إخوته بقدر منابهم من الدين يوم قضاه.
وفيها: لا يضمن الورثة ما تلف بسماوي ويضمنون ما ذهب بانتفاعهم.
ابن رشد: اتفاقا فيهما، وفي سماع يحيي ابن القاسم: لا ضمان عليهم إلا ما استهلكوه وما اشتروه على حال البيع لا على الاقتسام، لهم نماؤه ومنهم ضمانه يغرمون ثمنه.
ابن رشد: اتفاقا، كبيع ذلك من غيرهم وأخذهم ثمنه.
وفي ضمانهم بإحداثهم كالبيع والهبة والصدقة والعتق قولا ابن حبيب وسحنون مع أشهب، فعلى الأول: يؤدون ولا يرجعون على المعطي بشيء، وعلى الثاني: يرجع ذو الدين على المعطي ولا يتبع المشتري بشيء، إلا أن تكون فيه محاباة فهي كالهبة.
وهي ما يدل على القولين.
قلت: فيها ما باعه الوارث فعليه ثمنه لا قيمته.
قال: وما ادعوا تلفع مما لا يغاب صدقوا فيه بأيمانهم.
قلت: ما لم يقم دليل بكذبهم حسبما مر في الخيار.
قال: بخلاف العروض التي يغاب عليها في البيان إلا أن تقوم على تلفها بينة.
وفي ضمانهم العين والكيل والموزون إن قامت بتلفه بينة، ثالثها: في العين فقط لسماع يحيي بن القاسم وسماعه أصبغ في كتاب النكاح، وقوله قلت: عزا اللخمي الأول لأشهب قائلا: هو أصله في العواري، والثاني: لابن القاسم دون اختلاف في قوله، ثم قال: إن اغترق الدين التركة وهلك حظ أحدهم لم يضمنه ولو كان قسم تراض؛ لأن مقال الغريم معه بنقض القسم وهو كاستحقاق فلا يضمنه ولو كان قسم تراض؛ لأن مقال الغريم معه بنقض القسم وهو كاستحقاق فلا يضمن له شيئا، ولا الأخ لأخيه؛ لأنه لا يرث إلا بعد الدين، فلو رجع على أخيه بقيمة نصف ما قبضه إن كان قسم تراض أخذه منه الغريم، وكذا إن اغترق الدين كل الحاضر وبعض الهالك، وإن اغترق بعض الحاضر في قسم القرعة، فقيل: لا يرجع من استحق ذلك منه ولا يرجع عليه؛ لأن القسم تمييز حق كما لو قضي الدين أجنبي وهو أحسن، وقيل: يرجع عليه ولا يرجع، وقيل: هي بيع يرجع ولا يرجع عليه، وإن كان قسم تراض رجع ولم يرجع عليه.
التونسي: فيها ما ظاهره إن مات ما بيد أحدهم كان له الدخول على الورثة فيما فضل لهم عن الدين، وقد يقال: لا دخول له عليهم؛ لأن يقولون: نودي الذين دونك، وعليه إن بقي بيده من العبد شيء دخلوا عليه فيه كثلاثة إخوة أخذ كل منهم بالقسم عبدا قيمته مائة فنقص عبد أحدهم لا يضمنه ولا يرجع به إن انتقض القسم فيفض الدين على ما بأيديهم أخماسا يغرم من لم ينقص عبده ثمانين ثمانين، ومن نقص عبده أربعين، وكذا فسره ابن عبدوس: إن جني على عبد أحدهم فأخذ فيه خمسين وعبد كل منهم يساوي مائة.
قلت: ما عزاه لظاهرها هو قولها.
قال مالك: ما مات بأيديهم أو هلك بأمر من الله تعالى من عرض أو غيره ضمانه من جميعهم لا ممن كان بيده، ابن القاسم: لأن القسم كان بيتهم باطلا، وهذا إنما يتم على رواية أشهب بوجوب النقض لحق الله تعالى، فقول ابن القاسم هذا إن قاله مفسرا به قول مالك غيره أخذ به لم يكن منه اضطرابا، وكان قول مالك هذا كرواية أشهب
عنه، وإن قال ابن القاسم آخذا به وهو ظاهر قوله كان خلاف معروف قوله: فكان اضطرابا، ولعله الذي أشار إليه في البيان والمقدمات بكونه اضطرب فيه قوله وإن كان لم يبينه.
وفيها لمالك: إن أقر أحدهم بدين حلف المقر له وأخذ منه.
قلت: لعله أقر لنفعه بإبطال القسم.
قال: لم أسمع فيه من مالك شيئا، وأرى إن أدوا الدين بعد قسمهم ونفذ قسمهم وإلا نقض، فإن أدوا وأبى المقر إلا النقض بيع عليهم حظه في الدين ولم ينقض.
التونسي: في قبول شهادته نظر لتهمته، وهي صحيحة على قول سحنون بعدم نقض القسم، والأخذ من كل وارث على قدر ما بقي بيده كأنه لم يرث غيره، ورجخ الخمي قول أشهب: بياع من كل حظ ولو كان عبدا بمثابه من الدين، ولا ينقض القسم، ولو غاب من سوى المقر بطلت شهادته لتهمته على نقض القسم ببيع حظه في الدين ليرجع على غيره في حظه.
وفي المقدمات: في قول ابن القاسم نظر؛ لأنه إذا اتهم وجب أن لا تجوز شهادته، وهو قول أشهب.
قلت: ظاهره أن أشهب يبطل شهادته مطلقا لا بقيد غيبته من سوى المقر خلاف ما تقدم للخمي.
قال: إن كانت التركة عينا أخذ جميعها من أيديهم، وإن اغترق بعضها وكلهم حاضر موسر غير ملد أخذ من كل منابه، وإن أعسر بعضهم أو غاب أو كان ملذا أخذ جميعه من الحاضر الموسر، ومن غير الملد واتبع المأخوذ منه أصحابه.
ابن رشد: إن وجد ما قسموه بأيديهم لم ينتقض قسمه من المكيل والموزون.
اللخمي: إن كان المقسوم ديارا وعينا وفيها وفاء الدين قضي منها ومضى قسم الديار، لا قول لمن أراد نقضه.
قلت: فيه على رواية أشهب أن النقض لحق الله بالنهي عن الإرث قبل الدين نظر، قال: وإن كان عينا وعروضا وديارا قضي من الأولين ومضى قسم الديار.
وفيها: إن طرأ دين وقد جني على بعض الرقيق تبع جميعه الجاني؛ لانتقاض قسمهم.
أشهب: هذا إن أخذ الدين من جميعهم، ولو غرمه أحدهم تبع من صار له ذلك الهبد بحظه فيه والجاني بقدر حظه في الجناية.
الصقلي: مثل قسم ثلاثة أعبد، قيمة كل عبد مائة دينار قتل أحدهم ثم طرأ دين هو مائة دينار إن بيع فيه أحد العبدين رجع من كان بيده على الباقي عبده بثلث العبد وعلى الجاني بثلث قيمة المجني عليه، ورجع عليه ذو العبد المجني عليه بثلثي قيمته، ولو أخذ الدين من كل واحد من الأخوين رجعوا كلهم على الجاني أثلاثا.
قال ابن عبدوس: هذا القول كأنه جعل الدين كالاستحقاق، وقو سحنون: أخذ الدين مما بيد الورثة، ولا يتبعوا المجني على عبده بشيء؛ ولكن على الجاني بحصة ما يلحق قيمة العبد المجني عليه إذا فض على ما بأيديهم، ويتبع المجني علي عبده الجاني بما بقى مثل أن يكون قيمة العبد المقتول يوم القتل خمسين وقيمة كل عبد للأخوين مائة، والدين مائتان، فبيع العبد للدين؛ فإنه يأخذ الأخوان من الجاني أربعين وأخوهما عشرة، ولو كان كالاستحقاق لرجعوا فيه أثلاثا.
وفيها: طرأ وارث والمقسوم مثلي تبع كل وارث بقدر حظه، ولو أعسر بعضهم أو غاب ففي كونه كذلك ورجوعه فيما بيد الموسر الحاضر كأنه كل المتروك ولا وارث غيرهما، ثالثها: هذا إن كانوا عالمين بالطارئ لها مع الصقلي عن أصبغ واللخمي عن ابن عبد الحكم مع أشهب، وعن ظاهر قول عبد الملك قال: وأصل ابن القاسم منع الشريك قم العين دون شريكه، وأمضاه هنا للجهل به، وأصل أشهب الجواز وناقض كل منهما أصله وقال بقول صاحبه في قبض الأصاغر ثمن دار بينهم وبين أكابر، فقول ابن القاسم فيه: لا زكاة في حظ الأصاغر إلا لحول من يوم قسمه بينهم وبين الكبار بناء على منع قسم الشريك في العين على شريكه الغائب، وقول أشهب بإيجابها فيه لحول من يوم قبضه الوصي بناء على صحة قسمه لهم على الكبار.
قلت: يحتمل كون قوليهما إنما هما بناء على مضي قسم الظالم في المثلي، ولغوه لا على
جواز القسم على الشريك الغائب ومنعه، فلم يناقضها عليهما في الزكاة بمنع القسم على الشريك الغائب وجوازه فتأمله، وجعله قول عبد الملك بالفرق بين علمهما بالطارئ وجعلهما إياه خلاف قولي ابن القاسم وأشهب مناف لقوله عن ابن القاسم: أمضاه هنا للجهل بالطارئ.
قال: وهذا بخلاف طرو غريم على غيره؛ لأن قضاء الورثة وقسمتهم عليهم كالقاضي، وليس كذلك قسم الورثة فيما بينهم، ولو كان المتروك مكيلا أو موزونا ففي صحة قسمهم إياه كالعين قولان.
قلت: ما فرق فيه به بين طرو الوارث على آخر، والغريم على آخر يكون قسم الورثة على الغرماء كالقاضي يوجب تسويتهما، لو كان قسم الورثة بينهم بحكم قاض.
وذكر التونسي الثاني ولم يعزه، قال: وعليه ما في الموازنة إن طرأت زوجة على أخرى وإن بعد قسمها على انفرادهما بالإرث والزوجة معسرة، فحظ الابن بينه وبين الطارئة على خمسة عشر لها سهم وما بقى للابن؛ لأنها مجموع نصف ثمنها وسبعة أثمان حظ الابن معهما، وعلى الأول لا ترجع على الابن بشيء بل على صاحبتها متى أيسرت؛ لأن الابن ليس بيده إلا حظه فقط.
قلت: هذا إن كانا غير عالمين بالطارئة وإلا جرت على قسم الظالم.
زاد الصقلي: لو قالت الطارئة: صار إلى ميراثي كان كقولها: تركت لكما حظي؛ ينقض القسم ويقتسمان على خمسة عشر للزوجة سهم وللابن أربعة عشر، فذلك مع حظ الطارئة ستة عشر، وهو قسم العدل لو حضرت.
وفيها: إن كان المتروك دورا نقض القسم جمعوا الدور في القسم أو قسموا كل دار على حدة.
اللخمي: إن كان دارا واحدة اقتسماها نصفين، خير الطارئ في إمضاء القسم فيكون شريكا لكل أخ بثلث ما بيده أو يرد القسم ليجمع نصيبه، وإن كان دارين أخذ كل منهما دارا فإنما للطارئ الرجوع على كل أخ بثلث الدار التي بيده ولا يرد قسمها؛ لأنه لو أدركهما قبل القسم لم يكن له سوى ثلث كل دار، فإن حملتا القسم قسمتا واحدة
ثلث كل دار وإلا بيعتا إن دعي للبائع وأبى بالشفعة، وإن كانت قسمته بالقرعة فلا شفعة له على أن القرعة تمييز حق وإن كان تزامنا جرت على الروايتين في الشفعة في المناقلة، وإن كان المتروك دارا لأمة أحد كل منهما دارا.
وبقيت ثالثة لا تدخل في القسم معهما؛ لأنها أشرف أو أدني فكما تقدم في الدارين فيكون شريكا بثلث كل دار، وإن كانت الثالثة متقاربة للدارين اللتين اقتسماها أقرع على الديار الثلاث، فإن خرجت الدار الثالثة للطارئ مضى قسم الدارين، وإن خرجت له إحدى الدارين المقسومتين انتقض قسمهما، وإن كان الحاضران اقتسما الديار الثلاثة أخذ كل أخ دارا ونصفا، فإن كانت الدار المقسومة نصفين مباينة للباقيتين مضى قسم الدارين، وللطارئ ثلث كل واحدة ونقض قسم الثالثة إن حملت القسم على ثلاث قسمت وإلا بيعت إن طلبه أحدهم، وإن كانت مقاربة لهما ضرب بالسهم على الثلاث، فإن خرجت المقسومة نصفين للطارئ مضى قسم الدارين، وإن خرجت له إحداهما فالآخران بالخيار في الباقيتين إن شاء أمضيا قسم المقسومة وتكون الأخرى التي كانت لأحدهما بينهما نصفين، وإن شاء نقضا القسم الأول واقترعا عليهما، وحكم التركة عروضا على هذا إن كانت تقسم أو لا تقسم.
قلت: قوله: والمتروك دار واحدة للطارئ نقض القسم وإمضاؤه بشركته كلا منهما بثلث ما بيده، خلاف متقدم ظاهرها أو نصها.
وفي إلزامه شركته كلا من أخويه فيما صار لكل منهما ضرر عليهما.
قوله: والمتروك دار إلخ يرد قوله فيه بإمضاء القسم على الطارئ، وهما يحملان القسم بأنه ضرر عليه لتفريق حظه في الدارين، وإذا نقض قسمهما قد يطير له حظه في دار واحدة وما بناه بعد هذا يرد بما رد به هذا فتأمله.
وفيها: مع غيرها طرو موصي له بجزء على الورثة كطرو وارث عليهم، إن كانت التركة عينا أو عرضا تبع كل وارث بحقه لا المللي كالمعدم، وإن كانت دورا نقض القسم.
التونسي: جعله ابن حببيب كطرو الغريم عليهم في نقض القسم والضمان.
الصقلي: عن أبي عمران عن القابسي: لو قسم ثلاث بنين ثلاث مائة دينار فطرا موصي له بالثلث ووجد ابنين أتلفا ما بأيديهما وما بيد الثالث باق فذو الوصية أحق بالمائة التي بيده منه.
قال: وقاله محمد وغيره، انظر كأنه رأى أن التركة إن كانت عينا صار كموصي بتسمية بخلاف الغرض.
قلت: حاصله كنقل ابن رشد عن ابن حبيب، وصرح اللخمي بأن قول ابن حبيب مثل قول محمد، وعزا الأول لابن ميسر ومال، قال: وعلى قول أشهب وابن عبد الحكم: يقاسم الموصي جميع ما بيده ثم يرجعان جميعا على الوراث، وجعل قول محمد ثالثا، ووجهه بظاهر قوله تعالى:{مِنْ بَعْدِ وصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا} [النساء: 11] قال عنه: لو أوصي لثلاثة بمائة واحدة لكل واحد، والثلث مائتان وخمسون فأخذ الحاضران مائتين والورثة خمسين ثم طرأ ثالث؛ فالواجب له ثلاثة وثمانون وثلث يتبع كلا من الموصي لهما ستة عشر وثلثين لا يأخذ مليهما عن معدمهما، ويأخذ الوارث الملي بكل ما أخذ من الخمسين ويتبعان معا باقي الورثة.
وفيها: طرو موصي له بدنانير أو دراهم يحملها الثلث كطرو الدين.
التونسي: إن طرأ موصي له بألف على ورثة فظاهر الموازين أنه كالدين يأخذ من الوارث ما بيده، والأشبه أن يأخذ منه الأقل من ثلث ما بيده أو من الألف.
اللخمي: إن طرأ ذو وصية بمعين عبد أو غيره أخذه أو محمل الثلث منه من وارثه، ورجع وارثه على بقية الورثة كاستحقاقه منه، فإن وجد بيع فكبيع مستحق، وإن هلك بيد الوراث بسماوي وصار له بقسم قرعة لم يتبع بشيء، وإن صار له بتراض بوجه مبايعة فله إمضاء بيعه وأخذ ثمنه من البائعين ويسقط منه حظ وارثه لمشتريه.
قال: وإن طرأ ذو وصية بعبد أو دار غير معينين شرك الورثة بالخارج من تسمية ذلك من متروك الميت يوم التنفيذ من عذذ ذلك، فإن ترك ثلاثة أعبد أو ثلاثة ديار تعتدل في القسم فله نقض قسم الورثة ويأخذ ما يصير له في قسمتهم ثانيا، وإن لم تعتدل في القسم لم ينقض القسم وشركهم في كل عبد أو دار بقدر حظه، وكذا إن كانت
وصية بجزء عبد أو دار.
قُلتُ: قوله: إن لم تعتدل لم ينتقض القسم وشركهم في كل عبدٍ أو دارٍ، يرد بما تقدم من ضرره بتفريق حظه في كل عبد أو دار ونقضه يجمع له حظه في واحدٍ منها أو اثنين.
قال: ومن أخذ عبدًا موصى له بعينه ثم طرأ آخر بآخر بعينه، فإن حملهما الثلث أخذ الطارئ عبده ممن هو بيده من وارث كاستحقاقه، وإن لم يحملهما أخذ منه محمل الثلث منه مع الأول، وتبع الورثة الأول بما نقص في عبده عما يحمله الثلث معه، وإن طرأ موصى له بعبدٍ لا بعينه أو بدنانير والثلث يحمل الوصيتين تبع الورثة دون الموصى له، وإن لم يحملها تبع الموصى لهما بما شطر عنده كطروء غريم على آخر والورثة بما شط عندهم من الثلث، ثم يختلف في كونه كوارث على ورثة يتبع الموسر بمنابه لو كانوًا مياسير أو كغريم على ورثة يستحق كل ما بيد الموسر، وإن طرأ وارث على ورثة وموصى له، فإن كان بالثلث والتركة عين أو بتسمية دنانير يحملها الثلث رجع على الورثة فقط، وكذا إن أوصى له بمعين عبد أو دار يحمله الثلث، وإن أوصى له بالثلث والتركة عروض أو عقار فله نقض قسمهم عليه، وغن هلك ما وقفوا له فهو من جميعهم، وكذا إن أوصى له بعبد من عبيده أو دار من دوره دون تعيين، وإن طرأ على موصى له بالعين وترك للورثة ما يتعذر بيعه أو أوصى بالحاضر، وترك لهم الغائب أو بالخدمة، وترك لهم المرجع أو به، وترك لهم الخدمة والرقبة أكثر من الثلث، وأجاز الورثة ذلك؛ فله انتفاع الموصى له بنصيبه في ذلك.
قُلتُ: تحصيل أصول الطروء الموجب حقًا للطارئ ثلاثة وثلاثون صورة جملة طرو غريم أو وارث أو موصى له على مثله، وطرو غريم على ورثة أو موصى له أو موصىً له، وغريم وطرو وارث على موصى له وطروء موصى له على ورثة أو موصى له، فهذه تسع صور الموصى له منها مع غيره، أربع مضروبة في كونه موصى له بجزء أو بمعين أو بعين باثنتي عشر صورة، ومع مثله اثنتان مضروبتان في تسع مسطح كون الطارئ موصى له بأحد الثلاثة، والأول كذلك بثماني عشرة صورة، وذكر ابن رشد منها عشرًا ثلاث صور طروء وأحد الثلاثة على صنفه يرجع الطارئ فيها عليهم بحظه ولا
يأخذ مليًا بمعدم، وينقض قسم غير المثلي لا المثلي، وفي ضمان مقبوض كل منهم ما تقدم وطرو الغريم على الورثة أو على الموصى لهم بالثلث، وطرو الموصى له بعدد على الورثة في إيجابه في الثلاث صور نقض القسم ما تقدم لأشهب وسحنون وابن القاسم، وفي ضمان مقبوض كل منهم ما تقدم ونقض القسم ومضيه بناءً على تعلق الدين بعين التركة أو ذمة الميت، وعليهما اختلاف قولي مالك فيمن يبدأ باليمين مع الشاهد في دين الميت الغرماء أو الورثة، وفي الوصي ينفق التركة على الأيتام ثم يطرأ الدين ومسائل شتى.
قُلتُ: لو تعلق بعينها لسقط من دينهم منابه من تالفها دون وقف لهم.
قال: وسابعها طرو الغريم على غرماء وورثة يوجب تبدئة رجوعه عليهم ثم على الغرماء بما بقي كطروه عليهم، وثامنها: طرو الموصى له بعدد على موصى لهم وورثة إن وفى ما بيد الورثة زائدًا على الثلثين لم يتبع الموصى لهم، وإلا تبعهم بحقه كطروه عليهم، وتاسعها: طرو الموصى له بجزء على الورثة في كونه كطرو غريم عليهم أو وارث، قولا ابن حبيب وابن القاسم، وعاشرها: طرو الموصى له بجزء على آخر وورثة إن وفى ما أخذه الورثة زائدًا على الثلثين بجزء الطارئ رجع عليهم على قولي ابن حبيب وابن القاسم في صفة رجوعه، وإن لم يف به رجع بالباقي على الموصى لهم على ما تقدم، والحادية عشر: طرو الغريم على الموصى لهم بأقل من الثلث، وعلى الورثة إن خرج ما قبضه الموصى له من ثلث ما يبقى بعد الدين لم يتبعه الغريم بشيء إلا في عدم الورثة، وإن لم يخرج رجع على الموصى له بالزائد على ثلث الباقي بعد دينه وعليهم بتمامه، فإن وجد الموصى له عديمًا أخذ كل دينه من الورثة وتبعوا الموصى له بالزائد على ثلث الباقي بعد الدين، وإن وجده مليًا دونهم أخذ ركل ما بيده وتبع الورثة بباقي دينه وتبعهم الموصى له بثلث الباقي بعد الدين.