الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسمع عيسى ابن القاسم: من قال لصاحبه اقعد بهذا الحانوت تبيع به، وأنا آخذ المتاع بوجهي والضمان علي، وعليه يفعلا فالربح بينهما على ما تعاملا عليه، ويأخذ أحدهما من صاحبه أجر ما يفضله به من عمل.
ابن رُشْد: مثله في عمله والربح تبع للضمان كما يتبع المال، وسمعه لو قال: له في ذلك، ولك نصف ما ربحت أو ثلثه لم يصح، فإن عملا بها دين في الحانوت أجر مثله في العمل والربح لمن أجلسه.
ابن رُشْد: لأن الربح تابع للضمان، وإذا كان من الذي أجلسه كان له الربح وأجر مثله؛ لأنه عمل على نصف الربح فيما باع، وهو غرر.
قُلتُ: وقال اللخمي: قال ابن القاسم في العتبيَّة: من شارك رجلاً، وقال: أتقبل عنك المتاع، وتعمل أنت وما رزق الله تعالى بيننا نصفين لم يجز.
اللخمي: فإن نزل ذلك، وتقبل أحدهما وعمل به الآخر بما تقبل به العامل، ولرب الحانوت أجر مثله فيما تولى من العقد مع الناس وأجر حانوته سواء دخل المتقبل منه على عمل هذا بعينه أو على مضمون.
قُلتُ: هذا خلاف ما تقدم لابن القاسم، ثم إن اللخمي بعد ذكره هذا عن العتبيَّة ذكر عنه المسألتين الأوليتين، وقال: فرق بين السؤالين؛ لأنه قال في الأول: الضمان عليهما، وهو يقتضي أن الشراء على ذمتيهما، وقال في الثاني: لك نصف ما ربحت، ولم يجعل عليه من الخسارة شيئاً، وذلك يقتضي أن الشراء على ذمة المشتري وحده.
[باب في شركه الذمم]
وشركة الذمم: شركة فيها يتقرر في ذمتيهما مضمونا عليهما.
وفيها: ولا تجوز بالذمم بغير مال على أن يضمنا ما ابتاع كل منهما، كانا في بلد
أو بلدين.
اللخمي: إن اشتريا سلعة صفقة واحدة فهي بينهما على الجزء الذي اشتركا فيه، وما انفردا أحدهما بشرائه في كونه كذلك لشرائه بإذن صاحبه أو اختصاصه بمشتريه قولا ابن القاسم وسَحنون، والأول أحسن؛ لأن كل واحد منهما وكيل لصاحبه يجعل فاسد، وللبائع أخذ كل منهما بنصف الثمن إن حضرا موسرين وإلا فإن علم شركتهم وجهل فسادها فله أخذ الموسر الحاضر بكل الثمن، وإن لم يباشر بالشراء، وإن علم فسادها لم يأخذ أحدهما من الآخر، وإن جهل شركتهما فله أخذ متولي الشراء بكل الثمن وغيره بنصفه؛ لأنه ملك نصف سلعته.
قُلتُ: ولأَصْبَغ في سماعه كقول ابن القاسم.
وسمع عيسى ابن القاسم: من قال لرجل: اشتر سلعة كذا، وأنا فيها شريكك لم أشرك فيها آخر، فللأول نصفها، ويخير الشريك الآخر في أخذ حظ من أشركه أو تركه.
ابن رُشْد: قوله: ليس للمشرك الثاني إلا نصف حظ من أشركه هو المشهور كما سمع يحيى من كتاب الشفعة على قياس قولها: فيمن اشترى نصف سلعة، وورث نصفها لا يبيع نصفها مرابحة حتي يبين؛ لأنه أن لم يبين وقع بيعه على ما ورث واشترى، وقيل: للمشرك كل حظ من أشركه، وهو دليل قولها في العتق الأول
…
آخر مسألة من أول رسم من سماع ابن القاسم من هذا الكتاب، وتقدم القول فيه.
قُلتُ: زاد فيه: إن قال يتخرج هذا الخلاف على اختلافهم فيمن باع نصف دار على الإشاعة وهى بينه وبين غيره، هل يقع بيعه على كل حظه أو على نصفه ونصف حظ شريكه.
وفي الموطأ قال مالك: من قال لرجل اشتر هذه السلعة بيني وبينك، وانقد عني، وأنا أبيعها لك؛ لا يصلح؛ لأنه أسلف على أن يبيعها له، ولو هلكت السلعة فلمن نقد الثمن أن يأخذ من شريكه ما نقد عنه.
الباجي: إن نزل ذلك فالسلعة بينهما وليس عليه حظ المسلف، وإن كان باعه فله أجر مثله في بيعه، ولو علم قبل النقد لم ينقد عنه، وهما شريكان، وفيه من وجبت له سلعة بابتياع، فقال له رجل: أشركني بنصفها وأبيع لك جميعها، كان حلالاً لا بأس
به وتجب.
وسمع أَصْبَغ ابن القاسم: إن اشتركا في سلعة معينة اشترياها لدين فلا بأس، وإن لم يكن لهما رأس مال، وإن قال: ما اشترى كل واحد منا بدين فنحن فيه شركاء، ولا مال لهم لم يعجبني.
أَصْبَغ: إن وقع ونفد ضمناه، وفسخت الشركة بينهما.
ابن رُشْد: مثله فيها، ولا خلاف أنهما إن اجتمعا في اشتراه سلعة معينة بدين أنه جائز وهما شريكان فيها، وإن لم يكن لهما مال وكل منهما ضامن عن صاحبه إن شرط البائع وإلا فلا.
وسمع أبو زيد ابن القاسم: من وقف علي وهو يشتري سلعة لم يتكلم، فلما تم البيع قال: أنا شريكك فهو شريكه، فإن أبى ألقى في السجن حتي يفعل إن اشتراها ليبيعها، ولو اشتراها لمنزله أو ليخرج بها لبلد آخر لم يكن عليه فيها شرك، ونحوه في نوازل أَصْبَغ من جامع البيوع.
قال ابن رُشْد في القضاء لأهل الأسواق بالشركة فيما ابتاعه بعضهم بحضرتهم للتجر على غير المزايدة: رفقا بهم، وهو مذهب مالك، وتبعه عليه كل أصحابه.
وفي قصرها على الطعام وعمومها في غيرها من دابة وسلعة رواية أشهب وقول ابن حبيب مع أَصْبَغ، وسماعه ابن القاسم.
وفي كون ذلك فيما بيع بالسوق فقط، وفيه وفيما بيع بالطرق والأزقة وغيرها، إلا ما اشتراه في حانوته أو داره قولا أَصْبَغ وابن حبيب.
وفي خصوص وجوب الشركة لأهل تجر تلك السلعة وعمومه فيه.
وفي كل ذي ثمن قولا أَصْبَغ مع ابن حبيب وابن الماجِشُون، وحيث تجب لهم لا تجب عليهم إن أبوا ولو قالوا له وهو يسوم تشركنا في هذا الطعام، فقال: نعم، أو سكت لزمهم ولو قال: لا لم تلزمه شركته؛ لأنه أنذرتهم ليشتروا؛ لأنفسهم لا، ولو قالوا له وهو يسوم أشركا: واشترا علينا فسكت وذهبوا ثم اشترك بعدهم لم يلزمه شركتهم وحلفه اشترى عليهم ولا أشركهم، ولو طلبهم بالشركة لتلف السلعة أو خسارة ظهرت لزمهم لسؤالهم، ولو قال لهم: نعم لزمته ولزمتهم، وكذا ما اشتراه من غير سوقه، ولو كان
يوقف به من غير أهل التجر فيه.
وفي نوازل أَصْبَغ: لو قال: قال لم حضره لم أشترها لتجر بل لأكل الطعام أو لحرمة في الرقيق أو لركوب في الدواب أو للبس في الثوب صدق، إلا أن يدل على كذبه كثيرة المشترى مما يعلم أنه لا يشترى به إلا التجر.
ابن رُشْد: يريد: يصدق مع يمينه.
وفي ثبوتها بجميع مالكي سلعتين إياها في بيعها من ثمنها المماثل صفة وأجلاً يكتبهما في كتا واحدٍ نقلا الصقلي عن ظاهرها، والشَّيخ عن المذهب، ورد ابن عبد السلام احتجاج الصقلي بأنه لو كان تفريق كتبهما ما هو شركة بينهما في كتابين لدفع شركتهما، وجب كون جمعهما في كتاب واحد يوجب شركتهما بأن جعله موجباً لها يلزم منه بيع الدين بالدين بخلاف كونه بائعاً، يرد: بأن تماثل الثمنين المذكورين ينفي تقرر البيع بينهما لعد اختصاص أحدهما بجزء منهما لما تقدم من الفرق بين إجازة شركتيهما بذهب رفضة من كل منهما، ومنع سلمها بيع إردب قمح، وإردب شعير بمثليهما، وإن ادعى أحد شريكي ما لا ينقسم لإصلاحه أمر به، فإن أبى ففي جبره على بيعه ممكن يصلحه، أو بيع القاضي عليه من حظه يقدر ما يلزمه من العمل فيما بقي من حقه بعد ما بيع عليه منه، ثالثها: إن كان ملياً جبر على الإصلاح وإلا فالأول لابن رُشْد عن سماع يحيى ابن القاسم في كتاب السداد، ومالك في رسم الصلاة من سماع يحيى من كتاب الأقضية مع دليل قولها في كتاب القاسم وسَحنون قال: بناء على جواز البيع بشرط بالإصلاح، وهو قولها ومنعه مطلقاً وجوازه عند الضرورة.
ابن الحاجب: والمشرك مما لا يجب، وينقسم يلزمه أن يعمر أو يبيع، وإلا باع الحاكم بقدر ما يعمر.
قُلتُ: ظاهرة أن هذا يبيع القاضي عليه بقدر ما يعمر اختص بنقله للمؤلف وهو قصور عن إدراك ما تقدم في الأسمعة المذكورة، وعزو ابن رُشْد الثاني لدليل قسمها لا أعرفه؛ بل مقتضى أخذه من بأن بيع كل حظه ممن يشترط عليه الإصلاح منها؛ لأن البيع بشرط الإصلاح لما وقع فيها في مسألة العلو والسفل، وما نقله ابن الحاجب عن المذهب خلاف الأقوال الثلاثة لابن رُشْد، وهذا؛ لأن القول ببيع بعض حظه إنما وقع في السماع،
وذكره ابن رُشْد مرتباً على إبابته من الإصلاح فقط لا عليه مع إبايته عن بيعه ممكن يصلح، وهو نقل ابن الحاجب مرتب عليهما فهو إذن قول رابع فتأمله، وفي إجراء ابن رُشْد مرتاً على إبايته من الإصلاح نظر؛ لأن بيع حظه أذن بسرط إصلاح المبتاع تناقض؛ لأنه بجويز للبيع بشرط الإصلاح على منع بشرط الإصلاح، فإن لا يشترط أدى لك إلي قاء الضرر لأجله وجب البيع، وسمع يحيى ابن القاسم: إن ادعى بعض اشراك في كرم سقطت حيطانه وخيف عليه الفساد لإصلاحه، وأبى بعضهم، فإن كان حظ كل منهم معيناً له لم يلزم الآبى إصلاح، وإن كان مشاعاً جبر على قسمه من أباه، فإن كان به ثمره وترك إصلاحه يضر بها جبر الآبي على تحصينه أو ببيع ممكن يحصن الثمرة إن طابت وإلا جلهم أن يحصنوا ويتبعوه بمنابه من التحصين في حظه من الثمرة.
ابن رُشْد: ظاهره إن طابت الثمرة فلم يف حظه فيها بمناب إصلاحه أنه لا يلزمه أكثر من تسلمه حظه فيها لهم، والأظهر لزوم بيعه حظه حينئذ منها، ومن الأصل وإلا سلمها لهم، وظاهر قوله: إن أبى ولم تطب الثمرة أنه لا يلزمه أكثر من تسليمهم حظه من الثمرة، والقياس أنه إن لم تطلب الثمرة لزمه التحصين معهم أو بيع حظه من الثمرة، والأصل ممن يحصن معهم، وكذا سماع ابن القاسم من كتاب السداد.
وفيها: إن سقط العلو على الأسفل يهدمه، خير رب الأسفل على أن يبني أو يبيع لمن يبني.
اللخمي: قال سَحنون: إنما يجوز البيع بشرط الإصلاح إن كان البائع لا مال له، وإلا لم يجز؛ يريد: ويجبر على الإصلاح.
قُلتُ: ابن القُصَّار: يجبر مطلقاً إلا أن يختار رب العلو بناء من عنده، ويمنع رب السفل من النفع به حتي يعطيه ما أنفق، وأرى أن يخير رب السفل في بنائه أو بيعه ممن يبني أو يمكن رب العلو من بنائه إن رضي على أن يشتركا فيه بقيمة كراء القاعة، وقيمة كراء البناء إلا أن يعطيه بعد ذلك قيمة البناء قائماً يوم يأخذه، وإن كان سبب الأنهدام وهاء العلو، ففي ضمانه خلاف، وضمانه أحسن، ولو قدم إليه فلم يفعل ضمن اتفاقاً، وكذا
إن كان الانهدام بوهاء السفل ورب العلو حاضر، ولم يقدم إليه أو كان غائباً، وإذا وهى السفل ففي تعليق العلو مدة صلاح السفل اختلاف، والأولى على رب العلو.
وللصقلي عن ابن شعبان: إلا أن يرد هدمه من غير حاجة.
قُلتُ: ظاهره جواز هدمه من غير حاجة.
وفي النوادر لابن سَحنون عنه، وهو لأشهب: إن إراد رب السفل هدمه وأراد رب العلو أن يبني علوه فليس لرب السفل هدمه إلا من ضرورة ككون معدمه أرجف لرب العلو لئلا ينهدم، ويكون ذلك سبباً يفسد عليه طوبه وينهدم بانهدامه العلو وحكى القولين فيما يكون عليه التعليق.
أبو عمران: وعزا لابن القاسم أنه على رب العلو.
وفي النوادر من كتاب نفي الضرر من العتبيَّة عن ابن القاسم عن مالك: بتعليق العلو الناشئ على صاحب الأوسط.
وفي العتبيَّة: قال سَحنون: إذا خيف على حيطان السفل فليهدمه ربه، وعليه تعليق العلو.
وروى ابن القاسم في المجموعة: إن كان لرجل منازل بعضها فوق بعض فانهدمت فليبن الأسفل منزله، ثم يبني كل واحد منهم منزله؛ يريد: إلا أعلاهم له أن يترك.
وسمع ابن القاسم في كتاب الأقضية في رجلين بينهما منزل لأحدهما علوه وللآخر سفله فانكسر السقف الأدنى بسقف البيت قال: على رب الأسفل إصلاح خشبه، وجريده.
ابن رُشْد: مثله فيها ولا خلاف فيه.
وفي النوادر ما نصه: ون كتاب ابن عبد الحَكم عن ابن القاسم قُلتُ: على من السلم، فإن رب السفل قال: ليس هو علي، قال: هو بينهما على رب السفل إن كان له علو أن يبلغ به علوه، ثم على رب العلو لا على ما أدرك العلو الأول إلي علوه، وأعرف لبعض أصحابنا على رب السفل بناء السلم إلي حد العلو، فإن كان ثَم علو آخر فعلى رب العلو الأول من بناء السلم من حد علوه إلي مبلغ سقف علوه الذي عليه علو الآخر.
ابن عبدوس: إن احتاج رب السفل أن يرم سفله لعلو الطريق عليه، وضاق مدخله
يجبر رب العلو على أن يجبر ويرفع علوه في هواه وبنائه بثمن يدفعه له، وإن احتاج من يجري قناة جاره عليه لرفع داره لعلو الطريق عليه ورفعه يضر بالأول، له ذلك، ويقال لصاحبه: ارفع إن شئت وإلا فلا شيء لك.
قال ابن اللباد: القياس أنه ليس له رفع داره إلا بطوع من الأول.
الشَّيخ: إنما هذا إن كان للماء منفذ في الزقاق بإصلاح يسير وإن تفاحش، فالقول قول ابن عبدوس.
ولابن سَحنون عنه، وهو لأشهب: ليس لرب العلو أن يبني على علوه شيء شيئاً لم يكن إلا ما خلف مما لا يضر رب السفل، فإن بنا مضراً قلع، ولو انكسرت خشبة من سقف العلو لم يكن له إدخال خشبة أثقل منها.
وسمع أَصْبَغ أشهب: باب الدار على رب السفل.
وفي كون كنس مرحاض بالسفل يسقط فيه فضلة رب العلو على رب السفل أو عليهما بقدر عدد الجماجم.
نقلا ابن رُشْد في رسم باع شاة من سماع أَصْبَغ من جامع البيوع عن سماع أشهب لأَصْبَغ، وقول أَصْبَغ مع ابن وَهْب، وعليهما الخلاف في كنس كنيف الدار المكراة، قال أشهب: على ربها، ورواه ابن جعفر، وسمع أبو زيد ابن القاسم على المكتري على قياس قول أَصْبَغ وابن وَهْب، وفيها دليل القولين.
قُلتُ: وزاد الشَّيخ، وقال لنا أبو بكر عن محمد: إن كانت رقبة البئر لرب السفل فالكنس عليه، وإن كانت لرب العلو في رقبة البئر ملك، فالكنس عليهما على قدر الجماجم.
الشَّيخ: خرج على قول ابن القاسم وعلى قول ابن وَهْب: إنما على قول ابن القاسم: فإن كان لرب العلو ملك في البئر فعليه بقدر ملكه، وابن وَهْب: لا يسأل عن الرقبة، ويجعل الكنس على من انتفع.
وأخذ بعض متأخري أصحابنا ممن ولي الحكم بقول ابن وَهْب: إن كانت البئر محفورة في الفناء، وإن كانت البئر محفورة في رقبة الدار فالكنس على من له رقبة الملك.
وسمع أَصْبَغ أشهب: كنس تراب قاعة السفلى على رب السفل.
أَصْبَغ: مما لم يطرحه رب العلو وليس له أن يطرح فيها شيئاً حتي يجتمع، وقاله أشهب، إلا أن يكون له شرط في القسم في الاتفاق بقاعة السفل.
الشَّيخ: والقول في مرحاض بين دارين كالقول في العلو والسفل فيمن له رقبة البئر أو ليست له.
وفي نوازل عيسى من كتاب السداد: لو تهدمت رحابين نفر أنفق فيها بعضهم فلما تمت قال: من لم يعمل هذا نصف ما أنفقت وأنا على حظي فله ذلك، ولو كان المنفق اغتلها فاختلف فيه.
قال محمد بن إبراهيم بن دينار: للمنفق بقدر ما أنفق، وقدر حظه قدر إنفاقه، ولمن لم يعلم بقدر ما كان بقي من قاعتها وسدها وحجارتها، وما كان فيه من إصلاح.
وقال ابن القاسم: مرة كل غلتها للعامل كاختصاصه بماء البئر يذهب ماؤها، ويأبى شريكه الإصلاح فيصلحها.
قال عيسى: وبهذا رأيت ابن بشير يحكم.
ثم قال ابن القاسم: في الرجل يحاصه بما اغتل فيما أنفق، ولو كان اغتل كلما أنفق رجع هذا بحظه دون غرم.
قال عيسى: فالذي أخذ به أن كل الغلة للعامل، وعليه لمن يعمل كراء حظه من القاعة، وما بقي فيها من العمل، فإن أراد الدخول معه فيما بنا دفع له ما ينوبه من قيمة العمل الذي في الرحا يوم يدخل معه، لا يوم عمله، ولا قدر ما ينوبه من النفقة إلا أن يكون ذلك بحدثانه.
قال: وقال ابن وَهْب: كابن دينار للعامل من الغلة بقدر ما أنفق، وحظه فيها، وللآخر بقدر حظه فيه، فإن كانت قيمتها غير معمولة عشرة، وبعد العمل خمسة عشر، فثلث الغلة للعامل وثلثها بينهما، وعلى الذي لم يعمل منابه من أجر العمل في قيامه بعلمها، فإن أراد الذي لم يعمل الدخول في الرحا لم يعمل منابه من قيمة الرحا يوم يدفع له ذلك.
وقال يحيى بن يحيى: مثله كله وبه أخذ، وسمعت ابن القاسم يقول غيره.
ابن رُشْد: قول محمد بن إبراهيم ظاهره أن الغلة تفضي على منتهى نفقته، وقيمة ما
كان له من أصل الرحا، وعلى قيمة ما كان لمن لم يعلم من أصل الرحا، فإن كانت النفقة غير مضمونة فإن كانت عشرة، وقيمتها بعد العمل خمسة عشر كان للعامل ثلثا الغلة لمن لم يعمل الثلث، إذ لو أراد ذلك لقال: يكون للعامل من الغلة بقدر ما زادت نفقته في الرحا، وبقدر ما كان له فيها، وقول عيسى ابن دينار: إن أراد.
من لم يعمل الدخول مع الذي عمل دفع منابه من قيمة العلم قيمته يوم يدخل معه لا يوم عمله، ولا قدر ما ينوبه من النفقة التي أنفق إلا أن يكون ذلك بحدثانه مفسر لقول ابن القاسم: أن كل الغلة للعامل، ولم يبين حكم قيامه بحدثانه، وفيه قولان قائمان من المدَوَّنة، أحدهما: إعطاه منابه من مبلغ النفقة، والثاني: منابه من قيمة النفقة، إذ قد يغير في استئجار الإجراء، وما ابتاع من متاع الرحا، ولو أراد الدخول بعد أن يلي البنيان لم يلزمه إلا منابه من قيمته على حاله اتفاقاً، وتفسيره أن يقال كم قيمة الرحا على ما هي عليه من قدم بنائها، وكم كانت تكون قيمتة اليوم لو كان بناؤها جديدً فينقص ما بين القيمتين مما أنفق أو من قيمة النفقة على ما مر من الخلاف، فما بقي عليه مما ينوبه منه، وقيل: ذلك راجع إلي أن يكون عليه منابه مما زادت قيمة الرحا من البناء على ما هو عليه بأن تقوم خربة، وعلى ما هي عليه فيكون عليه منابه مما بين القيمتين إلا أن يكون أكثر من قيمة ما أنفق، ولا يكون عليه أكثر من قيمة ما أنفق، وكذا حكى ابن حبيب عن مُطَرَّف أن عليه الأقل من قيمة البناء أو قيمة ما أنفق، ولا خلاف أنه لا يلزمه أكثر مما أنفق، فليس قول عيسى بخلاف لقول ابن القاسم الأول إلا فيما ذكر أنه يكون عليه كم لم يعمل كراء حظه من القاعة؛ لأن ابن القاسم لا يرى عليه في ذلك كراء؛ لأن الرحا مهدومة لاكراء لها، إنما صار الكراء ببنيانه، وقول عيسى أظهر؛ لأن الكراء فيها موجود ففي محاصة بالنفقة وعدهما ثالثها: إن تهدمت لم يحاصص، وإن كانت قائمة فانحرف بئرها فتعطلت حاصص لقولي ابن القاسم في السماع، وقوله في المبسوط وعلى عدم المحاصة ففي كون الغلة للعامل إلا أن يريد الآخر الدخول معه، ولا كراء عليه في حظ الآخر، أو مع غرمه الكراء، ثالثها: بينهما بقدر حظ العامل من الرحا على ما كانت عليه، وقدر حظ العامل منها، وقدر عمله على الاختلاف في تأويله لابن القاسم وعيسى، وسكت عن عزو الثالث.
قلت: لا يخفى على من فهم هذا التفصيل إجمال نقل ابن الحاجب، وإذا انهدمت الرحا المشتركة فأقامها أحدهم، فإن أبى الباقون فعن ابن القاسم الغلة كلها لمقيمها، وعليه أجرة نصيبهم خرابا، وعنه أيضا يكون شريكا بالغلة بما زاد بعمارته، فإن كانت قيمتها عشرة، وبعد العمارة خمسة عشر فله ثلث الغلة بعمارته، والباقي بينهم، ثم من أراد أن يدخل معه دفع ما ينوبه من قيمة ذلك يوم يدفعه، وقيل: الغلة بينهم ويستوفي منها ما أنفق، وفيها مع غيرها منع أحد الشريكين مجرد الملك، يعني: تصرفه فيه دون إذن شريكه؛ لملزوميته التصرف في ملك الغير بغير إذنه.
الشيخ لابن حبيب عن الأخوين: ليس لأحد مالكي جدار أن يحمل عليه ما يمنع صاحبه من حمل مثله إن احتاج إلا بإذنه، وإن كان مما لا يصنع صاحبه من حمل مثله إن احتاج إلا بإذنه أن يحمل عليه مثله كحمل سقف بيت أو غرز خشب فذلك له، وأن يأذن له.
وفيها: أيقسم الجدار إن طلب قسمه أحد الشريكين.
قال: لم أسمع فيه شيئا وأرى إن لم يدخل فيه ضرر، وكان ينقسم أن يقسم، وإن كان لكل واحد عليه جذوع لم يقسم وتقاوماه.
الصقلي لابن حبيب عن الأخوين: لا ينقسم إلا عن تراض مجردا كان أو حاملا.
اللخمي: قال ابن القاسم: إن لم يكن فيه ضرر.
أشهب: لا يقسم وتقاوماه.
الصقلي: لابن حبيب عن الأخوين: لا يقسم إلا عن تراض مجردا.
قول ابن القاسم: إن كان عليه جذوع تقاوياه غير بين؛ لأن الحمل عليه لا يمنع قيمة كالعلو والسفل، وأرى أن يقسم طائفتين على أن من صارت له طائفة فهي له، والآخر فيها الحمل، وإنما تصح المقاواة على إن صار له الحائط فللآخر فيه الحمل، وإن جارت على هذه الصفة فقسمته أولا.
قلت: ظاهر قول ابن القاسم أنهما يتقاومانه كما لا ينقسم من العروض والحيوان أنه لا حمل فيه على من صار له.
قال: وصفة قسمه إذا كان جاريا من المشرق إلى المغرب أن يأخذ أحدهما طائفة مما
يلي المشرق، والآخر طائفة مما يلي المغرب لا أن يأخذ أحدهما ما يلي القبلة، والآخر مما يلي الجوفية؛ لأن ذلك ليس بقسمة إذ كل ما يضع أحدهما عليه ثقله، ومضرته على كل الحائط، إلا أن يقتسماه على مثل أن يكون أرضه شبرين يبني كل منهما على أعلى شبر مما يليه لنفسه فيكون قيمة الأعلى، وجملة الحائط على الشركة الأولى أو يقسمانه بعد انهدامه، فيأخذ كل واحد من أرضه حظه مما يليه.
قلت: فصفة قسمه عند اللخمي أن يقسم طولا لا عرضا، وقال أبو إبراهيم: ظاهر المدونة: قسمه طولا لا عرضا لقوله وكان ينقسم
قال: وأما عرضا فينقسم، وإن قل.
ابن فتوح: قال أحمد بن سعيد: صفة قسمه أن يقسم بخيط من أعلاه لأسفله فيقع جميع الشطر وجميع الشطر الواحد لواحد إلا أن يتفقا على قسمه عرضه على طوله.
وقال محمد بن أحمد،: قال عيسى بن دينار يقسم عرضا، يأخذ كل واحد نصفه لا ثلثه إن كان عرضه شبرين أخذ كل منهما شبرا مما يليه، ولا تصلح القرعة بمثل هذا، وابن القاسم رأى القرعة فيرسم كل بالصفة، وينزع بينهما فيكون لكل واحد حظه لناحيته، ولا تصلح القرعة فيه إلا كذا، والحائط بين رجلين يخاف سقوطه إن طلب أحدهما إصلاحه، وأبى الآخر.
ففي النوادر أجاب عنه لشجرة سحنون بقوله: بعض أصحابنا يرى أنه لا يجبر، وبعضهم يرى جبره أن يصلح أو يبيع ممن يصلح.
قلت: ظاهر ما يأتي لابن رشد أن الثاني هو المذهب، ومثله أيضا في النوادر قال: وروى ابن القاسم في المجموعة: يؤمر الآبي منهما أن يبني مع صاحبه.
قال: ولابن عبدوس عن ابن كنانة لا يجبر أحدهما على بنائه، ومن شاء منهما ستر على نفسه.
وقال ابن القاسم: يقال لمن أبى منهما: إما أن تبني أو تبيع ممن يبني أو تقاسم، ولابن حبيب عن ابن الماجشون: يجبر الآبي على البناء، وإن طلب قسم موضع الجدار فليس له ذلك، وسمع عيسى ابن القاسم في كتاب الأقضية: من له حائط، وهو ستره على جاره ليس له هدمه إلا لوجه يرى ألا يلتمس به ضررا.
ابن رشد: يتحصل في حكم بنائه إن انهدم أربعة، سمع عيسى ويحيى ابن القاسم إن سقط بسماوي أو بهدم خوف سقوطه لم يلزمه بناؤه مطلقا، وقيل لجاره: استر على نفسك إن شئت، وإن هدمه ليجبره، أو لمنفعة أجبر على بنائه إن كان له مال، وإلا فلا، وإن هدمه ضررا لزم بناؤه إن كان له مال، وإن لم يكن له مال بيع ممن يبنيه كالحائط بين الشريكين، ولابن حبيب عن الأخوين يجبر مطلقا كالحائط بين الشريكين وهو ظاهر قول سحنون في هذا السماع يجبر على كل حال، ولابن الماجشون في الثمانية كهذا، إلا أنه إن لم يكن له مال بيع من داره ما يبني به، فإن كانت بيده صدقة أو عمره ما فلصاحبه بناؤه وإتباعه دينا في ذمته.
ابن رشد: معناه عندي إن لم يسلم كراؤها لذلك، ورابعها قول أصبغ وروايته: لا يلزمه شيء على كل حال، وله هدمه وجعله عرضا.
قال ابن الحاجب: لو هدم الجدار أحد الشريكين، وفيه ضرر لزمه رده كما كان.
قلت: هو نص الروايات في هذا الباب.
وقال ابن عبد السلام: انظر هل يدخله الخلاف المذكور فيمن هدم حائط رجل أو داره تعديا، هل يلزمه أن يعيده على هيئته التي كان عليها؟ أو قيمة البناء قائما على الأصل في حكم إتلاف ما ليس بمكيل ولا موزون.
قلت: الأظهر عدم تخريج القول بالقيمة؛ لأنه قصد الضرر بإتلافه عين الجدار من حيث كونه جدارا لا بحيث كونه ممولا بدليل أنه أتلف ملكه فيه يوجب معاملته بنقيض مقصوده، وهو إلزامه إعادته وإتلافه الأجنبي لا دليل يدل على أنه أتلفه في هذه الحيثية إذ لا ملك له فيها.
قال سحنون: ما ثبت في النجم أو في الحبس بين أرضين من زرع أو غيره فهو بينهما، ولو اختلفت الزريعة.
ابن عات: قال غيره: وكذا الشجر، فإن غرس أحدهما فيه شجرة فله نصفها ونصف قيمتها مقلوعا.
وفي النوادر لابن سحنون عنه في جواب ابن حبيب: من أراد أن يجير حائطه من دار جاره ليس له منعه أن يدخل داره فيمن حائطه، وكذا لو رفعت الريح ثوب رجل فما نعته
في دار آخر لم يكن له منعه أن يدخل فيأخذه أو يخرجه له.
وفي طرر ابن عات: المشاور لمن له حائط بدار رجل الدخول إليه لافتقاده كمن له شجرة في دار رجل.
ابن فتوح: من ذهب لغير حائطه من ناحية دار جاره فمنعه من ذلك، فإن كان الحائط يحتاج إلى الطر كان له ذلك، وإن لم يحتج جاز له منعه.
قلت: وهذا كالمخالف لقول المشاور له الدخول لافتقاده.
ابن عات: وقيل: ليس له ذلك؛ لأن الطر يقع في هوى جاره، إلا أن ينحت من حائطه، ما يقع عليه الطر، ومن أراد أن يطر داخل داره وبجداره حائط ولجاره فيها فمنعه من ذلك لم يكن له ذلك؛ لأن له فيه نفعا ولا مضرة على جاره.
مسلم: عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يمنع أحدكم أن يغرز خشبة في جداره"، ثم يقول أبو هريرة: مالي أراكم عنها معرضين؟ والله لأرمين بها بين أكتافكم، وخرجه مالك في الموطأ.
وقال أبو داود: إذا استأذن أحدكم أخاه أن يغرز خشبة في جداره فلا يمنعه.
أبو عمر: روى إذا استأذن أحدكم جاره، وروي من سأله، والمعنى واحد.
قال يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب: سمعت من جماعة (خشبة) بلفظ الوحد.
الباجي: قال عبد الغني: كل الناس يقولون (خشبة) على الجمع غير الطحاوي قاله على التوحيد، والمعنى واحد.
أبو عمر: حمله مالك على الندب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه".
الباجي: روى ابن نافع أنه على معنى الوصية بالجار، وكان ابن الطيب يقضي به عندنا، وأراه على وجه المعروف، وإني أظنه لفي شك.
وقال ابن القاسم: لا ينبغي منعه، ولا يقضي به عليه.
وقال الشافعي وأحمد: هو على الوجوب إن لم يكن بذلك مضرة بينه، على رب الجدار، ويأتي على رواية زياد بالقضاء بالممر في أرض الرجل لجاره إن لم يضر به أن يكون في الجدار مثله، ويحمل الحديث على ظاهره ابن زرقون، وابن رشد، وقال ابن كنانة مثل الشافعي.
الباجي: وعلى قول مالك في لزومه له بمجرد إذنه ظاهر قول الأخوين، وابن القاسم وأشهب لمن أباح البناء في عرصته لرجل منعه قبل بنائه.
قال: وقال الأخوان: كلما طلبه جاره من فتح باب أو إرفاق بماء وطريق وشبهه، فهو مثل الغرز.
وفي جواز غرز جار المسجد أو الجامع فيه خشبة كغير المسجد، ومنعه فتوى ابن عات مع نقله عن الشيوخ، وفتوى ابن العطار وابن مالك ابن عات عن المشاور: ومن أراد أن يغلق بيتا في داره على حائط على جاره فله ذلك إن لم يضر بجاره، ولا يمنع، واختلف في التعليق على جدار المسجد والجامع كاختلافهم في الغرز.
وسمع ابن القاسم: من له خشبة في جدار رجل أدخلها بإذنه فوقع بينهما شحناء، فقال له: أخرج خشبتك من جداري، لم يكن له ذلك على وجه الضرر، فإن احتاج لجدره لهدمه أو لنفع به فهو أولى.
ابن رشد: ومثله سمع أشهب في كتاب العرية.
وقال في المدونة وغيرها: لمن أذن في بناء بأرضه أو غرس أن يأمره بإخراجه ويعطيه قيمة ما أنفق، فقال ابن لبابة وابن أيمن من الشيوخ: أنه اختلاف قول.
وقال سحنون: إنما فرق بينهما لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يمنعن أحدكم جاره"، الحديث.
يريد: لقول من حمله على الوجوب، ولابن حبيب روى الأخوان: ليس له إخراجه ولا هدم الجدار، ولو طال الزمان واحتاج إليها ولا وارثه ولا مبتاع إلا أن ينهدم، فإن أعاده
بعد هدمه فلا حق فيه للمعار إلا بإذن مستأنف، وكذا كل ما أذن فيه، وفيه عمل وإنفاق، وكذا الإذن في ماء بير أو عين لمن ينشئ عليه عملا أو غرسا، ولو شرط الرجوع متى شاء بطل الإذن قبل العمل، وبطل الشرط بعده، وما لا عمل فيه ولا كبير إنفاق كفتح باب أو طريق بأرض أو ماء لسبقه اشتفت أو لسقي شجر أنشئت قبل ذلك، فذهب ماؤها فله الرجوع فيمن أذن فيه إن لم يكن يحده بأجل فيلزمه بتمامه أو يكون المأذون له باع، وشرط لمبتاعه ما أذن له فيها فعلم الإذن فيلزمه، وقالوا فيمن أذن لرجل أن يسوق على أرض براء له، وللإذن لا رجوع له، وإن لم يتكلف المأذون له نفقة لإلزام عمر بن محمد بن مسلمة ذلك لعبد الرحمن بن عوف، واختار هذا ابن حبيب، وحكى عن أصبغ أن له الرجوع فيما أذن فيه ولو فيما تكلف فيه عمل، وإنفاق إن أتى عليه من الزمان ما يعار لمثله عادة، إلا من أذن له في غرس على مائة فليس له قطعة بعد غرسه.
قال: وهو على مذهب ابن القاسم فالأقوال ستة الآتي على قول ابن لبابة، وابن أيمن: لا رجوع للآذن إلا أن يحتاج، ولا رجوع وإن احتاج، والرجوع ولو لم يحتج، ويغرم للمأذون له فيما عمل قيمة نفقته، رابعها: قول أصبغ، وخامسها: الفرق بين غرز الخشبة وغيره لحديث: "لا يمنع أحدكم
…
"، وسادسها: الفرق بين ما تكلف المأذون له فيه نفقه ومالا، والاختلاف إنما هو في الإذن المبهم غير المصرح فيه بهبة ولا عارية، ويختلف إن غرس على مائة، وهو ساكت، ثم أراد قطعه، قيل: ذلك له بعد حلفه أن سكوته لم يكن رضى، وقيل: سكوته كالإذن فيجري على الاختلاف فيه.
قلت: وفي الكلام عليها في العارية زيادة، وإن تنازع جاران في جدار بينهما عمل على البينة، فإن عدمت فدليل البناء السالم عن المعارض، فإن عدم قسم على أصل التداعي العاري عن مرجح، والدليل في ذلك من أعلاه فقط، ولابن سحنون عنه لو كان حائط فوق آخر، وكل منهما لمن عنده إليه.
سحنون: ولو كان الكراء المعدة للرفع فيها مبينة مع أصل الحائط من جهة مدعيه غير نافذة.
ابن القاسم وغيره: لو كان محل خشب مدعيه عليه.
ابن عبد الحكم: ولو خشبة واحدة.
في كتاب ابن سحنون: إن كان لأحدهما محل خشب ولا عقد فيه لأحدهما فقد اختلف قوله فيه.
سحنون: وكذا بابه في حوزه والكوى النافذة للضوء.
ابن سحنون: ووجه كون البناء لأحدهما وظهره للآخر لغو.
ابن فتوح وغيره: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم حذيفة بن اليمان لرؤية معاقد الحيطان وقضى بذلك، ونقله ابن عبد السلام وقبله، ولا ينبغي.
قال عبد الحق: ذكر البزار من حديث مرهم بن مهران عن عمران بن جارية عن أبيه أن قوما اختصموا لرسول الله صلى الله عليه وسلم في خص، فبعث حذيفة بن اليمان يقضى بينهم، فقضى به للذي يليهم القمط، فلما رجع للنبي صلى الله عليه وسلم أخبره، فقال: أصبت أو أحسنت.
قال عبد الحق: دهثم متروك الحديث، وتعاض المتماثلين يسقطهما.
ابن سحنون: علته لو كان عقده إلى أحدهما من ثلاثة مواضع، وعقده للآخر من موضع واحد، فهو بينهما على عدد العقود، ولابن القاسم وسحنون: إن كان لأحدهما عشر خشبات وللآخر سبع، فهو بينهما ليس لأحدهما زيادة خشبة إلا بإذن صاحبه، فإن أبى أحدهما قيل له: بع ممن يبني إن سقط البناء.
الشيخ: يعني: بع دارك لا الحائط، فقط.
وفي المجموعة، وكتاب ابن سحنون عن أشهب، إن كان عقده لأحدهما وللآخر عليه جذوع فهو لذي العقد، ولذي الجذوع موضع جذوعه إن انكسرت خشبة فله جعل أخرى مكانها، وقاله ابن عبد الحكم.
أشهب: إن كان لأحدهما عليه عشر، وللآخر خمس فهو بينهما نصفان لا على العدد.
سحنون: قال أصحابنا: ولو كان لأحدهما عليه خشبة واحدة، وللآخر عشر فهو
بينهما نصفين.
ابن شعبان: وقيل: ليس هو بينهما نصفين، بل لكل واحد ما تحت خشبه، وبالأول أقول.
وقول ابن الحاجب: ويجلس الباعة في الأفنية للبيع - إلى قوله -: جائز بغير إذن، الكلام عليه المذكور في أثناء إحياء الموات، لقوله: ولا تحاز الشوارع بالبنيان، ولا يمنع الباعة منها، وعند قوله قبله: وحريم الدار المحفوفة بالموات، وقول ابن الحاجب هنا: والروشن وشبهه، والساقط مردود بالروشن الأجنحة، وهو قولها في كتاب القسم: من صارت الأجنحة في حظه فهي له، ولا تعد من البناء، وإن كانت في هوى الأفنية، وفي الصحاح الروشن: الكوة.
قال: والطريق المستدة الأسفل كالملك لأرباب دورها.
قال ابن هارون وابن عبد السلام: يعني أن الطريق المستدة لا يحدث أحد من أربابها فيها، ولا سباطا إلا بإذن الباقين، وقبلاه، ولا أعرفه لأقدم من أبي عمر بن عبد البر حسبما هو مذكور في إحياء الموات، وظاهر سماع أصبغ في الأقضية خلافه، ولم يقيده ابن رشد بالطريق النافذة فتأمله، وفي حريم البئر استيفاء ذلك.