الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[كتاب الاستحقاق]
والاستحقاق من تراجم كتبها، وهو رفع ملك شيء بثبوت ملك قبله أو حرية كذلك بغير عوض.
فيخرج العتق ومطلق رفع الملك بملك بعده، وما وجد في المقاسم بعد بيعه أو قسمه؛ لأنه لا يؤخذ إلا بثمن.
وحكمه الوجوب عند تيسير أسبابه في الرفع على عدم يمين مستحقه وعلى يمينه مباح كغير الربع؛ لأن الحلف مشقة.
فيها: ما هلك بيد مبتاعه بغير سببه فإن قامت بهلاك ما يغاب عليه ببينة فلا شيء عليه ولا يضمن.
اللخمي: إن ثبت الاستحقاق فقال المشتري: أبق العبد أو ذهبت الدابة أو ماتا قبل قوله في الحيوان: بتلف أو غيره.
وفي الموت إن سافر به ولا جماعة معه ولا يصدق في موته في حضر أو جماعة سفر.
قلت: تقدم استيفاؤه في الخيار قال: واختلف في السلع والطعام يدعي سرقته وشبة ذلك، فلابن القاسم في العتبية: لا يقبل وهو ظاهرها لقولها: يحلف لقد هلك ويغرم قيمته اليوم، ولمالك في مثل هذا لا يحلف قال: لو أحلفته ما ضمنته، وقال أصبغ: يقبل قول المشتري مع يمينه في ضياعه.
قلت: ما عزاه للعتبية هو سماع عيسى ابن القاسم.
ابن رشد: قوله: يحلف إذا ادعى تلف السلعة التي اشترى ويغرم قيمتها خوف أن يكون عيبا، ومثله يجب في المرتهن والمستعير والصانع.
وقوله: إن أتى ببينة على الهلاك لم يكن عليه شيء؛ معناه: أن تشهد البينة على معاينة هلاك ذلك، وهو ظاهر كتاب الخيار منها.
وقال محمد في الصانع: لو احترق بيته فيرى ثوب الرجل يحترق هو ضامن، وكذا الرهن حتى يعلم أن النار هو بغير سببه، أو سيل يأتي أو ينهدم البيت وشبهه، وتقدم حكم ما وهبه الغاصب، وتحصل ابن رشد فيه خمسة أقوال.
وقال المازري: فيه ثلاثة أقوال، قول ابن القاسم: يبدأ بطلب الغاصب إن كان مليا ولا يرجع على الموهوب له، فإن كان عديما فعلى الموهوب له، وفي الاستحقاق لغير ابن القاسم: يبدأ بالموهوب له؛ لأنه المنتفع.
وقال أشهب: الطالب بالخيار.
واستحقاق الأرض من غاصب قبل زرعه إياها واضح، وبعده لابن رشد في نوازل أصبغ في أكرية الأرضين وسماع يحيى في الغصب والاستحقاق ما حاصله: إن كان في الإبان ولا نفع في الزرع إن قلع فلربها جبره على إزالته أو أخذه مجانا.
محمد: ولا يجوز إبقاؤه للغاصب بكراء؛ لأنه بيع الزرع قبل بدو صلاحه فقبله الشيخ وابن رشد، وقال المازري: إنما هذا على أن من خير بين شيئين عد منتقلا وعلى أنه لا يعد منتقلا لا يتصور فيه بيع الزرع قبل بدو صلاحه.
ابن رشد: وإن كان فيه نفع فلربها جبره على إزالته.
وفي جبره على أخذه منه بإنفاقه في أرضه مجانا رواية ابن عبد الحكم والمشهور،
وعليه ليس لربه جبر ربها على قبوله مجانا؛ لأنه لا يجبر على قبول معروفه.
وفي صحة أخذه بقيمته مقلوعا قولان لظاهر كراء الأرضين منها، ودليل سماع سحنون في المزارعة.
الشيخ: لمستحقيها إبقاؤه لزراعة بكراء وبعد خروج الإبان.
فيها: مع نوازل أصبغ وغيرها لا يقلع ويلزم الغاصب الكراء.
ابن رشد: القياس أن له قلعه إن صلحت الأرض لقثاء أو بقل، وهو دليل قول ابن الماجشون والمغيرة لا يقلع إذا أسبل، وروى ابن عبد الحكم: يقلع ولو لم يقدر أن يزرع بعده؛ ومعناه: أن له نفعا بإجماع أرضه وإلا فهو مضار.
المازري: للداودي عن مالك رواية شاذة أن الزرع لرب الأرض وعليه النفقة، ومال إليها واحتج بحديث الترمذي قال صلى الله عليه وسلم:((من زرع أرض قوم بغير إذنهم فالزرع لرب الأرض وعليه ما أنفقه))، واحتج بأن من غصب أمة فولدت فولدت فولدها لرب الأمة، فقدر النطفة كالبذر، والنماء في بطن الجارية كالنماء في بطن الأرض، وورد هذا السؤال إلى المهدية وشيوخ الفتوى متوافرون، فأفتى أشهرهم وأفقههم منذ نحو ستين عاما بأن الزرع لرب الأرض، واحتج بما احتج به الداودي كأنه من عند نفسه، ووافقته أنا في فتواه.
واحتججت بأن الزرع نشأ عن الحب والأرض فكان يجب كون الزرع بينهما؛ لكن لا يعلم قدر ما لكل من البذر والأرض من التمنية في الزرع إلا الله تعالى، فخصت الأرض به؛ لأنها أرجح؛ لأنها لا تنتقل والحب ينتقل، ولأن تنميتها حلال وتنميتها حلال وتنمية الحب حرام، ثم أطال وتفاصح في الاحتجاج بمعنى قوله:} وَلَكُمْ فِى الْقِصَاصِ حَيَوةٌ {] البقرة:179 [بما تقرير حاصله الحكم بكون الزرع لرب الأرض أمر يوجب صون الأموال المحترمة عند العدا، وكل أمر يوجب صون الأموال المحترمة عن العدا واجب،
فالحكم بكون الزرع لرب الأرض واجب وبين الصغرى بمعنى قوله تعالى:} وَلَكُمْ فِى الْقِصَاصِ حَيَوةٌ {الآية] البقرة:179 [، وذكر بعض ما ذكره البيانيون من فصاحة الآية وعذوبتها وارتفاع مقامها عما كانت العرب تقوله بالعبارة القائلة: القتل أبقى للقتل، وبين الكبرى بالقياس على مدلول الآية في حفظ الدماء.
قلت: فتواه معهم بهذه الرواية مع اعترافه بشذوذها خلاف الأصول، وقياسه حفظ الأموال على حفظ الدماء يرد بما تقرر في أصول الفقه من أن حفظ الدماء آكد من حفظ الأموال.
واستحقاقها من غير غاصب مشتر أو ذي شبهة إن كان قبل حرثها فواضح، وإن كان بعده وقبل زراعتها ففي لغو حرثه كتزويق الدار وثبوت حقه فيه، نقل ابن رشد في سماع يحيى عن ابن القاسم عن أصبغ مع سحنون فيه.
وفي تذييلها محتجا بأنه كالجعفاء تسمن والصغير يكبر، وسماع يحيى ابن القاسم، وخرجها ابن رشد على قولي سحنون مع ابن الماجشون، وابن القاسم في الرجوع بقيمة السقي والعلاج.
قال: وقول ابن القاسم أصح، ويلزم على قول سحنون ألا يكون له في البناء إلا قيمته منقوضا مقلوعا وهو لم يقله ولا غيره فيما أعلم.
وفي السماع المذكور يخير المستحق في أخذه القليب بقيمته، فإن أبى قيل لفاعله: أغرم كراءها وإلا دعها ولا شيء لك.
ابن رشد: قوله: وإلا دعها ولا شيء لك على غير أصل قوله، ومقتضى قوله: إن أبى أن يكونا شريكين في كرائها ذلك العام، رب الأرض بقيمة كرائها غير محروثة ورب الحرث بقيمته.
وإن كان بعد زراعتها ففيها: ليس لمستحقها قلعه وعليه الصبر إلى إتمامه، فإن كانت تزرع مرة في السنة فليس له فسخ الكراء تلك السنة ووجب له كراؤها.
اللخمي: له الأكثر من المسمى أو كراء المثل؛ لأنه إن كان المسمى أكثر مضى العقد وإلا رده.
قلت: هو معنى نقل الشيخ عن ابن القاسم في المجموعة في مستحق الأرض سنين أو سنة وقد زرعت إن لم تنبت الزراعة، فله كراء تلك السنة وليس له فسخها، وهو مخير فيما بقي أن يجيزه أو يرده، وإن كانت تزرع السنة كلها فله الكراء من يوم تستحق ويخير فيما بقي، وإن فات الإبان فلا شيء له من كراء تلك السنة.
قال الشيخ واللخمي واللفظ له، وقال ابن الماجشون: إن ذهب أول الإبان فلمن استحقت منه قدر فضل الكراء أول الإبان، وللمستحق مناب الوقت الذي استحق فيه، فعليه إن كان الكراء أول الإبان دينارين وفي آخره دينار ونصف، كان للأول ربع المسمى وللمستحق الأكثر من ثلاثة أرباع المسمى أو من كراء المثل من يوم استحق، ولو خاصم المستحق في الإبان وحكم له بعد ذهابه، ففي كون الكراء للأول أو المستحق قولان، وخرجهما المازري على الخلاف في المترقبات: هل يعتبر الحكم بها يوم ثبوت سببها أو يوم حصوله؟ ومنها: من أعتق عبده في سفره فقدم فأنكره، وقدم من شهد عليه فحكم عليه هل يقدم الحكم يوم أعتق أو يوم ثبت، فيها اختلاف فيه، وقد يقال: إن كانت مخاصمة من استحق منه بماله وجه فالكراء له، وإن كانت بباطل واضح فهو لمستحقها.
وحضرت فتوى اللخمي لقاض فيمن دعت زوجها للبناء بها فأنكر النكاح فأثبتته، فإن كان خصام الزوج بتأويل وشبهة فلا يطلب بالنفقة أيام الخصام، وإن خاصمها بباطل واضح قضى لها بالنفقة.
وإن كانت تزرع بطونا في السنة ففيها: إن كانت تعمل السنة كلها فله من يوم يستحقها، فإن فسخ الكراء لزمه تمام البطن الذي هو فيها على حساب السنة وفسخ ما بقي.
اللخمي: إن استحقها في البطن الثاني فالأول للمشتري، ويجري الجواب في الثاني على ما تقدم إن كان زرع أو لم يزرع، إلا أنه هنا يقض ما ينوب البطن الذي هو فيه إذا مضى بعضه؛ لأنها تعمل كل وقت.
وقول ابن الحاجب: فإن كان في إبانها أو كانت تزرع بطونا فللمالك الخيار في أجرة
المثل من حين وجوبه أو نسبة ما بقي، تفسير للمذهب بقول عبد الملك، وهو وهم أو غلط، ثم قال: وغي الزرع سنين يفسخ أو يمضي، فإن أمضاه فله نسبة ما ينوبه كجمع سلعتين لرجلتين.
قلت: هذا الفرع واضح جريانه على أصول المذهب وفروعه، ولا أعرفه بعينه في الزراعة بل في كراء الدار.
في الاستحاق منها: من اكترى دارا سنة من غير غاصب فلم ينقده الكراء حتى استحقت الدار في نصف السنة، فكراء ما مضى للأول وللمستحق فسخ ما بقي أو الرضا به، فيكون له كراء بقية المدة، ونحوها قولها في أكرية الأرضين: من استأجر أرضا ثلاث سنين فزرعها ثم تهور بئرها؛ قوم العام الأول على قدر نفاقه وتشاح الناس فيه، ليس كراء الأرض في الشتاء والصيف واحدا.
فقل الصقلي في مسألة كتاب الاستحقاق: والتونسي لا يجيز الكراء حتى يعلم ما ينوب ما بقي إن كانت قيمة الشهور مختلفة، وإن أجاز قبل ذلك صار يجيز بثمن لا يعلم ما هو كجمع الرجلين سلعتيهما في البيع.
وزاد المازري: وهذا الأصل مختلف فيه، منعه ابن القاسم، وكذا جمع الرجلين سلعتيهما في البيع، وعليه خرج الأشياخ الخلاف في المسألة.
وقال بعض أشياخي: ليست هذه المسألة من هذا الأصل؛ لأن هذا إذا أجاز عقد سلعتيهما في البيع، وعليه خرج الأشياخ الخلاف في المسألة.
وقال بعض أشياخي: ليست هذه المسألة من هذا الأصل؛ لأن هذا إذا أجاز عقد الكراء صار العاقد كوكيل، والوكيل له أن يبيع بثمن لا يعرف قدره الموكل لا سيما على أن المتراقبات إنما يقدر وقوعها يوم أسبابها.
وفيها: من اكترى أرضا للبناء أو الغرس من مبتاعها واستحقت بعدهما فلربما إمضاء كراء بقية المدة، فإن أمضاه كان له مناب كراء بقية المدة وأمره بقلع البناء والغرس أو أخدهما بقيتهما مقلوعين وله فسخ كراء بقية المدة وأمره بقطعهما أو أخذهما بقيمتهما قائمين، فإن أبى من أخدهما قيل للمكتري: أعطه قيمة أرضه، فإن أبى كانا شريكين.
عبد الحق: قيمتها قائمين إنما هو على أن يقلعا إلى وقت الكراء، وكذا إذا وجبت
الشركة بقيمتهما، وقاله غير واحد من شيوخ بلدنا.
الصقلي: انظر كيف تقويم البناء على القلع إلى عشر سنين.
فإن قلت: بكم يبني مثله على أن يقلع إلى عشر سنين؟ فالقيمة لا تختلف، سواء قال: إلى سنة أو عشرين سنة، ولذلك قال ابن القاسم: يدفع إليه قيمة البناء قائما ولم يحده بوقت، وإنما يصح ذلك على تأويل ابن حبيب القائل معنى ذلك قائما هو ما زاد البناء في قيمة الأرض، يقال: عليه كم قيمة الأرض براحا، فإن كانت مائة فقل: كم قيمتها بهذا البناء على أن يقلع لعشر سنين، فيقال: مائة وخمسون فعلم أن قيمة البناء خمسون.
وعلى تأويل قول ابن القاسم يقال بكم يبني مثل هذا البناء، فيقال: خمسون أو مائة، فهذه قيمة البناء.
قلت: هذا صواب جار على أصل المذهب، وتفسير قيمة البناء قائما حسبما تقدم في كتاب العارية فتذكره.
ولما ذكر التونسي لفظ المدونة إلى قوله: فإن أبيا كانا شريكين.
زاد: ثم رجع المكنزي بما بقى له من الكراء على المشتري، وهذه الزيادة لم أجدها في الأم ولكن الأصول تقتضي صحتها.
ثم قال التونسي: فانظر هل للمكتري منفعة بتقويم غرسه وبنائه على بقائه لعشر سنين، فيصير قد انتفع بعض انتفاع بأرض الذي أكراها، فكيف يرجع على المشتري بجميع كراء ما بقى مع انتفاعه بالكراء الذي اكترى منه.
فإن قيل: إذا قومت له البناء على أنه باق في الأرض إلى الأمد كنت أخذت من رب الأرض جزءا من أرضه.
قيل: إنما له قائما لدخوله بوجه شبهة، فإذا امتنع رب الأرض من ذلك أعطى قيمة أرضه كاملة لا بناء فيها فلم يظلم، فكذا إن امتنع أشركت بينهما على أن أرضه كلها تقوم له، وقيمة بناء الثاني على أنه في الأرض إلى الأمد، فصار ذلك الجزء مقوما مرتين، فلم يتضرر واحدا منهما.
قلت: حاصله أنه فسر قيمته بأنها على بقائه في الأرض إلى الأمد المذكور لا بما تبنى به خلاف ما تقدم للصقلي، وقول الصقلي هو الصواب حسبما تقدم.
المارزي: أكثر متأخري الأشياخ في القدح في قولها: أعطى قيمة البناء والغرس قائما.
فذكر ما تقدم للتونسي من أنه يوجب كونه: أخذ ثمن ما اكتراه مرتين، ولم يتعرض لجواب التونسي.
قال: وبأنه يصير قد قوم له ما لا يملكه وهو جزء من الأرض الذي يطل عقد كرائه فيها، ثم قال: إذا قلنا إن مستحق الأرض من المبتاع يعطيه قيمة البناء والغرس قائما، فأما المكتري فمحمل قوله فيها قائما إلى مدة الكراء لا إلى الأبد؛ لأنه لم يدخل على تأييد البناء.
قلت: وهذا التزام للسؤال وأن المستحق من يده إن كان مشتركا يكون له مع قيمة بنائه قائما محله من الأرض؛ لأنه عليه وضع بناءه، وهذا شيء لا أعرفه لأحد من أهل المذهب غير هذا الذي ذكره المارزي، ثم قال: وقد يقال عندي في دفع الاعتراض إن مستحق الأرض لما كان قادرا على إلزام الباني والغارس قيمة أرضه براحا كان عدوله عن ذلك رضا بما دخلا عليه من كون البناء والغرس في المشتري على التأييد، وفي المكتري على تمام المدة.
قلت: قوله: أنه إن كان قادرا على إلزامهما قيمة أرضه براحا وهم لا يليق بطبقته في فقه المذهب، وكل هذا تخليط.
والصواب ما تقدم للصقلي حسبما قررناه.
***** في بناء المشتري *****: قيمته قائما على ما تقدم تفسيره في العارية.
المارزي: وذكر شيخنا عبد الحميد أنه قيل فيمن بني بوجه شبهة: إن قيمة بنائه منقوصا وأظنه أنه عن شيخه أبي القاسم السيوري.
ونزلت هذه المسألة بشيخنا أبي عبد الله بن الحباب استحق منه جنة قد أحدث فيها من اشتراها منه بناء معتبرا، فحكم عليه الفقيه أبو إسحاق بن عبد الرفيع بقيمة
البناء منقوضًا مقلوعا، فاشتكى ذلك بعد موت الحاكم المذكور، فوقع في قضيته ما ذكرته في كتاب الأقضية، وكان أهل الإنصاف والمعرفة ينسبون القاضي للحكم بالشاذ الذي نقله المارزي، وكان هذا وأنا في ابتداء الطلب قبل تمكيني من الوقف على البيان والتحصيل والنوادر، ثم تمكنت من مطالعتها، فوجدت الصواب ما حكم به الحاكم؛ لأن المنصوص حسبما أذكره أن البناء إذا كان من بناء الملوك وذوي الشرف أن القيمة فيه منقوضا مقلوعا.
فقال لي الفقيه أبو القاسم الغبريني: لو كان كذلك لضمنه في تسجيل حكمه بذلك، فقلت له: إنما ذكرت هذا لقصور من انتصب لإمضاء حكم الحاكم المذكور، ولم يعتل إلا بأنه من قضاة العدل الذين لا ينبغي أن تتعقب أحكامهم وسأذكرها في كتاب الأقضية إن شاء الله تعالى.
والمنصوص هو سماع القرينين: من ابتاع دارا وعمرها ثم استحقت منه فلو ما أنفق فيها فيما عمر من عمل الناس، فأما بنيان الأمراء فلا أدري ما هو.
ابن رشد: تضعيفه أن يكون له رجوع فيما بنى من بنيان الأمراء صحيح؛ لأنه أتلف ماله فيما لا يسوغ له من السرف المنهي عنه.
قلت: وذكرها الشيخ في نوادره وزاد: ورواها ابن نافع في المجموعة، وقال: قال ابن نافع: إنما يغرم قيمة ما عمر لا ما أنفق كان البناء قليلا أو كثيرا، جيدا أو رديئا.
قلت: في حمل قول ابن نافع قليلا أو كثيرا على خلاق قول مالك في بناء الملوك نظر، وعدم نقله ابن رشد خلافا يرجح كونه وفاقا.
ومعروف المذهب أن رب الأرض إذا امتنع عن دفع قيمة البناء والغرس خير الباني والغارس في إعطائه رب الأرض قيمتها، فإن أبيا كانا شريكين في الأرض وعماراتها.
وقال المارزي: وروي عن مالك أنه إن أبى المستحق من دفع قيمة العمارة خير الباني والغارس على دفع قيمة الأرض، بناء على أنه بما أحدثه في الأرض قد فوتها به.
قلت: كذا ذكر المارزي هذه الرواية، وقال ابن رشد في رسم سماع القرينين في
مسألة بناء الملوك: وقيل: إن أبي المستحق من دفع قيمة البناء كانا شريكين، ولم يكن للمشتري أن يعطي رب الدار قيمة النفقة ويخرجه منها، والقولان في آخر كتاب الغصب منها، وهذا عك نقل المارزي، فإن صح نقلاهما فالأقوال ثلاثة.
المارزي: وفي كون قيمة البناء أو يوم المحاكمة قولان.
قال ابن مسلمة: إنما يعطي قيمة ما زادت قيمة بنائه وغرسه في قيمة الأرض براحا.
وواطئ أمة لغيره غير ابن له عمدا يحد وولدها رق لربها غير لا حق بالواطئ إن علم غصب إياها أو علمه أنها لغيره ككونه مرتهنا لها، أو إقراره بأنها لغيره قبل وطئه إياها، فإن استحقت من مبتاعها وقد نقصها افتضاضه، ففيها: لا شيء عليه.
عبد الحق: بخلاف نقص الثوب يلبسه، لأنه يذهب منه جزءا، وبخلاف مبتاعها يردها بعيب بعد افتضاضه؛ لأنه مختار في ردها وإن كان قد أولدها.
وقال سحنون: عليه ما نقصها واحتج باللبس وبردها بعيب، قال اللخمي.
فقال المازري: الأصل اتباعهم الأم على القول باسترقاقها كان يجب استرقاقه إياهم؛ لكن منع كون الواطئ إنما وطئها على حرية ولده منها، فوجبت حريته وقيمته، وقيمة بدل استرقاقه.
وفي ***** يوم الحكم أو الولادة، مشهور المذهب مع الأكثر وقول المغيرة، وفيها مع غيرها، واللخمي: إن ضرب رجل بطنها فألقت جنينا ميتا فعلى الضارب الغرة للأب، وعلى الأب الأقل منها ومن عشر قيمة الأم، وإن ولدته حيا ثم مات لم يكن على الأب شيء، وإن قتل خطأ فعلى قاتله ديته منجمة ثلاث سنين، وعلى الأب الأقل منها ومن القيمة يوم القتل، فإن استحقت قبل أن يقبض الأب شيئا لم يغرم حتى يقبض فيقض الأب الدية فلا شيء للمستحق على العاقلة؛ لأن المقال عليها بالحرية، والمقال على الأب بالرق، وإن قتل عمدا فللأب القصاص أو العفو ولا مقال للمستحق على القاتل ولا على الأب، وإن صالح على أقل من الدية فللمستحق الأقل
من ذلك ومن قيمته يوم القتل.
قال المارزي: إذا قتل الأب قاتله فلا شيء عليه، ولا على قول أشهب القائل للولي جبر القاتل على الدية؛ لأن الدية عنده ليست حقا متعينا، بل الولي ملك التخيير في إلزامها القاتل ومن ملك أن يملك لا يعد مالكا على قول.
قلت: فيلزم التخريج على القول أنه لا يعد مالكا.
قلت: قال عبد الحق: لو عفا الأب عن قاتله على أقل من الدية فلابد القاسم في المجموعة: فعلى الأب الأقل من ذلك ومن قيمته يوم القتل، فإن كان ما أخذ أقل من القيمة تبع القاتل بتمام القيمة، ولو عفا على غير شيء فلا شيء على الأب ويتبع المستحق القاتل بالأقل من قيمة الولد يوم القتل أو الدية، واحتج بمتقدم قول ابن القاسم في المجموعة.
وقال ابن سلبون: لا شيء للمستحق على القاتل لقولها في كتاب الديات: عفو البنين على غير شيء جائز على البنات؛ لأن القتل لهم دون البنات كالأب مع المستحق.
قلت: يفرق بأن أصل حق البنات غير مالي إنما هو دم، وأصل المستحق حق مالي.
اللخمي: كل هذا على القول بأن القيمة يوم الحكم وعلى أنها يوم ولد لم ينظر إلى موته ولا إلى قتله عمدا أو خطأ ولا إلى ما أخذ قليلا أو كثيرا؛ لأن القيمة ثابتة عليه وإن لم يأخذ شيئا.
وقال أشهب: دية الخطأ فيه لأبيه ولا شيء عليه، وقول مالك احسن؛ لأن الدية ثمن الرقبة فليس له أخذهما دون غرم.
ولو قطعت يد الولد خطأ فلمستحقه على أبيه يوم الحكم أقطع مع الأقل من ديتها، وفضل قيمته أقطع، ثم في كون ديتها له أو للولد.
نقل اللخمي عن ابن القاسم وقول سحنون مرة وله أخرى: إنما للولد فضل ديتها على مناب نقصه، وثالثها: له الوقف فيهما.
قلت: فهو رابع: ونقله عن أشهب، دية اليد للابن ولا شيء على الأب على أصله في قتله خطأ، خامس: وعزاه عياض أيضا لابن وضاح عن سحنون.
وفيها: كون فضل دية اليد على مناب نقصها من الولد هو للأب.
قال عياض: هو طرحه الشيخ من اختصاره وأثبته غيره وهو في الأصول، وتأول بعضهم قوله: هو للأب؛ أي: النظر فيه للأب لولده لصغره لا أنه ملك له واستدل بقوله أول المسألة إذا قطعت يد الولد فأخذه الأب نصف دية ولده.
وفي تعليق حق مستحقها بقيمتها أو عينها اضطراب
في النوادر: روى ابن القاسم في الموازية لربها أخذها وقيمة ولدها، ورجع في المجموعة إلى أخذ قيمتهما معاً، واجتمع ابن القاسم وأشهب على الأول، أشهب عليه جماعة الناس، وهو قول علي رضي الله عنه، ثم رجع مالك إلى أخذ أمته فقط إلا أن يكون في إسلامهم ضرر، ثم رجع إلى القول الأول، ابن كنانة وبقي عليه حتى مات.
وذكر ابن حبيب الرواية الثانية وقال: بها أخذ المصريون من أصحابه مع مطرف، ثم رجع إلى أن ليس عليه إلا قيمتها يوم وطئها، وبه أخذ ابن دينار وابن الماجشون وابن أبي حازم وابن كنانة وبه أقول.
زاد المازري وغيره: وبه أفتى لما استحقت أم ولده إبراهيم، وعبر عنه ابن رشد في نوازل عيسى من كتاب الغصب: وبه حكم عليه في استحقاق أم ولده.
قلت: ذكر عياض الأولين قال: وهما بينان في المدونة، والثالثة: أخذ قيمتها فقط.
وفي أخذا من الكتاب اضطراب من الشيوخ.
قال ابن أبي زمنين في بعض رواياتها: إلا أن يكون ذلك ضرر على سيدها فترد إليه، والذي في أصول شيوخنا وروايتنا عنهم يأخذ قيمة الجارية؛ لأن في ذلك ضرراً على المشتري.
قال ابن أبي زمنين: وهو أصح وأقرب إلى ما قاله مالك.
عياض: ليس في هذه الرواية بعد على أصل مالك مثل أن لا يكون على الوالد في ذلك كبير عار لموت الولد، أو لكونه من ذوي الأعذار، وربما كان المستحق لها له بها تعلق وكلف فتغلب ضرورته؛ لأنه مالكها على ضرر من ليس بمالك، واعتمد على هذا بعض شيوخنا.
قال أبو عمران: أو يكون المستحق منه عديماً بالقيمة، فإن حكمنا بها لربما ولم يأخذ منه شيئاً أضررنا به.
قلت: ففي تعلق حقه بقيمتها مع قيمة ولدها أو بعينها معها مطلقاً، أو ما لم يضر ذلك بمشتريها أو إن أضر ذلك بربها، خامس الروايات: بقيمتها فقط، وسادسها: بعينها فقط ما لم يضر ذلك بمشتريها، ولو رضي ربها بأخذ قيمتها ففي جبر مبتاعها على ذلك وبقاء الخلاف فيه قول ابن القاسم في قسمها مع الصقلي عن محمد عنه، وعن أشهب: هذا خطأ وإنما كنت أقول: لو قلت بهذا عليه قيمتها يوم أحبلها، ثم لا قيمة له في ولدها؛ لأنه في ملكه ولد.
اللخمي: ولو أسقطت حاملاً فعلى أن له أخذها تؤخر لوضعها فيأخذها وقيمة ولدها، فإن أسقطت أو ماتت فلا شيء على الأب، وعلى أخذ قيمتها يأخذ قيمتها الآن على ما هي عليه ولا ينتظر وضعها، وعلى القول الآخر ليس له إلا أخذ قيمتها يوم حملت، فإن ماتت قبل المحكمة لم يسقط عنه القيمة.
فعلى قوله: القيمة يوم حملت، هي على حكم أم الولد من أول حملها، وعلى أن القيمة قيها يوم الحكم يختلف فيها على قول أشهب: لا تكون أم الولد أم ولد إلا بولد بعد الابتداء؛ لأنه اجاز أن يسلمها إن أحب، وعلى قول ابن القاسم يجبر على دفع القيمة يترجح القول فيها، فيصح أن يقال تكون أم ولد قياسياً على أن لولدها في بطنها حكم الأحرار.
وفي نوازل سحنون من أمهات الأولاد: من اشترى جارية فأولدها فاستحقها رجل فدفعها إليه الذي أولدها، ثم استراها منه إن كان دفعها له بحكم قاض، فلا تكون أم ولد إلا بإيلاد مستقبل، وإن دفعها له صلحاً جون قضاء كانت أم ولد بإيلادها أولاً.
ابن رشد: هذا بين؛ لأنها وجبت لها حرمة الإيلاد فلا تنتقض إلا بحكم؛ لأنه يتهم على إبطال ما وجب لها من الحرمة.
وفيها من ابتاع أمة فوطئها وهي بكر أو ثيب ثم استحقت بحرية فلا شيء عليه
لوطئه؛ لا صداق ولا ما نقصها، ورواه عن مالك الصقلي.
وقال المغيرة: إن استحقت بحريةٍ فلها مهر مثلها.
اللخمي: وهذا أبين، وعزو ابن عبد السلام القولين للمدونة لا أعرفه، ولا من عزا قول المغيرة للمدونة.
وفي أثناء الحبس من أحكام ابن سهل، وفي مسائل ابن زرب: ومن ورث مالاً فاستحق حبساً على قول ابن القاسم لا خراج عليه، ونزلت بقرطبة فقضي بهذا فيها، وعلى قول سحنون عليه الخراج.
ابن سهل: قول ابن القاسم المشار إليه هو قوله في «المدونة» : من اشترى بكراً فوطئها وذكر المسألة، وقال سحنون: ينبغي أن يكون عليه ما نقصها.
وسمع عيسى ابن القاسم: من اشترى عبداً فخارجه واستخدمه، ثم استحق حراً لا يتبع المبتاع بغلةٍ ولا كتابةٍ، وتقدم قول ابن رشد فيها في فصل غلة المستحق.
ولما ذكر الصقلي قول ابن القاسم لا صداق على الواطئ: قال: وكذا يقول لو اغتلها إن الغلة للمشتري/ والأشبه أن لا غله له؛ إذ لا ضمان عليه فيها؛ لأنها لو ماتت رجع بثمنها، والإيلاد في فوت المستحق به أشد من العتق؛ لأنه مظنة للمستحق منه أو ولده.
وسمع ابن القاسم: من غصب أم ولدٍ فماتت عنده غرم قيمتها أمةً.
الشَّيخ: لا شيء عليه كحرة غصبها فماتت بغير سببه.
ابن رشد: الأول أصوب؛ لأن حكمها حكم الأمة.
وعن مالك: من غصب حراً فباعه فكلف طلبه ففقده غرم قيمته، ونزلت بطليطلة فأفتى أهل العلم بهذه الرواية فحكم بها ابن بشير، ومنه من غصب جلد ميتةٍ ففيها: عليه قيمته ولو لم يدبغ، ولمالك في «المبسوط»: لا شيء عليه وإن دبغ، وقيل: إلا أن يدبغ ففيه القيمة، وقيل: إن دبغ فلا شيء فيه إلا قيمة الصنعة، وهذا يأتي على ما في سرقتها، والصواب أن فيه قيمة الانتفاع
وفيها: من بني داره مسجداً ثم استحقها رجل فله هدمها، كمن ابتاع عبداً فأعتقه