المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[كتاب الوكالة] الوكالة: نيابة ذي حق غير ذي إمرة، ولا عبادة - المختصر الفقهي لابن عرفة - جـ ٧

[ابن عرفة]

فهرس الكتاب

- ‌[كتاب الشركة]

- ‌ باب صيغة الشركة [

- ‌ باب في محل الشركة [

- ‌[باب في شركة عنان]

- ‌[باب معنى الخلط في الشركة]

- ‌[باب في شروط شركة الأبدان]

- ‌[باب شركة الوجه]

- ‌[باب في شركه الذمم]

- ‌[كتاب الوكالة]

- ‌[كتاب الإقرار]

- ‌[باب المقر]

- ‌[باب المقر له]

- ‌[باب صيغة ما يصح الإقرار به]

- ‌[كتاب الاستلحاق]

- ‌[باب مبطل الاستلحاق]

- ‌[كتاب الوديعة]

- ‌[باب المودع]

- ‌[باب المودَع]

- ‌[باب شروط الوديعة]

- ‌[كتاب العارية]

- ‌[باب المستعير]

- ‌[باب المستعار]

- ‌[باب في صيغة العارية]

- ‌[باب المخدم]

- ‌[كتاب الغصب]

- ‌[كتاب التعدي]

- ‌[باب في المغصوب]

- ‌[كتاب الاستحقاق]

- ‌باب التعدي

- ‌[باب الفساد اليسير والكثير في التعدي]

- ‌[كتاب الشفعة]

- ‌[باب الأخذ بالشفعة]

- ‌[باب الموجب لاستحقاق الشفيع الأخذ بالشفعة]

- ‌[باب الشريك الأخص والأعم]

- ‌[باب المشفوع عليه]

- ‌[كتاب القسمة]

- ‌[باب قسمة المهانات]

- ‌[باب في قسمة التراضي]

- ‌[باب في قسمة القرعة]

- ‌[باب المقسوم له]

- ‌[باب ما يحكم فيه ببيع ما لا ينقسم]

- ‌[كتاب القراض]

- ‌[باب في عمل القراض]

الفصل: ‌ ‌[كتاب الوكالة] الوكالة: نيابة ذي حق غير ذي إمرة، ولا عبادة

[كتاب الوكالة]

الوكالة: نيابة ذي حق غير ذي إمرة، ولا عبادة لغيره فيه غير مشروطة بموته،

ص: 54

فتخرج نيابة إمام الطاعة أميرا أو قاضيا أو صاحب صلاة والوصية، ولا يقال النيابة في حق ذي إمرة وكالة لقول اللخمي تجوز الوكالة في إقامة الحدود؛ لأن إقامة الحد مجرد فعل لا إمرة فيه، هذا ظاهر استعمال الفقهاء، وجعل ابن رشد ولاية الأمراء وكالة، ونحوه قول عياض استعمل لفظ الوكالة في عرف الفقهاء في النيابة خلاف ذلك، ومن تأمل وأنصف علم صحة ما قلناه؛ لأنه المتبادر للذهن عرفا، ويأتي لهم الفرق بين قوله: فلان وكيل أو وصي، ويحتمل أن يقال النيابة مساوية للوكالة في المعرفة فتعرفها بها دور، فيقال: هي جعل ذي أمر غير إمرة التصرف فيه لغيره الموجب لحوق حكمه فاعله

ص: 56

كأنه فعله فتخرج نيابة إمام الطاعة أميرا أو قاضيا أو إمام الصلاة لعدم لحوق فعل النائب في الصلاة الجاعل، والوصية للحوق حكم فاعله غير الجاعل.

وقول ابن الحاجب: هي نيابة فيما لا تتعين فيه المباشرة يبطل طرده بما ذكر خروجه وأداء واجب عن الغير لا بأمره كقضاء دين عنه بغير أمره ونحوه، وأبطله ابن هارون بالنيابة في المعاصي كالسرقة والغضب وقتل العدوان، وعزه في ذلك قول ابن شاس: لا تصح في المعاصي كالسرقة وقتل العمد العدوان، ويرد بمنع صادقية النيابة على ذلك؛ لأن الاستقراء والاستعمال يدل على أن شرط النيابة استحقاق فاعلها فعل ما وقعت النيابة فيه، وبأنه إن جعل الإنسان غيره فاعلا أمرا إن كان يمتنع أن يباشره أو لا حق له في مباشرته فهو أمر، وإن صحت مباشرته وكان له فيها حق فهو نيابة، فجعل الإنسان غيره يقتل رجلا عمدا عدوانا هو أمر لا نيابة، وجعله يقتل قصاصا له نيابة ووكالة.

وقال ابن عبد السلام: ظاهر لفظه أنه سلك به مسلك الرسوم كعادته في أوائل الكتاب، والأقرب أنه لم يرد هذا، وأن معنى الوكالة وهو جلي وهو النيابة لا تحتاج إلا تفسير اللفظ فقط لا إلى حد ولا رسم، وإنما يحتاج إلى محل الوكالة فيكون مقصده بيان ما يصح فيه الوكالة؛ ولذا قال الجوهري: والوكيل معروف.

قلت: قوله أولا: ظاهره أنه رسم مناقض لقوله ثانيا: الأقرب أنه لم يرده؛ لأن الظاهر أقرب للفهم من ظاهره، فجعل نقيضه أقرب يناقصه.

وقوله: لا يحتاج إلا إلى تفسير اللفظ باللفظ نص منه في تعريف لفظي، وحمله على ذلك لا ينجيه من التعقب؛ لأن شرط التعريف اللفظي اتحاد مدلول اللفظين وهما هنا متغايران؛ لأن مدلول النيابة أعم من مدلول الوكالة لصدق النيابة على ما لا تصدق عليه الوكالة، فإن النيابة تصدق على نيابة إمام الطاعة فيما ذكرناه وعلى الوصية، ولا تصدق الوكالة على شيء من ذلك، فصار ذلك كمن عرف القمح التعريف اللفظي بقوله: هو الحب المأكول.

وحكمها لذاتها الجواز، ورواه أبو داود عن جابر بن عبد الله قال: أردت الخروج إلى خيبر فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه وقلت: أردت الخروج إلى خيبر، فقال "إذا أتيت وكيلي فخذ منه خمسة عشر وسقا، فإن ابتغى منك آية فضع يدك على

ص: 57

ترقوته"، وصححه عبد الحق بالسكوت عنه، وتعقبه عليه ابن القطان بأنه من رواية ابن إسحاق.

وقال ابن عبد الحق فيه: في كتاب الصلاة رماه مالك بالكذب، وقال: نحن نفيناه من المدينة، وتعرض لها سائر الأحكام بحسب متعلقها كقضاء دين تعلق لا يوصل إليه إلا بها والصدقة والبيع المكروه والحرام ونحو ذلك، وحكى المازري الإجماع على جوازها.

[باب فيما تجوز فيه الوكالة]

اللخمي: تجوز الوكالة فيما تصح فيه النيابة البيع والشراء والجعل والإجارة واقتضاء الدين وقضاؤه وعقد النكاح والطلاق وإقامة الحد وبعض القرب، وتبعه المازري إلا أنه أضاف ذلك للنيابة لا الوكالة، ولا تجوز النيابة في أعمال الأبدان المحضة كالصلاة والطهارة، وكذا الحج إلا أنه تبعد الوصية به، وينقض قوله في أعمال الأبدان المحضة بقولها مع غيرها في العاجز عن الرمي لمرضه في الحج يرمي عنه.

ابن شاس: لا تجوز الوكالة في العبادات، ولا في المالية كأداة الزكاة وفي الحج خلاف، وتقدم للمازري القول فيه من حيث الوصية به لا الوكالة عليه.

ابن شاس: ولا يجوز في المعاصي كالسرقة ويلحق بالعبادة الشهادات والأيمان واللعان والإيلاء منها.

قال ابن الحاجب وابن شاس: وتجوز في الكفالة كالحوالة والبيع.

ابن عبد السلام: أي يجوز أن يوكل من يتكفل عنه في حق من وجب عليه.

قلت: فيه نظر؛ لأن الوكالة إنما تطلق حقيقة عرفية فيما يصح للموكل مباشرته وكفالة الإنسان عن نفسه ممتنعة فتأمله، وقال ابن هارون: هو أن يوكله على أن يتكفل عنه لفلان بما على فلان، وهذا أقرب من الأول؛ لأن الموكل هنا في المثال يصح منه الفعل، وينبغي أن يزداد فيه أنه كان التزام لرب الدين الذي على فلان أنه يأتيه بكفيل به

ص: 58

عنه بحيث يكون الإتيان بالكفيل حقا على الموكل المذكور.

قال ابن شاس: ولا تصح بالظهار؛ لأنه منكر من القول وزور، وخرج عليه ابن هارون الطلاق الثلاث.

وقال ابن عبد السلام: الأقرب عندي في الظهار أنه كالطلاق؛ لأنه إذا قال الوكيل زوجة فلان موكلي على هذا هي عليه كظهر أمه هي كقوله امرأة موكلي طالق عليه، وذلك أن الظهار والطلاق إنشاء مجرد كالبيع والنكاح، وأما اليمين فمتضمنة للخبر عن فعل عند الموكل، ولا يدري الوكيل حقيقة ما حلف عليه.

قلت: قوله ولا يدري الوكيل ما حلف عليه، يرد بعلمه ذلك بإخبار موكله بذلك، ويرد قياسه الظهار على الطلاق وجمعه فيه بمجرد الإنشاء بالفرق بأن الطلاق يتضمن إسقاط حق للموكل بخلاف الظهار، والاستقراء يدل على أن كل ما فيه حق للموكل أو عليه غير خاص به جاز فيه التوكيل وما ليس كذلك لا يصح.

وقوله: غير خاص به، احترازا ممن وجبت عليه يمين لغيره فوكل غيره على أدائها فإنه حق عليه فلا يجوز فيه التوكيل؛ لأن حلف غيره غير حلفه فهو غير الحق الواجب عليه.

ص: 59

وفي نوازل أصبغ: تصح على الإقرار نصا، ولم يحك ابن رشد فيه خلاف.

ابن عات: في الكافي لأبي عمر: جرى العمل عندنا أنه إذا جعل الموكل لوكيله الإقرار لزمه ما أقر به عند القاضي، وزعم ابن خويز منداد أن تحصيل مذهب مالك أنه

ص: 60

لا يلزمه إقراره وهذا في غير المفوض إليه.

قال: واتفق الفقهاء فيمن قال: ما أقر به على فلان فهو لازم لي أنه لا يلزمه، وقبله ابن عات.

فإن قلت: ما نقله عن اتفاق العلماء أنه لا يلزمه هل هو خلاف قول أصبغ الذي تلقاه أهل المذهب بالقبول أم لا؟

قلت: ظاهر قول ابن عبد السلام إثر نقله قول أصبغ هذا معروف المذهب، وقال أبو عمر: إلى آخر كلام ابن خويز منداد أنه خلافه، والأظهر أنه ليس بخلاف؛ لأن مسألة أصبغ نص فيها: على توكيله على الإقرار عليه وهو ملزوم لجعله قوله كقوله، ومسألة ابن خويز منددًا إنما صدر منه أن ما أقر به فهو لازم له، فصار ذلك كقوله ما شهد به على فلان حق، وهذا لا يلزمه حسبما يذكر في موضعهن.

وفي نوازل أصبغ: تصح الوكالة على الخصام دون جعل الموكل توكيله إقرارًا عنه، ويقبلها الحاكم ويحكم له وإن لم يجعل له فيها إلا المدافعة.

ابن رشد: هذا خلاف ما ذهب إليه ابن العطار أنها لا تقبل على الخصام حتى يكون فيها الإقرار والإنكار، ونزلت فقضى فيها ألا تقبل حتى يحضر مع وكيله ليقر بما يوافقه عليه خصمه أو يكون في وقت الحكم قريبًا من مجلس القاضي، وذكر المتيطي قول ابن العطار غير معزو وكأنه المذهب، وقال: هذا هو المشهور وبه العمل عند القضاة والحكام، ويظهر من فعل بعض من تقدم من القضاة بتونس أنه يقبلها دون إقرار فيها إلا أن يطلب الخصم حقه في شرط الإقرار، وكما قاله بعضهم في توجه اليمين دون خلطة إلا أن يقوم بذلك المدعي عليه.

قال ابن الحاجب: والمعتبر الصيغة وما يقوم مقامها.

ابن عبد السلام وابن هارون: ما يقوم مقامها كالإشارة في حق الأخرس.

وقال ابن شاس: معلومًا بالنص أو عموم اللفظ أو بالقرائن أو العادة.

قلت: قوله: أو بالعادة كقولنا في ذبح الولد أضحية أبيه وإنكاحه أخته حسبما ذكره في الأضحية والنكاح، وفي نوازل أصبغ: وهي على الخصام فقط لا تشمل صلحًا ولا إقرارًا، ولا يصح من الوكيل أحدهما إلا بنص من موكله عليه، فلم يذكر فيه ابن رشد

ص: 61

خلافًا، وسمع عيسى ابن القاسم: من وكلت رجلًا على خصومة في قرية، وأنها فوضت إليه وأمره جائز فيما يصنع ولم تذكر بيعًا ولا غير ذلك، فباع القرية بعد أن صالح فيها وصارت للمرأة لا يلزمها بيعه.

ابن رشد: الأصل أن الوكيل لا يتعدى ما سمى له فيما وكل عليه، وإنما أجاز في هذا السماع للوكيل على الخصومة صلحه فيها لقول موكله: فوضت إليه في الخصومة وجعلت أمره جائزًا فيما يصنع فيها، فليس بخلافٍ لقول أصبغ: ليس للوكيل على الخصومة صلح، ولا بخلاف لقول عيسى في نوازله: من وكله على تقاضي ديونه وفوض إليه النظر فيها لا يجوز للوكيل صلحه عنه في شيء منها ولو كان نظرا؛ لأن تفويضه النظر في اقتضاء ديونه لا يقتضي مصالحته لإمكان إعادته لتعجيل ما يقتضي النظر تعجيله، وتأخير ما يقتضي النظر تأخيره.

وقال بعض الناس: إن قول ابن القاسم هذا خلاف قول عيسى وليس بصحيح، وقولنا: إن سمى في الوكالة شيئًا لا يتعداه، وإن نص على التفويض له في الوكالة؛ لأن ذلك يعود إلى ما سمى هو، بين من قول أصبغ في نوازله.

قلت: ولم يحك خلافًا في عدم شمول وكالة الخصام صحة إقرار الوكيل على موكله.

وقال المتيطي: قال أبو عمر في كافيه: اختلف قول مالك في قبول إقرار الوكيل بالخصومة عند القاضي على موكله فمرة أجازوه ومرة أباه، وقال: لا يلزم موكله ما أقر به عليه.

قلت: وكذا وجدته في كافيه.

المازري: لو قال لوكيل: أقر عني لفلان بألف درهم ففي الإقرار من الآمر وجهان للشافعية، والظاهر أن ما نطق به الوكيل كالنطق من الموكل لقوله: أقر عني، فأضاف قول الوكيل لنفسه، وقد قال أصبغ: من وكل رجلًا وجعله في الإقرار عنه كنفسه فما أقر في الوكيل يلزم موكله، وظاهره أنه يقول بذلك في أقر عني، وقول ابن عبد السلام: ليس فيما ذكره من قول أصبغ كبير شاهد يرد بأنه محض دعوى غير مقرونة بدليل في مقابلة مستدل عليه، واستشهاد المازري واضح أنه لا فرق بين أمر الموكل

ص: 62

وكيله بفعل شيء وبين جعله ذلك الأمر بيده، كقوله بع هذا الثوب أو جعلت بيعه بيدك، هذا إن حملنا قول المازري على أن قول الوكيل ذلك كقول الموكل فيكون حاصله لزوم إقرار الوكيل لموكله ما وكله على الإقرار به عنه، وهو ظاهر قوله والظاهر أن ما نطق به الوكيل كالنطق من الموكل لقوله: أقر عني، وإن حملناه على ما فهم ابن شاس منه أن قوله: أقر عني بكذا إقرار منه بذلك.

قال ابن شاس ما نصه: لو قال لوكيله أقر لفلان عني بألف درهم فهو بهذا القول كالمقر بالألف.

قال المازري: واستقرأه من نص بعض الأصحاب.

قلت: فإن حملناه على هذا صح قول ابن عبد السلام: ليس فيما ذكره كبير شاهدٍ.

ابن شاس: ولابد في الصيغة من القبول وإن وقع بالفور فواضح، وإن تأخر ففي لغوه قولان على الروايتين في لغو التخيير بانقضاء المجلس.

المازري: التحقيق الرجوع لاعتبار المقصود والعادة هل المراد من اللفظ استدعاء الجواب عاجلًا أولا كان مؤخرًا؟

قلت: زاد المازري عن بعض أشياخه الفقهاء إجراء الخلاف في التخيير على الخلاف في كون الأصل على الفور أو على التراخي.

قال: فذكرته لإمامي في الأصول فلم يقبله، وقال: الأولى جريه على خلاف الأصوليين في العموم في المعاني.

قلت: إن قيل: ما هو خلاف الأصوليين في المعاني؟

قلت: المناسب فيه هنا ما أشار إليه الفهري لا ما قاله ابن الحاجب في ثاني مسألة من العموم.

قال الفهري في شرح المعالم: التوكيل بالبيع المطلق يرى أبو حنيفة تناوله الإذن في البيع بالغبن الفاحش وغيره، والشافعي يقول لا إشعار للفظ بقبول البتة.

قلت: فتناوله الوكالة القبول بعد المجلس كتناول البيع الإذن بالثمن البخس وعدم تناولنا كقدم تناوله، ووجه رده الإجزاء على القول أنه من عوارض الأمر والطلب والوكالة ليست بطلب إنما هي إنشاء يثبت نقلًا وجعلًا كطلقت وبعت

ص: 63

وأعتقت، والمصنف يعلم أن هذه الأمور لا طلب فيها.

وتعقب ابن عبد السلام التخريج على عدم إعمال التخيير بعد المجلس بأنه لضرر الزوج في ملك العصمة عليه مع عدم قدومه على عزل الزوجة، وفي الوكالة هو قادر على عزل وكيله يرد بقبول بعد المجلس عمل به الوكيل، وبأن قدرته على دفع ضرره بتأخير جوابها بوقفها عاجلًا كقدرة الموكل على العزل.

إن قلت: العزل سقط ما بيد الوكيل، ووقف الزوجة لا يسقط ما بيدها.

قلت: وقفها يصير جوابها عاجلًا، ولا خلاف في لغو ضره بجوابها العاجل.

وشرط صحتها علم متعلقها خاصًا أو عامًا بلفظ أو قرينة أو عرف خاص أو عام، فلو أتى بلفظ التوكيل مطلقًا كأنت وكيلي أو وكلتك فطريقان.

ابن بشير وابن شاس: لغو وهو قول ابن الحاجب لم يفد، وقبله ابن عبد السلام وابن هارون.

وقال ابن رشد في رسم أسلم من سماع عيسى ما نصه: وإنما تكون الوكالة مفوضة في كل شيء إذا لم يسم فيها شيئًا، وكذا الوصية إذا قال الرجل، فلان وصي ولم يزد على ذلك كان وصيًا له في كل شيء من ماله وبضع بناته، ولهذا المعنى قالوا في الوكالة: أنها إذا طالت قصرت وإذا قصرت طالت.

قلت: فظاهر قوله: إن قال: أنت وكيلي أو وكلتك عم ذلك وصح وكان تفويضًا.

والحاصل إن ما بين متعلق التوكيل خصوصًا أو عمومًا لزم قصده عليه، وإعماله فيه إلا ما خص ولو بعادة.

ابن بشير وابن شاس: إن قال: وكلتك بما إلي من قليل وكثير شملت يد الوكيل جميع الأشياء، ومضى فعله فيها إذا كان نظرا وما ليس نظرا هو معزول عنه عادة إلا أن يقول له افعل ما شئت ولو كان غير نظر، وتبعهما ابن الحاجب، وقبله ابن عبد السلام وابن هارون.

ومقتضى أصل المذهب منع التوكيل على غير وجه النظر؛ لأنه فساد، وفي البيوع الفاسدة منها تقييد بيع الثمر قبل بدو صلاحه بقوله: إذا لم يكن فسادًا، ويأتي نقل اللخمي عن المذهب منع توكيل السفيه.

ص: 64

وفي نوازل أصبغ لابن رشد: الأصل أن التوكيل لا يتعدى ما سمى له فيما وكل عليه، وإن قال في توكيله: أنه وكله وكالة مفوضة أقامه فيها مقام نفسه، وأنزله منزلتها وجعل له النظر بما يراه؛ أنه وكله وكالة مفوضة أقامه فيها مقام نفسه، وأنزله منزلتها وجعل له النظر بما يراه؛ لأن ذلك كله يحمل على ما سمى ويعاد إليه إلا أن لا يسمي شيئًا رأسًا، فيقول: وكلته وكالة مفوضة فيجوز فعله في كل شيء من بيع وشراء وصلح وغيره، وإن قال: وكالة مفوضة جامعة لجميع وجوه التوكيل ومعانيه كان أبين في التفويض.

المتيطي: واختصار لفظة التوكيل الشامل العام أن يقول: وكل فلان فلانًا توكيلًا مفوضًا جامعًا لمعاني التوكيل كله لا يشد عنه فصل من فصوله، ولا فرع أصل من أصوله دائمًا مستمرًا، وأذن له أن يوكل عنه من شاء بما شاء من فصوله، فلو لم يذكر توكيل غيره عنه ففي دخوله فيه اختلاف للشيوخ المتقدمين.

قال بعضهم: لا أحفظ في ذلك قولًا منصوصًا لأحد من المتقدمين، والأظهر أن له أن يوكل؛ لأن الموكل أنزله منزلته وجعله بمثابته.

قلت: وقال قبل هذا قال فقهاء طليطلة: من وكل على طلب حقوقه، والمخاصمة عنه، والإقرار والإنكار فإقرار موكله وهب داره لزيد أو قال: لفلان على موكلي مائة دينار أن ذلك لازم لموكله، وأنكره ابن عتاب وغيره وقال: إنما يلزمه إقراره فيما كان من معنى المخاصمة التي وكل عليه.

قال القاضي أبو الأصبغ: وهذا هو الصحيح عندي، وفي شفعتها لابن القاسم: من وكل على قبض شفعة فأقر أن موكله سلمها فهو شاهد.

قلت: لا يلزم من لغو إقرار الوكيل على الشفعة لغو إقرار من جعل له الإقرار؛ لعدم صدق الآخذ بالشفعة على إقراره بإسقاطها وصدق مطلق الإقرار وعلى الإقرار بالهبة.

قلت: ولقول ابن عتاب هذا وغيره، ومتقدم قول بعض الشيوخ بعدم دخول التوكيل على الموكل بوكالة التفويض، استمر عمل قضاة بلدنا بعدم إعمال وكالة التفويض التام العام في بيع دار سكنى الموكل وطلاق زوجته.

قال ابن عبد السلام: قال بعض كبار شيوخ الأندلسيين: إذا ابتدأت الوكالة

ص: 65

خاصة، ثم عقبت بالأوصاف العامة لم تتعد الوجه الذي ابتديت عليه، وتكون تلك الأوصاف العامة راجعة إلى أحوال ذلك الخاص الذي ذكر أولًا.

وقال لي بعض أشياخي: لا يدخل ذلك خلاف الأصوليين في العموم إذا جرى على سبب، قيل: يقصر على ذلك السبب أو لا، ومما قاله نظر.

قلت: ما ذكره عن بعض كبار الشيوخ هو ما ذكرناه من كلام ابن رشد.

وقوله: عن بعض شيوخه، لا يدخله خلاف الأصوليين في العام الوارد على سبب صواب.

وقوله: فيه نظر، يرد بأن مسألة الوكالة العموم المذكور فيها أخيرًا إنما هو عموم في الوجه المذكور أولا غير صادق على غيره فلم يصلح إعماله في غيره، والعام الوارد على سبب صادق على غير السبب فصلح إعماله في غيره فتأمله.

وتبع ابن الحاجب ابن شاس في قوله: والتوكيل بالإبراء لا يستدعي علم الموكل بمبلغ الدين المبرأ عنه، ولا علم الوكيل، ولا علم من عليه الحق.

قلت: وهذا كضروري من المذهب؛ لأنه محض ترك والترك لا مانعية للغرر فيه؛ ولذا قال الغير في إرخاء الستور: لأنه يرسل من يده بالغرر ولا يأخذ به، ولو فرضتها في صلح الوكيل عن مجهول بمجهول كان أبين كقولها، وإن كان لك عليه دراهم نسيتما مبلغها جاز أن تصطلحا على ما شئتما من ذهب أو غرض أو ورق ومضمر التقية سواء.

عبد الحق عن القابسي: إنما يصلح هذا على أنهما نسيا الدراهم عما صارت لا يدريان من بيع سلعة أو غيرها أو قرض أو غيره فحينئذ يدخل ما يصطلحان عليه ما يدخل في الدراهم إذ يمكن أن تكون الدراهم من ثمن عرض لا ينبغي أن يقتضي هذا العرض الذي اصطلحا عليه من ثمنه.

فإن قلت: ظاهره قصر التقية في العرض على ما ذكره من احتمال كونه مأخوذًا عن ثمن عرض لا يجوز أخذ هذا العرض عنه، والظاهر عدم قصره على ذلك وأن التقية وصف عام في العرض والدنانير والدراهم وهو أخذ معلوم عوضًا عن مجهول وهي الدراهم.

قلت: التقية في هذا الصلح عامة في العرض وغيره، وهي الصلح غير مجهول

ص: 66

قدره، وهذه لا يدعي القابسي ولا غيره قصرها في العرض على الغرض الذي ذكره وخاصة، وهي احتمال كون المأخوذ مأخوذًا عما لو علم قدره وانتفت لجهالة عنه لم يجز أخذه عنه، فهذه في الدراهم هي كون الأولى أجود وأقل من المأخوذة أو بالعكس، وهذه لا تتقرر، في العرض المأخوذ لا بالفرض الذي ذكره القابسي، ولم يتعرض المازري في المسألة لما ذكره القابسي بحال وقرر التقية التي أشار إليها ابن القاسم بالجهالة المانعة من صحة المعاوضة، وأنها ألغيت هنا للضرورة الناشئة عن تعذر السلامة منها.

قال: وفي الدراهم أيضًا تقية احتمال الربا لجواز كون الدراهم المأخوذة مما لا يصح اقتضاؤه عن الدراهم التي اقتضيت عنها.

قال: وشرط في المدونة: تعجيل ما صالحا به خوف فسخ الدين في الدين في العرض، وكذا قال في الدنانير مع تأخير الصرف: وفي الدراهم خوف التأخير بزيادة.

وقال أشهب: يجوز الصلح على الدراهم المستهلكة بدراهم ما كان، فإن أراد جوازه على أي حال كانت الدراهم المصالح بها من زيادة أو نقص على المستهلكة فهو سائغ كما قدمنا وإن أراد جوازه، وأن المأخوذ خلاف سكة الأولى فهذا يمكن فيه الربا بأن يكون المصالح به أدنى جودة وأكثر وزنًا، واعتذر أشهب عن طريق الإطلاق بعدم قصدهما المقامرة والمفاضلة، ونصوص المذهب واضحة بقصد فعل الوكيل على ما عليه وكل، فإن كان معينًا لم يتعده، وإن كان مطلقًا عم الأحوال عن البدلية مفردًا أو معدودًا فيما لم يقيده عرف أو قرينة أو استثناء، وإن كان عامًا فأحرى وتخصص بها.

ابن شاس: مخصصات الموكل معتبرة لو قال: بع من زيد لم يبع من غير، ولو تخصص بالزمات تعين، ولو خصص سوقًا تتفاوت فيه الأغراض تخصص.

وقال ابن الحاجب: مخصصات الموكل متعينة كالمشتري والزمان والسوق.

قلت: فلم يغيرها باختلاف الأغراض وهو الأقرب إن لم يشعد العرف بالتقييد.

وفي تقييد ابن شاس: السوق دون الزمان نظر.

وفي كتاب القراض: تأخير السلعة لما يرجى له سوق.

وللشيخ عن الموازية: من أمر بشراء جارية موصوفة ببلد فاشتراها ببلد دونه، خير

ص: 67

الآمر في أخذها وضمانها من المأمور، وإن اشتراها لنفسه اختص بربحه.

زاد ابن حبيب عن مطرف: كانت بالموضع المسمى أرخص أو أغلى.

وقال ابن الماجشون: إن تساوى سعر الموضعين فليس بمتعد وضمانها من الآمر.

ابن عبد السلام: إن قلت: هل أطلق التخصيص على التقييد كفعل بعض الفقهاء والموثقين على حقيقته عند الأصوليين.

قلت: بل على حقيقته عند الأصوليين لتقدمه في ذلك الفن.

قلت: تقرر أن التخصيص عند أهل الأصول إنما هو من عوارض العموم والتقييد من عوارض المطلق، وإذا كان ذلك كذلك امتنع حمله في كلام المؤلف على حقيقة التخصيص الأصولي لقوله في المخصصات كالمشترك؛ لأنه لا يعقل فيه غير التقييد؛ لأنه راجع لقوله: وكلتك على شراء كذا، وهذا لا يتناول إقرار المشتري إلا بالإطلاق لا التقييد، وفعل الوكيل غير ما وكل عليه تعد لموكله رده وقبوله إن لم يوجب خيارًا في معاوضة طعام بطعام أو بيعه قبل قبضه.

في سلمها الثاني: إن اشترى مأمور بشراء ثوبًا لم يوصف له ما لا يشبه كونه من ثياب الآمر لم يلزمه إلا أن يشاء، ولو أمرته بشراء سلعة فاشتراها بغير العين فلك ترك ما اشترى أو الرضى به.

وفيها لابن القاسم: إن وكلت رجلًا على بيع طعام أو عوض فباعه بطعام أو شعير أو عرض، أحب إلي أن يضمن المأمور إلا أن يشاء الآمر أخذ ثمن ما بيع له إن كان عرضًا أو طعامًا.

اللخمي: أجاز ابن القاسم إن باع الطعام بطعام أن يأخذ الآمر الطعام الثاني، ومنعه أشهب وقال: ليس للآمر إلا مثل طعامه، ويباع له الثاني إن كان له فضل لئلا يربح المتعدي، واختلف قوله في هذا الأصل.

قال في عبد تزوج حرة بغير إذن ربه ودخل بها ثم زنت قبل إجازة سيده نكاحه، فقال: إن أجازه رجحت، وإن رده لم ترجح، فجعله بإجازته منعقدا بأوله، فعليه يجوز للآمر أخذ الطعام الثاني.

المازري: كثر التعقب في جوابه في المدونة لاقتضائه التخيير في بيع وكيله طعامه

ص: 68

بطعام، ولا يجوز فيما شرط صحة عقده التناجز عقده على خيار.

والجواب عنه أنه: إن علم مشتري الطعام بطعام من الوكيل تعديه، وعقده على أن مالكه بالخيار في إمضائه ورده كان فاسدًا، وإن لم يعلم تعديه واعتقد أنه عقدٌ جائزٌ لازمٌ جرى على القولين المشهورين في هذا الأصل.

ابن القاسم: يمنعه، وأشهب: يجيزه.

قلت: في قوله هذا نظر؛ لأنه عدل عن ذكر القولين المنصوصين للخمي عنهما إلى ذكر عكسهما تخريجًا، ولا يتقرر بما أتى به جوابًا عن التعقب المذكور جوابٌ بوجه بل تأكيدًا للتعقب؛ لأن حاصل ما أتى به جوابًا أن الحكم في المسألة الفساد اتفاقًا، فإن علم المشتري موجب الخيار، والفساد على أصل ابن القاسم الذي لفظ مسألة المدونة له فجعله الفساد جوابًا عن تعقب قولها بالجواز خلف فتأمله، ثم قال: وأشار بعضهم إلى حملها على وجه يغني عن هذا الاعتذار وإجرائها على الخلاف، فقال: معنى صورة تعديه أنه باع الطعام بعرض، وباع العرض بطعام لا أنه باع الطعام بطعام.

قلت: ما عزاه لبعضهم هو قول ابن محرزٍ.

وقال عياض: إلى حمل المسألة عن ظاهرها وأنه باع طعامًا بطعام نحى كثير من شيوخ القرويين.

قلت: وقال ابن الحاجب: فإن خالف فالخيار للموكل إلا أن يكون ربويًا، فقبله ابن هارون وابن عبد السلام، ولا ينبغي قبوله؛ لأن ظاهره أن يكون للموكل أيضًا فعله تعديًا مطلقًا في غير بيع الطعام بطعام وليس كذلك، ويجب تقييده بعدم إيجابه فسخ دين في دين كقولها: وإن دفعت إليه دراهم يسلمها لك في ثوب هروي، فأسلمها في بساط شعرٍ أو في طعام أو في غير ما أمرته به، أو زاد في الثمن ما لا يزاد في مثله، فليس لك أن تجيز فعله، وتطلب ما أسلم فيه وتدفع له ما زاده؛ لأن الدراهم لما تعدي عليها وجبت عليه دينًا، ففسخها فيما لا تتعجله، وذلك دين بدين، ويدخل في الطعام مع ذلك بيعه قبل قبضه لا شك فيه؛ لأن الطعام قد وجب للمأمور بالتعدي، فليس له بيعه قبل قبضه، وكان بعضهم يتعقب قوله: وجب للمأمور بالتعدي؛ لأنه إنما اتباعه للآمر لا لنفسه.

ص: 69

فقوله: يدخله بيع الطعام قبل قبضه لا شك فيه، فيه شك.

ويجاب بأن عقد اشترائه لازم، ولزومه يوجب مشتريًا له لازمًا له عقده، والآمر لا يلزمه لعدم أمره به، فتعين كونه المأمور، وإذا لزم العقد المأمور فقد وجب له ما عقد عليه، فإذا زاد في ثمن ما أمر ببيعه بثمن، أو نقص من ثمن ما أمر بشرائه بثمن لم يتعد.

في ثاني سلمها: من أبضع مع رجل أربعين دينارًا في شراء جارية وصفها له، فاشتراها بأقل لزمت الآمر، وضمنها إن ماتت قبل قبضة إياها، ولم يحك المازري ولا غيره فيما علمت فيه خلافًا.

وقال ابن بشير: إن خالف بزيادة، كقوله: بع بعشرةٍ فباع باثني عشرة، أو بع بالدين بعشرة فباع بذلك نقدًا فقولان مبنيان على الخلاف في شرط ما لا يفيد هل يوفى به أم لا؟ وهذا كما قال: والأظهر إن كان ذلك في بيع ما فيه شفعة أن يكون للآمر مقال لجواز تعلق قصده بشركة الشفيع دون غيره، ويسير الزيادة في الثمن كمأذون فيها، أو زاد على أربعين دينارًا دينارين، أو ما أشبه أن يزاد على مثل الثمن، لزم الامر وضمن المشتري إن هلك قبل قبضه، وغرم الزيادة للمأمور.

المازري: واليسير في المائة الديناران والثلاثة.

التونسي: لا تكون الزيادة في قليل الثمن محصورةً على هذا الحساب، إنما ينظر إلى ما يزاد مثله عادةً، قد يكثر ما يزاد لقلة ثمن المبيع فيكون أكثر من هذا التقدير، ويستسهل ليسارته ولا يجب على الوكيل أن يزيده ذلك، إنما هذا إن زاده لزم الموكل، ولو اشترى السلعة لنفسه لما لم يبعها ربها بالمسمى كانت له إذا قلنا إنه لا يلزمه أن يسلف من وكله ويصير كأنه غير واجدٍ، فما اشترى بالمال شيئًا لنفسه فكان كوديعة اشترى بها شيئًا لنفسه.

قلت: الظاهر أنه لو كان بيد المأمور للآمر ما يدفع منه الزيادة لزمه الشراء بها، فلا يتم له شراءها لنفسه، وكذا إن كان المأمور مالكًا لقدر الزيادة غير محتاج إليها؛ لأن قبوله التوكيل على شرائها التزام منه للوازم شرائها، ويؤيده قول أصبغ في سماعه.

أشهب: من أمر بشراء سلعة بخمسة عشر فاشتراها بستة عشر، وقال: أبي البائع بيعها بخمسة عشر فاشتريتها لنفسي بستة عشر قبل قوله وكانت له.

ص: 70

قال أصبغ: أرى أن يحلف وأستحسن أن الآمر في أخذها بالخيار.

ابن رشد: استحسانه بعيد إذ لا يلزمه أن يسلفه الزيادة.

التونسي: ولو ادعى المأمور زيادة ما تشبه زيادته حلف ورجع بذلك؛ لأنه كالمأذون له في ذلك فأشبه قوله اشتر لي كذا وأسلفني ثمنه، فقال: اشتريتها وضاعت، حلف وثبت له الرجوع وإن لم يظهر شراؤها، وهذا أبين لظهور الشراء إلا أن فيه إشكالًا لجواز كون الشراء بدون الزيادة، وظهور الشراء فيمن قال له: أسلفني يسقط يمينه إلا أن يكون متهمًا فيحلف.

وأجرى المازري قبول قول الوكيل في الزيادة على القولين فيمن أمر أن يخرج من ذمته لأمانته.

ابن العطار: إن أمره بشراء عبد فلان وسمى له ثمنًا فهذا لا يزيد له على الثمن شيئًا، وإن سمى العبد أو الثمن فهذا يزيد ما يتغابن الناس به.

التونسي: ولو ادعى الزيادة بعد تسليمه المشترى للآمر، فقال ابن القاسم: يقبل إن ادعاه بقرب تسليمه، وإن طال لم يقبل، وهذا للعادة إلا أن يكون له عذر في تأخير ذلك.

قلت: وهذا كقولنا في دعوى القائل في القراض بعد المفاصلة أنه أنفق من مال نفسه.

الصقلي: قال بعض أصحابنا: وقال بعض الناس إن باع السلعة بدون التسمية ليسير لم يلزم الآمر بخلاف زيادة اليسير في الثمن في الشراء.

الصقلي: وفي نظر.

المازري: إن باع المأمور السلعة بدون ما سمى له لم يلزم الآمر، وإن قل النقص بخلاف الشراء؛ لأن الشراء لا يتأتى غالبًا بما يحده الآمر، وفي البيع يتأتى بما حد له وإلا رد لموكله ما وكله، وأشار بعض المتأخرين إلى أن لا فرق بين البيع والشراء، وهذا هو القياس، ولا طريق للفرق إلا العرف.

وفيها: إن باع الوكيل أو ابتاع بما لا يشبه من الثمن لم يلزم الآمر ويرد ما لم تفت السلعة، فيلزم الوكيل القيمة.

ص: 71

ابن بشير: إن قال الوكيل أنا أتم ما نقصت، فهل يترك ويمضي البيع؟ قولان: أحدهما: لا يلتفت قوله؛ لأنه متعد في البيع، والثاني: أن له ذلك؛ لأن مقصد الآمر قد حصل له.

قلت: لم يحك الصقلي غير قول ابن حبيب ليس للمأمور أن يلزم الآمر المشتري بما أمره به، ويحط عنه الزيادة.

الصقلي: لأنها عطية منه لا يلزمه قبولها.

ابن عبد السلام: وهذا المسألة كمسألة من أمر من يزوجه بألف فزوجه بألفين فيما يرجع إلى هذين القولين.

قلت: الأظهر أن المسألتين مختلفتان ولا يجري من القول بقبول اتهام المأمور في مسألة البيع القول بقبول اتمامه في النكاح؛ لأن في قوله في النكاح غضاضة على الزوج والزوجة وولدٍ إن حدث، وهذا المعنى يوجب جري القول الآخر أحرويًا.

وفي كون بيعه به نقدًا بما أمر به نسيئة تعديًا طرق.

التونسي: لو أمره ببيعها بعشرة دراهم إلى أجل فباعها بها نقدًا فلا كلام للآمر؛ لأن الدراهم لو عجلت له لزمته.

عبد الحق في تهذيب الطالب: لو أمره ببيعها بعشرة نقدًا، فباعها بذلك وقيمتها أكثر، فلا قول للآخر؛ لأنه فعل ما أذن له فيه، وهي في كتاب البضائع لمحمد، وإنما الخلاف لو أمره ببيعها بعشرة إلى أجل فباعها بها نقدًا وقيمتها أكثر؛ لتعديه ما أمر به، وذكرنا الخلاف فيها في كتاب النكث.

قلت: في النكث قال بعض شيوخنا: إن أمر ببيعها بثمن إلى أجل، فباعها به نقدًا وقيمة السلعة أكثر، غرم المأمور القيمة ولا حجة له في التسمية؛ لأن من حجة الآمر أن يقول ظننتها لا تسوى هذا، فسميت هذا لئلا تنقص عنه.

عبد الحق: وهي تجري عنده على قولين في العتبية.

قال ابن القاسم: إن أمره أن يبيعها بعشرة إلى شهر، فباعها بسلعة إلى شهر، بيعت السلعة المؤخرة بعين وكان للآمر الأكثر من ذلك ومن قيمة سلعته ما لم يكن ذلك أكثر من العشرة التي أمر أن يبيع بها، وإنما تباع المؤخرة إن كان فيها فضل، وإلا فله القيمة

ص: 72

إلا أن يكون أكثر من العشرة التي سمى له إلى أجل، وقد قال: لا ينظر إلى ما سمى له من الثمن بل إلى قيمة السلعة، فهذان القولان في هذا السؤال جاريان في المسألة التي قدمنا.

ابن رشد: القول الثاني هو الذي في المدونة وهو أصح وأجرى على أصل؛ لأن لرب السلعة أن يقول إنما سميت العشرة لأجل خوف بيعها بأقل منها فإذا تعدى فلي قيمة سلعتي، كما أنه إذا أمره ببيع سلعة بعشرة نقدًا، فباعها بسلعة يكون له ما تباع به السلعة إن بيعت بأكثر من عشرة، ولا حجة عليه أنه رضي بعشرة؛ لأنه يقول له إنما سميتها خوف بيعها بأقل.

وفي سلمها الثاني: وإن أمره ببيعها إلى أجل فباعها بنقد فعليه الأكثر مما باعها به أو القيمة، سمى له ثمنًا أم لا.

ابن محرز: قال لنا أبو بكر بن عبد الرحمن: قال لنا أبو محمد بن أبي زيد: معناها أنه باعها نقدًا بأقل مما سمى له، ولو باعها بما سمى له فأكثر لم يكن للآمر قول، وخالفني في ذلك أبو محمد بن التبان فناظرته في ذلك وقلت له: أرأيت لو امتثل ما أمر به وأراد المشترى أن يعجل له الدين أكان ذلك له؟

ابن محرز: إن أمره بذلك من غير أن يكون له غرض في أكثر منها ولا أمره بالزيادة بالاجتهاد في الزيادة فالقول قول ابن أبي زيد، وإن أمره بما سمى له تحديدًا لأقل الثمن، وعلى أن يجتهد في الزيادة فهو متعدٍ، ويجب عليه غرم القيمة، وهذا وجه قول ابن التبان.

لقت: اختار المازري هذه التفرقة وأتى بها كأنها من عنده.

ثم قال التونسي: لو أمره ببيعها بقمح سماه إلى أجل، فباعها به نقدًا كان متعديًا؛ لأن الطعام المؤجل لا يجبر مبتاعه على قبول تعجيله، وكان شيخنا اللخمي يرى أن الطعام هنا كالعين.

قلت: لم أجد في تبصرته إلا ما نصه: ومن أمر أن يبيع سلعة بعشرة لشهر فباعها به نقدا ألزمه؛ لأن التعجيل زيادة وهو كمن باع بأكثر إلا أن يقول الآمر: اطلب عشرة فأكثر ولا تبع بأقل، فينظر إلى ما تباع به إلى شهر، فإن كان أكثر كان للآمر رد البيع، فإن

ص: 73

فات بها المشتري فعلى الآمر الأكثر مما تباع به إلى أجل أو قيمتها نقدًا، وإن أمره أن يسلمها في عشرة أقفزةٍ قمحًا إلى أجل فكذلك؛ لأن العادة أن الناس لا يقصدون بالأجل الضمان إليه، ومعلوم أنه على التعجيل أحرص، وإن علم أن قصده الضمان له صح أن يفسخ البيع وتعاد له سلعته.

قلت: ظاهر مناظرتهما أن المسألة غير منصوصة للمتقدمين وهو ظاهر قول ابن محرزٍ والمازري، وإنما نقله عن التونسي غير منصوص للمتقدمين.

وقال الصقلي: عن كتاب ابن سحنون: لو أمره بالبيع بعشرة لأجل، فباعها بعشرة نقدًا فلا قول لربها؛ لأن الدراهم لو عجلت لزمته، وأمره ببيعها بعشرة أقفزةٍ لأجل، فباعها بها نقدًا، كان له فسخ البيع إن كانت قائمة، أو إغرامه القيمة إن كانت فائتة، إذ لا يقدر من عليه الطعام أن يعجله، ولو أسلمها في طعام غرم الآن التسمية أو القيمة إن لم يسم وبيع الطعام حين قبضه، فما زاد فللآمر، وما نقص على المأمور.

قال بعض أصحابنا: إنما يلزم المأمور من بيع الطعام بقدر القيمة أو التسمية، ومقتضى قول ابن الحاجب: ولو قال بع نسيئةً بكذا فباع نقدًا به، وعكسه في الشراء فقولان، رجع أبو محمد فيه ابن التبان أن مسألة العكس تناظر فيه الشيخان إلا أن يجعل الضمير في قوله فيها إلى المسألة الأولى دون عكسها.

المازري: اختلف في كون التسمية للثمن مسقطة عن المأمور النداء والشهرة والمبالغة في الاجتهاد أم لا؟

ابن بشير: لو أمره ببيع سلعة بثمن سماه فباعها به من غير إشهاد قولان: أحدهما إمضاؤه، والثاني رده؛ لأن القصد عدم نقص الثمن وطلب الزيادة، ولو ثبت أحد القصدين ما اختلف فيه، وقول ابن الحاجب: واشتر بعينها فاشترى في الذمة ونقدها أو بالعكس، صح هو قول ابن شاس: إن سلم له ألفًا فقال اشتر بها كذا فاشتراه في الذمة ونقد الألف، أو اشترى في الذمى وسلم الألف فاشترى بعينه صح فيهما.

وقال المازري: لو وكله على شراء شيء بمال دفعه له فاشتراه على ذمته أو على أن يشتريه على الذمة ودفع له ما لا ينقده فيه فاشتراه بعين المال، فذكر فيها كلاما للشافعية، ثم قال: النكتة في ذلك عندنا غرض الموكل إن ظهر فيما رسمه غرض

ص: 74

فمخالفته عداء، وغن لم يكن غرضه إلا تحصيل السلعة فليس بعداءٍ.

وقال ابن عبد السلام: لو دفع له الدنانير وديعة فدفعها الوكيل في الثمن لم يبعد أن يكون متعديًا إذا قيل بتعين الدنانير والدراهم، إذ قد يتعلق للآمر بعينها غرض صحيح أما لشبهة فيها فلا يجب تفويتها بالشراء بها حتى ينظر في إصلاح تلك الشبهة أو لتحقق طيب كسبها، فيجب أن يشتري بها لقوته لا لتجارة أو غير ذلك مما يعصره الناس.

قلت: إن أراد أنه يحكم عليه على هذا القول بحكم التعدي بقيد كون الدنانير والدراهم قائمة بعينها بعينها فمسلم، وإن أراد أن يحكم عليه بحكم التعدي مطلقًا وهو ظاهر قوله: رد بأنه لا فائدة في الحكم عليه حينئذ بالتعدي؛ لأن الواجب عليه بتعديه غرم مثل دنانير الآمر، ويجب على الآمر غرم مثلها، وهذا لا فائدة فيه.

وفي بع بالدنانير فباع بالدراهم وعكسه نقلا المازري: في هذا الأصل قولان بناء على أنهما جنس أو جنسان، والمعتبر اعتبار عادة المتعاملين في تساويهما واختلافهما.

قلت: الأظهر أنهما جنسان؛ لأنه لو أودعه دنانير فتسلفها وردها دراهم لم يبر اتفاقًا، ولو كان رأس مال القراض دنانير فرده العامل دراهم لم يلزم رب المال قبولها، ولا أعلم اتحادهما في المشهور إلا في الزكاة، وقيد اللخمي الخلاف باتحاد قيمة الدنانير والدراهم، وسمع أصبغ أشهب: من أمر ببيع ولم يسم له شيء فبيعه بدراهم ماض، ولو كان المبيع إنما يباع بدنانير.

أصبغ: إن بلغت الدراهم صرف ما تباع به من الدنانير مضى استحسانًا.

ابن رشد: قول أشهب أنه ماض وإن لم تبلغ الدراهم ذاك إذا باعها بما يتغابن الناس به في بيعها بالدراهم خلاف قول أصبغ استحسانًا، والقياس عنده أن لا يجوز إذا كان البلد لا تباع تلك السلعة فيه إلا بالدنانير.

وقول ابن دحون: معنى المسألة إن كان ببلد تباع فيه بالدراهم وإلا لم يلزم الآمر غير صحيح؛ لأن فرض المسألة أن البلد لا تباع السلعة فيه بالدراهم أو كانت السلع لا يباع مثلها إلا بالدنانير، ووجه قول أشهب أن الدنانير والدراهم عين والعين هو الثمن؛ لأن صرف الدراهم ليس مما يغبن فيه، وقد قال قال مالك: بيع المأمور بما لا يغبن ببيعه من العروض نافذ، وقال أيضًا: إن باع بما يغبن في بيعه فعليه بيعه له، ثم رجع فقال: لا

ص: 75

ينفذ بيعه بغير العين، قاله في رسم العتق من سماع عيسى من جامع البيوع في بعض الروايات، ويتخرج في بيعها بالدراهم حيث لا تباع إلا بالدنانير ثلاثة أقوال خيار، الآمر في الرد والإمضاء إن لم تفت، وإن فاتت فقيمتها دنانير وإمضاء البيع، وعلى المأمور تصريفها دنانير، وثالثها نفوذه ولا يلزمه تصريف.

ومن وكل على شراء جارية موصوفة بثمن فاشترى به جاريتين بصفتها، فقال اللخمي: إن اشتراهما في عقدتين أو كانت إحداهما على غير الصفة لزمت الأولى والتي على الصفة والآمر في الأخرى بالخيار، وإلا فقال محمد: إن لم يقدر على غيرهما لزمتا الآمر.

ابن القاسم: هو بالخيار في أخذهما أو أحديهما بمنابها من الثمن.

أصبغ: يلزمانه مطلقًا.

عبد الملك: هو بالخيار في أخذهما أو تركهما.

وقول محمد: إن لم يقدر على شراء واحد لزمتاه أحسن، ولا يختلف فيه إنما الخلاف إن قدر.

المازري: يحتج لأصبغ بحديث حكيم بن حزام: "أنه صلى الله عليه وسلم أمره أن يشتري له شاة بدينار، فاشترى له شاتين بدينار، وباع واحدة منهما بدينار، واتاه بشاة ودينار، فدعا له بالبركة"، فكان لو اشترى ترابا لربح فيه، فلولا أن الشاة المبيعة لازمة له صلى الله عليه وسلم وصارت على ملكه لم يأخذ ثمنها ولا أقره على ذلك، وقيل: إ الشاة المبيعة لو لم تكن على ملك حكيم لما باعها، ولا أقره صلى الله عليه وسلم على جواز بيعها، وإنما باعها على ملكه وكان له صلى الله عليه وسلم الخيار في قبولها لما كان الشراء به.

قلت: حديث حكيم لا أعلمه إلا من طريق الترمذي خرج عن أبي حصين عن حبيب بن أبي ثابت عن حكيم بن حزام أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث حكيم بن حزام يشتري له

ص: 76

أضحية بدينار، فاشترى أضحية فأربح فيها دينارًا فاشترى أخرى مكانها، فجاء بالأضحية والدينار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"ضح بالشاة وتصدق بالدينار".

قال الترمذي: حديث حكيم لا أعرفه إلا من هذا الوجه.

وروى البخاري عن شيب بن غرقدة قال: سمعت الحي يتحدثون عن عروة أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه دينارًا ليشتري له شاة.

قال: فاشتريت له شاتين فبعت إحداهما بدينار وجئت بالشاة والدينار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت له ما كان من الأمر، فقال:"بارك الله لك في صفقة يمينك"، فكان بعد ذلك يخرج إلى كناسة الكوفة فيربح الربح العظيم.

قلت: فالاستدلال بحديث عروة هو الصواب لا بحديث حكيم، وقول ابن القاسم هو سماعه عيسى.

قال ابن رشد: قول محمد هو خلاف قول ابن القاسم هذا.

قلت: جعله خلافًا كأكثر الشيوخ خلاف ما تقدم للخمي.

ابن رشد: على قول ابن القاسم أنه مخير في أخذهما أو إحدهما بما يصيبها من الثمن، ويأخذ منه بقيته لو ماتت إحداهما قبل أن يختار كانت من المأمور لتعديه في الثانية، قاله ابن دخون، وليس بصحيح إذ لم يشترهما واحدة بعد واحدة ليكون متعديًا في الثانية كما قاله، إنما اشتراها صفقة واحدة فما تعدى في إحداهما بعينها لكنه بتعديه في اشترائهما صفقة واحدة لزمت ذمته ما ناب التي لم يخيرها الآمر، فصار كأنه اشترى على أن الآمر بالخيار في أخذ أيتهما شاء بما ينوبها من المسمى، ويضمن هو بقيتها في ذمته وتكون له الثانية، فيتخرج ضمان الهالكة منهما قبل أن يختار، على الخلاف فيمن اشترى ثوبًا من ثوبين على أن يختار أيهما شاء، فتلف أحدهما قبل أن يختار، فيكون التالف منهما معا على قول ابن القاسم، ومن المأمور على مذهب سحنون.

ص: 77

ولو اشترى الجارية على الصفة وولدها الكبير خير في أخذها وولدها، وتركها وأخذها دونه بمنابها من الثمن، وإن كان الولد صغيرًا فكما في السماع: إن علم بالولد لزمته، وإن لم يعلم كان له ردها بولدها، هذا إن كان بعينها، وإن لم تكن بعينها فله ردها بولدها، علم أن لها ولدًا أم لا؛ لأن الولد عيب.

قلت: في النوادر عقب هذه المسألة.

قال ابن حبيب: عن ابن الماجشون: إن أمره بشراء جارية معينة موصوفة بثمن فاشتراها به ومتاعًا معها في صفقة، خير الآمر في أخذ الجميع أو الجارية بحصتها من الثمن، فإن هلك الجميع قبل علمه فمصيبة الجارية وحدها منه بحصتها من الثمن.

قلت: في هذه حجة لابن دحون.

ولو أمره بشراء جارية أو ثوب فاشترى نصف ما أمره به ثم اشترى باقيه، فالأظهر أنه متعد، وللشيخ عن المجموعة: من أمر ببيع سلعة بعشرين فباع نصفها بعشرة، فإن كان إذا بيع النصف الباقي بتمام عشرين وجرى ذلك فليس بمتعد، وإن كان بنقص فهو متعد.

قلت: ويجري هذا في الشراء.

المازري: من أمر بشراء جارية أو ثوب فاشترى نصفه لم يلزم الآمر، ولو أمر بشراء أثواب فاشتراها جملة أو آحاد فليس بمتعد، ومسائل المرابحة تدل على ذلك.

وقال المازري: ذاك جائز إلا أن يكون للموكل غرض في الإفراد أو الجمع أو يكون في تلك عرف، وقول ابن شاس: إن أذن له في البيع إلى أجل مطلق قيده العرف بالمصلحة صواب.

وفي سلمها الثاني: من أمر من يشتري له جارية، أو ثوبًا، ولم يصف له ذلك، فإن اشترى له ما يصلح أن يكون من ثياب الآمر أو خدمه لزم ذلك الآمر، وإلا لم يلزمه إلا أن يشاء.

اللخمي: وقال أشهب: يلزمه مطلقًا إلا أن يقول للباسي أو لخدمتي، وقاله سحنون.

قلت: وتقدم في الأيمان مناقضة الأولين قولها هنا: قولها في الأيمان والكلام

ص: 78

على ذلك.

قال ابن الحاجب: وكذا المخصص بالعرف.

قال ابن عبد السلام: يعني كما يفيد العرف المطلق يخصص العام، فلو قال: اشتر لي ثوبًا من أي الأثواب شئت وشبه ذلك من ألفاظ العموم في أحاد الثياب أو الأثمان أو الآجال، فإن العرف إذا ثبت يخصص الكلام.

وقد قال في المدونة: من استعار دابة ليركبها حيث شاء وهو بالفسطاط فركبها إلى الشام أو بإفريقية، فإن كان وجه عاريته لمثل ذلك فلا شيء عليه وإلا ضمن، والذي سأل رجلًا ليسرج جهاله إلى الشام أو إلى إفريقية، هذا مقتضى أصول المذهب، ولأصحاب أصول الفقه كلام في العموم هل يخص بالعادة أو لا؟ وتفصيل الفخر في ذلك حسن.

قلت: ظاهر قول ابن الحاجب: تخصيص العام بالعرف مطلقًا كان قوليًا أو فعليًا، وزعم القرافي أن تخصيصه إنما هو بالقولي لا بالفعلي، ومسائل المدونة وغيرها دالة على أن تخصيصه بالقولي كالفعلي.

وفي كتاب الحمالة: لولا أن الناس كتبوا في وثائق الأشربة خلاص السلعة في الدرك لا يريدون به خلاصها ولكن تشديدًا في التوثق لنقضت به البيع، والمذهب أن بيع المأمور بعرض بغير إذن عداء، فإن نزل والمبيع قائم ففي تخيير الآمر في إمضائه ورده بأخذه الأكثر مما يباع به العرض الثاني، أو قيمة المبيع وقصره على الأول، أو أخذ سلعته نقلًا.

الصقلي عن محمد وغير ابن القاسم فيها: وتبع عبد الحق فردهما لوفاقٍ، بحمل قول محمد على أنه لا بينة بأن المبيع للآمر إلا بقول المأمور.

ونقل ابن محرزٍ ما في الموازية لرواية الدباغ في المدونة، وطرحها سحنون، وصوب ابن الكاتب معنى قول الغير غير معزو قال: لأن المتعدي فيه قائم يمكن أخذه.

قال: وعليه قال ابن القاسم في العتبية: من تعدى على طعام ببيعه بعرض إلى أجل، لا يباع ذلك العرض؛ لأن الطعام مضمون بمثله فكان كالقائم.

ص: 79

قال: وهو كقوله في العين: إذا تعدى فيها.

قال ابن محرز: يريد قوله فيها: فيمن أمره أن يسلم له دنانير في ثوب هروي، فأسلمها في بساط شعرٍ.

قال فضل: أصل ابن القاسم وأشهب أن للآخر أخذ رأس ماله فقط، أو ثمن البساط يبيعه عاجلًا إن كان ثمنه أكثر، أو أخذ رأس ماله وترك البساط ليبيعه عند أجله، ففضله له ونقصه على المأمور، وإن فات المبيع فالكثر من قيمته أو ثمن ما ليع به.

قلت: قول ابن الكاتب؛ لأن المتعدي فيه قائم يمكن أخذه؛ لأنه لا يفوت بحوالة الأسواق.

وظاهر قول المازري في طرح سحنون رواية الدباغ: لكون المتعدي على سلعة غيره لا يضمنها بغرم قيمتها، وهي قائمة لم تتغير في ذاتها ولا سوقها أن تغير الأسواق فوت.

وفيها: إن أمرته بشراء سلعة فاشتراها بغير العين فلك ترك ما اشترى أو أخذه، وتدفع له مثل ما أدى.

عبد الحق: إنما يدفع مثل ما أدى إن كان قليلًا أو موزونًا، وفي غير ذلك من العروض إنما يدفع قيمة العرض كالحميل المصالح عن الغريم بعرض، وكالمبتاع لشقصٍ بعرض يشفه بقيمته لا بمثله.

قلت: وقال ابن محرز: ظاهر قوله إنه يعطيه مثل العرض، ووجهه أنه كالقرض، كما لو سأله أن يشتري له سلعة بطعام من عنده أو عرض يرجع بمثل الطعام والعرض.

وفي الأسدية لابن القاسم: يرجع بقيمة العرض، فعليه تعتبر قيمة العرض الذي اشترى به إن كان قيمة السلعة لزمه وإن كان أكثر من قيمة السلعة الذي اشترى بالشيء الكثير لم يلزمه، وكان مخيرًا.

وفيها: لو اشترى له أو باع بفلوس فيها كالعرض إلا أن تكون سلعة خفية الثمن، إنما تباع بالفلوس فهي كالعين.

وفيها: إن أمرته ببيع سلعة فأسلمها في عرض أو باعها بدنانير لأجل لم يجز بيعه،

ص: 80

فإن لم تفت فسخ، وإن فاتت بيع العرض بعين نقدًا، أو الدنانير بعرض نقدًا، ثم بيع العرض بعين نقدًا، فإن كان مثل القيمة أالتسمية إن سمى فأكثر، كان ذلك له، وما نقص عن ذلك ضمنه المأمور.

المازري: اختلف إن خالف المأمور ما سمى له هل يعود ملتزمًا لما سمى له أم لا؟

ثم قال: إن باع بخمسة عشر لأجل ما أمر ببيعه لعشرة نقدًا والمبيع قائم، قللآمر رد البيع وإمضاؤه إذا لم يقل مخالفة المأمور التزام للتسمية، فصرح ابن عبد السلام بمفهوم هذا الشرط فقال: إن كانت السلعة قائمة، وقلنا بأن المأمور بتعديه ملتزمة للتسمية لم يلزمه إلا العشرة المسماة، وإن قلنا لا يعد ملتزمًا خير الآمر في الرد والإمضاء.

قلت: مقتضى كلام المازري أنه لا يسقط تخيير الآمر بمجرد البناء على أن المأمور ملتزم بتعديه في التسمية، بل لا بد في ذلك من البناء على أن التسمية تسقط على المأمور وجوب الشهرة للمبيع والاجتهاد في قدر ثمنه، ويأتي للخمي ما هو نص في ذلك إن شاء الله.

وسمع أبو زيد ابن القاسم في جامع البيوع: إن أمر ببيعها بعشرة دنانير نقدًا فباعها بعشرين لأجل أو بألف درهم، فقال الآمر: بيعوا منها بعشرة دنانير نقدًا وأبقوا سائرها للأجل فلا بأس به.

ابن رشد: لأنه لا يدخله مكروه، ولو أراد أن يباع له من ذلك بأقل لم يجز؛ لأنه دنانير في أكثر منها أو في دراهم لأجل ولو أراد المأمور المأمور دفع العشرة ليأخذها من العشرين إذا حلت وباقيها للآمر، ففي جوازها مطلقًا أو برضى الآمر وبلوغ قيمة العشرين عشرة فأكثر لا أدنى ثالثها: وبلوغ قيمتها عشرة فأدنى لا أكثر لسماع يحيى ابن القاسم، وظاهر قول أشهب ولابن القاسم أيضًا، ورابعها: لا يجوز إلا أن تكون قيمتها عشرة فقط؛ لأنها إن كانت أكثر دخلها على قول ابن القاسم الدين بالدين، وإن كانت أقل دخله على قول أشهب سلف جر نفعًا.

وفي سماع عيسى من رسم أوصى: إن أمره ببيع سلعة بثمن سماع أو بعرض، فباع

ص: 81

بثمن لأجل لم يجز للآمر إمضاء البيع وأخذ الثمن؛ لأنه فسخ دين في دين.

ابن رشد: معناه إن فاتت السلعة ولو كانت قائمة جاز، ومثله في الموازية، وفي سماعه: إن كانت قيمة ما بع به لأجل وقيمة المبيع وقد فات سواء، جاز أن يتحول للآمر على المشتري؛ لأنه رفق بالمتعدي، فإن باعها بأكثر فرضي له المتعدي أن يعجل له القيمة، ويقبض ذلك لنفسه عند الأجل، ويدفع ما زاد على القيمة إلى الآخر، أجبر الآمر على ذلك ولم يكن من بيع الدين.

وقال اللخمي: واختلف إن باع بخلاف ما أمر به هل يعد ملتزمًا للتسمية؟ وهل بيعه بها دون نداء عداء؟ وهل من خير بين أمرين يعد متنقلًا؟ فعلى أنه ملتزم ولا يلزمه شهرة يكون قيام السلعة كفوتها، وليس للآمر أخذها، إنما له الأكثر من التسمية أو القيمة أو ما يباع به الدين، ويختلف هل له الإجازة بالثمن الدين؛ لأن السلعة وإن كانت قائمة فقد ملك أخذ التسمية أو القيمة فيكون فسخ دين في دين، على أنه لا يلزمه البيع بالتسمية دون شهرة نداء يكون للآمر أخذ سلعته لا إجازة البيع بالدين؛ لأنه ملك أخذ التسمية، وأرى أن القول قول الوكيل؛ لأنه لم يلتزم التسمية، ويخير الامر في الرد والإمضاء إلى الآجل، فإن فاتت بلبس خير الآمر في الإمضاء إلى الأجل وأخذ القيمة من اللابس يوم لبس، ويسقط عنه الثمن وأخذ القيمة من الوكيل يوم باعه ويمضي للمشتري بالثمن؛ لأن من اشترى شيئًا بوجه شبهة فهلك في يده لم يضمنه إلا بثمنه.

ثم قال: وقال: من أمر ببيع سلعة بعشرين نقدًا فباعها بثلاثين لأجل فباع الآمر الدين حسبما تقدم.

قال: وليس للآمر عنده إجازة البيع للأجل لإمكان أنه اختار التسمية فيكون فسخها في ثلاثين، ولا أن يختار التسمية لإمكان أنه اختار الإجازة للأجل فيدخله ضع وتعجل، وعلى القول الآخر له أي ذلك شاء.

وفي منع الوكيل على معاوضة منها لنفسه قولها مع المشهور، واللخمي عن القاضي مع ظاهر لفظ المازري عن بعض الخلافيين عن مالك، وتخريج ابن رشد على سماع ابن القاسم.

ص: 82

ابن حارث: اتفقوا فيمن وكل على سلم فأسلمه لنفسه أنه لا يجوز.

وفي كون المنع لعدم دخول المخاطب تحت الخطاب أو لأنه مظنة تهمته:

نقلا المازري: ولم يحك اللخمي غير الثاني قائلًا: قال مالك: من اشترى سلعة ثم أخذ قراضًا، فأراد دفعه في ثمن سلعة، أخاف أن يكون قد استغلى، فجعل المنع للمحاباة؛ لا لأنه معزول عن شرائها، وأرى إن فعل وعلم أنه استقصى وبالغ وذكر من الثمن ما هو غايتها، مضى بيعه وإلا نقص إن كان قائمًا، ومضى بعد الفوت بالأكثر من القيمة أو الثمن إن فات بذهاب عينه.

واختلف إن حال سوقه أو تغير فيه نفسه، فقال محمد: إن باع المأمور من نفسه خير الآمر في ردها ما لم تفت بغلاء بالسوق أو في بدنها فيلزمه قيمتها، وذكر يحيى بن عمر قولين هذا، والآخر لا يفيتها النماء ولا النقص، ولغير ابن القاسم في كتاب القراض: كل من أطلقت يده في بيع فباعه من نفسه وأعتقه، فللآمر رده ونقض عتقه إلا المقارض إن كان في العتق فضل نفذ عتقه للشرك الذي له فيه.

ولابن حبيب: إن باعه من نفسه ثم باعه من آخر بربح، فالربح للأول إلا أن تكون قيمته أكثر فيلزمه الأكثر، وكذا الوصي يشتري من تركة الموصي لنفسه فللسلطان رده، وإن باعه فربح فهو للأيتام، أو الثلث إلا أن تكون القيمة أكثر، فجعله كالمتعدي لا يفيته عتق ولا بيع، وهو أحسن إن حابى لنفسه.

وسمع عيسى ابن القاسم: من أمر ببيع شيء سمي له فأخذه لنفسه، فإن لم يفت أخذه الآمر، وإن فاتت وقد أمره ببيعه بطعام أو عين، خير ربه في أخذه بما أمره أن يبيعه به، وإن أمره ببيعه بغير ذاك من العروض لم يكن عليه إلا القيمة، ويفيته النماء والنقص واختلاف الأسواق.

ابن رشد: معنى أخذه لنفسه أي بالثمن المسمى.

وقوله: أخذه الآمر؛ يريد: وله إلزامه إياه بالمسمى، ووجهه أنه إنما أمره ببيعه من غيره ولم يرض أن يبيعها من نفسه، فلو كان له رده، ويتخرج جواز بيعها من نفسه من سماع ابن القاسم: فيمن خرج حاجًا أو غازيًا فبعث معه بمال يعطيه كل منقطع به فاحتاج هو، فلا بأس أن يأخذ منه.

ص: 83

قلت: يرد التخريج بأن كون علة الإعطاء موجودة في المأمور توجب دخوله في الإعطاء، ولا علة في البيع بل فيه مانع التهمة على عدم طلب الزيادة في الثمن.

قال: وفي تفرقته بين العروض والطعام مع العين نظر، والنظر أن الطعام كالعروض بخلاف العين؛ لأنه في الطعام والعرض سلم حال، والمشهور منعه بخلاف العين فيجب أن يبطل عنه الثمن في الطعام والعرض، ويلزمه قيمة السلعة إن فاتت بالغة ما بلغت إلا أنه لما كان الطعام من ذوات الأمثال أشبه عنده العين، وحكمه في الفوات لها بحكم البيع الفاسد خلاف القياس، والقياس عدم فوتها بالنماء وحوالة الأسواق بالزيادة، والنماء إنما يفوت بالعيوب وحوالة الأسواق بالنقص، ويبين هذا قوله في رسم أوصى: فذلك ليس ببيع وصاحبه يرد هإن شاء إن لم يفت، فإن فات خير في الثمن الذي أمره به أو القيمة.

وفي كون ولده الصغير ويتيمه في المنع كنفسه أو كأجنبي قولها مع المشهور، وابن محرز مع غير واحد عن سحنون محتجًا بأن العهدة في أموالهما.

وفيها لابن القاسم: من وكل على سلم مال في طعام، فأسلمه إلى نفسه أو زوجته أو أحد أبويه أو جده أو جدته أو ولده أو ولد ولده أو مكاتبه أو مدبره أو أم ولده أو عبده المأذون له أو ولد عبده الصغير أو عبد أحد ممن ذكرنا أو إلى شريكه المفاوض أو إلى شركة عنانٍ فذلك كله جائز إن صح بغير محاباة، سواء نفسه أو شريكه المفاوض؛ لأنه كنفسه أو من يلي عليه من ولد أو يتيم أو سفيه ومن أشبه هؤلاء.

قلت: من أشبه ذلك من له فيه رق غير مأذون له.

الصقلي عن سحنون في الشريك: إلا أن يكون عن المال الذي فاوضه فيه.

عياض: منع إسلامه لابنه الصغير ويتيمه.

قال ابن وضاح: أمر سحنون بطرحها وقال: ذلك جائز؛ لأن العهدة في أموالهما.

قلت: في الأمر بالطرح نظر؛ لأنه لا يجوز لراو قول إمام طرح قوله من المروي لضعف دليله عنده.

الصقلي: قال يحيى بن سعيد: لا يجوز عندي إلى عبده ومدبره وأم ولده.

قلت: ظاهره ولو كان مأذونا له، وتقدم قولها في المرابحة: ليس على من اشترى

ص: 84

سلعة من عبده المأذون له في التجر بيان ذلك في بيعه إياها مرابحة إن كان العبد يتجر بماله.

وذكر ابن عبد السلام لفظ المدونة وعقبة بقوله: كذا فهمها الأكثر غير أنهم قيدوها بأن يكون المدبر وأم الولد مأذون لهما، وفي فهمهم ما نسبوه إلى المدونة نظر لا يليق ذكره هنا.

قلت: ما نسبه للمدونة لفهم الأكثر هو نصها الجلي، ولا يقال فهمها الأكثر إلا لما ليس بظاهر جلي، وما أضاف إليها من التقييد هو نصها في العبد، ولا فرق بينه وبين المدبر وأم الولد في قوله نظر تهويل لا محايل له، بل حقه أن ينبه على تقييدهما بما ذكرناه من قولها في المرابحة إذا كان يتجر بمال نفسه.

ونوقض قولها يجوز سلمه لزوجته بقولها: لا يجوز بيع المسلم بقبض زوجة المسلم إليه.

ويجاب بأنه في البيع لحق الله وهو آكد من حق الآدمي.

وأجاب بعض شيوخ عبد الحق بأن الموكيل على قبضه محله منزل الوكيل، ومنزل الزوجة مشترك بينها وبين زوجها فلم يتم القبض، ومحل المسلم فيه الذمة، وذمة الزوجة خاصة بها، وأجاب ابن محرز بأنه في قبض الزوجة لم تقم بينة على قبضها، ولو قامت صح بيعه بقبضها، واتخاد العاقد لنفسه من نفسه نائبًا حيث لا مانع جائز كقولها في شراء الوصي من تركه يتيمه ما قل ثمنه وثبت شهرته، وقولها: إن لم يكن لها ولي فزوجها القاضي من نفسه برضاها جاز، وتزويجه معتقته من نفسه برضاها، وكذا من بينه لمصلحتها في رهونها، لا بأس بما يشتري الأب أو الموصى لبعض من يليان من بعض، وقيدت بالسلامة من التهمة بشراء، فإن كانت فكشرائه لنفسه كبيعه على من يلي عليه بإيصائه لابنه الصغير.

وفيها: من أمرته بشراء عبد، فاشترى من يعتق عليك غير عالم، لزمك وعتق عليك، وإن كان عالمًا لم يلزمك.

ابن محرز: هذه تدل على عدم لزوم شراء المرء من يعتق عليه إذ لو لزمه لما كان الوكيل العالم متعديًا، وعلى أن ما تلف على يدي وكيل أو وصي دون عمد من ربه

ص: 85

لا من المأمور.

واختلف في هذا الأصل وفي خطأ القاضي في ماله عن اجتهاد هل يوجب غرمه أم لا، وقالوا في الوصي يشتري رقبة نصرانية فيعتقها يضمن، ولعله حيث فرط، والمعمول عليه عندي النظر في خطابه، فإن كان فيما لا طريق لعلمه إلا بما عمل لم يضمنه، وإن كان فيه تقصير ضمن، وعلى هذا يجري ما يوجد من خلاف.

عياض: روى محمد بن يحيى في المدنية أن جهل الوكيل لم يعتق على الآمر؛ لأنه لم يعتمد شراءه وهو عيب في المبيع له رده وإبقاؤه رقًا له.

قال: وسمع ابن القاسم لا يعتق على واحد منهما وما ضمنه المأمور لعلمه في رقه له وعتقه إن كان مليًا بثمنه، أو ما فصل عنه إن كان عديمًا، وولاؤه للآمر قولًا يحيى بن عمر مع عبيد بن معاوية، وعياض عن رواية ابن أبي أويس والبرقي.

وفي كون الجاري على قول ابن القاسم: الأول أو الثاني طريقًا، بعض القرويين مع ظاهر قول الشيخ في مختصره والصقلي، بناء على اعتبار الفرق بينه وبين عامل القراض بشبهة ملكه في المآل والغاية؛ لأن العتق على الآمر لا عليه، وقصر موجب العتق بغرم المأمور على تعديه، وهو في العامل والوكيل سواء.

ابن محرز: قال بعض المذاكرين بقول سحنون: بشبهة عامل القراض بشبهة مكله في المال وإلغائه؛ لأن العتق على الأمر لا عليه وقصر موجب العتق كغرم المأمور وعلى تعديه، وهو في العامل في المال إذ لو وطئ منه لم يحد، ولو وطئ الوكيل جارية اشتراها لموكله حد وقاله عبد الحق.

عياض عن بعض الشيوخ: ووجه جهل الوكيل هو أن لا يعلم أنه أبوه، ولو علمه وجهل حكمه فهو كعلمه سواء.

المازري: لو ادعى الموكل علم الوكيل وأنكره الوكيل، حلف ولزم عقدة موكله، وعتق العبد عليه، وإن نكل الوكيل، حلف الموكل ولم يلزمه العقد، وعتق العبد على الوكيل قولًا واحدًا لإقراره أنه اشتراه غير عالم أنه ممن يعتق، وإن عتقه واجب على الموكل وهو جحده وذلك ظلم.

وقول ابن شاس: كل من جاز تصرفه لنفسه جاز توكيله، ومن جاز تصرفه لنفسه

ص: 86

جاز كونه وكيلًا إلا لمانع مسائل المذهب واضحة به، وامتناع توكيل من ليس جائز الأمر.

في سماع يحيى: في توكيل بكرٍ من يخاصم لها توكيلها غير جائز؛ لأنها لا تلي مثل هذا من أمرها إنما يليه وصيها أو من يوكله السلطان، ووقع في المدونة ما يوهم صحة وكالة المحجور عليه في عتقها الثاني إن دفع العبد مالا لرجل على أن يشتريه ويعتقه، ففعل فالبيع لازم، فإن استثنى ماله لم يغرم الثمن ثانيًا، وإلا غرمه ويعتق العبد ولا يتبع بشيء.

وفي سماع عيسى ابن القاسم: هو كالنص في ذلك قال فيه: إن دفع عبد إلى رجل مائة دينار، وقال له: اشترني لنفسي من سيدي، فاشتراه لنفس العبد واستثنى ماله كان حرًا، ولا رجوع لبائعه على العبد ولا على المشتري بشيء، وولاؤه لبائعه.

ابن رشد: مرض الأصيلي هذا الشراء بأن وكالة العبد على شرائه لا تجوز إلا بإذن سيده، فعلى قياس قوله إن لم يعلم السيد أنه اشتراه للغير كان له رد ذلك، وإن علم فلا كلام له.

قلت: وكان يمشي لنا الجواب عن تعقب الأصيلي بأن حجر العبد إنما هو إنما مادام في ملك سيده، وهو ببيعه خرج عن ملكه وصح لوكيله ولزم عتقه ضربة واحدة، كقولها فيمن باع عبده بعد أن تزوج بغير إذنه ولم يعلم به، مضى نكاحه وليس لسيده فسخه إلا أن يرجع لملكه برده مبتاعه بعيب نكاحه، وأما منع كون الوكيل محجورًا عليه فقال اللخمي: لا يجوز توكيله؛ لأنه تضييع للمال.

قلت: وعليه عمل أهل بلدنا وظاهر كتاب المديان جوازها فيها منه ما نصه: قلت: إن دفعت إلى عبد أجنبي محجور عليه مالا يتجر لي فيه أو ليتيم محجور عليه، ثم لحقها دين أيكون في ذمتهما.

قال: قال مالك: ويكون في الحال الذي دفع إليهما وما زاد عنه فهو ساقط لا يكون في ذمتهما.

قلت: ظاهره جواز توكيلهما إلا أن يقال إنما يتكلم عليه بعد وقوعه، والأول أظهر وهو الأكثر من أخذ الأشياخ الأحكام من مفروضات المدونة، ويؤيده سماع أصبغ ابن

ص: 87

القاسم في كتاب العتق، وقال: أشهدكم أن ما أعتق أو أحدث في رقيقي، فأمره جائز وابنه سفيه، ثم باع ابنه من رقيق أبيه عشرة، جاز بعيه على أبيه، وإن كره إلا أن يبيع بما لا يتغابن به من محاباة بينة ووكالة السفيه كغيره.

ابن رشد: هذا بين لا خلاف فيه ولا إشكال، والتوكيل في الحياة بخلاف الوصية بمال ولده لا يجوز لسفيه بخلاف وصيته بتنفيذ ثلثه إلى سفيه، أي غير عدل ذاك جائز؛ لأن ثلثه له حيًا وميتًا، جواز توكلها إلا أن يقال إنما تكلم عليه بعد وقوعه والأول أظهر، وهو الأكثر من أخذ الأشياخ من مفروضات المدونة، وظاهر كلام ابن رشد في رسم أسلم من سماع يحيى ابن القاسم من كتاب العتق الثاني جواز توكيل المحجور عليه.

وفي نوازله: من وكل على قبض دين له صبيًا قبل بلوغه فقبضه براءة للغريم؛ لأن رب الحق رضي به، وأقر له منزلته.

وفي سلمها الثاني قلت: إن وكلت ذميًا على أن يسلم لي في شيء.

قال: قال مالك: لا تدفع لنصراني شيئًا يبيعه لك، ولا يشتري لك شيئًا ولا يتقاضى لك، ولا تبضع معه، وكذلك عبدي النصراني، ولا يجوز شيء مما يصنعه النصراني للمسلمين في بيع ولا شراء.

المازري: لو وقع تفاوض الذمي بوكالته في خمر تصدق الموكل بجميع ثمنه، وفي الربا بالزيادة فقط، ولو فعل ذلك وهو يعلم حرمته وعدم إرادة المسلم ذلك غرم له ما أتلف عليه بفعله ذلك.

ابن الحاجب: وفيها لا يوكل الذمي على مسلمٍ أو بيعٍ أو شراءٍ أو يضع معه، وكرهه ولو كان عبدًا.

قلت: فيها ليس كونه على مسلم ولا لفظ الكراهة، وظاهر لفظها لا يجوز الحرمة.

الصقلي عن بعض القرويين: توكيله على الاقتضاء تسليطه له على المسلمين وعلى أن يغلظ عليهم إن منعوه، فكره ذلك لئلا يذل المسلم.

قلت: وهذا وإن وافق نقل ابن الحاجب فهو ليس من لفظها، وقول ابن الحاجب كابن شاس من لا يوكل عدو على عدوه، وهو قول ابن شعبان في زاهيه، لا بأس

ص: 88

بتوكيل من ليس بينه، وبين الموكل عليه عداوة لما نهى عنه عن الضرر والإضرار.

وتشمل الوكالة على البيع والشراء لوازمها العرفية في نكاحها الأول؛ لأن وكيل البيع له قبض الثمن وإن لم يؤمر بذلك، وليس للمبتاع أن يأبى ذلك عليه.

ابن شاس: والوكيل بالشراء يملك قبض المبيع، وتبعه ابن الحاجب، وقبله ابن هارون وابن عبد السلام، وفي قبوله مطلقًا نظر، ومقتضى المذهب عندي التفصيل، فحيث يجب عليه دفع الثمن يجب له قبض المبيع، وحيث لا يجب لا يجب لنكتة التي فرقوا فيها بين وجوب قبض الوكيل ثمن ما باعه وعدم صحة قبض ولي الثيب نقد وليته دون توكيل عليه، فإنه في البيع هو مسلم البيع لمبتاعه، وليس الولي كذلك في النكاح وشراؤه معيبًا تعديًا عداء إلا ما يغتفر عرفًا.

فيها: إن أمرته بشراء سلعة فابتاعها معيبة تعمدًا، فإن كان عيبًا خفيفًا يغتفر مثله، وقد يكون شراؤه بها فرصة لزمتك، وإن كان عيبًا مفسدًا لم يلزمك إلا أن تشاء وهي لازمة للمأمور.

قلت: انظر لو كان العيب خفيًا مغتفرًا باعتبار حال عموم الناس وحال الآمر لا يقتضي اغتفاره هل يلزم الآمر أم لا؟ والأظهر أنه يتخرج على القولين في أول كتاب الغصب في أثر العداء إذا كان يسيرًا بالنسبة إلى عموم الناس، وغير يسير بالنسبة إلى حال المتعدي عليه، هل يحكم عليه بحكم اليسير أو الكثير؟ وعبر عن هذا ابن الحاجب بقوله: فإن علم بالعيب كان له، ولا رد إلا في اليسير.

قلت: استثناؤه القائل إلا في اليسير يستحيل رده لمنطوق ما قبله، وإنما يستقيم برده لمحذوف تقديره: ولا يلزم الآمر، ومثل هذا الحذف لا ينبغي في إلقاء المسائل العلمية مع يسر العبارة عنه بقوله: فإن علم بالعيب لزمه كالآمر إلا في اليسير.

وفيها: لو عينه الآمر فلا رد للمأمور بعيبه، وإن لم يعينه فقولا أشهب: قائل للآمر أخذها بعد ردها المأمور، فإن ماتت ضمنها، وابن القاسم قائلًا: ليس له ردها أن العهدة له دون الآمر لكن لمخالفة الصفة وقد أمكنه الرد، وهذا في وكيل مخصوص والمفوض له جائز رده، وإقالته على الاجتهاد دون محاباة، وفي تعليق أبي عمران: هو إن ردها ضمن عند أشهب، وإن لم يردها ضمن عند ابن القاسم، فالحيلة في الخلاص من

ص: 89

الضمان أن يرفع للحاكم، فما حكم به منهما فعليه يسقط الخلاف فلا ضمان.

ونقل ابن الحاجب: له الرد في غير المعين، وفيه قولا هما عكس نص قولها.

قال المازري: وهو نقل الشافعية عن مذهبهم، وعلى الصواب نقلها ابن شاس.

وفي الرد بالعيب منها: من ابتاع سلعة لرجل وأعلم به البائع فالثمن على الوكيل ولو كان مؤجلًا حتى يقول له في العمد إنما ينقدك فلان دوني، فالثمن على الآمر حينئذ.

الصقلي: قال محمد: وإن لم يقل إلا ابتاعه لفلان تبع المأمور دون الآمر، إلا أن يقر الآمر فلتيبع أيهما شاء، إلا أن يدعي الآمر أنه دفع الثمن للمأمور، فيحلف ويبرأ ويتبع المأمور، ولم يذكر محمد هل قبض الآمر السلعة أم لا؟

وذكر أصبغ في العتبية: عن ابن القاسم في قبض الآمر السلعة وقال: دفعت إلى المأمور الثمن، فإن كان المأمور دفع الثمن للبائع فالقول قول الآمر مع يمينه، وإن لم ينقد حلف المأمور ما قبض وأخذ من الآمر.

سحنون: إن كان أشهد حين دفع أنه إنما ينقد من ماله لم يقبل قول الآمر أنه دفع إليه.

قال بعض فقهاء القرويين: ما في كتاب محمد خلاف هذا؛ لأنه ذكر أن الثمن لم يدفعه المأمور للبائع، وجعل القول قول الآمر؛ لأن السلعة ليست برهن في يد المأمور، وعلى قول ويشبه لو لم يدفع السلعة أن القول قوله على قول أشهب وإن نقد؛ لأنه يراها كرهن في يده إذ له حبسها حتى يقبض الثمن، وعلى قول ابن القاسم ليس له حبسها وعلى قوله يكون القول قول الآمر، ويجب إن دفع السلعة للآمر أن يكون القول قول الآمر، إذ لم يبق إذ لم يبقى بيد المأمور عوض عما دفعه، وعما هو مجبور على دفع، وجعل في العتبية القول قوله بعد دفع السلعة، إذ لم يدفع الثمن للبائع فأحله محل البائع، إذ الثمن لا يسقط عن المشتري بقبض السلعة منه، فمتى لم يقبض الثمن كان القول قول المأمور.

وقال: فيمن قال خذ لي دراهم سلفًا على طعام، لا يلزم المأمور وهو مشتري الدراهم بطعام، وهو يقول لمن اشترى سلعة بثمن لأجل، وأخبر أن الشراء لغيره، أن الثمن على المأمور حتى يقول فلان ينقدك دوني، فما الفرق بين شرائه الدراهم بسلعة

ص: 90

وشرائه السلعة بدراهم، إلا أن يقال القياس فيمن اشترى لغيره وأخبر أن الشراء لغيره أن يجب الثمن على الآمر، لولا العادة أن من أمر بالشراء دفع إليه الثمن، ولم تجر العادة فيمن أخذ الدراهم على سلم أن يدفع للمأمور السلم، فبقي هذا على أصله أن ذلك على الآمر كعهدة المبيعات، وجرى الشراء على العادة.

وفي الموازيَّة: إن قال بعثني فلان إليك لتبيعه فلا يتبع إلا فلاناً، وإن أنكر غرم الرسول رأس المال.

قال أشهب: ولو قال بعثني إليك لأشتري منك أو لتبيعني فالثمن على الرسول، وإن أقر المرسل كان عليه حتى يبين أني لست من الثمن في شيء، أو يقول فلان بعثني لتبيع منه.

الصقلي: والفرق بين شراء الوكيل وبيعه، إن قال البيع لفلان فالعهدة على فلان، وإن قال أشترى لفلان فالثمن على الوكيل إلا أن يقول فلان ينقدك دوني، هو أن أمر العهدة خفيف، وقد لا يحتاج لها أبداً والثمن لابد منه، وهذا قد ولي معاملته وقبض سلعته فعليه أداء ثمنها إلا أن يشترطه على فلان.

قُلتُ: قوله وذكر أَصْبَغ إلى قوله كان القول قول المأمور إنما هو من فصل تنازع الآمر والمأمور، وقد تقدم في مسائل العهدة في الرد بالعيب ويأتي تحصيله لابن رُشْد في تنازع الآمر والمأمور.

اللخمي: وكالة أخذ السلم بلفظ بعثني لأخذ سلم له يوجب أخذ الوكيل رأس ماله وأداء الآمر السلم، فإن أنكره سقط عنهما.

وفي غرم المأمور رأس المال قولا محمد وغيره، ورأى إن كان مأموناً حلف لقد أرسلني وأوصلته وبرئ وإلا غرم، ولفظ وكلفني على عقد سلم له لا يوجب عليه رأس ماله، ولفظ وكلني أن أسلم له يوجبه وهي على الشراء بلفظ بعثني لتبيعه على الآمر، ولفظ لأشترى منك على المأمور، ولفظ لأشتري له في إيجابه على الوكيل أو الآمر قول محمد، ورواية المبسوط: إن أعلم أنه وكيل على شراء أنه وكيل لغيره لم يجب عليه بدل زائف يظهر في الثمن بناء على أن البيع التقابض مع العقد أو تجرده.

قُلتُ: يرد تخريجه من رواية المبسوط خلاف قول محمد: بأنه لا يلزم من عدم

ص: 91

وجوب البدل على المأمور عدم إيجاب دفعه الثمن، لجواز رعيه أن العرف إنما يقتضي قبض المأمور قدر الثمن فقط لا زيادة عليه ببدل منها، ثم وجدت نحوه للمازري.

وقول ابن الحاجب: ويطالب بالثمن، وللثمن ما لم يصرح بالبراءة يقتضي أن الوكيل على أخذ سلمٍ مطالبٌ بأدائه، وهو خلاف ما تقدم، وخلاف ظاهر قولها ونصه: قلت: إن قلت لرجل خذ لي دراهم سلماً في طعام لأجل ففعل أيلزمني السلم في قول مالك.

قال: ذلك لازم للآمر عند مالك.

قال: قال مالك: وإن شرط المشترى على المأمور إن لم يرض فلان الذي أمره باث لبيعي ضامن حتى توفيه فلا بأس به.

ولما ذكر ابن عبد السلام بعض ما تقدم قال: لكن وقع في السلم الثاني فذكر المسألة بزيادة.

قال: وكذلك إن ابتعت لرجل سلعة بأمره من رجل يعرفه، فاشترط عليك البائع أن الرجل إن أقر له بالثمن وإلا فهو عليك نقداً أو لأجل فلا بأس به، وظاهر هذا أن المطالب بالعوض في المسألتين إنما هو الموكل لا الوكيل، ولأنه لا يلزم الوكيل إلا بشرط.

قُلتُ: وهذا يوجب تناقض قولها في الرد بالعيب لقولها في المسألة الثانية من مسألتي كتاب السلم، وهو وهم غره فيه اعتماده على ظاهر لفظ التهذيب في مسألة كتاب السلم، ولفظها في المدَوَّنة على خلاف ذلك، ونصه: قال مالك: وإنما مثل ذلك مثل من يقول لرجل ابتغ لي غلاماً أو دابة بالسوق، فيأتي المأمور لمن يشتري منه فيقول إن فلاناً أرسلني إليك أشتري له ثوبا فبيعوه فقد عرفتموه، فيقول: نحن نبيعه فإن أقر لنا بالثمن فاث برئ، وإلا فالثمن عليك نقدا أو إلى أجل، فهذا لا بأس به، ونص مسألة الرد بالعيب.

قُلتُ: لو اشترى سلعة من رجل لفلان وأخبرته أني اشتريتها لفلان لا لنفسي، قال: إن لم يقل المشتري للبائع لا أنقدك إنما ينقدك الثمن فلانٌ، فالثمن على المشترى، قاله مالك.

ص: 92

قُلتُ: فمسألة كتاب السلم المأمور فيها غير مشترٍ، بل أمر للبائع أن يبيع من الآمر لا منه، فجعل الثمن على الآمر.

ومسألة الرد بالعيب المأمور فيها هو المشتري لا الآمر، فلذا جعل الثمن عليه إلا أن يشترط على الآمر، وقد تقدم من نقل الصقلي واللخمي وجه هذه التفرقة.

وفيها: من باع سلعة لرجل بأمره، فإن أعلم المأمور في العقد أنها لفلان، فالعهدة على ربها إن ردت بعيب، فعلى ربها ترد وعليه الثمن لا على الوكيل، وإن لم يعلم أنها لفلان حلف الوكيل وإلا ردت السلعة عليه.

[باب في ضابط تراجع الحملاء فيما ابتاعوه متحاملين]

وما باعه الطوافون والنخاسون ومن يعلم أنه يبيع للناس فلا عهدة عليهم في عيب ولا استحقاق، والتباعة على ربها إن وجده وإلا اتبع، وتقدم تفريق الصقلي بين سقوط العهدة عن المأمور بإعلامه المشترى أنه نائب، ولا تسقط عنه مطالبته بالثمن بذلك، وأبين منه دوام مطالبة العهدة لامتناع سقوطها، ويسر سقوط مطالبة الثمن بدفعه، وتقدم شيء من هذا في مسائل العهدة، ولو ضاع للمأمور ثمن ما ابتاعه ففي غرمة الآمر، ثالثها: إن كان شراؤه قبل قبضه من الآمر للصقلي عن الشَّيخ عن المغيرة وبعض المدنيين في قراضها والمشهور معها ومحمد قائلاً: ولو تلفت السلعة وحيث لا يجب على الآمر فالسلعة للمأمور إلا أن يأخذها الآمر بغرمه.

وسمع عيسى ابن القاسم: إن اشترى مبضعٌ معه في شراء جارية أباها، وقال: لبائعها دعني أبعثها خوف فوات الرفقة وأرجع فأنقذه، فرجع فوجد الثمن تلف، فإن فرط بتطويله في رجوعها وفاتت بحمل فهو منه، وإلا خير ربها في أخذها بثمن آخر أو ردها، واختصارها ابن الحاجب بقوله: ولو تلف الثمن في يده رجع على موكله واضح القصور.

ولو جحد مبتاع سلعة من أمر ببيعها قبضها، ففي غرمه قيمتها أو ثمنها، ثالثها: أقلها للصقلي مع المازري عن الشَّيخ وابن شبلون وبعض أصحابنا، ورجح ابن محرزٍ الأول وعزاه، والثاني: للمذاكرين ولم يحك الثالث، والصقلي الثالث محتجاً بتعيينها

ص: 93

ضمانه بأنه أتلف الثمن.

قال: ولأن الإشهاد على العقد أنفع إذ قد يخالفه في الثمن، وقد قال محمد: إن اختلفا في الثمن وفاتت السلعة صدق المبتاع مع يمينه، وضمن الوكيل ما بقي بتعديه بترك الإشهاد، وإذا ضمن بعض الثمن ضمن جميعه.

وقال بعض شُيُوخنا: لو أنكر المسلم إليه الثمن ضمن الوكيل السلم لإقراره بثبوته على المسلم إليه وتفريطه في الإشهاد، وكذا لو أقر بقدر أقل مما قال الوكيل ضمن الوكيل الزيادة.

ابن الحاجب: ولو أسلم المبيع ولم يشهد، فجحد المشترى الثمن ضمن.

ابن عبد السلام: زاد المؤلف لفظة: الثمن، وهي توجب تشويشاً على فهم السامع ولم يذكرها أحد، وإثباتها يقتضي أنه لو جحد الشراء لما ضمن الوكيل ولو سلم المبيع، وليس كذلك في نصوص المتقدمين على ما ستقف عليه.

قُلتُ: ولم يأت بشيء من نصوص المتقدمين في ذلك إلا قوله: قال بعض الأشياخ: العادة في عقود البياعات ترك الإشهاد فلا يضمن الوكيل بتركه ولا مطالبته عليه إن كانت السلعة قائمة بيده، لكنه إن سلمها كان كالمتلف لها فيضمن.

قُلتُ: قوله إثباتها يقتضي أنه لو جحد الشراء لما ضمن الوكيل، ولو سلم المبيع وهم؛ لأن جحد الشراء مع ادعائه المأمور دفع المبيع لمن زعم أنه ابتاعه ملزوم قطعاً لجحده الثمن الذي صرح المأمور بادعائه عليه قطعا؛ لأن الشراء المذكور وثمنه متلازمان كلما انتفى أحدهما انتفى الآخر، فجحد المبتاع الشراء جحد للثمن، وكلما جحد الثمن لزم ضمان المأمور.

فقوله: لو جحد الشراء لما ضمن المأمور وهم فتأمله، ونصها فيها: من باع سلعة وكل على بيعها فجحده على مبتاعها ثمنها ضمنه؛ لأنه أتلفه بتركه الإشهاد على مبتاعها لقول مالك: من زعم في بضاعة بعثت معه لرجل أنه دفعها له فأنكره ضمنها.

اللخمي: قول عبد الملك في هذا الأصل تصديقه، وإن لم يشهد وهو عادة الناس في كثير من البياعات، فإن كان سلم السلعة حلف، وحلف الآخر ما اشترى ولا قبض

ص: 94

وبرئا، فإن نكل المأمور غرم الأقل من القيمة أو الثمن، وإن نكل المشترى غرم الثمن، وإن نكلا وقد غرم المأمور لنكوله بتقدم طلب الآمر لم يرجع على المشتري؛ لأنه يقول لا وخاصمني كنت المبرأ بالحلف فأردده عليك وقد نكلت عنه، فلا يجب لك على شيءٌ، ولو غرم المشتري لبرأ الآمر به، كان له تحليف الوكيل إن نكل غرم له الثمن الذي أغرمه الآمر، وإن كانت العادة الإشهاد على الثمن غرمه، سلم السلعة له أم لا.

وإن كانت على العقد دون التسمية فإن لم يسلم السلعة لم يغرم شيئاً، وإن سلمها غرم الأقل من القيمة أو الثمن.

وإن قال المشتري: إنما اشتريت بأربعين، وقال المأمور: بخمسين مخالفاً، فإن نكل المأمور غرم المشترى أربعين فقط.

وفي غرم المأمور تمام الخمسين قولا ابن القاسم ومحمد، وثالثها لرواية يفسخ البيع وهو أبين لقول الآمر: لا يجوز على نكول المأمور، فلا تؤخذ سلعتي بغير ما أقر وكيلي أنه باع به، وعلى الفسخ يغرم الوكيل على قول محمد الخمسين، وعلى قول ابن القاسم: لا غرم عليه، ومحمل قول محمد على ترك الإشهاد.

وسمع ابن القاسم: من أمر من يبيع له غلاماً لم يسم له ثمنه فقال: بعثه بخمسين، وقال: مشتريه بأربعين تحالفاً، فإن نكل الوكيل حلف المشتري، وثبت قوله: فلا يقال للآمر احلف؛ لأنه لا علم له.

ابن رُشْد: معناه فوض له في ثمنه؛ لأنه لو لم يفوض له ولا سمى لوقف الآمر على رضاه ولوجب إن قال: بعته بخمسين، وقال المشتري: بأربعين، وقال الآمر: لا أرضى بيعه بالخمسين أن يأخذ عبده، وإن قال: لا أبيعه بدون الخمسين، قيل المشتري: إن شئت خذه بها وإلا فلا شيء لك ولا أيمان بينكما، ولو قال الآمر: لو باعه بأربعين رضيتها؛ ولكنه باعها بخمسين فأطلبها، كانت الأيمان بينهما كما ذكره؛ يريد: تكون الأيمان بينهما كاختلاف المتبايعين في الثمن.

فقوله: إن نكل الرسول لم يفسخ البيع صحيح، قوله: لا يقال للآمر احلف، معناه: لا يجب عليه إذا لم يل البيع، إنما يجب على من وليه ومن حقه إن ادعى معرفة الثمن أن يحلف إن شاء بدل الرسول فيفسخ البيع إن حلف المشتري، ولا يجب على

ص: 95

الوكيل شيء بنكوله؛ لأنه بحلفه أختار فسخ البيع على إمضائه بيمين المشتري ويضمن الرسول العشرة، وكذا إن حلف المشتري والرسول وانفسخ البيع لم يجب على الرسول شيء؛ لأن الإشهاد لا يجب عليه إلا عند دفع السلعة؛ لأنه إن لو قال بعته بخمسين فأنكر المشتري الشراء وحلف لم يجب على الوكيل شيء، ولو دفع العبد فجحد الثمن وأنكر، قبض العبد وحلف، ضمن الرسول الخمسين لا قيمة العبد، كذا قال في المدَوَّنة: يضمن الثمن، ووجهه أن الإشهاد بالثمن إنما يجب عند دفع العبد، وإن لم يحلف واحد منهما حلف المشتري وثبت قوله على ما قال في السماع، وتبع الآمر الوكيل بالعشرة التي أتلف بنكوله، رواه محمد، وكذا لو فات العبد عند المشتري وحلف لغرم الوكيل العشرة، رواه محمد أيضاً، ولم يتكلم في السماع إن نكل المشتري بعد نكول الرسول.

وقال فيه ابن حبيب: يلزمه البيع، يريد: بما قاله الوكيل، كقوله: إن نكل المتبايعان فالقول قول البائع، وقول أبي بكر بن محمد: إن نكل المشتري بعد نكول الوكيل غرم ما قال الرسول، بخلاف المتبايعين لا يصح بوجه، ولا فرق بينهما وبين المتبايعين ففي نكولهما القولان كالمتبايعين، وذكر كلاماً تقدم في اختلاف المتبايعين.

وفي الوديعة منها: أن أمر من باع ثوباً من رجل بدفعه ثمنه لمن يأتيه به فقال: قبضته وتلف، لم يبر دافعه إلا ببينة على دفعه.

قُلتُ: ما الفرق بينه وبين قول مالك: فيمن بعث بمال لرجل فقال: قبضته وتلف، قال: ليس ما في الذمة كالأمانة.

وسمع عيسى ابن القاسم: إن قال من أمر بدفع ثوب لصباغ دفعته له، فأكذبه الصباغ فالمأمور ضامن ولو صدق، وقال: ضاع وهو عديم، ضمنه الصباغ ولا شيء على المأمور.

ابن رُشْد: إن أكذبه ضمن اتفاقاً لتعديه إذ لم يشهد، ولو كان مفوضاً إليه، وقول بعض أهل النظر: معنى المسألة أنه أمره بدفه لصباغ معين، ولو كان غير معين صدق مع يمينه، وإن أنكر القابض كالمساكين الذين لا يلزمه الإشهاد عليهم، ويصدق في الدفع إليهم غير صحيح والإشهاد لازم له في المعين وغيره.

ص: 96

قُلتُ: قوله: قول بعض أهل النظر؛ يريد به: ابن دحونٍ؛ لأنه صرح بعزو هذه إليه في الأولى من رسم أوصى من سماع عيسى من كتاب الرهون، وفي براءة الدافع بتصديق الصباغ وهو عديم تأويلان، أحدهما الغسال ضامن تتبع ذمته بخلاف المؤتمن، الثاني: أنه على القول ببراءة المأمور بالدفع إذا كان أميناً بتصديق القابض، وإن كان مؤتمناً وادعى التلف، وهو قول ابن القاسم في الوديعة منها خلاف قوله في الموازيَّة.

وفي مختصر الأسدية لأبي زيد القولان: ففي براءة الآدمي الدافع بتصديق القابض قبض لأمانة أو ذمةٍ، وعدمه قبض لأمانة أو ذمة إذا كانت خربةً، ثالثها: لا يبرأ إن قبض إلى أمانة، ويبرأ إن قبض لذمةٍ وإن كانت خربةً.

قُلتُ: عزا الثالث في المقدمات لفضل قال: ومسائله أربع من ذمة لذمة أو لأمانة، ومن أمانة لأمانة أو لذمة، وتحصيلها في المقدمات.

قُلتُ: وقال فيها: دافع الأمانة لأمانة في براءته بتصديق، وأمر بدفعها له مدعياً تلفها، قول ابن القاسم فيها، وفي الموازيَّة: ولذمة خربة قولان في سماع عيسى في مسألة الصباغ مع أحد نقلي أبي زيد عنه، وثانيهما: ودافع ما في ذمة لأمانة لا يبرأ بتصديق من أمر بدفعه له إن ادعى تلفه، لا أعرف فيه نص خلاف إلا أن يتخرج فيه من الأمانة، وكذا إن أنكر قبضه وقد يدخله الخلاف من مسألة اللؤلؤ.

قُلتُ: وقال قبل هذا دافع الأمانة لغير اليد التي دفعت إليه عليه الإشهاد كولي مال اليتيم لا يصدق في الدفع إن أنكره القابض لا أحفظ فيه نص خلاف الأقوال.

ابن الماجِشُون: فيمن بعث بضاعة مع رجل لرجل أنه لا يلزمه إشهاد بدفعها ويصدق وإن أنكر القابض كانت ديناً أوصلةً، ويمكن أن يتخرج مثله من قول ابن القاسم فيها: من أمر من يشتري له لؤلؤاً من بلد، وينقد عنه فزعم أنه ابتاعه ونقد ثمنه ثم تلف حلف على ذلك ورجع عليه بالثمن؛ لأنه أمينه، فإذا وجب تعمير ذمة الآمر بقوله فعلت ما أمرني به، وإذا وجب أن تخلى ذمته بقوله ما أمرتني به، وإذ أوجب أن تخلي ذمته بقوله فعلت فإخلاؤه أمانته أوجب.

ومن سماع عيسى ممن اشترى ثوباً من ثوبين على أن أحدهما قد وجب عليه بخياره فيضيع أحدهما فيدعي أنه كان اختار هذا الباقي أنه يصدق، وإذا غرم الدافع ففي

ص: 97

رجوعه على القابض المدعي تلفه.

قولا مُطَرف: لتفريطه بعدم سرعة الدفع وابن الماجِشُون: إذ الأصل عدم التفريط، هذا إن ثبت توكيله ببينة أو إقرار الموكل، وإلا ففي كون القول قول الموكل فيحلف ما وكله ويضمن الوكيل، أو قوله لتصديق الدافع له قولان الآتي على ما في الوديعة منها مع قول أشهب وسماع سَحنون ابن القاسم في كتاب العارية وسماعه عيسى فيه، وعلى الأول إن رجع الآمر على الوكيل فلا رجوع له على أحد، وإن رجع على الغريم رجع على الوكيل، وعلى الثاني في رجوع الغريم عليه إن غرم ما تقدم من قول الأخوين.

وقول ابن الحاجب تابعاً لابن شاس: ولو قال: قبضت الثمن وتلف برئ ولم يبرأ الغريم إلا ببينة إلا في الوكيل المفوض إليه هو نص النوادر.

ومن نقل ابن حبيب عن رواية مُطَرف قال: والوصي كالمفوض إليه، وقاله ابن القاسم وابن الماجِشُون، وفي المديان منها بمثله.

ولو جحد الوكيل قبض ثمنٍ فأكذبته البينة، فقال: تلف أو رددته بموجب لم تقبل ببينة بذلك، وكذا من أقام بينته ببراءته من دين قامت به بينة بعد إنكاره إياه وتمامها في الوديعة.

والمذهب عدم قبول قول الوصي من أب أو قاض في دفع مال اليتيم إليه بعد رشده إلا ببينة أو دليل طول السكوت، وفي الوكالة منها: كالوصي يدعي الدفع للورثة فعليه البينة؛ لأنهم غير من دفع إليه، ولو زعم الوصي أنه تلف ما بيده لم يضمن؛ لأنه أمين، ومثله في الوصايا الأول منها.

الصقلي: لأنه وإن كان مؤتمناً فقد دفع لغير من ائتمنه.

وروى محمد: إلا أن يطول الزمان كعشرين سنة يقيمون معه لا يطلبونه فالقول قوله مع يمينه.

الصقلي: لأن العرف قبض أموالهم إذا رشدوا كالبياعات بغير كتب وثيقة إذا مضى من الزمان ما العادة عدم تأخير قبض الثمن إليه، قبل قول المشتري بيمينه.

المتيطي: الإشهاد لازم للوصي في دفعه مال اليتيم إليه إذا انطلق من ولايته، قبض

ص: 98

الوصي المال ببينة أو غيرها.

وروى أبو زيد عن ابن القاسم: إذا طال الزمان سنين كثيرة بعد انطلاقه، قبل قول الوصي مع يمينه.

قال ابن العطار: والقضاء بما تقدم، وقال القاضي أبو بكر بن زَرْب: إذا قام على وصيه بعد انطلاقه بالعشرة الأعوام أو الثمانية أنه لم يدفع إليه ماله فلا شيء له قبله؛ يريد: من المال وحلف لقد دفع إليه، ومقتضى النظر أن القول قول المدعي أنه ما قبض حتى يمضي من المدة ما يقتضي كذبه.

قُلتُ: ففي لغو دعوى الوصي دفعه ما ليتيمه له بعد رشده مطلقاً، وقبول قوله مع حلفه بعد طول سكوت اليتيم عشرين عاماً أو ثمانية، ثالثها: ما يقتضي العرف كذبه لابن العطار عن القضاء عندهم، ورواية محمد مع المتيطي عن أشهب وعن ابن زَرْب واختياره.

وفيها لمالك لو قال: أنفقت عليهم وهم صغار فإن كانوا بحجره يليهم فالقول قوله ما لم يأت بما لم يستنكر أو بسرفٍ.

الصقلي: روى محمد إن ادعى سدادا أو زيادة يسيرة صدق مع حلفه، وقال ابن القاسم، وفي سماع أشهب وربما قال: وله أن يشتري له بعض ما يلهو به، وفي المجموعة لابن كنانة: وينفق في عرسه بقدر حاله.

وفيها مع غيرها: إن كان اليتيم في حضانة غير وصيه لم يصدق في دفع النفقة إلا ببينة، وتمام هذا في الوصايا.

وفيها: والوكيل على بيع مصدق في دفع ثمنه للآمر؛ لأنه أمينه.

ابن رُشْد: في قبول قول الوكيل مع حلفه أنه دفع لموكله ما أمره بقبضه من مبيع أو غريم مطلقاً، أو إن كان بعد شهر ونحوه، وإن طال لم يحلف، ثالثها: إن كان بالفور كيسير الأيام يحلف، وإن طال لم يحلف، ورابعها: الوكيل على معين غارم مطلقاً والمفوض إليه يحلف في القرب لا في البعد لسماع ابن القاسم معها، ورواية مُطَرف وقول ابن عبد الحَكم مع ابن الماجِشُون وأَصْبَغ، وإن مات بحدثان قبضه كان في ماله وبعده ما فيه القضاء والدفع فلا شيء عليه.

ص: 99

وفي حمل الزوج في بيعه وشرائه لزوجه على الوكالة وإن لم تثبت أو حتى تثبت دليلاً، سماع ابن القاسم في كتاب المديان وسماع عبد الملك في كتاب الدعوى.

قال ابن الحاجب: والمصدق في الرد ليس له التأخير لعذر الإشهاد.

ابن عبد السلام: موضع هذا الفرع كتاب الوديعة.

ولما رأى المؤلف أن المشهور قبول قول الوكيل في دفعه لموكله ما قبضه أشبه المودع في دعواه رد الوديعة إذا قبضها بغير بينة، وينبغي أن يكون للوكيل والمودع مقال في وقف الدفع على البينة وإن كان القول قولهما في الرد؛ لأن البينة تسقط عنهما اليمين.

ابن هارون ونحوه، وذكر ابن شاس: وفي نظر؛ لأن بالبينة تسقط عنهما اليمين أعني الموكل والمودع.

قُلتُ: كلاهما حمل لفظ ابن الحاجب على دفع الوكيل للموكل وتعقباه بما ذكراه، وفيهما حملاه عليه نظر؛ لأن لفظ ابن شاء هو ما نصه: ومن يصدق في الرد إذا طلب به فليس له التأخير لعذر الإشهاد إذا تحقق الوكالة أو باشره المستحق ولمن عليه الحق بشهادة وقد دفعه لمستحقه أو وكيله على الإشهاد وإن اعترف به، فإن كان بيده تركه واعترف لإنسان أنه الوارث لا غيره لزمه دفعه إليه، ولم يجز له تكليفه البينة على أن لا وارث سواه.

قُلتُ: فقوله لمستحقه أو وكيله نص في أنها ليست بين الوكيل والموكل وجميع ما نقلناه لابن شاس لم أجده نصاًّ لأهل المذهب، بل هو نص الغزالي في الوجيز بزيادة خلاف عندهم؛ لأنه قال: ومن يصدق في الرد إذا طولب بالرد هل له التأخير بعذر الإشهاد؟ وجهان.

وقال المازري: قالوا: يعني: الشافعيَّة: إذا كان الدين بالإشهاد فمن حق المداين أن لا يدفعه إلا بالإشهاد إذ لا مخلص للمدين إلا بالإشهاد، ولو كان بغير بينة لم يلزم مستحقه الإشهاد بقبضه؛ لأن من هو عليه يمكن أن يبرأ منه بجحوده أصلاً فيصدق مع يمينه ولم يعتبروا مشقة الحلف.

والحق أن لا تعقب على ظاهر لفظ ابن الحاجب؛ لأنه يصدق بحمله على الصور التي يصدق فيها الدافع بغير يمين كالوكيل على قبض شيء يطلبه منه موكله بعد قبضه

ص: 100

منه بمدة طويلة يصدق فيها الوكيل دون يمين، وفيما ذكره ابن شاس عن المذهب نظر، ولا يجوز له أن ينقل عن المذهب ما هو نص لغير المذهب ولا سيما وأصول المذهب تقتضي خلافه حسبما أشار إليه المازري وشارحا ابن الحاجب، وكذلك قوله في مسألة التركة فاعلمه.

وفي نوازل عيسى: من وكل على خصومة أو وجه من الوجوه لا يوكل غيره عليه في حياته ولا مماته، إنما يجوز ذلك للوصي.

ابن رُشْد: لا أحفظ خلافًا في الوكيل على شيء مخصوص أنه لا يجوز توكيل غيره عليه، واختلف إن فعل في ضمانه ففي رسم الصبرة من سماع يحيى أنه ضامن إن خرج المال من يده لمن وكله إلا أن يكون لا يلي ذلك بنفسه وعرف ذلك موكله، وإن لم يعرفه فهو ضامن إن كان غير مشهور أنه لا يلي ذلك؛ لأن رضاه بالوكالة يدل على أنه يتولى حتى يعلم الموكل أنه لا يتولى، وفي غير المشهور محمول على أنه لم يعلم حتى يعلم أنه علم، والمشهور بأنه لا يتولى بنفسه لا يضمن والموكل فيه محمول على أنه علم.

وقال بعض العلماء: إذا فعل وكيل الوكيل ما يصنع الوكيل، ولم يتعد في شيء أنه جائز، يريد: لا يضمن من وكله، وقال أشهب: إن كان مثله في الكفاية لم يضمن.

المازري: إن علم الموكل حال المشهور أنه لا يتولى بنفسه لم يكن متعديًا بوكالة غيره اتفاقًا.

قُلتُ: ظاهر كلامه وكلام ابن رُشْد عدم تعديه بفعله، وهل يجوز له ابتداءً؟ ظاهر لفظها منعه، ومقتضى تعليلها بحاله يقتضي جوازه ابتداء.

وفيها: والوكيل على السلم إذا وكل غيره لم يجز.

الصقلي: يريد: ولا يجوز للآمر أن يرضى فعله إذ بتعديه صار الثمن دينًا في ذمته، فيصير فسخ دين في دين إلا أن يكون السلم حل وقبض، فلا بأس بأخذه لسلامته من ذلك وبيع الطعام قبل قبضه.

وقال سَحنون: إن كان المأمور مثله لا يتولى السلم بنفسه؛ جاز للآمر أن يرضى بفعله.

الصقلي: يريد: أنه فعل ما يجوز له فلا يتخلد في ذمته دينًا.

ص: 101

قُلتُ: فيجب حمل قوله: جاز للآمر أن يرضى بفعله على لزوم ذلك له.

قال ابن حبيب: روى ابن القاسم: إن وكل الوكيل غيره فللآمر أن يجيز ذلك، ويكون الطعام له أو يأخذ رأس ماله من الوكيل.

قال: وأنكر أَصْبَغ ومن لقيت من أصحاب مالك، وقالوا: إن فعل وكيل الوكيل ما ينبغي أن يفعل وتوثق لزم ذلك الموكل، ولا خيار له، وإلا غرم الوكيل ألول للآمر وبقي له الطعام، وبه أقول.

ابن رُشْد: والوكيل المفوض إليه في كل الأشياء لا أحفظ في جواز توكيله غيره نصًّا لأحد من المتقدمين، واختلف فيه الشُيُوخ المتأخرون، والأظهر أن له أن يوكل؛ لأن الموكل قد أنزله منزلته.

وقوله: يجوز ذلك للوصي في حياته وبعد موته هو نص مالك وأصحابه لا أعلم فيه خلافًا.

ابن شاس: علم الموكل عجز الوكيل بانفراده عما وكل عليه أو عدم مباشرته ذلك عادةً يجوز له توكيل غيره ولا يوكل إلا أمينًا.

قُلتُ: ظاهر لفظ ابن رُشْد أنه لا يوكل غيره ابتداءً لكنه إن فعل لم يضمن، ومقتضى علة نفي ضمانه يقتضي جوازه ابتداءً، ولفظ المازري كابن رُشْد، وظاهر قوله: أنه لا يوكل إلا أمينًا أنه لا يشترط مساواته في الأمانة.

ودليل لفظ المدَوَّنة في كتاب الإجارة: إن اكتريت فسطاطًا فأكريته من مثلك في حالك وأمانتك، فذلك جائز بشرط مساواته في الأمانة.

وإذا وكل الوكيل بإذن الموكل، ثم مات الوكيل الأول فقال المازري: الأظهر أن الثاني لا ينعزل بموت الأول، بخلاف انعزال الوكيل الأول بموت موكله، ولابن القاسم ما يشير إلى هذا وهو إمضاء تصرف من أبضع معه أحد الشريكين بعد تفاصلهما.

قُلتُ: هي مسألة كتاب الشركة.

ابن الحاجب: ولا ينعزل الوكيل الثاني بموت الأول ابن عبد السلام، لا يتخرج فيه الخلاف من وكيل القاضي لليتيم، فإن فيه خلافًا هل هو نائب عن القاضي أو عن

ص: 102

والد اليتيم؟ وأيضًا فإن القاضي الذي قدم ناظرًا لليتيم لو مات لم يكن موته عزلًا لذلك الناظر.

قُلتُ: في كلامه هذا تنافٍ، بيانه أنه نقل أولا القول بأن ناظر اليتيم نائب عنه القاضي لا عن الأب، ولازم هذا انعزال الناظر بموت القاضي، ثم قال على وجه الاستدلال: بأنه لو مات القاضي لم ينعزل الناظر، وظاهره اتفاقًا وهو خلاف لازم كونه نائبًا عن القاضي لا عن الأب، ولازم هذا انعزال الناظر بموت القاضي، والقول بانعزال ناظر اليتيم بموت القاضي ثابت في المذهب حسبما يذكر في كتاب الأقضية إن شاء الله تعالى، وبعد الإعراض عن هذا التنافي فالذي يتحصل من كلامه فرقًا مانعًا من التخريج كما زعم هو أن ناظر القاضي نائب عنه في قولٍ، ووكيل الوكيل نائب عن الموكل لا عن الوكيل، وهذا يرد بمنع انحصار نيابة وكيل الموكل عن الموكل؛ لأن الوكيل له عزل وكيله واستقلاله بفعل نفسه اتفاقًا، ولو لم يكن نائبًا عنه لما صح عزله عنه.

ويفرق بأن نيابة القاضي عن الأب أضعف من نيابة الوكيل عن موكله؛ لأن نيابة القاضي عن الأب إنما هي بأمر أعم وهو ولايته الصالحة له ولغيره فهو بالنسبة إليه كدلالة العام على بعض أفراده، ونيابة الوكيل عن الموكل إنما هي بتوليته إياه بعينه فهي كدلالة الخاص على نفس مدلوله وهي أقوى من دلالة العام اتفاقًا، ولا يلزم من نقض أثر الأضعف نقض أثر الأقوى.

والمعروف انعزال الوكيل بعلمه بموت موكله:

ونقل اللخمي والمازري وابن رُشْد وغيرهم من مُطَرَّف: لا ينعزل به إلا بقيد كونه مفوضًا إليه.

ونقل ابن شاس وابن حارث عنه بقيد: كونه مفوضًا إليه، وعزاه ابن رُشْد في سماع سَحنون لابن الماجِشُون: وطرف مطلقًا لا بقيد تفويض، وكذا في المقدمات قال فيها: ولأَصْبَغ ينعزل بموته إن كان هو البائع ولا يقبض الثمن إلا بتوكيل الوارث، وإن كان الوكيل ولي البيع فهو على وكالته حتى يعزله الوارث.

قُلتُ: فالأقوال أربعة: المعروف، والنقلان عن مُطَرِّف، وقول أَصْبَغ.

ص: 103

قال ابن رُشْد: وقول محمد أجمع أصحاب مالك على انعزاله بعلمه بعزله أو موت موكله غير صحيح، ثم قال: ولم أعلمهم اختلفوا أن القاضي لا ينعزل بموت الإمام الذي قدمه، فانظر الفرق بينهما.

قُلتُ: الفرق عظم المفسدة بعزله بموته لعموم متعلق نيابته في أمور المسلمين، ولأنها في تغيير منكر؛ لأنها في رد ظلم الظالم عن المظلوم، وقاله عز الدين بن عبد السلام، وبأن الإمام إنما قدمه نائبًا عن المسلمين في حقهم لا عن نفسه في حقه، وفي تقرر انعزاله بنفس عزله أو موت موكله أو مع علمه ذلك ولو في حق مدين موكله، ثالثها: بعلمه فقط في حقه وفي حق المدين بعلمه، ورابعها: بنفس الموت فيه وبعلمه في العزل لابن رُشْد عن ابن القاسم في كتاب الشركة قائلًا: عليه حمله التونسي والشُيُوخ مع اللخمي عن ظاهر المذهب قائلًا عن ابن المنذر: الإجماع عليه، وابن رُشْد عن سماع سَحنون أشهب في المقدمات عن قول مالك: أول وكالتها مع ابن القاسم في الشريكين يفترقان فيقضي الغريم أجرهما إن علم افتراقهما، ضمن حظ من لم يدفع له ورجع على من دفع له بما غرم للغائب وإن لم يعلم لم يصحبه، ورواية اللخمي: وفي إجراء الخلاف على اختلافهم في اعتبار النسخ يوم نزوله أو بلاغه، ومنعه بالتفرقة بأنه لا يلزم من كونه يوم البلاغ في الحكم الشرعي كونه كذلك في فعل الوكيل؛ لأن الحكم السابق لا يجوز للمكلف ترك العمل به، وأمر الموكل جائزٌ للوكيل تركه، فجاز توجه الحكم الشرعي عليه بالنهي قبل بلوغه نقلًا.

المازري: وأخذ ابن رُشْد في المقدمات قول أشهب من قوله: إن علم الوكيل عزله دون المدين غرم بخلاف إن لم يعلمًا.

فإن قيل: قد ضمنه إن علم ولم يعلم الموكل الوكيل، قيل: إنه معزول في حقهما معًا بعلم أحدهما، قلنا لا نقوله ولا يصح؛ لأنه إنما ضمنه إن دفع وهو عالم والوكيل جاهل لتعديه بالدفع لا؛ لأن الوكالة انفسخت في حق الوكيل ألا ترى أنه لا يرجع على الوكيل إن تلف المال بيده لبقاء الوكالة في حقه فهو أمانة عنده، ولو انعزل بعلم لوجب الرجوع عليه بما غرم لرب الدين، وفي المسألة تأويلات كثيرة، جعل بعضهم قول ابن القاسم في كتاب الشركة كقول أشهب، فيتأول قوله على أن الوكيل علم بعزله ويجعل

ص: 104

مثله مسألة موت الموكل فيقول: إن لم يعلم الوكيل بموت موكله لم يضمن من دفع إليه إلا أن يعلم فيكون متعديًا، ومنهم من فرق بين مسألة عزله وموت الموكل فقال: إنما ضمن الدافع للوكيل في الموت إن لم يعلم الوكيل رعيًا للقول أن الوكالة لا تنفسخ بموت الموكل، ولو علم الوكيل فيضمن الغريم على هذا التأويل في العزل وإن لم يعلم أحدهما، ولا يضمن في الموت إلا من علم، وقال بعضهم: هو اختلاف قول فيدخل قول إحداهما في الأخرى فيأتي في مسألة الموت ثلاثة أوجه:

أحدها: لا يبرأ الدافع للوكيل وإن لم يعلم هو ولا الوكيل.

والثاني: يبرأ بدفعه إن لم يعلم ولو علم الوكيل.

والثالث: يبرأ الدافع إن لم يعلم إذا لم يعلم الوكيل لا إن علم، وهذا أظهر التأويلات.

فالتأويلات خمس: أحدها: الموت والعزل سواء في الفسخ في كل منهما، فأحدهما مطلقًا أو بعلم الوكيل، ثالثها في حق العالم منهما فقط وقد مر عزوها.

الثاني: هما سواء في كل منهما الأخيران فقط.

الثالث: لا ينفسخ بالموت في حق أحدهما إلا بعلمه، وفي العزل قولان الفسخ في حقهما معا بالعزل، وقيل: بعلم الوكيل فقط.

الرابع: لا تنفسخ في الموت في حق أحدهما إلا بعلمه، وفي العزل بعلم الوكيل قولًا واحدًا.

الخامس: تنفسخ في الموت بعلم الوكيل في حقه وحق من عاملهن وفي العزل بوقوعه وإن لم يعلم أحدهما.

وفي البيان: أجمعوا أن من باع سلعة وكل على بيعها بعد بيع موكله إياها غير عالم به أنها للثاني وإن قبضها، وهذا يدل على عدم فسخ وكالته بنفس الفسخ حتى يعلم الوكيل ذلك أو المشتري، قاله في سماع سَحنون، والمسألة في سماع ابن القاسم قال فيها ابن رُشْد: لا خلاف في المذهب أنها للثاني إن قبضتها غير معالم ببيع الآمر إياها إلا ما حكاه ابن حارث عن المغيرة أنها للأول ولو قبضها الثاني.

اللخمي: وعلى انعزال الوكيل بنفس العزل أو الموت فبيعه بعد عزله كمستحق

ص: 105

لربه وشراؤه بعده إن بين لبائعه أنه وكيل، فللوارث أخذ المشتري أو ثمنه من بائعه إن كان حاضرًا، وإن غاب فليس له على الوكيل إلا أخذ ما اشتراه أو ثمن ما باعه؛ لأنه تصرف بشبهةٍ، وخصومته بعد انعزاله تثبت الحق للآمر لا عليه.

المازري: وجنون الوكيل لا يوجب عزله إن برئ، وكذا جنون الموكل وإن لم يبرأ، فإن طال نظر السلطان في كل أمره، وطلاق الزوجة لا يوجب عزلها عن وكالة مطلقها إلا أن يعلم أنه لا يرضى فعلها بعد طلاقها.

قُلتُ: والأظهر انعزاله عن وكالتها إياه بطلاقها قال: والردة لغو إلا أن يعلم أنه لا يرضى فعله بعد ردته، وفي الانعزال بطول مدة التوكيل ستة أشهرٍ وبقائه قول ابن سهلٍ: رأيت بعض شُيُوخنا يستكثر إمساك الوكيل على الخصومة ستة أشهر أو نحوها، ويرى تجديد التوكيل مع قول المتيطي في الوكالة: على الإنكاح إن سقط من رسمه لفظ دائمةٍ مستمرةٍ وطال أمر التوكيل ستة أشهر سقطت إلا بتوكيلٍ ثانٍ.

ونقل ابن سهل عن سَحنون: من قام بتوكيل على خصومة ستة أشهر أو نحوها، ويرى تجديد التوكيل مع قول المتيطي في الوكالة: على الإنكاح إن سقط من رسمه بعد سنتين، وقد أنشب الخصومة قبل ذلك أو لم ينشبها بعد مضي سنتين سأل الحاكم موكله على بقاء توكيله أو عزله فإن كان غائبًا فهو على وكالته.

ابن فتوحٍ: إن خاصم واتصل خصامه سنتين لم يحتج لتجديد توكيل.

ولابن رُشْد في نوازله: لا خلاف أن للموكل عزل وكيله متى شاء، وأن للوكيل ان ينحل عن الوكالة متى شاء إلا في الوكالة على الخصام، والوكالة على الخصام لمرض الموكل أو سفره أو كونه امرأةً لا يخرج مثلها جائزةٌ اتفاقًا.

المتيطي: وكذا لعذرٍ بشغل الأمير أو خطةٍ لا يستطيع مفارقتها كالحجابة وغيرها، وفي جوازها لغير ذلك ثالثها للطالب لا للمطلوب للمعروف مع نقل المتيطي هو الذي عليه العمل، ونقله عن سَحنون في رسالته إلى محمد بن زياد قاضي قرطبة وفعله، وعلى المعروف في جوازها مطلقًا أو بعد أن ينعقد بينهما ما يكون من دعوى أو إقرارٍ.

نقلا ابن سهلٍ قائلًا: وذكر ابن العطار: أن له أن يوكل قبل المجاوبة إن كان الوكيل حاضرًا، والصحيح عندي أن لا يمكن من ذلك؛ لأن اللدد فيه ظاههرٌ ومراده

ص: 106

أن يحدث عنه ما فيه شغبًا، ثم قال: الذي عليه العمل قديمًا وحديثًا قبول الوكلاء إلا من ظهر منه تشغيبٌ ولددٌ فواجبٌ منعه من التوكيل لأحدٍ.

المتيطي: للموكل عزل وكيله ما لم يناشب الخصومة، فإن جالس الوكيل خصمه عند الحاكم ثلاث مراتٍ فأكثر لم يكن له عزلا، ولأَصْبَغ في الواضحة: إن قاعده مقاعدةً تثبت فيها الحجج لم يكن له عزله، ومثله في أحكام ابن زياد، ولأَصْبَغ ما يدل أيضًا على أن له عزله ما لم يشرف على تمام الحكم وحيث لا يكون للموكل عزله لا يكون له هو أن ينحل عنه إن قبل الوكالة، وقال محمد: له حول وكيله ما لم يشرف على الحكم.

وإن ظهر من الوكيل تفريطٌ أو ميلٌ مع الخصم أو مرض فلموكله عزله ولمن خاصم لنفسه، وقاعد خصمه ثلاث مجالس وانعقدت المقالات بينهما لم يكن له أن يوكل من يخاصم عنه إلا لمرض أو سفر، ويعرف ذلك ولا يمنع أحد الخصمين من سفر إن أراده.

وله أن يوكل عنه.

ابن العطار: ويلزمه الحلف أنه ما استعمل السفر ليوكل غيره، فإن نكل منع.

وقال ابن الفخار: لا يمين عليه.

قُلتُ: الأظهر أنها كأيمان التهم.

قال محمد بن عمر: من حلف أن لا يخاصم خصمه؛ لأنه أحرجه أو شاتمه جاز أن يوكل غيره، وإن حلف لا لذلك فلا.

قُلتُ: في عطف شاتمه على أحرجه بالواو أو بأو اختلاف نسخ.

وفي طرر ابن عاتٍ عن ابن رُشْد: للموكل عزل وكيله، وللوكيل أن ينحل عن الوكالة متى شاء أحدهما اتفاقًا إلا في وكالة الخصام فليس لأحدهما ذلك بعد أن ينشب الخصام والمفوض إليه والمخصوص سواءٌ.

وسمع عيسى ابن القاسم: أن ادعاء شريكان على رجل حقا فقالا للقاضي: من حضر منا يخاصمه فليس لهما ذلك لقول مالك: من قاعد خصمه عند القاضي فليس له أن يوكل الآمر علة، وقال في ورثة ادعوا منزلًا بيد رجل لا يخاصمه كل واحد عن نفسه؛ بل يقدمون رجلًا يخاصمه.

ص: 107

ابن رُشْد: هذا كما لا يجوز للرجل توكيل وكيلين يخاصمان عنه إن غاب أحدهما خاصم له الآخر، ولذاك لم يكن لمن قاعد خصمه أن يوكل غيره إلا لعوز مرضٍ أو سفرٍ أو إساءة خصمه له فيحلف لا خاصمه أو يظهر من وكيله ميلٌ لخصمه ولا خلاف في هذا.

قُلتُ: ففي منع العزل بمجرد انتشاب الخصام أو بمقاعدته ثلاثًا، ثالثها بمقاعدته مقاعدةً يثبت فيها الحجج، ورابعها: ما لم يشرف على تمام الحكم، وخامسها: على الحكم لابن رُشْد مع اللخمي والمتيطي عن المذهب، وله عن أحد قولي أَصْبَغ وعن ثانيهما ومحمد.

المتيطي وابن الهندي: ولإعذار إلى الموكل من تمام الوكيل وإن لم يعذر إليه جاز.

ابن عات: لأن الشأن في القديم الإعذار ثم ترك.

قال: ويعذر أيضًا في الموت والوراثة.

ابن مالك: لا بد من الإعذار للموكل؛ لأن الوكيل يقر على موكله ويلزمه.

ابن بشير: إنما ترك الإعذار في الوكالة والموت؛ لأنه لابد أن يعزو إليه في آخر الأمر.

قال أبو الأَصْبَغ: هذه نكتة حسنة إذ لا بد للقاضي أن يقول للخصمين أبقيت لكما حجة، وفي أحكام ابن زياد: فيمن طلب أن يعذر إليه في توكيل خصمه السيرة أن يثبت التوكيل ثم ينظر في الطلب.

وعقد الوكالة غير لازم للموكل مطلقًا في غير الخصام والوكيل مخير في قبولها، فغن تأخر قبوله عن علمه بها، فقال المارزي: يتخرج على قولي مالك في قبول المرأة التمليك بعد انقضاء المجلس، وخرجه بعض أشياخي الفقهاء على خلاف الأصوليين في فور الأمر وتراخيه، فذكرته لإمامي في الأصول فلم يقبله، وقال: الأولى جريه على خلاف الأصوليين في ثبوت العموم في المعاني ونفيه؛ لأن قوله أقر لك بيدك لا زمن فيه بصيغة تتناوله، ومن حيث لم يقيد الخطاب بزمن حمل على العموم وعلى طريقة هذين الشَّيخين يتصور الخلاف في الوكالة، والتحقيق الرجوع لاعتبار القصد والعوائد في اقتضاء الجواب عاجلًا أو ولو مؤخرًا.

ص: 108

قُلتُ: تقدم الكلام فيه بأتم من هذا، فإن قيل: الوكيل بغير عوض ففي صحة عزله نفسه نقلا اللخمي عن مالك، مع عبد الملك وابن القُصَّار والبغداديين وغيرهم، مع المازري عن تخريجه بعض أشياخي: على عدم لزوم الهبة بالعقد قائلًا: ورواه بعض أشياخي نصًّا من رواية ابن نافع: قبول قول وكيل على شراء سلعة بعد شرائه إياها اشتريتها لنفسي، ولابن زرقون في كتاب القراض: المشهور أن الوكيل عزل نفسه، وقيل: ليس له ذلك.

قال: ومن وكل على شراء سلعة بعينها فاشتراها الوكيل لنفسه فلابن القاسم في الثمانية هي للآمر، وروى ابن نافع هي للوكيل، وقاله ابن الماجِشُون.

وقال مُطَرِّف: إن كان الآمر بالبلد فهي للوكيل وإلا فللآمر، وعلى أنها للوكيل روى ابن نافع يصدق أنه اشتراها لنفسه.

ابن الماجِشُون: ولا يصدق إلا أن أشهد عند الشراء أن ما يشتري لنفسه، وهذا بناء على جواز عزله نفسه ونفيه.

ابن رُشْد في أول رسم من سماع ابن القاسم في الشركة: في كونها للمأمور ولو قبض ثمنها بعد حلفه أنه اشتراها لنفسه أو للآمر ولو لم يدفع ثمنها، ثالثها: إن أشهد قبل الشراء أنه إنما يشتري لنفسه، ورابعها: إن لم يدفع له الآمر ثمنها لرواية لرواية السباتي وعيسى عن ابن القاسم في المدنيَّة مع أَصْبَغ، ونقله عنه في الثمانية، ولو أشهد أنه إنما يشتري لنفسه حتى يرجع للآمر فيبرأ من وعده بالشراء ولم يعز الأخيرين.

قُلتُ: ونقل اللخمي رواية ابن نافع بزيادة ويحلف إن اتهم.

قُلتُ: ففي كونها للمأمور أو للآمر، ثالثها: إن أشهد أن الشراء له، ورابعها: إن كان الآمر بالبلد وإلا فهي له لابن زرقون عن رواية ابن نافع، وعيسى عن ابن القاسم، وابن الماجِشُون عن مُطَرِّف، وخامسها: بعد حلفه أنه إنما اشتراها لنفسه ولو قبض الثمن، وسادسها: إن لم يدفعه له الآمر فهي له لابن رُشْد عن رواية السبائي وغيرها، وسابعها: بعد حلفه إن اتهم للخمي عن رواية ابن نافع.

ويجوز توكيل أكثر من واحد على غير الخصام.

قال ابن الحاجب تابعًا لابن شاس: ولأحد الوكيلين الاستبداد ما لم يشترط

ص: 109

خلافه.

ابن عبد السلام: يعني أن أمر الوكيلين مخالف للوصيين، فإنه لا يجوز لأحدهما الاستبداد ونحوه لابن هارون.

قُلتُ: لا أعرف هذا لغيرهم، وظاهر المدونَّة: خلافة في التخيير والتمليك منها ما نصه: لو أن رجلًا أمر رجلين يشتريان له سلعة أو يبيعانها له فباع أحدهما أو اشترى أن ذلك غير لازم للموكل في قول مالك.

وفي زاهي ابن شعبان: من وكل رجلين كل واحد على الانفراد يزوج ابنته فزوجاها جميعًا كان ذلك كالأب والوكيل، ولو وكلها معا فزوج كل واحد منهما بطل النكاح.

قُلتُ: فظاهره إن وكلها في عقد واحد لم يستغل أحدهما، وإن كانا منفردين استغل كل واحد منهما.

وسمع يحيى ابن القاسم: إن مات أحد وكيلين على تقاضٍ لم يتقاض الباقي دون إذن القاضي، وأحببت له أن يغرم معه ثقة مأمونا من أهل بلد الموكل يتقاضى معه إن خاف تلف الدين، وإن قرب منه ربه استوثق الباقي من الغرماء حتى يأتي منه توكيل جديد.

ابن رُشْد: هذه مسألة حسنة.

اللخمي: والوكالة بإجازة تلزم بالعقد.

ابن رُشْد: بأجر وأجل معلومين وعمل معروف، وفي الجعل عليه على إن أفلح فله كذا وإلا فلا شيء له قولاها في كتاب الجعل.

اللخمي: في لزومه لهما بالعقد أو للجاعل فقط، ثالثها: هما بالخيار ما لم يشرع العامل في العمل والعامل بالخيار ولو شرع.

وفيها: إن باع الوكيل السلعة، وقال: بذلك أمرني ربها، وقال ربها: بل أمرتك أن ترهنها، صدق ربها ولو فاتت؛ يريد: ويحلف ويأخذها إن كانت قائمةً؛ لأن فرض المسألة أن الآمر ثابتٌ ملكه لها وحق المشتري إنما هو متعلقٌ بدعوى الوكالة، فإن نكل فقال ابن عبد السلام: حلف الوكيل إن لم يقر المشتري أنه وكيلٌ.

ص: 110

قُلتُ: التحقيق هذا إن كان عدم إقراره بذلك بمعنى أنه لا علم عنده من صدق بائعه في دعواه وكالة ربها ولا كذبه، وإن كان بمعنى علمه كذبه كان لربها أخذها، ولا يحلف الوكيل؛ لأنه يحلف ليثبت حقا لمن يقر بنفيه، قال: وإن علم أنه وكيل حلف المشتري.

قُلتُ: ظاهره لغو حلف الوكيل، وفيه نظر والصواب أن يحلف أولا الوكيل؛ لأنه المباشر لعقد التوكيل وله حقٌ في عدم في عدم نقض فعله الذي فعله لمن لا يقر ببطلانه؛ فإن نكل الوكيل حلف المشتري، فإن فاتت السلعة فإن كانت قيمتها كالثمن فأقل أخذها ولم يحلف، وإلا فبعد حلفه إن أخذها.

وقال ابن عبد السلام: إن فاتت حلف مالكها ما أمره أن يبيعها ويغرمه الأكثر من الثمن أو القيمة.

قُلتُ: هذا يقتضي تحليفه مع أخذه الثمن وهو وهم؛ لأن أخذ الثمن ملزوم لإمضائه فعل الوكيل فلا موجب لحلفه، وإن نكل ربها حلف الوكيل إن كانت قيمتها أكثر من الثمن وإلا فلا، وفوت السلعة كفوتها في الاستحقاق، وإن جهل فوتها ولم يعلم إلا قول مشتريها احلف أن حقي ربها أنه حجرها وإن اتهمه فعلى أيمان التهم.

اللخمي عن ابن القاسم: من باع سلعة بعشرة قائلًا بوكالة ربها، فقال: إنما بعثها باثني عشر قبل قوله: بيمينه.

أَصْبَغ: يحلف أنها باعها منه ويأخذها أو قيمتها إن فاتت ما لم تفصل ما قاله من الثمن؛ يريد: بعد حلف بائعها ما اشتراها إن حلفا ردت، وإن نكل الوكيل وباعها بعشرة وثمن دعوى ربها اثني عشر غرم دينارين لربها، وإن نكل ربها أخذ عشرة فقط، وإن نكلا وقيمتها أحد عشر غرم الوكيل دينارًا فقط فاتت وحلفا فكذلك، فإن نكل الوكيل غرم دينارين، فإن نكل ربها أخذ عشرة فقط، والقول في ضمانها إن تلفت قول الوكيل يغرم قيمتها كذلك ما لم تنقص عن عشرة أو تزيد على اثني عشر وردها لبائعها مع ملزومية قوليهما صحة بيعها لاختلافها في تقرر عهدة مشتريها على الوكيل إذ قد يكون ربها عديمًا، وأشار إليه المازري: ومن باع بعشرة ما وكل على بيعه ببينة باثني

ص: 112

عشر ولم يفت فلربه أخذه، وفي تخييره في إمضائه بإغرامه المأمور الزائد قول ابن القاسم، ونقل اللخمي بناء على أنه ملتزم الزائد بتعديه أولا، وصوبه اللخمي وقال: إن أحلف أنه لم يلتزمه فحسن.

ولو فات ففي لزومه الأكثر من الاثني عشر أو القيمة أو هي فقط قولان، على قول ابن القاسم وغيره، وفي إلزام البائع رٍضى المشتري أخذها بغرم الزائد، نقلاه وصوب إلزامه إن كان ذلك قبل علم البائع بتعديه محتجًا ببقاء وكالته؛ لأنه لو رد بيع التعدي كان له بيعه بما أمر به.

قُلتُ: فمقتضى أصل التخيير في سقوط ما بيد المخير باختيارها غير ما جعل لها سقوط وكالته على بيعه، وعزى الشيخ في النوادر الأول لأشهب، والثاني لابن القاسم وإياه استحب محمد ومثله في تهذيب الطالب.

قال: والفرق بين هذه ومسألة المتبايعين يختلفان في الثمن والسلعة قائمة أن للمشتري قبل الفسخ الآخذ بما قال البائع أن المتبايعين مقران بالبيع واستقراره.

وفي مسألة الوكيل بيعه غير مستقر لتعديه وإن لم تكن بينة وأقر المأمور بالتعدي لم يصدق على المشتري.

وروى محمد: ويغرم للآمر الزا ولو كان عديمًا ولبا شيء على المشتري.

اللخمي: يريد: إن لم يحلف الآمر فإن حلف أخذ سلعته، فإن فاتت غرم المشتري تمام القيمة إن فضلت العشرة، فإن نكل مضت بالعشرة ولا يمين على المشتري إذ لا علم عنده، وحلف البائع له لتهمته فلا تنقلب ولا ترجع على الوكيل؛ لأنه إذا خلص المقال بين الآمر والمأمور كان القول قول المأمور، فإن نكل حلف الآمر واستحق، فإن نكل فلا شيء له وقد نكل عنها، وإن بان المشتري بها فالقول قول المأمور، فإن نكل حلف الآمر واستحق، فإن نكل فلا شيء له، وقيل: يتحالفان إن كانت القيمة إحدى عشرة ويغرم المأمور ديناران؛ لأن اختلافها كالمتبايعين، وقد قال أشهب: إن فاتت تحالفا وردت القيمة وإن أتى الآمر بما لا يشبه وأتى المأمور بما يشبه والسلعة قائمة، فعلى قول مالك: القول قول البائع يكون القول قول الآمر مع يمينه ويرد البيع، وبه

ص: 113

أخذ ابن القاسم، وقال مرة: لا يقبل قوله وهو أحسن؛ لأن ذلك دليل كشاهد للمأمور والمشتري على صدق المأمور، فإن فاتت فالقول قول المأمور مع يمينه ولا يغرم المشتري إلا ما حلف عليه المأمور، فإن غاب المشتري حلف المأمور وبرئ، فإن نكل والقيمة أكثر مما باع به غرم تمام القيمة.

وفيها لمالك: من باع جارية وكل على بيعها دون تسمية ثمنها بخمسة دينار وهي ذات ثمن كثير ردت، فإن فاتت غرم قيمتها ولو باعها بعشرة، وقال بها أمرت، وقال: ربها بل باثني عشر أمرتك حلف وأخذها، فإن فاتت حلف المأمور ولا شيء عليه.

ابن القاسم: يريد مالك: إذا كان ما باع به غير مستنكر.

وابن حارث: إن حلف الآمر ففي حلف المأمور قولا أَصْبَغ وابن القاسم قائلًا: فإن نكل الآمر فلا شيء له.

محمد: وعلى قول أصبغ يحلف المأمور.

قُلتُ: ظاهره إن حلف المأمور إنما هو حق للآمر.

وقال التونسي: إن أخذ الآمر سلعته بحلفه فأراد المشتري تحليف المأمور أنه لم يتحمل عنه الزائد، فقال أصبغ: يحلفه، وأباه محمد إلا إن عقد دعوى ذلك عليه.

الصقلي عن محمد: إن نكل الآمر أخذ عشرة دون يمين.

ابن ميسر: إن نكل حلف المأمور ومضى البيع بعشرة.

الصقلي: يريد إن نكل غرم دينارين.

المازري: ظاهر المذهب سقوط حلف الوكيل لنكول موكله.

وفي كون سقوطه؛ لأن يمينه لا نفع له فيها أو لا غرم عليه بدفعه بها ضرورة قيام السلعة وتمكن ربها من أخذها ولا تجلب له نفعًا، أو لأنه لا نفع له بها إذ لا دفع غرمه لموكله الزائد، وغرمه لا يلزمه بمجرد نكوله بل حتى يحلف الآمر وهو قد نكل عنها.

عياض: قال ابن القاسم في تفسير يحيى: وفوات السلعة هنا ذهاب العين ولا يفيتها نقص ولا نماء ولا عتق ولا غيره، ومثله في الوكالات، وفي سماع عيسى يفيتها أختلاف الأسواق.

ص: 114

قُلتُ: لم يعز عبد الحق في «تهذيب الطالب» الأول إلا للأبياني.

وفيها: إن باع المأمور سلعة بطعام أو عرض نقدًا، وقال به أمرني وأنكر الآمر، فإن كانت مما لا تباع بذلك ضمن، قال غيره: إن كانت قائمة لم يضمن وخير الآمر في الرد والإمضاء، فإن فاتت خير في أخذ ما بيعت به وتضمين الوكيل قيمتها.

عياض: قول الغير وفاق وانظر إن كان المأمور لم يعلم المشتري أنها لغيره واحتاج لإثبات ذلك والخصام فيه هل هو فوت؟ والأشبه أنه فوتٌ، وكذا لو أثبت ولزمته اليمين.

ص: 114