المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب المشفوع عليه] - المختصر الفقهي لابن عرفة - جـ ٧

[ابن عرفة]

فهرس الكتاب

- ‌[كتاب الشركة]

- ‌ باب صيغة الشركة [

- ‌ باب في محل الشركة [

- ‌[باب في شركة عنان]

- ‌[باب معنى الخلط في الشركة]

- ‌[باب في شروط شركة الأبدان]

- ‌[باب شركة الوجه]

- ‌[باب في شركه الذمم]

- ‌[كتاب الوكالة]

- ‌[كتاب الإقرار]

- ‌[باب المقر]

- ‌[باب المقر له]

- ‌[باب صيغة ما يصح الإقرار به]

- ‌[كتاب الاستلحاق]

- ‌[باب مبطل الاستلحاق]

- ‌[كتاب الوديعة]

- ‌[باب المودع]

- ‌[باب المودَع]

- ‌[باب شروط الوديعة]

- ‌[كتاب العارية]

- ‌[باب المستعير]

- ‌[باب المستعار]

- ‌[باب في صيغة العارية]

- ‌[باب المخدم]

- ‌[كتاب الغصب]

- ‌[كتاب التعدي]

- ‌[باب في المغصوب]

- ‌[كتاب الاستحقاق]

- ‌باب التعدي

- ‌[باب الفساد اليسير والكثير في التعدي]

- ‌[كتاب الشفعة]

- ‌[باب الأخذ بالشفعة]

- ‌[باب الموجب لاستحقاق الشفيع الأخذ بالشفعة]

- ‌[باب الشريك الأخص والأعم]

- ‌[باب المشفوع عليه]

- ‌[كتاب القسمة]

- ‌[باب قسمة المهانات]

- ‌[باب في قسمة التراضي]

- ‌[باب في قسمة القرعة]

- ‌[باب المقسوم له]

- ‌[باب ما يحكم فيه ببيع ما لا ينقسم]

- ‌[كتاب القراض]

- ‌[باب في عمل القراض]

الفصل: ‌[باب المشفوع عليه]

لأنه أثمن لهم، وقاله ابن القاسم، وقال عيسى: هذا أحب إلي فلم يراع نقص الثمن بين الورثة إذا أوفى بالدين، وهذا أصل في كل شريكين فيما لا ينقسم دعا أحدهم لبيع أنه يبيع حظه فقط، ولو كان بيع الجملة أثمن، وقاله ابن القاسم في كتاب القسم في المدونة فيما لا يحمل القسم أنه يقسم، وإن كان البخس في الثمن إذ يؤدي إلى فساد المقسوم، وفساده أعظم مضرة من نقص الثمن في بيع أحدهما حظه بانفراده.

[باب المشفوع عليه]

المشفوع عليه: من ملك بعوض مشاعًا من ربع باقيه لغير بائعه.

ص: 383

الشيخ: لابن حبيب عن مطرف: من تصدق بنصف دار شائعًا وباع باقيها من آخر نسقًا فالشفعة للمتصدق عليه إن قدمه في لفظه، وإلا فلا إن كان ذلك إنشاء، وإن كان خبرًا كقوله: كنت تصدقت على فلان وبعت من فلان، ففي كونه كذلك ولغو الشفعة

ص: 384

مطلقا قولًا أصبغ ومطرف.

اللخمي: من أوصى أن يباع حظه من داره من رجل بعينه، والثلث يحمله لم يكن للورثة فيه شفعة؛ لأن قصد الميت ملكه له فالشفعة رد لوصيته، وجعل سحنون الجواب إن أوصى ببيع حظه ليصرف ثمنه للمساكين، كذلك لا شفعة للورثة فيه.

قال: إذا كان الميت باعه والقياس أن لهم الشفعة لتأخير الميت البيع لبعد الموت لوقت لم يقع البيع إلا بعد ثبوت الشركة، وذكر الباجي قول سحنون، وقال الأظهر عندي: ثبوت الشفعة؛ وبلغني عن محمد بن الهندي؛ وهو الأصح لدخول الضرر على الورثة.

المتيطي: فإن باع الورثة حظوظهم قبل بيع الوصي للثلث، فلا شفعة للثلث.

اللخمي: ولو أوصى أن يباع من رجل بعينه والشريك حي كانت فيه الشفعة.

والمعروف لا شفعة فيما حدث ملكه بهبة لا ثواب فيها ولا في صدقة.

الجلاب: من وهب سهمًا من دار أو أرض مشتركة ففيها روايتان، إحداهما فيه الشفعة بقيمته.

اللخمي: رواية إسقاطها أصوب.

ابن عات: عن الأبهري: رواية الشفعة فيها بالقيمة؛ لأنه نقل ملكه لغيره اختيارًا كالبيع ولم يشبه الميراث؛ لأنه نقله على غير اختيار.

قُلتُ: وهذا يدل على نفيها في الميراث اتفاقًا وهو ظاهر نقل غير واحد.

وفي المعلم للمازري: حكى الطائي عن مالك الشفعة في الميراث، وهو شاذ لم يسمع إلا منه فيما أعلم.

وفيها مع غيرها: لا شفعة في بيع الخيار إلا بعد بته.

الشيخ: عن الموازية: لو سلم الشفيع شفعته قبل تمام الخيار لم تبطل شفعته، وله القيام إذا تم البيع، فلو بت بعد بيع بت بعده ففي كون الشفعة للمبتاع البتل على مبتاعه، وعكسه قولان لأشهب وابن القاسم فيها مع غيرها بناءً على أن بته مثبته يوم بت أو كاشف بته يوم عقد، وعليها مع الخلاف في كون بيع ما به الشفعة يسقطها أو لا

ص: 385

في مستحقها؟

قال اللخمي: أربعة، لمبتاع البتل على مبتاع الخيار، ولبائع البتل عليه، ولمبتاع الخيار على مبتاع البتل، ولبائع الخيار عليه.

الباجي: لمحمد عن أصبغ عن ابن القاسم وابن حبيب عن مطرف لمن صار له شقص بيع الخيار بالشفعة في بيع البتل صار لبائع أو مبتاع، ابن زرقون: هذا كقولها والبرقي وابن عبد الحكم وابن الماجشون وأشهب.

الباجي: وقال محمد وأصبغ: هي للبائع بالخيار في بيع البتل ثم بيع الخيار أورد، وقال أشهب: هي لمبتاع البتل فيما بيع بخيار.

ابن زرقون: هذا كقول سَحنون، فالحاصل ثلاثة أقوال: هي للبائع بخيار بكل حال، الثاني: لمشتري البتل إن نفد بيع الخيار، الثالث: لمن صار له الشقص من بيع الخيار في بيع البتل.

قال ابن الحاجب: فلو باع نصفين لاثنين خيارًا أو بتلًا، ثم أمضى ففي تعيين الشفيع قولان، بناءً على أن البيع من العقد أو من الإمضاء، وعليه وعلى الخلاف في بيع المستشفع بها إذا باع حصته بالخيار، ثم باع شريكه الآخر بتلًا ثم أمضى، فجاءت أربعة: ماض أولًا، ويشفع بالشفعة لبائع البتل، مقابله لمشتري البتل، الثالث: لمشتري الخيار، الرابع: لبائع الخيار.

ابن عبد السلام: معنى قوله: مقابله لمشتري البتل؛ أي: مقابل القول الأول في الأصلين الذين بنى عليهما القول الأول أن لا يعد ماضيًا إلا حين الإمضاء، ومن باع شقصه الذي يستشفع به بعد بيع شريكه سقط حقه في الشفعة فيلزم عليه أن تكون الشفعة لمشتري البتل، وكلام المؤلف هنا صحيح إلا أنه زاد في الأصل الذي بنى عليه هذا القول زيادة مستغنى عنها، وهو أنه فرض إن بيع الحصة المستشفع بها لا يضر في طلب الشفعة، وهذا لا يحتاج إليه في هذا القول الثاني، وإنما يحتاج لكون بيع الخيار منحلا فتأمله.

قُلتُ: ما نقله عنه من الزيادة المذكورة لم أجدها في نسخة من نسخ ابن الحاجب،

ص: 386

ومعناها مناف للقول الذي زعم أنه بناه عليها، وقوله: إنما يحتاج لكون بيع الخيار منحلًا، ظاهر إتيانه بلفظ إنما أن القول الثاني لا يفتقر في ثبوته إلا لكون بيع الخيار منحلًا، ومعلوم بالبديهة لمن فهم أصل المسألة أنه لا يتقرر إلا بأمرين، كون بيع الخيار منحلًا وأن ثبوته إنما هو يوم بت، وكون بيع الشقص المستشفع به يسقط الشفعة فتأمل هذا منصفًا.

ومن ملك عدة مراجع مبهمة من أرض بهبة ففي لغو شفعته فيما بيع منها بعد هبته قبل معرفة قدرها بقيسها.

نقل ابن رشد سماع أشهب فتوى مالك وقوله: مخطئا لها، ولو ملك ذلك بشراء فقولان لفتوى ابن رشد مع نقله فتوى ابن عتاب، ورجوع بعض قضاة وقته عن ثبوتها للغوها.

وفي كون لغوها لعدم تمام ملكه ما به الشفعة قبل الحكم بشركته بقيس الأرض أو لفساد البيع.

قولا ابن رشد محتجًا: بأن لا شفعة إلا بما ضمنه قبل بيع ما يشفع فيه، وقال: لو هلك جزء من الأرض قبل قيسها كان من بائعها إجماعًا وبعض قضاة وقته محتجًا بجهل قدر المبيع قبل قيس الأرض مع علماء بعض عصره محتجًا بجهل صفته إن اختلفت الأرض اتفاقًا، وعلى قول الغير وإن استوت؛ لأن في الدور منها من اكترى مائة ذراع من أرض معينة جاز إن تساوت، ولا يجوز إن اختلفت حتى يسمي موضعًا منها.

وقال غيره: لا يجوز ولو تساوت حتى يسمي موضعًا منها، فمنع الغير ولو تساوت؛ لأن الواجب قيمتها فهو اكتراء لما يخرجه القسم، فخطأ ابن رشد الأول بمنع جهله؛ لأن عشرة مراجع من أرض مجهول قدرها معلوم؛ لأنها عشرها إن كانت مائة، وخمسها إن كانت خمسين، والثاني: بأن معنى مسألة الدور أن المكتري يختار ذلك منها والأغراض تختلف في الجهات، ولو كان لا على الاختيار جاز إجماعًا.

قُلتُ: الأظهر ثبوتها، ويرد قول ابن رشد وما أشار إليه من الإجماع بقولها: من ابتاع شقصًا بخيار له شفيع فباع الشفيع شقصه قبل تمام الخيار بيع بتل، فإن تم بيع

ص: 387

الخيار، فالشفعة لمبتاعه، وإن رد فهي لبائعه.

قُلتُ: فجعل له الشفعة بشقص غير مضمون؛ لأن المبيع على خيار ضمانه من بائعه فتأمله، ولأشهب: من ابتاع شقصًا فرده بعيب أو أراد رده فطلب شفيعه أخذه بعيبه فلا شفعة له، وقال سحنون فيه وفي استحقاق أكثره، وقال سحنون: إن أفلس مشتري الشقص فرجع إلى بائعه ففيه الشفعة؛ لأنه بيع جديد.

وسمع يحيى ابن القاسم: من اشترى دارًا بعبد أو عرض فاستحق نصف الدار، فردها المشتري على البائع فلمستحق النصف أخذ النصف الباقي بالشفعة.

ابن رشد: قوله: له الشفعة فيه، وإن كان لم يقم فيه إلا بعد رده على البائع هو على أن الرد بالعيب ابتداء بيع، وعلى أنه نقض لا شفعة فيه، وعلى الشفعة هو مخير في كتب العهدة على من شاء منهما كمن اشترى شقصًا ثم باعه من بائعه، ولو قال المشتري: أرد النصف الباقي وآخذ عبدي، وقال المستحق: آخذ بالشفعة، فالقول قوله على قياس هذا القول، وهو نصها، وتعقبه سحنون، وقال: لا نقول به؛ لأنا لا نعرف من قوله خلافه، وقوله: على أن الرد بالعيب نقض؛ لأنه إذا كان من حقه نقضه وجب أن يبدأ على الشفيع إذا أراد الرد.

وفي حواشي بعض الكتب على مسألة المدونة قال سحنون: لا شفعة للشفيع؛ لأن البيع لم يتم، ولا يستقيم كتب قول سحنون هذا على مسألة المدونة: لأنه ما تكلم فيها إلا على أن الشفيع قام يطلب بالشفعة قبل الرد وأراد أن يمنعه من الرد، وإنما يحسن كتب قول سحنون هذا على مسألة سماع يحيى هذه؛ لأنه رأى الرد فيها بالعيب نقضًا للبيع فأبطل الشفعة، وهو القياس.

ابن حارث: من استحق منه نصف أرض ابتاعها فتمسك بباقيها فللمستحق الشفعة فيه اتفاقًا.

واختلف فيمن يبدأ بالتخيير فقال ابن القاسم: يبدأ المستحق، فإن أراد الشفعة فلا قول للمشتري، وقال أشهب: يبدأ المشتري إن رد فلا شفعة، وقاله سحنون.

وفيها مع غيرها ثبوتها فيما تزوج به أو خولع به أو صولح به من عمد أو خطأ

ص: 388

وثبوتها لمستحق شقص من يد مبتاع كله بملك قبل ابتياعه على مبتاعه.

وقال أبو عمر: الخلاف قديم في المستحق هل له أن يستشفع بالشقص الذي استحق من أثبتها له، قال: ظهر لنا تقدم ملكه، ومن نفاها قال: إنما ملك يوم استحق؛ لأنه لأخذ الغلة من المشتري ولا من البائع الجاحد له.

الباجي: سمع يحيى ابن القاسم: لو رد المبتاع ما بقي من الدار للبائع لاستحقاق نصفها فللشفيع، الأخذ بالشفعة لا يقطعها رد المبتاع ما بقي بيده.

الشيخ: قال محمد: أجمع مالك وأصحابه أن عهدة الشفيع على المشتري.

أشهب: وله يدفع الثمن إن كان دفعه للبائع، وعلى المشتري قبض الشقص للشفيع، وللشفيع قبضه من البائع، وعهدته في كل ذلك على المبتاع.

ابن رشد: وفي المدونة ما يدل على أن الشفيع مخير في كتب عهدته على من شاء منهما، وليس بصحيح، والأولى تأويله على المنصوص في المذهب، وإنما يكوون على البائع في المقارض يبتاع بمال القراض شقصًا هو شفيعه أو رب المال شفيعه؛ لأنها إن كانت لرب المال فالمال ماله فلا يصح كتبها له عليه، وإن كانت للمقارض لم يكن له جعلها على رب المال فيما ابتاع من ماله.

عياض: وعلقت من كتاب ابن عتاب عن بعض الشيوخ أن سحنونا يقول: أن أخذ العامل بالشفعة في شقص هو شفيعه فعهدته على رب المال في مال القراض؛ وقول ابن عبد السلام: وعن سحنون: أن للشفيع أن يكتب عهدته على من شاء من بائع أو مبتاع لا أعرفه، ابن حبيب: إن حكم على المبتاع بشقصه فأبى أخذ الثمن وقفه له الحاكم والشفيع منه بريء، وقاله أشهب إن غاب المبتاع وبعدت غيبته.

وفيها مع غيرها رواية محمد: إن تقابل المتبايعان فللشفيع الشفعة بعهدة البيع لا بالإقالة، محمد عن أشهب: هذا استحسان، كان المقيل البائع أو المبتاع، والقياس أخذه من أيهما شاء، لو قاله قائل لم أعبه.

ابن حبيب: عن الأخوين: إن رأى أن تقايلهما لقطع الشفعة فهي باطلة، والشفعة بعهدة الشراء، وإن رأى أنها صحيحة فهي ببيع، وله الشفعة بأيهما شاء، ولأشهب

ص: 389

والأخوين: إن تقايلا بعد تسليم الشفعة فالإقالة بيع حادث.

قال الأخوان: وكذا لو ولاه أو أشرك فيه، واستشكل قولها بأنه لو كانت الإقالة بيعًا وجب تخييره في أخذه بالبيع أو الإقالة، وإن كانت حلًا فلا بيع فلا شفعة، وأجيب بأنها حل اتهما فيه على قطعهما شفعة وجبت.

وتعقب ابن عبد السلام قول أشهب والأخوين على أن الإقالة حل؛ لأنها بعد تسليم الشفعة فلا تهمة تلحقهما، يرد بعدم انحصار تهمتهما في البيع الأول المسلم شفعته لصحة لحوقها لهما في جعلهما البيع الثاني إقالة.

وفيها مع غيرها لا يضمن المبتاع للشفيع ما حدث عنده في الشقص من هدم أو حرق أو غرق أو ما غار من عين أو بئر، ولا يحط للشفيع لذلك شيء من الثمن، أما أخذه بجميع الثمن وإما ترك، وكذا لو هدم المبتاع البناء ليبنيه أو ليوسعه؛ إما أخذه الشفيع مهدوما مع نقضه بكل الثمن، وإما ترك.

عياض: قوله: هذا مثله آخر الكتاب، فدليله أنه يسقط عنه ما هدمه لوجه لا ما هدمه عبثًا ولغير منفعة فيجب أن يكون في ذلك ضامنًا؛ لأن الخطأ والعمد في أموال الناس سواء.

وفيها: من ابتاع نخلًا لا ثمر فيها فاغتلها سنين فلا شيء للشفيع إن قام من الغلة، وتقدم القول فيما يستحق به الشفيع الثمرة.

ابن سهل: إن أكرى الشقص مشتريه ثم قام الشفيع، نزلت بطليطة، وأكراه لعشرة أعوام فأفتى ابن مغيث وابن أرفع رأسه وغيرهما، وقاله الشارقي حاكي النازلة: ليس له فسخ الكراء، إنما له الأخذ بشفعته إن شاء كعيب حدث بالشقص، ودليلهم قولها: من ابتاع أرضًا فزرعها ثم استحق بعضها وأخذ بالشفعة باقيها فله كراء ما استحق إن استحقه قبل خروج الإبان، ولا كراء له فيما شفع فيه؛ لأنه لم تجب له الأرض إلا بعدما أخذها وقد زرعها قبل ذلك، وما استحقه وجب له قبل الزراعة.

قال الشارقي: وكتبنا بها إلى قرطبة فأفتى ابن عتاب وابن القطان وابن مالك: له الأخذ بالشفعة وأن يفسخ الكراء، ودليلهم قولها في الاستحقاق من اكترى دارًا سنة

ص: 390

فاستحقت بعد نصف سنة.

قال ابن القاسم: للمكري كراء الأشهر الماضية وللمستحق نقض الكراء وإمضاؤه، ولا حجة للمكتري في إمضائه ولا رده، ثم نزلت بالقاضي أبي زيد بن الحشا، فكتب إلى قرطبة فأجاب ابن القطان وابن مالك: بأن له إن أخذ بالشفعة نقض الكراء، وأجاب ابن عتاب: إن أكرى المبتاع عالمًا بأن عليه شفيعًا لم ينقد كراؤه إلا في المدة اليسيرة كالأشهر ولا ينقد في المدة البعيدة إلا أن يكون مكتري الأرض زرعها فيبقى حتى يحصد وإن لم يعلم المكري بالشفيع إنما استحق مستحق شقصًا من دار لم يفسخ الكراء إلا في الوجيبة الطويلة لا فيما يتعارفه الناس من الكراء كالسنة ونحوها.

ابن سهل: هذا منه رجوع عما حكى الشارقي عنه، وكأنه ذهب في قوله: إن أكراه المشتري عالمًا بالشفيع إلى ما في مسائل ابن زرب: من بنى حصة ابتاعها لها شفيع، ثم قيم عليه بالشفعة أعطى قيمة بنائه منقوضًا، وتفريقه بين يسير المدة وكثيرها ينظر إلى قولها في الجعل فيمن أكرى ربع يتيمه لمدة يبلغ اليتيم قبلها المسألة.

الصقلي: ومن المدونة قال: لو هدم المبتاع ثم بنى قيل للشفيع: خذه بجميع الثمن وقيمة ما عمر فيه.

قال أشهب: يوم القيام وله قيمة الشقص الأول منقوضًا يوم الشراء يقسم الثمن على قيمة العرصة دون بناء، وعلى قيمة النقض ما وقع للنقض حسب للشفيع على المشتري، وحط عنه من الثمن ويقوم ما بقي مع قيمة البناء قائمًا.

محمد: هو قول مالك وأصحابه.

الصقلي: إنما غرم الشفيع قيمة العمارة يوم القيام؛ لأن المبتاع هو الذي أحدث البناء وهو غير متعد والأخذ بالشفعة كالشراء، فعلى الشفيع قيمته يوم أخذه بشفعته، وحسب للشفيع على المبتاع قيمة النقض مهدومًا يوم الشراء؛ لأنه غير متعد في هدمه فكأنه اشتراه مع العرصة مهدومًا وما ثم بنى به وهو في ملكه فوجب أخذه العرصة بمنابها مع قيمة النقض من الثمن يوم الشراء.

قال مالك: فإن لم يفعل فلا شفعة له.

ص: 391

قيل محمد: وكيف يمكن أن يحدث بناء في مشاع؟

قال: يكون اشترى الجميع فأنفق وبنى وغرس، ثم استحق نصف ذلك مشاعًا أو يكون شريك البائع غائبًا فرفع المشتري للسلطان في القسم، والقسم على الغائب جائز فقسم عليه بعد الاستقصاء وضرب الأجل ثم لا يبطل ذلك شفعته.

قُلتُ: ما نقله الصقلي من لفظ المدونة لم أجده إلا في التهذيب لا في المدونة، وإنما وجدت فيها قولها: إن اشتريت دارًا فهدمتها فهدمتها فاستحق رجل نصفها، وأراد الشفعة.

قال: فقال له: ادفع قيمة بنيانه وإلا لا شفعة لك.

قُلتُ: وذكر الصقلي هذا اللفظ عنها بعد عزوه الأول لها، فالله أعلم بذلك.

قُلتُ: جواب محمد عن إشكال تصوير المسألة بقوله: أو يكون شريك البائع غائبًا فرفع المشتري إلخ؛ يريد: أنه قسم عليه على أنه شريك غائب فقط لا على أنه وجبت له الشفعة، ولو علم ذلك لم يجز له أن يقسم عليه، إذ لو جاز قسمه عليه لكان كقسمه هو بنفسه، إذ لا يجوز أن يفعل الحاكم عن غائب إلا ما يجب على الغائب فعله، فلو جاز قسمه عليه مع علمه بوجوب الشفعة لما كانت له شفعة، ولما تقرر لغائب شفعة لقدرة المشتري بإبطالها بهذا.

ولابن شاس في تصوير المسألة أجوبة قال: تصور في تصرف المشتري في الشقص قبل قيام الشفيع بالبناء والغرس في ملك مشاع لا يجوز فعله ذلك كالغاصب، ولكن فرض العلماء لها صورًا:

الأول: فذكر ما تقدم لمحمد من طرو الاستحقاق.

الثاني: أن يكون المشتري كذب في الثمن فترك الشفيع الأخذ لكثرة الثمن ثم قاسمه.

الثالث: أن يكون أحد الشريكين غاب ووكل في مقاسمة شريكه فباع شريكه نصيبه، ثم قاسم الوكيل المشتري ولم يأخذ بالشفعة.

الرابع: أن يكون الشفيع غائبًا وله وكيل حاضر على التصرف في أمواله فباع

ص: 392

الشريك فلم ير الوكيل الأخذ بالشفعة وقاسم المبتاع.

الخامس: أن يقول وهبت الشقص لغير ثواب ولم أشتره فتسقط الشفعة على إحدى الروايتين فيقاسمه ثم يثبت الشراء.

وذكر ابن الحاجب هذه الأجوبة، وقبلها ابن عبد السلام وابن هارون، وما ذكروه زائدًا على جوابي محمد يرد، أما الثالث وهو أن يكون أحد الشريكين غاب ووكل في مقاسمته شريكه فباع شريكه نصيبه إلخ، فإن كان معناه أنه وكل في مقاسمته شريكه المعين لا في مقاسمته مطلق شريك له، فهذا راجع لثاني جوابي محمد؛ لأنه راجع للقسم عنه لظن القاسم صحته فبان خطؤه، وإن كان معناه أنه وكله في مقاسمة مطلق شريكه فلا شفعة له فامتنع كونه تصويرًا للمسألة، وأما الرابع: فواضح رجوعه لثاني جوابي محمد أيضًا؛ لأنه راجع للقسم عنه لظن القاسم صحته فبان خطؤه، وأما الثاني: والخامس: فباطلان في أنفسهما؛ لأن كذب المشتري في دعوى الثمن وفي دعوى الهبة يصيره متعديًا في بنائه، كغاصب بيده عرصة بنى فيها بناءً وهو يدعي أنه مالك فيان أنه غاصب فحكمه في بنائه حكم بناء الغاصب المعلوم غصبه ابتداءً، وحيث يجب للمشتري قيمة بنائه فإنه يجب له قائمًا، ظاهر أقوالهم إطلاقه ويجب تقييده بما تقدم في كتاب الغصب من كونه ليس الاستحقاق من المشتري بكونه ليس من بناءات الملوك ولا ذوي السرف، فإن كان منها اعتبرت قيمته منقوضًا.

والمشتري شقصًا مما هو شريك يترك منه إن شفع شركاؤه ما يجب له من شفعته فيه معهم ولو اشتراه غيره.

فيها: من ابتاع شقصًا هو شفيعه مع شفيع آخر تحاصا فيه بقدر حصتيهما يضرب فيه المبتاع بقدر حظه من الدار قبل الشراء ولا يضرب بما اشترى.

ابن زرقون: عن الباجي: إن كان المشتري أحد الشركاء فأراد أحد شركائه الأخذ بالشفعة وسلمها سائرهم وقال الشفيع: إنك شفيع معي فأنا اترك بقدر حصتك من الشفعة، فلم أر فيها نصا.

ابن زرقون: وقال أبو عمر: قال المزني: ذلك للشفيع؛ لأنه مثله وليس عليه أن

ص: 393

يلزم شفعته غيره.

قُلتُ: مسألة الباجي التي قال فيها: لم أر فيها نصًا، إن كان معناها: أن المشتري أراد محاصة هذا الذي قام بالشفعة فيما تركه أصحابه فواضح أن له ذلك من نص المدونة المتقدم منضما لنصها: من ترك الأخذ بالشفعة من الشركاء فهو كعدمه، ومثل هذا لا يحسن من الباجي فيه: لم أر فيه نصا، وإن كان معناه أن هذا الذي قام بالشفعة طلب من المشتري مشاركته في الشفعة وأبى المشتري ذلك، وقال له: خذ الجميع أو دع فهو أيضًا واضح من المدونة، لأنه جعله في شفعته فيما اشتراه هو مع شركائه كحاله معهم فيما اشتراه غيره فلا يحسن أيضًا قوله ذلك فيه فتأمله، ويقوم من مسألة المدونة أنه لو اشترت إحدى الزوجتين حظ الأخرى فطلب بقية الورثة الشفعة في ذلك وطلبت هي الاختصاص به؛ لأنها أشفع منهم فيه، لو اشتراه غيرها لكن لها ذلك؛ لأنه في المدونة جعل للشريك الشفعة مع شركائه فيما اشتراه هو، فكما قال في المدونة: يحاصصهم في ذلك لمساواته إياهم، فكذا يختص عنهم فيما هو أشفع فيه منهم لو اشتراه غيره، ونزلت في أيام ابن عبد السلام فحكم فيها بالشفعة لبقية الورثة فسألني عنها المحكوم عليه.

فقلت له: لا شفعة لهم عليك، فذكر لي أنه حكم بها عليه فذكرت المسألة والأخذ منها للقاضي ابن عبد السلام فرجع بإنصافه عن الحكم عليه بالشفعة لهم.

ابن شاس: إن تساوق الشريكان لحاكم وادعى كل واحد أن شراء الآخر متأخر وله هو الشفعة عليه فالقول قول كل واحد في عصمة ملكه عن الشفعة إن حلفا أو نكلا سقط قولاهما، وإن حلف أحدهما دون الآخر قضي لمن حلف بالشفعة، وتبعه ابن الحاجب، ولا أعرفها بنصها لأحد من أهل المذهب، وإنما هو نص وجيز الغزالي، فأضافها ابن شاس للمذهب، وأصول المذهب لا تنافيها، وهي كاختلاف المتبايعين في كثرة الثمن وقلته من حيث أن نفس دعوى كل منهما تستلزم ثبوت دعواه؛ فالحلف على الأمرين في يمين واحدة كما في اختلاف المتبايعين وتقدم ما فيه.

ص: 394

الشيخ: لمحمد: عن أشهب: إن تداعى رجلان شقصًا كل منهما يدعي أنه اشتراه من الآخر، وأقام كل منهما بينة قضي بالتي ورخت، فإن ورختا فهي بأخراهما وللشفيع الأخذ بأي الثمنين شاء، إن أخذ ثمن الآخر لم يرجع واحد منهما على صاحبه بشيء، وإن أخذ من الذي لم يقض له به دفع للآخر ما ذكر أنه اشتراه به وفضله للآخر، وإن كان شهادتهما عن مجلس أو مجلسين ولم يؤرخا فتكافتا في العدالة، فإن كان الشقص بيد غيرهما سقطت البينتان والشقص لمن أقر به من هو في يده أنه له، وإن لم يكن بيد غيرهما قسم بينهما بعد أيمانهما، وللشفيع أخذه بما تقاررا عليه من الثمن.

ابن القاسم: إن ادعى أحدهما شراءه بمائة والآخر شراءه بمائتين فقسم بينهما أخذه الشفيع بنصف الثمنين.

أشهب: إن نكلا لم يقض لهما بشيء ولا شفعة للشفيع، وإن حلف أحدهما ونكل الآخر فهو لمن حلف ويؤخذ منه بالشفعة، فإن كان بيد أحدهما فهو له مع يمينه، فإن نكل حلف الآخر، وأخذ الشفيع ممن هو بيده.

وفيها مع غيرها: لا شفعة في البيع الفاسد ما لم يفت.

اللخمي: في فوته بحوالة الأسواق: قولا أشهب وابن القاسم مع مالك فيها لو علم بفساده بعد أخذ الشفيع فسخ بيع الشفعة والبيع الأول؛ لأن الشفيع دخل مدخل المشتري، وكذا لو باعه مبتاعه من غيره بيعًا فاسدًا ردا معًا، وما لم يفسخ حتى فات ولزمت المبتاع قيمته ففيه الشفعة بها.

الصقلي: عن محمد: وليس للشفيع الأخذ إلا بعد معرفة القيمة، فإن أخذ قبل معرفتها فذلك باطل، وفي الموازية: إن لم يفسخ بيع الشفعة حتى فاتت بيد الشفيع فلزم المشتري القيمة يوم قبضه لزم الشفيع ما لزمه إلا أن يكون أكثر وليس الأخذ إلا بعد معرفته القيمة مما أخذ به الشفيع، فله الرد أو التماسك به بتلك القيمة، ولو فات الشقص عند المشتري قبل أخذ الشفيع ثم شفع ثم تراد البائع والمبتاع القيمة انتقضت الشفعة، وخير الشفيع في الأخذ بتلك القيمة أو الترك.

محمد: بل ذلك سواء فات قبل الأخذ بالشفعة أو بعدها يلزم الشفيع الأخذ بتلك

ص: 395

القيمة، إلا أن تكون أكثر فيخير في الأخذ بها أو الترك.

الصقلي: قال بعض فقهائنا: إن فات عند المشتري قبل أخذ الشفيع أخذه بالقيمة، فإن لم يعلم وأخذ بالبيع الفاسد رد إلا أن يفوت عند الشفيع فيلزمه الأقل من قيمته يوم قبضه أو القيمة التي لزمت المشتري، وكذا لو شفع فيه قبل فوته وفات عنده.

الصقلي: هذا خلاف ما تقدم لمحمد، وهذا أبين؛ لأن الأخذ بالشفعة كالشراء، فإذا فات عند الشفيع لزمت قيمته يوم قبضها، فإن كانت أكثر قال: آخذ بما لزم المشتري.

قُلتُ: فبيع الشقص الفاسد لغو، فإن فات فكصحيح ثمنه قيمته، فإن شفع قبل فوته فسخا، فإن فات بيد الشفيع لزم بقيمته يوم بيعه إن كانت أقل مما شفع به، فإن كانت أكثر ففي تخييره في أخذه بها ورده ولزومه له بالأقل منها ومن قيمته يوم أخذه بالشفعة قولا محمد وبعض القرويين قائلًا: إن شفع بعد فوته بثمن بيعه الفاسد لجهل فوته ردت شفعته، فإن فات عنده لزمه بالأقل من القيمتين.

اللخمي: إن شفع على البيع الأول قبل فوته رد كمن اشترى شيئًا شراءً فاسدًا وباعه بيعًا فاسدًا انتقضت البيعتان، فإن فات عند الشفيع لزم المشتري بقيمته يوم قبضه.

محمد: ويلزم الشفيع ما لزم المشتري إلا أن تكون أكثر إلخ قول محمد المتقدم، وقال متصلا به: وقيل: له أخذه بقيمته يوم اشترائه الأول؛ لأنه مرت به حالة فات فيها فلا يرد البيع الأول، وإن رد الثاني إلا أن يغرم المشتري الأول لمن باع منه القيمة قبل قيام الشفيع فيأخذه بالأقل من الثمن أو القيمة.

قُلتُ: كذا وجدته في غير نسخة، فظاهره أن البيع الأول يفوت بمجرد الشفعة فيه وإن لم يحدث فيها فوت وأنها مع ذلك تفسخ، وهذا بعيد نقلًا ونظرًا، ثم قال: وإن أخذه الشفيع بثمن صحيح عالمًا بفساد البيع كان فوتًا، ولا شفعة له؛ لأنه رضي أن يشتريه شراءً صحيحًا، وإن لم يكن عالمًا بفساده كان بالخيار في تمسكه بذلك الثمن ويكون بيعًا حادثًا ورده، وإن لم يعلم ذلك حتى فات بهدم أو بناء كان عليه الأقل من

ص: 396

الثمن أو القيمة.

وفيها: إن باعه مشتريه شراءً فاسدًا بيعًا صحيحًا فللشفيع الأخذ بالثمن الصحيح ويتراد الأولان القيمة، وليس له الأخذ بالبيع الفاسد؛ لأنه يزيل الذي أفاته ويعود بيعًا فاسدًا لا فوت فيه، ولو كان البيع الفاسد قد فات ببناء أو هدم فله أخذ بقيمته أو بثمن البيع الصحيح.

قُلتُ: قوله: لأنه يزيل الذي أفاته إلخ لا يتم مع ما تقدم للخمي من قوله: لأنه مرت به حالة فات فيها إلخ؛ فتأمله، وبمقتضى ما قاله اللخمي يتوجه ما نقله ابن حارث عن أشهب أنه إن شاء أخذه بالقيمة، وإن شاء بالبيع الصحيح.

وفيها: لو بنى في الشقص مشتريه بعد مقاسمته الشريك مسجدًا، وشفيعه غائب فقدم فله أخذه وهدم المسجد، ولو وهب الشقص مبتاعه أو تصدق به فللشفيع نقض ذلك، والثمن للموهوب أو للمتصدق عليه؛ لأن الواهب علم أن له شفيعًا فكأنه وهبه الثمن بخلاف الاستحقاق لو وهب الدار مبتاعها لرجل، ثم استحق رجل نصفها وأخذ باقيها بالشفعة فثمن النصف المستشفع للواهب، ومن وهب لرجل أمة فاستحقت قيمتها للواهب.

الصقلي: لمحمد عن أشهب: الثمن في هبة الشقص للواهب أو المتصدق به كالاستحقاق.

محمد: وهو أحب إلينا؛ لأنه بالبيع يأخذ فهو يفسخ ما بعده، وقاله سحنون إذ عليه تكتب العهدة.

وتعدد صفقات بيع منها الشقص يوجب انفراد كل منهما بحكمها.

فيها: من اشترى حظ ثلاثة رجال من دار في ثلاث صفقات فللشفيع أخذ ذلك أو أخذ أي صفقة شاء، إن أخذ الأولى لم يستشفع معه فيها المبتاع، وإن أخذ الثانية كان للمبتاع معه الشفعة بقدر صفقته الأولى فقط، وإن أخذ الثلاثة استشفع فيها بالأولى والثانية.

الشيخ: لأشهب في المجموعة: إن اشتراها الأول بثلاثمائة والثاني بمائتين وثالث

ص: 397

بمائة، فإن أخذه من الأول كتب عهدته عليه ودفع للثالث من الثمن مائة؛ لأنه لو يؤخذ منه شقصه حتى يدفع له ثمنه ويأخذ الأول بقية الثمن؛ يريد: ويرجع الثاني على الأول بمائة، وإن أخذه من الثاني كتب عهدته عليه وثبت بيع الأول ودفع الشفيع مائة للثالث وما بقي للثاني، وإن أخذ من الثالث ثبت ما تقدم من بيع.

قال غيره: من اشترى شقصًا بمائة ثم باع نصفه بمائة فللشفيع أخذه كله من مشتريه بمائة، وإن شاء نصفه من الثاني بمائة ونصفه من الأول بخمسين.

وفيها مع غيرها: ما اشتري بعين أو مثلي فالشفعة فيه بمثل ثمنه، وما اشتري بمقوم قيمته فيها: ما اشتري بعبد شفع فيه بقيمته، وما اشتري بكراء إبل إلى مكة فمثل كرائها إلى مكة، وما اشتري بإجارة أجير سنة فقيمة الإجارة، وما اشتري بعرض فإنما ينظر إلى قيمته يوم الصفقة.

الباجي: روى ابن عبدوس: يشفع بمثل كراء الإبل وإجارة الأجير.

قال أشهب: بمثل كرائها من مثل صاحبها إن كان مضمونًا فعلى الضمان، وإن كان معينًا فعلى التعيين، وقاله ابن الماجشون في الإجارة، فإن تعذرت الدواب لمعينة في بعض الطريق أو مات الأجير أو انهدم المسكن في نصف المدة رجع البائع بقيمة نصف شقصه على المبتاع وتتم الشفعة، قاله محمد.

وقال أشهب: يرجع عتليه المتكاري بنصف قيمة الشقص ويرجع المكري على الشفيع بما رجع به رب الشقص عليه، ويقاصه من نصف ما كان أخذه منه من قيمة كراء إبله إلا أن تكون قيمة كرائها أكثر من قيمة الشقص فيكون الشفيع هو الراجع عليه بنصف كراء إبله، ويدع له من ذلك نصف قيمة الشقص، ونحوه لعبد الملك.

**** بعين فدفع عنه عرض وعكسه في الشفعة فيه بما دفع أو بما عقد به، ثالثها: هذا أحب للشيخ عن محمد عن عبد الملك مع ابن عبدوس عن سحنون ونقل محمد، وقوله: ورابعها: لابن عبد الحكم بما عقد عليه إلا أن يدفع ذهبًا عن ورق أو عكسه فيما دفع كالمرابحة، وخامسها: لابن عبدوس عن غير سحنون بالأقل منهما.

ص: 398

قُلتُ: هو نحو قولها في المرابحة.

وفيها: من نكح أو خالع أو صالح من دم عمد على شقص ففيه الشفعة بقيمته إذ لا ثمن معلوم لعوضه.

اللخمي: قيل: فيما تزوج به يشفع بمهر المثل.

أبو عمران: من نكح على تفويض فدفع لزوجته شقصًا قبل بنائه شفع فيه بقيمته اتفاقًا، فإن دفعه بعد بنائه شفع فيه بمهر المثل اتفاقًا فيهما.

الشيخ: لمالك في الموازية والمجموعة وغيرهما: من صالح من دم عمد على شقص أو نكح به أو خالع فالشفعة بقيمته.

أشهب: لا يجوز ذلك إلا بعد معرفة قيمته، وذكره الصقلي غير معزو كأنه المذهب.

اللخمي: إن كان الثمن عبدًا وهو يعرفه وأخذ قبل معرفة قيمته فقال: ذلك فاسد، وقال أيضًا: جائز، ومثله إن كانت بقيمة الشقص؛ لأنه خولع به أو تزوج به أو صولح به عن دم، واستحسن مضيه فيما تتقارب فيه القيم، وينقص فيما لا يدرى هل يقل أو يكثر؟

واستخفف محمد إ، كان الثمن طعامًا مسمى كيله دون صفته، وأجازه وإن وصف بعد ذلك فكان مثله أو دونه لزمه، وإن كان أعلى من الوسط خير في أخذه وتركه، وقول ابن عبد السلام في قول ابن الحاجب: فإن لم يتقوم كالمهر والخلع وصلح العمد ودراهم جزافًا بقيمة الشقص يوم العقد، وقيل: في المهر صداق المثل، وقيل: تبطل في الدراهم، هذا هو المشهور في هذه المسائل، يقتضي أن في الخلع ودم العمد خلافًا ولا أعرفه.

الباجي: في الموازية: إن اشتراه بحلي جزافًا شفع بقيمته، وكذا السبائك والرصاص والنحاس والطعام المصبر وبمثل ما اشترى بمثلي، وليس هذا من بيع ما ليس عنده؛ لأنه عقد لا يقف على اختيار المتعاقدين؛ لأن المشتري مغلوب، وفيما يقف على اختيارهما خلاف بين ابن القاسم وأشهب في المرابحة.

ص: 399

ابن عبد السلام: قوله: ودراهم جزافًا في صحة فرض هذه المسألة على المذهب نظر؛ لأن الدنانير والدراهم لا يجوز بيعها جزافًا، وإنما تبع المؤلف فيه من تبع الشافعية.

قُلتُ: ظاهر قوله: في صحة فرضها على المذهب نظر، أن كل المذهب على منع الجزاف في المسكوك وإلا لقال على مشهور المذهب، وليس كل المذهب على المنع.

قال ابن حارث وغيره: أجاز ابن عبد الحكم في الدراهم السكية الجزاف، وتقدم قول ابن الحاجب في البيوع قوله: وقيل فيها قولان، وتقدم ذكر الخلاف.

وفيها: إن أخذ الشقص عن دية خطأ والعاقلة أهل إبل شفع فيه بقيمتها، وإن كانت أهل عين شفع بعددها منجمًا بآجالها.

اللخمي: هذا كقول أشهب في الموازية: إن اشترى الشقص بثمن إلى أجل فإن كان عينًا شفع بها، وإن كان عرضًا شفع بقيمته.

محمد: هذا غلط.

وفيها: إن أخذه عن نصف الدية وهي عين، قال مالك مرة: تؤخذ في سنتين، وقال أيضًا: يجتهد فيه الإمام إما في سنتين أو سنة ونصف.

ابن القاسم: في سنتين أحب إلي.

الصقلي: لمحمد عن أشهب: ثلثها في سنة وسدسها في الثانية.

ابن عبدوس: عن سحنون: لا يجوز أخذ الشقص في النصف حتى يحكم الحاكم به في سنتين أو غيرهما؛ لأن ذلك مجهول، ويرجع معطي الشقص على العاقلة وهي أهل عين بالأقل من قيمته أو الدية، وإن كانوا أهل إبل لم يجز صلحه؛ لأنهم مخيرون، وهو راجع لقول ابن القاسم في الصلح من الكفيل على الغريم، وكان سحنون يقول كقول عبد الملك: الدين كالعرض إن دفع الشقص عن الدية وهي عين قومت بعرض على أن تؤخذ لأجلها ثم يقوم العرض بعين.

وقال عبد الملك: يؤخذ ذلك بالعرض الذي قوم به الدين.

سحنون: وإن كانت الدية إبلًا قومت بالنقد على أن تؤخذ في ثلاث سنين فيشفع بذلك أو يدع.

ص: 400

الصقلي: وهذا ظاهر المدونة أنه يشفع بقيمة الإبل نقدًا، ولم يجعله مثل الدين يؤخذ به شقص فكان يشفع بمثل الإبل إلى الأجل، والفرق أن صفة أسنان الدية غير محصلة، وهي لا تصح أن تكون ثمنًا للشقص إلا وهي معلومة الصفة، فإن قيل: وهي لا تقوم إلا موصوفة، قيل: الغرر في القيمة أخف من أخذ عين الإبل ونحوه لعبد الحق.

وفيها: من ابتاع عبدًا قيمته ألف درهم بألف درهم، وشقص قيمة ألف درهم؛ ففي الشقص الشفعة بنصف قيمة العبد، ومثله للشيخ عن الموازية.

زاد: وإنما يأخذ الشفيع بعد معرفته بما يقع على الشقص، فإن أخذه قبل ذلك لم يجز، وأما آلة الحائط ودوابه وعبيده فذلك كبعضه إلا أن يضاف إليه يوم الصفقة، وقد كان أخرج منه قبل ذلك فلا شفعة فيه ويفض الثمن.

قال مالك وابن القاسم وأشهب: من اشترى شقصًا وبعيرًا بعبد والبعير من الشقص ثلث الجميع بالقيمة يوم الصفقة فالشفعة في الشقص بثلثي قيمة العبد، ثم إن استحق البعير رجع بائع العبد بثلث قيمة العبد على بائع الشقص، وإن ابتاع شقصًا وقمحًا بدنانير فلا بد من تقويم الشقص والقمح فيشفع بحصة ما يقع للشقص.

محمد: وكذا لو ابتاع شقصًا ومعه مائة درهم بمائة دينار؛ يريد: محمد قول اشهب الذي يجيز البيع والصرف معًا.

ابن الحاجب: فإن اشترى مع غيره فيما يخصه ويلزم المشتري باقي الصفقة.

قُلتُ: هو ظاهرها مع الموطأ، ولا أعلم فيه خلافًا، ومال بعضهم: إلى إجرائها على حكم استحقاق الأكثر في البيوع على القول بأن الشفعة استحقاق، ونحوه قول ابن رشد في أول رسم أبي زيد فليمن استحق نصف دار من مبتاعها بعد بيعه مصراعيها بعشرة إن أخذ باقيها بالشفعة أخذه بمنابه من الثمن مسقطًا منه مناب المصراعين، ولا شيء له في المصراعين لفوتهما بالبيع، هذا خلاف قولها في نقض الدار إذا هدمها المشتري وباعها لا تفوت بالبيع، وللشفيع أخذه بالشفعة من مشتريه، وهذا الخلاف مبني على الخلاف في الأخذ بالفعة هل يحكم له بحكم البيع أو بحكم الاستحقاق.

ص: 401

ويرد بأن الموجب لمقال المبتاع في الاستحقاق إنما هو نقض جل صفقته الكائنة بينه وبين البائع الذي يطلب رد باقيها عليه، وهذا الاستحقاق الخاص في الشفعة لا يوجب عليه نقضًا فيها بينه وبينه بحال فلم يتقرر له عليه تلك الحجة التي بها وجب رد باقي الصفقة على البائع.

ورده ابن هارون بأن شراء المشتري الشقص دخول منه على الشفعة عليه، وذلك دليل على رضاه بباقي الصفقة ولو قل، وهذا أحسن لولا تخلفه فيمن اشترى دارًا قيمتها مائة وثوبًا قيمته دينار فاستحق نصف الدار وأخذ باقيها بالشفعة، فإن ظاهر أقوالهم أن المشتري يلزمه البيع في الثوب بمنابه من الثمن.

وفيها: من ابتاع شقصًا بثمنٍ إلى أجل فللشفيع أخذه بالثمن إلى ذلك الأجل إن كان مليًا أو أتى بضامن ملي ثقة، وفي سماع عيسى ابن القاسم: إن كان مليًا أخذه بغير حميل.

ابن رشد: مثله فيها، وفي الواضحة عن مالك والأخوين وأصبغ: وظاهره إن كان مليًا لم يلزمه حميل ولو كان ملاؤه أقل من ملاء المشتري، وهو قول محمد خلاف قول أشهب: أنه يلزمه، وإن كان مليًا أن يأتي بحميل مثل المشتري في الملاء.

واختلف إن اشترى برهن أو حميل.

قيل: لا شفعة له إلا أن يأتي برهن أو حميل، وقيل: لا يلزمه ذلك إن كان ملاؤه كملاء الحميل.

واختلف إن كانا عديمين: قيل: يلزمه أن يأتي بحميل، وقيل: لا يلزمه إلا أن يكون أعدم منه فيفترق استواؤهما في العدم من استوائهما في الملاء.

وفي قول الشفيع أقل ملاء من كونه أشد عدمًا؛ لأنهما إذا استويا في العدم لزمه حميل على اختلاف، وإذا استويا في الملاء لم يلزمه حميل اتفاقًا، وإن كان الشفيع أقل ملاء لزمه حميل على اختلاف، وإن كان أشهد ما لزمه حميل اتفاقًا وإذا عجز الشفيع عن الحميل حيث يلزمه فعجزه السلطان ثم قدر على حميل قبل محل الأجل لم يكن له شفعة.

قُلتُ: وقاله الباجي أيضًا وعزا القول بلزوم الحميل الملي كملاء المشتري وإن كان

ص: 402

الشفيع مليًا لأشهب في الموازية والمجموعة، وعدم لزومه في ذلك لمحمد وابن الماجشون، والقول بلزوم الحميل إن كانا عديمين متساويين في العدم لمحمد، وعدمه لابن الماجشون.

وقال أشهب: إن اشتراه برهن أو حميل فليس للشفيع أخذه وإن كان أملأ منه إلا بحميل أو رهن مثله، وقال أيضًا: إن كان أملأ من الحميل ومن المشتري أخذه دون رهن ولا حميل.

محمد: والأول أولى.

قُلتُ: هذا خلاف ما تقدم لابن رشد: لا يلزمه رهن ولا حميل إن كان ملاؤه كملاء الحميل، ولو لم يقم الشفيع حتى حل الأجل فروى مطرف وقال ابن الماجشون: يستأنف له من الأجل مثل ما وقع البيع عليه، وقال أصبغ: لا يأخذه إلا بالثمن نقدًا، والأول أظهر.

قُلتُ: ولو عجز الشفيع عن الحميل حيث يجب عليه وطاع بتعجيل الثمر فأبى المشتري قبوله؛ لأنه عرض، فإن قبل البائع تعجيله دفع له وسقط عن المشتري وصحت الشفعة، فإن أبيا وقف أخذه بالشفعة إلى حلول الأجل، وكان ذلك كغيبته.

وفيها: لو قال البائع للمبتاع: أنا أرضى أن يكون مالي على الشفيع إلى الأجل؛ لم يجز؛ لأنه فسخ ما لا يحل من دينه في دين.

الباجي: لو اشترى الشقص بدين له على البائع.

ففي الموازية: لابن الماجشون: يشفع فيه بقيمة الدين من العروض التي يتعجل ثمنها كالحنطة والزبيب، ولسحنون في المجموعة يقوم بعرض ثم يقوم العرض بعين ويشفع بذلك، ولمحمد وابن حبيب: روى مطرف لا يشفع فيه إلا بمثل ذلك الدين أو يترك ولو كان البائع عديمًا، وقاله أشهب.

زاد ابن حبيب عن مطرف: وإن كثرت القيمة فيه، ولأصبغ: يأخذ بمثل الدين إلا أن يهضم له هضيمة بينة فيأخذه بقيمة الشقص لا بقيمة الدين، وعلى أخذه بمثل الدين روى ابن حبيب: إن كان يوم قيام الشفيع حالًا أخذه به حالًا، وإن بقي من الأجل شيء

ص: 403

فإلى مثل ما بقي منه، وقال أصبغ: إنما يشفع بمثل الدين حالاً.

ابن زرقون: كذا نقل أبو الوليد: إن كان يوم قام الشفيع حالا وهو غلط، إنما ينظر إلى ذلك يوم الشراء، وكذا هو في الموازية.

ولابن رشد في سماع يحيى: لو كان الثمن خمرا أو خنزيرا؛ لأن البائع والمبتاع نصرانيان والشفيع مسلم، ففي كون الشفعة بقيمة الشقص أو بقيمة الخمر والخنزير قولا أشهب وابن عبد الحكم، والأول مقتضى قول ابن الماجشون في استهلاك المسلم خمر النصراني لا قيمة عليه، والثاني: أشبه بقول ابن القاسم: يغرم له قيمتها.

والمذهب أن ما اشترى بثمن معلوم الشفعة فيه به، وما اشترى بمجهول الشفعة فيه بقيمة الشقص، فلو اشترى بهما كأخذ شقص عن موضحتي خطأ وعمد ففي كونها فيه بدية الخطأ ونصف قيمة الشقص بناء على فضه عليهما بالسوية أو بها وبجزء من قيمة الشقص وهو المسمي الخارج من تسمية قيمة الشقص منها مع دية الخطأ.

ثالثها بقيمة ما لم تنقص عن دية الخطأ، ورابعها: بدية الخطأ وقدر قيمة العمد بالاجتهاد في اعتباره بحال قدر العمد وحرص العامد على الفداء من القصاص، وخامسها: بدية الخطأ وقيمة ما يقابل قيمة العمد المذكورة من الشقص بفضه عليها لها مع أشهب وابن القاسم والمغيرة وابن نافع.

وأخذ المازري مع بعض شيوخه من قول أصبغ، وأخذ ابن محرز منه.

المازري اختار قول ابن نافع حذاق، وأصحاب مالك، ومحمد وابن حبيب وسحنون، وغلا في قوله: ما سواه ليس بشيء، وتبعهم يحيى بن عمر.

ابن محرز: وجدت لسحنون في موضع آخر أن قول المغيمرة أحسن، وبه نقول، وعلى الأول في كونه كذلك مطلقا، كان العمد جرحا أو قتلا، والخطأ كذلك، وتخصيصه بتساويهما كقطعين أو قتلين، فإن اختلفا قسم على قدر كل منهما فإن كان الخطأ قطع يد والآخر قتلا قسم عليهما أثلاثاً، تأويل ابن عبد الحكم على قول ابن القاسم وقول أكثر مذاكري القيروان.

عبد الحق: وعليه لو دفع مع الشقص عينا ففي تخصيصها بالخطأ لمماثلته إياها

ص: 404

فيشفع بالباقي منه بعد طرح العين منه وبجزء من قيمة الشقص، وهو المسمى للخارج من تسمية العمد على أنه خمسون من مجموعه مع الباقي من الخطأ بعد طرح العين منه، وفضه عليهما فيشفع بباقي عدد الخطأ ونصف قيمة الشقص.

نقلا الصقلي عن ابن عمر والشيخ، ورده بأنه: لو كانت العين مائة لزم عليه أن يشفع بنصف قيمة الشقص، والواجب بقيمته أجمع؛ لأنه مدفوع مع نصف العين عن العمد.

قلت: سبقه ابن محرز بهذا معبرا بأنه: يؤدي إلى ضرب من المحال، ويرد ببيان عدم لزومه؛ لأنه إنما يجب فض الشقص إذا بقي من الخطأ شيء، فإن أسقط بمساواته نصف العين امتنع الفض واختص الشقص بالعمد، وعلى الأول أيضا لو دفع مع الشقص عرضا، ففي مضي قيمته على الخطأ والعمد فيشفع بباقي دية الخطأ، ونصف قيمة الشقص، وإسقاط العرض جزؤهما المسمى للخارج من تسمية قيمة العرض من مجموعهما مع قيمة الشقص، فيكون الشقص عن باقي عدد الخطأ والعمد فيشفع بباقي عدد الخطأ ونصف قيمة الشقص. قولا يحيى بن عمر والصقلي رادا قول يحيى بما رد به قول الشيخ في العين.

وعبر المازري عن الأول بأنه المشهور في الجاري على قول ابن القاسم، وأشار إلى رد تعقب الصقلي قول يحيى بأن مماثلة العين لعقل دية الخطأ يوجب سقوطها بها والعرض ليس كذلك، وقد يقارض بعرض قيمته مائة بخمسين من العين، ولو دفع المجروح معها في الشقص عرضا فإن كانتا خطئا شفع بديتها وقيمة الشقص، وإن كانتا عمدا شفع بقيمة العرض مع جزء من قيمة الشقص.

وفي كونه المسمى للخارج من تسمية قيمتها على الاجتهاد منها مع قيمة العمد، أو للخارج من تسمية قيمة الشقص منها مع قيمة العبد ثالثها بقيمة الشقص ما لم ينقص عن قيمة العرض قولا أصبغ وتخريج الصقلي على قول المخزومي وابن نافع.

وتعقب الشيخ قول أصبغ: يقوم العمد في هذه المسألة مع موافقته ابن القاسم في مسألة الموضحتين في فض الشقص عليهما دون تقويم العمد، وأجاب المازري بأن

ص: 405

وجوب العرض أوجب الاتفاق على اعتبار القيمة في بعض ما ينفع به فاستحب حكم التقويم على العمد لمساواته في الشفعة به.

قلت: هذا من المازري يرد بتقدم تخريجه قول أصبغ من هذه المسألة في مسألة الموضحتين فتأمله، وإن كانت إحداهما عمدا ففي شفعته بدية الخطأ وقيمة العرض مع جزء من قيمة الشقص هو المسمى للخارج من تسمية قيمة الشقص منها مع قيمة العرض، ودية الخطأ أو بقيمة الشقص ما لم تنقص عن دية الخطأ وقيمة الشقص.

ثالثها: بدية الخطأ وقيمة العرض وجزء من قيمة الشقص هو المسمى للخارج من تسمية قيمة العمد المذكورة منها مع دية الخطأ، وقيمة العرض لتخريج الصقلي على قول المخزومي وابن نازع وتفسير الشيخ قول أصبغ.

ورابعها: فدية الخطأ وقيمة العرض وقيمة العمد المذكورة لتقدم فهم المازري قول أصبغ، وخامسها: للصقلي: قياس قول ابن القاسم: أن يقوم العبد، فإن كانت قيمته خمسين شفع بمائة وثلث قيمة الشقص، وإن كانت مائة فبمائة وخمسين وربع قيمة الشقص، ولو دفع الشقص مع الموضحتين في عرض، فقال محمد: يبدأ من قيمة العمد بقيمة الشقص والخطأ فيما فضل للعمد، فإن كانت قيمة النقص خمسين وقيمة العرض مائة وخمسة وعثرين شفع بخمسين قيمة العرض، وإن كانت قيمته مائة فأقل شفع بنصف قيمة العرض.

ابن محرز: هذا على اختياره قول ابن نافع، وعلى قول ابن القاسم: يشفع بجزء من قيمة العمد، وهو المسمى للخارج من تسمية قيمة الشقص منها مع دية الخطأ والخمسين المقدرة للعمد.

لشقص الثواب لا تجب فيه شفعة قبل فوته وثوابه.

وفي وجوب بفوته دون القضاء بالثواب نقلا اللخمي عن ابن عبد الحكم مع أشهب وعبد الملك مع ابن القاسم: والشفعة إن أثاب قبل فوته كما لو بيع به، فإن كان بعد فوته ففي كونه كذلك وكونها بالأقل من قيمته وقيمة الهبة، نقلاه عن عبد الملك مع ابن القاسم وأشهب لقوله بإيجاب العين في الثواب، وعدم جبر الواهب على قبول

ص: 406

عرض فيه.

قال: والقياس كونها بالأم منهما؛ لأنه إن كانت قيمة الثواب أكثر قال: لأجله وهبني وإلا لباعه في السوق، وإن كانت أقل قال: إنما آخذ ذلك بدينه على، وهي القيمة إحسانا على إلا أن يعلم أن الموهوب له ملك وأخذ ذلك منه للتخلص منه، أو تكون قيمته أقل بالشيء الكثير ككون قيمة الهبة مائة وقيمة الثواب عشرون فاختلف هل يشفع بعشرين أو تسقط الشفعة كهبة على غير عوض كمن أوصى ببيع شقصه من فلان بعشرين وقيمته مائة.

قال: وعكسه الإثابة بشقص عن هبة عبد إن أثابه به قبل فوات العبد شفع بقيمة الشقص قلت أو كثرت، وإن كان بعد الفوت فعلى قول ابن القاسم بقيمة الشقص، وعلى قول أشهب بالأقل منها ومن قيمة العبد، والقياس بالأكثر منهما.

وفيها: من اشترى شقصا بألف درهم ثم وضعه البائع تسعمائة بعد أخذ الشفيع أو قبل، فإن أشبه كون ثمنه عند الناس مائة في بيعهم وضع ذلك عن الشفيع؛ لأن الزائد إنما كان لقطع الشفعة، وإن لم يشبه كون ثمنه مائة لم يحط الشفيع شيئا.

الصقلي: مثل كونه ثلاثمائة أو أربع مائة، وله في موضع آخر: إن حطه ما يشبه أن يحط في البيوع وضع ذلك عن الشفيع، وإن كان لا يحط مثله لم يحط وكانت هبة، وهذا والأول سواء، وسبقه بهذا عبد الحق وزاد: لأن معنى قوله: إن حط ما لا يحط في البيوع لا يوضع عنه شيء؛ يريد: وثمن الشقص أكثر من الباقي بعد الحطيطة، وأما إن كان ثمن الشقص مثل الباقي من الثمن بعد الحطيطة فأقل فالأمر عل ما ذكر أولا؛ لأن إظهارهما جملة الثمن سبب لقطع الشفعة، فالحطيطة على ثلاثة أقسام، منها ما هو هبة للمبتاع لا يحط للشفيع، وما يشبه حطيطة البيع يحط للمبتاع بل للشفيع، وما يظهر أنه لقطع الشفعة فسقطاه فيكون الباقي من الثمن مثل قيمة الشقص فهذا يحط للشفيع لتهمتهما أن يجعلا ما أظهراه سببا لقطع الشفعة.

الصقلي: قال محمد: وقاله أشهب، قال: وهذا استحسان، والقياس أن يوضع عن الشفيع كل ما وضع قل أو كثر.

ص: 407

ولمحمد عن ابن القاسم: من باع شقصه في مرضه لمحاباة جاز ومحاباته في ثلثه، والشفعة فيه بذلك الثمن، وكذا لو كان صحيحا إلا أن يبيعه بما لا يشبه أن يكون ثمنا لقلته فلا شفعة فيه في صحة أو مرض.

وسمع سحنون ابن القاسم: من باع في مرضه شقصه من رجل بعشرة دنانير وقيمته ثلاثون ومات، قيل للمشتري: إن لم يجز الورثة المحاباة زد عشرة وخذ الشقص، فإن فعل فللشفيع الأخذ بعشرين، فإن أبى المشتري من الزيادة قيل للورثة: أعطوه ثلث الشقص بتلا دون شيء، قيل لابن القاسم: لم لا يشفع بثلاثين وتكون عشرة المحاباة للمشتري؟

قال: لأن الشراء إنما وقع بعشرين كما لو باع بعشرين ما قيمته أربعون فالشفعة بعشرين بخلاف بيعه بأربعين ثم يضع عشرين؛ لأن ما وضعه من الثمن مما لا يتغابن الناس بمثله لم يوضع عن الشفيع.

ابن رشد: من باع شقصا بعشرة قيمته ثلاثون في كون الشفعة في جميعه بعشرة وقصر الشفعة فيه على ثلاثة مناب الثمن الصحيح وثلثاه للمشتري كهبة له، ثالثها: يشفع بثلثه بعشرة.

وفي ثلثيه بقيمتهما لهذا السماع والتخريج على قول ابن القاسم: لا شفعة في هبته، وعلى رواية ابن عبد الحكم: فيها الشفعة بالقيمة.

قلت: لا يلزم من سقوطها منفردة عما يستتبعها سقوطها حيث ثبوته ولا من إعطائها حكم نفسها حيث كونها منفردة عنه إعطاؤها ذلك حيث ثبوته، ولو زاد مشتري الشقص بائعه بعد بيعه لقوله: استرخصت فزدني أو دونه، ففي كون الشفعة بالثمن أو دونها أو معها قولها مع أشهب قائلا: وللمبتاع الرجوع على البائع بالزيادة إن حلف ما زاده إلا فرارا من الشفعة وعبد الملك.

اللخمي: لا أعلم له وجها إلا أن يعلم أنه لو لم يزده لادعى ما يفسخ به بيعه.

ومن شفع في شقص بيع بمقوم رد بعيب أو استحق ففي مضي الشفعة بما وقعت، ويرجع البائع على مشترى الشقص بقيمته وبعض الشفعة إلى كونها بقيمة الشقص

ص: 408

فيخير الشفيع إن كانت أكثر أو خلاف الثمن؛ لأنه كان مليا ويرجع بنقص قيمته عن قيمة ما دفع إن كان الثمن من ذوات القيم قولها: والثمن عبد بزيادة بخلاف البيع الفاسد الذي تبطل فيه الشفعة مع محمد وأشهب، وأصبغ وسحنون مع عبد الملك، وتقدم قول أشهب في الشفعة: فيما اشترى بمنافع ثم تعذر تمامها.

وفيها: ما اشترى بعبد فاستحق قبل الشفعة فيه فلا شفعة فيه، ولو غصب عبدا فابتاع به شقصا فلا قيام للشفيع ما دام العبد لم يفت، فإن فات فوتا يوجب قيمته فللشفيع الأخذ بقيمة العبد يوم اشترى الدار، ولو غصبه ألف درهم فابتاع بها شقصا فالشراء جائز وللشفيع الشفعة مكانه وعلى الغاصب مثلها، وإن وجدها المغصوب منه بعينها بيد البائع أخذها ورجع البائع عل المبتاع بمثلها والبيع تام.

وفيها أيضا: من ابتاع شقصا بحنطة بعينها فاستحقت قبل أخذ الشفيع فسخ البيع، ولا شفعة في الشقص.

الصقلي: في رواية الدباغ: أن من استحق بعد أخذ الشفيع مضى ذلك، ورجع بائع الشقص على المبتاع بمثل الحنطة.

محمد: هذا غلط بل يرجع على المبتاع بقيمة الشقص، وقاله سحنون اللخمي إن كان البيع بطعام فاستحق أورد بعيب بعد الشفعة رجع البائع بقيمة الشقص، وتمت الشفعة على قول ابن القاسم بمثل الطعام، وعلى قول عبد الملك: بقيمة الشقص، وهو أقيس، وإن كانت قيمة الشقص أكثر من قيمة العبد أو الطعام خير الشفيع في التماسك بالشفعة وردها كمن شفع بثمن ثم بأن أنه أكثر، ولا أعرف نص خلاف في أن لا شفعة في استحقاق الطعام الذي هو ثمن الشقص قبل الأخذ بالشفعة.

وقال التونسي في قولها فيه: فسخ البيع ولا شفعة فيما ما نصه: هذا الأشهر، وذكر محمد في استحقاق الطعام أنه يؤتى بمثله، وقوله في المدونة: إن أخذ الشفيع ثم استحق الطعام لم يرد وغرم له مثل طعامه، وتأوله بعضهم على أن الشفيع يغرم مثل قيمة الطعام ويرجع بائع الشقص بقيمة شقصه.

وقيل: بل يغرم المشتري لبائع الشقص مثل الطعام بخلاف استحقاق الطعام قبل

ص: 409

أخذ الشفيع؛ لأنه لما فات بالأخذ ولزم إتمام البيع كان غرم مثل الطعام أهون، وفيه نظر؛ لأن الطعام إن كان يراد لعينه وجب متى استحق أن لا يؤتى بمثله قبل أخذ الشفيع أو بعده، وإن كان لا يراد لعينه كالعين وجب أن تؤتى بمثله قبل أخذ الشفيع أو بعده.

قلت: قوله: ذكر محمد في استحقاق الطعام أنه يؤتى بمثله في ثبوته نظر؛ لأن في النوادر ما نصه: قال محمد: من ابتاع شقصا بحنطة فأخذه الشفيع بمثلها ثم استحقت الحنطة الأولى فقال ابن القاسم: يرجع على بائعها بمثلها.

قال محمد: هذا غلط بل يرجع بقيمة شقصه ولو لم يأخذه بالشفعة لأخذه بعينه، وقد قال مالك: من ابتاع حنطة بعينها فاستحقت أنه لا يرجع بمثلها اه، فهذا نص منه على عدم الإتيان بمثلها إن استحقت، فلعله أطلق على لازم الإتيان بمثله بعد الشفعة عنده اسم ملزومه بناء منه على أن لازم المذهب مذهب، وفيه خلاف مذكور في مسألة تكليف ما لا يطاق، والأظهر الأول إن كان اللازم بينا، حسبما نص عليه آخر كلامه ذكرا.

وفيها: إن اختلف الشفيع والمبتاع في الثمن صدق المبتاع؛ لأنه مدعى عليه إلا أن يأتي بما لا يشبه مما لا يتغابن الناس بمثله، فلا يصدق إلا أن يكون مثل هؤلاء الملوك الذين يرغب أحدهم في الدار اللاصقة بداره فيثمنه، فالقول قوله إذا أتى بما لا يشبه.

اللخمي: القول قول المبتاع مع يمينه إن ادعى الشفيع حضور شرائه بما ادعاه أو إقراره بذلك، وإلا ففي سقوط يمينه ولزومه لتهمته قولان، ولزومها أحسن إلا أن يكون من أهل الثقة والدين.

وسمع القرينان: لا يمين عليه إلا أن يدعي من الثمن ما يستنكر ولا يعرف.

ابن رشد: حمل الشيوخ هذا السماع على أنه خلاف المدونة وأن مراده فيها مع يمينه، وليس بصحيح؛ لأن معنى السماع أن الشفيع لم يحقق الدعوى على المشتري وإنما أراد حلفه بالتهمة، ومعنى قولها أنه حقق عليه الدعوى.

وإن ادعى المشتري ما لا يشبه وأتى الشفيع بما يشبه ففي المدونة أن القول قوله،

ص: 410

وقيل: القول قول المشتري مع يمينه، ويخير الشفيع في الأخذ بذلك والترك، وهو هذا السماع وقول مطرف، وقيل: يخير في الأخذ بالقيمة إلا أن يكون للمشتري بينة على مشاهدة الصفقة بالنقد فيخير الشفيع في الأخذ بذلك والترك، والبينة على توافق المشتري والبائع على الثمن لغو، قاله ابن حبيب، ولا يمتنع عندي أن يكون شاهدا يحلف معه إن كان عدلا ولم يتهم في شهادته على قول ابن القاسم في سماع أبي زيد في مسألة اللؤلؤة إذ لا تهمة في شهادته له، وإنما يتهم لو شهد الشفيع على المشترى؛ لأنه يقلل العهدة على نفسه فيما يستحق من الشقص إن استحق منه شيء.

قلت: ما نقله عن ابن حبيب مثله.

نقل الصقلي عن محمد: لا ينظر إلى قول البائع وإن كان عدلا جائز الشهادة؛ لأنه لا يشهد على فعل نفسه.

ابن رشد: ومعنى ما في المدونة: إن أتيا بما لا يشبه حلفا جميعا على دعواهما وكانت له الشفعة بالقيمة، وإن حلف أحدهما فقط كان القول قول الحالف وإن لم يشبه قوله؛ لأن صاحبه أمكنه من دعواه بنكوله.

قلت: وقاله اللخمي، وزاد قول أشهب: إن أتى المشتري بما لا يشبه ولا علم عند الشفيع من ذلك قبل قول المشتري بيمينه ليس بحسن، وهوكمن غيب الثمن، فإن رجع لما يشبه وإلا خير الشفيع في أخذ الشقص ولا يدفع ثمنا إلا أن يثبت الثمن أو يلزمه بيان الثمن، فإن لم يثبته سجن، ومحمل قوله: أنه أتى بما لا يشبه إن باع به في الغالب، ولو قال فيما ثمنه خمسون: اشتريته بثمانين لم يقبل قوله بحال، وهو كمن غيب الثمن.

الصقلي: اختلف إن أتيا بما لا يشبه، وأعدل الأقاويل أن يحلفا ويشفع بالقيمة.

اللخمي: إن جهل لطول السنين لغيبة الشفيع أو صغره ففي سقوط الشفعة قول ابن القاسم في الموازية، وقول عبد الملك: يشفع بالقيمة ولم يبين هل هي يوم البيع أو اليوم والأول أحسن.

وفيها إن أقاما البينة وتكافتا في العدالة كانا كمن لا بينة لهما وصدق المبتاع.

ص: 411

الصقلي: عن سحنون: البينة بينة المبتاع وليس تهاترا؛ لأنها أزيد كاختلاف المتبايعين في الثمن وأقاما بينة فالبينة بينة البائع؛ لأنها زادت، وقاله أشهب.

الصقلي: هذا إن كانت عن مجلس واحد فقيل: تكاذب، وقيل: يقضي بالبينة الزائدة، وفي الموازية: إن كانت عن مجلسين فالبينة بينة الشفيع إن كانوا عدولا وإن كانت بينة الآخر أعدل؛ لأن بينة الشفيع إن كان قبل فقد زاده المبتاع بعد الصفقة، وإن كانت بعد فهو وضيعة من الثمن، وإن كانت عن مجلس واحد قضي بأعدلهما، وإن تكافتا سقطتا وصدق المشتري بيمينه.

وفيها إن أنكر المشتري الشراء وادعاه البائع تحالفا وتفاسخا، ولا شفعة بإقرار البائع.

الصقلي: عن الشيخ: يعني بقوله: يتحالفان؛ أن المبتاع وحده يحلف فيبرأ.

محمد: إن كان المدعى عليه الشراء بعيد الغيبة أخذه الشفعي ودفع الثمن للبائع إن لم يقر بقبضه ولا عهدة له عليه إلا في الاستحقاق، ويحب للغائب العهدة في كل شيء، فإن قدم فأقر كتب عليه عهدته، وإن أنكر حلف ورد الشقص لبائعه.

محمد: أحب إلي أن لا يرد إليه إذا رضي أخذه بلا كتب عهدته ولكن يشهد على البائع بقبض الثمن وعهدة الثمن فقط.

اللخمي: قول محمد صواب، وأرى الحاضر مثله له الشفعة.

قلت: وقول ابن الحاجب واختاره اللخمي يقتضي أنه سبقه به غيره في الحاضر ولا أعرفه لغيره، فالأولى تفسير قول ابن الحاجب واختاره اللخمي بقول اللخمي، وقول محمد صواب.

وفيها: من أقر أنه ابتاع هذا الشقص من فلان الغائب فلا شفعة فيه بإقراره؛ لأن الغائب إن أنكر بيعه كان له أخذه وأخذ مدعي الشراء بكراء ما سكن، ولو قضى بالشفعة قاض لم يرجع الغائب بذلك فيبطل حق الغائب في الغلة.

الصقلي: لمحمد: عن أشهب: إن كان الشقص بيد مدعي الشراء ففيه الشفعة، ثم إن جاء البائع فأنكر أخذ شقصه ورجع الشفيع بالثمن.

ص: 412

محمد: قول ابن القاسم أحب إليَّ.

وفيها: إن قال: اشتريت الشقص بمائة، وقال الشفيع: بخمسين، وقال البائع: إنما بعته بمائتين، فإن لم يفت بطول زمان ولا بهدم ولا تغير مسكن أو بيع أو عطية فالقول قول البائع، وإن تغيرت الدار بذلك في يد المشتري قبل قوله والشفعة فيه بذلك.

وصورها اللخمي بدعوى البائع مائة والمشتري خمسين، وقال: إن نكل البائع وحلف المشتري غرم خمسين وشفع الشفيع بها، وإن نكل وحلف البائع أخذ مائة.

قال محمد: عن أشهب: ويشفع الشفيع بخمسين فقط؛ لأن الزائد على قول المشتري ظلم.

قال: ولو رجع المشتري لقول البائع لم يقبل منه، وقال ابن الماجشون وأصبغ: يشفع بمائة، والأول أصوب، وللشفيع قبل الفسخ أن يشفع بمائة يكتب عهدته بخمسين منها على المشتري وعلى البائع بخمسين على قول ابن القاسم، ولوكره المشتري فليس له ذلك على قول أشهب قياسا على قوليهما: إذا استحق من الأرض ما يوجب الرد ورضي الشفيع الأخذ وأراد المشتري الرد، فقال ابن القاسم: ذلك للشفيع، ولم يره أشهب للعهدة التي تكتب عليه وهو في الاختلاف في الثمن أحسن، وله الشفعة قبل التحالف أو بعد يمين أحدهما، وكذا إن حلف على أن البيع منعقد حتى يحكم بفسخه.

وإن اختلفا بعد فوت الشقص فقال ابن القاسم: القول قول المشتري مع يمينه ويأخذ الشفيع بما حلف عليه.

وقال أشهب: يتحالفان، وعلى المشتري قيمتها يوم الصفقة إلا أن تكون القيمة أم مما ادعاه البائع أو أقل فأقاله المشتري ثم تكون الشفعة فيما تستقر به القيمة فجعل الشفعة بالقيمة، وإن كانت أكثر من الثمن والمشتري مطلوب بها؛ لأن إيمانها فسخ للعقد الذي كان بينهما والقيمة بدل من العين، وإذا انفسخ العقد كان الثمن للقيمة بخلاف المسألة الأولى، وإذا حلف البائع ونكل المشتري؛ لأن العقد بحاله لم ينفسخ، وكانت الخمسون مظلمة من المشتري، ولا يدخل هنا قول ابن الماجشون إذا فات؛ لأنه

ص: 413

مع القيام كالمتعدي، ولا يعد مع الفوت كالمتعدي، وإن قال المشتري: اشتريت مقسوما، وقال الشفيع: شائعا؛ فالقول قوله.

اللخمي: لأن الأصل الشركة، ولأن نصف المشتري أنه اشتراه للشفيع فلا يقبل قول المشتري عليه أنه باعه بالذي اشتراه هو منه.

قلت: هو سماع عيسى ابن القاسم، قال ابن رشد: إنما علم أن الأرض كانت مشتركة بين البائع والشفيع بينة أو بإقرار البائع قبل البيع، وإن لم يقر بذلك إلا بعد البيع لم يقبل قوله على المشتري؛ لأنه شاهد للشفيع فيحلف معه إذ كان عدلا ويشفع إلا أن يأتي المشتري ببينة أن البائع قاسم الشفيع قبل البيع.

اللخمي: وعكسه لو قال المشتري: اشتريت النصف شائعا، وقد مات البائع أو غاب، وقال الشريك: كنت قاسمت شريكي قبل أن تشتري أنت منه؛ كان القول قول المشتري.

وفي أحكام ابن سهل: لو ادعى شريك أن شريكه باع شقصه من آخر وقام بالشفعة فأنكر التبايع، فقال ابن لبابة/ يحلف البائع ما باع، فإن حلف سقطت دعوى الشفيع، وإن نكل حلف المدعي عليه الشراء؛ وإن نكل حلف المدعي عليه الشراء، فإن حلف سقطت دعوى السفيع، وإن نكل حلف مدعيها أنهما تباعيا بكذا وثبتت شفعته، وقال أيوب بن سليمان ومحمد بن وليد، وأحمد بن يحيي وعبيد الله بن يحيي: لا يمين على بائع ولا مبتاع.

ص: 414