الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بتراثنا شراً، كما زعم البعض منا، لما استنفذوا أحجاره وأوراقه من الضياع بل عمدوا إلى طيه، إن لم يكن عن العالم فعنا.
4 - تحقيق المخطوطات:
ولم يكتف المستشرقون من مخطوطاتنا بجمعها وصونها وفهرستها. وإنما عمدوا، فعلهم بآثارنا، إلى إحيائها بنشرها عن كفاية وجلد وافتتان على أحدث منهج علمي من قراءة نصوصهار الصعبة في أوراق طمس الزمن الكثير من ملامحها، ثم مقابلتها بنظيراتها والتماس الأصالة فيها والتثبت من صحة نسبها إلى أصحابها بمتعدد الأقلام، وفي مختلف الأزمان، مهما كلفهم ذلك من عناء ووقت ومال - قفلوجيل مثلا قضى خمسة وعشرين سنة في جمع مخطوطات نص كتاب الفهرست لابن النديم، من مكتبات فيينا وباريس ولندن، ومات ولا يتم تحقيقها- ومن تصحيح ما فيها من تحريف أو تصحيف ونقدها وتمحيصها على ضوء الاكتشافات الحديثة في الآثار والعلوم والآداب والفنون، ومن أمانة على النص بحيث لا يبيح أحدهم لقلمه أن يتناول كلمة أو حرفة منها بالحذف أو الإضافة أو التغيير، ومن شرح غوامضها والاستدراك عليها والإضافة إليها في هوامش صفحاتها. هذا إلى مقدمات مسهبة ومعاجم مفسرة وفهارس للأغراض والأعلام والأماكن والكتب منسقة.
والمنهج العلمي الحديث الذي انتهجوه في نشر مخطوطاتنا عصم معظم أقلامهم من الزلل إلى حد بعيد، فأنطوني بيفان حقق نقائض جرير والفرزدق، في 1102 من الصفحات، وحين عثر على خلل في وزن أحد أبياتها، بعد نشرها، أغتم له غمًّا شديداً، ولم يعزه عنه تذييله النقائض بفهرس معجمي لتفسير بعض معاني الألفاظ التي أهملتها المعاجم العربية القديمة، بحسب القرائن، وما تضمن ذلك الفهرس من حواشي وشروح، فوقع في 367 صفحة. ونشر ستوري: الفاخر للمفضل الضبي وذيله بفهارس للشعراء والرجال والأمثال والقوافي والألفاظ. ودى خويه: تاريخ الرسل والملوك للطبري، في 8 آلاف صفحة و 150 مقدمات وفهارس. ومرجليوث: معجم الأدباء لياقوت، في 7 أجزاء. واربري: كتاب المواقف ويليه كتاب المخاطبات للنفرى. وياكوب: أسماء النبات المذكورة في الشعر الجاهلي. وكثيراً ما كانوا يتعاونون في هذا كما حدث في كتاب فتوح البلدان للبلاذري بتحقيق:
دي خويه، والورد. وكتاب الطبقات الكبير للواقدي بتحقيق: زاخاو، وهوروفيتش، وليبرت، وسترستين، وبروكلمان، بعد مقابلة مخطوطه على معظم نسخه في مختلف مكتبات العالم. ونفح الزهور لابن إياس بتحقيق كاله، ومحمد مصطفي، وزوبرنايم- وقد انفرد مصطفى بطبع القسم الرابع منه فأفسده فأعيد تصحيحه في ليبزيج واستانبول- والوافي بالوفيات للصفدي بتحقيق: ريتير، ثم ديدرنج.
وقد وفر لنا المستشرقون ألوف الذخائر العربية مرتبة محررة موثقة تجلها مكتباتنا وتعتمد عليها جامعاتنا ويستند إليها علماؤنا، إذ سبقنا المستشرقون إلى نشرها، لامتنا فحسب، بل بترجمة معظمها إلى سائر لغاتهم. ومن أشهرها: سلك البيان في مناقب القرآن، وتفسير القاضي البيضاوي، وسيرة ابن هشام، ورحلة ابن جبير، ورحلة ابن بطوطة، ونزهة المشتاق للإدريسي، والكامل للمبرد، ومروج الذهب للمسعودي، ومقدمة ابن خلدون، والجبر والمقابلة للخوارزمي، وكتاب الملاهي لابن سلمة، والصلة لابن بشكوال، والتكملة الابن الآبار، وتاريخ علماء الأندلس لابن الغرضي، والمحاسن والمساوى للبيهقي، والوزراء والكتاب للجهشياري، وكتاب الفهرست الابن النديم إلخ؛ وقد بلغ حرصهم على تطبيق منهجهم العلمي عليها إلى نشر بعضها في أكثر من سبع طبعات لمقابلتها على المكتشف من نسخها وتصحيح أخطاء أوائلهم والاستدارك عليها والبلوغ بها حد الكمال: كسيرة ابن هشام، وتفسير القاضي البيضاوي، ونزهة المشتاق، وغيرها.
وعندما أخذتها مطابعنا عنهم، أغفل بعضها أسماء المستشرقين ومقدماتهم ومعاجمهم- فعل أبي عبد الله السورني بديوان النعمان بن بشير الأنصاري وفي ذيله ديوان العجيلي بتحقيق كرنكوف- وشوهت شروحهم واستدراكاتهم وفهارسهم- كتشويه مطبعة السعادة طبقات الشعراء الجاهليين والإسلاميين للجمحي، بتحقيق جوزيف هيل- وتصرفت في نصوص المخطوطات ونسبت بعضها إلى غير صاحبه فكانت سيرة ابن هشام وتفسير القاضي البيضاوي في مطابع المستشرقين خيرة من طبعة الآستانة ومصر. لذلك باشرت مكتبة المشي في بغداد إعادة طبع أهم منشورات المستشرقين بطريقة الأوفست فنيفت على الخمسة والعشرين كتابا (1965).
ولم يكن حظ مخطوطاتنا، على يد بعض محققيها عندنا، بأوفر من حظا في