الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الذي اتبعه في ترتيبه، وسبيلي أن أذكر المكربين ثم الملوك، وأن أشير بعد ذلك إلى الكتابات المدونة في أيامهم وما ورد فيها من أمور، فإذا قدمت أو أخرت فإنما أسير برأيي الخاص، لا أتبع رأي أحد من الباحثين الذين عنوا بترتيب أسماء حكام قتبان، وقد رجحت ذكر قوائمهم ليطلع عليها القراء، وليروا ما فيها من مطابقات ومفارقات.
حكام قتبان:
وجد في دراسة الكتابات القتبانية أن حكام قتبان الأول كانوا يلقبون أنفسهم باللقب الذي تلقب به حكام "سبأ" الأول نفسه وهو لقب "مكرب" وتترجم هذه الكلمة بكلمة "مقرب" في لهجتنا وتعبر "كرب""قرب" عن التقرب إلى الآلهة فالمكرب المقرب إلى الآلهة والشفيع إليها والواسطة، بينهما وبين الإنسان، وهو كناية عن الكاهن الحاكم الذي يحكم باسم الآلهة التي يتحدث باسمها وتقابل "باتيسي" Patesi" في الأكادية و "اشاكو" lschschakku" في الآشورية1.
وقد كان هؤلاء المكربون يحكمون في جماعتهم وطوائفهم حكمًا يشبه حكم "قضاة بني إسرائيل" فلما توسع سلطان "المكرب"، وتجاوز حدود المعبد، ولم يعد حكمًا دينيًّا فقط، بل انصرف الحكم إلى خارج المعبد، وصار حكمًا زمنيًّا، لقب نفسه بلقب "ملك"، ومن هنا صارت طبقة الملوك متأخرة بالنسبة إلى طبقة المكربين2. أي أن المكربين هم أقدم من الملوك.
ومن قدماء مكربي قتبان -على رأي أكثر علماء العربيات الجنوبية- المكرب "سمه علي وتر". وابنه "هوف عم يهنعم". وقد عثر على كتابات من أيام "سمه علي وتر" كتبت بشكل حلزوني يبدأ السطر منها من جهة اليمن إلى جهة اليسار ثم يبدأ السطر الثاني من جهة اليسار وينتهي في جهة اليمين، وهكذا فقارئ الكتابة يقرأ السطر الأول من اليمين على نحو ما نقرأ في العربية، غير أنه يقرأ
1 Handbuch، I، S، 86، Montgomery، Arabia، P. 137، 143
2 Background، P. 60
السطر الثاني من جهة اليسار متجهًا نحو اليمين، أي على طريقة الكتابة اللاتينية، ويقال لهذا النوع من الكتابات في الانكليزية 1Boustrophedonlnscriptins وتعد في نظر علماء الخط والآثار أقدم عهدًا من الكتابات الأخرى التي تسير على نسق واحد من اليمين إلى اليسار، أو من اليسار إلى اليمين، ويرى "ألبرايت" أن هذا المكرب قد حكم في القرن السادس قبل الميلاد2. وجعله "فلبي" في حوالي سنة "845 ق. م. "3.
ولم يذكر "فلبي" في قائمته التي صنعها ووضعها في ذيل كتابه "سناد الإسلام" اسم والد المكرب "سمه علي"، ولا كنيته4، ولم يذكر "ألبرايت" في القائمة التي ألفها لحكام "قتبان" اسم والده أيضًا5. غير أن هنالك نصًّا قتبانيًّا ورد فيه "هوف عم يهنعم بن سمه على وتر، مكرب قتبان، بن عم"6. و"سمه علي" في هذا النص، هو هذا المكرب الذي نتحدث عنه، ووالده إذن هو "عم" وقد سقط لقبه من النص بسبب كسر أو تلف حدث في الكتابة؛ لأن من عادة ملوك العرب الجنوبيين اتخاذ الألقاب.
وقد وصلت إلينا كتابات قتبانية، ورد فيها ذكر "هوف عم يهنعم""هو فعم يهنعم"، منها الكتابات التي وسمت بـ "Glaser 1117. 1121. 1333. 1344. 1345”" والكتابات "Glaser 1339" و Glaser 1343" وهما من الكتابات المزبورة على الطريقة الحلزونية "Boustrphedon lnscription".
وجاء بعد "هوف عم يهنعم" في قائمة "فلبي" اسم، "شهر بجل يهرجب""شهر يكل يهركب"7. وهو ابن "هوف عم يهنعم" وقد جعله ملكًا، حكم على رأيه في حوالي سنة "825 ق. م."، وذكر أنه فتح
1 Ency. Brita.، Vol.، 3، P. 972
2 BOABOOR، NUM. 119، "1950"، P. 11
3 Background، P. 143
4 Background، P. 143
5 BOASOOR، NUM. 119، "1950"، P. H، The Chronology، P. 7
6 REP. EPIG.، VI، n، P. 260
7 "يجل""يهرجب" حرف "الجيم" في المسند هو "كيمل"، ويلفظ على الطريقة المصرية في الزمن الحاضر في النطق بحرف الجيم.
معينًا1. وكان له من الأولاد "وروال غيلن يهنعم" "وروايل غيلان يهنعم"، وقد لقب بلقب "ملك"، و"فرع كرب يهوضع"، "يهودع"2. ثم ذكر "فلبي" اسم "شهر هلل""شهر هلال" بعد "فرع كرب يهودع"، جاعلًا حكمه في حوالي سنة "770 ق. م."، وقد كان ملكًا على قتبان.
وهو ابن "ذرأ كرب". ثم نصب "يدع اب ذ بين يهرجب""يدع أب ذبيان يهركب"، من بعده، وقد كان حكمه -على رأيه- في حوالي سنة "750 ق. م." وقد جعله مكربًا وملكًا، ثم ترك فراغًا بعده، مكتفيًا بالإشارة إلى أن الذي تولى بعده هو أحد أبنائه، ولم يشر إلى اسمه، وقد قدر أنه حكم من سنة "735 ق. م." حتى سنة "720 ق. م." ثم جعل من بعده ملكًا سماه "شهر هلل يهنعم""شهر هلال يهنعم" وهو أحد أبناء "يدع اب ذبين يهرجب""يدع أب ذبيان يهركب"، وقد حكم -على رأيه- حوالي سنة "720 ق. م." ثم خلفه "يدع أب ينف" أو "يجل يهنعم بن ذمر علي" وقد يكون -على حد قوله أيضًا- شقيقًا لـ "شهر هلال بن يدع أب ذبيان يهركب" وقد كان حكمه في حوالي سنة "680 ق. م."3.
وترك "فلبي" فراغًا بعد الملك المتقدم، كناية عن حكم ملك لم يصل اسمه إلينا، حكم في حوالي سنة "660 ق. م." حتى سنة "640 ق. م." حيث دون بعده اسم ملك سماه "سمه وتر" لم يذكر لقبه الثاني ولا اسم أبيه، ثم ذكر بعده اسم ملك آخر، سماه "وروال""وروايل"، لم يذكر لقبه، يتصور أنه ابن "سمه وتر" وقد جعل حكمه في حوالي سنة "620 ق. م.".
ثم ترك "فلبي" فجوة قدرها بنحو من عشر سنين بين الملك المتقدم والملك الذي تلاه، ثم ذكر بعدها اسم ملك سماه "آب شبم""أب شبم"، لم يعرف اسم أبيه، وقد حكم -على تقديره- في حوالي سنة "590 ق. م."، وذكر بعده اسم "اب عم""أبعم""أب عم"، وهو ابن "اب شبم"، وقد كان حكمه في حوالي سنة "570 ق. م." تلاه في الملك على -رأي "فلبي"- الملك "شهر غيلن""شهر غيلان"، وهو ابن "أبشم"
1 Background، P. 60، 143
2 Background، P. 60، 143
3 المصدر نفسه.
"اب شبم"، وقد حكم من سنة "555 ق. م" إلى سنة "540 ق. م" وفي هذه السنة، أي سنة "540 ق. م" كانت نهاية مملكة قتبان، فاندمجت -على رأيه- في مملكة سبأ، وصارت جزءًا منها1.
هذه هي قائمة حكام قتبان، من مكربين، وملوك على وفق رأي "فلبي" ويلاحظ أنه وضع مددًا لحكم كل مكرب أو ملك تراوحت من خمس وعشرين سنة إلى عشر سنين، فامتد أجل هذه الحكومة بحسب قائمته من سنة "865" قبل الميلاد إلى سنة "540" قبل الميلاد، وتقديراته هذه هي شخصية، لا تستند إلى كتابات قتبانية ولا غير قتبانية، وإنما هي رأي شخصي واحد، ومن هنا اختلف في مذهبه هذا عن مذاهب الباحثين الآخرين في مدد حكم ملوك قتبان، وكلهم مثله يستندون في أحكامهم إلى آرائهم وتقديراتهم الشخصية، ولا يوجد بينهم من وجد نصًّا فيه تأريخ مرقوم ثابت لأحد من هؤلاء الحكام، يستند إليه في تثبيت حكم مكربي وملوك قتبان، ونرى مما تقدم أن "فلبي" جعل عدد من عرفهم من حكام قتبان سبعة عشر رجلًا2.
أما البرايت، فقد ترك فراغًا، ولم يحدد مدته بعد "هوف عم يهنعم"، ثم ذكر بعده اسم مكرب دعاه "شهر"، ولم يشر إلى لقبه ولا إلى اسم أبيه، وذكر بعده اسم "يدع أب ذبين يهنعم""يدع أب ذبيان يهنعم"، قال إنه ابن "شهر"، وقد كان مكربًا، وذكر بعده اسم ابن له يقال له: "شهر هلل يهو
…
"، "شهر هلال يهو.."، وقد صار مكربًا بعد وفاة أبيه "يدع اب ذبيان يهنعم"، وقد سقط حرفان أو ثلاثة أحرف من لقب "شهر هلال" الأخير فصار "يهو"، ولعله "يهودع" و "يهنعم" في الأصل.
وترك "ألبرايت" فراغًا بعد "شهر هلال يهو.."، ذكر بعده اسمه "سمه وتر"، قال: إن من المحتمل أن يكون هو المكرب الذي هزمه "يثع أمر وتر" مكرب "سبأ". ثم ترك فراغًا آخر ولم يحدد مدته، ثم ذكر أن من المحتمل أن يكون قد تولى الحكم بعد هذه الفترة مكرب آخر هو "وروايل" ولم يشر إلي لقبه، وقد كان تابعًا لـ "كرب ايل وتر" أول ملك من ملوك
1 المصدر نفسه.
2 كذلك.
سبأ، وقد حكم -على تقديره- حوالي سنة "450 ق. م."1.
وترك "ألبرايت" فراغًا بعد اسم "وروايل" يشير إلى وجود فجوة لم يعرف من حكم فيها، ثم ذكر مكربًا آخر سماه "شهر"، ولم يذكر لقبه، ثم ذكر اسم ابنه بعده وهو "يدع أب ذبيان"، قال إنه آخر مكرب وأول ملك في قتبان، وقد ترك عددًا من الكتابات، ومنها كتابة عثر عليها خارج الباب الجنوبي لمدينة "تمنع"، وقد حكم -على رأيه- في نهاية القرن الخامس قبل الميلاد، وتولى ابنه من بعده "شهر هلال""شهر هلل" ثم "نبط عم" ابن "شهر هلال"2. ويحتمل أن يكون "يدع أب ذبيان" هذا -بحسب رأيه- هو باني ذلك الباب3.
نرى أن قائمة "ألبرايت" قد كتبت اسم "شهر" وابنه وحفيده مرتين، وأشار هو نفسه إلى أن من الممكن أن يكون ذلك من باب التكرار، غير أنه ذكر من جهة أخرى أنه ما دامت الأدلة التي تثبت هذا التكرار غير متوافرة، فإنه يسجل هذه الأسماء على هذا الموضع، فلعل أسماء هذه المجموعة المتشابهة هي لأشخاص آخرين، إلى أن يثبت بالدليل خلاف ذلك.
وترك "ألبرايت" فراغًا بعد "نبط عم""نبطعم"، ذكر بعده "ذمر علي"، ثم ابنه "يدع أب يجل""يدع أب يكل" ويرى "ألبرايت" أنه كان معاصرًا لثلاثة ملوك من ملوك سبأ، عاشوا في القرن الرابع قبل الميلاد، ولم يستبعد احتمال كونهم من رجال القرن الثالث قبل الميلاد. حينما كانت سبأ مجزأة منقسمة على أمرها4.
وقد كانت معظم أرض حمير خاضعة في هذا العهد للقتبانيين. وقد يكون هذا هو السبب الذي جعل الحميريين ينعتون أنفسهم بـ "ولد عم"؛ لأن "عما" هو إله القتبانيين، و"ولد عم" تعني "أولاد عم" و"شعب عم"5.
1 BOASOOR، NUM. 119، C1950) ، P. II
2 BOASOOR، NUM. 119، (1950) ، P. II، The Chronology، P. 17
3 W. Phillips، Qataban and Sheba، P. 219
4 The Chronology، P. 8، BOASOOR، NUM. 119، (1950) ، P. 12
5 Le Museon، 1964، 3-4، P. 429، 431
وترك "ألبرايت" فراغًا بعد الملك "يدع أب يكل"، ذكر بعده ملكًا سماه "اب شبم"، "أبشبام""أب شبام"، ولم يذكر اسم أبيه ولا نعوته، ثم ذكر بعده الملك "شهر غيلن""شهر غيلان"، قال: إنه ابن "أبشبام"، وإن المنقبين قد عثروا على كتابات عديدة من أيامه، منها كتابة عثر عليها عند الباب الجنوبي لمدينة "تمنع"1. ثم ذكر بعده ملكًا آخر سماه "بعم" وهو ابن الملك السابق، أي "شهر غيلان"، ثم الملك "يدع أب يجل" "يدع أب يكل"، وهو شقيق "بعم"، ثم نصب "ألبرايت" بعده الملك "شهر يجل" "شهر يكل"، قال إنه ابن الملك "يدع أب"، وإنه صاحب جملة كتابات وفاتح معين في حوالي سنة "300 ق. م." ثم ذكر الملك "شهر هلل يهنعم" "شهر هلال يهنعم" من بعده، وهو شقيق "شهر يجل" "شهر يكل" وقد تركت أيامه جملة كتابات، منها كتابة عثر عليها عند باب مدينة "تمنع" الجنوبي.
وقد ذهب "ألبرايت" إلى أن حكم الأسرة أو المجموعة المتقدمة قد كان فيما بين "350" و"250 ق. م." وهو لا يدري من حكم بعد "شهر هلال" آخر ملوك هذه المجموعة2، ولذلك ترك فراغًا، انتقل بعده إلى مجموعة جديدة من الملوك، وضع على رأسها "يدع أب ذبين يهرجب" يدع أب ذبيان يهركب"، وقال: إنه لا يرى أن وضع هذا الملك في هذا المكان هو من قبيل التأكد، وإنما يرى أن ذلك شيء محتمل، ثم ترك فراغًا آخر بعد هذا الملك يشعر أنه لا يدري من حكم فيه، ثم ذكر بعد هذا الفراغ الملك "فرع كرب" ثم ابنه "يدع أب غيلن". "يدع أب غيلان" وقد ذكر أن في أيامه بني "بيت يفش" المذكور في كتابة قتبانية، وأن ذلك كان في أواخر القرن الثاني قبل الميلاد3.
وترك "ألبرايت" فراغًا بعد "يدع أب غيلان"، ذكر بعده الملك "هوف عم يهنعم""هو نعم يهنعم"، وقد جعل حكمه في حوالي سنة "150 ق. م." ثم ذكر ابنًا له حكم -على رأي "ألبرايت"- من بعده
1 The Chronology، P. 8
2 W. Phillips، P. 220
3 W. Phillips، P. 220
سماه "شهر يجل يهرجب""شهر يكل يهركب"، وإلى أيامه تعود الأسود المصنوعة من البرنز التي عثر عليها في أنقاض "تمنع"، والكتابة المتعلقة ببناء حصن الباب الجنوبي للعاصمة، وكتابة بناء "بيت يفش"1، ثم ذكر "وروال غيلن يهنعم""وروايل غيلان يهنعم" من بعده، وهو ابن "شهر يكل يهركب"، وقد عثر على قطعة نقد ضربت في مدينة "حريب"، تحمل اسم "وروايل غيلن"، يرى "البرايت" احتمال كونها تعود إليه. وذكر بعده الملك "فرع كرب يهودع""يهوضع"، وهو ابن الملك "شهر يكل" وشقيق "وروايل غيلان".
وقد ترك "البرايت" بعد "فرع كرب يهودع""يهوضع" فراغًا يشير إلى أنه لا يعرف من حكم بعد ذلك الملك، ثم ذكر بعد هذا الفراغ ملكًا آخر سماه "يدع اب ينف""يدع اب ينوف". وقد عثر على نقود له ضربت من ذهب في "حريب"، ولا يعرف "ألبرايت" اسم من حكم بعده، لذلك ترك فراغًا، ذكر بعده ملكًا سماه "ذراكرب""ذرأكرب"، ولم يذكر نعته ولا اسم أبيه، وقد جعل بعده ابنه "شهر هلل يهقبض""شهر هلال يهقبض"، ويرى احتمال كونه "شهر هلل""شهر هلال"، الذي أمر بضرب نقد من ذهب في "حريب"، وبه ختمت قائمة "ألبرايت" لحكام قتبان من مكربين وملوك إذ ذكر بعد اسمه خراب "تمنع" العاصمة ونهاية استقلال قتبان، وذلك في حوالي سنة "50" قبل الميلاد2.
ويرى "ألبرايت" أن "شهر هلال يهقبض" هذا هو الذي بنى البيت المسمى "بيت يفعم""بيت يفع"، الذي عثر على أطلاله وأسسه عند باب المدينة الجنوبي3.
وتعد هذه الفترة القريبة من الميلاد من أهم المراحل الحاسمة في تأريخ قتبان، في رأي "ألبرايت"، إذ فيها كان سقوط الحكم الملكي، وزواله عنها، ودخولها في حكم مملكة "معين"، أو دخول قسم منها في حكم معين، وقسم آخر في
1 W. Phillips، P. 100.
2 BOASOOR، 119، "1950"، P. 12، The Chronology، P. 8. ff
3 W. Phillips، P. 220