الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني والعشرون: مملكتا ديدان ولحيان
قلت في نهاية كلامي على حكومة معين أن جالية من المعينيين كانت تقيم في "العلا" أي "ددن""ديدان"، وأن "ديدان" كانت مستوطنة معينية في الأصل، وقد استقلت بشئونها بعد ضعف حكومة معين، إذ انقطعت صلتها بأمها في اليمن، وحكمها ملوك منهم نسميهم ملوكًا ديدانيين.
وأول من لفت الأنظار إلى "ديدان" هو السائح "جارلس مونتاكو دوتي"1 فقد رحل سنة 1876 إلى أرض مدين، ولم يبال في أثناء رحلته براحته ولا بما قد تتعرض له حياته من أخطار، ثم زار مواضع عديدة آثارية مثل "مدائن صالح" و "الحجر" و"العلا" وكتب رحلته هذه كتابة لا تزال تعد من خيرة ما كتب في هذا الموضوع في الأدب الإنكليزي، وبذلك لفت الأنظار إلى هذه البقعة الآثارية التي حكمتها مختلف الشعوب، وتكدست في أرضها آثارها متداخلة بعضها ببعض.
ثم جاء بعد "دوتي" رحالون آخرون، فزاروا هذه المواضع منهم:"يوليوس أويتنك"2 و "جارلس هوبر"3 و"جوسن"4. و "سافينة"5.
1 charles Montague Doughty
2 julius Euting
3 charles huber
4 Patre jausen
5 Savignac
و"فلبي"1، وغيرهم، وصوروا بعض الكتابات، وقرءوا ما استطاعوا قراءته من كتابات الأحجار ودونوه، أو أخذوا بعضه، وبذلك تجمعت للباحثين مادة، عن تأريخ "العلا"، والمواضع التي تقع في أعالي العربية الغربية، في المملكة الأردنية الهاشمية وفي المملكة العربية السعودية.
وتقع خرائب "ديدان" هذا اليوم في "وادي العلا"، وتوجد على حافتيه كتابات، كما توجد فيه وفي "وادي المعتدل" والأودية الأخرى آثار حضارات ماضية متعددة، كما توجد فيه وفي "وادي المعتدل" والأودية الأخرى آثار حضارات ماضية متعددة، مثل حضارة المعينيين واللحيانيين والديدانيين وغيرهم.
وتعد "الخريبة" مركز الديدانيين، وقد انتزع الأهلون أحجار الآثار، فاستعملوها في مبانيهم فقضوا على كثير من الكتابات، وتشاهد جدر بعض البيوت وقد بنيت الأحجار، وبعضها لا يزال مكتوبًا يحدث الإنسان باعتداء أهل المنطقة عليها وتطاولهم على التاريخ بعمد وبجهل.
وللكتابات التي عثر عليها في هذه الأرضين والتي سيعثر عليها شأن خاص عند من يريد دراسة تأريخ الخط وكيفية تطوره وظهوره، فإن هذه المنطقة هي عقدة من عقد المواصلات المهمة التي تربط جزيرة العرب ببلاد العراق وببلاد الشأم ومصر. وفيها التقت ثقافات وحضارات هذه الأماكن، ولهذا نجد
في كتاباتها مزايا الخط الشمالي والخط الجنوبي كما نجد للغتها مركزًا خاصًّا للهجات ولذلك كان لدراستها شأن خاص عند من يريد الوقوف على اللهجات العربية وكيفية تطورها إلى ظهور الإسلام.
أضف إلى ذلك أنها تقع على الطريق البرية المهمة الموازية للبحر الأحمر، حيث كان أهل العربية الجنوبية ينقلون تجارتهم وتجارة إفريقيا والهند وبقية آسية إلى بلاد الشأم، ثم إنها لا تبعد أكثر من مسيرة خمسة أيام عن البحر الأحمر، حيث كان التجار يذهبون إلى موانئه لبيع ما عندهم لتجار مصر.
لذلك كانت ديدان وبقية مدن هذه الأرضين ملتقى العرب: عرب الجنوب وعرب الشمال، وملتقى تجار أجانب. فلا عجب إذا ما رأينا هذا الاتصال يظهر في الكتابة وفي اللغة وفي الثقافة والحضارة والفزن.
ولا نعرف اليوم من أمر مملكة "ديدان" شيئًا يذكر. ويعود سب جهلنا
1 Hst h Bphiiby
بتأريخ هذه المملكة إلى قلة ما وصل إلينا من كتابات عنها، ولعل الزمان يكشف لنا عن كتابات ديدانية تجلي من عيوننا هذه الغشاوة التي حالت بيننا وبين وقوفنا على شيء من أمر ملوك ديدان.
وقد ذهب "كاسكل" إلى أن ظهور مملكة "ديدان" وابتداء حكمها كان في حوالي السنة "160" قبل الميلاد، غير أنه يرى أن هذه المملكة لم تتمكن من العيش طويلًا، إذ سرعان ما سقطت في أيدي اللحيانيين، وكان ذلك -على رأيه- في حوالي السنة "115 ق. م."1.
وقد وقفنا على اسم ملك من ملوك "ديدان" في الكتابة الموسومة بـ "jS 138"، وهي كتابة ابتدأت بجملة:"كهف كبرال بن متعال ملك دون"2. ومعناها "قبر كبرايل بن متع ايل ملك ديدان"، ويعبر عن القبر والمثوى بلفظة "كهف" في اللهجة الديدانية. فهذه الكتابة إذن، هي شاهد قبر ذلك الملك الذي لا نعرف من أمره شيئًا.
ولا يستبعد "كاسل" أن يكون "كبرايل"، أول ملك أسس مملكة "ديدان"، وآخر ملك حكمها أيضًا، أي أن سقوطها، على أيدي اللحيانيين كان في عهده، أو بعد وفاته، وبذلك انتهت على رأيه حياة تلك المملكة3.
وفي ذهب "ألبرايت" إلى أن الملك "كرب ايل بن متع ايل" الذي عثر على اسمه في كتابة "ديدانية"، كان قد حكم في حوالي السنة "500 ق. م."4.
وما زلنا في جهل تام لكيفية حصول الديدانيين على استقلالهم، وعلاقاتهم بالمعينيين الذين كانوا قبلهم في هذه الأرضين، ولا بد لنا من الانتظار طويلًا للظفر بمزيد من المعارف عن هذه الأمور، فلعل الزمان سيجود على الباحثين بكتابات يخرجها إليهم من باطن الأرض، يكون فيها شرح واف لما نسأل عنه الآن.
وأما "لحيان" فمعارفنا عنهم مع ضآلتها وقلتها خير من معارفنا عن ديدان.
1 Lihyaisch S. 37
2 Lihyaisch S. 78
3 Lihyaisch S. 37
4 Lihyaisch S. 48
ويعود الفضل في ذلك إلى ما ورد عنهم في مؤلفات بعض الكتبة اليونان واللاتين وإلى الكتابات اللحيانية التي عثر عليها الرحالون، فإنها أكثر عددًا من الكتابات الديدانية، وأكثر منها كلامًا، فإننا حين نجد الكتابات الديدانية قد لاذت بالصمت فلم تذكر من ملوكها إلا ملكًا واحدًا، نجد الكتابات اللحيانية قد نطقت باسم أكثر من ملك واحد. وإن لم تأت بشيء من هذه المادة كثير.
وقد وصلت إلينا أسماء حكموا ممكلة "لحيان"، وهي مملكة صغيرة تقع أرضها جنوب أرض حكومة النبط، ومن أشهر مدنها:"ددان"، وهي خرائب "العلا""الخريبة" في الزمن الحاضر، و "الحجر"، وقد عرفت بـ"Hegra" و Egra" عند اليونان واللاتين، ومن الكتابات اللحيانية والآثار التي عثر عليها في مواطنهم، استطعنا استخراج معارفنا عن مملكة لحيان1.
وقد كان شعب لحيان من شعوب العربية الجنوبية في الأصل في رأي بعض الباحثين. وقد ذكرهم "بلينيوس" في جملة شعوب العربية الجنوبية، وسماهم Lexianes أو2Lechieni= Lacanitae وقد ذهب بعض الباحثين إلى أن الحميريين استولوا على مواطن اللحيانيين في حوالي سنة "115 ق. م."، فخضعوا بذلك لحكم الحميريين3.
ومما يؤيد وجهة نظر من يرى أن اللحيانيين هم من أصل عربي جنوبي، ورود اسم "لحيان" في نص عربي جنوبي قصير، هذا نصه:"أب يدع ذلحين" أي "أبيدع ذو لحيان"4. وفي هذا النص دلالة على أن اللحيانيين كانوا في العربية الجنوبية ويظهر أن "أبيدع" المذكور كان أحد أقيال "لحيان" في ذلك الزمن.
ويرى "كاسل" أن اللحيانيين كانوا يقيمون على الساحل على مقربة من "ددن""الديدان"، وكانت لهم صلات وثيقة بمصر، وتأثروا بالثقافة اليونانية التي كانت شائعة في مصر إذ ذاك، حتى إنهم سموا ملوكهم بأسماء يونانية، مثل
1 Die Araber، I، S.، 94
2 Die Araber، I، S.، 94، Pliny، 6، 155، Arabian، S.، 23
3 W. Caskel، Das Altarabische Konigrelch Lihjan، "1951"، S.، 10، J. Ryckmans،
In BlbUotheca OrientaiisT 18، 10، "1961"، 219، W. F. Albright،
Von Ugarit nach Qumran، "1961"، S.، 6.
4 REP. EPIG. 3902، 10، Die Araber، I، S.، 93
"تخمي" Tachmi و "بتحمي" Ptahmy و"تلمي" Tulmi وقد أخذت من "بطلميوس"1 Ptolemaios.
أما الكتابات الليحانية أو الكتابات الأخرى مثل النبطية أو الثمودية أو المعينية وغيرها، فإنها لم تتحدث بأي حديث عن أصل اللحيانيين.
ويعود الفضل في حصولنا على ما سندونه عن تأريخ لحيان إلى الكتابات اللحيانية وهي، وإن كانت قليلة وأكثرها في أمور شخصية، فقد أفادتنا فائدة قيمة في الكشف عن بعض تأريخ اللحيانيين وستزيد معارفنا بالطبع في المستقبل كلما ذاد عثور العلماء على كتابات لحيانية جديدة، ولا يستبعد أن يكون عدد منها لا يزال مطمورًا في بطن الأٍرض.
وقد عالج بعض المستشرقين موضوع "لحيان"، ومنهم "كاسكل" فكتب فيهم، كتابين باللغة الألمانية2. ذهب فيهما إلى أن اللحيانيين كانوا كأكثر الشعوب تجارًا، وكانت تجارتهم مع "مصر" بالدرجة الأولى. وقد انتزعوا الحكم من الجاليات المعينية التي كانت تقيم في هذه الأرضين التي كانت في الأصل جزءًا من ممكلة معين فلما ضعف أمر حكومة معين في اليمن ولم يبق في استطاعتها السيطرة على أملاكها البعيدة عنها، طمع الطامعون ومنهم اللحيانيون في المعينيين الشماليين الساكنين في هذه الأرضين، فانتزعوا الحكم منهم وسيطروا عليهم، واندمج المعينيون فيهم حتى صاروا جزءًا منهم، وكان ذلك -على رأيه- في القرن الثاني قبل الميلاد، وفي حوالي السنة "160" قبل الميلاد تقريبًا3.
ويرى "كاسكل" أن المعينيين كانوا قد بقوا يحكمون "ديدان" مكونين حكومة "مدينة" إلى حوالي السنة "150 ق. م."، وعندئذ أغار عليهم اللحيانيون وانتزعوا الحكم منهم، ويرى أن من المحتمل أن الملك الأول الذي حكم اللحانيين كان من أهل الشمال، وربما كان من النبط غير أن الذين جاءوا بعده كانوا من اللحيانيين4.
وقد كان المعينيون يسيطرون على أعالي الحجاز في القرن الخامس قبل الميلاد،
1 Lihyanisch، S.، 39، Die Araber، I، S.، 102
2 Das Altarabische Konigreich Lihjan، 1951، Llhyan und Lihyanisch، 1954
3 Die Araber، I، a، 94
4 Das Altarabische Konigreich، S.، 9
مكونين مستوطنات معينية غايتها حماية الطرق التجارية التي تمر من بلاد الشأم إلى العربية الجنوبية. وقد عرفت تلك المستعمرة التي تحدثت عنها سالفًا باسم "معين مصران"، وعاصمتها مدينة "علت"، هي "العلا" في الزمن الحاضر، ومن مدنها الأخرى "ديدان"، و"الحجر" وغيرهما1.
وقد اختلف الباحثون فيمن سكن هذه الأرضين أولًا ومن حكم قبلًا:
الديدانيون، أم المعينيون أم اللحيانيون؟ فذهب بعضهم إلى أن اللحيانيين إنما جاءوا بعد المعينيين، وهم الذين قضوا عليهم وانتزعوا منهم الحكم وألفوا مملكة لحيانية، وذهب آخر إلى أن اللحيانيين كانوا قد سبقوا المعينيين في الحكم، وأن حكمهم هذا دام حتى جاء المعينيون فانتزعوه منهم في زمن اختلفوا في تعيينه، وذهب آخرون إلى تقديم الديدانيين على المعينيين واللحيانيين وقد اختلفوا كذلك في زمان نهاية حكم كل حكومة من هذه الحكومات2.
ويرى بعض الباحثين أن مملكة لحيان ظهرت في أيام "بطلميوس الثاني"، بتشجيع من البطالمة وبتأييدهم ليتمكنوا من الضغط على النبط حتى يكونوا طوع أيديهم. وقد جعل بعضهم ذلك الاستقلال فيما بين سنة "280 ق. م." وسنة "200 ق. م."3 ويرى غيرهم أن ذلك كان قبل هذا العهد.
وقد كان اللحيانيون يكرهون النبط؛ لأنهم كانوا يطمعون في بلادهم ويعرقلون تجارتهم التي كان لا بد لها من المرور بأرض النبط، ولهذا لجئوا إلى "البطالمة" يحتمون بهم، ويتوددون إليهم ليحموهم من تحكم النبط في شئونهم، بقوا على ذلك طول أيام "البطالمة" فلما حل الرومان محلهم، توددوا إليهم كذلك للسبب نفسه4.
ويرى بعض الباحثين أن النبط هم الذين قضوا على مملكة لحيان، باستيلائهم على "الحجر" سنة "65 ق. م" وعلى ديدان سنة "9 ق. م."، على
1 Arabien، 8.، 26
2 j. H. Mordtmann، BeitrSge zur Maintschen Epignaphik، Weimar، 1897، S.، XI، BOASOOR، NTJM.، 73، 1939، NUM.، 129، 1953، P. 23، Le Musfeon، 51، (1938) ، P. 307، Arabien، S.، 46
3 Ency.، Vol.، Ill، P. 26، Die Araber، I، S-، 104
4 Die Araber، I، S.، 104
حين يرى آخرون أن نهايتها كانت في القرن الثاني بعد الميلاد1. وذهب "كاسكل" إلى أن النبط قضوا على مملكة "لحيان"، وذلك بعد السنة "24 ب. م."، إلا أن حكم النبط لم يدم طويلًا؛ لأن الرومان كانوا قد استولوا على مملكة النبط سنة "106 م"، وكونوا منها ومن أرضين عربية أخرى مجاورة اسم "المقاطعة العربية" "الكورة العربية" وبذلك انتهى حكم النبط على لحيان2.
ولا نعرف ماذا كان عليه موقف اللحيانيين من احتلال الرومان لأرض النبط ومن تكوين الرومان لما يسمى بـ "الكورة العربية"، التي جاورت أرض اللحيانيين، ويرى "كاسكل" أن موقف اللحيانيين من الرومان كان موقفًا وديًا؛ لأنهم أنقذوهم، من سيطرة النبط، عليهم، ويرى احتمال تكوين اتصال سياسي بينهم وبين الرومان3.
وقد استدل "كاسكل" من شاهد قبر يعود زمنه إلى حوالي السنة التاسعة قبل الميلاد. عثر عليه في "العلا" أرخ بحكم الملك "الحارث الرابع"4 Aretas.
على أن اللحيانيين كانوا يومئذ تحت حكم ملوك النبط، واستدل على رأيه هذا بعدم إشارة "سترابون" إلى مملكة لحيانية في أثناء حديثه عن حملة "أوليوس كالوس""أوليوس غالوس" على اليمن التي وقعت في حوالي سنة "25 م" وكلامه على ملوك النبط، وكأن ملكهم قد شمل أرض لحيان، حتى بلغ مكانًا لا يبعد كثيرًا عن "المدينة""يثرب" ورأى في ذلك علامة على أن ملوك النبط كانوا قد استذلوا اللحيانيين وقضوا على استقلالهم زمانًا لم يحدد بالضبط5.
ويظن أن النص اللحياني الموسوم بـjS 349 من نهاية القرن الثاني قبل الميلاد على رأي بعضهم، هو من أقدم النصوص اللحيانية، دونه رجل اسمه "نرن بن حضرو""ناران بن حاضرو""نوران بن حاضر"، وذلك بأيام "جشم بن شهر" و "عبد" الذي كان واليًا على "ددان" يومئذ6. وقد
1 Lihyanisch، S.، 35، Die Araber، I، S.، 95، CIH، 2، I، 332
2 Arabien، S.، 48، Lihyanisch، S.، 42، Die Araber، I، &، 97
3 Lihyanlsch، S.، 42
4 CIH، II، I، 332، Die Araber، I، S.، 95
5 Die Araber، I، S.، 95، Konigreich Lihjan، S.، II
6 Lihyantsch، S.، 39، 101
ذكر في النص اسم الملك الذي كتب النص في عهده، إلا أن الزمان عبث به، إذ أصيب بكسر فسقط تمامًا الاسم منه.
وقد تجسست بعض النصوص اللحيانية على ملوك لحيان، فقدمت للباحثين بعض أسمائهم، وأعلمتنا بذلك أن اللحيانيين كانوا قد كونوا لهم مملكة حكمت أمدًا، ثم زالت من الوجود كما زال غيرها من ممالك، وإذ لم يقم العلماء في "العلا" وفي الأرضين اللحيانية الأخرى بحفريات منتظمة، فليس بمستبعد أن يعثر فيه يومًا ما على نصوص لحيانية أخرى تكشف النقاب عن أسماء عدد آخر من ملوك لحيان1.
ومن الملوك الذين عرفنا أسماءهم من النصوص المذكورة، ملك اسمه:
"هنوس بن شهر""هانوس بن شهر""هانواس بن شهر". وقد ذكر معه في النص اسم ملك آخر شاركه في الحكم، إلا أنه سقط منه بعبث حدث له، فأضاع علينا اسمه، وقد أصيب النص بتلف في مواضع منه، فأضاع علينا المعنى، والظاهر أنه دون لمناسبة إنشاء الملكين طريقًا يمر بجبل، فشقا الأرض، ورصفا وجهها وكسوها بمادة تملسها ليسهل السير عليها2.
وعرفنا من تلك النصوص ملكًا آخر عرف بـ "ذ اسفعن تخمي بن لذن""ذو اسفعين تحمي بن لوذان" وقد قدر "كاسكل" زمان حكمه في النصف الأول من القرن الأول قبل الميلاد3. وإلى أيامه تعود الكتابة الموسومة بـ: jS 85 وقد دونت لمناسبة إنشاء "بيت" للإله "ذو غابت" ذو غابة" إله لحيان، وذلك في السنة الأولى من حكم هذا الملك4.
وورد اسم الملك "شمت جشم بن لذن""شامت جشم بن لوذان" في الكتابة الموسومة بـ "Js 85" وقد دونت لمناسبة تقديم شخص نذرًا إلى الإله "ذو غابة"، وذلك في السنة التاسعة من حكم هذا الملك وقد قدر "كاسكل" زمان حكمه فيما بين السنة "9ق. م." والسنة "56 ق. م"5.
1 Arabien، 1963، S. 76، Die Araber، I، S.، 100، 103، Lihyanisch، S.، 41، W. Tarn
in Journal of Egypt. Archeol.، 15، (1929) ، 19، Eney.، in، P. 26.
2 Lihyanisch، S.، 40، 41
3 Lihyanisch، S.، 41، 88-89
4 Lihyanisch، S.، 88-89
5 Lihyanisch، S.f 41، 90
وذكر في الكتابة الموسومة بـjS 83 ملك يسمى "جلتقس""جلت قوس""ملتقس"، وقد أرخت بأيامه، إذ دونت في السنة التاسعة والعشرين من حكمه، ودونت لمناسبة تقديم شخص نذرًا "ذنذر""نذر" إلى الإله "عجلبن""عجل بون""عجل بن"، وهو "صلم" "أي صنم، قدمه إلى معبد، ذلك الإله1.
وورد اسم الملك "معنى لذن بن هناس""منعى لوذان بن هانؤاس" في الكتابة الموسومة بـ 82 jS وقد دونت في السنة الخامسة والثلاثين من حكم هذا الملك، لمناسبة تقديم نذر، هو "صلم"، أي "صنم" إلى الإله "عجلبن" صنعه "هصنع" رجل اسمه "سلمى"، وخط الكتابة "هسفر" كاتب اسمه "خرج"2. وقد كان حكمه -على حد قولي "كاسكل" –فيما بين السنة "35 ق. م." والسنة "30 ق. م."3.
وفي عهد هذا الملك أصيبت "ديدان" بهزة أتت على المعبد ومن كان فيه، إذ سقط سقفه على أعضاء مجلس المدينة "هجبل""ها - جبل" فقتل أكثرهم، ثم أعيد بناؤه بين السنة "127 ب. م" و "134 ب. م."4.
ويظهر من بعض النصوص اللحيانية المتأخرة أن إعادة بناء المعبد قد استغرقت زمنًا طويلًا5، وهذا مما يدل على أن الحالة الاقتصادية لم تكن حسنة في ذلك العهد، وأن الأمور لم تكن جارية على وفق المرام، وأن الحكومة كانت ضعيفة فلم تتمكن من إعادة بنائه بالسرعة المطلوبة.
ويرى "كاسكل" أن النبط هيمنوا على اللحيانيين في القرن الأول قبل الميلاد. وأخذوا يضايقونهم، ثم حكموهم، وقد امتد حكمهم للحيانيين، إلى ما بعد الميلاد، فقبل سنة "65 ق. م." استولى النبط على "الحجر"، ثم ساروا منها إلى "تيماء" ثم قطعوا كل اتصال للحيان بالبحر، واستولوا على ميناء "لويكة كومة" وكان تابعًا للحيان، وتقدموا منه إلى مواضع أخرى، حتى
1 Lihyanisch، S.، 41، 91، Die Araber، I، S.، 103، Arabien، S.، 289
2 Lihyanisch، S.، 41، 93
3 Llhyanisch، S.، 41
4 Arablen، S.، 66
5 Lihyanisch، S.، 42
أحاطوا بلحيان من جميع الجهات وحكموهم1.
ويظن "كاسكل" أن حكم النبط للحيان قد وقع بين السنة "25- 24 ق. م." والسنة "50 ق. م".
ويظن "كاسكل" أن حكم النبط للحيان دام منذ ذلك الزمن حتى حوالي السنة "80 ق. م." ففي هذا العهد كان حكم النبط نفسه يتدهور بتزايد سلطان الرومان في بلاد الشأم وبدخول حكومة "المكابيين" اليهودية في حماية الامبراطورية الرومانية، والنبط هم في جوار المكابيين في الجنوب، ولما قهر جيش "تراجان" النبط، وقضى على استقلالهم، تخلص اللحيانيون من حكم النبط وعادوا فاستقلوا في إدارة شئونهم فحكمتهم أسرة منهم، يظهر أنها من الأسرة الملكية القديمة التي كانت تحكمهم قبل استيلاء النبط عليهم2.
وكان جلاء حكم النبط عن لحيان في عهد الملك "رب آل""رب ايل" آخر ملوك النبط الذي انتزع الرومان الأقسام الشمالية من مملكته في سنة 105 للميلاد، ثم أخذوا الأقسام الجنوبية من مملكته بعد سنة تقريبًا، أي سنة106 للميلاد، وبذلك زال حكم النبط عن اللحيانيين، فاستعادوا استقلالهم برئاسة الملك "هناس بن تلمي"3.
وقد عثر الباحثون على كتابتين، ورد في إحداهما:"مسعودو: ملك لحيان" وورد في الأخرى: "ملك لحيان" وقد سقط منها اسم الملك لتلف أصاب الكتابة، وقد ذهب "كاسكل" إلى أن الكتابتين من عهد استيلاء النبط على لحيان وذهب أيضًا أن الملك "مسعودو" أي "مسعود" لم يكن ملكًا بالمعنى الحقيقي، وإنما كان ملكًا اسمًا، وإن الملك الآخر الذي أزال العطب اسمه من الكتابة الثانية، هو الملك "مسعود" نفسه، ولم يذكر كيف جوز صاحب الكتابة لنفسه نعت مسعود، بنعت "ملك لحيان" على حين كانت مملكة لحيان تابعة لمملكة النبط4.
1 Llhyanisch، S.، 40، 42
2 Llhyanisch، 8.، 42
3 Lihyanlsch، S.، 42
4 Lihyanisch، S.، 42، Die Araber، I، S.، 100، Jausen — Savlgnac، 334، 335، 337
ويرى "كاسكل" أن في جملة من حكم اللحيانيين في هذا العهد، عهد تدهور حكم النبط وزوال سلطانهم عن لحيان، ملكًا اسمه "هناس بن تلمي""هانؤاس بن تلمي". وقد ورد اسمه في كتابة دونت في السنة الخامسة من حكمه، دونها "عقرب بن مر"، صانع تماثيل "هصنع" لمناسبة نحته طرفي صخرة قبره، وصيرهما يمثلان الإله "أبي ايلاف""أبا لف"، وذلك في السنة المذكورة من حكم هذا الملك1.
وقد جعل "كاسكل" حكم الملك المتقدم "هناس بن تلمي" مبدأ لحكم أسرة جديدة، أو حكومة جديدة، تولت الحكم بعد زوال هيمنة النبط عن اللحيانيين، وكان الملك "لوذن بن هنواس""لوذان بن هـ -نواس" آخر من حكم من الحكومة القديمة في لحيان، أي آخر من حكم قبل استيلاء النبط على لحيان كما يرى "كاسكل"2. وكان حكمه في حوالي السنة "30 ق. م. على تقدير "كروهمن"3.
وورد اسم الملك "تلمي بن هناس""تلمي بن ها- نؤاس" في كتابة أرخت بالسنة الثانية من سني حكمه، لمناسبة شراء رجل اسمه "عبد خرج" أرضًا، بني عليها ضريحًا "هكفر" ليكون مقبرة "همثبرن""ها- مثبرن" يدفن فيها هو وأهله4.
وأورد "كاسكل" اسم الملك "سموي بن تلمي بن هناس" بعد اسم الملك المتقدم5. وهو ملك ورد اسمه في كتابة سجلها "وهب لاه" "وهبله" "وهب الله" وكان قيمًا "قيمه" على "نعم" أنعام الإله "ذغبت" "ذو غابة" لمناسبة قيامه باتمام بناء معبد "ديدان" الذي كان الزلزال قد عبث به6.
وورد اسم ملك آخر من ملوك لحيان، في كتابة دونت في السنة الخامسة من سني حكمه7. دونها "أبو إيلاف بن حيو" وكان "كبير هشعت" "ها- شعت"
1 Llhyanisch، S.، 41، 110، JS 75، M. 25
2 Lihyanisch، S.، 4
3 Arabien، S.، 65، 289
4 Lihyanisch، &، 41، IIL JS 45، M 9
5 Lihyanisch، S.، 41
6 Lihyanisch، S.، 41، 42، 112، JS 54، M 4
7 Lihyanisch، S.، 41
أي كبير الجماعة، وهو نعت يدل على أنه كان وجيه القوم ووجههم، وقد أشار فيها إلى مجلس القوم "هيجل"، وكان ذلك في السنة الخامسة من سني حكم "رأي""رأي" الملك "عبدن هناس""عبدان بن ها- نؤاس"1.
ويرى "كاسكل" أن حكمه كان في حوالي السنة "110 ب. م."2.
ووضع "كاسكل" ملكًا اسمه "سلح""سليح""سالح" بعد اسم الملك "عبدان هانؤاس". وقد حكم –على رأيه- في حوالي السنة "125" بعد الميلاد3. وقد ورد اسمه في كتابة دونت قبل ثلاثة أيام "تلت ايم: قبل رأي سلح" من تولي "سليح" الحكم، وأرخ ذلك بسنة عشيربن من ظهور عتمة، أي حدوث ظلام "سنت عشرين عتم"4. والظاهر أن كسوفًا وقع فأظلمت الدنيا وعتمت، وذلك قبل عشرين سنة من تولي هذا الملك الحكم، فأرخ الناس عندئذ بحدوثها، وفي جملتهم صاحب هذه الكتابة5.
وحكم في حوالي السنة "127 ب. م." ملك اسمه "تلمي هناس""تلمي ها- نؤاس" على رأي "كاسكل"6، وقد جاء اسمه في كتابة دونت لمناسبة دفع دية "وديو" عن قتيل قتل في السنة الثانية والعشرين من حكم هذا الملك7.
ووضع "كاسكل" الملك "فضج"، بعد الملك "تلمي بن هانؤاس" وجعل حكمه في حوالي السنة "134 ب. م."8 ويظهر من كتابة ورد فيها اسمه أنه حكم أكثر من تسع وعشرين سنة9.
ويرى "كاسكل" أن الملوك اللحيانيين المتأخرين لم يكونوا على شاكلة الملوك اللحيانيين الأول من حيث المكانة والشخصية، ويرى أن الحل والعقد صارا في يد "الجبل""هجبل"، أي مجلس الشعب، أو مجلس الأمة بتعبير قريب
1 Llhyanisch، S.، 41
2 Lihyanisch، S.، 113، JS، 72، M 23
3 Llhyanisch، S.، 41
4 Lihyanlsch، S.f 41
5 Lihyanisch، S.، 115، JS، 68، M 55
6 Lihyanlsch، S.، 41
7 Lihyanisch، S.، 116، JS، 77، M 27
8 Lihyanlsch، &، 41
9 JS 70، M 52، Lihyanlsch، 8.، 119
من تعبير هذا الزمان في الغالب، وأن الناس لم يعودوا يحفلون بكتابة لقب "ملك لحيان" بعد اسم الملك، وفي هذا الإهمال تعبير عن نظرة التساهل وعن عدم الاهتمام بأمر الملوك1.
ويتبين من النصوص اللحيانية المتأخرة أن هذا الدور الثاني، أي الدور المتأخر من حكم حكومة لحيان، لم يكن حكمًا مستقرًّا وطيد الأركان، لذلك تفشت السرقات، وكثرت حوادث القتل فيه، ويرى "كاسكل" من ورود أسماء في بعض هذه الكتابات اللحيانية المتأخرة يشعر منها أن أصحابها من إفريقيا ومن جنس حامي، احتمال مهاجمة الحبش لساحل البحر الأحمر الواقع فيما بين "لويكة كومة" وحدود مملكة سبأ ونزول الحبشة في هذه الأرضين2.
ويرى "كاسكل" أن الكتابات المشار إليها، هي من زمن يجب أن يكون محصورًا بين السنة "150" والسنة "300" بعد الميلاد، وفي هذه المدة يجب أن يكون وقوع غزو الحبش للسواحل العربية المذكورة3. ويرى باحثون آخرون أن ملك الحبشة الذي يمكن أن يكون قد غزا هذه السواحل، هو الملك Sembruthes وهو من ملوك "أكسوم" وقد عثر الباحثون على طائفة من الكتابات مدونة باليونانية تعود إلى أيامه، ويجب أن يكون غزوه لتلك السواحل قد وقع بين نهاية القرن الرابع للميلاد وبين النصف الأول من القرن الخامس للميلاد4.
ويرى "كاسكل" أن الرومان الذين استولوا على ممكلة النبط لم يبلغوا أرض لحيان، بل وقفوا عند حدود النبط، أو عند أرض تبعد مسافة عشرة كيلومترات عن "ديدان"، بدليل انقطاع الكتابات التي كان يكتبها الجنود الرومان ويتركونها في الأماكن التي ينزلون بها عند الحد المذكور، فلم يعثر السياح على كتابة يونانية بعد البعد المذكور5.
ويظهر من كتابة لحيانية وسمت بـM 28 أن رجلًا من لحيان كان قد زار
1 Lihyanisch، S.، 43
2 Llhyanlsch، 8.، 43
3 Die Araber، I، S.، 100
4 Die Araber، I، S.، 100
5 Das Altarablsche، S.،18
المواضع: "صار""صوأر"، و"نشور"، و"ربغ""رابغ"1.
والكتابة غامضة وزاد في غموضها وعسر فهمها سقوط كلمات منها، لذلك لا يدرى ما المراد من ذكر هذه المواضع. هل أريد به استيلاؤه عليها وضمها إلى النبط؟ أو أريد به توليه الجباية فيها؟ أو هو زارها وتاجر معها؟ وقد يستنتج منها أن هذه المواضع كانت من مدن اللحيانيين في ذلك العهد2.
و"صار""صأور"، موضع على الطريق بين الحجر ويثرب، وهو الموضع الذي ذكر في جغرافية "بطلميوس" باسم3Assara = Asvara. وهو موضع لا يبعد كثيرًا عن "الحجر" ويقع عند موضع "البدائع" الذي يبعد زهاء واحد وعشرين كيلومترًا جنوبي شرقي "العلا. وأما "نشأر" "نشير" فهو موضع ذكره "ياقوت الحموي" في معجم البلدان. ولم يعين مكانه، وأما "رابغ"، فموضع لا نستطيع أن نؤكد أنه "رابغ" الحالية، وإن كانت التسمية واحدة4.
ولسنا نعلم بعد، كيف كانت نهاية حكومة لحيان، ومن قضى عليها، وإلى أين ذهب اللحيانيون بعد سقوط مملكتهم الذي كان بعد الميلاد كما رأينا.
ويظهر أن قومًا منهم هاجروا إلى الجنوب، وأن قومًا منهم هاجروا إلى العراق فاستقروا بالحيرة، إذ نزلوا في موضع عرف باسمهم، وقد كانوا يتاجرون معها في أيام استقلالهم، ويظن أن موضع "السلمان" المعروف في البادية منسوب إلى الإله "سلمان" إله لحيان ورب القوافل عندهم، وقد كان اللحيانيون ينزلون به في طريقهم إلى العراق5.
ولا يستبعد أن يكون القسم الأعظم منهم قد عاد إلى البادية، واندمج في القبائل، مفضلًا حياة البداوة على حياة العبودية والفوضى، فاندمج في القبائل
1 Lthiyanlsch، S.، 40، 94
2 Lthiyanlsch، S.، 40، 94
3 Ptolemaus، V، BK.، 7، &. 30
4 Uhyanisch، S.، 40، 94
5 Lihyanlseh، S.، 44، Das Altarablsche، S.، 19، Rothstein، Lachmiden، S.، 52، 64
الأخرى على نحو ما حدث لغيرهم من الناس1.
وقد عثر على مزهرية في "تل أبو الصلابيخ" في جنوب العراق، وجدت عليها كلمة "براك آل""برك ايل""بارك ايل" مدونة بقلم ذهب بعض الباحثين إلى أنه قلم لحياني، وذهب بعض آخر إلى أنه من قلم "المسند"، وأن أصحابها من العرب الجنوبيين2.
وقد نسب أهل الأخبار "أوس بن قلام بن بطينا بن جميهر" إلى "لحيان" وهو من مشاهير أهل الحيرة، حكم الحيرة أمدًا3. وقد يكون للحيان الذين ينسب "أوس" إليهم علاقة باللحيانيين الذين أتحدث عنهم.
وقد يكون "بنو لحيان" الذين يذكرهم أهل الأخبار. من بقية ذلك الشعب الساكن في "الديدان" أما اللحيانيون، فهم من "بني لحيان بن هذيل بن مدركة بن الياس بن مضر" فهم عدنانيون، وقد كانوا ينزلون في شمال شرقي مكة4. والظاهر أنهم لم يكونوا من القبائل القوية عند ظهور الإسلام، ولذلك لا نجد لهم ذكرًا في أخبار ظهور الإسلام وفي أيام صدر الإسلام5.
وكانت منازل "لحيان" عند ظهور الإسلام في أرض جبلية. وقد غزاهم الرسول بغزوة عرفت بـ "غزوة بني لحيان" فاعتصموا برءوس الجبال، وهجم الرسول على طائفة منهم على ماء لهم، يقال له الكدر، فهزموا وغنم المسلمون أموالهم6. وأرسل الرسول عليهم سرية بقيادة "مرثد بن كنان الغنوي" إلى "الرجيع"، فلقي بني لحيان، وقد قتل مرشد في المعركة، وذلك في السنة الرابعة من الهجرة7.
وقد هجاهم "حسان بن ثابت" فرماهم بالغدر، وذكر موضعهم وهو
1 Lthyanish. s، 44
2 Arabien، S. 273
3 المحبر "ص 358"، Lihja. S. 44
4 ابن قتيبة، المعارف "ص 31" تاج العروس "10 / 324 "الاشتقاق "1/ 109".
5 Envy lll p 26
6 المحبر "114".
7 المحبر "118" Ency lll pp 26 27
"الرجيع"، وذكر أنهم تواصوا بأكل الجار. فهم من أغدر الناس، و"دار لحيان" هي دار الغدر1.
ويذكر الأخباريون أن "تأبط شرًّا" أتي جبلًا في "بلاد بني لحيان" ليشتار منه عسلًا، ومعه جماعة، فخرج عليهم اللحيانيون، فهرب من كان مع "تأبط شرًّا"، فحاصره اللحيانيون، إلا أن "تأبط شرًّا" أزلق نفسه على جدران الجبل، فلم يلحقوا به، وهرب2.
وقد عثر السياح في حوالي سنة 300 بعد الميلاد فما بعدها على كتابات عبرانية ونبطية في وادي "ديدان" تدل على أن قومًا من يهود وقومًا من النبط أو من جماعة كانت تتكلم النبطية كانت قد استوطنت في هذه الأرضين3. وكان اليهود قد زحفوا إلى هذه الأرضين وأخذوا يستقرون فيها حتى وصلوا إلى يثرب، فلما ظهر الإسلام، كان معظم سكان وادي القرى إلى يثرب من اليهود.
وقد وجدت في الكتابات اللحيانية أسماء آلهة تعبدوا لها، في طليعتها الإله "ذو غابت""ذو غابة". وقد عثر على أنقاض معبد له في وسط خرائب المدينة، ووجد فيه آثار حوض للماء، يظهر أن المؤمنين كانوا يتوضئون به أو يغسلون مواضع من أجسامهم للتطهر قبل أداء الشعائر الدينية، كما عثر على اسم إله آخر عرف عندهم بـ "سلمان"، ويظهر أنه كان يكنى "أبا إيلاف"، ويرى بعض الباحثين أنه إله القوافل، أي الإله الذي يحمل القوافل ويحرسها في ذهابها وإيابها، وذلك؛ لأن إيلاف القوافل كان من واجب الآلهة، كما يقول هؤلاء الباحثون، مستدلين على ذلك بوضع "قريش" قوافلهم في حماية الآلهة4. كما يفهم من آية:{لِإِيلافِ قُرَيْشٍ، إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ، الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} 5.
1
إن سرك الغدر صرفًا لا خراج له
…
فأت الرجيع، وسل عن دار لحيان
ديوان حسان بن ثابت "ص 37""طبعة هرشفلد".
2 المحبر "197 وما بعدها".
3 Lihyanisch، S، 44
4 Das Altraabische، S، 13
5 السورة رقم "106".
وعثر على اسم إله هو "هانئ كاتب""هني كتب" ومعناه "عبد كاتب" واسم إله آخر هو "هـ- محر""ها– محر" أي "المحر". وقد ذهب "كاسكل" إلى أن الإله "كاتب" هو في مقابل الإله "توت" THOT عند المصريين، إله الحكمة1.
1 Aitarabisch S 13