المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

نبط بن نبط على ملك كمنه وشعبه شعب كمنه، لألمقه - المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام - جـ ٣

[جواد علي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثالث

- ‌الفصل السابع عشر: العرب واليونان

- ‌الفصل الثامن عشر: العرب والرومان

- ‌الفصل التاسع عشر: الدولة المعينية

- ‌مدخل

- ‌ملوك معين:

- ‌حكومات عدن:

- ‌مملكة كمنه:

- ‌حكومة معين:

- ‌نقود معينية:

- ‌الحياة الدينية:

- ‌مدن معين:

- ‌قوائم بأسماء حكام معين:

- ‌قائمة "البرايت

- ‌قائمة "ريكمنس

- ‌الفصل العشرون: مملكة حضر موت

- ‌مدخل

- ‌قبائل حضرمية:

- ‌مدن ومواقع حضرمية:

- ‌قائمة هومل:

- ‌قائمة "فلبي

- ‌قائمة "البرايت

- ‌الفصل الحادي والعشرون: حكومة قتبان

- ‌مدخل

- ‌حكام قتبان:

- ‌كتابات وحوادث قتبانية:

- ‌قبائل وأسر قتبانية:

- ‌مدن قتبان:

- ‌قوائم بأسماء حكام قتبان

- ‌مدخل

- ‌قائمة "كليمانت هوار

- ‌قائمة "فلبي

- ‌قائمة "ألبرايت

- ‌الفصل الثاني والعشرون: مملكتا ديدان ولحيان

- ‌الفصل الثالث والعشرون: السبئيون

- ‌مدخل

- ‌المكربون

- ‌مدخل

- ‌مدن سبأ:

- ‌قوائم بأسماء المكربين

- ‌مدخل

- ‌قائمة "هومل

- ‌قائمة "رودو كناكس

- ‌قائمة "فلبي

- ‌قائمة ريمكنس

- ‌الفصل الرابع والعشرون: ملوك سبأ

- ‌مدخل

- ‌قوائم بأسماء ملوك سبأ:

- ‌قائمة "هومل

- ‌قائمة "كليمان هوار

- ‌قائمة "فلبي

- ‌قائمة "ريكمنس

- ‌فهرس: الجزء الثالث:

الفصل: نبط بن نبط على ملك كمنه وشعبه شعب كمنه، لألمقه

نبط بن نبط على ملك كمنه وشعبه شعب كمنه، لألمقه ومأرب ولسبأ"، وهذه العبارة تظهر بجلاء أن ممكلة "كمنو" "كمنهو" كانت مستقلة في هذا الزمن استقلالًا صوريًّا، وأنها كانت في الحقيقة تابعة لحكومة "سبأ" ولمأرب العاصمة يدل على ذلك تقربها إلى "المقه"، وهو إله السبئيين ولمأرب العاصمة، أي لملوكها ولشعب سبأ، وكان من عادة الشعوب القديمة أنها إذا ذكرت آلهة غيرها فمجدتها وتقربت إليها، عنت بذلك اعترافها بسيادة الشعب الذي يتعبد لتلك الآلهة عليها.

ص: 108

‌حكومة معين:

حكومة معين حكومة ملكية يرأسها حاكم يلقب بلقب "ملك"، غير أن هذه الحكومة، وكذلك الحكومات الملكية الأخرى في العربية الجنوبية، جوزت أن يشترك شخص، أو شخصان أو ثلاثة مع الملك في حمل لقب"ملك"، إذا كان حامل ذلك اللقب من أقرباء الملك الأدنين، كأن يكون ابنه أو شقيقه، فقد وصلت إلينا جملة كتابات، لقب فيها أبناء الملك أو أشقاؤه بلقب ملك، وذكروا مع الملك في النصوص. ولكننا لم نعثر على كتابات لقب فيها أحد بهذا اللقب، وهو بعيد عن الملك، أي ليس من أقربائه المرتبطين به برابطة الدم. كما أننا لا نجد هذه المشاركة في اللقب في كل الكتابات، وهذا مما يحملنا على الظن بأن هذه المشاركة في اللقب، كانت في ظروف خاصة وفي حالات استثنائية، ولهذا خصصت بأبناء الملك أو بأشقائه، ولهذا أيضًا لم ترد في كل الكتابات، بل وردت في عدد منها هو قلة بالنسبة إلى ما لدينا الآن من نصوص.

ولم تبح لنا أية كتابة من الكتابات العربية الجنوبية بسر هذه المشاركة أكانت مجرد مجاملة وحمل لقب، أم كانت مشاركة حقيقية، أي أن الذين اشتركوا معه أيضًا في تولي أعمال الحكم كلية، أو بتولي عمل معين من الأعمال، بأن يوكل الملك من يخوله حمل اللقب القيام بوظيفة معينة؟ ولم تبح لنا تلك الكتابات بأسرار الدوافع التي حملت أولئك الملوك على السماح لأولئك الأشخاص بمشاركتهم في حمل اللقب، أكانت قهرية كأن يكون الملك ضعيفًا مغلوبًا على أمره، ولهذا يضطر مكرهًا إلى إشراك غيره معه من أقربائه الأدنين لإسناده ولتقوية مركزه، أم كانت

ص: 108

برضى من الملك ورغبة منه، فلا إكراه في الموضوع ولا إجبار؟

ويظهر من الكتابات المعينية أيضًا أن الحكم في معين، لم يكن حكمًا ملكيًّا تعسفيًّا، السلطة الفعلية مركزة في أيدي الملوك، بل كان الحكم فيها معتدلًا استشاريًّا يستشير الملوك أقرباءهم ورجال الدين وسادات القبائل ورؤساء المدن، ثم يبرمون أمرهم، ويصدرون أحكامهم على شكل أوامر ومراسيم تفتتح بأسماء آلهة معين، ثم يذكر اسم الملك، وتعلن كتابة ليطلع عليها الناس.

وقد كانت المدن حكومات، لكل مدينة حكومتها الخاصة بها، ولهذا كان في استطاعتنا أن نقول إن حكومة معين هي حكومات مدن، كل مدينة فيها حكومة صغيرة لها آلهة خاصة تتسمى باسمها، وهيئات دينية، ومجتمع يقال له:

"عم"، بمعنى أمة وقوم وجماعة، ولكل مدينة مجلس استشاري يدير شئونها في السلم وفي الحرب، وهو الذي يفصل فيما يقع بين الناس من خصومات وينظر في شئون الجماعة "عم".

وكان رؤساء القبائل يبنون دورًا، يتخذونها مجالس، يجتمعون فيها لتمضية الوقت وللبت في الأمور وللفصل بين أتباعهم في خلافاتهم، ويسجلون أيام تأسيسها وبنائها، كما يسجلون الترميمات والتحسينات التي يدخلونها على البناية. وتعرف هذه الدور عندهم بلفظة "مزود"1. ولكل مدينة "مزود"، وقد يكون لها جملة "مزاود"، وذلك بأن يكون لشعابها وأقسامها مزاود خاصة بها، للنظر فيما يحدث في ذلك الشعب من خلاف، ويمكن تشبيه المزود بدار الندوة عند أهل مكة، وهي دار قصي بن كلاب التي كانت قريش لا تفضي أمرًا إلا فيها، يتشاورون فيها في أمور السلم والحرب2.

وتتألف مملكة معين من مقاطعات، على رأس كل مقاطعة ممثل عن الملك، يعرف عندهم بـ "كبر"، أي "الكبير". يظهر أنه كان لا يتدخل إلا في السياسة التي تخص المسائل العليا المتعلقة بحقوق الملك وبشعب معين، ويرد

1 "مزود" بحرف الزاي، ولكنه ليس كحرف الزاي في عربيتنا، بل هو أقرب إلى السين، وقد كتب بعض الباحثين، "مشود" نشر نصوص" "ص 48"، نقش 28، سطر4.

Stud. Lexi.، 2، S.r 55، Mordtmann und Eugen Mlttwoch، Sabalsche Inschriften، I، S.، 22. t، MM. 4.

2 StudL Lead.، n، S.، 58

ص: 109

اسم الكبير بعد اسم الملك في النصوص على عادة أهل معين، وغيرهم من ذكر آلهتهم أولًا ثم الملوك ثم الكبراء في كتاباتهم التي يدونونها ليطلع عليها الناس.

ودخل الحكومة من الضرائب ومن واردات الأرضين التي تستغلها أو تؤجرها للناس بِجُعْل يتفق عليه. أما الضرائب فتؤخذ من التجار والزراع وسائر طبقات الشعب الأخرى، يجمعها المشايخ، مشايخ القبائل والحكام والكبراء بوصفهم الهيئات الحكومية العليا، وبعد إخراج حصصهم يقدمون ما عليهم للملك، وأما الواردات من المصادر الأخرى، مثل تأجير أملاك الدولة، فتكون باتفاق خاص مع المستغل، وبعقد يتفق عليه.

ومن الضرائب التي وردت أسماؤها في الكتابات: كتابات العقود ووفاء الضرائب والديون، ضريبة دعيت، بـ "فرعم"، أي"فرع" وضريبة عرفت بـ "عشرم" أي "عشر"، وتؤخذ من عشر الحاصل، فهي"العشر" في الإسلام1.

وكان للمعابد جبايات خاصة بها، وأرضون واسعة تستغلها، كما كان لها موارد ضخمة من النذور التي تقدم إليها باسم آلهة معين، عند شفاء شخص من مرض ألم به، وعند رجوعه سالمًا من سفر، وعند عودته صحيحًا من غزو أو حرب، وعند حصول شخص على غلة وافرة من مزارعه أو مكسب كبير من تجاراته، وأمثال ذلك. ولهذا كانت للمعابد ثروات ضخمة وأملاك واسعة ومخازن كبيرة تخزن فيها أموالها، ويعبر عن النذور والهبات التي تقدم إلى المعابد بلفظتي "كبودت" و "اكرب"، "أقرب" أي ما يتقرب به إلى الآلهة.

وتدون عادة في كتابات تعلن للناس، يذكر فيها اسم المتبرع الواهب واسم الإله أو الآلهة التي نذر لها، واسم المعبد، كما تعلن المناسبة، وتستعمل بعض الجمل والعبارات الخاصة التي تتحدث عن تلك المناسبات مثل:"يوم وهب" و"بذماد بن يدهس"، أي "بذات يده" وأمثال ذلك من جمل ومصطلحات2. وقد وصلت إلينا نصوص كثيرة من نصوص النذور، وهي تفيدنا بالطبع كثيرًا في تكوين رأينا في النذور والمعابد واللغة التي تستعمل في مثل هذه المناسبات عند المعينيين وعند غيرهم من العرب الجنوبيين.

1 Studi. Lexl، II، S. 58، Glaser 1083، 144، 1150، 1155

2 Studi. Lexi، II، S. 58

ص: 110

ويقوم "الناذر" أو الشخص الذي استحق عليه الضرائب أو القبيلة بتقديم ما استحق عليه إلى المعبد، وكانت تعد "ديونًا" للآلهة على الأشخاص. فإذا نذر الشخص للآلهة بمناسبة مرض أو مطالبة بإحلال بركة في المزرعة أو في التجارة أو إنقاذ من حرب وصادف أن مرت الأمور على وفق رغبات أولئك الرجال، استحق النذر على الناذر، فردًا كان أو جماعة، ولذلك يعبر عنه بـ "دين"، فيقال "دين عثتر" أو"دين

"1.

وقد يفوض الملك أوالمعبد إلى رئيس سيد قبيلة أو غني استغلال مقاطعة أو منجم أو أي مشروع آخر في مقابل شروط تدون في الكتابات، فتحدد الحدود، وتعين المعالم، وينشط المستغل للاستفادة منها وأداء ما اتفق عليه من أداء للجهة التي تعاقد معها، ويقوم بجباية حقوق الأرض أن كان قد أجرها لصغار المزارعين وبدفع أجور الأجراء وبتمشية الأعمال، ويكون هو وحده المسئول أمام الحكومة أو المعبد عن كل ما يتعلق بالعمل، وعليه وحده أن يحسب حساب خسائره وأرباحه.

ويتعهد الكبراء وسادات القبائل والحكام عادة بجمع الضرائب من أتباعهم ودفع حصة الحكومة، كما يتعهدون بإنشاء الأبنية كإنشاء المباني الحكومية وإحكام أسوار المدن وبناء الحصون والأبراج والمعابد وما شاكل ذلك، مقابل ما هو مفروض عليهم من ضرائب وواجبات أو تفويض التصرف في الأرضين العامة، فإذا تمت الموافقة، عقد عقد بين الطرفين، يذكر فيه أن آلهة معين قد رضيت عن ذلك الاتفاق، وأن المتعهد سيقوم بما اتفق عليه. وإذا تم العمل وقد يضيف إليه المتعهد من جيبه الخاص، ورضي عنه الملك الذي عهد إليه بالعمل أو الكهنة أرباب المعبد أو مجلس المدينة، كتب بذلك محضر، ثم يدون خبره على الحجر، ويوضع في موضع ظاهر ليراه الناس، يسجل فيه اسم الرجل الذي قام بالعمل، واسم الآلهة التي باسمها عقد العقد وتم، واسم الملك الذي تم في أيامه المشروع، واسم "الكبير" الحاكم أن كان العقد قد تم في حكمه وفي منطقة عمله.

وتعهد المعابد أيضًا للرؤساء والمشايخ القيام بالأعمال التي تريد القيام بها، مثل

1 Glaser 1150.Halevy 353

ص: 111