الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل التاسع عشر: الدولة المعينية
مدخل
…
الفصل التاسع عشر: الدولة المعينية
تعد الدولة المعينية من أقدم الدول العربية التي بلغنا خبرها، وقد عاشت وازدهرت بين "1300- 630ق. م" تقريبًا على رأي بعض العلماء. وقد بلغتنا أخبارها من الكتابات المدونة بالمسند والكتب الكلاسيكية1. أما المؤلفات العربية الإسلامية فلا علم لها بهذه الدولة. ولكنها عرفت اسم "معين" على أنه محفد من محافد اليمن وحصن ومدينة، وذكرت أنه هو و"براقش" من أبنية التبابعة2.
وأقدم من ذكر المعينيين من الكتاب "الكلاسيكيين""ديودورس الصقلي"3 و"سترابون""سترابو"، وقد سماهم Minae= Meinaioi وقال: إن مدينتهم العظمى هي Carna= Karna، وذكر نقلًا عن كاتب أقدم منه هو "إيراتوستينس" Eratosthenes، أن بلادهم شمال بلاد سبأ وشمال أرض "قتبان" وأما حضرموت، فتقع شرق بلاد معين4. أما "ثيوفراستوس" Theophrastos
1 Phllby، The Background of Islam، Alexandria، 1947، P. 141
وسيكون رمزه: Background
2 الهمداني، صفة "167، 168، 203"، وسيكون رمزه: الصفة، اللسان "17/ 298"، البلدان "2/ 98 وما بعدها"، "8/ 102".
3 Diodorus Siculus، 3، 42
4 Strabo، XVI، 768 (16، 4، 2) ، Glaser، Sklzze، 2، S.، 14
O'Leary، P. 93، Sprenger، Alte Geogr. Arabian، S. 211
فقد ذكر السبئيين والقتبانيين والحضارمة، وذكر أرضًا أخرى دعاها Mamali ويرى "أوليري" أنه قصد "معين" Menaioi= Minaea، وأن تحريفًا وقع في نسخ الكلمة، فصارت على الشكل المذكور، أي1 "Mamali". وقد ذكرهم "بلينيوس" Pliny أيضًا، فأشار إلى أن بلادهم تقع على حدود أرض "حضرموت" 2Atramitae. وآخر من ذكرهم الجغرافي الشهير "بطلميوس"3.
ولم يتحدث أحد من الغربيين بعد الجغرافي المذكور عن "معين"، حتى دخل السياح الأوروبيون بلاد العرب بعد نوم طويل، فبعث عندئذ اسم "معين"، وكان في مقدمة من نشر خبر هذا الشعب "يوسف هاليفي"4 Joseph Halevy. و "أدورد كلاسر" Eduard Glaser و "أويتنك" Euting5 و "جوسن" Jaussen و "ساوينه" Sasignac6، وغيرهم ممن سترد أسماؤهم، حصلوا على نقوش معينية نشرت ترجمات بعضها، ونشر بعض آخر بغير ترجمة، ولا يزال بعض آخر ينتظر النشر7.
وقد ظهرت هذه الدولة في الجوف، والجوف منطقة سهلة بين نجران وحضرموت، أرضها خصبة منبسطة، وقد زارها السائح "نيبور" Niebuhr ووصفها8. وذكر الهمداني جملة مواضع فيها، ولم يعرف شيئًا عن أصحابها.
1 Theophrastus، Hist. Plant.، 9، 4، O'Learly، P. 93
2 Pliny، Nat. Hist.، 6، 28-32، 12، 30، 14، O'Learly
P.، 93، Boasoor، Num. 73، February، 1939، P. 4
Ptolemy، Geography، VI، 7، 23، BOASOOR، Num. 73، "1939"، P. 4
3 O'Leary، P. 94
4 Halevy، In: Journal Asiatlque، 1872، 129-266، 489-547، 1873. Tome، I،434-521، Tome، II، 305-365، 1874، 497-585، inscriptions Sabeennes
5 نشرت مجموعة، "Euting" في مؤلف "D.H. Muller".
المعنون: Epigraphische Denkmaler aus Arabien، 1889
وكذلك في بحث: "Mordtmann"! في
Beitrage zur Minaischen Epigraphik، 1897
6 Mission Archeologique en Arabie، 1917.
7 Corpus Inscriptionum Semiticarum، Tome، IV، Part، I، II، III، IV، and De L'epigraphie Semitique، Tome، V، and VI، BOASOOR، 73 1939، P. 5
8 Carsten Niebuhr، Reisebeschreibung Nach Arabien und Andren umliegenden landen، Kopenhagen، 1772-1837، II، Bande
ومن هذه: معين، ونشق: وبراقش، وكمنا وغيرها1. وقد كانت عاصمة تلك الدولة "القرن" "قرن" "قرنو" وهي:"قرنة""قرنا" Carna= Karna عند بعض الكتبة الكلاسيكيين.
وقد حصل "هاليفي" على عدد كبير من الكتابات المعينية اكتشفها في أثناء سياحته في الجوف، دعيت ورقمت باسمه، حصل على الكتابات المرقمة، برقم Halevy 187 حتى رقم Halevy 266 ومجموعها ثمانون كتابة من خرائب "معين" وحصل على الكتابات المرقمة من رقم "424" حتى رقم "578" من "يثل"، ويبلغ مجموعها "155" كتابة، كما حصل على صور عدد آخر من الكتابات من "كمنا" ومن "السوداء" ويبلغ مجموع الكتابات المعينية التي استنسخها زهاء "700" كتابة2، أغلبها قصيرة، وبعضها يتضمن بضع كلمات، ما خلا "50- 60" كتابة تتألف من بضعة أسطر3.
وزار الجوف بعد ذلك السيد محمد توفيق وقد ندبته "جامعة فؤاد الأول" الجامعة المصرية لدراسة هجرة الجراد الرحال والكشف عن مناطق تولده، ودخله مرتين، المرة الأولى سنة "1944م" والمرة الأخيرة سنة "1945م" وقد انتهز الفرصة فدرس سطح تلك المنطقة وخرائبها وآثارها، وأخذ صورًا "فوتوغرافية" لزخارف وكتابات، نشرها في البحث الذي نشره له "المعهد العلمي الفرنسي للآثار الشرقية بالقاهرة" وذلك سنة "195م" بعنوان:"آثار معين في جوف اليمن"4.
ورحل "الدكتور أحمد فخري" الأمين بالمتحف المصري، إلى اليمن، وزار سبأ والجوف في مايس سنة "1947م"5.
وليس في كل بلاد العرب على حد قول "هاليفي"، مكان ينافس الجوف
1 الصفة "ص 67 فيما بعدها".
2 "وجمع في رحلته هذه زهاء ست مائة نقش وخمسة وثمانين نقشًا من النقوش العربية الجنوبية" محمد توفيق: آثار معين في جوف اليمن من منشورات المعهد العلمي الفرنسي للآثار الشرقية بالقاهرة، مطبعة المعهد العلمي الفرنسي للآثار الشرقية، القاهرة 1951، ص 1.
3 Hommel' Grundriss Ed s 135
4 وسيكون رمزه: معين.
5 معين "ص 2".
في كثرة ما فيه من آثار وخرائب عادية1. ولذلك، فإن الباحثين عن القديم يرون فيه أملًا عظيمًا وكنزًا ثمينًا، وقد يكشف لهم عن صفحات مطوية من تأريخ تلك البلاد وربما يكشف عن تأريخ بلاد أخرى كانت لها صلات وعلاقات باليمن. وفيه مدن مهمة، كان لها شأن وصيت في تأريخ العالم القديم، كالمدن التي مر ذكرها، وكمدينة "مأرب" عاصمة سبأ، التي بلغ صيتها اليونان والرومان.
والجوف أرض خصبة ذات مياه، تسقيه مياه "الحارد"، الذي يبلغ عرضه، مترين وعمقه، مترًا، كما تتساقط عليه الأمطار فتروي أرضه، وتكون سيولًا، تسيل في أوديته، ويبلغ ارتفاعه "1100" فوق سطح البحر، وتحيط به الجبال من ثلاث جهات2. ونظرًا لوجود مزايا كثيرة فيه تساعد على تكون الحضارة فيه، لذلك صار مخزنًا للحضارة القديمة في اليمن، وموقعًا يغري علماء الآثار يقصدونه للبحث في تربته عما كان فيها من أسرار وآثار. وسيكون من الأماكن المهمة في اليمن في الزراعة وفي التعدين بعد تطور اليمن، ودخول الأساليب العلمية الحديثة إلى تلك الأرجاء.
وقد أمدتنا الكتابات التي عثر عليها في الجوف وفي "ديدان"3، التي كانت مستوطنة معينية في طريق البلقاء من ناحية الحجاز، والكتابات المعينية التي عثر عليها في مصر في "الجيزة"4، والكتابات المعينية الأخرى التي عثر عليها في جزيرة "ديلوس" Delos من جزر اليونان، والتي يعود عهدها إلى القرن الثاني قبل الميلاد5، بأكثر معارفنا التي سنبسطها هنا، ومنها استخرجنا في الأغلب أسماء ملوك معين ولولاها لكانت معارفنا عن المعينيين قليلة جدًّا،
ويرى جماعة من العلماء أن "ماعون""معون" Maon أو "معونم"
1 O'Leary، P. 95
2 زيد بن علي عنان، تاريخ اليمن القديم "ص 95".
3 "الديدان": مدينة حسنة كانت في طريق البلقاء من ناحية الحجاز خربت، البلدان "4/ 119".
D.H. MUUer، Eplgraphische Denkmaler aus Arablen، 1889
4 BOASOOE، Num. 73، (1939) ، P. 7
5 BOASOOE، Num. 73، (1938) ، P. 7
"معينيم" Me'inim = Me'unim الواردة في التوراة إنما يقصد بها "المعينيون"1، وهم سكان "النقب" إلى طور سيناء2، أو هم سكان "معان" الواقعة إلى الجنوب الشرقي من "البتراء"3 petra، أو هم أهل "العلا""الديدان"4. وقد ذكروا في موضع من التوارة في جملة سكان "النقب" Negev وذكروا في موضع آخر مع قبائل من العرب5.
وليس بين الباحثين في تأريخ المعينيين اتفاق على تأريخ مبدأ هذه الدولة ولا منتهاه، فـ "كلاسر" مثلًا يرى أن الأبجدية التي استعملها المعينيون في كتاباتهم ترجع إلى الألف الثانية أو الألف الثالثة قبل الميلاد، وهذا يعني أن تأريخ هذا الشعب يرجع إلى ما قبل هذا العهد، فالمعينيون على هذا هم أقدم عهدًا من العبرانيين6. ويعارض هذا الرأي "هاليفي" "وميلر"7 D.H. MULLER و "موردتمن"8 Mordtmann و "ماير"9 E.Meyer. و "شبرنكر"10 Sprenger. و "ليدزباسكي"11 Lidzbarski. وغيرهم، ويرون أن نظرية "كلاسر" هذه مبالغة، وأن مبدأ هذه الدولة لا يتجاوز الألف الأولى قبل المسيح بكثير. ويرى "هومل" Hommel أن من الممكن أن يكون مبدأ تاريخ دولة "معين" ما بين "1500- 1200ق. م" ونهاية حكومتها في عام "700 ق. م"12، وجعل "فلبي" مبدأ حكم أول ملك من ملوكها في عام 1120ق. م وحكم آخر نعرفه من ملوكها في عام 630 ق. م13.
1 Ency. Blbll.، P. 3065، James Montgomery، Arabia and the Bible، P. 183
2 Hastings، P. 619
3 Montgomery، Arabia، P. 183
4 Ibid،
5 أخبار الأيام الأول، الإصحاح الرابع، الآية 41، أخبار الأيام الثاني، الإصحاح 26، الآية 7.Hastings، P. 619
6 Glaser، Sfclzze، 2، S.، 110، 330
7 D. H. Muller، Beilage zur Manch. Allgem. Zeltung، 1890
NOY. 24، and 31، Ency.، VoL، 4، P. 13
8 Nordotmann، In: ZDMG.، XIVII، 400، Beltrftge، S. 105،115
9 E. Meyer، Gesch. d. Altertums، 2، 8.، 382
10 Sprenger، Bemerkungen، S.، 502، Ency.، VoL، 4، P. 13
11 Ephemeris، 2، S.، 101
12 Handbuch، I، S.، 67. Ency.، Vol.، 4، P. 13. BOASOOB، Num. 73،1959، P. 5،
13 Background، P. 141
ويعارض "ونت" Winnett رأى "كلاسر" و"نكلر" و "هومل" في تقدير مبدأ تأريخ دولة معين، ويرى أن في ذلك التاريخ مبالغة، وأن "شبا" أي "سبأ" وكذلك "ددان""ديدان"، أقدم الدول العربية مستدلًّا على ذلك بما ورد في التوراة من قدم "شبا"، ويرى أن مبدأ دولة "معين" لا يمكن أن يتجاوز عام "500ق. م"، وإما نهايتها فقد كانت بين عام "24ق. م" وعام "50 ب. م"1.
ويرى معارضو نظرية "كلاسر" عن قدم الدولة المعينية أن هذه النظرية لا تستقيم مع ما هو معروف بين العلماء عن تأريخ ظهور "الألفباء" عند البشر، فإن إرجاع تأريخ معين إلى الألف الثانية أو الألف الثالثة قبل الميلاد معناه إرجاع "المسند" إلى أقدم من ذلك، وهذا يتعارض مع النظريات الشائعة عن قدم الخط عند البشر، فإن الخط "الفينيقي" لا يتجاوز عهده ألف سنة قبل الميلاد وليس "المسند" كما يظهر في أشكاله وصوره الهندسية أقدم عهدًا منه2. واستند "هوارت" إلى هذه الحجة أيضًا في معارضته رأي من يرجع تأريخ معين إلى سنة1500 قبل الميلاد3، ويرى "أوليري" هذا الرأي أيضًا، ويرى أيضًا أن كتابات المسند كافة معينية أو سبئية، لا تتجاوز البتة السنة 700 قبل الميلاد، وذلك؛ لأن هذا القلم قد أخذ من القلم "الفينيقي"، ولهذا لا يمكن أن يطاوله، وأن يرجع في تأريخه إلى أكثر من القرن الثامن قبل الميلاد4.
وقد ثبت "ملاكر" في كتابه في تأريخ التشريع، والتوريخ عند العرب الجنوبيين مبدأ قيام دولة "معين بسنة "725" قبل الميلاد، وسقوطها بالقرن الثالث قبل الميلاد5.
وتناول "البرايت" موضوع ترتيب حكام معين بالبحث، وذلك في النشرة
1 BOASOOB، Num.، 73، 1939، P. 8
2 Lldzbarskl، Ephemeris، II، S.، 101، Ency.، Vol.، 4، p. 13
Hllprecht، Explorations In Bible kands، P. 731
3 Huart، Geschlchte der Araber، Bd.، I، S.، 45
4 O'Leary، P. 95
5 K Mlaker، Die Hierodulen-LIsten von Main nebst Untersuchungen zur Altstidarabischen Rechtgeschichte und Chronologle، Leipzig، Harrassowltz، 1943
التي تصدرها المدارس الأمريكية للبحوث الشرقية، وهو يختلف أيضًا مع المتقدمين في موضوع تواريخ أولئك الحكام، ويحاول جهد الإمكان الاستفادة من الدراسات الآثارية للكتابات وللآثار التي يعثر عليها في تقدير حكم المكربين والملوك1. وقد ذهب في أحد أبحاثه عن "معين" إلى تقسيم ملوك دولة معين إلى ثلاث مجموعات جعل الملك "اليفع يثع" وهو ابن الملك "صدق ايل" ملك حضرموت على رأس هذه المجموعات، وجعل حكمه في حوالي السنة "400 ق. م" وجعل نهاية هذه الدولة فيما بين السنة "50" والسنة "25 ق. م"2.
وهو يرى أن التأريخ الذي وضعه لمبدأ قيام حكومة معين، ولنهايتها وسقوطها، هو تأريخ في رأيه مضبوط، ولا يتطرق إليه الشك، غير أنه يرى أن ما ذكره عن رجال المجموعات الثلاث تحتمل إعادة النظر فيه، ولا سيما المجموعة الأولى حيث يمكن إجراء بعض التغيير فيها3.
وذكر "البرايت" في موضع آخر أنه يرى أن قيام ممكلة معين كان قبل السنة "350 ق، م" وقد استمر حكمها إلى ما بعد السنة "50 ق. م"4. أو السنة "100 ق. م"5.
وذهب آخرون إلى أن نهاية مملكة معين كانت في حوالي السنة المئة بعد الميلاد6. وهكذا نجد الباحثين في العربيات الجنوبية مختلفين في بداية الدولة وفي نهايتها. ويلاحظ أن القدماء منهم كانوا يرفعون مبدأ الدولة ونهايتها عن الميلاد، أي يبعدون المبدأ والنهاية عنه، أما المتأخرون فهم على العكس، لا يذهبون مذهبهم، في البعد عن الميلاد، ويحاولون جهدهم جعل نهاية المملكة في حوالي الميلاد.
وما زال الجدل بين علماء العربيات الجنوبية في تقدير عمر الدولة المعينية مستمرًّا. فهناك صعوبات تعترض نظرية من يقول أن الدولة المعينية سقطت قبل
1 W. F. Albright، The Chronology، In The BOASOOR، Num.، 119، cThe Chronology of Mlnaean Kings of Arabia*، Num.، 129، (1953) ،
PP. 20
2 BOASOOR، Num.، 129، (1953) ، PP. 22
3 BOASOOR، Num.، 143، (1956) ، P. 9
4 BOASOOR، Num.، 176، 1964، P. 51
5 Le Mus6on، 1964، 3-4، P. 434
6 Le Museon، 1964، 3-4، PP. 434، J. Pirenne، Royaume de Qataban، P. 7
الميلاد بمئات من السنين في أيدي حكام سبأ، والقائلون بها "كلاسر" وأتباعه. وقد رأى "كلاسر" أيضًا أن المعينيين قد تضاءل أمرهم وضعفوا كل الضعف وغلبت عليهم البداوة في نهاية القرن الأول قبل الميلاد، على حين أن الموارد الكلاسيكية ومنها مؤلفات "سترابو" و "بلينيوس" و "ديودورس الصقلي" تعارض هذا الرأي بإشارتها إلى المعينيين وإلى تجارتهم، بل نجد أن "بطلميوس" الذي هو من رجال القرن الثاني للميلاد يقول فيهم "إنهم شعب عظيم"1 ثم إن الكتابات المعينية التي عثر عليها في الجيزة بمصر، تؤيد هذا الرأي أيضًا، إذ تشير إلى اشتغالهم في التجارة، تجارة استيراد البخور للمعابد المصرية، في القرن الثالث أو الثاني بعد الميلاد2. ومن هنا قال "أوليري" وغيره أن المعينيين بقوا نشطين عاملين إلى ما بعد الميلاد، وربما ذهاب حكمهم في أيام "البطالمة" أو في أيام الرومان، ومهما يكن من أمر فليس في الأماكن البت في تعيين ذلك العهد3.
والذين يقولون بتقدم دولة معين على سبأ، ويرون أن حكام "سبأ" من دور "المكربين"، أي دور الملوك الكهنة هم الذين قضوا على حكم دولة معين فانتزعوا الحكم من ملوك معين، وأخضعوا المعينيين إلى حكم سبأ. غير أننا لا نعرف كيف تم ذلك، ومن هو الملك المعيني الذي تغلب عليه السبئيون.
ولا يمكن تقريب وجهة الخلاف هذه إلا بالاستعانة بالحفريات العميقة المنظمة، وبما سيستخرج من جوف الأرض من آثار وكتابات، ودراستها دراسات علمية متنوعة، دراستها من ناحية تطور الخط Paleography وأسلوبه، ومقارنته بالخطوط الأخرى التي عثر عليها في جزيرة العرب وفي خارجها، لمعرفة عمرها، ودراستها من ناحية تحليلها تحليلًا مختبريًّا لمعرفة زمانها ووقت نشوئها حيث يمكن التوصل بهذا التحليل إلى نتائج يكون مجال الشك والجدل غير كبير Radiocarbon، ودراستها من ناحية علم الآثار، إلى غير ذلك من طرق توصل إلى نتائج إيجابية أو قربية من حدود الإيجاب.
1 OLeay p 94
OLeay p 95 2
3 OLeay p 94