الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالطبع في أن تتبدل الأيام، فتنعم العربية الجنوبية بالاستقرار، وبرجال ذوي عقول مستقلة نيرة، تفهم روح الوقت وتبدل الزمن فتأمر بنبش الأرض لاستنباط ما هو مدفون في باطنها من كنوز روحية ومادية، وعندئذ يستطيع من يأتي بعدنا أن ينال الحظ السعيد بالكتابة عن تلك البلاد كتابة تجعل كتابتنا الحالية شيئًا تافهًا قديمًا باليًا تجاه ما سيعثر عليه من جديد، وأني أرجو له منذ الآن الموافقة والنجاح؛ لأني وإن كنت قد دخلت إذ ذاك في باطن الأرض، فصرت ترابًا ضائعًا بين الأتربة، غير أن لي رجاء وأملًا لا ينقطعان ولا ينتهيان بموت، هو رجاء الكشف عن الماضي الميت وبعثه ونشره وحشره من جديد.
إننا لا زلنا مع ذلك في جهل بنواح عديدة من نواحي الحياة في الممالك العربية الجنوبية التي تكونت في اليمن وفي بقية العربية الجنوبية. نواح تتعلق بالقوانين وبأصول التشريع، وبالحياة الاجتماعية، وبالحياة الدينية أو الفنية، بل وفي عدد من حكم تلك الممالك وفي ترتيبهم وأعمالهم وما قاموا به، وبصلات أولئك الحكام ببقية جزيرة العرب وبالعالم الخارجي. ودراسة العلماء عن تأريخ العرب الجنوبية الجاهلي وإن تقدمت في خلال السنين المتأخرة، ولكنها لا تزال مع ذلك في بدء مراحلها وهي تجري ببطء وتؤدة.
1 Hastings، P، 504، Encycl، Bibl، P. 2632
المكربون
مدخل
…
المكربون:
لقب أقدم حكام سبأ، بلقب "مكرب" في الكتابات السبئية، وفي هذا اللقب معنى "مقرب" في لهجتنا، وتدل اللفظة على التقريب، من الآلهة، فكان "المكرب" هو مقرب أو وسيط بين الآلهة والناس، أو واسطة بينها وبين الخلق.
وقد كان هؤلاء "المقربون""المكربون" في الواقع كهانًا، مقامهم مقام "المزواد" عند المعينيين و "شوفيط" Shophet وجمعها "شوفيطيم" عند العبرانيين، أي "القضاة"1. وجاء في كتب اللغة: "كرب الأمر يكرب كروبًا: دنا، يقال: كربت حياة النار، أي قرب انطفاؤها، وكل شيء دنا، فقد كرب
قال أبو عبيد: كرب، أي دنا من ذلك وقرب، وكل دان قريب، فهو كارب. وورد: الكروبيون سادة الملائكة، منهم جبريل وميكائيل وإسرافيل هم المقربون، والملائكة الكروبيون أقرب الملائكة إلى العرش1. فللفظة معنى التقريب حتى في عربيتنا هذه: عربية القرآن الكريم.
وقد قدر "ملاكر" Mlaker حكم المكربين بحوالي قرنين ونصف قرن إذ افترض أن حكم المكرب الأول كان في حوالي السنة "800 ق. م."، وجعل نهاية حكم المكربين في حوالي السنة "650 ق. م." وفي حوالي هذا الزمن استبدل -على رأيه- بلقب مكرب لقب "ملك" وانتهى بهذا التغيير في اللقب دور المكربين2.
وقدر غيره حكم المكربين بزهاء ثلاثة قرون، فجعل مبدأ حكمهم في حوالي السنة "750 ق. م."، ونهاية حكمهم في حوالي السنة "450 ق. م."3، وجعل بعض آخر مبدأ حكم المكربين في القرن العاشر أو القرن التاسع قبل الميلاد4. وقد تمكن العلماء من جمع زهاء سبعة عشر مكربًا، وردت أسماؤهم في الكتابات العربية الجنوبية، وكانوا يقيمون في عاصمة سبأ القديمة الأولى مدينة "صرواح". وقد رتب أولئك العلماء أسماء المكربين في مجموعات، وضعوا لها تواريخ تقريبية، لعدم وجود تواريخ ثابتة تثبت حكم كل ملك بصورة قاطعة، ولذلك تباينت عندهم التواريخ وتضاربت، فقدم بعضهم تأريخ الأسرة الأولى، بأن وضع لحكمها تأريخًا يبعد عن الميلاد أكثر من غيره، وقصر آخرون في التأريخ وأخروا، وكل آرائهم في نظري فرضيات لا يمكن ترجيح بعضها على بعض في هذا اليوم، وقد يأتي يوم يكون في الإمكان فيه تثبيت تواريخهم بصورة قريبة من الواقع، استنادًا إلى الكتابات التي سيعثر عليها وعلى دراسة الخطوط وتقدير أعمار ما يعثر عليه وتحليل محتوياته بالأساليب الآثارية الحديثة التي تقدمت اليوم كثيرًا، وستتقدم أكثر من ذلك في المستقبل من غير شك.
1 اللسان "2/ 206"، تاج العروس "1/ 453". Freytae، Lexicon، IV، P. 21
2 Mlaker، Die Hierodulenlisten von Ma'in nebst Untersuchungen zur altsudarabischen echtgeschichte und Chronologie، Samml.Orientalist. Arab.، 15، BeitrSge، S.، 7.
3 Discoveries، P. 73
4 BOASOOR، NUM.، 137، (1955) ، P. 38 Arablen، S.، 122
ويعد المكرب "سمه على" أقدم مكرب وصل إلينا اسمه. ولا نعرف اللقب الذي كان يلقب به، ومن عادة حكام العربية الجنوبية من مكربين وملوك اتخاذ ألقاب يعرفون بها، ومن هذه الألقاب نستطيع التفريق بينهم، ولا نعرف شيئًا كذلك من أمر والده، وقد جعل "فلبي" مبدأ حكمه بحدود عام "800" قبل الميلاد في كتابه "سناد الإسلام"1 وبحدود سنة "820" قبل الميلاد في المقال الذي نشره في مجلة "2Le Museon".
وتعد الكتابة الموسومة بـ Glaser 1147، من كتابات أيام هذا المكرب، وهي كتابة قصيرة مكتوبة على الطريقة الحلزونية Boustrophedon كأكثر كتابات أيام المكربين، ولقصرها ونقصها لم نستفد منها فائدة تذكر في الوقوف على شيء من حياة هذا المكرب3.
وقد عد "كلاسر" الكتابة الموسومة بـGlaser 926 من كتابات أيام هذا المكرب، وتابعه على ذلك "فلبي"4. وهي من الكتابات المدونة على الطريقة الحلزونية Boustrophedon وقد كتبت عند إنشاء بناء، وصاحبها "صبحم بن يثع كرب فقضن"5 وقد ورد فيها اسم "سبأ" و"مرب" أي مدينة "مأرب" و"فيش" "فيشان"، ووردت فيها لفظة "فراهو" أي "سيدة" قبل اسم "سمه علي" الذي كان يحكم شعب "سبأ" في ذلك العهد، ودونت في النص أسماء الآلهة: عثتر، و"المقه" و"ذت بعدن"6، على العادة المألوفة في التيمن بذكر أسماء الآلهة في الكتابات، ثم التيمن بذكر اسم الحاكم من مكرب، أو ملك يوم تدوين الكتابة.
والنص المذكور ناقص يكمله النص المرسوم بـCIH 955 على رأي بعض الباحثين7.
1 Background، P. 141
2 Le Museon، LXII، 3-4، 1949، P. 248
3 Glaser 1147، CIH 367، Vlndob 14، CIH، IV، II، P. 14، D.H. Miiller، Sudarabische Alterthiimer im Kunsthistorischen Hofmuseum، 1890، S.، 34، Hommel، Aufsatze.، S.، 144
4 Le Museon، LXII، 3-4، (1949) ، P. 248، CIH 418، IV، II، II، P. 99
5 "صبح بن يتعكرب فقضان".
6 "ذات حميم""ذات بعدان""ذات حمم""ذات البعد".
7 Glaser 927، CIH، IV، III، II، P. 282
وللمكرب المذكور ولد اسمه "يدع آل ذرح"1، حكم على رأي "فلبي".
تمثال من البرنز قدمه رجل اسمه "معد يكرب" إلى الإله "المقه". بعل أوام، ويعود عهده إلى القرن السادس قبل الميلاد.
من كتاب Qataban and Sheba "الصفحة 273".
حوالي سنة "800 ق. م."2. وقد عثر على عدد من الكتابات من أيامه،
1 "يدع ايل ذرح" يدع ايل ذراح".
2 Museon، LXII، 3-4، "1949"، P. 248
منها الكتابة التي وجدت في "حرم بلقيس""محرم بلقيس"، وميزت عن غيرها بعلامة:1Glaser 484 وقد ورد فيها أن هذا المكرب أقام جدار معبد "أوم""أوام" المخصص بعبادة "المقه""اوم بيت المقه" إله "سبأ"، "هوبس"2، وتشبه هذه الكتابة شبهًا كبيرًا كتابة أخرى وسمت بـ 3Glaser 901 لـ "يدع آل ذرح" أيضًا، وقد أخبر "يدع آل ذرح" فيها أنه سور "بيت المقه" وهو معبد الإله بمدينة "صرواح"، وأنه قرب ثلاثة لهذه المناسبة إلى الآلهة "حرمتم""حرمة""حرمت""حريمت" ويرى "هومل" أن هذه الإهة هي زوج الإله "المقه" إله سبأ4.
والنصان: Glaser 1108 و Glaser 1109 يرجعان إلى المكرب "يدع آل ذرح" كذلك، وقد أخبر فيها أنه عني بتعمير معبد "المقه" وأضاف أجزاء جديدة إليه، وذكر في أحدهما الإلهان المقه وعثتر. وذكر في الآخر الآلهة: عثتر، والمقه، وذات حميم5.
وعثر على كتابة أخرى في موضع "المساجد"، بمأرب، تبين منها أن هذا المكرب تقرب إلى إله سبأ الإله "المقه" ببناء معبد له6.
وتعود الكتابات AF.17 و AF. 24 و AF. 23 و AF 38 إلى هذا المكرب كذلك، وهي من الكتابات التي عثر عليها أحمد فخري المصري الذي أمَّ اليمن عام "1917م"7. وتعود الكتابة CIH 633 إلى أيامه أيضًا8.
1 Rhodokanakis، Studien zur Lexikographie، II، S.، 7، CIH، IV، III، n، P. 284، 957، Glaser، Reise، S.، 137، REP. EPIG.، 3624، I، P. 245، Handbuch. I، S.، 77
2 Glaser 484، 901، 1530، 1531، HalSvy 50، 54، 55-60، Arnau 901، CIH 366، IV، III، II، P. 284، IV، II، P. 10، Mackell 3، Presnel 4، 5، 6-10، Hartmann، Arabische Frage، S.، 124
3 المصادر المذكورة.
4 Handbuch، S.، 77
5 REP. EPIG. 3949، 3950، VII، I، P. 2، A. G. Loundine، Yada'U darih، fUs de Sumh'alay، Mukarrib de Saba، Moscou، 1960، P. 1
6 Beitrage، S-، 22، 28، 30، Loundine، P. 5
7 Le Museon، LXI، 3-4، (1948) ، PP. 215، 228، LXII، 3-4، 1949، P. 248
8 CIH 633، H&16vy 61، REP. EPIG. 2729، V، II، P. 75
وتدل هذه الكتابات على أن "المكرب" المذكور قد اهتم كثيرًا ببناء معبد "أوام" في مأرب، المعبد الذي يعرف بين أهل المنطقة باسم "محرم بلقيس" وبإضافة زيادات عليه، وبترميمه أيضًا، وأغلب الظن أنه لم يكن هو الباني له، وإنما كان موجودًا ومبينًا قبله، غير أن الباحثين لم يتمكنوا من العثور على اسم بانيه حتى الآن؛ لأن أعمال الحفر فيه لم تتم بصورة علمية واسعة فيه حتى الآن، والكتابة التي سجلها المكرب المذكور لم تشر إلى بناء المعبد كله، بل أشارت إلى أجزاء معينة منه وهي لا تزال تحمل اسمه1، وهناك كتابات أخرى تحمل اسم حكام سبأ من مكربين وملوك ووجهاء ممن أضافوا أبنيه جديدة إلى هذا المعبد، أو قاموا بإصلاح ما حدث فيه من خلل بمرور السنين2.
وقد ذهب "فلبي" إلى أن هذا المكرب كان قد حكم في حوالي سنة "800 ق. م."3 وذهب "فون وزمن"4 إلى أن حكمه كان في أواسط النصف الثاني من القرن السابع قبل الميلاد، أو في أوائله5، وثبت آخرون حكمه بحوالي السنة "750 ق. م."6.
وكان لـ "يدع آل ذرح" ولد اسمه "سمه علي ينف"7، ورد اسمه في الكتابة 8CIH 636، وهي كتابة ناقصة سقط أكثر ما دون فيها، ولم يذكر "هومل" اسمه في القائمة التي صنعها لمكربي "سبأ"9 ولم يذكره "فلبي" كذلك في كتابه "سناد الإسلام"10 غير أنه ذكر اسمه في القائمة التي نشرها في مجلة Le Museon وجعله المكرب الثالث، أي أنه وضعه بعد "يدع
1 BOASOOR، NUM. 137، 1955، P. 38
2 Arablen، S.، 177
3 Le MusSon، T.XTT، 3-4، (1949) ، P. 248
4 Bettrage، S- 22
5 Discoveries، P. 221، c A note on Early Sabaean Chronology، In BOASOOR، NUM. 143، 1956، P. 9
6 Arablen، S-، 177
7 "سمه على ينوف"، سمه على النائف"، سمهعلي ينوف".
8 Halfivy 338، Glaser 1468
9 Handbuch، I، S.، 77
10 Background، P. 141
آل ذرح" والده مباشرة، وجعله مكربًا1. ولم ترد في النص المذكور كلمة "مكرب" بعد اسم "سمه علي ينف"، وإنما ذكرت بعد اسم "يدع آل ذرح"2، وهذا يعني أن هذه الكلمة، وهي "مكرب" ليست لـ "سمه علي"، وإنما تخص الأقرب إليها، وهو "يدع آل ذرح".
وقد ورد اسم "سمه علي" بعد اسم "يدع آل" وقبل اسم "يثع أمر" في الكتابة المعروفة بـ 3Gleser 694 ولم ترد فيها نعوتهم، ولا كلمة "مكرب" التي هي الدلالة الرسمية المنبئة بتبوئهم الحكم.
وقد وضع "فلبي" الكتابتين المرقمتين CIH 368 و CIH 371 في جملة الكتابات من أيام المكرب "سمه علي ينف"4. أما الكتابة الأولى، فصاحبها "عم أمر بن أب أمر ذيبرن"، أي من عشيرة "يبرن" "يبران"، ولعله كان سيدًا من ساداتها. وكان من المقربين لـ "سمه علي" ولشقيقه "يثع أمر" ولعله كان من ندمائهما، بدليل ورود جملة "مودد سمه علي ويثع أمر" في النص، أي أنه كان من المتوددين إليها، وتعبر لفظة "مودد" عن منزلة رفيعة عند السبئيين تضاهي منزلة "نديم" عند العرب الشماليين.
وقد دون "عم أمر" تلك الكتابة عند بنائه بيته "مردعم""مردع" في مدينة "منيتم""منيت""منية"5. وأما الكتابة الثانية فصاحبها "عم أمر بن أب أمر"، وهو من عشيرة أخرى اسمها "ذ لخدم"، "لخد" ويظهر أنه كان من أشرافها، فهو شخص آخر يختلف عن الشخص الأول، وإن اشتركا في الاسم ولم يرد في هذه الكتابة الثانية اسم أي مكرب من المكربين، لذلك لا أستطيع أن أضيف هذه الكتابة الثانية إلى أيام "سمه علي". والذي حمل "فلبي" على إضافتها إلى أيام هذا المكرب هو كون اسم صاحب الكتابتين واحدًا، فظن أنهما رجل واحد، وأن صاحب الكتابتين واحد أيضًا، ولورود اسم "سمه علي" و"يثع أمر" في النص الأول، أضاف النص الثاني إلى
1 Le Museon، LXn، 3-4، (1949) ، P. 448
2 CIH، IV، in، I، P. 71، REP. EPIG.، V. II، PP. 191، 2857
3 REP. EPIG.، 3623، VI، I، P. 245
4 Le Museon، LXH، 3-4، (1949) ، P. 248
5 Le Museon، T.XTT، 3-4، (1949) ، P. 248، CIH 368، Hal6vy، 596
النصوص من أيام المكربين، ولو انتبه إلى أن كل واحد منهما هو من قبيلة تختلف عن القبيلة الأخرى، لما أضاف الكتابة الثانية إلى أيام المكربين المذكورين.
وأشار "فلبي" إلى اسم ولد من أولاد "سمه علي ينف" سماه "يدع آل وتر" ولم يشر إلى أنه كان مكربًا، وذكر أنه حصل على اسمه من النصوص 1AF 86، 91 92.
ونسب "فلبي" زمن تدوين النصوص: CIH 490 و CIH 492 و CIH 493 و CIH 495 إلى عهد "يثع أمر وتر"2. أما النص CIH 490 فقد وضع ناشره ومحققه لفظة "ملك" بعد اسم "يثع أمر"، وذلك بإكمال الحرفين الباقيين من الكلمة المطموس آخرها، الواردة بعد "وتر"، وهما "الميم" و"اللام". فإذا كانت القراءة صحيحة، انصرف الذهن عن "يثع أمر وتر" هذا إلى "يثع أمر" آخر يجب أن يكون ملكًا على سبأ، وإن كانت القراءة مغلوطة، كأن يكون أصلها المطموس لفظة "مكرب"، جاز حينئذ أن يكون "يثع أمر" هو "يثع أمر وتر" المذكور الذي قصده "فلبي"3، وتتضمن هذه الكتابة خبرًا يفيد أن "يثع أمر وتر بن يدع ايل ذرح" جدد بناء معبد الإله "هبس""هوبس"، وقد عثر عليها في الموضع المسمى بـ "الدبر""دبر" في الزمن الحاضر4. ويرى "هومل" أن "دبر" "دابر"، هو اسم قبيلة، وقد بنت معبدًا سمي باسمها، وقد جدد بناءه هذا المكرب "يثع أمر وتر"5.
وقد ورد اسم "دبر" في كتابات أخرى، ولهذا ذهب "هومل" إلى أنه اسم المعبد المذكور: معبد الإله "هوبس"، وهذه الكتابة من القرن الثامن قبل الميلاد في رأي بعض الباحثين، ومعنى هذا أن حكم هذا المكرب السبئي "يثع أمر وتر" كان قد بلغ أرض معين في هذا العهد6.
وأما النص CIH 492 فهو نص قديم أيضًا، كتب على الطريقة الحلزونية
1 Le Museon, LXH, 3-4, (1949) , P. 248
2 Le MusSon, LXH, 3-4, (1949) , P, 248
3 CIH, IV, n, P. 190, Halevy 626 + 627, Handbuch, I, S., 77, Beitrage, S., 23
4 Handbuch, I, S., 77, Beltrage> S.، 23
5 Beltrage، S-، 23، Hommel، Ethnologie، S.، 674
6 Halevy 511، + 627، BeltrSge، S.، 23
الشائعة بين السبئيين في أيام المكربين وصاحبه رجل اسمه "حيم بن بعثتر رحضن"1.
أي من "آل رحضان""رحاض"، وقد قدم إلى الآلهة "ذات حميم" نذرًا لعافيته ولعافية بنته وأولاده2. ولكننا لا نجد فيه أي تصريح أو تلميح إلى اسم المكرب "يثع أمر وتر" أو إلى أبيه.
وأما النص "CIH 493، فصاحبه رجل اسمه "حميم بن عم يدع"3. من "آل قدران" "ذ قدرن"4 فهو امرؤ لا صلة له بصاحب النص المتقدم CIH492. وقد ورد في النص اسم "يدع ايل" و "يثع أمر"، ولم يذكر فيه نعت الرجلين، ومن الجائز أن يكون "يدع ايل" و "يثع أمر" المذكوران هما المكربان اللذان نبحث عنهما، أي المكرب الوالد وابنه، ومن الجائز أيضًا ألا يكونا هما، فهنالك فجوات لا نعرف عمقها في تأريخ سبأ، قد تكون فيها، خبايا من أسماء مكربين وملوك، وأعتقد أن اسم "حيم" هو الذي حمل "فلبي" على حشر النص السابق بين النصوص التي ظن أن لها علاقة بالمكرب "يثع أمر وتر"، على اعتبار أن الرجلين رجل واحد، ولكن الواقع أنهما شخصان مختلفان.
وأما النص CIH495 فصاحبه "حيم بن عم يدع" من "آل قدرن"، أي صاحب النص CIH 493 المذكور، ولذلك أضافه "فلبي" إلى النصوص التي لها صلة بالمكرب "يثع أمر وتر"، ولم يرد في هذا النص اسم هذا المكرب ولا اسم أبيه، ولعلهما سقطا في جملة ما سقط من أسطر وكلمات.
وقد وضع "هومل" اسم "يدع آل بين""يدع ايل بين" بعد اسم "يثع أمر وتر" ليكون المكرب التالي له، وهو –على رأيه- ابنه وخليفته من بعده5. ومن أهم أعماله المذكورة في الكتابات، تحصينه وتقويته أبراج مدينة
1 "حيوم بن بعثتر رحضان""حي بن بعثتر رحضان".
2 CIH، IV، II P. 194، Massil، 12، REP. EPIG
3 "حيوم بن عم يدع""حي بن عميدع".
4 CIH. 493، Muller، 4، Praet 8، British Museum 64 + 59
5 Backgrund، P. 37
"نشق" من المعينيين1. ويدل ذلك على أن هذه المدينة كانت قد دخلت في ممتلكات السبئيين، في زمن لا نعرفه، قد يكون في أيام هذا المكرب وقد يكون قبل ذلك، وأن السبئيين كانوا يتبعون خطة التوسع بالتدرج حتى ابتلعوا مملكة "معين"2. وقد رأيت أنهم كانوا قد استولوا على قرية "دبر""دابر"، وحصنوها، واتخذوها قاعدة حصينة للإغارة منها على الجوف وعلى المعينيين.
ويرى بعض الباحثين أن استيلاء المكرب المذكور، كان في أواسط القرن الثامن، قبل الميلاد، وقد أمر بإحاطة تلك المدينة بسور، وقد توسعت رقعتها، إلا أنها لم تلبث أن انفصلت من السبئيين، ثم عاد السبئيون فاستولوا عليها، في أيام المكرب والملك "كريب ايل وتر"3.
وحكم بعد "يدع ايل بين" المكرب "يثع أمر"، على رأي "هومل"، ولم يشر إلى نعته. ويرى "هومل" احتمال كونها ابنًا لـ "يدع ايل بين" أو شقيقًا له4.
أما "فلبي"، فيرى أن "يثع أمر" هو أحد أولاد "سمه علي ينف""سمه علي ينوف"5. وهو شقيق "يدع ايل بين"، وقد ورد اسمه في النص 6CIH 563 فيكون بذلك –على رأيه- ابن شقيق "يدع ايل".
لا ابنه، وذكر "فلبي" أنه عرف بـ "يثع أمر وتر" وجعله معاصرًا للملك سرجون7.
والنص CIH 563 مكتوب على الطريقة "الحلزونية"، ويتألف من جملة أسطر، وقد ورد فيه نعت "يثع أمر"، وهو "وتر"8.
1 REP. EPIG. 2850، V. II، P. 184، Handbuch، I، S.، 77
CIH 634 IV، III، I، P. 70، IV، I III، P. 202، Glaser 117، CIH 138.
2 ،Background، P. 37، REP. EPIG. 2850، V. H، P. 184، Handbuch، I، S.، 77، Beitrage، S.، 15، CIH 634
3 Beltrage، S.، 15
4 Handbuch، I، S.، 77
5 Background، P. 141
6 Le Museon، LXII، 3-4، 1949، P. 248
7 Background، p. 141
8 CIH 563، British Museum 66، Prldeaux 14a، B. C
وقد ورد في كتابة من كتابات الملك "سرجون" الثاني "722- 705 ق. م." أنه تسلم هدايا من عدد من الملوك، من جملتهم "يثع أمر" ItfAmra Matsa – Ba’- ai lt –Amra السبئي، والملكة "شمس" ملكة "اربي""عربي" وقد ذهب بعض الباحثين إلى أن "يثع أمر" المذكور في نص "سرجون" هو "مكرب" سبأ هذا الذي نتحدث عنه1. غير أن النص لم يحدد مكان حكم ذلك الملك السبئي، ولهذا ذهب بعض آخر إلى احتمال كونه أحد الملوك السبئيين الحاكمين في شمال جزيرة العرب على مقربة من البادية في أعالي الحجار أو نجد مثلًا، أو في الأرض الواقعة في المناطق الجنوبية من الأردن2.
وكان "هومل" ممن يرون أن "يثع أمر" المذكور في نص "سرجون" هو أحد الملوك السبئيين الحاكمين على قبيلة سبئية في شمال جزيرة العرب، غير أنه غير رأيه هذا، وجعل "يثع أمر" هو "يثع أمر" الذي نبحث فيه، أي مكرب سبأ، وذلك عندما عثرت بعثة ألمانية على كتابة للملك "سنحريب""سنحاريب"، جاء فيها: أنه تناول هدية من ملك سبئي هو "كرب ايلو""كرب ايل"، فتيقن عندئذ أن الرجلين المذكورين اللذين قدما الهدايا هما المكربان:"يثع أمر" و "كرب ايل"3.
ولا أجد في تلك الهدايا علامة على خضوع سبأ لحكم الآشوريين، إذ أستبعد بلوغ نفوذ الآشوريين في ذلك الزمن إلى أرض اليمن، ولو كان الآشوريون قد استذلوا السبئيين اليمانيين وحكموهم لذكروا اسمهم في جملة الأمم التي استبعدوها.
والرأي عندي أن تلك الهدايا هي مجرد تعبير عن الصداقة التي كانت تربط بين آشور وسبأ، خاصة وأن بين اليمن والعراق تجارة مستمرة قديمة ومواصلات
1 Bota and Flandin، Monument، Vol.، 4، PL. 145، I، 3، Winckler، Keilschrift Sargons، 1889، BD.، PL. 2، No. I، Z.، 20، Musil، Arabia Deserta، P. 479.
2 Handbuch، S.، 76
3 بخصوص آراء الباحثين في "يثع أمر" راجع أيضا:
BOASOOR، Num. 137، 1955، PP.، Archiv fur Orientforschung، 16، 1955، S. 232، Handbuch، I، S.، 76، Beeston، "Problems of Sabaean Chronology،In BOASOOR، 1954، XVI/I، PP. 42
متصلة، فلتوطيد الصداقة بين الحكومتين وتسهيل التبادل التجاري بين العراق واليمن أرسل حكام سبأ تلك الهدايا كما فعل أهل مكة وهم قوم تجار فيما بعد، فقد كانوا يتوددون للأكاسرة ولملوك الحيرة بإرسال الهدايا النفيسة لهم، لكسب ودهم من تسهيل أمور تجارتهم مع أسواق العراق.
وإذا أخذنا برأي من يقول: إن "يثع أمر" المذكور في نص "سرجون"، هو "يثع أمر" الذي نبحث فيه، يكون إرسال الهدايا والألطاف إلى "سرجون" في حوالي السنة "715 ق. م."1، وقد قدر "فلبي" حكمه بحوالي عشرين سنة، وجعله من حوالي سنة "720" حتى سنة "700 ق. م."2.
وتولى الحكم بعد "يثع أمر وتر" ابنه المكرب "كرب ايل بين"، وقد ذكر اسمه في الكتابة3CIH 627 وهي كتابة قصيرة ناقصة، ورد فيها اسم "كرب ايل بين" ومعه اسم والده "يثع أمر"، ولم يذكر فيها نعت "يثع أمر" وهو "وتر" وذكرت بعد اسم "يثع أمر" كلمة "مكرب سبأ"4 وورد اسمه واسم أبيه "يثع أمر" في كتابات أخرى، ذكرت في بعضها لفظة "وتر"، بعد "يثع أمر"5، وذكرت في بعض آخر كلمة "مكرب"، ولم تذكر في غيره.
وقد ورد في الكتابة CIH 634: أن "كرب ايل بين" وسع حدود مدينة "نشق" بمقدار ستين "شوحطًا"6، وحسن المدينة.
وورد في أخبار "سنحريب" أنه تسلم هدايا من "كرب ايلو" Ka- ri- bi- lu ملك سبأ، من جملتها أحجار كريمة وعطور، وقد ذهب الباحثون في هذا الموضوع إلى أن هذا السبئي، الذي قدم الهدايا إلى ملك آشور، هو "المكرب كرب آل بين" الذي نبحث عن سيرته. وإن كان النص الآشوري قد نعته بـ "ملك"؛ وذلك لأن الآشوريين لم يكونوا على علم بألقاب حكام سبأ،
1 Beitrage، S.، 7، BOASOOR، NUM. 143، (1956) ، P. 10
2 Background، P. 141
3 Le Museon، LXII، 3-4، (1949) ، P. 248
4 CIH 627، Fresnel 29، Glaser 541، CIH، III، I، P. 63
5 CIH 632، Hal6vy 52، 349، 672، Glaser 1529، CIH 610، Le Museon، 3-4، P. 248
6 CIH، IV، III، I، 72، Halevy، 352
فلقبوه بلقب "ملك"1.
وقد جعل "هومل" اسم "كرب ايل بين" في آخر المجموعة الأولى من مجموعات مكربي سبأ. ووضع إلى جنبه اسم "سمه علي ينف"، وصارت مجموعته هذه بذلك على هذا النحو:
1-
سمه علي "دون نعت".
2-
يدع ايل ذرح.
3-
يثع أمر وتر.
4-
يدع ايل بين.
5-
يثع أمر "لا يعرف نعته".
6-
كرب ايل "بين" و "سمه علي ينف"، ولعله كان يشارك شقيقه "كرب ايل بين" في الحكم2.
وولي الحكم بعد "كرب ايل بين" ابنه المكرب "ذمر علي وتر"، وإليه تعود الكتابة الموسومة بـ "Halevy 349 وقد جاء فيها: أن هذا المكرب أمر يتوسع مدينة "نشقم"، أي "نشق"، وبإصلاح الأرضين المحيطة بها، وبتحسين نظم الري فيها، وذلك فيما وراء الحد الذي وضعه أبوه لهذه المدينة، وأنه قد جعل ذلك وقفًا على شعب سبأ3.
ويظهر من عناية المكربين بمدينة "نشق"، وهي مدينة معينية في الأصل أن السبئيين وجدوها أرضًا خصبة غنية ومهمة بالنسبة إليهم، وقد صارت خرابًا فقرروا إصلاح ما تخرب منها، واستصلاح أرضها لإسكان السبئيين فيها، ووسعوا في حدودها، وأصلحوا ما تداعى ووهن من نظم الري فيها، ووزعوا الأرضين الزراعية منها على أتباعهم السبئيين وحولوها، بذلك إلى مدينة سبئية4. وقد كانت الشعوب القديمة تتبع هذه السياسية، حيث كانت تستقطع الأرض من المدن التي
1 Ency. Brita.، Vol.، 19، P. 785، Handbuch.، I، S.، 76، 85، Otto Schroder، Keilschrifttexte، II، Leipzig، 1922، 122
2 Handbuch، I، S.، 77
3 Halevy 349، Rhodokanakis، Studi. LexL، 2، S.، 126، CIH 623، IV، III، I، P. 38،REP. EPIG. 3388، 4401، CIH 610
4 Rhodokanakis، Studi. Lexi.، II، S.، 127، REP. EPIG. 3865، V،II،P. 200
تفتحها، وتعطيها أفرادها، للسكن فيها ولإعمارها وللهيمنة على أهل المدينة الأصليين.
وقد جاء في إحدى الكتابات: أن هذا المكرب أمر بتجديد ما تلف وتداعى من معبد الإله "عثتر"، وإصلاحه، ولم يرد فيها ذكر اسم الموضوع الذي كان فيه ذلك المعبد1. كما جاء اسمه في كتابة أخرى دونها قيل "قول" كان يحكم قبيلة "يهزحم" و"يزحم"2.
وتولى بعد المكرب "ذمر علي" ابنه المكرب "سمه علي ينف""سمه علي ينوف" الحكم، وقد ذكر اسمه في كتابات عدة من أهمها كتابة تشير إلى تعمير هذا المكرب سد "رحبم""رحاب" للسيطرة على مياه الأمطار والاستفادة من السيول3. وهو جزء من المشروع المعروف بـ "سد مأرب" الذي نما على مرور الأيام، وتوسع حتى كمل في زمن "شهر يهرعش" في نهاية القرن الثالث للميلاد، فصارت تستفيد منه مساحة واسعة من الأرض4. وقد بقي قائمًا إلى قبيل الإسلام، وعد سقوطه نكبة كبيرة من النكبات التي أصابت العربية الجنوبية، حتى ضرب بسقوطه المثل، فقيل:"تفرقوا أيدي سبأ"؛ ذلك لأن سقوطه أدى إلى تفرق السبئيين، وإلى هجرتهم من بلادهم التي ولدوا فيها وإلى تفرقهم شذر مذر في البلاد.
وتخبر الكتابة الموسومة بـ Glaser 514 أن المكرب "سمه علي ينف" ثقب، حاجزًا من الحجر، وفتح ثغرة فيه لمرور المياه منها إلى سد "رحبم""رحاب" لتسيل إلى منطقة "يسرن"5 "يسران"، وهي منطقة ورد اسمها في كتابات عديدة، وكانت تغذيها مسايل وقنوات عديدة تأتي بالماء من حوض هذا المسند6. وتبتلع ماءها من مسيل "ذنة" وهو من المسايل الكبيرة، فتغذي أرضًا خصبة
1 Glaser 474، 1671، REP. EPIG. 4401
2 Orientalia، Vol.، V، 1936، P. 5، E. Mittwoch und H. Schlobies، "Altsudarabische Inschriften im
Hamburgischen Museum fur Volkerkunde"، Hamburg،NE. 31
3 CIH 623، IV، III، I، P. 60، Fresnel 14، Halevy 673 + 674، Glaser 513 + 514،
Arnau 14.
4 Handbuch، S.، 79، Discoveries، P. 73
5 Rhodokanakis، Studi. Lexi.، 2، S.، 97، REP. EPIG. 2651، V، I، P. 23
6 Beitrage، S.، 27
لا تزال على خصبها، ومن الممكن الاستفادة منها فائدة كبيرة باستعمال الوسائل الحديثة في إيجاد المياه1.
وكتابة هذا المكرب، هي أقدم وثيقة وصلت إلينا عن سد "مأرب"، أنها شهادة مهمة تشير إلى مبدأ تأريخ هذا السد، ولكنني لا أستطيع أن أقول أن السد، كان من تفكير هذا المكرب وعمله، وأنه أول من شق أساسه ووضع بنيانة، فقد يكون السد من عمل أناس غيره حكموا قبله، وما المشروع الذي أقامه هذا المكرب إلا تتمة لذلك المشروع القديم.
إن هذه الكتابة هي وثيقة ترجع تأريخ السد إلى جملة مئات من السنين سبقت الميلاد. ترجعه إلى حوالي السنة "750 ق. م." على رأي بعض الباحثين2.
وقد ورد اسم هذا المكرب في عدد من الكتابات أكثرها متكسرة3.
وسار المكرب "يثع أمر بين" على سنة أبيه المكرب "سمه علي ينف" في العناية بأمور الري، فأدخل تحسينات كبيرة على سد مأرب، وأنشأ له فروعًا جديدة، ففتح ثغرة في منطقة صخرية لتسيل منها المياه إلى أرض "يسرن""يسران"4. وزاد بعمله هذا في التحكم والسيطرة على مياه السيول، وفي تسخير الطبيعة لخدمة الإنسان، وعمل على تعلية سد "رحبم" "رحاب" القديم وتقويته، فوسع بذلك الأرضين الزراعية، وزاد في ثروة أهل "مأرب" الذين زاد عددهم، حتى تغلب على عدد سكان "صرواح" عاصمة المكربين، وتمكنت "مأرب" بذلك من منازعة هذه العاصمة، إلى أن تغلبت عليها، فصارت العاصمة للبسئيين ومقر حكام سبأ، وصاحبة معبد "المقه" إله سبأ الكبير5.
وقد ذهب بعض الباحثين إلى أن المكرب "سمه علي ينف" والمكرب "يثع أمر بين "كانا المؤسسين الأصليين لسد مأرب، ويرجعون زمانهما إلى القرن السابع قبل الميلاد، فيكون إنشاء السد إذن في هذا الزمن على رأي هؤلاء الباحثين
1 العظم نزيه مؤيد: رحلة: "2/ 88 وما بعدها".
2 Glaser 513 + 514، Discoveries ? P. 75
3 Le Museon، LXII، 3-4، (1949) ، P. 249، CIH 622، 623، 629، 774، 875، Philby 77،REP. EPIG.، 3650، 4177، 4370، AF. 62، IH
4 Rhodokanakis، Studi. Lexi.، 2، S. 102، Glaser 523، 525، Discoveries، P. 75
5 Background، P. 39
وقد استمر من جاء بعدهما في إصلاحه وفي إضافة زيادات إليه وفي توسيعه وترميمه، إذ أصيب مرارًا بتلف اضطر الحكومات إلى إصلاحه. وقد أشير في الكتابات إلى تهدم جزء منه في سنة "450 ب. م." وسنة "542 ب. م."1.
وقد كان آخر ترميم وإصلاح له في أيام "أبرهة"، والظاهر أن تلفًا أصابه بعد ذلك فيما بين السنة "542 ب. م." والسنة "570 ب. م."، فلم يصلح فترك الناس مزارعهم، واضطروا إلى الهجرة منها، وإلى ذلك وردت الإشارة في القرآن الكريم2.
وإلى هذا المكرب تعد الكتابة الموسومة بـ "Philby 77 وقد جاء فيها: أنه سور وحصن قلعة "حرب" "حريب"3، ويشير تحصين المدن وبناء القلاع والتوسع في الأرضين، التي تعود إلى شعوب أخرى مثل، قتبان ومعين، وإلى توسع السبئيين في عهد المكربين، وإلى اتخاذ هذه الحصون مواقع هجومية تشب منها جيوشهم على جيرانهم الذين أصاب حكوماتهم الضعف والهزال. وقد هاجم هذا المكرب القتبانيين كما يظهر من كتابة عثر عليها في مأرب، فقتل منهم زهاء أربعة آلاف جندي في عهد ملك قتبان الملك "سمه وتر"، ثم هاجم مملكة "معين"، ولا نعرف الخسائر التي لحقت بالمعينيين، للكسر الذي في الكتابة، غير أن الظاهر يدل على أنه انتصر عليهم، ثم عقب ذلك إخضاع القبائل والمدن التي لم تكن خاضعة لسبأ حتى أرض "نجران"، وقد أوقع بـ "مهأمرم" "مهامرم" و "أمرم" "امرم" خسائر كبيرة، فقتل منها في المعارك التي نشبت قرب "نجران" زهاء خمسة وأربعين ألف رجل، وأسر "63" ألف أسير وغنم واحدًا وثلاثين ألف ماشية، وأحرق ودمر عددًا من قراها ومدنها4.
وذكر صاحب الكتابة أن المدن التي أحرقت مدينة "رجمت""رجمة" مدينة "لعذرايل" ملك "مهامر""مهأمرم"5. والظاهر أن هذه المدينة
1 Beitrage، S،. 26
2 السورة رقم 34.
3 Philby، Sheba's P. 445، Le Museon، LXII، 3-4 1949، p 249، Beitrage، S،. 24، 27، REP. EPIG. 1904
4 Background، P. 39، Handbuch، I، S. 81، Glaser 419 + 418، Beitrage، S،. 9
5 "لعذرال""لعذرايل"، هكذا جاء في النص، وأظن أن الأصل هو "عذرال""عذرايل" Handbuch، lS.، 81
كانت عاصمة الملك، وأحرقت أيضًا أكثر قرى هذه المملكة ومدنها وجميع المدن بين "رجمت""رجمة""رجمات" و"نجران"1.
وقد ذكر "الهمداني" موضعًا سماه "رجمه" في اليمن2. وهو اسم يذكرنا بمدينة "رجمت" "رجمة"، وقد يكون هو المكان المذكور.
وقد قام المكرب "يثع أمر بين" بأعمال عمرانية عديدة، منها بناؤه بابين لمدينة "مأرب"، وتحصينه للمدينة ببروج بناها من "البلق" نوع من الحجر. وقد بنى "مرشوم" ومعبد "نسور"، ومعبد "علم"، ومعبدًا في "ريدن""ريدان"، ومعبدًا آخر لعبادة "ذات بعدن""ذات بعدان" في "حنن""حنان" وبنى "عدمن""عدمان" وعدة أبنية بإزاء باب معبد "ذهبم""ذهب"، وحفر مسيل "حببض""حبابض"، ووسع مجرى "رحبم""رحاب"، وعمقه حتى غذى مناطق واسعة جديدة من "يسرن""يسران"، وبنى سد "مقرن""مقران"، وأوصل مياه "مقران" إلى "أبين"، وكذلك سد "يثعن""يثعان" حيث أوصل مياهها إلى "أبين"، وسد "منهيتم""منهيت" و "كهلم""كهل" الواقع مقابل "طرقل"3.
هذه الأعمال الهندسية التي قام بها هذا المكرب وأسلافه من قبله، للاستفادة من مياه الأمطار، هي من المشروعات الخطيرة التي ترينا تقدم أهل العربية الجنوبية في فن الري والاستفادة من الأمطار في تحويل الأرض اليابسة إلى جنان. ولسنا نجد في التأريخ القديم إلا ممالك قليلة فكرت في مثل هذه المشروعات وفي التحكم في الطبيعة للاستفادة منها في خدمة الإنسان4. لقد حول هذه السد أرض "أذنة" أو "ذنة" إلى جنان ترى آثارها حتى الآن، إنها مثل حي يرينا قدرة الإنسان على الإبداع متى شاء واستعمل عقله وسخر يده. وليست هذه القصص والحكايات التي رواها الأخباريون عن سد "مأرب" وعن جنان سبأ باطلًا، إنها صدى ذلك العمل العربي الكبير5.
1 REP. EPIG. 394، Beltrage، S.، 9
2 الصفحة "80، 104، 164".
3 REP. EPIG. 3943، VI، II، P. 394، Rhodokanakls، Altsab. Texte، I.S.، 3، Glaser 418 + 419.
4 Background، P. 39
5 Handbuch، I، S.، 80
وقد ظل حكام سبأ الذين حكموا من بعدها يجرون إصلاحات، ويحدثون إضافات على سد مأرب، ويرممون ما يتصدع منه، كما يظهر ذلك من الكتابات، وقد تعرض مع ذلك للتصدع مرارًا، وكان آخر حدث مهم وقع له هو التصدع الذي حدث فيه سنة "542 ق. م." وذلك في أيام أبرهة.
ويظهر أن تصدعًا آخر وقع له بعد هذه السنة، فأتى عليه، واضطر من كان يزرع بمائه إلى ترك أرضهم، والهجرة منها إلى أٍرضين جديدة1.
ويظهر من كتابة ناقصة أن هذا المكرب أنشأ أبنية في مدينة "مأرب"، وقد أخذت عناية حكام سبأ بهذه المدينة تزداد، إلى أن صارت مقرهم الرسمي، وبذلك أخذ نجم "صرواح" في الأفول إلى أن زال وجودها.
وذكر اسم هذا المكرب في كتابة أخرى دونت عند تشييده "مذبحًا" عند باب "نومم""نوم"، لاحتفاله بموسم الصيد المسمى باسم الإله "عثتر""صيد عثتر"3. ولا نعرف اليوم شيئًا عن هذا الصيد الذي خصص باسم الإله "عثتر"؛ لأن الكتابة قصيرة وعباراتها غامضة، ولكن يظهر منها أن مكربي سبأ كانوا يحتفلون في مواسم معينة للصيد، وأنهم كانوا يجعلون صلة بينه وبين الآلهة، ولعلهم كانوا يفعلون ذلك تسميًا بأسماء تلك الآلهة، لتبارك لهم فيه، ولتمنحهم صيدًا وفيرًا. وقد عثر على كتابات حضرمية وغيرها، لها صلة بالاحتفالات التي كانت تقام للصيد.
وذكر في كتابة قصيرة اسم "يثع أمر بن سمه علي" فلم تعطنا شيئًا جديدًا يفيد في استخراج مادة تأريخية منها4.
وقد وضع "فلبي" اسم "ذمر علي ينف""ذمر علي ينوف" بعد اسم المكرب السابق في قائمته لأسماء المكربين التي نشرها في مجلة:Le Museon
1 BeitrSge، S-، 26
2 Fresnel 46، 49، Glaser 696، CIH 629، IV، m، I، P. J. Mohl، Inscriptions donnges par M. Arnaud، In Journal Aslatique، 1945، n، P. 179، Halevy، Etudes Sabeenes، in Journal Asiatique، 1874، n، P. 566
3 REP. EPIG. 3625، Glaser 797، Le Museon، LXI، 3-4، 1948، P. 184، REP. EPIG.
4177
4 REP. EPIG. 2674، V، I، P- 32، 35، 36، Glaser 412، 413، 696، 2677، 2680، Hartmann، Arab. Frage، S.، 133، REP. EPIG. 4431، VII، H، P. 228، Glaeer 557، CIH 864، REP. EPIG. 4432
وأبوه، هو "يكرب ملك وتر"1. أما "هومل"، فوضع اسم "ذمر علي" بعد اسم "يثع أمر بين" وأشار إلى أنه غير متيقن من اسم أبيه، وذكر أن من المحتمل أن يكون أبوه المكرب "يثع أمر بين"2.
وقد ورد في النص: AF 70 اسم "يكرب ملك وتر"3. ولم يشر إلى أنه كان مكربًا، وقد دون "فلبي" أرقام عدة نصوص، لها –على رأيه- صلة بـ "ذمر علي" منها النص: CIH 491، وهو نص سقطت منه أسطر وكلمات، ووردت فيه أسماء الآلهة "هبس" "هوبس" و "المقه" و"عثتر" و "ذت حمم" "ذات حمم" وأسماء: "كرب آل" و"ذمر علي" و "الكرب" و"نشا كرب" "كبراقين" أي "كبير أقيان"4.
ويعد "كرب ايل وتر" خاتمة المكربين وفاتحة الملوك في سبأ، افتتح حكمه وهو "مكرب" على سبأ، ثم بدا له فغير رأيه في اللقب، فطرحه، ولقب نفسه "ملك سبأ" وسار من حكم بعده على سنته هذه، فلقب نفسه "ملك سبأ" إلى أن استبدل فيما بعد أيضًا به لقب "ملك سبأ وذي ريدان" كما سنرى فيما بعد.
أما إذا سألنا عن كيفية حصولنا على علمنا بأن "كرب ايل وتر" بدأ حكمه مكربًا ثم ختمه ملكًا، فجوابنا: أننا حصلنا عليه من الكتابات المدونة في أيامه، فقد وجدنا أن لقبه في الكتابات القديمة الأولى هو "مكرب"، فعلمنا أنه تولى الحكم مكربًا، ثم وجدنا له لقبًا آخر هو "ملك سبأ"، فعرفنا أنه لقب جديد حل محل اللقب القديم، ثم وجدنا من جاء بعده يحمل هذا اللقب الجديد، فصار "كرب ايل وتر" آخر مكرب وأول ملك في سبأ في آن واحد5.
ويرجع "فلبي" زمان حكم "كرب آل وتر" إلى حوالي السنة "620" حتى "600 ق. م."6. وقد زعم أنه حكم من "620" حتى سنة "610 ق. م."
1 Le Mus6on، LXH، 3-4، 1949، P. 249
2 Handbuch، I، S.f 30، Anm. 80
3 Le Museon، LXI، 3-4، 1948، F. 230
4 Le Museon، LXH، 3-4، 1949، P. 249
5 REP. EPIG. 3948، VH، I، P. I، Glaser 1550
6 Background، P. 40
مكربًا، ثم حكم السنين الباقية ملكًا1. ورأى بعض آخر أنه حكم في نهاية القرن الخامس قبل الميلاد2. وذهب بعض آخر في التقدير مذهبًا يخالف هذين التقديرين.
وقد كان "كرب ايل وتر" كما يتبين من بعض الكتابات التي دونت في أيامه مثل الكتابة الموسومة بكتابة "صرواح"3 وكتابات أخرى سأشير إليها في أثناء البحث محاربًا سار على خطة المكرب "يثع أمر بين" في التوسع وفي القضاء على الحكومات العربية الجنوبية الأخرى، أو إخضاعها لحكمه ولحكم السبئيين، بل زاد عليه في توسيع تلك الحروب، وفي إضافة أرضين جديدة إلى سبأ، زادت في رقعتها وفي مساحة حكومة السبئيين، ولكنها أنزلت خسائر فادحة بالأرواح، وأهلكت الزرع والضرع والناس في العربية الجنوبية، وإن كان قد قام من ناحية أخرى بأعمال عمرانية وبإصلاح ما تهدم وخرب، فإن الحرب ضرر، ينزل بالخاسر وبالرابح على حد سواء، وما الربح في هذه الحروب إلا للملوك وللمقربين إليهم من أقرباء وصنائع.
وكتابة "صرواح" التى أشرت إليها، هي من أخطر الوثائق التأريخية القديمة التي تتعلق بأخبار سبأ وبأعمال هذا المكرب الملك، دون فيها "كرب ايل وتر" كل ما قام به من أعمال حربية وغير حربية، فهي إذن سجل سطرت فيه بإيجاز أعمال المكرب الملك وأفعاله، ولذلك فهي بحق من الوثائق المهمة الخطيرة القليلة التي وصلت إلينا في تأريخ الحكام الجاهليين افتتحها بجملة:"هذا ما أمر بتسطيره كرب ايل وتر بن ذمر علي مكرب سبأ عندما صار ملكًا، وذلك لإلهه المقه ولشعبه شعب سبأ"4. تعبيرًا عن شكره له ولبقية الآلهة على نعمها وآلائها وتوفيقها له بأن صيرته ملكًا، وأنعمت على شعبه بالمنن والبركات، بأن نحر ثلاث ذبائح إلى الإله "عثتر"، إظهارًا لشكره هذا وتقربًا إليه، وكسا صنمي الإلهين: "عثتر" و"هوبس" "هبس"، تقربًا إليهما وشكرًا لهما على نعمهما عليه، ثم انتقل إلى تمجيد آلهته التي وحدت صفوف شعبه بأن جعلت أتباعه
1 Background، P. 141
2 Beltrage، S.، 9، 22، 25، 142
3 Glaser 1000A + 1000B، 1155، REP. EPIO. 3945 + 3946، VI، U، P. 395، 405، Conti Rossini، Chrest. Arab. Merid.، P. 55، NO. 49، Fresnel XI، 38، Beitrage،a، 9
4 الجمل الأولى من النص.
كتلة واحدة متراصة كالبنيان المرصوص، أدى واجبه على أحسن وجه، وقام بما عليه خير قيام، لا فرق في ذلك بين كبير وصغير، وبين طبقة وطبقة، ثم انتقل بعد هذا الحمد والثناء إلى حمد آخر وثناء جديد سطره لآلهته إذ باركت في أرضه وأرض شعبه، ووهبت أرض سبأ مطرًا سال في الأودية، فأخذت الأرض زخرفها بالنبات، وإذ مكنته من إنشاء السدود، وحصر السيول حتى صار في الإمكان إسقاء الأرضين المرتفعة، وإحياء الأماكن التي حرمت الماء، كذلك إحياء أرضين واسعة بإنشاء سد لحصر مياه الأمطار يتصل بقناة "عهل" لسقي "ماودن""مأدون" والأٍرضين الأخرى التي لم تكن المياه تصل إليها، فوصلت إليها بامتلاء حوض السد بالماء، حتى سقت "موترم""موتر" التي جاءها الماء من "هودم""هوديم""هودي"، وبإنشائه مسايل أوصلت المياه إلى "ميدعم""ميدع" و"وتر" و"وقه"، ونظم الري في "ريمن""ريمان" حتى صارت المياه تسقي كل أرض1.
وانتقل "كرب ايل وتر"، بعد ما تقدم إلى التحدث عن حروبه وانتصاراته فأشار إلى أنه غلب "سادم""سأد" و "نقبتم""نقبت""نقبة"، وأحرق جميع مدن "معفرن""المعافر"، "وقهر "ضبر" "ضلم" "ضلم" و"أروى" وأحرق مدنهم، وأوقع فيهم فقتل ثلاثة آلاف، وأسر ثمانية آلاف، وضاعف الجزية التي كانوا يدفعونها سابقًا، وفي جملتها البقر والماعز3.
ثم انتقل إلى الكلام على بقية أعماله، فذكر أنه أغار على "ذبحن ذ قشرم""ذبحان ذو قشر" وعلى "شركب""شرجب"، وتغلب عليهما، فأحرق مدنهما، واستولى على جبل "عسمت""عسمة" وعلى وادي "صير"، وجعلهما وقفًا لألمقه ولشعب سبأ، وهزم "أوسان" في معارك كلفتها ستة عشر ألف قتيل وأربعين ألف أسير. وانتهبت جميع "وسر" من "لجاتم""لجأتم" حتى "حمن""حمان"، وأحرقت جميع مدن "انفم""أنف" و"حمن""حمان" و"ذيب"، ونهبت "نسم"3.
ويرى بعض الباحثين أن "لجيت""لجيأت""لجيأة"، هو موضع
1 راجع الفقرة الثانية من النص.
2 الفقرة الثالثة من النص.
3 الفقرة الرابعة من النص.
"لجية" في الزمن الحاضر، وأن "حمن" هو موضع يقع على مدخل "وادي حمان"، أو الموضع المسمى بـ "هجر السادة".. وأما "وسر"، فإنها أرض "مرخة" أو جزء منها1.
وأصيبت الأرضون التي تسقى بالمطر وهي "رشأى" و "جردن"، بهزيمة منكرة، ونزل بأرض "دثينة" ما نزل بغيرها من هزائم منكرة، وأحرقت مدنها وهتكت مدينة "تفض" واستبيحت ثم دمرت وأحرقت، ونهبت قراها وبساتينها التي تقع في الأرضين الخصبة التي تسقى بماء المطر، وفعلت جيوشه هذا الفعل في الأرضين الأخرى إلى أن بلغت ساحل البحر فأحرقت أيضًا كل المدن الواقعة عليه2.
ويظهر من نص "كرب ايل" أن موقع مدينة "تفض"، يجب أن يكون بين أرض "دتنت" والبحر، ولما كانت "دهس" تتاخم ""عود" من جهة و "تفض" من جهة أخرى ذهب بعض الباحثين إلى أن أرض "دهس" هي أرض "يافع" في الزمن الحاضر. أما "تفض" فإنها الخرائب الواسعة المتصلة بمدينة "خنفر"3. وقد عرفت "يافع" بـ "سروحمير" في أيام "الهمداني"، ولا زال أهل يافع يرجعون نسبهم إلى حمير4.
وتكون الهضاب الواقعة وراء دلتا "أبين" أرض "يافع" في الوقت الحاضر.
وقد رأى "فون وزمن" أن "دهس""دهسم" التي يرد اسمها في النص: REP. EPIG 3945 هي أرض "يافع"5.
وذكر "كرب ايل وتر" أنه ضرب "وسر" ضربة نكراء واستولى على كل مناطقها إلى أن بلغ أرض "أوسان" في أيام ملكها "مرتم" مرتوم" "مرتو"، "مرت"، "مرة" فأمر جنوده بأن يعملوا في شعبها أوسان السيف، واستذل رؤساءه وجعل رؤساء "المزود" "المسود" وهم رؤساء البلد، رقيقًا للآلهة "سمهت" وقرابين لها، وقرر أن يكون مصير ذلك الشعب
1 Beitrage، S. 53
2 الفقرة الخامسة من النص.
3 Beitrage، S. 68
4 Le museon، 1964،، 3-4، P. 440
5 Le Museon، 1964، 3-4، P. 440
الموت والأسر، وأمر بتحطيم قصر الملك "مرتوم""مرتم""مرة" المسمى "مسور""مسر"، ومعالم ما فيه من كتابات أوسانية، وإزالة الكتابات الأوسانية التي كانت تزين جدران معابد أوسان، ولما تم له كل ما أراده ورغب فيه، أمر بعودة الجيش السبئي، من أحرار وعبيد، من أرض أوسان ومن المقاطعات التابعة لها، إلى أرض سبأ، فعاد إليها كما صدر الأمر1.
وتذكر الكتابة: أن الملك "كرب ايل" أمر عندئذ بضم "سرم""سرو""سروم" وتوابعها، وكذلك "حمدن""حمدان" ولواحقها، إلى حكومة سبأ، وسلم إدارة "سرم" إلى السبئيين، وأحاط المدينة بسور، وأعاد الترع والقنوات ومسايل الماء إلى ما كانت عليه، وأما "دهسم""دهس" و "تبنى" فقد حلت بسكانهما الهزيمة، وقتل منهم ألفا قتيل وأسر خمسة آلاف أسير، وأحرقت أكثر مدنها، وأدمجتا ومعهما مقاطعة "دثينة" دثنت"، في سبأ، أما مقاطعة "عودم" "عود"، فقد أبقيت لملك "دهسم" "دهس". وقد عد "العوديون" الذين انفصلوا عن أوسان حلفاء لسبأ، فأبقيت لهم أملاكهم والأرضون التي كانت لهم2.
وكانت "عود" من أرض "أوسان" في الأصل، ثم خضعت لـ "مذحي""مذحيم" ويرى بعض الباحثين أنها "عوذلة" في الزمن الحاضر3.
وجاء في هذه الكتابة، وبعد الجملة المتقدمة، أن "انفم""أنف" وكل مدنها وجميع ما يخصها من أرضين زراعية وما فيها من أودية ومراعي، وكذلك كل أرض "نسم" و "رشاي""رشأي" وكل الأٍرضين من "جردن""جردان" إلى "فخذ علو""وعرمو"، وكذلك جميع المدن والنواحي التابعة لـ "كحد" وسيبن" "سيبان" والمدن "اتخ" "أتخ" "وميفع" و "رتحم" وجميع منطقة "عبدن" "عبدان" ومدنها وجنودها أحرارًا وعبيدًا، و"دثينة أخلفوا" و"ميسرم" "ميسر" و"دثينة تبرم" "دثينة تبر" "وحرتو" وكل المدن والأودية والمناطق والجبال والمراعي في منطقتي "دث" "داث" وكل أرض "تبرم" "تبرم" وما فيها من سكان
1 الفقرة السادسة من النص.
2 الفقرتان السابعة والثامنة من النص.
3 Beitrage S، 64
وأملاك وأموال حتى البحر، وكذلك كل المدن من "تفض" إلى اتجاه "دهس" والسواحل وكل بحار هذه الأرضين، ومناطق "يل أي" و"سلعن""سلعان" و"عبرت""عبرة" و"لبنت""لبنة" ومدنها ومزارعها، وجميع ما يملكه "مرتوم" ملك أوسان وجنوده في "دهس" و "تبنى" و"يتحم" وكذلك "كحد حضنم""كحد حضن" وجميع سكان هذه المناطق من أحرار ورقيق وأطفال وكبار، كل هذه من بشر وأملاك جعلها "كرب ايل وتر" ملكًا لسبأ ولآلهة سبأ.
ويظن أن موضع "ميسرم""ميسر"، وهو من مواضع أرض "دثينة" هو أرض قبيلة "مياسر" في الزمن الحاضر، وقد ذكر بعض السياح أن في أرض "مياسر" سبع آبار ترتوي منها القبيلة المذكورة التي تقطن أرض "دثينة" القديمة1.
ولفظة "سيبن""سيبان" الواردة في النص، هي اسم قبيلة، ورد ذكرها في نص متأخر جدًّا عن هذ النص، هو نص "حصن غراب" ومعنى ذلك أنها من القبائل التي ظلت محافظة على كيانها إلى ما بعد الميلاد، فقد أشير إلى "كبر""كبراء" وإلى "أقيال""سيبان" وورد "سيبن ذ نصف" أي "سيبان" أصحاب "نصف""نصاف" ويرى بعض الباحثين أن موضع "نصاف""نصف"، هو الموضع الذي يقال له "نصاب" في الزمن الحاضر2.
وأما "ميفع""ميفعة" فتقع في الزمن الحاضر في غرب "وادي نصاب" وفي غرب وادي "خورة" وأما "رتح""رتحم"، فهو اسم قبيلة واسم مدينة في أرض "سيبان"، وقد ذكر أيضًا في جملة القبائل التي وردت أسماؤها في نص "حصن غراب" وأما "عبدن""عبدان"، فإنه اسم موضع يقع في جنوب "نصاب" في الزمن الحاضر. وقد قال فيه "كرب ايل" في نصه:"وكل أرض عبدان ومدنها وواديها وجبلها ومراعيها وجنود عبدان أحرارًا وعبيدًا"3.
1 Beitrage، S. 65
2 Beitrage، S. 56، RY 63
3 Glaser 1000A
معبرًا بذلك عن تغلبه على كل أهل هذه الأرض من مدنيين وعسكر، حضر وأهل بادية ومراعٍ1.
وقد صير "كرب ايل وتر" كل أرض "عبدن""عبدان" أرضًا حكومية، وتقع في الزمن الحاضر في سلطنة "العوالق العليا"، ويلاحظ أن "وادي عبدان" ما زال حتى اليوم بقراه وبمياهه من أرض السلطان، أي أنه أرض حكومية تخص السلطنة2.
واستمر "كرب ايل وتر" مخبرًا في كتابته هذه: أنه سجل جميع "كحد" وكل سكانها من أحرار ورقيق بالغين وأطفالًا، وكل ما يملكونه، القادرين على حمل السلاح منهم، وجنود "يل أي "و "شيعن" وعبرت" "عبرة" وأطفالهم، غنيمة لسبأ، ثم ذكر أنه نظرًا إلى تحالف ملك حضرموت الملك "يدع ايل" وشعب حضرموت مع شعب سبأ في هذا العهد ومساعدتهم له، أمر بإعادة ما كان لهم من ملك في "أوسان" إليهم، وأمر بإعادة ما كان للقتبانيين ولملك قتبان من ملك في "أوسان" إليهم كذلك، للسبب نفسه3. فأعيدت تلك الأملاك إلى الحضارمة وإلى القتبانيين.
ثم عاد "كرب ايل" فتحدث عن عداء أهل "كحد سوطم" لسبأ وعن معارضتهم له، فقال: إنه أمر جيشه بالهجوم عليهم، فأنزل بهم هزيمة منكرة وخسائر جسيمة، فسقط منهم خمس مائة قتيل في معركة واحدة، وأخذ منهم ألف طفل أسير وألفي حائك ما عدا الغنائم العظيمة والأموال النفيسة الغالية وعددًا كبيرًا من الماشية وقع في أيدي السبئيين4.
وتحدث "كرب ايل" بعد ذلك عن "نشن""نشان"، وقد عارضته كذلك وناصبته العداء فذكر أنها أصيبت بهزيمة منكرة، فاستولت جيوشه عليها، وأحرقت كل مدنها ونواحيها وتوابعها، ونهبت "عشر" و"بيحان" وكل ما يخصها من أملاك وأرضين، وذكر أن "نشان""نيشان" عادت فرفعت راية العصيان للمرة الثانية، لذلك هاجمها السبئيون وحاصروها وحاصروا
1 Beitrage S 65
2 Beitrage S 57
3 الفقرة 12.و 13 من النص.
4 الفقرة 13 من النص.
مدينة "نشق" معها ثلاثة أعوام، كانت نتيجتها ضم "نشق" وتوابعها إلى دولة سبأ، وسقوط ألف قتيل من "نيشان""نشان""نشن" وهزيمة الملك "سمه يفع" هزيمة منكرة، وانتزاع كل ما كانت حكومة سبأ قد أجرته من أرضين لـ "نشن" وأعادتها ثانية إلى سبأ، وتمليك مملكة سبأ المدن:"قوم" و"جوعل"، و"دورم" و"فذم" و "أيكم" وكل ما كان لـ "سمه يفع" ولـ "نشن" من ملك في "يأكم""ياكم"، وكذلك كل ما كان لمعبد الأصنام الواقع على الحدود من أملاك وأوقاف حتى "منتهيتم" فسجلها باسمه وباسم سبأ1.
وصادرت سبأ أرض "نشن" الزراعية وجميع السدود التي تنظم الري فيها، مثل "ضلم"، و"حرمت"، وماء "مذاب" الذي كان يمون "نشن" وأماكن أخرى بالماء، وسجلت ملكًا لسبأ، وخرب سور "نشن" ودمره حتى أساسه، أما ما تبقى من المدينة، فقد أبقاه، ومنع من حرقه، وهدم قصر الملك المسمى "عفرو""عفر"، وكذلك مدينته "نشن"، وفرض كفارة على كهنة آلهة المدينة الذين كانوا ينطقون باسم الآلهة، ويتكهنون باسمها للناس، وحتم على حكومة "نشن" إسكان السبئيين في مدينتهم وبناء معبد لعبادة إله سبأ الإله "المقه" في وسط المدينة، وانتزع ماء "ذو قفعن" وأعطاه بالإجارة لـ "يذمر ملك" ملك "هرم""هريم"، وانتزع منها كذلك السد المعروف بـ "ذات ملك وقه" وأجره لـ "نبط علي" ملك "كمنه""كمنا"، ووسع حدود مدينة "كمنه""كمنا" من موضع سد "ذات ملك وقه" إلى موضع الحدود حيث النصب الذي يشير إليه، وسور "كرب ايل" مدينة "نشق" وأعطاها سبأ لاستغلالها، وصادر "يدهن" و "جزيت" و "عريم"، وفرض عليها الجزية تدفعها لسبأ2.
وانتقل "كرب ايل" بعد هذا الكلام إلى الحديث عن أهل "سبل" و"هرم""هربم""و "فنن"، فذكر أن هذه المدن غاضبته وعارضته، فأرسل عليها، جيشًا هزمها، فسقط منها ثلاثة آلاف قتيل، وسقط ملوكها قتلى كذلك، وأسر منهم خمسة آلاف أسير. وغنم منهم خمسين ومائة ألف من الماشية، وفرض
1 الفقرة 14 و 15 من النص.
2 الفقرة 16 و 17.
الجزية عليهم عقوبة لهم، ووضعهم تحت حماية السبئيين1.
وكان آخر من تحدث عنهم "كرب ايل" في كتابته هذه أهل "مهامر""مه أمر""مهأ مرم""مهأمر"، و "أمرم""أمر"، فذكر أنه هزمهم وهزم كذلك كل قبائل "مه امرم""مهأ مرم"، و"عوهبم""عوهب""العواهب"، حيث تكبدوا خمسة آلاف قتيل، وأسر منهم اثني عشر ألف طفل، وأخذ منهم عددًا كبيرًا من الجمال والبقر والحمير والغنم يقدر بنحو مائتي ألف رأس، وأحرقت كل مدن "مه أمرم" وسقطت "يفعت""يفعة" فدمرت وصادر "كرب ايل" مياه "مه أمرم" في "نجران" وفرض على أهل "مه أمر" الجزية يدفعونها لسبأ2.
وقد قص "كرب ايل وتر" في كتابة "صرواح" المسماة بـGlaser 1000B أسماء المدن المسورة والمقاطعات المحصنة التي استولى عليها، وسجل بعضها باسمه وبعضًا آخر باسم حكومة سبأ وبآلهة سبأ، ومن هذه:"كتلم" و "يثل"، و "نب"، و"ردع"، "رداع"، و"قب"، و"اووم""أوم" و"يعرت""يعرتم"، و"حنذفم""حنذفم""حنذف"، و"نعوت ذت فددم""نعوت ذات فدد"، و"حزرام""حزرأم"، و "تمسم""تمس"3، ووهي مواضع كانت مسورة محصنة بدليل ورود جملة: "وسور وحصن
…
" بعدها مباشرة.
وأما المواضع التي أمر "كرب ايل وتر" بتسويرها وبتحصينها، فهي:
"تلنن""تلنان" و"صنوت" و "صدم""صدوم" و"ردع""رداع" و"ميفع بخبام""ميفع بخبأم"، و"محرثم" ومسيلا الماء المؤديان إلى "تمنع" وحصن وسور "وعلن""وعلان" و"مثبتم""موثبتم" و"كمدر""كدار"، وذكر بعد ذلك أنه أمر بإعادة القتبانيين إلى هذه المدن؛ لأنهم كانوا قد تحالفوا مع "المقه" إله سبأ و "كرب ايل" ومع شعب سبأ، أي أنهم كانوا في جانبهم، فأعادهم إلى المواضع المذكورة مكافأة لهم على ذلك4.
1 الفقرة: 18 من النص.
2 الفقرة: 19 من النص.
3 الفقرة الأولى من النص.
4 الفقرة الثانية من النص.
ثم عاد "كرب ايل"، فذكر أسماء مواضع أخرى استولى عليها وأخذها باسمه، هي: مدينة "طيب" وقد أخذها من "عم وقه ذ امرم""عموقه ذ أمرم"، وأخذ منه أيضًا أملاكه وأمواله في "مسقى نجي"، وفي "افقن""افقان" وبـ "حرتن""حرتان"، وجبله ومراعيه وأوديته الآتية من "مرس" وكل المراعي في هذا المكان، ثم ذكر أنه أخذ من "حضرموت همو ذ مفعلم""حضر همو ذو مفعل"، وهو من الأمراء الإقطاعيين على ما يظهر، هذه المواضع:"شعبم""شعب" والأودية والمراعي التابعة لـ"مشرر" إلى موضع "عتب"، ومن "أبيت""أبيت" إلى "ورخن" و "دعف" وكل الأملاك في "بقتت" و "دنم""دونم"، فأمر بتسجيلها كلها باسمه، وأمر كذلك بتسجيل "صيهو" باسمه، واشترى "حدنن" أتباع ورقيق "ادم""حضر همو ذي مفعل" و "جبرم""جبر" أتباع "يعتق ذ خولن""يعتق ذو خولان" الذي بـ "يرت"1.
وذكر "كرب ايل وتر" بعد ذلك: أنه وسع أملاك قبيلته وأهله "فيشان""فيشن" وإنه أخذ من "رابم" بن خل أمر ذ وقبم" "رأبم بن خل أمر ذو وقبم"، كل ما يملكه في "وقبم" من أملاك ومن أرضين ومن أودية ومسايل مياه وجبال ومراع، وسجل ذلك كله باسمه، كما أنه استولى على "يعرت" "يعرتم" وعلى جميع ما يتبعها من مسايل مياه وأودية ومراع وجبال وحصون، فسجله باسمه، واستولى أيضًا على أرض "اووم" "أوم" "أوام" وعلى مسايلها، وسجلها ملكًا له2.
ثم ذكر أنه صادر كل أموال "خلكرب ذ غرن""خالكرب ذو غران" وأملاكه في "مضيقت""مضيقة" وسجلها باسمه، كما سجل أرض "ثمدت" ومسايل مياهها وحصنها ومراعيها في جملة أملاكه ومقتنياته3.
ثم عاد في الفقرة الخامسة من النص، فذكر أنه أخذ كل ما كان يملكه "خل كرب د غرن""خالكرب ذو غران" في أرض "مضيقة""مضيقت"، وأخذ كذلك التلين الواقعين في "خندفم""خندف" والأرضين الأخرى إلى
1 الفقرة الثالثة من النص.
2 الفقرة الرابعة من النص.
3 الفقرة الرابعة من النص.
مدينة "طيب"، وسجل ذلك كله في جملة أملاكه، وأخذ كذلك كل ما كان يملكه "خالكرب" في "مسقى نجي"، كما أخذ موضع "زوت" وكل ما يتعلق به وما يخصه من مسايل مياه ومراع1.
ثم أخذ أرض "اكربي""اكري" ومسايل مياهها، وسجلها باسمه، كما استولى على "نعوت" من حد "شدم" و"خبام" خبأم" "خب أم" إلى الأوثان المنصوبة على الحدود علامة لها2.
وقطع "كرب ايل وتر" الحديث عن الأملاك التي استولى عليها وسجلها باسمه، وانتقل فجاة إلى التحدث عن بعض ما قام به من أعمال عمرانية، فذكر أنه أتم بناء الطابق الأعلى من قصره "سلحن""سلحين" ابتداء من الأعمدة والطابق الأسفل إلى أعلى القصر، وأنه أقامه في وادي "اذنة""اذنت" خزان ماء "تفشن"، ومسايله التي توصل الماء إلى "يسرن""يسران"، وأنه شيد وحصن وقوى جدار ماء "يلط" وما يتفرغ منه من مساق ومسايل تسوق الماء إلى "أبين"، ثم قال: أنه شيد وبنى وأقام "ظراب" و"ملكن""ملكان" لوادي "يسرن""يسران"، كما بنى أبنية أخرى في وسط "يسرن" و"أبين"، وغرس وعمر أرضين زراعية في أرض "يسرن"3.
ثم عاد فقطع الكلام على ما قام من أعمال عمرانية، وحوله إلى الكلام على أملاكه التي وسعها وزاد فيها، وهي:"ذ يقه ملك""ذو يقه ملك"، و"أثابن""أثأب""أثأبن"، و"مذبن""المذاب"، و"مفرشم""مفرش"، "ذ انفن""ذو انف""ذو الأنف"، و"قطنتن""القطنة" و"سفوتم""سفوت" و"سلقن""سلقان" و"ذ فدهم""ذ وفدهم"، و"ذ اوثنم""ذو أوثان"، و"دبسو""دبس"، و"مفرشم""مفرش"، و"ذ حببم""ذو حباب""ذو حبب"، و "شمرو""شمر" و"مهجوم""مهكوم""مهجم"4.
ثم عاد "كرب ايل وتر" فتكلم عى الأملاك التي حصل عليها وامتلكها،
1 الفقرة الخامسة من النص.
2 الفقرة السادسة من النص.
3 الفقرة الخامسة من النص.
4 الفقرة السادسة من النص.
فذكر أنه تملك في "طرق" موضع "عن. أن" و"حضرو" و"ششعن""ششون"1 وذكر أنه تملك موضع "فرعتم" فرعت" "فرعة" و"تيوسم" "تيوس" و"اتابن" "أثابن" "اث ب ن" في أرض "يسرن" وأنه تملك "محمين" "محميات" من حد "عقبن" "عقبان" حتى "ذي أنف"، وتملك ما يخص "حضر همو بن خل أمر" "حضر همو بن خال أمر" من أملاك، وتملك "مفعل" "مفعلم" وكل ما في أرض "ونب" وكل أرض "ونب" وكل أرض "فترم" و"قنت" وكل ما يخص "حضر همو بن خال أمر" من مدن، هي: "مفعلم" و "فترم"، و"قنت" و "جو" "كو" وكل ما فيها من حصون وقلاع وأودية ومراع، ثم ذكر أنه باع المدن والأرضين المذكورة، وهي مدن: "مفعلم"، و "فترم" و "قنت" و"جو" التي أخذها من "حضر همو بن خال كرب" وسجلها باسم قبيلته "فيشان"2.
وكان قد ذكر في آخر الفقرة السابعة من النص وقبل الفقرة الثامنة المتقدمة التي هي خاتمة النص، أنه خرج للصيد فصاد، وقدم ذلك في مذبح "لقظ" قربانًا للإله "عثتر ذي فصد"، كما قدم إليه تمثالًا من الذهب3.
وقد أدت حروب "كرب ايل" المذكورة إلى تهدم أسوار كثير من المدن التي هاجمها، فصارت بذلك مدنًا مكشوفةً، من السهل على الأعراب والغزاة مداهمتها ونهبها، ولهذا اضطر إلى إعادة تسويرها أو ترميم ما تهدم من أسوارها كما اضطر أيضًا إلى تسوير مدن لم تكن مسورة وتحصينها. وفي جملة المدن التي حصنها وسورها أو رم أسوارها، مدينة "وعلان" حاضرة "ردمان"، و "رداع" و "كدر""كدار"، ومدن أخرى4.
هذا، وأود أن ألخص الخطط التي سار "كرب ايل" عليها والحروب التي قام بها في الأرضين التي ذكر أسماءها في نصه، على الوجه الآتي: كانت
1في النص العبراني: "ششون"، وفي الترجمة الألمانية "ششعن"، راجع الفقرة السابعة من النص.
2 الفقرة الثامنة وهي الفقرة الأخيرة من النص.
3 الفقرة السابعة من النص.
4 Beitrage S 38 Glaser. 1000 B
أرض "سأد" أول أرض شرع في مهاجمتها، ثم انتقل منها إلى أرض "نقبتم""نقبت""نقبة"، ثم "المعافر" ثم سار نحو "ذبحان القشر""ذبحن قشرم"، و"شرجب""شركاب""شركب" ثم اتجه في حملته الثانية نحو "أوسان"، حيث أمر جنوده بنهب "وسر لجيأت" وبقية المواضع إلى "حمن""حمان"، وبحرق كل مدن "آنف" في أرض "معن" حول "يشبم""يشبوم" أو "الحاضنة" في الزمن الحاضر، ومدن "حبان" في وادي "حبان" و"ذياب" في أرض قبيلة "ذياب" شرق حمير في الزمن الحاضر1.
ثم أمر "كرب ايل" بنهب "نسم""نسام" وأرض "رشأى"، ثم "جردن""جردان".
وعند ذلك وجه "كرب ايل" جيشه نحو "دتنت"، حيث أصيب فيها ملك أوسان بضربة شديدة فأمر بإحراق كل مدن "دتنت" ومدينة "تفض" و "أبين"، حتى بلغ ساحل البحر، حيث أحرق ودمر المدن والقرى الواقعة عليه.
ثم عاد "كرب ايل" فضرب أرض "وسر" مرة أخرى، وأصاب قصر ملك أوسان في "مسور"، حيث هدمه، وأمر بانتزاع كل الكتابات الموجودة في معابد أوسان وتحطيمها. ثم سار بجيشه كله إلى أرض أوسان، وبعد أن قضى على كل مقاومة لهم عاد إلى بلاده.
ثم قام بغزو أرضين تقع شمال غربي سبأ، ثم وحد "سروم" وأرض "همدان" وحصن مدنهما، وأصلح وسائل الري فيها.
وحدثت بعد تلك الحروب حرب وقعت في الجنوب، في "دهس" وفي "تبنو"، حيث أحرق "كرب ايل" مدنها، ثم ألحقها كلها مع "دتنت" بسبأ وفصلت أرض "عود" من "أوسان" فضمت إلى "دهس".
وأصيب "كحد ذ سوط" بمعارك شديدة، ويظهر أنها ثارت على "كرب ايل" وأعلنت العصيان عليه، وقد ساعدها وشجعها "يذمر ملك" ملك "هرم" وبقية المدن المعينية المجاورة، مثل "نشن""نشان"، فسار جيش "كرب ايل"
1 Beitrage S، 76
إليها، وأنزل بها خسائر فادحة، وأحرق أكثر مدنها، وحاصر "نشان" مدة ثلاث سنين، مما يدل على أنها كانت مدينة حصينة جدًّا، نحى ملكها عنها، ثم انصرف "كرب ايل" إلى إعادة تنظيم الأرضين التي استولى عليها، وإلى تعيين حكام جدد للمناطق التي استسلمت له، وإلى إصلاح أسوار المدن ووسائل الدفاع والري1.
وأما الحملة الأخيرة من حملاته الصغيرة، فكانت على "مهأمر""ممه أمر" و"أمر" حيث بلغت أرض نجران2.
لقد أضرت حروب "كرب ايل وتر" المذكور ضررًا فادحًا بالعربية الجنوبية فقد أحرق أكثر الأماكن التي استولى عليها، وأمر بقتل من وقع في أيدي جيشه من المحاربين، ثم أمر بإعمال السيف في رقاب سكان المدن والقرى المستسلمة فأهلك خلقًا كثيرًا. ونجد سياسة القتل والإحراق هذه عند غير "كرب ايل" أيضًا، وهي سياسة أدت إلى تدهور الحال في اليمن وفي بقية العربية الجنوبية، وإلى إندثار كثير من المواضع بسبب إحراقها وهلاك أصحابها.
وقد عثرت بعثة "وندل فيلبس" في اليمن على كتابة وسمتها البعثة بـjamme 819 جاء فيها: "وبكر آل وبسمه"3. أي "وبكرب ايل وسمه"، وحرف الواو هنا في واو القسم، والكتابة من بقايا كتابة أطول تهشمت فلم يبق منها غير الجملة المذكورة، وقد ذهب "جامه" Jamme ناشرها إلى أنها من عهد سابق لحكم المكربين، وقدر زمن كتابتها القرن الثامن أو السابع قبل الميلاد4.
كما عثرت تلك البعثة على كتابات أخرى وسمت بـ Jamme 550 وبـjamme 552 وبـjamme 555 وبـjamme 557 وردت فيها أسماء لم تذكر بعدها جملة "مكرب سبأ" على عادة الكتابات، غير أن ظاهرة النص، والألفاظ المستعملة فيه، مثل:"قين يدع ايل بين"، يدلان على أنها أسماء "مكربين" حكموا سبأ قبل عهد الملوك.
1 Beitrage، S.، 76
2 Beitrage، S.، 77
3 Sabaen Inscriptions from Mahram Bllqis (Marib) ، By A. Jamme، John
4 Hopkins Press، Baltimore، 1962، Mahram، P. 389
فقد دون في النصف الأول من النص jamme 550 أسماء المكربين: "يدع آل بين""يدع ايل بين" و"يكرب ملك وتر""يكر بملك وتر"، و"يثع أمر بين"، ودون في النصف الثاني من أسماء "يدع آل بين"، "يدع ايل بين" و"يكرب ملك وتر""يكرب بملك وتر"، و"يثع أمر بين"، و"كرب آل وتر""كرب ايل وتر"، أي الأسماء المذكورة في النصف الأول نفسها، ما خلا اسم "كرب ايل وتر"، فنحن في هذا النص بنصفيه أمام أربعة مكربين، كانوا من "مذمرم" أي من بني "مذمر"1.
ومدون النص والآمر بكتابته شخص اسمه "تبع كرب""تبعكرب"، وكان كاهنًا "رشو" للإلهة "ذت غضرن""ذات غضران"، أي كناية عن الشمس، كما كان بدرجة "قين"، أي موظف كبير مسئول عن الأمور المالية للدولة أو للمعبد، كأن يتولى إدارة الأموال، وكان "قينًا" لمعبد "سحر"، أي المتولي لأموره المالية والمشرف على ما يصل إلى المعبد من حقوق ومعاملات وعقود من تأجير الحبوس الموقوفة عليه، كما كان قينًا للمكربين المذكورين.
وقد ذكر في نصه أنه أمر ببناء جزء من جدار معبد "المقه" من الحد الذي يحد أسفل الكتابة أي قاعدتها إلى أعلى المعبد، كما أمر ببناء كل الأبراج وما على السقف من أبنية ومتعلقاتها، وذلك عن أولاده وأطفاله وأمواله وعن كل ما يقتنيه "هقنيهو" وعن كل نخيله "انخلهو" بـ "اذنت""ادنة" وبـ "كتم" وبـ"ورق" وبـ"ترد" وبـ"وغمم""وغم" وبـ "عسمت""عسمة" وبـ"برام" وبـ"سحم" وبـ"مطرن بيسرن"، أي بمنطقة "مطرن" التي في أرض "يسرن""يسران"، وهي تسقى الماء بواسطة قناطر تعبر فوقها المياه، وبمنطقة "ردمن""ردمان" من أرض "يسرن""يسران"، التي تروى بمياه السدود، وبأرض "مخضن" الواقعة بـ"يهدل".
وقد قام بهذا العمل أيضًا؛ لأن المقه أوحى في قلبه أنه سيهبه غلامًا؛ ولأن "يكرب ملك وتر"، اختاره ليشرف على إدارة الأعمال المتعلقة بالحرب التي وقعت بين قتبان وسبأ وقبائلها، فقام بما عهد إليه، وذلك لمدة خمس سنين، وأدى ما كان عليه أن يؤديه على أحسن وجه؛ ولأن الإله "المقه" حرس
1 الفقرة 12 و 13 من النص.jamme 550 Mahram pp 9
ووقى كل السبئيين وكل القبائل الأخرى التي اشتركت معهم وكل المشاة "ارجل" الذين أرسلوا على مدينة "تهرجب"1؛ ولأن إلهه حفظه ومكنه من إدارة الأعمال التي عهد الملك إليه، فتولى أمر سبأ والقبائل التي كانت معها، ووجه الأمور أحسن وجه ضد الأعمال العدوانية التي قام بها أهل "تهرجب" وغيرهم ضد سبأ، في خلال سنتين كاملتين، حتى وفقه الإله لعقد سلام "سلم" بين سبأ وقتبان فأثابه "يثع أمر بين" على ما صنع2.
ويظهر من هذا النص أن "تبع كرب""تبعكرب"، الكاهن "رشو" و"القين" كان من كبار الملاكين في سبأ في أيامه له أرضون وأملاك واسعة في أماكن متعددة من سبأ، وقد كانت تدر عليه أرباحًا كبيرة وغلة وافرة، يضاف إلى ذلك ما كان يأتيه من غلات المعبد الذي يديره والنذور التي تنذر للإله "سحر"، ثم الأرباح التي تأتيه من وظيفته في الدولة.
ويظهر أنه كتب نصه المذكور بعد اعتزاله الخدمة لتقدمه في السن، في أوائل أيام حكم "كرب ايل وتر" ولذلك تكون جميع الحوادث والأعمال التي أشار إليها قد وقعت في أيام حكم المذكورين إلى ابتداء حكم "كرب ايل وتر" التي ذكر من أجل ذلك في آخر أسماء هؤلاء الحكام وفي القسم الأخير من النص.
ويظهر من النص أيضًا أن الأعمال الحربية التي قام بها "تبعكرب"، كانت في أواخر أيام "يكرب ملك"، وامتدت إلى أوائل أيام حكم "يثع أمر بين" أرسله الأول إلى الحرب، ومنحه الثاني شهادة إتمام تلك الحرب وانتهائها، فهذا النص يبحث عن السنين الخمس التي شغلها "تبعكرب" بالأعمال الحربية3.
وأما صاحب النص: jamme 552 فهو "ابكرب""أبكرب""أبو كرب" وكان من كبار الموظفين من حملة درجة "كبر"، أي "كبير" إذ كان كبيرًا على "كمدم بن عم كرب""كمدم بن عكمركب" وهم من "شوذم""شوذ" وكان "قينًا"، أي موظفًا كبيرًا عند "يدع ايل بين" وعند "سمه علي ينف""سمه علي ينوف". وقد سجل نصه هذا عند بنائه "خخنهن" و"مذقنتن" قربة إلى الإله "المقه" ليبارك في أولاده
1 "وكل ارجل هورد عد هجرن تهرجب" القسم الثاني من النص.
2 القسم الثاني من النص.
3 Mahram p 261
وأطفاله وبيته "بيت يهر"، وفي كل عبيده ومقتنياته، وذلك في أيام المكربين المذكورين1.
وأما النص: jamme 555 فصاحبه "ذمر كرب بن أبكرب""ذمر كرب بن أبكرب"، وهو من "شوذ بم"، أي "بني شوذب"، وكان قينًا" لـ"يثع أمر" ولـ"يكرب ملك" ولـ"سمه علي" ولـ"يدع ايل" و"يكرب ملك"2. وقد دونه عند اتمامه بناء جدار معبد "المقه"، من حد الحافة الجنوبية لقاعدة حجر الكتابة إلى أعلى البناء، وذلك ليكون عمله قربة إلى الإله، ليبارك في أولاده وأسرته وذوي قرابته، وفي أملاكه وعبيده وقد ذكر أسماء الأرضين التي كان يزرعها ويستغلها، وليبارك في بيته: "بيت يهر" وفي بيته الآخر المسمى "بيت حرر" بمدينة "جهرن" "جهران" وفي أملاكه وبيوته الأخرى في أرض العشيرتين: "مهأنف" و"يبران" "يبرن" كما دونه تعبيرًا عن حمده وشكره له؛ لأنه من عليه فأعطاه كل ما أراد منه، ومن جملة ذلك تعيينه قينًا على "مأرب" واشتراكه مع "سمه علي ينف" "سمهعلي ينوف" في الحرب التي وقعت بينه وبين قتبان في أرض قتبان، فأعد لتلك الحرب العدد التي ينبغي لها3.
وقد نعت "أبكرب بن نبطكرب""ابكرب بن نبط كرب" وهو من "زلتن""زلتان" نفسه بـ"عبد""يدع ايل بين" و"سمه علي ينف"، و "يثع أمر وتر"، و"يكرب ملك ذرح" و"سمه علي ينف"، وذلك في النص: Jamme 557 وقد دونه عند قيامه ببعض أعمال الترميم والبناء في معبد "المقه"، تقربًا إلى رب المعبد "بعل أوام" الإله "المقه"، ولتكون شفيعة لديه، لكي يبارك فيه وفي ذريته وأملاكه، وقد اختتم النص بجملة ناقصة أصيب آخرها بتلف، ولم يبق منها إلا قوله:"وملك مأرب"4.
وللجملة الأخيرة من النص أهمية كبيرة؛ لأنها تتحدث عن ملك كان على مأرب في ذلك الزمن، سقطت حروف اسمه، ولم يبق منه غير الحرف الأول.
1 Jamme 552، MAMB 6، Mahram، P. 16
2 Jamme 555، MAMB 10، Magram، PP. 18، 261
3 الفقرتان الثالثة والخامسة من النص. Jamme 557، MAMB 12، Magram، P. 22
4 راجع السطر الأخير من النص. Jamme 557، MAMB 12، Magram، P. 22