الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «المدّثّر»
«1»
إن قيل: ما الحكمة من قوله تعالى:
غَيْرُ يَسِيرٍ (10) بعد قوله سبحانه:
فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (9) عَلَى الْكافِرِينَ.
قلنا: قيل معناه: أنه عسير لا يرجى أن يرجع يسيرا، كما يرجى تيسير العسير من أمور الدنيا. وقيل إنه تأكيد.
فإن قيل: ما فائدة التكرار في قوله تعالى: لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ (28) ومعناهما واحد؟
قلنا: معناه لا تبقي للكفّار لحما، ولا تذر لهم عظما. وقيل معناه لا تبقيهم أحياء، ولا تذرهم أمواتا.
فإن قيل: لم قال تعالى: وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ [الآية 31] وما سبق من وصفهم، بالاستيقان وازدياد الإيمان، دلّ على انتفاء الارتياب والجمل كلّها متعلّقة بعدد خزنة النار.
والمعنى يستيقن الذين أوتوا الكتاب أن ما جاء به محمّد (ص) حق، حيث أخبر عن عدد خزنة النار بمثل ما في التوراة، ويزداد الذين آمنوا من أهل الكتاب إيمانا بالنبي (ص) والقرآن، حيث وجدوا ما أخبرهم به مطابقا لما في كتابهم؟
قلنا فائدته التأكيد، والتعريض أيضا بحال من عداهم من الشاكّين، وهم الكفّار والمنافقون فمعناه: ولا يرتاب هؤلاء كما ارتاب أولئك.
فإن قيل: لم قال تعالى: ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا [الآية 31] يعني حصر
(1) . انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، غير مؤرّخ.
عدد الخزنة في تسعة عشر، وذلك ليس بمثل.
قلنا: هو استعارة، من المثل المضروب، ممّا وقع غريبا وبديعا في الكلام، استغرابا منهم لهذا العدد، واستبداعا له والمعنى: أي شيء أراد الله بهذا العدد العجيب، وأيّ حكمة قصد في جعل الخزنة تسعة عشر لا عشرين. الثاني: أنّ المثل هنا بمعنى الصفة، كما في قوله تعالى: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ [الرعد: 35] ماذا أراد الله بهذا العدد، صفة للخزنة.
فإن قيل: لم طابق قوله تعالى: ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) ، وهو سؤال للمجرمين، قوله تعالى: يَتَساءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) وهو سؤال عنهم، وإنما المطابق: يسألون المجرمين أو يتساءلون عن المجرمين ما سلكهم في سقر: أي يسأل أهل الجنة بعضهم بعضا عن أهل النار؟
قلنا. قوله تعالى: ما سَلَكَكُمْ [الآية 42] ليس بيانا للتساؤل عنهم، وإنما هو حكاية قول المسؤولين عن المجرمين فالمسؤولون من أهل الجنّة ألقوا إلى السائلين ما جرى بينهم وبين المجرمين وذلك أنّ المؤمنين إذا أخرجهم الله تعالى من النار، بعد ما عذّبهم بقدر ذنوبهم، وأدخلهم الجنّة، يسألهم بعض أصحاب اليمين عن حال المجرمين، وسبب تخليدهم، فيقول المسؤولون: قلنا لهم: ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) وهؤلاء المؤمنون بعد إخراجهم من النار وإدخالهم الجنّة، صاروا من أصحاب اليمين. وقيل المراد بأصحاب اليمين، الملائكة عليهم السلام. وقيل الأطفال، لأنهم لا يرتهنون بذنوب، إذ لا ذنوب لهم.