الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التقاء نفسين وقلبين وروحين وبتعبير شامل التقاء إنسانين، تربط بينهما حياة مشتركة، وآمال مشتركة، وآلام مشتركة، ومستقبل مشترك، يلتقي في الذّرّيّة المرتقبة، ويتقابل في الجيل الجديد، الذي ينشأ في العشّ المشترك، الذي يقوم عليه الوالدان حارسين لا يفترقان» .
وقد حظيت تشريعات الأسرة بعناية القرآن والسّنّة، والفقه الإسلامي والدراسات الإسلامية.
وندرك، من روح الدين الإسلامي ومن تشريعاته، رغبته في استقرار الأسرة، واستمرار الرابطة الزوجية.
وفي كتب الصّحاح حشد رائع من الأحاديث النبوية الشريفة تتضمن التوصية بالنساء، وإحسان معاملتهن، وتطييب خواطرهنّ وتجعل طاعة المرأة لزوجها فريضة، ومحافظتها على بيته وسرّه وأولاده حقّا واجبا، ورعايتها لما تحت يدها أمانة وتحثّ الزوجين على تقوية الروابط بينهما، والتعاون من أجل وحدة الهدف واستبقاء الحياة الزوجية، وتربية الأبناء والذّرّيّة، فيقول النبي (ص) :«استوصوا بالنساء خيرا» . ويقول عليه الصلاة والسلام:
«كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيّته.
الرجل راع وهو مسؤول عن رعيّته، والمرأة في بيت زوجها راع وهي مسؤولة عن رعيّتها.. وكلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيّته» .
الطلاق
نزل القرآن الكريم من عند العليم الخبير، البصير بالنفوس وطبائعها، والعواطف وجموحها، والغرائز وتكوينها فقد تصاب سفينة الحياة الزوجية ببعض الصّدمات والاضطرابات، وعندئذ يوصي القرآن الرجل بالتريّث والترقّب، وعدم اتّباع الهوى ونزوات الغضب.
فإذا اشتد الخلاف بين الزوجين، وكثر النزاع بينهما، فلا مانع من التّفاهم بالمعروف على نقاط الخلاف، ودراسة أسباب النزاع، ليتعرّف كلّ طرف على ما يؤلمه من الطرف الاخر، وهذه المعرفة يمكن أن تكون وسيلة عملية إلى أن يتجنّب كلّ طرف ما يؤلم شريك حياته، أو يخفف من هذه الآلام وهذا نوع من استدامة العشرة أو تحمل المسيرة.
فإذا لم يجد التفاهم الشخصيّ بين الزوجين، وتفاقمت الأمور وتحوّلت إلى النّفور والنشوز، والرّغبة في الإعراض والفرار، فليس الطلاق أوّل خاطر يهدي اليه الإسلام، بل لا بدّ من محاولة يقوم بها الآخرون، وتوفيق يحاوله أهل الخبرة والتجربة، أو أهل العلم والمعرفة بشئون الحياة الزوجية، أو بعض الأقارب المحنّكين. قال تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُما إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً خَبِيراً (35)[النساء] .
وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ [النساء: 128] .
وفي نصوص القرآن والسنة والآثار ما يحضّ على استبقاء الحياة الزوجية، والقناعة والرّضا، وعدم التطلّع إلى الآخرين.
قال تعالى: لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ [الحجر: 88] .
ويقول النبي (ص)«إن الله لا يحبّ الذوّاقين ولا الذوّاقات، فإذا تزوّجتم فلا تطلّقوا» .
وجاء رجل إلى سيّدنا عمر رضي الله عنه، يريد أن يطلّق زوجته، فسأله عمر عن السبب، فقال الرجل إنّي لا أحبّها، فقال له عمر: أو كلّ البيوت تبنى على الحبّ؟ فأين التذمّم وأين الوفاء؟ أي إنك أعطيت زوجتك أملا وعهدا صادقا، وذمّة بأن تكون لك، فاتق الله في هذا العهد، وهذه الذمة، وهذا الأمل فلا تهدم بيتك بيدك، ولا تخيّب آمالا تعلّقت بك.
وقد سمّى الله الزواج ميثاقا غليظا، ثمّ حثّ على حسن العشرة، أو على الفراق بالمعروف، والإحسان إلى الزوجة ومكارمتها، وترك بعض الأموال والمهر تطييبا لخاطرها، وتعويضا لها عمّا أصابها من أضرار.