المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌الجزء العاشر

- ‌توضيح

- ‌سورة التغابن 64

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «التغابن»

- ‌مع السورة

- ‌روابط الأسرة

- ‌المعنى الإجمالي للسورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «التغابن»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌الإنذار بعذاب الدنيا والاخرة الآيات [1- 18]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «التغابن»

- ‌المبحث الرابع المعاني اللغوية في سورة «التغابن»

- ‌المبحث الخامس لكل سؤال جواب في سورة «التغابن»

- ‌المبحث السادس المعاني المجازية في سورة «التغابن»

- ‌سورة الطّلاق 65

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «الطلاق»

- ‌العناية بالأسرة

- ‌الطلاق

- ‌مع السورة

- ‌المعنى الإجمالي للسورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الطلاق»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌حكم الطلاق والعدة الآيات [1- 12]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «الطلاق»

- ‌المبحث الرابع المعاني اللغوية في سورة «الطلاق»

- ‌المبحث الخامس لكل سؤال جواب في سورة «الطلاق»

- ‌سورة التّحريم 66

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «التحريم»

- ‌قصة التحريم

- ‌تحريم مارية

- ‌تحريم العسل

- ‌النبيّ (ص) يهجر نساءه

- ‌اصطفاء الرسول (ص)

- ‌مع السورة

- ‌المعنى الإجمالي للسورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «التحريم»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌قصة التحريم الآيات [1- 12]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «التحريم»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «التحريم»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «التحريم»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «التحريم»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «التحريم»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «التحريم»

- ‌سورة الملك 67

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «الملك»

- ‌مطلع السورة

- ‌مع آيات السورة

- ‌المعنى الإجمالي للسورة

- ‌أسماء السورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الملك»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌الدعوة الى الإيمان بالله تعالى الآيات [1- 30]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «الملك»

- ‌المبحث الرابع لغة التنزيل في سورة «الملك»

- ‌المبحث الخامس المعاني اللغوية في سورة «الملك»

- ‌المبحث السادس لكل سؤال جواب في سورة «الملك»

- ‌المبحث السابع المعاني المجازية في سورة «الملك»

- ‌سورة القلم 68

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «القلم»

- ‌مع آيات السورة

- ‌قصة يونس

- ‌المعنى الإجمالي للسورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «القلم»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌تثبيت النبي (ص) الآيات [1- 52]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «القلم»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «القلم»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «القلم»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «القلم»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «القلم»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «القلم»

- ‌سورة الحاقّة 69

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «الحاقّة»

- ‌مع آيات السورة

- ‌المعنى الإجمالي للسورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الحاقّة»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌إثبات يوم القيامة الآيات [1- 52]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «الحاقّة»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «الحاقّة»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «الحاقّة»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «الحاقّة»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «الحاقّة»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «الحاقّة»

- ‌سورة المعارج 70

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «المعارج»

- ‌تنوع أساليب القرآن

- ‌مع آيات السورة

- ‌مجمل ما تضمنته السورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «المعارج»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌بيان قرب العذاب الآيات [1- 44]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «المعارج»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «المعارج»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «المعارج»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «المعارج»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «المعارج»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «المعارج»

- ‌سورة نوح 71

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «نوح»

- ‌فكرة السورة

- ‌أهداف الرسالات

- ‌مع آيات السورة

- ‌المعنى الإجمالي للسورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «نوح»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌قصة نوح الآيات [1- 28]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «نوح»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «نوح»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «نوح»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «نوح»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «نوح»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «نوح»

- ‌سورة الجنّ 72

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «الجنّ»

- ‌أوهام عن الجن

- ‌الجن في القرآن

- ‌استماع الجن للقرآن

- ‌أسماء السورة

- ‌مع آيات السورة

- ‌المقصد الإجمالي للسورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الجن»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌قصة إيمان بعض الجن الآيات [1- 28]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «الجن»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «الجن»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «الجن»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «الجن»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «الجن»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «الجن»

- ‌سورة المزّمّل 73

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «المزّمّل»

- ‌مع آيات السورة

- ‌خلاصة أحكام السورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «المزّمّل»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌تهيئة النبي (ص) للدعوة الآيات [1- 20]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «المزّمّل»

- ‌المبحث الرابع لغة التنزيل في سورة «المزّمّل»

- ‌المبحث الخامس المعاني اللغوية في سورة «المزّمّل»

- ‌المبحث السادس لكل سؤال جواب في سورة «المزّمّل»

- ‌المبحث السابع المعاني المجازية في سورة «المزّمّل»

- ‌سورة المدّثّر 74

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «المدّثّر»

- ‌مع آيات السورة

- ‌مقاصد السورة إجمالا

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «المدّثّر»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌استنهاض النبي (ص) للدعوة الآيات [1- 56]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «المدّثّر»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «المدّثّر»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «المدّثّر»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «المدّثّر»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «المدّثّر»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «المدّثّر»

- ‌سورة القيامة 75

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «القيامة»

- ‌مع آيات السورة

- ‌مقصود السورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «القيامة»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌إثبات البعث الآيات [1- 40]

- ‌المبحث الثالث مكنونات سورة «القيامة»

- ‌المبحث الرابع لغة التنزيل في سورة «القيامة»

- ‌المبحث الخامس المعاني اللغوية في سورة «القيامة»

- ‌المبحث السادس لكل سؤال جواب في سورة «القيامة»

- ‌المبحث السابع المعاني المجازية في سورة «القيامة»

- ‌سورة الإنسان 76

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «الإنسان»

- ‌تسلسل أفكار السورة

- ‌مع آيات السورة

- ‌مجمل ما تضمنته السورة

- ‌أسماء السورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الإنسان»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌أثر الشرائع في رفعة الإنسان الآيات [1- 31]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «الإنسان»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «الإنسان»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «الإنسان»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «الإنسان»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «الإنسان»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «الإنسان»

- ‌الفهرس

- ‌سورة «التغابن»

- ‌سورة «الطلاق»

- ‌سورة «التحريم»

- ‌سورة «الملك»

- ‌سورة «الحاقة»

- ‌سورة «المعارج»

- ‌سورة «نوح»

- ‌سورة «الجن»

- ‌سورة «المزمل»

- ‌سورة «المدثر»

- ‌سورة «القيامة»

- ‌سورة «الإنسان»

الفصل: ‌مع آيات السورة

‌المبحث الأول أهداف سورة «الحاقّة»

«1»

سورة الحاقّة سورة مكّيّة، آياتها 52 آية، نزلت بعد سورة الملك.

هي نموذج للسورة المكّيّة، التي تستولي على القلوب، بأهوالها ومشاهدها، وأفكارها المتتابعة، وفواصلها القصيرة.

في بداية السّورة نلحظ هذه الرهبة من اسمها، الحاقّة، لأنّ وقوعها حقّ يقينيّ ثمّ تصف مصارع المكذبين، من ثمود الى عاد الى فرعون ثمّ تنتقل الى مشاهد القيامة وأهوالها وصورها، وتنوّع الناس إلى فريقين، فريق يأخذ كتابه باليمين، وفريق يأخذ كتابه بالشّمال ويلقى كل فريق ما يستحق.

وفي المقطع الأخير من السورة، تؤكّد الآيات صدق رسول الله، وتنفي عنه تهم المشركين، وتثبت أنّ القرآن حقّ يقين، من عند رب العالمين.

‌مع آيات السورة

[الآيات 1- 3] : الْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ (2) وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ (3) .

القيامة ومشاهدها وأحداثها تشغل معظم هذه السورة، ومن ثمّ تبدأ السورة باسم من أسماء القيامة:

(الحاقّة) : أي الساعة الواجبة الوقوع، الثابتة المجيء، وهي آتية لا ريب فيها، من «حقّ يحق» ، بالكسر، أي «وجب» .

وهذا المطلع يوحي بقدرة القدير، وضعف الإنسان فهو لن يترك سدى، بل أمامه يوم كلّه حقّ وعدل.

(1) . انتقي هذا الفصل من كتاب «أهداف كلّ سورة ومقاصدها» ، لعبد الله محمود شحاته، الهيئة العامة للكتاب، القاهرة، 1979- 1984.

ص: 119

والألفاظ في السورة توحي بهذا المعنى وتؤكده:

الْحَاقَّةُ ثم يتبعها باستفهام حافل بالاستهوال والاستعظام مَا الْحَاقَّةُ ما هي؟ أيّ شيء هي؟ أي حقّها أن يستفهم عنها لعظمها، وهذا أسلوب من الكلام يفيد التفخيم والمبالغة في الغرض الذي يساق له.

وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ (3) أيّ شيء أعلمك ما هي، فهي خارجة عن دائرة علم المخلوقات، لعظم شأنها، ومدى هولها وشدّتها ثم يسكت الأسلوب فلا يجيب عن هذا السؤال لتذهب النفس في هوله وشدته كل مذهب.

ومن أسماء القيامة الحاقة، والقارعة لأنّها تقرع القلوب بأهوالها.

[الآيتان 4- 5] : تصف ما أصاب ثمود من العذاب وثمود كانت تسكن الحجر في شمالي الحجاز، بين الحجاز والشام، وقد كذبوا نبيّهم، فأرسل الله عليهم صيحة أهلكتهم وسمّيت الصيحة هنا طاغية، لأنّها جاوزت الحدّ في الشّدّة وسمّيت، في سور أخرى، بالصاعقة وبالرجفة والزّلزلة وهي صفات للصيحة تبيّن أثرها فيمن نزلت بهم.

[الآيات 6- 8] : تصف قصّة هلاك عاد، وقد كذبوا رسولهم، فأرسل الله عليهم ريحا باردة عاتية، استمرّت سبع ليال وثمانية أيام، حُسُوماً متتابعة، حتى هلك القوم أجمعون وقد كانوا يسكنون بالأحقاف، في جنوب الجزيرة بين اليمن وحضرموت، وكانوا أشدّاء بطّاشين جبّارين وكان الجزاء من جنس العمل.

[الآيتان 9- 10] : تصفان مجيء فرعون ومن تقدّمه من الأمم التي كفرت بآيات الله، كقوم نوح وعاد وثمود، والقرى التي ائتفكت بأهلها، أي انقلبت بهم، وهي قرى قوم لوط.

فقد عصى هؤلاء رسل الله، الذين أرسلوا إليهم، فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر.

[الآيتان 11- 12] : ترسمان مشهد الطوفان والسفينة الجارية، وتشيران بهذا المشهد إلى مصرع قوم نوح حينما كذّبوا، وتمتنّان على البشر بنجاة أصولهم التي انبثقوا منها. والمشهور أن الناس كلهم من سلائل نوح وذريته.

[الآيات 13- 18] : تصف أهوال القيامة وأحداثها، فإسرافيل ينفخ في الصور، وتسوّى الأرض والجبال،

ص: 120

وتدكّ كالكرة فيستوي عاليها بأسفلها عندئذ نزلت النازلة، وجاءت القيامة.

وقد انفرط عقد الكون المنظور، واختلّت روابطه وضوابطه التي تمسك به، فترى السماء مشقّقة واهية مسترخية، ساقطة القوة بعد ما كانت محكمة. والسماء مسكن الملائكة، فإذا انشقت تعلّق الملائكة بجوانبها وأطرافها، والعرش فوقهم يحمله ثمانية: ثمانية أملاك، أو ثمانية صفوف منهم، أو ثمانية أصناف، أو طبقات من طبقاتهم، أو ثمانية مما يعلم الله، ولا ندري نحن من هم ولا ما هم.

يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ (18) فالكلّ مكشوف، مكشوف الجسد، مكشوف النفس، مكشوف الضمير، مكشوف المصير.

ألا إنه لأمر عصيب، وقوف الإنسان عريان الجسد، عريان النفس، عريان المشاعر، عريان التاريخ، عريان العمل، ما ظهر منه وما استتر، أمام تلك الحشود الهائلة من خلق الله من الإنس والجن والملائكة، وتحت جلال الله وعرشه المرفوع فوق الجميع.

[الآيات 19- 24] : تصف مشهد المؤمن الناجي، وهو ينطلق في فرحة غامرة بين الجموع الحاشدة، وتملأ الفرحة جوانحه فيهتف: اقرءوا كتابي فأنا من الناجين، لقد أيقنت بالجزاء والحساب. فيعيش حياة ناعمة، في جنّة عالية، ثمارها قريبة التناول، ويقول لهم ربّهم جل ثناؤه: كلوا وتمتّعوا جزاء عملكم السابق، وطاعتكم لربكم.

[الآيات 25- 29] : تصف حسرة المشرك، وبؤسه ويأسه، فهو يتمنّى أنّه لم يأت للموقف، ولم يؤت كتابه، ولم يدر ما حسابه، كما يتمنّى أن لو كانت هذه القارعة هي القاضية، التي تنهي وجوده أصلا، فلا يعود بعدها شيئا.

ثمّ يتحسّر أن لا شيء نافعه مما كان يعتز به أو يجمعه، فلا المال أغنى أو نفع، ولا السلطان بقي أو دفع، والرّنّة الحزينة الحسيرة المديدة في طرف الفاصلة الساكنة، وفي ياء العلة بعد المد بالألف، في تحزّن وتحسّر، تشعر بالحسرة والأسى والحزن العميق.

[في الآيات 30- 32] : يقال لملائكة العذاب خذوه إلى جهنّم، فيبتدره سبعون ألف ملك، كلّهم يبادر إلى جعل الغلّ في عنقه، ويتقدّم

ص: 121

ليصطلي نار الجحيم ويشوى بها، ويدخل في سلسلة طولها سبعون ذراعا تلفّ على جميع جسمه وذراع واحد من سلاسل النار تكفيه، ولكن الآية تكشف عن شدة العذاب وهوله، حفظنا الله من عذاب النار.

[الآيتان 33- 34] : تذكّران أسباب العذاب والسعير، فقد خلا قلب هذا الكافر من الإيمان بالله، كما خلا قلبه من الرحمة بالعباد، ومن العطف على المساكين، ومن الحثّ على إطعامهم والبرّ بهم.

[الآيات 35- 37] : تخبرنا أنّ الكافر لا يجد له صديقا ولا حميما يؤنسه، ولا يأكل الا غسالة أهل جهنم من القيح والصديد، وهو طعام لا يأكله إلّا المذنبون، المتصفون بالخطيئة، فليتّق الله كلّ غنيّ في ماله، وليعلم أنّ للمساكين والأرامل والشيوخ والأطفال حقا في هذا المال، وسيترك المال لورثته ويسأل هو عن زكاته.

[الآيات 38- 43] : تبيّن لنا أنّ الوجود أضخم بكثير ممّا يرى البشر، والكون مملوء بعقول فعّالة غير عقولنا.

«إنّ الإنسان قد يكون جهازا، ولكن من الذي يدير هذا الجهاز؟ لأنه بدون أن يدار لا فائدة منه، والعلم لا يعلل من يتولى إدارته، وكذلك لا يزعم أنه مادي. لقد بلغنا من التقدم درجة تكفي لأن نوقن بأن الله سبحانه قد منح الإنسان قبسا من نوره» «1» .

والآيات تقسم بما تشاهدون من المخلوقات وبما غاب عنكم. وقال عطاء: ما تبصرون من آثار القدرة، وما لا تبصرون من أسرار القدرة.

إن القرآن كلام الله ومنهج الله وشريعة الله، وليس قول شاعر ولا قول كاهن انّما هو قول رسول أرسل به من عند الله، فحمله الى عباد الله بأمانة وإخلاص في تبليغ الرسالة.

في [الآيات 44- 46] : أن قدرة الله قدرة بالغة، ولو تقوّل محمّد بعض الأقاويل، لعاجلناه بالعقوبة، وأزهقنا روحه، فكان كمن قطع وتينه. وهذا تصوير للهلاك بأفظع ما يفعله الملوك بمن يغضبون عليه، إذ يأخذه السيّاف بيمينه، ويكفحه بالسيف ويضرب عنقه.

(1) . أ. كريسى موريسون. رئيس أكاديمية العلوم في نيويورك. في كتابه المترجم. بعنوان «العلم يدعو الى الايمان» .

ص: 122