الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الملك»
«1»
تاريخ نزولها ووجه تسميتها
نزلت سورة الملك بعد سورة الطّور، ونزلت سورة الطور بعد الإسراء وقبيل الهجرة، فيكون نزول سورة الملك في ذلك التاريخ أيضا.
وقد سميت هذه السورة بهذا الاسم، لقوله تعالى في أولها: تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) .
وتبلغ آياتها ثلاثين آية.
الغرض منها وترتيبها
الغرض من هذه السورة الدعوة إلى الإيمان بالله تعالى، وقد جمع فيها بين دعوتهم بالدليل ودعوتهم بالترهيب والترغيب، فاتّصل سياقها بما ختمت به سورة التحريم من ترهيب المخالفين وترغيبهم وهذا هو وجه المناسبة بين السورتين.
الدعوة الى الإيمان بالله تعالى الآيات [1- 30]
قال الله تعالى: تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) فذكر أنّ الملك بيده وحده، وأنه على كل شيء قدير، وأنه خلق الموت والحياة ليبلونا: أيّنا أحسن عملا، وأنه خلق سبع سماوات طباقا لا تفاوت في خلقها ولا فطور، وأنه زيّن السماء الدنيا بمصابيح من الكواكب وجعلها رجوما بالغيب لشياطين الإنس، وأعدّ لهم خاصّة عذاب السعير، وأعدّ
(1) . انتقي هذا المبحث من كتاب «النظم الفنّي في القرآن» ، للشيخ عبد المتعال الصعيدي، مكتبة الآداب بالجمايز- المطبعة النموذجية بالحكمية الجديدة، القاهرة، غير مؤرّخ.
للكافرين عامّة عذاب جهنم وبئس المصير. وقد فصّل السياق من هولها ما فصّل ثمّ ذكر، سبحانه، أن الذين يخشونه لهم مغفرة وأجر كبير، ليجمع بهذا بين الترهيب والترغيب ثمّ هدّدهم بأنّه يعلم سرّهم وجهرهم، فيحاسبهم على كلّ أعمالهم واستدلّ على علمه بخلقه لهم، وأنه لطيف خبير وذكر، على سبيل التهديد أيضا، أنّه مهّد لهم الأرض وهيّأ لهم فيها أسباب الرزق، فإذا أصرّوا على كفرهم فإنهم لا يأمنون أن يخسفها بهم، أو يرسل حاصبا من الريح فيهلكهم ثمّ أكّد ذلك التخويف بالمثال والدليل، وذكر المثال في ما فعله بمن أصرّ على الكفر قبلهم، وذكر الدليل في إمساكه الطير فوقهم ثم ذكر أنه، إن أراد عذابهم، فإنه لا ينجيهم منه ما يملكون من قوّة وجند، وإن أمسك رزقه فإنه لا يرزقهم ما يتّخذون من آلهة ثم ذكر أنهم يعلمون ذلك ولكنهم يلجّون في عتوّ ونفور وأيد ما ذكره من وضوح أمرهم بتمثيل حالهم بمن يمشي مليّا على وجهه، وتمثيل حال المؤمنين بمن يمشي سويّا على صراط مستقيم، ثم عاد السياق إلى ذكر الدليل، فذكر أنه، جلّ شأنه، هو الذي أنشأهم وجعل لهم السمع والأبصار والأفئدة، وأنه هو الذي ذرأهم في الأرض وإليه يحشرون.
ثم ذكر أنهم يقولون على سبيل الاستهزاء متى هذا الوعد بالعذاب؟
وأمر النبي (ص) أن يجيبهم بأنّ علمه عنده، وليس عليه إلّا أن ينذرهم به، وبأنّهم حينما يرونه قريبا منهم تساء وجوههم، ويقال لهم توبيخا: هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (27) أي تطلبون ثمّ أمره أن يخبرهم بأنه، إن مات هو ومن معه أو تأخّر أجلهم، فإنه لا بد من عذابهم، ولا أحد يجيرهم منه ثمّ ختم السورة بأمره أن يذكر لهم أنه آمن به هو ومن معه وتوكّلوا عليه وأنّهم سيعلمون من هو في ضلال مبين: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ (30) .