الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول
أهداف سورة «محمّد» (ص)
«1»
هي سورة مدنية، نزلت بعد سورة «الحديد» ولها اسمان: سورة «محمد» (ص) ، وسورة «القتال» .
والقتال عنصر بارز في السورة، بل هو موضوعها الرئيس، فقد نزلت بعد غزوة بدر وقبل غزوة الأحزاب، أي في الفترة الأولى من حياة المسلمين بالمدينة، حيث كان المؤمنون يتعرّضون لعنت المشركين، وكيد المنافقين، ودسائس اليهود.
يمكن أن نقسم سورة «محمد» (ص) الى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: يحرّض على قتال المشركين ويحثّ عليه، ويشمل الآيات [1- 15] .
القسم الثاني: يفضح المنافقين ويكشف نفاقهم، ويشمل الآيات [16- 30] القسم الثالث: يدعو المسلمين الى مواصلة الجهاد بالنفس والمال، ويشمل الآيات [31- 38] .
1- التحريض على قتال المشركين
تبدأ السورة بالهجوم على المشركين، وتبيّن هلاكهم وضياعهم وضلالهم. لقد سلب الله عنهم الهدى والتوفيق، فاتّبعوا الباطل وانحرفوا الى الضلال. أمّا المؤمنون، فقد آمنوا بالله ورسوله، فكفّر الله ذنوبهم ورزقهم صلاح البال وهدوء النفس ونعمة الرّضا واليقين.
(1) . انتقي هذا الفصل من كتاب «أهداف كلّ سورة ومقاصدها» ، لعبد الله محمود شحاته، الهيئة العامة للكتاب، القاهرة، 1979- 1984.
وشتان ما بين مؤمن راسخ الإيمان، صادق اليقين، معتمد على ربّ كريم حليم وبين كافر ضالّ يبيع الحق، ويشتري الباطل، ويفرّط في الإيمان والهدى، ويتبع الشرك والضلال.
ثم تحثّ السورة المسلمين على قتال المشركين، وقطع شوكتهم وهدم جبروتهم، وإزالة قوّتهم من طريق المسلمين: فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ وهذا الضرب بعد عرض الإسلام عليهم وإبائهم له، حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ. والإثخان شدّة التقتيل حتّى تتحطّم قوّة العدوّ وتتهاوى، فلا تعود به قدرة على هجوم أو دفاع وعندئذ يؤسر من استأسر ويشدّ وثاقه، فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً (4) ، أي إمّا أن يطلق سراحهم بعد ذلك بلا مقابل، وإمّا أن يطلق سراحهم مقابل فدية من مال أو عمل، أو في نظير إطلاق سراح المسلمين المأسورين، حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها حتى تنتهي الحرب بين الإسلام وأعدائه المناوئين له.
ولو شاء الله لانتقم من المشركين وأهلكهم كما أهلك من سبقهم بالطوفان والصيحة والريح العقيم، ولكن الله أراد أن يختبر قوة المؤمنين وأن يجعلهم سبيلا لإعزاز الدين وإهلاك الكافرين. والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضيع أعمالهم فهم شهداء، عند الله يتمتّعون بجنات خالدة ونعيم مقيم، وأرواحهم في حواصل طير خضر، تسبح حول الجنة، وتأكل من ثمارها، وتقيم في ألوان النعيم.
وقد وعد الله الشهداء بحسن المثوبة والكرامة والهداية وصلاح البال ودخول الجنة، لأنهم نصروا دين الله فسينصرهم الله ويثبّت أقدامهم، كما توعّد الكافرين بالتعاسة والضلال والهلاك جزاء كفرهم وعنادهم.
وتسوق السورة ألوانا من التهديد للمشركين، فتأمرهم أن يسيروا في الأرض فينظروا ماذا أصاب المكذّبين من الهلاك والدمار. ثم تمضي السورة في ألوان من الحديث حول الكفر والإيمان فتصف المؤمنين بأنهم في ولاية الله ورعايته، والكفّار بأنهم محرومون من هذه الولاية.
وتفرّق السورة بين متاع المؤمنين بالطيبات، وتمتّع الكافرين بلذائذ الأرض، كالحيوانات: