المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «غافر» - الموسوعة القرآنية خصائص السور - جـ ٨

[جعفر شرف الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثامن

- ‌سورة غافر 40

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «غافر»

- ‌روح السورة

- ‌موضوعات السورة

- ‌الفصل الأول: صفات الله

- ‌الفصل الثاني: رجل مؤمن يجاهد بالكلمة

- ‌الفصل الثالث: الترغيب والترهيب

- ‌الفصل الرابع: نهاية الظالمين

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «غافر»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌التمهيد بالترهيب والترغيب الآيات [1- 12]

- ‌الأمر بإخلاص العبادة لله الآيات [13- 54]

- ‌ختم السورة بالترهيب والترغيب الآيات [55- 85]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «غافر»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «غافر»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «غافر»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «غافر»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «غافر»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «غافر»

- ‌سورة فصّلت

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «فصّلت»

- ‌روح السورة

- ‌موضوعات السورة

- ‌الموضوع الأول

- ‌الموضوع الثاني

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «فصّلت»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌بيان الغرض من نزول القرآن الآيات [1- 32]

- ‌شرف الغرض الذي تدعو إليه الآيات [33- 54]

- ‌المبحث الثالث مكنونات سورة «فصّلت»

- ‌المبحث الرابع لغة التنزيل في سورة «فصّلت»

- ‌المبحث الخامس المعاني اللغوية في سورة «فصّلت»

- ‌المبحث السادس لكل سؤال جواب في سورة «فصّلت»

- ‌المبحث السابع المعاني المجازية في سورة «فصّلت»

- ‌سورة الشورى

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «الشورى»

- ‌روح السورة

- ‌موضوع السورة

- ‌الفصل الأول: وحدة أهداف الرسالات

- ‌الفصل الثاني: صفات الجماعة المسلمة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الشورى»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌اتفاق الرّسل على شرع الإسلام الآيات [1- 53]

- ‌المبحث الثالث مكنونات سورة «الشورى»

- ‌المبحث الرابع لغة التنزيل في سورة «الشورى»

- ‌المبحث الخامس المعاني اللغوية في سورة «الشورى»

- ‌المبحث السادس لكل سؤال جواب في سورة «الشورى»

- ‌المبحث السابع المعاني المجازية في سورة «الشورى»

- ‌سورة الزّخرف

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «الزخرف»

- ‌أفكار السورة

- ‌فصول السورة

- ‌1- شبهات الكافرين

- ‌2- مناقشة ومحاجة

- ‌3- من أساطير المشركين

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الزخرف»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌التمهيد لتنزيه الله سبحانه عن الأولاد الآيات [1- 14]

- ‌إبطال بنوة الملائكة الآيات [15- 56]

- ‌إبطال بنوة عيسى الآيات [57- 89]

- ‌المبحث الثالث مكنونات سورة «الزخرف»

- ‌المبحث الرابع لغة التنزيل في سورة «الزخرف»

- ‌المبحث الخامس المعاني الغوية في سورة «الزخرف» »

- ‌المبحث السادس لكل سؤال جواب في سورة «الزخرف»

- ‌المبحث السابع المعاني المجازية في سورة «الزخرف»

- ‌سورة الدّخان

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «الدخان»

- ‌أفكار السورة

- ‌فضل السورة

- ‌سياق السورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الدخان»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌إنزال يوم العذاب الآيات [1- 59]

- ‌المبحث الثالث مكنونات سورة «الدخان»

- ‌المبحث الرابع لغة التنزيل في سورة «الدخان»

- ‌المبحث الخامس المعاني اللغوية في سورة «الدخان»

- ‌المبحث السادس لكل سؤال جواب في سورة «الدخان»

- ‌المبحث السابع المعاني المجازية في سورة «الدخان»

- ‌سورة الجاثية

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «الجاثية»

- ‌الغرض من السورة

- ‌سمات السورة

- ‌منهج السورة

- ‌درسان في السورة

- ‌شبهات الكفر وأدلة الإيمان

- ‌عناد الكافرين وعقابهم يوم الدين

- ‌مشاهد القيامة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الجاثية»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌ الغرض منها وترتيبها

- ‌إثبات وجود الله تعالى الآيات [1- 23]

- ‌الرد على الدهرية الآيات [24- 37]

- ‌المبحث الثالث لغة التنزيل في سورة «الجاثية»

- ‌المبحث الرابع المعاني اللغوية في سورة «الجاثية»

- ‌المبحث الخامس لكل سؤال جواب في سورة «الجاثية»

- ‌المبحث السادس المعاني المجازية في سورة «الجاثية»

- ‌سورة الأحقاف

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «الأحقاف»

- ‌سورة الإيمان والتوحيد

- ‌أربعة مقاطع

- ‌1- نقاش المشركين

- ‌2- الفطرة السليمة والفطرة السقيمة

- ‌3- قصة عاد

- ‌4- إيمان الجن

- ‌مقصود السورة اجمالا

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الأحقاف»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌إنذار الكفار بالعذاب الآيات [1- 35]

- ‌المبحث الثالث مكنونات سورة «الأحقاف»

- ‌المبحث الرابع لغة التنزيل في سورة «الأحقاف»

- ‌المبحث الخامس المعاني اللغوية في سورة «الأحقاف»

- ‌المبحث السادس لكل سؤال جواب في سورة «الأحقاف»

- ‌المبحث السابع المعاني المجازية في سورة «الأحقاف»

- ‌سورة محمّد (ص)

- ‌المبحث الأول

- ‌أهداف سورة «محمّد» (ص)

- ‌1- التحريض على قتال المشركين

- ‌2- خصال المنافقين

- ‌3- حديث عن المشركين والمؤمنين

- ‌مقصود السورة اجمالا

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «محمّد» (ص)

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌التحريض على القتال الآيات [1- 38]

- ‌البحث الثالث أسرار ترتيب سورة «محمّد» (ص)

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «محمّد» (ص)

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «محمّد» (ص)

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «محمّد» (ص)

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «محمّد» (ص)

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «محمّد» (ص)

- ‌سورة الفتح

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «الفتح»

- ‌صلح الحديبية

- ‌بيعة الرضوان

- ‌شروط الصلح

- ‌الأحداث وسورة «الفتح»

- ‌الله يبارك بيعة الرضوان

- ‌ظهور الإسلام

- ‌وصف الصحابة

- ‌مقاصد السورة الاجمالية

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الفتح»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌التنويه بصلح الحديبية الآيات [1- 29]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «الفتح»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «الفتح»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «الفتح»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «الفتح»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «الفتح»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «الفتح»

- ‌سورة الحجرات

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «الحجرات»

- ‌الآداب العامة

- ‌منهج الحياة

- ‌معاني السورة

- ‌الإيمان قول وعمل

- ‌الهدف الاجمالي للسورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الحجرات»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌أدب المؤمنين مع الله ورسوله الآيات [1- 5]

- ‌أدب المؤمنين في سماع الأخبار الآيات [6- 8]

- ‌ترغيب المؤمنين في الصلح الآيات [9- 18]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «الحجرات»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «الحجرات»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «الحجرات»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «الحجرات»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «الحجرات»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «الحجرات»

- ‌سورة ق

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «ق»

- ‌سورة الخطبة

- ‌جاء في «ظلال القرآن»

- ‌فواتح السور

- ‌معاني سورة «ق»

- ‌رقابة الله جلّ وعلا

- ‌مشاهد القيامة

- ‌ختام السورة

- ‌أهداف السورة إجمالا

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «ق»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌إثبات الإنذار بالعذاب الآيات [1- 38]

- ‌المبحث الثالث مكنونات سورة «ق»

- ‌المبحث الرابع لغة التنزيل في سورة «ق»

- ‌المبحث الخامس

- ‌المبحث السادس لكل سؤال جواب في سورة «ق»

- ‌المبحث السابع المعاني المجازية في سورة «ق»

- ‌الفهرس

- ‌سورة «فصلت»

- ‌سورة «الشورى»

- ‌سورة «الزخرف»

- ‌سورة «الدخان»

- ‌سورة «الجاثية»

- ‌سورة «الأحقاف»

- ‌سورة «محمد» (ص)

- ‌سورة «الفتح»

- ‌سورة «الحجرات»

- ‌سورة «ق»

الفصل: ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «غافر»

‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «غافر»

«1»

إن قيل: لم قال تعالى: ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا [الآية 4] .

مع أن الذين آمنوا يجادلون أيضا فيها، أمنسوخة هي أم محكمة؟ أفيها مجاز أم كلها حقيقة؟ أمخلوقة هي أم قديمة؟ وغير ذلك.

قلنا: المراد الجدال فيها بالتكذيب، ودفعها بالباطل والطعن بقصد إدحاض الحق وإطفاء نور الله تعالى، ويدل عليه قوله تعالى عقيبه: وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ [الآية 5] .

فإن قيل: ما الحكمة في قوله تعالى في وصف حملة العرش: وَيُؤْمِنُونَ بِهِ [الآية 7] ولا يخفى على أحد أن حملة العرش يؤمنون بالله تعالى؟

قلنا: الحكمة إظهار شرف الإيمان وفضله والترغيب فيه كما وصف الأنبياء (ع) بالصلاح والإيمان في غير موضع من كتابه.

فإن قيل: في قوله تعالى: قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ [الآية 11] كيف صح أن يسمى خلقهم أمواتا إماتة؟

قلنا: هذا كما تقول: سبحان من صغّر جسم البعوضة وكبّر جسم الفيل، وكما تقول للحفّار: ضيّق فم الركيّة ووسّع أسفلها، وليس فيهما نقل من كبر إلى صغر ومن صغر إلى كبر، ولا من سعة إلى ضيق ولا من ضيق إلى سعة وإنما أردت الإنشاء على تلك الصفات. والسبب في صحته أن الصّغر

(1) . انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، غير مؤرّخ.

ص: 23

والكبر جائزان معا على ذات المصنوع الواحد من غير ترجيح لأحدهما، وكذلك الضيق والسعة وإذا اختار الصانع أحد الجائزين، وهو متمكن منهما على السواء، فقد صرف المصنوع عن الجائز الآخر، فجعل صرفه عنه كنقله منه.

فإن قيل: قوله تعالى: لا يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ [الآية 16] بيان وتقرير لبروزهم في قوله تعالى: يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ [الآية 16] والله تعالى لا يخفى عليه شيء، برزوا أو لم يبرزوا؟

قلنا: معناه لا يخفى على الله منهم شيء في اعتقادهم أيضا، فإنهم كانوا في الدنيا يتوهّمون إذا تستّروا بالحيطان والحجب أنّ الله لا يراهم، ويؤيده قوله تعالى: وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ (22)[فصلت] .

فإن قيل: لم قال المؤمن في حق موسى (ع) كما ورد في التنزيل: وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ [الآية 28] مع أنه صادق في زعم القائل لهذا القول، وفي نفس الأمر أيضا، ويلزم من ذلك أن يصيبهم جميع ما وعدهم لا بعضه فقط؟

قلنا: فيه وجوه: أحدها أن لفظة بعض صلة. الثاني: أنها بمعنى «كل» كما في قول الشاعر:

إنّ الأمور إذا الأحداث دبّرها دون الشّيوخ ترى في بعضها خللا ومنه قول لبيد:

أولم تكن تدري نوار بأنني

وصّال عقد حبائل جذّامها

ترّاك أمكنة إذا لم أرضها

أو يرتبط بعض النّفوس حمامها

قلنا: ولقائل أن يقول: إن لفظة بعض في البيتين على حقيقتها، وكنى لبيد ببعض النفوس عن نفسه، كأنه قال: أتركها إلى أن أموت، وكذا فسّره ابن الأنباري على أنّ أبا عبيدة قال:

إن لفظة «بعض» في الآية بمعنى كل، واستدل ببيت لبيد وأنكر الزمخشري على أبي عبيدة هذا التفسير على أن غير أبي عبيدة قال في قوله تعالى حكاية عن عيسى (ع) لأمّته: وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ [الزخرف/ 63] أن لفظة «بعض» فيه بمعنى كل.

الثالث: أنها على أصلها. ثم في ذلك وجهان: أحدهما أنه وعدهم النجاة إن آمنوا، والهلاك إن كفروا، فذكر لفظة بعض لأنهم على إحدى الحالتين لا

ص: 24

محالة. الثاني أنه وعدهم على كفرهم الهلاك في الدنيا والعذاب في الآخرة، وكان هلاكهم في الدنيا بعضا، فمراده:

يصيبكم في الدنيا بعض الذي يعدكم.

الرابع: أنه ذكر البعض بطريق التنزّل والتلطّف وإمحاض النصيحة من غير مبالغة ولا تأكيد، ليسمعوا منه ولا يتّهموه، فيردوا عليه وينسبوه إلى ميل إلى موسى (ع) ومحاباة فكأنه قال:

أقلّ ما يصيبكم البعض وفيه كفاية قال الشاعر:

قد يدرك المتأنّي بعض حاجته وقد يكون من المستعجل الزّلل كأنه يقول أقلّ ما يكون في التأني إدراك بعض المطلوب، وأقلّ ما يكون في الاستعجال الزلل، فقد بان فضل التأني على العجلة بما لا يقدر الخصم على دفعه وردّه. والوجه الرابع هو اختيار الزمخشري رحمة الله عليه.

فإن قيل: التولّي والإدبار واحد، فما الحكمة في قوله تعالى: يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ [الآية 33] ؟

قلنا: هو تأكيد، كقوله تعالى:

فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ [النحل/ 26] ونظائره كثيرة. الثاني: أنه استثارة لحميّتهم، واستجلاب لأنفتهم، لما في لفظ «مدبرين» من التعريض بذكر الدبر، فيصير نظير قوله تعالى:

وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45)[القمر] .

فإن قيل: ما الحكمة في التكرار في قوله تعالى: لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ (36) أَسْبابَ السَّماواتِ ولم لم يقل: أبلغ أسباب السماوات؟ أي أبوابها وطرقها.

قلنا: إذا أبهم الشيء ثمّ أوضح كان تفخيما لشأنه وتعظيما لمكانه، فلما أريد تفخيم ما أمل بلوغه من أسباب السموات أبهمت ثمّ أوضحت.

فإن قيل: مثل السيئة سيئة، فما المقصود في قوله تعالى: مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها [الآية 40] ؟

قلنا: معناه أنّ جزاء السيئة له حساب وتقدير لا يزيد على المقدار المستحق، وأمّا جزاء العمل الصالح فبغير تقدير حساب كما قال تعالى في آخر الآية.

فإن قيل: قوله تعالى: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها [الأنعام/ 160] ينافي ذلك.

قلنا: ذلك لمنع النقصان لا لمنع الزيادة، كما قال الله تعالى: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ [يونس/ 26] .

فإن قيل: لم قال تعالى: وَقالَ

ص: 25

الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ

[الآية 49] ولم يقل: وقال الذين في النار لخزنتها مع أنه أوجز؟

قلنا: لأن في ذكر جهنّم تهويلا وتفظيعا. وقيل إن جهنّم هي أبعد النار قعرا، وخزنتها أعلى الملائكة الموكلين بالنار مرتبة، فإنّما قصدهم أهل النار بطلب الدعاء منهم لذلك.

فإن قيل: لم قال المشركون كما ورد في التنزيل: بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً [الآية 74] مع قولهم كما ورد في التنزيل أيضا: هؤُلاءِ شُرَكاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ [النحل/ 86] ؟

قلنا: معناه أن الأصنام التي كنا نعبدها لم تكن شيئا لأنّها لا تنفع ولا تضرّ. الثاني أنهم قالوا كذبا وجحودا، كقولهم كما ورد في التنزيل: وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ (23)[الأنعام] .

فإن قيل: لم قال تعالى: وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (80) ولم يقل: وفي الفلك تحملون، كما قال سبحانه:

قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ [هود/ 40]

قلنا: معنى الوعاء ومعنى الاستعلاء كلاهما صحيح في الفلك، لأنه وعاء لمن يكون فيه وحمولة لمن يستعليه فلما صحّ المعنيان استقامت العبارتان معا.

ص: 26