الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنّ قشتمر هذا ولى نيابة طرابلس ونيابة دمشق ونيابة السلطنة بالديار المصريّة.
ثم أخرج من مصر إلى نيابة حلب فلم تطل مدّته على نيابة حلب وقتل- رحمه الله وكان شجاعا مقداما عارفا عاقلا مدبّرا سيوسا دبّر أمر السلطنة سنين وحمدت سيرته.
وتوفّى القاضى عماد الدين محمد بن شرف الدين موسى بن سليمان الشهير بالشيرجى بدمشق. كان ولى حسبة دمشق ونظر خزانتها وكان له ثروة ولديه فضيلة وعنده سياسة.
وتوفّى الأمير سيف الدين آقتمر بن عبد الله من عبد الغنى الصغير في شهر رمضان، وآقتمر هذا غير الأمير الكبير آقتمر عبد الغنى وكان آقتمر هذا من جملة أمراء الطبلخانات. والله أعلم.
وتوفّى السلطان صاحب تونس وما والاها من بلاد الغرب أبو إسحاق إبراهيم ابن أبى بكر بن يحيى بن إبراهيم بن يحيى في العشرين من شهر رجب بعد ما ملك تسع عشرة سنة- رحمه الله وكان من أجلّ ملوك الغرب، كان شجاعا وله مواقف وفتوحات هائلة.
أمر النيل في هذه السنة- الماء القديم خمسة اذرع وعشرون إصبعا. مبلغ لزيادة سبعة عشر ذراعا وستة أصابع. والله أعلم.
[ما وقع من الحوادث سنة 771]
السنة السابعة من سلطنة الملك الأشرف شعبان بن حسين على مصر وهي سنة إحدى وسبعين وسبعمائة.
وفيها توفّى «1» قاضى القضاة شرف الدين أبو العبّاس أحمد ابن الشيخ شرف الدين حسن بن الخطيب شرف الدين أبى بكر عبد الله ابن الشيخ أبى عمر محمد بن أحمد ابن محمد بن قدامة الشهير بابن قاضى الجبل الحنبلىّ المقدسىّ الصالحىّ قاضى قضاة دمشق بها في ثالث عشر شهر رجب عن ثمان وسبعين سنة- رحمه الله وكان إماما عظيم القدر انتهت إليه رياسة مذهبه، وكان صحب ابن تيميّة وسمع منه وتفقّه به وبغيره، وفي هذا المعنى يقول:[الوافر]
نبيّي أحمد وكذا إمامى
…
وشيخى أحمد «2» كالبحر طامى
واسمى أحمد أرجو «3» بهذا
…
شفاعة سيّد الرسل الكرام
وتوفى قاضى القضاة تاج الدين عبد الوهاب ابن قاضى القضاة تقىّ الدين علىّ ابن عبد الكافى بن علىّ بن تمّام بن يوسف بن موسى بن تمّام الأنصارىّ السلمىّ السّبكىّ الشافعىّ قاضى قضاة دمشق بها، فى عصر يوم «4» الثلاثاء سابع شهر ذى الحجّة ودفن بسفح قاسيون «5» . تغمّده الله برحمته عن أربع وأربعين سنة. وكان إماما بارعا مفتنّا في سائر العلوم وله تصانيف شتّى: منها «شرح المنهاج «6» » فى الفقه للنّووىّ
«وشرح مختصر ابن الحاجب» ومنهاج «1» البيضاوىّ، وغير ذلك ودرّس «بالعادليّة «2» » و «والغزاليّة «3» » و «الأمينيّة «4» » و «الناصريّة «5» » و «دار الحديث «6» الأشرفيّة» «والشامية»
البرانيّة» وباشر قضاء دمشق أربع مرّات وخطب بالجامع الأموىّ، وقدم القاهرة وتولّى مكانه أخوه أبو حامد بهاء الدين واستقرّ تاج الدين هذا مكان أخيه أبى حامد المذكور في تدريس «الشّيخونية «8» » بمصر، وقيل: إنه كان أفقه من أخيه أبى حامد المذكور.
وتوفّى قاضى القضاة جمال الدين أبو عبد الله محمد ابن الشيخ زين الدين عبد الرحيم بن على بن عبد الملك المسلّاقى السّلمى قاضى قضاة دمشق بالقاهرة
وهو من أبناء السبعين سنة وكان- رحمه الله عالما فاضلا سمع بالإسكندرية «1» ومصر والشام وأخذ عن القونوىّ وأبى «2» حيّان وغيرهما وولى نيابة الحكم بدمشق.
ثم استقلّ بالقضاء أكثر من عشرين سنة.
وتوفّى الأديب شهاب الدين أبو العباس أحمد بن يوسف بن أحمد الماردينى الشهير بابن خطيب الموصل- رحمه الله مات بحماة وهو من أبناء الستين سنة.
وكان أديبا فاضلا، كان يتنقّل في البلاد وكان يكتب المنسوب وله مشاركة.
ومن شعره: [المتقارب]
ليهنك ما نلت من منصب
…
شريف له كنت مستوجبا
وما حسن أن تهنّى به
…
ولكن نهنّى بك المنصبا
وتوفّى الأمير ناصر الدين محمد ابن الأمير تنكز الحسامى الناصرىّ نائب الشام، كان أحد أمراء الطبلخانات بالديار المصرية وله وجاهة في الدولة.
رحمه الله.
وتوفّى الوزير الصاحب شمس الدين موسى بن أبى إسحاق عبد الوهاب بن عبد الكريم القبطى المصرىّ، أسلم أبوه وتولّى نظر الجيش والخاصّ بعد كريم الدين الكبير واستناب ابنه هذا وكان يوم ذاك ناظر الخزانة الشريفة.
فلمّا مات أبوه في سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة استقرّ مكانه في نظر الخاصّ، فباشر فيه مدّة وصرف بالنشو واستقرّ في نظر الجيش عوضا عن الفخر، فلم تطل مدّته وأمسك بسعى النّشو وسلّم هو وأخوه علم الدين ناظر الدولة إلى النّشو،
فأوقع الحوطة على موجودهما، فوجد لهما ما لا يوصف: من ذلك أربعمائة سراويل لزوجته واستقرّ عوضه في نظر الجيش مكين الدين إبراهيم بن قروينة واستمرّ موسى في المصادرة وأجرى عليه العذاب ألوانا، وأمره أعجب من العجب وهو أنه كان قبل مصادرته نحيف البدن قليل الأكل، لا يزال سقيما بالرّبو وضيق النّفس، لزمه «1» الحمّى الصّالبة «2» ، فلا يبرح محتميا ويلبس الفراء شتاء وصيفا، فبنى له أبوه بيتا فى الروضة ووكّل به الأطباء، يدبّرون له الأغذية الصالحة ويعالجونه وهو على ما هو عليه إلى أن قبض عليه وصودر وسلّم لوالى القاهرة ناصر الدين محمد بن المحسنى.
ثم نقل إلى لؤلؤ شادّ الدواوين وكان النّشو يغريهما على قتله، فضمن لؤلؤ للنشو قتله، فضربه أوّل يوم مائتى شيب «3» وسعطه «4» بالماء والملح وبالخل والجير حتى قوى عنده أنه مات فأصبح سويّا، فضربه بعد ذلك حتى أعياه أمره، وعقّد «5» له المقرعة التى يضربه بها، فكانت إذا نزلت على جنبه تثقبه، فكان يضربه بتلك المقرعة حتى يقولوا: مات فيصبح فيعيدون عليه العذاب والتّسعيط، فصار يقيم اليوم واليومين والثلاثة لا يمكّن فيها من أكل ولا شرب. وكانوا إذا عاقبوه وفرغوا رموه عريانا فى قوّة الشتاء على البلاط فيتمرّغ عليه بجسده وهو لا يعى من شدّة الضرب والعقوبة، كل ذلك والنّشو يستحثّ على قتله. ثم عصروه في كعبيه وصدغيه، حتى لهجوا بموته وبشّروا النشر بموته غير مرة. ثم يتحرّك فيجدوه حيّا، واستمرّ على ذلك أشهرا ثم ترك نحو الشهر لمّا أعياهم أمره وأعادوا عليه العقوبة وعلى زوجته بنت الشمس غبريال وكانت كحاله في ضعف البدن والنّحافة وكانت حاملا، فولدت وهي تعصر،
فعاش ولدها حتى كبر، وما زالا في العقوبة حتى هلك النّشو وهو يقول: أموت وفي قلبى حسرة من موسى بن التاج، فمات النشو ولم ينل فيه غرضه. قيل: إنّ مجموع ما ضرب موسى هذا ستة عشر ألف شيب، حتى إنه ضرب مرة فوقع من ظهره قطعة لحم بقدر الرّغيف، وأعجب من هذا كلّه أنه لمّا أطلق تعافى مما كان به من الأمراض المزمنة القديمة. وصار صحيح البدن. ثم أفرج عنه الملك الناصر محمد وأكرمه وأنعم عليه ببغلة النشو وردّ عليه أشياء كثيرة وولّاه نظر جيش دمشق، ثم ولى نظر الخاصّ ثانيا وأضيف إليه نظر الخزانة الشريفة وساءت سيرته واستعفى وأعيد إلى دمشق وزيرا، ولم يزل يتنقّل في الوظائف إلى أن مات في هذا التاريخ.
وقد أطلنا فى ذكره لما أوردناه من الغرائب. انتهى.
وتوفّى الأمير علاء الدين طيبغا المحمدىّ في شهر صفر وكان أحد مقدّمى الألوف بالديار المصرية.
وتوفّى الأمير سيف الدين بكتمر بن عبد الله المؤمنى الأمير آخور الكبير بالديار المصرية- رحمه الله وكان من أجل الأمراء فضلا ومعرفة ودينا وعفّة عن الأموال، وتولّى عدّة وظائف وتنقّل في الولايات، مثل نيابة حلب والإسكندرية، ثم استقرّ أمير آخور إلى أن مات، وهو صاحب المصلّاة «1» بالرّميلة، والسبيل المعروف بسبيل المؤمنىّ. رحمه الله تعالى.
وتوفّى الأمير سيف الدين، أسندمر بن عبد الله الكاملىّ زوج خوند القردمية «2» بنت الملك الناصر محمد بن قلاوون وكان أحد مقدّمى الألوف بالديار المصرية ومات بالقاهرة.
وتوفّى الأمير سيف الدين آروس بغا بن عبد الله الخليلىّ أحد أمراء الطبلخانات بالقاهرة في شهر رجب وهو أحد من قام على يلبغا.
وتوفّى الأمير سيف الدين أسن بن عبد الله الصرغتمشىّ أحد أمراء الطبلخانات بالديار المصريّة بدمشق بعد ما نفى إليها وكان من الأشرار.
وتوفّى الأمير علاء الدين ألطنبغا بن عبد الله العلائىّ المعروف «فرفور» كان أحد أمراء الطبلخانات بمصر وكان خصيصا عند الملك الأشرف. رحمه الله.
وتوفّى الأمير علاء الدين آقبغا بن عبد الله اليوسفىّ الناصرىّ الحاجب في شعبان بمدينة منفلوط «1» ، وقد توجّه إلى لقاء هدية صاحب اليمن إلى السلطان الملك الأشرف.
وتوفّى الأمير سيف الدين أينبك بن عبد الله الأزقىّ أحد أمراء الطبلخانات ورأس نوبة ثانى بها وكان من الشجعان.
وتوفّى الأمير الأكز بن عبد الله الكشلاوىّ وهو منفىّ بحلب في شهر ربيع الأوّل وكان من أعظم الأمراء وأوجهم، ولى الوزر والأستدارية بمصر ونالته السعادة وعظم في الدّول إلى أن تغيّر عليه الملك الأشرف شعبان وعزله ثم نفاه إلى حلب لأمر اقتضى ذلك.
وفيها كان بدمشق طاعون عظيم وانتشر إلى عدّة بلاد ومات فيه خلائق لا تحصى كثرة. والله أعلم.
أمر النيل في هذه السنة- الماء القديم أربعة أذرع وخمسة وعشرون إصبعا- مبلغ الزيادة ستة عشر ذراعا وثمانية عشر إصبعا.