الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فى المثل من شكر وذمّ، فكأنما كذّب نفسه مرّتين. وبإجماع الناس أن الملك الظاهر برقوقا كان في سلطنته الأولى أحسن حالا من سلطنته الثانية، فإنه ارتكب فى الثانية أمورا شنيعة مثل قتل العلماء وإبعادهم والغضّ منهم، لمّا أفتوا بقتاله عند خروجه من الكرك ونحن أعرف بأحوال الملك الظاهر وابنه الناصر من الشيخ تقي الدين وغيره وإن كان هو الأسنّ، ولم أرد بذلك الحطّ على الشيخ تقىّ الدين ولا التعصّب للملك الظاهر، غير أن الحق يقال والحق المحض فيه أنّه كان له محاسن ومساوئ وليس للإمعان محلّ، كما هي عادة الملوك والحكّام. وبالجملة فهو أحسن حالا ممن جاء بعده من الملوك بلا مدافعة. والله تعالى أعلم.
السنة الأولى من سلطنة الملك الظاهر برقوق الأولى على مصر
وهي سنة أربع وثمانين وسبعمائة، على أن الملك الصالح حاجيّا حكم منها إلى تاسع عشر شهر رمضان ثم حكم الملك الظاهر في باقيها.
وفيها توفّى قاضى قضاة الحنفيّة بدمشق همام الدين أمير غالب ابن العلّامة قاضى القضاة قوام الدين أمير كاتب الإتقانى الفارابى الانزارى الحنفى، ولى أوّلا حسبة دمشق ثم القضاء بها، وكان قليل العلم بالنسبة إلى أبيه، إلّا أنه كان رئيسا حسن الأخلاق كريم النفس، عادلا في أحكامه وكان في ولايته يعتمد على العلماء من نوّابه، فمشى حاله وشكرت سيرته إلى أن مات في جمادى الأولى.
وتوفّى قاضى القضاة بدر الدين عبد الوهاب ابن الشيخ كمال الدين أحمد ابن قاضى القضاة علم الدين محمود «1» بن أبى بكر بن عيسى [بن بدران «2» ] السعدىّ
الإخنائى المالكىّ. ولد في حدود العشرين وسبعمائة وتولّى القضاء بعد موت القاضى برهان الدين إبراهيم الإخنائى وكان ضعيفا، فجاءه التشريف من الملك الأشرف شعبان وألقى عليه على لحافه، فلما عوفى لبسه وباشر القضاء وحسنت سيرته إلى أن صرف بعلم الدين سليمان بن خالد بن نعيم البساطى في ذى القعدة سنة ثمان وسبعين وسبعمائة، ثم أعيد في صفر سنة تسع وسبعين وعزل في السنة بالبساطىّ ثانيا ولزم داره إلى أن مات. وكان خيّرا ديّنا مشكور السيرة.
وتوفّى الوزير الصاحب كريم الدين عبد الكريم ابن الرّويهب في سابع «1» عشر شهر رمضان، وقد اتّضع حاله وافتقر وكان من أعيان الأقباط وباشر عدّة مباشرات، منها الوزر ونظر الدولة والاستيفاء وغير ذلك.
وتوفّى الشيخ علاء الدين أبو الحسن علىّ بن عمر بن محمد ابن قاضى القضاة تقي الدين محمد ابن دقيق العيد موقّع الحكم في خامس عشر «2» صفر.
وتوفّى الشيخ جمال الدين محمد بن علىّ [بن يوسف «3» ] الأسوانىّ «4» فى يوم الأحد عاشر شهر ربيع الأوّل وكان معدودا من الفضلاء.
وتوفّى الأمير فخر الدين إياس بن عبد الله الصّرغتمشىّ الحاجب أحد أمراء الطبلخانات في ثالث شهر ربيع الآخر وكان فيه شجاعة وعنده كرم وتعصّب لمن يلوذ به.
وتوفّى الشيخ الإمام عزّ الدين عبد العزيز بن عبد الحق «1» الأسيوطى الشافعى فى يوم الأحد «2» عاشر ذى القعدة بعد ما تصدّر للاشتغال والإفتاء عدّة ستين ودرّس بعدّة مدارس وكان من أعيان الشافعية.
وتوفى الأمير زين الدين زبالة الفارقانىّ نائب قلعة دمشق بها في شعبان.
وتوفى السلطان الملك المعزّ حسين بن أويس ابن الشيخ حسن بن حسين ابن آقبغا بن أيلكان المنعوت بالشيخ حسين سلطان بغداد وتبريز وما والاهما وكان سبط ألقان أرغون بن بو سعيد ملك التتار. ولى سلطنة بغداد في حياة أبيه، لأن والده أويسا، كان رأى مناما يدلّ على موته في يوم معين، فاعتزل الملك وسلطن ولده هذا وقد تقدّم ذكره في ترجمة والده المذكور فى سنة ست وسبعين وسبعمائة. ودام الشيخ حسين هذا في الملك إلى أن قتله أخوه السلطان أحمد ابن أويس وملك بغداد بعده بإشارة خجاشيخ الكجحانىّ في هذه السنة. وكان الشيخ حسين هذا ملكا شابا جميلا «3» جليلا شجاعا مقداما كريما محببّا للرعية كثير البر قليل الطمع؛ ولقد كانت العراق في أيامه مطمئنة معمورة إلى أن ملكها أخوه أحمد بعده فاضطربت أحوالها إلى أن قتل، ثم ملكها قرا يوسف وأولاده، فكان خراب العراق على أيديهم. وبالجملة فكان الشيخ حسين هذا هو آخر ملوك بغداد والعراق.
أمر النيل في هذه السنة- الماء القديم ستة أذرع ونصف. مبلغ الزيادة عشرون ذراعا وثلاثة أصابع. وهي سنة الغرقى لعظم زيادة النيل.