المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌السنة التي حكم في أولها الملك الظاهر برقوق إلى ليلة الاثنين خامس جمادى الآخرة وحكم في باقيها الملك المنصور حاجى - النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة - جـ ١١

[ابن تغري بردي]

فهرس الكتاب

- ‌[الجزء الحادى عشر]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 762]

- ‌ذكر سلطنة الملك المنصور محمد على مصر

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 763]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 764]

- ‌ذكر سلطنة الملك الأشرف شعبان بن حسين على مصر

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 765]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 766]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 767]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 768]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 769]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 770]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 771]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 772]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 773]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 774]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 775]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 776]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 777]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 778]

- ‌ذكر سلطنة الملك المنصور علىّ على مصر

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 779]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 780]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 781]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 782]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 783]

- ‌ذكر سلطنة الملك الصالح حاجىّ الأولى على مصر

- ‌السنة الأولى من سلطنة الملك الصالح أمير حاج الأولى على مصر

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 784]

- ‌ذكر سلطنة الملك الظاهر برقوق الأولى على مصر

- ‌السنة الأولى من سلطنة الملك الظاهر برقوق الأولى على مصر

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 785]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 786]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 787]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 788]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 789]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 790]

- ‌[ما وقع من الحوادث سنة 791]

- ‌ذكر سلطنة الملك المنصور حاجى الثانية على مصر

- ‌السنة التي حكم في أولها الملك الظاهر برقوق إلى ليلة الاثنين خامس جمادى الآخرة وحكم في باقيها الملك المنصور حاجّى

- ‌فهرس الملوك والسلاطين الذين تولوا مصر

الفصل: ‌السنة التي حكم في أولها الملك الظاهر برقوق إلى ليلة الاثنين خامس جمادى الآخرة وحكم في باقيها الملك المنصور حاجى

المواصيل فتصيح الجارية المضروبة فلا يسمعها الملك الظاهر ولا غيره، ففطن بذلك حريم الملك الظاهر وأعلموه الخبر، وقلن له إذا سمع السلطان زفّ المغانى فى غير وقت المغنى فيعلم السلطان أنّه يضرب جواريه وخدمه، فعلم الظاهر ذلك، فصار كلّما سمع المغانى تزفّ أرسل إليه في الحال بالشفاعة، وله من ذلك أشياء كثيرة. وكان الملك الظاهر قبل أن يتكسّح يرسل خلفه في مجلس أنسه وينادمه فى غالب الأوقات وتكرر ذلك منه سنين وكان إذا غلب عليه السّكر تسفّه على الملك الظاهر ويخاطبه باسمه من غير تحشّم فيبتسم الملك الظاهر ويقول لحواشى الملك المنصور: خذوا سيّدى أمير حاج وردّوه إلى بيته، فيقوم على حاله وهو مستمرّ في السّبّ واللّعن، فيعظم ذلك على حواشى الملك الظاهر ويكلّمون الملك الظاهر في عدم الاجتماع به، فلا يلتفت إلى كلامهم فيصبح المنصور يعتذر للسلطان فيما وقع منه في أمسه، فلمّا تكرر منه ذلك غير مرّة تركه وصار لا يجتمع به إلّا في الأعياد والمواسم، فلما بطلت حركته انقطع عنه بالكليّة.

‌السنة التي حكم في أولها الملك الظاهر برقوق إلى ليلة الاثنين خامس جمادى الآخرة وحكم في باقيها الملك المنصور حاجّى

.

ولم يكن له في سلطنته إلا مجرّد الاسم فقط والمتحدّث في المملكة الأتابك يلبغا الناصرىّ ثم تمربغا الأفضلى الأشرفىّ المدعو منطاش وهي سنة إحدى وتسعين وسبعمائة.

وفيها كان خلع الملك الظاهر برقوق من السلطنة وسلطنة الملك المنصور هذا كما تقدم ذكره.

ص: 381

وفيها في ذى الحجّة كانت وقائع بين الملك الظاهر برقوق وبين جنتمر نائب الشام بعد خروجه من سجن الكرك.

وفيها توفّى خلائق كثيرة بالطاعون والسيف وكان الطاعون وقع بالديار المصرية فى أيام الفتنة، فكان من أجل ذلك أشد الطواعين وأعظمها خطبا لما دها الناس من شدّة الطاعون وأهوال الوقائع، فممّن قتل من الأعيان: القاضى شهاب الدين أبو العباس أحمد بن عمر بن أبى الرضا قاضى قضاة الشافعيّة بحلب. وخبره أن الملك الظاهر برقوقا لما خرج من سجن الكرك ووافقه الأمير كمشبغا الحموى نائب حلب ثار عليه شهاب الدين هذا محاماة لمنطاش وجمع أهل بانقوسا وحرّضهم على قتال كمشبغا المذكور وأفتى بجواز قتال برقوق، فركب كمشبغا وقاتلهم فكسرهم وقتل كثيرا من البانقوسيّة ممّن ظفر به، ففرّ شهاب الدين هذا إلى ظاهر حلب، فأخذ قريبا من حلب وأتى به إلى كمشبغا فقتله صبرا، وعمره زيادة على أربعين سنة، أثنى على علمه القاضى علاء الدين بن خطيب الناصريّة والشيخ تقىّ الدين المقريزىّ رحمهما الله- وذكر عنه قاضى القضاة بدر الدين محمود العينىّ- رحمه الله مساوى وقبائح، نسأل الله تعالى السلامة في الدّين، ذكرناها في ترجمته فى تاريخنا المنهل الصافى.

قلت: والجمع بين هذه الأقوال هو أنه كان عالما غير أنه كان خبيث اللسان، يرتكب أمورا شنيعة مشهورة عنه عند الحلبيين.

وتوفّى قتيلا الأمير صارم الدين إبراهيم ابن الأمير قطلقتمر الخازندار بحلب قتله أيضا الأمير كمشبغا الحموى بحلب، وقد قام بنصرة منطاش وقاتل كمشبغا فلمّا ظفر به كمشبغا وسّطه في شوال وإبراهيم هذا هو الذي كان وقع له مع الملك الظاهر برقوق ما وقع، لمّا اتفق مع الخليفة المتوكّل على الله ووافقهما الأمير قرط

ص: 382

الكاشف على قتل الملك الظاهر برقوق وتمّ عليهم وظفر بهم برقوق وخلع الخليفة وحبسه ووسّط قرط الكاشف وحبس إبراهيم هذا مدّة ثم أطلقه لأجل أبيه قطلقتمر، ثم أنعم عليه بإمرة فلمّا خلع الملك الظاهر وحبس، قام عليه إبراهيم هذا وانضم مع الناصرىّ ومنطاش وصار من جملة أمراء الطبلخاناة، ثم كان مع منطاش على الناصرى، فلمّا ملك منطاش الديار المصرية أنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف بديار مصر واستقرّ أمير مجلس عوضا عن الأمير أحمد بن يلبغا فلم يقنع بذلك وبدا منه أمور فأخرجه منطاش بعد أخذه الإمرة بدون السبعة أيام إلى حلب أمير مائة ومقدّم ألف بها، فدام بها حتى ثار أهل بانقوسا على كمشبغا نائب حلب وافقهم إبراهيم هذا فظفر به كمشبغا ووسطه.

قلت: ما كان جزاؤه إلا ما فعله به كمشبغا وكان شجاعا غير أنه كان يحب الفتن ويثير الشرور- عفا الله تعالى عنه-.

وتوفّى الشيخ الإمام العلّامة شهاب الدين أحمد بن أبى يزيد بن محمد المعروف بمولانا زادة السّيرامىّ العجمىّ الحنفى والد العلّامة محبّ الدين محمد ابن مولانا زادة فى يوم الأربعاء حادى عشر المحرّم بالقاهرة وكان إماما مفتنّا في علوم كثيرة؛ وهو أوّل من ولى درس الحديث بالمدرسة الظاهريّة البرقوقية ودام على ذلك إلى أن مات في التاريخ المقدّم ذكره.

وتوفّى الأمير سيف الدين تلكتمر بن عبد الله أحد أمراء الطبلخانات بالطاعون في جمادى الأول وكان من خواصّ الملك الظاهر برقوق.

وتوفّى قتيلا الأمير سيف الدين جاركس بن عبد الله الخليلى اليلبغاوى الأمير آخور الكبير وعظيم دولة الملك الظاهر برقوق، قتل في محاربة الناصرىّ خارج

ص: 383

دمشق، فى يوم الاثنين حادى عشر شهر ربيع الأول «1» وبقتله تخلخلت أركان دولة الملك الظاهر برقوق وكان أميرا مهابا عاقلا عارفا خبيرا سيوسا وله بالقاهرة خان يعرف بخان «2» الخليلى ومآثر بمكة وغيرها وخلّف أموالا كثيرة أخذها منطاش وفرّقها في أصحابه.

وتوفّى الأمير يونس بن عبد الله النّوروزى اليلبغاوى الدوادار الكبير، قتله الأمير عنقاء «3» بن شطّى أمير آل مرا بخربة اللصوص وهو عائد إلى الديار المصرية، بعد انهزامه من الناصرى وكان أيضا أحد أركان الملك الظاهر برقوق وإليه كان تدبير المملكة وكان خدمه وباشر دواداريّته من أيام إمرته وكان عاقلا مدبّرا حازما وهو صاحب الخان خارج مدينة غزّة وغيره معروفة عمائره باسمه ولا يحتاج ذلك إلى التعريف به، فإننا لا نعلم أحدا في الدولة التركيّة سمّى بيونس الدوادار غيره ثم دوادار زماننا هذا الأمير يونس الدوادار السيفىّ آقباى، انتهى.

وتوفّى الأمير سيف الدين بزلار بن عبد الله العمرىّ ثم الناصرى نائب الشام قتيلا بها وكان أصله من مماليك الملك الناصر حسن اشتراه وربّاه مع أولاده وقرأ

ص: 384

القرآن وتأدّب ومهر في الخط المنسوب وبرع في عدة علوم لا سيما علم الفلك والنجوم مع تقدّمه في أنواع الفروسية والشجاعة المفرطة وأنواع الملاعيب، مع ذكاء وفطنة وذوق وعقل ومحاضرة حسنة وحسن شكاله، ولاه الملك الظاهر برقوق نيابة الإسكندرية، ثم عزله وجعله من جملة أمراء الألوف بالديار المصرية، ثم خافه، فقبض عليه ونفاه إلى طرابلس فلمّا كانت نوبة الناصرية اتفق مع جماعة قليلة من أصحابه وملك طرابلس من نائبها أسندمر ووافق الناصرىّ على قتال الملك الظاهر برقوق، فلمّا ملك الناصرىّ مصر خلع عليه بنيابة دمشق، فولى دمشق ودام به إلى أن قبض منطاش على الناصرىّ، فغضب بزلار المذكور للناصرى وخرج عن الطاعة، فخادعه منطاش وأرسل ملطّفات إلى جنتمر بنيابة دمشق فاتّفق أمراء دمشق مع جنتمر ووثبوا عليه على حين غفلة، فركب وقاتلهم، وكاد يهزمهم لولا تكاثروا عليه ومسكوه وحبسوه بقلعة دمشق، حتى أرسل منطاش بقتله فقتل، وسنّه نيّف على خمسين سنة، وكان من محاسن الدنيا، حدّثنى الشيخ موسى الطرابلسىّ قال: لمّا نفاه الملك الظاهر برقوق إلى طرابلس صحبته فكنت أقعد لتكبيسه فأجد أضلاعه صفيحة واحدة، انتهى.

وتوفّى الشيخ المعتقد حسن الخبّاز الواعظ، كان صاحب الشيخ ياقوت الشاذلىّ وتلقّن منه وتزوّج بآبنته وترك بيع الخبز وانقطع بزاويته خارج القاهرة وجلس للوعظ حتى مات في حادى عشرين شهر ربيع الآخر ودفن بالقرافة وكان للناس فيه اعتقاد حسن ولوعظه تأثير في القلوب.

وتوفّى الأمير سيف الدين سودون المظفرىّ أتابك حلب قتيلا بها بيد مماليك الأمير يلبغا الناصرى حسب ما تقدم ذكره في ترجمة الملك الظاهر برقوق وكان أصله من مماليك قطلوبغا المظفّرى أحد أمراء حلب وبها نشأ وخدم الأمير جرجى

ص: 385

الإدريسىّ نائب حلب وصار خازنداره ثم صار من جملة أمراء حلب، ثم ولّاه برقوق حجوبية حلب ثم أتا بكابها، ثم نقله إلى نيابة حماة، ثم إلى نيابة حلب بعد القبض على يلبغا الناصرىّ، ثم عزله الظاهر عن نيابة حلب بالأمير يلبغا الناصرىّ المذكور وجعله أتابك حلب، فكان بينهما مباينة كبيرة وكان الناصرى يزدريه ودام على ذلك حتى بلغ الظاهر خروج الناصرىّ عن الطاعة وكتب ملطّفا لسودون المظفرى هذا بنيابة حلب على عادته وأرسل الملك الظاهر بصلحهم، فلمّا دخل سودون المذكور إلى دهليز دار السعادة «1» أخذته سيوف مماليك الناصرى حتى قتل.

وتوفّى الأمير سيف الدين صراى الطويل أحد أعيان المماليك اليلبغاوية خارج القاهرة في شهر ربيع الأوّل وكان أحد أمراء الطبلخاناة بالديار المصرية.

وتوفّى قاضى القضاة جمال الدين عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن سليمان بن خير السكندرىّ المالكى في يوم الأربعاء رابع عشر شهر رمضان وكنيته أبو القاسم، مولده بالإسكندرية في يوم الأحد سابع جمادى الأولى سنة إحدى وعشرين وسبعمائة وبها نشأ وطلب العلم وسمع الحديث وتفقّه بأبيه وغيره وبرع في الفقه والأصول وشارك في غيره وجلس مع الشهود بالثغر، ثم ولى به نيابة الحكم، ثم نقل إلى قضاء الديار المصرية، عوضا عن قاضى القضاة علم الدين سليمان بن خالد البساطىّ بعد عزله في سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة وحمدت سيرته إلى الغاية ودام مدة سنين إلى أن عزل بالقاصى ولى الدين عبد الرحمن بن خلدون، ثم أعيد بعد ذلك إلى أن مات قاضيا، وتولّى بعده تاج الدين بهرام بن عبد الله بن عبد العزيز الدّميرىّ.

ص: 386

وتوفّى إمام السلطان الملك الظاهر برقوق الشيخ شرف الدين عثمان بن سليمان ابن رسول بن يوسف بن خليل بن نوح الكرادىّ (بتخفيف الراء المهملة) الحنفىّ المعروف بالأشقر، فى يوم الخميس رابع عشرين شهر ربيع الآخر، كان أصله من البلاد الشمالية واشتغل بها ثم قدم القاهرة في عنفوان شبابه في الدولة الأشرفيّة شعبان بن حسين واشتغل بها على علماء عصره، حتى شارك في عدّة فنون ويجب الملك الظاهر في أيام إمرته، فلما تسلطن الملك الظاهر قرّره إمامه وتقدم في دولته ثم ولى قضاء العسكر، ثم مشيخة الخانقاه البيبرسيّة إلى أن مات وكان حسن الهيئة جميل الطريقة وهو والد القاضى محبّ الدين محمد بن الأشقر كاتب سرّ الديار المصرية الآن وقد سألت من ولده المذكور عن أصل آبائه فقال: أصلنا من بلاد القرم وكان جدّى عالما مفتنّا وكان والد جدّى ملكا بتلك البلاد، انتهى.

وتوفى الأمير سيف الدين إشقتمر بن عبد الله الماردينىّ الناصرى نائب حلب والشام، غير مرّة بطّالا بحلب في شوّال، كان أصله من مماليك صاحب ماردين وبعثه إلى الملك الناصر حسن بن الملك الناصر محمد بن قلاوون فربّاه الناصر وأدّبه وكان يعرف ضرب العود ويحسن الموسيقى وكان ماهرا في عدّة فنون، فقرّبه أستاذه الملك الناصر حسن، وجعله من أعيان خاصّكيّته،؟؟ أمّره ثم تنقّل بعد موت أستاذه في عدة وظائف إلى أن ولّاه الملك الأشرف شعبان نيابة حلب بعد وفاة قطلوبغا الأحمدىّ، فباشرها نحو سنة ونصف وعزل بالأمير جرجى الناصرى الإدريسىّ، ثم ولى نيابة طرابلس عوضا عن قشتمر المنصورىّ، ثم أعيد بعد مدة إلى نيابة حلب عوضا عن قشتمر المنصورىّ المذكور، فى سنة إحدى وسبعين بعد قتل يلبغا أستاذ الملك الظاهر برقوق وكان إشقتمر خجداش يلبغا وصاحبه ومن أقرانه، فباشر نيابة حلب مدّة ثم عزل وأعيد إلى نيابة طرابلس والسواحل

ص: 387

عوضا عن أيدمر الدوادار، ثم أعيد إلى نيابة حلب مرّة ثالثة في سنة أربع وسبعين فباشر نيابة حلب إلى أن عزل في سنة خمس وسبعين بالأمير بيدمر الخوارزمىّ وتولى نيابة دمشق، فباشر نيابة دمشق أربعة أشهر وعزل وأعيد إلى نيابة حلب رابع مرّة، فطالت مدّته في هذه الولاية، وغزاسيس «1» وفتحها في سنة ست وسبعين وكان فتحا عظيما وسرّ الملك الأشرف شعبان بفتحه، وفيه يقول الشيخ بدر الدين «2» حسن بن حبيب:[السريع]

الملك الأشرف إقباله

يهدى له كلّ عزيز نفيس

لمّا رأى الخضراء في شامة

تختال والشقراء عجبا تميس

وعاين الشّهباء في ملكه

تجرى وتبدى ما يسرّا الجليس

ساق إلى سوق العدى أدهما

وساعدا الجيش على أخذ سيس

واستمرّ على نيابتها إلى أن عزل بالأمير منكلى بغا الأحمدىّ البلدىّ وقبض عليه وحبس بالإسكندرية ثم أطلق وتوجه إلى القدس بطالا، كل ذلك وإلى الآن لم يكن برقوق من جملة المماليك السلطانية، بل كان في خدمة منجك، ثم من بعده فى خدمة الأسياد أولاد الملك الأشرف شعبان، ثم أعيد إلى نيابة حلب خامس مرة عوضا عن تمرباى الأفضلىّ الأشرفىّ في سنة إحدى وثمانين، ثم نقل بعد عشرة أشهر إلى نيابة دمشق، عوضا عن بيدمر الخوارزمىّ في سنة اثنتين وثمانين، فدام بدمشق إلى أن عزل في محرم سنة أربع وثمانين وتوجّه إلى القدس بطّالا، فدام بالقدس إلى أن أعيد إلى نيابة دمشق ثالث مرة، من قبل الملك الظاهر برقوق

ص: 388

فى سنة ثمان وثمانين، ثم عزل بعد «1» أربعة أشهر ورسم له أن يتوجّه إلى حلب بطّالا، فدام بحلب إلى أن مات وكان فيه كل الخصال الحسنة لولا حبّه لجمع المال.

وتوفّى الشيخ الإمام العلّامة بدر الدين محمد ابن شيخ الإسلام سراج الدين عمر البلقينىّ الشافعىّ قاضى العساكر في يوم الجمعة سابع عشر شعبان ودفن بمدرسة «2» أبيه بحارة بهاء الدين قراقوش وكان أعجوبة في الذكاء والحفظ مفتنّا في عدّة علوم وهو أسنّ من أخيه قاضى القضاة جلال الدين عبد الرحمن البلقينىّ وكان له نظم ونثر ومما ينسب إليه من الشعر: [الرمل]

كسروا الجرّة عمدا

سقوا الأرض شرابا

قلت والإسلام دينى

ليتنى كنت ترابا

وتوفّى العلامة شمس الدين محمود بن عبد الله النّيسابورىّ الحنفىّ المعروف بابن أخى جار الله، فى سابع جمادى الأولى وكان عالما مفتنّا في علوم كثيرة.

وتوفّى تاج الدين عبد الله وقيل: أمين الدين بن مجد الدين فضل الله بن أمين الدين عبد الله بن ريشة القبطىّ المصرىّ ناظر الدولة، فى سادس جمادى الأولى.

ص: 389

وتوفّى الأمير قرا محمد التّركمانىّ صاحب الموصل، قتيلا في هذه السنة وهو والد قرا يوسف صاحب تبريز، وجدّ بنى قرا يوسف ملوك العراق، الذين خربت بغداد وغيرها في دولتهم وأيامهم.

وتوفّى الأمير الطواشى سابق الدين مثقال بن عبد الله الجمالىّ الحبشىّ الزّمام وأصله من خدّام الملك الأمجد والد الأشرف شعبان، تنقّل في عدة وظائف إلى أن صار زماما للدور السلطانية، فلمّا أن قتل الملك الأشرف عزله أينبك البدرىّ وولّى عوضه مقبلا الرومىّ الطواشى اليلبغاوىّ ودام مثقال بطّالا سنين وصادره برقوق وحصل له محن، ثم أفرج عنه فصار يتردّد إلى مكة والمدينة إلى أن مات ببدر من طريق الحجاز في ذى القعدة ودفن عند الشهداء في ليلة الجمعة تاسع عشرينه.

أمر النيل في هذه السنة- الماء القديم خمسة أذرع وعشرون إصبعا.

مبلغ الزيادة تسعة عشر ذراعا وأربعة أصابع، والله تعالى أعلم.

انتهى الجزء الحادى عشر من النجوم الزاهرة ويليه الجزء الثانى عشر وأوله: ذكر سلطنة الملك الظاهر برقوق الثانية على مصر

ص: 390