المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثاني: في ذكر من ورد عنه وأين ورد وصيغته - النشر في القراءات العشر - جـ ٢

[ابن الجزري]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ الْإِدْغَامِ الصَّغِيرِ

- ‌بَابُ حُرُوفٍ قَرُبَتْ مَخَارِجُهَا

- ‌بَابُ أَحْكَامِ النُّونِ السَّاكِنَةِ وَالتَّنْوِينِ

- ‌ الْإِظْهَارُ)

- ‌ الْإِدْغَامُ)

- ‌الْقَلْبِ

- ‌ الْإِخْفَاءَ

- ‌بَابُ مَذَاهِبِهِمْ فِي‌‌ الْفَتْحِ

- ‌ الْفَتْحِ

- ‌الْإِمَالَةِ

- ‌أَسْبَابُ الْإِمَالَةِ)

- ‌ وُجُوهُ الْإِمَالَةِ)

- ‌فَصْلٌ [في إمالة الألف التي بعدها راء متطرفة مكسورة]

- ‌[فصل في إمالة الألف التي هي عين من الفعل الثلاثي الماضي]

- ‌فَصَلٌ فِي إِمَالَةِ حُرُوفٍ مَخْصُوصَةٍ غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ

- ‌فَصْلٌ فِي إِمَالَةِ أَحْرُفِ الْهِجَاءِ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ

- ‌بَابُ إِمَالَةِ هَاءِ التَّأْنِيثِ وَمَا قَبْلَهَا فِي الْوَقْفِ

- ‌بَابُ مَذَاهِبِهِمْ فِي تَرْقِيقِ الرَّاءَاتِ وَتَفْخِيمِهَا

- ‌فَصْلٌ فِي الْوَقْفِ عَلَى الرَّاءِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ تَغْلِيظِ اللَّامَاتِ

- ‌بَابُ الْوَقْفِ عَلَى أَوَاخِرِ الْكَلِمِ

- ‌(فَأَمَّا السُّكُونُ)

- ‌(وَأَمَّا الرَّوْمُ)

- ‌(وَأَمَّا الْإِشْمَامُ)

- ‌بَابُ الْوَقْفُ عَلَى مَرْسُومِ الْخَطِّ

- ‌(فَأَمَّا الْإِبْدَالُ)

- ‌(وَأَمَّا الْإِثْبَاتُ)

- ‌(وَأَمَّا الْحَذْفُ)

- ‌وَأَمَّا وَصْلُ الْمَقْطُوعِ رَسْمًا

- ‌وَأَمَّا قَطْعُ الْمَوْصُولِ

- ‌بَابُ مَذَاهِبِهِمْ فِي يَاءَاتِ الْإِضَافَةِ

- ‌الْفَصْلُ الْأَوَّلُفِي الْيَاءَاتِ الَّتِي بَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَفْتُوحَةٌ

- ‌الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْيَاءَاتِ الَّتِي بَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَكْسُورَةٌ

- ‌الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْيَاءَاتِ الَّتِي بَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَضْمُومَةٌ

- ‌الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْيَاءَاتِ الَّتِي بَعْدَهَا هَمْزَةُ وَصْلٍ مَعَ لَامِ التَّعْرِيفِ

- ‌الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي الْيَاءَاتِ الَّتِي بَعْدَهَا هَمْزَةُ وَصْلٍ مُجَرَّدَةٌ عَنِ اللَّامِ

- ‌[الفصل السادس:] فِي الْيَاءَاتِ الَّتِي لَمْ يَقَعْ بَعْدَهَا هَمْزَةُ قَطْعٍ، وَلَا وَصْلٍ، بَلْ حَرْفٌ مِنْ بَاقِي حُرُوفِ الْمُعْجَمِ

- ‌بَابُ مَذَاهِبِهِمْ فِي يَاءَاتِ الزَّوَائِدِ

- ‌بَابُ بَيَانِ إِفْرَادِ الْقِرَاءَاتِ وَجَمْعِهَا

- ‌بَابُ فَرْشِ الْحُرُوفِ

- ‌ سُورَةِ الْبَقَرَةِ

- ‌سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ

- ‌سُورَةُ النِّسَاءِ

- ‌سُورَةُ الْمَائِدَةِ

- ‌سُورَةُ الْأَنْعَامِ

- ‌سُورَةُ الْأَعْرَافِ

- ‌سُورَةُ الْأَنْفَالِ

- ‌سُورَةُ التَّوْبَةِ

- ‌سُورَةُ يُونُسَ

- ‌سُورَةُ هُودٍ

- ‌سُورَةُ يُوسُفَ

- ‌سُورَةُ الرَّعْدِ

- ‌سُورَةُ إِبْرَاهِيمَ

- ‌سُورَةُ الْحِجْرِ

- ‌سُورَةُ النَّحْلِ

- ‌سُورَةُ الْإِسْرَاءِ

- ‌سُورَةُ الْكَهْفِ

- ‌سُورَةُ مَرْيَمَ

- ‌سُورَةُ طه

- ‌سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ

- ‌سُورَةُ الْحَجِّ

- ‌سُورَةُ الْمُؤْمِنُونَ

- ‌سُورَةُ النُّورِ

- ‌سُورَةُ الْفُرْقَانِ

- ‌سُورَةُ الشُّعَرَاءِ

- ‌سُورَةُ النَّمْلِ

- ‌سُورَةُ الْقَصَصِ

- ‌سُورَةُ الْعَنْكَبُوتِ

- ‌سُورَةُ الرُّومِ

- ‌سُورَةُ لُقْمَانَ

- ‌سُورَةُ السَّجْدَةِ

- ‌سُورَةُ الْأَحْزَابِ

- ‌سُورَةُ سَبَأٍ

- ‌سُورَةُ فَاطِرٍ

- ‌سُورَةُ يس

- ‌سُورَةُ وَالصَّافَّاتِ

- ‌سُورَةُ ص

- ‌سُورَةُ الزُّمَرِ

- ‌سُورَةُ الْمُؤْمِنِ

- ‌سُورَةُ فُصِّلَتْ

- ‌سُورَةُ الشُّورَى

- ‌سُورَةُ الزُّخْرُفِ

- ‌سُورَةُ الدُّخَانِ

- ‌سُورَةُ الْجَاثِيَةِ

- ‌سُورَةُ الْأَحْقَافِ

- ‌سُورَةُ مُحَمَّدٍ

- ‌سُورَةُ الْفَتْحِ

- ‌سُورَةُ الْحُجُرَاتِ

- ‌سُورَةُ ق

- ‌سُورَةُ الذَّارِيَاتِ

- ‌سُورَةُ الطُّورِ

- ‌سُورَةُ " وَالنَّجْمِ

- ‌سُورَةُ اقْتَرَبَتْ

- ‌سُورَةُ الرَّحْمَنِ

- ‌سُورَةُ الْوَاقِعَةِ

- ‌سُورَةُ الْحَدِيدِ

- ‌سُورَةُ الْمُجَادِلَةِ

- ‌سُورَةُ الْحَشْرِ

- ‌سُورَةُ الْمُمْتَحِنَةِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الصَّفِّ إِلَى سُورَةِ الْمُلْكِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الْمُلْكِ إِلَى سُورَةِ الْجِنِّ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الْجِنِّ إِلَى سُورَةِ النَّبَأِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ النَّبَأِ إِلَى سُورَةِ الْأَعْلَى

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الْأَعْلَى إِلَى آخِرِ الْقُرْآنِ

- ‌بَابُ التَّكْبِيرِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي سَبَبِ وُرُودِهِ

- ‌الْفَصْلُ الثَّانِي: فِي ذِكْرِ مَنْ وَرَدَ عَنْهُ وَأَيْنَ وَرَدَ وَصِيغَتِهِ

- ‌الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي صِيغَتِهِ وَحُكْمِ الْإِتْيَانِ بِهِ وَسَبَبِهِ

- ‌الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي أُمُورٍ تَتَعَلَّقُ بِخَتْمِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ

الفصل: ‌الفصل الثاني: في ذكر من ورد عنه وأين ورد وصيغته

‌الْفَصْلُ الثَّانِي: فِي ذِكْرِ مَنْ وَرَدَ عَنْهُ وَأَيْنَ وَرَدَ وَصِيغَتِهِ

فَاعْلَمْ أَنَّ التَّكْبِيرَ صَحَّ عِنْدَ أَهْلِ مَكَّةَ قُرَّائِهِمْ وَعُلَمَائِهِمْ وَأَئِمَّتِهِمْ، وَمَنْ رَوَى عَنْهُمْ - صِحَّةً اسْتَفَاضَتْ وَاشْتَهَرَتْ وَذَاعَتْ وَانْتَشَرَتْ حَتَّى بَلَغَتْ حَدَّ التَّوَاتُرِ وَصَحَّتْ أَيْضًا عَنْ أَبِي عَمْرٍو مِنْ رِوَايَةِ السُّوسِيِّ، وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مِنْ رِوَايَةِ الْعُمَرِيِّ وَوَرَدَتْ أَيْضًا عَنْ سَائِرِ الْقُرَّاءِ، وَبِهِ كَانَ يَأْخُذُ ابْنُ حَبَشٍ وَأَبُو الْحُسَيْنِ الْخَبَّازِيُّ عَنِ الْجَمِيعِ، وَحَكَى ذَلِكَ الْإِمَامُ أَبُو الْفَضْلِ الرَّازِيُّ وَأَبُو الْقَاسِمِ الْهُذَلِيُّ، وَالْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ، وَقَدْ صَارَ عَلَى هَذَا الْعَمَلُ عِنْدَ أَهْلِ الْأَمْصَارِ فِي سَائِرِ الْأَقْطَارِ عِنْدَ خَتْمِهِمْ فِي الْمَحَافِلِ وَاجْتِمَاعِهِمْ فِي الْمَجَالِسِ لَدَى الْأَمَاثِلِ، وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ يَقُومُ بِهِ فِي صَلَاةِ رَمَضَانَ، وَلَا يَتْرُكُهُ عِنْدَ الْخَتْمِ عَلَى أَيِ حَالٍ كَانَ. قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مُحَمَّدٍ سِبْطُ الْخَيَّاطِ فِي الْمُبْهِجِ: وَحَكَى شَيْخُنَا الشَّرِيفُ عَنِ الْإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْكَارَزِينِيِّ أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي دَرْسِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَبَلَغَ إِلَى وَالضُّحَى كَبَّرَ لِكُلِّ قَارِئٍ قَرَأَ لَهُ، فَكَانَ يَبْكِي وَيَقُولُ مَا أَحْسَنَهَا مِنْ سُنَّةٍ لَوْلَا أَنِّي لَا أُحِبُّ مُخَالَفَةَ سُنَّةِ النَّقْلِ لَكُنْتُ أَخَذْتُ عَلَى كُلِّ مَنْ قَرَأَ عَلَيَّ بِرِوَايَةِ التَّكْبِيرِ لَكِنَّ الْقِرَاءَةَ سُنَّةٌ تُتَّبَعُ، وَلَا تُبْتَدَعُ. وَقَالَ مَكِّيٌّ: وَرُوِيَ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ كَانُوا يُكَبِّرُونَ فِي آخِرِ كُلِّ خَتْمَةٍ مِنْ خَاتِمَةِ وَالضُّحَى لِكُلِّ الْقُرَّاءِ لِابْنِ كَثِيرٍ، وَغَيْرِهِ سُنَّةً نَقَلُوهَا عَنْ شُيُوخِهِمْ. وَقَالَ الْأَهْوَازِيُّ: وَالتَّكْبِيرُ عِنْدَ أَهْلِ مَكَّةَ فِي آخِرِ الْقُرْآنِ سُنَّةٌ مَأْثُورَةٌ يَسْتَعْمِلُونَهُ فِي قِرَاءَتِهِمْ فِي الدُّرُوسِ وَالصَّلَاةِ انْتَهَى. وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَأْخُذُ بِهِ فِي جَمِيعِ سُوَرِ الْقُرْآنِ، وَذَكَرَ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ وَالْهُذَلِيُّ عَنْ أَبِي الْفَضْلِ الْخُزَاعِيِّ قَالَ الْهُذَلِيُّ: وَعِنْدَ الدَّيْنَوَرِيِّ كَذَلِكَ يُكَبَّرُ فِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ لَا يَخْتَصُّ بِالضُّحَى، وَغَيْرِهَا. لِجَمِيعِ الْقُرَّاءِ.

(قُلْتُ) : وَالدَّيْنَوَرِيُّ هَذَا هُوَ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبَشٍ الدَّيْنَوَرِيُّ إِمَامٌ مُتْقِنٌ ضَابِطٌ قَالَ عَنْهُ

ص: 410

الدَّانِيُّ مُتَقَدِّمٌ فِي عِلْمِ الْقِرَاءَاتِ مَشْهُورٌ بِالْإِتْقَانِ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ كَمَا قَدَّمْنَا عِنْدَ ذِكْرِ وَفَاتِهِ فِي آخِرِ إِسْنَادِ قِرَاءَةِ أَبِي عَمْرٍو، وَهَا نَحْنُ نُشِيرُ إِلَى ذِكْرِ الْأَئِمَّةِ الَّذِينَ وَرَدَ ذَلِكَ عَنْهُمْ مُفَصَّلًا وَمَا صَحَّ عِنْدَنَا عَنِ السَّلَفِ مُبَيَّنًا - إِنْ شَاءَ اللَّهُ -. قَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ فِي كِتَابِهِ جَامِعِ الْبَيَانِ: كَانَ ابْنُ كَثِيرٍ مِنْ طَرِيقِ الْقَوَّاسِ وَالْبَزِّيِّ، وَغَيْرِهِمَا يُكَبِّرُ فِي الصَّلَاةِ وَالْعَرْضِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ وَالضُّحَى مَعَ فَرَاغِهِ مِنْ كُلِّ سُورَةٍ إِلَى آخِرِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ فَإِذَا كَبَّرَ فِي " النَّاسِ " قَرَأَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَخَمْسَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ عَلَى عَدَدِ الْكُوفِيِّينَ إِلَى قَوْلِهِ: وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، ثُمَّ دَعَا بِدُعَاءِ الْخَتْمَةِ قَالَ: وَهَذَا يُسَمَّى الْحَالَّ الْمُرْتَحِلَ وَلَهُ فِي فِعْلِهِ هَذَا دَلَائِلُ مُسْتَفِيضَةٌ جَاءَتْ مِنْ آثَارٍ مَرْوِيَّةٍ وَرَدَ التَّوْقِيفُ بِهَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَخْبَارٍ مَشْهُورَةٍ مُسْتَفِيضَةٍ جَاءَتْ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْخَالِفِينَ. وَقَالَ أَبُو الطَّيِّبِ عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ غَلْبُونَ: وَهَذِهِ سُنَّةٌ مَأْثُورَةٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَعَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَهِيَ سُنَّةٌ بِمَكَّةَ لَا يَتْرُكُونَهَا الْبَتَّةَ، وَلَا يَعْتَبِرُونَ رِوَايَةَ الْبَزِّيِّ، وَغَيْرِهِ. وَقَالَ أَبُو الْفَتْحِ فَارِسُ بْنُ أَحْمَدَ لَا نَقُولُ إِنَّهُ لَا بُدَّ لِمَنْ خَتَمَ أَنْ يَفْعَلَهُ لَكِنَّ مَنْ فَعَلَهُ فَحَسَنٌ، وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْهُ فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ، وَهُوَ سُنَّةٌ مَأْثُورَةٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَعَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ.

(قُلْتُ) : أَمَّا مَا هُوَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِنِّي قَرَأْتُ الْقُرْآنَ عَلَى الشَّيْخِ الْإِمَامِ الْعَلَّامَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْمِصْرِيِّ بِهَا فَلَمَّا بَلَغْتُ وَالضُّحَى كَبَّرْتُ قَالَ: قَرَأْتُ الْقُرْآنَ عَلَى الْإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمِصْرِيِّ بِهَا فَلَمَّا بَلَغْتُ وَالضُّحَى كَبَّرْتُ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى الْإِمَامِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ شُجَاعٍ الْعَبَّاسِيِّ الْمِصْرِيِّ بِهَا فَلَمَّا بَلَغْتُ وَالضُّحَى. كَبَّرْتُ. قَالَ: قَرَأْتُ الْقُرْآنَ عَلَى الْإِمَامِ وَلِيِّ اللَّهِ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ فِيرَةَ الشَّاطِبِيِّ بِمِصْرَ. فَلَمَّا بَلَغْتُ وَالضُّحَى كَبَّرْتُ (ح) ، وَقَرَأْتُ الْقُرْآنَ عَلَى الْإِمَامِ قَاضِي الْمُسْلِمِينَ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَلْمَانَ الدِّمَشْقِيِّ بِهَا. فَلَمَّا بَلَغْتُ وَالضُّحَى كَبَّرْتُ، وَقَالَ: قَرَأْتُ الْقُرْآنَ عَلَى وَالِدِي الْمَذْكُورِ بِدِمَشْقَ فَلَمَّا

ص: 411

بَلَغْتُ وَالضُّحَى كَبَّرْتُ قَالَ: قَرَأْتُ الْقُرْآنَ عَلَى الْإِمَامِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْقَاسِمِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَنْدَلُسِيِّ بِدِمَشْقَ فَلَمَّا بَلَغْتُ وَالضُّحَى كَبَّرْتُ قَالَ: قَرَأْتُ الْقُرْآنَ عَلَى الْإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ الْغَافِقِيِّ الْأَنْدَلُسِيِّ بِهَا فَلَمَّا بَلَغْتُ وَالضُّحَى كَبَّرْتُ قَالَا أَعْنِي الشَّاطِبِيَّ وَالْغَافِقِيَّ هَذَا قَرَأْنَا الْقُرْآنَ عَلَى الْإِمَامِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ هُذَيْلٍ بِالْأَنْدَلُسِ فَلَمَّا بَلَغْنَا وَالضُّحَى كَبَّرْنَا قَالَ: قَرَأْتُ الْقُرْآنَ عَلَى الْإِمَامِ أَبِي دَاوُدَ سُلَيْمَانَ بْنِ نَجَاحٍ الْأُمَوِيِّ بِالْأَنْدَلُسِ فَلَمَّا بَلَغْتُ وَالضُّحَى كَبَّرْتُ قَالَ: قَرَأْتُ الْقُرْآنَ عَلَى الْإِمَامِ أَبِي عَمْرٍو عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ الدَّانِيِّ بِالْأَنْدَلُسِ فَلَمَّا بَلَغْتُ وَالضُّحَى كَبَّرْتُ قَالَ: قَرَأْتُ الْقُرْآنَ عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جَعْفَرٍ الْفَارِسِيِّ بِمِصْرَ فَلَمَّا بَلَغْتُ وَالضُّحَى كَبَّرْتُ قَالَ: قَرَأْتُ الْقُرْآنَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ النَّقَّاشِ بِبَغْدَادَ فَلَمَّا بَلَغْتُ وَالضُّحَى كَبَّرْتُ قَالَ: قَرَأْتُ الْقُرْآنَ عَلَى أَبِي رَبِيعَةَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الرَّبْعِيِّ بِمَكَّةَ فَلَمَّا بَلَغْتُ وَالضُّحَى كَبَّرْتُ قَالَ: قَرَأْتُ الْقُرْآنَ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ بَزَّةَ الْبَزِّيِّ بِمَكَّةَ فَلَمَّا بَلَغْتُ وَالضُّحَى كَبَّرْتُ قَالَ: قَرَأْتُ الْقُرْآنَ عَلَى عِكْرِمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ بِمَكَّةَ فَلَمَّا بَلَغْتُ وَالضُّحَى كَبَّرْتَ (وَأَخْبَرَنَا) الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ الدِّمَشْقِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ أَنْبَأَنَا الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ فَضْلٍ الْوَاسِطِيُّ مُشَافَهَةً أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ شَيْخُ الشُّيُوخِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَلَاءِ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَافِظُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ الْهَمَذَانِيُّ بِهَمَذَانَ أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْفَارِسِيُّ بِهَرَاةَ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ (ح) وَأَخْبَرَنَاهُ عَالِيًا أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ هِلَالٍ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بِالْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ السَّعْدِيِّ أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الصَّيْدَلَانِيُّ فِي كِتَابِهِ مِنْ أَصْبَهَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ أَحْمَدَ الْحَدَّادُ أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ الصَّفَّارُ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ

ص: 412

بُنْدَارٍ الشَّعَّارُ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَاصِمٍ النَّبِيلُ قَالَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ الْبَزِّيُّ قَالَ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ بْنَ سُلَيْمَانَ يَقُولُ قَرَأْتُ عَلَى إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسْطَنْطِينَ فَلَمَّا بَلَغْتُ وَالضُّحَى قَالَ لِي: كَبِّرْ عِنْدَ خَاتِمَةِ كُلِّ سُورَةٍ حَتَّى تَخْتِمَ فَإِنِّي قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ فَلَمَّا بَلَغْتُ وَالضُّحَى قَالَ لِي: كَبِّرْ عِنْدَ خَاتِمَةِ كُلِّ سُورَةٍ حَتَّى تَخْتِمَ، وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى مُجَاهِدٍ فَأَمَرَهُ بِذَلِكَ، وَأَخْبَرَهُ مُجَاهِدٌ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَمَرَهُ بِذَلِكَ، وَأَخْبَرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ أَمَرَهُ بِذَلِكَ، وَأَخْبَرَهُ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ بِذَلِكَ، وَأَخْبَرَنَا بِهِ أَحْسَنَ مِنْ هَذَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرَاغِيُّ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ قُلْتُ لَهُ: أَخْبَرَكَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ بُخَارِيٍّ سَمَاعًا، أَوْ إِجَازَةً، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَبَرْزَدَ وَالدَّارْقَزِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النَّقُورِ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْمُخَلِّصُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ (ح) ، وَأَخْبَرَتْنَا الشَّيْخَةُ سِتُّ الْعَرَبِ بِنْتُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ السَّعْدِيَّةُ مُشَافَهَةً، أَخْبَرَنَا جَدِّي عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ حُضُورًا عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ الصَّفَّارِ أَنَا زَاهِرُ بْنُ طَاهِرٍ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَافِظُ أَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ ثَنَا ابْنُ صَاعِدٍ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَزَّةَ فَذَكَرَهُ. هَذَا حَدِيثٌ جَلِيلٌ وَقَعَ لَنَا عَالِيًا جِدًّا، بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْبَزِّيِّ فِيهِ مِنْ طَرِيقِ الْمُخَلِّصِ سَبْعَةُ رِجَالٍ، رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ عَنْ فَارِسِ بْنِ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْمُقْرِي، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحِجَازِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَكِّيُّ الْمُقْرِي الضَّرِيرُ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ ثَنَا الْبَزِّيُّ فَذَكَرَهُ. ثُمَّ قَالَ الدَّانِيُّ: وَهَذَا أَتَمُّ حَدِيثٍ رُوِيَ فِي التَّكْبِيرِ، وَأَصَحُّ خَبَرٍ جَاءَ فِيهِ، وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي صَحِيحِهِ الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ أَبِي يَحْيَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْإِمَامِ بِمَكَّةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ الصَّائِغِ عَنِ الْبَزِّيِّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخْرِجْهُ الْبُخَارِيُّ، وَلَا مُسْلِمٌ. قَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ لَمْ يَرْفَعْ أَحَدٌ التَّكْبِيرَ إِلَّا الْبَزِّيُّ فَإِنَّ الرِّوَايَاتِ قَدْ تَظَافَرَتْ

ص: 413

عَنْهُ بِرَفْعِهِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: وَرَوَاهُ النَّاسُ فَوَقَفُوهُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ، ثُمَّ سَاقَ الرِّوَايَاتِ بِرَفْعِهِ، وَمَدَارُهَا كُلُّهَا عَلَى الْبَزِّيِّ.

(قُلْتُ) : وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي الْبَزِّيِّ ذَلِكَ مِنْ قَبْلِ رَفْعِهِ لَهُ، فَضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَالْعُقَيْلِيُّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ رَوَاهُ عَنِ الْبَزِّيِّ جَمَاعَةٌ كَثِيرُونَ وَثِقَاتٌ مُعْتَبَرُونَ أَحْمَدُ بْنُ فَرَحٍ وَإِسْحَاقُ الْخُزَاعِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ الْحُبَابِ وَالْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَدَّادُ وَأَبُو رَبِيعَةَ وَأَبُو مَعْمَرٍ الْجُمَحِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ الْكُدَيْمِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْمَكِّيُّ وَأَبُو الْفَضْلِ جَعْفَرُ بْنُ دَرَسْتَوَيْهِ وَزَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى السَّاجِيُّ وَأَبُو يَحْيَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي مَيْسَرَةَ وَأَبُو عَمْرٍو قُنْبُلٌ وَأَبُو حَبِيبٍ الْعَبَّاسُ بْنُ أَحْمَدَ الْبِرْتِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَطِيبُ وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبُو جَعْفَرٍ اللِّهْبِيَّانِ وَمُوسَى بْنُ هَارُونَ وَمُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ وَمُضَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَالْوَلِيدُ بْنُ بُنَانٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الشَّطَوِيُّ وَأَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى بْنِ الصَّبَّاحِ الْخُزَاعِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ النَّبِيلُ وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُقَاتِلٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصَّائِغُ وَيَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ وَالْإِمَامُ الْكَبِيرُ إِمَامُ الْأَئِمَّةِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، كَمَا أَخْبَرَتْنِي الشَّيْخَةُ الْمُعَمَّرَةُ أُمُّ مُحَمَّدٍ سِتُّ الْعَرَبِ بِنْتُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الصَّالِحِيَّةُ مُشَافَهَةً بِمَنْزِلِهَا بِالسَّفْحِ ظَاهِرَ دِمَشْقَ قَالَتْ: أَخْبَرَنَا جَدِّي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيٌّ الْمَذْكُورُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا حَاضِرَةٌ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الصَّفَّارِ فِي كِتَابِهِ أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الشَّحَّامِيُّ الْحَافِظُ أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْعَدْلُ (ثَنَا) مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ يَقُولُ سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ بْنَ سُلَيْمَانَ مَوْلَى شَيْبَةَ يَقُولُ قَرَأْتُ عَلَى إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَكِّيِّ فَلَمَّا بَلَغْتُ وَالضُّحَى قَالَ لِي: كَبِّرْ حَتَّى تَخْتِمَ فَإِنِّي قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ فَأَمَرَنِي بِذَلِكَ

فَذَكَرَهُ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ رحمه الله إِنِّي أَنَا خَائِفٌ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَسْقَطَ ابْنُ أَبِي بَزَّةَ، أَوْ عِكْرِمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ مِنْ هَذَا الْإِسْنَادِ شِبْلًا.

(قُلْتُ) : يَعْنِي بَيْنَ إِسْمَاعِيلَ وَابْنِ كَثِيرٍ، وَلَمْ يُسْقِطْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا شِبْلًا، فَقَدْ صَحَّتْ قِرَاءَةُ إِسْمَاعِيلَ

ص: 414

عَلَى ابْنِ كَثِيرٍ نَفْسِهِ، وَعَلَى شِبْلٍ، وَعَلَى مَعْرُوفٍ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

عَلَى أَنَّهُ قَدْ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ الْكُدَيْمِيُّ عَنِ الْبَزِّيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَلَمَّا بَلَغْتُ وَالضُّحَى قَالَ: كَبِّرْ مَعَ خَاتِمَةِ كُلِّ سُورَةٍ حَتَّى تَخْتِمَ فَإِنِّي قَرَأْتُ عَلَى شِبْلِ بْنِ عَبَّادٍ وَعَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ فَأَمَرَانِي بِذَلِكَ، وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى ابْنِ مُجَاهِدٍ فَأَمَرَهُ بِذَلِكَ وَسَاقَهُ حَتَّى رَفَعَهُ. (ثُمَّ) رَوَى الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو وَبِسَنَدِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ هَارُونَ قَالَ: قَالَ الْبَزِّيُّ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ إِنْ تَرَكْتَ التَّكْبِيرَ فَقَدْ تَرَكْتَ سُنَّةً مِنْ سُنَنِ نَبِيِّكَ صلى الله عليه وسلم. قَالَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ عِمَادُ الدِّينِ بْنُ كَثِيرٍ: وَهَذَا يَقْتَضِي تَصْحِيحَهُ لِهَذَا الْحَدِيثِ. وَرَوَى الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ عَنِ الْبَزِّيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الشَّافِعِيِّ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَكُنْتُ قَدْ وَقَفْتُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ مَنْ عِنْدَهُ إِنَّ أَبَا الْحَسَنِ لَا يُحَدِّثُنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ لِي يَا أَبَا الْحَسَنِ وَاللَّهِ لَئِنْ تَرَكْتَهُ لَتَتْرُكَنَّ سُنَّةَ نَبِيَّكَ. وَجَاءَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَغْدَادَ وَمَعَهُ رَجُلٌ عَبَّاسِيٌّ وَسَأَلَنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَأَبَيْتُ أَنْ أُحَدِّثَهُ إِيَّاهُ فَقَالَ وَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْنَاهُ مِنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْأَعْيَنِ عَنْكَ فَلَوْ كَانَ مُنْكَرًا مَا رَوَاهُ وَكَانَ يَجْتَنِبُ الْمُنْكَرَاتِ.

(قُلْتُ) : إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيُّ هَذَا هُوَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ شَافِعِ بْنِ السَّائِبِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَبْدِ يَزِيدَ بْنِ هَاشِمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ الْإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ شَافِعٍ الشَّافِعِيِّ مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ، وَيُقَالُ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَهُوَ مِنْ أَكْبَرِ أَصْحَابِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ الْمَعْدُودِينَ فِي الْآخِذِينَ عَنْهُ. وَأَمَّا الرِّوَايَاتُ الْمَوْقُوفَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ فَأَسْنَدَ أَبُو بَكْرِ بْنُ مُجَاهِدٍ، وَالْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ وَأَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الْفَحَّامِ، وَالْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحُمَيْدِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي حَيَّةَ التَّمِيمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ الْأَعْرَجُ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: خَتَمْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ تِسْعَ عَشْرَةَ خَتْمَةً كُلُّهَا يَأْمُرُنِي أَنْ أُكَبِّرَ فِيهَا مِنْ أَلَمْ نَشْرَحْ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي حَيَّةَ قَرَأْتُ عَلَى حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ فَلَمَّا بَلَغْتُ وَالضُّحَى قَالَ لِي: كَبِّرْ

ص: 415

إِذَا خَتَمْتَ كُلَّ سُورَةٍ حَتَّى تَخْتِمَ فَإِنِّي قَرَأْتُ عَلَى مُجَاهِدٍ فَأَمَرَنِي بِذَلِكَ، وَرَوَاهُ الدَّانِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَكَرِيَّا بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَحْيَى بْنِ أَبِي حَيَّةَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً، وَرَوَاهُ ابْنُ مُجَاهِدٍ عَنِ الْحُمَيْدِيِّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ فَأَدْخَلَ بَيْنَ الْحُمَيْدِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ سُفْيَانَ قَالَ الدَّانِيُّ: وَهُوَ غَلَطٌ وَالصَّوَابُ عَدَمُ ذِكْرِ سُفْيَانَ كَمَا رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنِ الْحُمَيْدِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَتَقَدَّمَ، وَأَسْنَدَ الْحَافِظَانِ عَنْ شِبْلِ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ مُحَيْصِنٍ وَابْنَ كَثِيرٍ الدَّارِيَّ إِذَا بَلَغَا أَلَمْ نَشْرَحْ كَبَّرَا حَتَّى يَخْتِمَا وَيَقُولَانِ رَأَيْنَا مُجَاهِدًا فَعَلَ ذَلِكَ. وَذَكَرَ مُجَاهِدٌ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَأْمُرُهُ بِذَلِكَ. وَأَسْنَدَ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو وَأَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الْفَحَّامِ، وَالْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ الْمَخْزُومِيِّ فَلَمَّا بَلَغْتُ وَالضُّحَى قَالَ: هِيهَا، قُلْتُ وَمَا تُرِيدُ بِهِيهَا؟ قَالَ: كَبِّرْ فَإِنِّي رَأَيْتُ مَشَايِخَنَا مِمَّنْ قَرَأَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَأْمُرُهُمْ بِالتَّكْبِيرِ إِذَا بَلَغُوا وَالضُّحَى، وَرَوَى الْحَافِظَانِ، وَابْنُ الْفَحَّامِ عَنْ قُنْبُلٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَوْنٍ الْقَوَّاسُ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَبِي الْفَتْحِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ الْحَسَنِ الْمُقْرِي قَالَ: حَدَّثَنِي جَمَاعَةٌ عَنِ الزَّيْنَبِيِّ وَابْنُ الصَّبَّاحِ عَنْ قُنْبُلٍ، وَعَنِ الْحُلْوَانِيِّ وَالْجَدِّيِّ وَابْنِ شُرَيْحٍ كُلُّهُمْ عَنِ الْقَوَّاسِ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ مِنْ خَاتِمَةِ وَالضُّحَى إِلَى خَاتِمَةِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، وَإِذَا خَتَمَهَا قَطَعَ التَّكْبِيرَ; وَقَالَ ابْنُ مُجَاهِدٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ ثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ: ثَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ مِنْ خَاتِمَةِ وَالضُّحَى إِلَى خَاتِمَةِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، وَإِذَا خَتَمَهَا قَطَعَ التَّكْبِيرَ. وَأَسْنَدَ الدَّانِيُّ أَيْضًا عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: أَرَأَيْتَ حُمَيْدًا الْأَعْرَجَ يَقْرَأُ وَالنَّاسُ حَوْلَهُ فَإِذَا بَلَغَ وَالضُّحَى كَبَّرَ إِذَا خَتَمَ كُلَّ سُورَةٍ حَتَّى يَخْتِمَ. وَرَوَاهُ ابْنُ مُجَاهِدٍ، وَغَيْرُهُ عَنْ سُفْيَانَ. وَرَوَى الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَبَلَغْتَ بَيْنَ الْمُفَصَّلِ فَاحْمَدِ اللَّهِ وَكَبِّرْ بَيْنَ كُلِّ سُورَتَيْنِ

ص: 416

، وَفِي رِوَايَةٍ: فَتَابِعْ بَيْنَ الْمُفَصَّلِ فِي السُّورِ الْقِصَارِ وَاحْمَدِ اللَّهَ وَكَبِّرْ بَيْنَ كُلِّ سُورَتَيْنِ. وَأَمَّا اخْتِلَافُ أَهْلِ الْأَدَاءِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى الْأَخْذِ بِهِ لِلْبَزِّيِّ. وَاخْتَلَفُوا عَنْ قُنْبُلٍ فَالْجُمْهُورُ مِنَ الْمَغَارِبَةِ عَلَى عَدَمِ التَّكْبِيرِ لَهُ كَسَائِرِ الْقِرَاءَةِ، وَهُوَ الَّذِي فِي التَّيْسِيرِ، وَالْكَافِي، وَالْعُنْوَانِ، وَالتَّذْكِرَةِ، وَالتَّبْصِرَةِ، وَتَلْخِيصِ الْعِبَارَاتِ وَالْهَادِي، وَالْإِرْشَادِ لِأَبِي الطَّيِّبِ بْنِ غَلْبُونَ حَتَّى قَالَ فِيهِ: وَلَمْ يَفْعَلْ هَذَا قُنْبُلٌ، وَلَا غَيْرُهُ مِنَ الْقِرَاءَةِ، أَعْنِي التَّكْبِيرَ. وَرَوَى التَّكْبِيرَ عَنْ قُنْبُلٍ الْجُمْهُورُ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ وَبَعْضُ الْمَغَارِبَةِ، وَهُوَ الَّذِي فِي الْجَامِعِ وَالْمُسْتَنِيرِ وَالْوَجِيزِ وَالْإِرْشَادِ وَالْكِفَايَةِ لِأَبِي الْعِزِّ، وَالْمُبْهِجِ وَالْكِفَايَةِ فِي السِّتِّ، وَتَلْخِيصِ أَبِي مَعْشَرٍ، وَفِي الْغَايَةِ لِأَبِي الْعَلَاءِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ مُجَاهِدٍ وَفِي الْهِدَايَةِ قَرَأْتُ لِقُنْبُلٍ بِوَجْهَيْنِ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَ الْوَجْهَيْنِ أَبُو الْقَاسِمِ الشَّاطِبِيُّ وَالصَّفْرَاوِيُّ، وَذَكَرَهُ أَيْضًا الدَّانِيُّ فِي غَيْرِ التَّيْسِيرِ فَقَالَ فِي الْمُفْرَدَاتِ، وَقَدْ قَرَأْتُ لِقُنْبُلٍ بِالتَّكْبِيرِ وَحْدَهُ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ ابْنِ مُجَاهِدٍ.

ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ الرَّاوُونَ لِلتَّكْبِيرِ عَنِ الْمَذْكُورِينَ فِي ابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ وَانْتِهَائِهِ وَصِيغَتِهِ بِنَاءً مِنْهُمْ عَلَى أَنَّ التَّكْبِيرَ هُوَ لِأَوَّلِ السُّورَةِ، أَوْ لِآخِرِهَا، وَهَذَا يَنْبَنِي عَلَى سَبَبِ التَّكْبِيرِ مَا هُوَ كَمَا تَقَدَّمَ.

أَمَّا ابْتِدَاؤُهُ، فَرَوَى جُمْهُورُهُمُ التَّكْبِيرَ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ أَلَمْ نَشْرَحْ، أَوْ مِنْ آخِرِ سُورَةِ وَالضُّحَى عَلَى خِلَافٍ بَيْنَهُمْ فِي الْعِبَارَةِ يَنْبَنِي عَلَى مَا قَدَّمْنَا، وَيَنْبَنِي عَلَيْهَا مَا يَأْتِي. فَمَنْ نَصَّ عَلَى التَّكْبِيرِ مِنْ آخِرِ وَالضُّحَى صَاحِبُ التَّيْسِيرِ، لَمْ يَقْطَعْ فِيهِ بِسِوَاهُ، وَكَذَلِكَ شَيْخُهُ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ غَلْبُونَ صَاحِبُ التَّذْكِرَةِ، لَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُ، وَكَذَا وَالِدُهُ، وَأَبُو الطَّيِّبِ فِي إِرْشَادِهِ، وَكَذَلِكَ صَاحِبُ الْعُنْوَانِ، وَصَاحِبُ الْكَافِي، وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ، وَصَاحِبُ الْهَادِي، وَأَبُو عَلِيِّ بْنُ بَلِّيمَةَ وَأَبُو مُحَمَّدٍ مَكِّيٌّ وَأَبُو مَعْشَرٍ الطَّبَرِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ سِبْطُ الْخَيَّاطِ فِي مُبْهِجِهِ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الشَّنَبُوذِيِّ وَأَبُو الْقَاسِمِ الْهُذَلِيُّ. وَمِمَّنْ نَصَّ عَلَيْهِ مِنْ أَوَّلِ أَلَمْ نَشْرَحْ صَاحِبُ التَّجْرِيدِ مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى غَيْرِ الْفَارِسِيِّ وَالْمَالِكِيِّ، وَأَبُو الْعِزِّ فِي إِرْشَادِهِ وَكِفَايَتِهِ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ مَنْ رَوَاهُ مِنْ أَوَّلِ وَالضُّحَى كَمَا سَيَأْتِي.

وَكَذَلِكَ صَاحِبُ الْجَامِعِ، وَصَاحِبُ الْمُسْتَنِيرِ، وَالْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ، وَغَيْرُهُمْ

ص: 417

مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ مِمَّنْ لَمْ يَرْوِ التَّكْبِيرَ مِنْ أَوَّلِ " الضُّحَى " إِذْ هُمْ فِي التَّكْبِيرِ بَيْنَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ مِنْ أَوَّلِ أَلَمْ نَشْرَحْ وَبَيْنَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ مِنْ أَوَّلِ وَالضُّحَى كَمَا سَنَذْكُرُهُ، وَلَمْ يُصَرِّحْ أَحَدٌ بِآخِرِ الضُّحَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ مَنْ قَدَّمْنَا مِنْ أَئِمَّةِ الْمَغَارِبَةِ، وَغَيْرِهِمْ، وَرَوَى الْآخَرُونَ مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ التَّكْبِيرَ مِنْ أَوَّلِ وَالضُّحَى، وَهُوَ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ لِأَبِي عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيِّ، وَبِهِ قَرَأَ صَاحِبُ التَّجْرِيدِ عَلَى الْفَارِسِيِّ وَالْمَالِكِيِّ، وَبِهِ قَطَعَ صَاحِبُ الْجَامِعِ إِلَّا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ فَرَحٍ هِبَةِ اللَّهِ عَنْ أَبِي رَبِيعَةَ كِلَاهُمَا عَنِ الْبَزِّيِّ وَإِلَّا مِنْ طَرِيقِ نَظِيفٍ عَنْ قُنْبُلٍ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ طُرُقِنَا، وَبِذَلِكَ قَطَعَ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ الْبَزِّيُّ وَلِقُنْبُلٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ مُجَاهِدٍ، وَفِي إِرْشَادِ أَبِي الْعِزِّ مِنْ طَرِيقِ النَّقَّاشِ عَنْ أَبِي رَبِيعَةَ، وَقَالَ فِي كِفَايَتِهِ: رَوَى الْبَزِّيُّ وَابْنُ فُلَيْحٍ وَالْحَمَّامِيُّ وَالْقَطَّانُ عَنْ زَيْدٍ وَبَكَّارٍ عَنِ ابْنِ مُجَاهِدٍ عَنْ قُنْبُلٍ وَابْنِ شَنَبُوذَ وَابْنِ الصَّبَّاحِ، وَابْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَنَظِيفٍ يَعْنِي عَنْ قُنْبُلٍ أَنَّ التَّكْبِيرَ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ وَالضُّحَى قَالَ: وَالْبَاقُونَ يَعْنِي مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ كَثِيرٍ يُكَبِّرُونَ مِنْ أَوَّلِ أَلَمْ نَشْرَحْ.

وَقَالَ فِي الْمُسْتَنِيرِ: قَرَأْتُ عَلَى شَيْخِنَا أَبِي عَلِيٍّ الشَّرْمَقَانِيِّ عَنِ ابْنِ فُلَيْحٍ وَابْنِ ذُوَابَةَ عَنِ اللِّهْبِيَّيْنِ، وَطُرُقِ الْحَمَّامِيِّ عَنِ الْبَزِّيِّ، وَعَلَى شَيْخِنَا أَبِي الْعَطَّارِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ عَنْ جَمِيعِ مَا قَرَأَ بِهِ عَلَى أَبِي إِسْحَاقَ لِابْنِ كَثِيرٍ وَعَلَى ابْنِ الْعَلَّافِ لِلْخُزَاعِيِّ وَعَلَى الْحَمَّامِيِّ عَنِ النَّقَّاشِ وَهِبَةِ اللَّهِ عَنِ اللِّهْبِيِّ، وَعَلَى ابْنِ الْفَحَّامِ عَنِ ابْنِ فَرَحٍ، وَعَلَى أَبِي الْحَسَنِ الْخَيَّاطِ عَنِ الْبَزِّيِّ، وَعَنْ نَظِيفٍ عَنْ قُنْبُلٍ، وَعَلَى أَبِي الْحَسَنِ بْنِ طَلْحَةَ لِقُنْبُلٍ، وَعَلَى الشَّيْخِ أَبِي الْفَتْحِ الْوَاسِطِيِّ لِقُنْبُلٍ بِالتَّكْبِيرِ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ وَالضُّحَى قَالَ: وَقَرَأْتُ عَمَّنْ بَقِيَ مِنْ رِوَايَاتٍ ابْنِ كَثِيرٍ وَطُرُقِهِ عَلَى شُيُوخِي بِالتَّكْبِيرِ مِنْ أَوَّلِ أَلَمْ نَشْرَحْ، وَذَكَرَهُ فِي الْمُبْهِجِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الْفَرَجِ الشَّنَبُوذِيِّ فَقَطْ يَعْنِي مِنْ رِوَايَتَيِ الْبَزِّيِّ، وَقُنْبُلٍ، ثُمَّ قَالَ: لِأَنَّ الْكَارَزِينِيَّ حَكَى أَنَّهُ لَمَّا قَرَأَ عَلَيْهِ لِابْنِ كَثِيرٍ خَتَمَ سُورَةَ " وَاللَّيْلِ " وَسَكَتَ، ثُمَّ قَالَ: ثُمَّ قَرَأْتُ بِالتَّكْبِيرِ مِنْ أَوَّلِ وَالضُّحَى، وَهُوَ الَّذِي قَرَأَ بِهِ الدَّانِيُّ عَلَى الْفَارِسِيِّ عَنِ النَّقَّاشِ عَنْ أَبِي رَبِيعَةَ عَنِ الْبَزِّيِّ كَمَا ذَكَرَهُ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ، وَغَيْرِهِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَخْتَرْهُ، وَاخْتَارَهُ

ص: 418

أَنْ يَكُونَ مِنْ آخِرِ الضُّحَى كَمَا سَنَذْكُرُهُ وَلِذَلِكَ لَمَّا أَشَارَ إِلَيْهِ فِي التَّيْسِيرِ آخِرًا رَدَّهُ بِقَوْلِهِ: وَالْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ عَنِ الْمَكِّيِّينَ بِالتَّكْبِيرِ دَالَّةٌ عَلَى مَا ابْتَدَأْنَا بِهِ لِأَنَّ فِيهَا " مَعَ "، وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى الصِّحَّةِ وَالْإِجْمَاعِ. انْتَهَى.

(وَلَمْ يَرْوِ) أَحَدٌ التَّكْبِيرَ مِنْ آخِرِ " وَاللَّيْلِ " كَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ آخِرِ " وَالضُّحَى "، وَمَنْ ذَكَرَهُ كَذَلِكَ فَإِنَّمَا أَرَادَ كَوْنَهُ مِنْ أَوَّلِ الضُّحَى، وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا صَرَّحَ بِهَذَا اللَّفْظِ إِلَّا الْهُذَلِيَّ فِي كَامِلِهِ تَبَعًا لِلْخُزَاعِيِّ فِي الْمُنْتَهَى، وَإِلَّا الشَّاطِبِيَّ حَيْثُ قَالَ:

وَقَالَ بِهِ الْبَزِّيُّ مِنْ آخِرِ الضُّحَى

وَبَعْضٌ لَهُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ وَصَلَا

وَلَمَّا رَأَى بَعْضُ الشُّرَّاحِ قَوْلَهُ هَذَا مُشْكِلًا قَالَ: مُرَادُهُ بِالْآخِرِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ أَوَّلُ السُّورَتَيْنِ، أَيْ: أَوَّلَ أَلَمْ نَشْرَحْ وَأَوَّلَ وَالضُّحَى وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَكُونُ بِذَلِكَ مُهْمِلًا رِوَايَةَ مَنْ رَوَاهُ مِنْ آخِرِ وَالضُّحَى وَهُوَ الَّذِي فِي التَّيْسِيرِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ سَوَّى بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ فِي ذَلِكَ، وَارْتَكَبَ فِي ذَلِكَ الْمَجَازَ وَأَخَذَ بِاللَّازِمِ فِي الْجَوَازِ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ حَقِيقَةً لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ. قَالَ الشُّرَّاحُ: قَوْلُ الشَّاطِبِيِّ " وَبَعْضٌ لَهُ " أَيْ: لِلْبَزِّيِّ، وَصَلَ التَّكْبِيرَ مِنْ آخِرِ سُورَةِ " وَاللَّيْلِ " يعني: من أَوَّلِ الضُّحَى. قَالَ أَبُو شَامَةَ: هَذَا الْوَجْهُ مِنْ زِيَادَاتِ هَذِهِ الْقَصِيدَةِ، وَهُوَ قَوْلُ صَاحِبِ الرَّوْضَةِ، قَالَ: وَرَوَى الْبَزِّيُّ التَّكْبِيرَ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ وَالضُّحَى انْتَهَى. وَأَمَّا الْهُذَلِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ: ابْنُ الصَّبَّاحِ وَابْنُ بَقَرَةَ يُكَبِّرَانِ مِنْ خَاتِمَةِ " وَاللَّيْلِ ".

قُلْتُ: ابْنُ الصَّبَّاحِ هَذَا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّبَّاحِ وَابْنُ بَقَرَةَ هُوَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هَارُونَ الْمَكِّيَّانِ مَشْهُورَانِ مِنْ أَصْحَابِ قُنْبُلٍ، وَهُمَا مِمَّنْ رَوَى التَّكْبِيرَ مِنْ أَوَّلِ الضُّحَى كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ سَوَّارٍ وَأَبُو الْعِزِّ، وَغَيْرُهُمَا، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِآخِرِ اللَّيْلِ هُوَ أَوَّلُ الضُّحَى مُتَعَيِّنٌ إِذِ التَّكْبِيرُ إِنَّمَا هُوَ نَاشِئٌ عَنِ النُّصُوصِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَالنُّصُوصُ الْمُتَقَدِّمَةُ دَائِرَةٌ بَيْنَ ذِكْرِ الضُّحَى وَأَوَّلِ أَلَمْ نَشْرَحْ لَمْ يُذْكَرْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا " وَاللَّيْلِ " فَعُلِمَ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِذِكْرِ آخِرِ اللَّيْلِ هُوَ أَوَّلُ الضُّحَى كَمَا حَمَلَهُ شُرَّاحُ كَلَامِ الشَّاطِبِيِّ. وَهُوَ الصَّوَابُ بِلَا شَكٍّ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

ص: 419

وَأَمَّا انْتِهَاءُ التَّكْبِيرِ، فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِ أَيْضًا فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ مِنَ الْمَغَارِبَةِ وَبَعْضُ الْمَشَارِقَةِ، وَغَيْرُهُمْ إِلَى انْتِهَاءِ التَّكْبِيرِ آخِرَ سُورَةِ النَّاسِ. وَذَهَبَ الْآخَرُونَ، وَهُمْ جُمْهُورُ الْمَشَارِقَةِ إِلَى أَنَّ انْتِهَاءَهُ، أَوَّلَ النَّاسِ لَا يُكَبَّرُ فِي آخِرِ النَّاسِ، وَالْوَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَصْلٍ، وَهُوَ أَنَّ التَّكْبِيرَ هَلْ هُوَ لِأَوَّلِ السُّوَرِ أَمْ لِآخِرِهَا؟ فَمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ لِأَوَّلِ السُّورَةِ لَمْ يُكَبِّرْ فِي آخِرِ النَّاسِ سَوَاءٌ كَانَ ابْتِدَاءُ التَّكْبِيرِ عِنْدَهُ مِنْ أَوَّلِ " أَلَمْ نَشْرَحْ "، أَوْ مِنْ أَوَّلِ الضُّحَى مِنْ جَمِيعِ مَنْ ذَكَرْنَا أَعْنِي الَّذِينَ نَصُّوا عَلَى التَّكْبِيرِ مِنْ أَوَّلِ إِحْدَى السُّورَتَيْنِ، وَمَنْ جَعَلَ الِابْتِدَاءَ مِنْ آخِرِ الضُّحَى كَبَّرَ فِي آخِرِ النَّاسِ مِنْ جَمِيعِ مَنْ ذَكَرْنَا أَعْنِي الَّذِينَ نَصُّوا عَلَى التَّكْبِيرِ مِنْ آخِرِ الضُّحَى. هَذَا هُوَ فَصْلُ النِّزَاعِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. وَمَنْ وُجِدَ فِي كَلَامِهِ خِلَافٌ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّمَا هُوَ بِنَاءٌ عَلَى غَيْرِ أَصْلٍ، أَوْ مُرَادٌ غَيْرُ ظَاهِرِهِ وَلِذَلِكَ اخْتُلِفَ فِي تَرْجِيحِ كُلٍّ مِنَ الْوَجْهَيْنِ، فَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو: وَالتَّكْبِيرُ مِنْ آخِرِ " وَالضُّحَى " بِخِلَافِ مَا يَذْهَبُ إِلَيْهِ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ مِنْ أَنَّهُ مِنْ أَوَّلِهَا لِمَا فِي حَدِيثِ مُوسَى بْنِ هَارُونَ عَنِ الْبَزِّيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ مِنْ قَوْلِهِ: فَلَمَّا خَتَمْتُ " وَالضُّحَى " قَالَ لِي: كَبِّرْ، وَلِمَا فِي حَدِيثِ شِبْلٍ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ أَنَّهُ كَانَ إِذَا بَلَغَ أَلَمْ نَشْرَحْ كَبَّرَ، وَلِمَا فِي حَدِيثِ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُهُ بِالتَّكْبِيرِ مِنْ " أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ ". قَالَ: وَانْقِطَاعُ التَّكْبِيرِ أَيْضًا فِي آخِرِ سُورَةِ النَّاسِ بِخِلَافِ مَا يَأْخُذُ بِهِ بَعْضُ أَهْلِ الْأَدَاءِ مِنِ انْقِطَاعِهِ فِي أَوَّلِهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ سُورَةِ الْفَلَقِ لِمَا فِي حَدِيثِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ شِبْلٍ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ أَنَّهُ كَانَ إِذَا بَلَغَ " أَلَمْ نَشْرَحْ " كَبَّرَ حَتَّى يَخْتِمَ. وَلِمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ يُكَبِّرُ مِنْ " وَالضُّحَى " إِلَى الْحَمْدِ، وَمِنْ خَاتِمَةِ " وَالضُّحَى " إِلَى خَاتِمَةِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، وَلِمَا فِي غَيْرِ مَا حَدِيثٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ، وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّهُ كَانَ إِذَا بَلَغَ " وَالضُّحَى " كَبَّرَ إِذَا خَتَمَ كُلَّ سُورَةٍ حَتَّى يَخْتِمَ انْتَهَى. فَانْظُرْ كَيْفَ اخْتَارَ التَّكْبِيرَ آخِرَ النَّاسِ لِكَوْنِهِ يَخْتَارُ التَّكْبِيرَ مِنْ آخِرِ الضُّحَى، وَكَذَلِكَ قَالَ كُلُّ مَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ إِنَّ التَّكْبِيرَ مِنْ آخِرِ الضُّحَى كَشَيْخِهِ أَبِي الْحَسَنِ

ص: 420

بْنِ غَلْبُونَ، وَأَبِيهِ أَبِي الطَّيِّبِ وَمَكِّيِّ بْنِ شُرَيْحٍ وَالْمَهْدَوِيِّ وَابْنِ طَاهِرِ بْنِ خَلَفٍ، وَشَيْخِهِ عَبْدِ الْجَبَّارِ وَابْنِ سُفْيَانَ، وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ النُّصُوصِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا ذَكَرَ الدَّانِيُّ إِلَّا أَنَّ اسْتِدْلَالَهُ لِذَلِكَ بِرِوَايَةِ شِبْلٍ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ فِيهِ لَيْسَ بِظَاهِرِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ: كَبَّرَ الْبَزِّيُّ وَابْنُ فُلَيْحٍ، وَابْنُ مُجَاهِدٍ عَنْ قُنْبُلٍ مِنْ فَاتِحَةِ " وَالضُّحَى " وَفَوَاتِحِ مَا بَعْدَهَا مِنَ السُّوَرِ إِلَى سُورَةِ النَّاسِ وَكَبَّرَ الْعُمَرِيُّ وَالزَّيْنَبِيُّ وَالسُّوسِيُّ مِنْ فَاتِحَةِ أَلَمْ نَشْرَحْ إِلَى خَاتِمَةِ النَّاسِ. وَأَجْمَعُوا عَلَى تَرْكِ التَّكْبِيرِ بَيْنَ النَّاسِ وَالْفَاتِحَةِ إِلَّا مَا رَوَاهُ بَكَّارٌ عَنِ ابْنِ مُجَاهِدٍ مِنْ إِثْبَاتِهِ بَيْنَهُمَا. وَانْظُرْ كَيْفَ قَطَعَ بِعَدَمِ التَّكْبِيرِ فِي آخِرِ النَّاسِ لِكَوْنِهِ جَعَلَ التَّكْبِيرَ مِنْ أَوَّلِ الضُّحَى، وَمِنْ أَوَّلِ أَلَمْ نَشْرَحْ، وَكَذَلِكَ قَالَ كُلُّ مَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ كَشَيْخِهِ أَبِي الْعِزِّ الْقَلَانِسِيِّ وَكَأَبِي الْحَسَنِ الْخَيَّاطِ وَأَبِي عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيِّ وَأَبِي مُحَمَّدٍ سِبْطِ الْخَيَّاطِ فِي غَيْرِ الْمُبْهِجِ، وَغَيْرِهِمْ.

(قُلْتُ) : وَالْمَذْهَبَانِ صَحِيحَانِ ظَاهِرَانِ لَا يَخْرُجَانِ عَنِ النُّصُوصِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي شَامَةَ إِنَّ فِيهِ مَذْهَبًا ثَالِثًا، وَهُوَ أَنَّ التَّكْبِيرَ ذِكْرٌ مَشْرُوعٌ بَيْنَ كُلِّ سُورَتَيْنِ فَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا ذَهَبَ إِلَيْهِ صَرِيحًا وَإِنْ كَانَ أَخْذُهُ مِنْ لَازِمِ قَوْلِ مَنْ قَطَعَهُ عَنِ السُّورَتَيْنِ، أَوْ وَصَلَهُ بِهِمَا فَإِنَّ ذَلِكَ يَتَخَرَّجُ عَلَى كُلٍّ مِنَ الْمَذْهَبَيْنِ كَمَا نُبَيِّنُهُ فِي حُكْمِ الْإِتْيَانِ بِهِ مِنَ الْفَصْلِ الثَّالِثِ الْآتِي، وَلَوْ كَانَ أَحَدٌ ذَهَبَ إِلَى مَا ذَكَرَهُ أَبُو شَامَةَ لَكَانَ التَّكْبِيرُ عَلَى مَذْهَبِهِ سَاقِطًا إِذَا قُطِعَتِ الْقِرَاءَةُ عَلَى آخِرِ سُورَةٍ، أَوِ اسْتُؤْنِفَتْ سُورَةٌ وَقْتًا مَا، وَلَا قَائِلَ بِذَلِكَ، بَلْ لَا يَجُوزُ فِي رِوَايَةِ مَنْ يُكَبِّرُ كَمَا سَيَأْتِي إِيضَاحُهُ فِي التَّنْبِيهِ التَّاسِعِ مِنَ الْفَصْلِ الثَّالِثِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

(تَنْبِيهٌ) :

قَوْلُ الشَّاطِبِيِّ رحمه الله " إِذَا كَبَّرُوا فِي آخِرِ النَّاسِ " مَعَ قَوْلِهِ " وَبَعْضٌ لَهُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ " عَلَى مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِآخِرِ اللَّيْلِ أَوَّلُ الضُّحَى يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءُ التَّكْبِيرِ مِنْ أَوَّلِ الضُّحَى وَإِنْهَاؤُهُ آخِرَ النَّاسِ. وَهُوَ مُشْكِلٌ لِمَا تَأَصَّلَ، بَلْ هُوَ ظَاهِرُ الْمُخَالَفَةِ لِمَا رَوَاهُ، فَإِنَّ هَذَا الْوَجْهَ وَهُوَ التَّكْبِيرُ مِنْ أَوَّلِ الضُّحَى هُوَ مِنْ زِيَادَاتِهِ عَلَى التَّيْسِيرِ، وَهُوَ مِنَ الرَّوْضَةِ لِأَبِي عَلِيٍّ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ أَبُو شَامَةَ

ص: 421

وَالَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ صَاحِبُ الرَّوْضَةِ أَنْ قَالَ: رَوَى الْبَزِّيُّ التَّكْبِيرَ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ " وَالضُّحَى " إِلَى خَاتِمَةِ النَّاسِ، وَلَفْظُهُ اللَّهُ أَكْبَرُ، تَابَعَهُ الزَّيْنَبِيُّ عَنْ قُنْبُلٍ فِي لَفْظِ التَّكْبِيرِ، وَخَالَفَهُ فِي الِابْتِدَاءِ فَكَبَّرَ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ " أَلَمْ نَشْرَحْ " قَالَ: وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ مَعَ خَاتِمَةِ وَالنَّاسِ. وَانْتَهَى بِحُرُوفِهِ فَهَذَا الَّذِي أَخَذَ الشَّاطِبِيُّ التَّكْبِيرَ مِنْ رِوَايَتِهِ قَطَعَ بِمَنْعِهِ مِنْ آخِرِ النَّاسِ، فَتَعَيَّنَ حَمْلُ كَلَامِ الشَّاطِبِيِّ عَلَى تَخْصِيصِ التَّكْبِيرِ آخِرَ النَّاسِ بِمَنْ قَالَ مِنْ آخِرِ " وَالضُّحَى " كَمَا هُوَ مَذْهَبُ صَاحِبِ التَّيْسِيرِ، وَغَيْرِهِ، وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ " إِذَا كَبَّرُوا فِي آخِرِ النَّاسِ " أَيْ إِذَا كَبَّرَ مَنْ يَقُولُ بِالتَّكْبِيرِ فِي آخِرِ النَّاسِ، يَعْنِي الَّذِينَ قَالُوا بِهِ مِنْ آخِرِ " وَالضُّحَى "، أَوْ يَكُونُ الْمَعْنَى: مَنْ يُكَبِّرُ فِي آخِرِ النَّاسِ يُرْدِفُ التَّكْبِيرَ مَعَ قِرَاءَةِ سُورَةِ الْحَمْدِ، قِرَاءَةَ أَوَّلِ الْبَقَرَةِ حَتَّى يَصِلَ إِلَى الْمُفْلِحُونَ أَيْ أَنَّ هَذَا الْإِرْدَافَ مَخْصُوصٌ عَنْ تَكْبِيرِ آخِرِ النَّاسِ كَمَا سَيَأْتِي، وَلَوْلَا قَوْلُ صَاحِبِ الرَّوْضَةِ: وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ أَيْ مُنْحَذِفٌ مَعَ خَاتِمَةِ النَّاسِ؛ لَكَانَ لِمَنْ يَتَشَبَّثُ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا إِلَى خَاتِمَةِ النَّاسِ مَنْزَعٌ، فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ بِخَاتِمَةِ النَّاسِ آخِرُ الْقُرْآنِ، أَيْ حَتَّى يَخْتِمَ، وَهُوَ صَرِيحُ قَوْلِ شِبْلٍ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ أَنَّهُ كَانَ إِذَا بَلَغَ أَلَمْ نَشْرَحْ كَبَّرَ حَتَّى يَخْتِمَ، وَكَذَا قَوْلُ صَاحِبِ التَّجْرِيدِ: إِلَى خَاتِمَةِ النَّاسِ - لَا يُرِيدُ أَنَّ التَّكْبِيرَ فِي آخِرِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ: إِنَّكَ تَقِفُ فِي آخِرِ كُلِّ سُورَةٍ وَتَبْتَدِئُ بِالتَّكْبِيرِ مُنْفَصِلًا فَإِنَّ هَذَا لَا يَجُوزُ فِي آخِرِ النَّاسِ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ، وَكَذَا أَرَادَ ابْنُ مُؤْمِنٍ فِي الْكَنْزِ حَيْثُ قَالَ: التَّكْبِيرُ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ " وَالضُّحَى " إِلَى آخِرِ سُورَةِ النَّاسِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ: وَرَوَاهُ بَكَّارٌ عَنْ قُنْبُلٍ فِي آخِرِ سُورَةِ النَّاسِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

وَأَمَّا قَوْلُ الْهُذَلِيِّ: الْبَاقُونَ يُكَبِّرُونَ مِنْ خَاتِمَةِ وَالضُّحَى إِلَى أَوَّلِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ فِي قَوْلِ ابْنِ هَاشِمٍ قَالَ: وَفِي قَوْلِ غَيْرِهِ إِلَى خَاتِمَةِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ فَإِنَّ فِيهِ تَجَوُّزًا أَيْضًا، وَصَوَابُهُ أَنْ يَقُولَ فِي قَوْلِ ابْنِ هَاشِمٍ: مِنْ أَوَّلِ وَالضُّحَى إِلَى أَوَّلِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ وَابْنُ هَاشِمٍ هَذَا هُوَ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ هَاشِمٍ الْمِصْرِيُّ الْمَعْرُوفُ بِتَاجِ الْأَئِمَّةِ أُسْتَاذُ الْقِرَاءَاتِ، وَشَيْخُهَا بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَهُوَ شَيْخُ الْهُذَلِيِّ وَشَيْخُ

ص: 422

ابْنِ شُرَيْحٍ وَأَبِي الْقَاسِمِ بْنِ الْفَحَّامِ. وَقَرَأَ قِرَاءَةَ ابْنِ كَثِيرٍ عَلَى أَصْحَابِ أَصْحَابِ ابْنِ مُجَاهِدٍ كَالْحَمَّامِيِّ وَعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَذَّاءِ وَمَذْهَبُهُمُ ابْتِدَاءُ التَّكْبِيرِ مِنْ أَوَّلِ " وَالضُّحَى "، وَانْتِهَاؤُهُ أَوَّلُ النَّاسِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُمُ الْعَارِفُونَ بِمَذْهَبِهِمْ، وَلَوْلَا صِحَّةُ طُرُقِ ابْنِ هَاشِمٍ عِنْدَنَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا لَقُلْنَا لَعَلَّ الْهُذَلِيَّ أَرَادَ بِآخِرِ الضُّحَى أَوَّلَ أَلَمْ نَشْرَحْ. (فَالْحَاصِلُ) أَنَّ مَنِ ابْتَدَأَ التَّكْبِيرَ مِنْ أَوَّلِ الضُّحَى، أَوْ أَلَمْ نَشْرَحْ قَطَعَهُ أَوَّلَ النَّاسِ، وَمَنِ ابْتَدَأَ بِهِ فِي آخِرِ الضُّحَى قَطَعَهُ آخِرَ النَّاسِ، لَا نَعْلَمُ أَحَدًا خَالَفَ هَذَا مُخَالَفَةً صَرِيحَةً لَا تَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ إِلَّا مَا انْفَرَدَ بِهِ أَبُو الْعِزِّ فِي كِفَايَتِهِ عَنْ بَكَّارٍ عَنِ ابْنِ مُجَاهِدٍ عَنْ قُنْبُلٍ مِنَ التَّكْبِيرِ مِنْ أَوَّلِ الضُّحَى مَعَ التَّكْبِيرِ بَيْنَ النَّاسِ وَالْفَاتِحَةِ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ، فَرَوَى عَنْهُ، وَهُوَ وَهْمٌ بِلَا شَكٍّ، وَلَعَلَّهُ سَبْقَ قَلَمٍ مِنْ أَوَّلِ أَلَمْ نَشْرَحْ إِلَى أَوَّلِ الضُّحَى لِأَنَّ أَبَا الْعِزِّ نَفْسَهُ ذَكَرَهُ عَلَى الصَّوَابِ فِي إِرْشَادِهِ فَجَعَلَ لَهُ التَّكْبِيرَ مَنْ أَوَّلِ أَلَمْ نَشْرَحْ وَكَذَلِكَ أَبُو الْحَسَنِ الْخَيَّاطُ أَكْبَرُ مَنْ أَخَذَ عَنْ أَصْحَابِ بَكَّارٍ. وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الصَّوَابَ مِنْ أَوَّلِ أَلَمْ نَشْرَحْ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ آخِرَ الضُّحَى. وَعَبَّرَ عَنْ آخِرِ وَالضُّحَى بِأَوَّلِ أَلَمْ نَشْرَحْ كَمَا رَوَاهُ غَيْرُهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَحَظَ أَنَّ لِلسُّورَةِ حَظًّا مِنَ التَّكْبِيرِ، أَوَّلَهَا وَآخِرَهَا، وَقَدْ يَتَعَدَّى هَذَا إِلَى " وَالضُّحَى " إِنْ ثَبَتَ، وَقَدْ عَرَّفْتُكَ مَا فِيهِ عَلَى أَنَّ طَرِيقَ بَكَّارٍ عَنِ ابْنِ مُجَاهِدٍ لَيْسَتْ مِنْ طُرُقِنَا فَلْيُعْلَمْ. قَالَ أَبُو شَامَةَ:(فَإِنْ قُلْتَ) فَمَا وَجْهُ مَنْ كَبَّرَ مِنْ أَوَّلِ " وَالضُّحَى " وَكَبَّرَ آخِرَ النَّاسِ؟ قُلْتُ: أَعْطَى السُّورَةَ حُكْمَ مَا قَبْلَهَا مِنَ السُّوَرِ إِذْ كُلُّ سُورَةٍ مِنْهَا بَيْنَ تَكْبِيرَتَيْنِ، وَلَيْسَ التَّكْبِيرُ فِي آخِرِ النَّاسِ لِأَجْلِ الْفَاتِحَةِ لِأَنَّ الْخَتْمَةَ قَدِ انْقَضَتْ، وَلَوْ كَانَ لِلْفَاتِحَةِ لَشُرِعَ التَّكْبِيرُ بَيْنَ الْفَاتِحَةِ وَالْبَقَرَةِ لِهَؤُلَاءِ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ لِلْخَتْمِ لَا لِافْتِتَاحِ أَوَّلِ الْقُرْآنِ.

(تَتِمَّةٌ) : وَقَعَ فِي كَلَامِ السَّخَاوِيِّ فِي شَرْحِهِ مَا نَصُّهُ، وَذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ غَلْبُونَ وَمَكِّيٌّ وَابْنُ شُرَيْحٍ وَالْمَهْدَوِيُّ التَّكْبِيرَ عَنِ الْبَزِّيِّ مِنْ أَوَّلِ " وَالضُّحَى "، وَعَنْ

ص: 423

قُنْبُلٍ مِنْ أَوَّلِ أَلَمْ نَشْرَحْ انْتَهَى. وَتَبِعَهُ عَلَى نَقْلِ ذَلِكَ عَنْ مَكِّيٍّ أَبُو شَامَةَ وَالَّذِي رَأَيْتُهُ فِي تَذْكِرَةِ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ غَلْبُونَ يُكَبِّرُ مِنْ خَاتِمَةِ " وَالضُّحَى " إِلَى آخِرِ الْقُرْآنِ فَإِذَا قَرَأَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ كَبَّرَ، وَفِي التَّبْصِرَةِ لِمَكِّيٍّ يُكَبِّرُ مِنْ خَاتِمَةِ " وَالضُّحَى " إِلَى آخِرِ الْقُرْآنِ مَعَ خَاتِمَةِ كُلِّ سُورَةٍ، وَكَذَلِكَ إِذَا قَرَأَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ، وَفِي الْكَافِي لِابْنِ شُرَيْحٍ فَإِذَا خَتَمَهَا أَيِ الضُّحَى كَبَّرَ وَبَسْمَلَ بَعْدَ آخِرِ كُلِّ سُورَةٍ إِلَى أَنْ يَخْتِمَ الْقُرْآنَ. وَفِي الْهِدَايَةِ لِلْمَهْدَوِيِّ يُكَبِّرُ مِنْ خَاتِمَةِ " وَالضُّحَى " إِلَى آخِرِ الْقُرْآنِ، وَلَمْ أَرَ فِي كَلَامِ أَحَدٍ مِنْهُمْ تَكْبِيرًا مِنْ أَوَّلِ الضُّحَى فَلْيُعْلَمْ ذَلِكَ. (فَهَذَا) مَا ثَبَتَ عِنْدَنَا عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ فِي الِابْتِدَاءِ فِي التَّكْبِيرِ وَمَا يَنْتَهِي إِلَيْهِ، وَأَمَّا مَا وَرَدَ عَنِ السُّوسِيِّ فَإِنَّ الْحَافِظَ أَبَا الْعَلَاءِ قَطَعَ لَهُ بِالتَّكْبِيرِ مِنْ فَاتِحَةِ أَلَمْ نَشْرَحْ إِلَى خَاتِمَةِ النَّاسِ وَجْهًا وَاحِدًا، وَقَطَعَ لَهُ بِهِ صَاحِبُ التَّجْرِيدِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ حَبَشٍ، وَقَرَأْنَا بِذَلِكَ مِنْ طَرِيقِهِ. وَرَوَى سَائِرُ الرُّوَاةِ عَنْهُ تَرْكَ التَّكْبِيرِ كَالْجَمَاعَةِ، وَقَدَّمْنَا أَوَّلَ الْفَصْلِ مَا كَانَ يَأْخُذُ بِهِ الْخَبَّازِيُّ وَابْنُ حَبَشٍ مِنَ التَّكْبِيرِ لِجَمِيعِ الْقُرَّاءِ وَمَا حُكِيَ عَنْ أَبِي الْفَضْلِ الْخُزَاعِيِّ، وَغَيْرِهِ مِنَ التَّكْبِيرِ فِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ مِنْ جَمِيعِ الْقُرْآنِ.

وَأَمَّا حُكْمُهُ فِي الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ الْقُرَّاءِ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِذَلِكَ لِعَدَمِ تَعَلُّقِهِمْ بِهِ فَإِنَّا لَمَّا رَأَيْنَا بَعْضَ أَئِمَّتِنَا قَدْ تَعَرَّضَ إِلَى ذَلِكَ كَالْحَافِظِ أَبِي عَمْرٍو الدَّانِيِّ وَالْإِمَامِ أَبِي الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيِّ وَالْأُسْتَاذِ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ الْفَحَّامِ وَالْعَلَّامَةِ أَبِي الْحَسَنِ السَّخَاوِيِّ وَالْمُجْتَهِدِ أَبِي الْقَاسِمِ الدِّمَشْقِيِّ الْمَعْرُوفِ بِأَبِي شَامَةَ، وَغَيْرِهِمْ، تَعَرَّضُوا لِذِكْرِهِ فِي كُتُبِهِمْ، وَرَوَوْا فِي ذَلِكَ أَخْبَارًا عَنْ سَلَفِ الْقُرَّاءِ وَالْفُقَهَاءِ لَمْ نَجِدْ بُدًّا مِنْ ذِكْرِهِ عَلَى عَادَتِنَا فِي ذِكْرِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْمُقْرِئُ، وَغَيْرُهُ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْقِرَاءَاتِ. (أَخْبَرَنِي) الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَقْدِسِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ الْوَرَّاقُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَسَبْعِمِائَةٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ أَبِي الْجَيْشِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْفَرَجِ الْمَوْصِلِيُّ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى

ص: 424

بْنُ سَعْدُونَ الْقُرْطُبِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ الصَّقَلِّيُّ. قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي يَعْنِي ابْنَ فَارِسِ بْنِ أَحْمَدَ. حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ يَعْنِي السَّامَرِّيَّ. حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الرَّقِّيِّ. قَالَ: حَدَّثَنِي قُنْبُلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَوْنٍ الْقَوْسُ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ مِنْ وَالضُّحَى إِلَى الْحَمْدُ لِلَّهِ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: فَأَرَى أَنْ يَفْعَلَهُ الرَّجُلُ إِمَامًا كَانَ، أَوْ غَيْرَ إِمَامٍ رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو عَنْ أَبِي الْفَتْحِ فَارِسٍ عَنْ أَبِي أَحْمَدَ، بِلَفْظِهِ سَوَاءً. وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو: حَدَّثَنَا أَبُو الْفَتْحِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي السَّامَرِّيَّ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ مُجَاهِدٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيَّ. حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ يَعْنِي ابْنَ سُفْيَانَ الْفَسَوِيَّ الْحَافِظَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ سَأَلْتُ سُفْيَانَ يَعْنِي ابْنَ عُيَيْنَةَ قُلْتُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ رَأَيْتُ شَيْئًا رُبَّمَا فَعَلَهُ النَّاسُ عِنْدَنَا يُكَبِّرُ الْقَارِئُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ إِذَا خَتَمَ، يَعْنِي فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ: رَأَيْتُ صَدَقَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ يَؤُمُّ النَّاسَ مُنْذُ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ سَنَةً فَكَانَ إِذَا خَتَمَ الْقُرْآنَ كَبَّرَ. وَبِهِ عَنِ الْحُمَيْدِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عِيسَى أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَرَأَ بِالنَّاسِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَأَمَرَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ أَنْ يُكَبِّرَ مِنْ " وَالضُّحَى " حَتَّى يَخْتِمَ. وَبِهِ عَنِ الْحُمَيْدِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ سَهْلٍ شَيْخَنَا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ يَقُولُ رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ عِيسَى صَلَّى بِنَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَكَبَّرَ مِنْ " وَالضُّحَى " فَأَنْكَرَ بَعْضُ النَّاسِ عَلَيْهِ فَقَالَ: أَمَرَنِي بِهِ ابْنُ جُرَيْجٍ فَسَأَلْنَا ابْنَ جُرَيْجٍ فَقَالَ: أَنَا أَمَرْتُهُ.

وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ السَّخَاوِيُّ، وَرَوَى بَعْضُ عُلَمَائِنَا الَّذِينَ اتَّصَلَتْ قِرَاءَتُنَا بِهِمْ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ الْقُرَشِيِّ قَالَ: صَلَّيْتُ بِالنَّاسِ خَلْفَ الْمَقَامِ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِي التَّرَاوِيحِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْخَتْمَةِ كَبَّرْتُ مِنْ خَاتِمَةِ الضُّحَى إِلَى آخِرِ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ فَلَمَّا سَلَّمْتُ الْتَفَتُّ، وَإِذَا بِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ قَدْ صَلَّى وَرَائِي فَلَمَّا بَصُرَ بِي قَالَ لِي: أَحْسَنْتَ أَصَبْتَ السُّنَّةَ.

(قُلْتُ) : أَظُنُّ هَذَا الَّذِي عَنَاهُ السَّخَاوِيُّ بِبَعْضِ عُلَمَائِنَا هُوَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - إِمَّا الْإِمَامُ

ص: 425

أَبُو بَكْرِ بْنُ مُجَاهِدٍ فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مُضَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الضَّبِّيِّ عَنْ حَامِدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ هَانِئٍ الْبَلْخِيِّ نَزِيلِ طَرَسُوسَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ الْقُرَشِيِّ الْمَكِّيِّ الْمُقْرِي الْإِمَامِ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَصَاحِبِ شِبْلِ بْنِ عَبَّادٍ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

وَأَمَّا الْأُسْتَاذُ أَبُو عَلِيٍّ الْأَهْوَازِيُّ فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَنْ أَبِي الْفَرَجِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الشَّنَبُوذِيِّ عَنِ ابْنِ شَنَبُوذَ عَنْ مُضَرَ فَذَكَرَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا أَسْنَدَهُ الدَّانِيُّ عَنِ الْبَزِّيِّ عَنِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ: إِنْ تَرَكْتَ التَّكْبِيرَ، فَقَدْ تَرَكْتَ سُنَّةً مِنْ سُنَنِ نَبِيِّكَ صلى الله عليه وسلم وَبِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ آنِفًا إِلَى قُنْبُلٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ الْمُقْرِي قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الشَّهِيدِ الْحَجَبِيَّ يُكَبِّرُ خَلْفَ الْمَقَامِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ. قَالَ قُنْبُلٌ: وَأَخْبَرَنِي يَعْنِي ابْنَ الْمُقْرِي فَقَالَ لِيَ ابْنُ الشَّهِيدِ الْحَجَبِيُّ، أَوْ بَعْضُ الْحَجَبَةِ، ابْنُ الشَّهِيدِ، أَوِ ابْنُ بَقِيَّةَ شَكَّ فِي أَحَدِهِمَا. وَبِهِ قَالَ قُنْبُلٌ أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَوْنٍ الْقَوَّاسُ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الشَّهِيدِ الْحَجَبِيَّ يُكَبِّرُ خَلْفَ الْمَقَامِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ قَالَ قُنْبُلٌ: وَأَخْبَرَنِي رُكَيْنُ بْنُ الْحُصَيْبِ مَوْلَى الْجُبَيْرِيِّينَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الشَّهِيدِ الْحَجَبِيَّ يُكَبِّرُ خَلْفَ الْمَقَامِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ حِينَ خَتَمَ، مِنْ " وَالضُّحَى " يَعْنِي فِي صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ. وَرَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو عَنْ قُنْبُلٍ بِإِسْنَادِهِ الْمُتَقَدِّمِ آنِفًا. وَقَالَ الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ الْمُجْمَعُ عَلَى تَقَدُّمِهِ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ السَّعِيدِيُّ الرَّازِيُّ، ثُمَّ الشِّيرَازِيُّ فِي آخِرِ كِتَابِهِ تَبْصِرَةِ الْبَيَانِ فِي الْقِرَاءَاتِ الثَّمَانِ مَا هَذَا نَصُّهُ: ابْنُ كَثِيرٍ يُكَبِّرُ مِنْ خَاتِمَةِ " وَالضُّحَى " إِلَى آخِرِ الْقُرْآنِ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ فِي لَفْظِ التَّكْبِيرِ فَكَبَّرَ قُنْبُلٌ (اللَّهُ أَكْبَرُ) ، وَالْبَزِّيُّ، (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ) يَسْكُتُ فِي آخِرِ السُّورَةِ وَيَصِلُ التَّكْبِيرَ بِالتَّسْمِيَةِ فِي الصَّلَاةِ، وَغَيْرِهَا. قَالَ الْأُسْتَاذُ الزَّاهِدُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ النَّيْسَابُورِيُّ إِمَامُ الْقُرَّاءِ فِي عَصْرِهِ بِخُرَاسَانَ فِي كِتَابِهِ الْإِرْشَادِ فِي الْقِرَاءَاتِ الْأَرْبَعَ عَشْرَةَ: وَالْمُسْتَحَبُّ لِلْمُكَبِّرِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ كَثِيرٍ التَّهْلِيلُ، وَهُوَ (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ) لِئَلَّا يَلْتَبِسَ بِتَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ. فَقَدْ ثَبَتَ التَّكْبِيرُ فِي الصَّلَاةِ عَنْ أَهْلِ مَكَّةَ فُقَهَائِهِمْ، وَقُرَّائِهِمْ وَنَاهِيكَ بِالْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَابْنِ جُرَيْجٍ وَابْنِ كَثِيرٍ، وَغَيْرِهِمْ

ص: 426

، وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَلَمْ نَجِدْ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ نَصًّا حَتَّى أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ مَعَ ثُبُوتِهِ عَنْ إِمَامِهِمْ فَلَمْ أَجِدْ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ نَصًّا فِيهِ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِهِمُ الْمَبْسُوطَةِ، وَلَا الْمُطَوَّلَةِ الْمَوْضُوعَةِ لِلْفِقْهِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ اسْتِطْرَادًا الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ السَّخَاوِيُّ وَالْإِمَامُ أَبُو إِسْحَاقَ الْجَعْبَرِيُّ، وَكِلَاهُمَا مِنْ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْعَلَّامَةُ أَبُو شَامَةَ، وَهُوَ مِنْ أَكْبَرِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ الَّذِينَ كَانَ يُفْتَى بِقَوْلِهِمْ فِي عَصْرِهِمْ بِالشَّامِ، بَلْ هُوَ مِمَّنْ وَصَلَ إِلَى رُتْبَةِ الِاجْتِهَادِ وَحَازَ وَجَمَعَ مِنْ أَنْوَاعِ الْعُلُومِ مَا لَمْ يَجْمَعْهُ غَيْرُهُ وَحَازَ خُصُوصًا فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ وَالْقِرَاءَاتِ وَالْفِقْهِ وَالْأُصُولِ. وَلَقَدْ حَدَّثَنِي مِنْ لَفْظِهِ شَيْخُنَا الْإِمَامُ حَافِظُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْفِدَاءِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ الشَّافِعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي شَيْخُنَا الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ الْعَلَّامَةِ تَاجِ الدِّينِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْفَزَارِيُّ شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ، وَابْنُ شَيْخِهِمْ قَالَ: سَمِعْتُ وَالِدِي يَقُولُ: عَجِبْتُ لِأَبِي شَامَةَ كَيْفَ قَلَّدَ الشَّافِعِيَّ (نَعَمْ) ، بَلَغَنَا عَنْ شَيْخِ الشَّافِعِيَّةِ وَزَاهِدِهِمْ وَوَرِعِهِمْ فِي عَصْرِنَا الْإِمَامِ الْعَلَّامَةِ الْخَطِيبِ أَبِي الثَّنَاءِ مَحْمُودِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْلَةَ الْإِمَامِ وَالْخَطِيبِ بِالْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ بِدِمَشْقَ الَّذِي لَمْ تَرَ عَيْنَايَ مِثْلَهُ رحمه الله أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي بِهِ، وَرُبَّمَا عَمِلَ بِهِ فِي التَّرَاوِيحِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَرَأَيْتُ أَنَا غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ شُيُوخِنَا يَعْمَلُ بِهِ وَيَأْمُرُ مَنْ يَعْمَلُ بِهِ فِي صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ، وَفِي الْإِحْيَاءِ فِي لَيَالِي رَمَضَانَ حَتَّى كَانَ بَعْضُهُمْ إِذَا وَصَلَ فِي الْإِحْيَاءِ إِلَى الضُّحَى قَامَ بِمَا بَقِيَ مِنَ الْقُرْآنِ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ يُكَبِّرُ إِثْرَ كُلِّ سُورَةٍ فَإِذَا انْتَهَى إِلَى قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ كَبَّرَ فِي آخِرِهَا ثُمَّ يُكَبِّرُ ثَانِيًا لِلرُّكُوعِ، وَإِذَا قَامَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ وَمَا تَيَسَّرَ مِنْ أَوَّلِ الْبَقَرَةِ. وَفَعَلْتُ أَنَا كَذَلِكَ مَرَّاتٍ لَمَّا كُنْتُ أَقُومُ بِالْإِحْيَاءِ إِمَامًا بِدِمَشْقَ وَمِصْرَ. وَأَمَّا مَنْ كَانَ يُكَبِّرُ فِي صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ فَإِنَّهُمْ يُكَبِّرُونَ إِثْرَ كُلِّ سُورَةٍ، ثُمَّ يُكَبِّرُونَ لِلرُّكُوعِ، وَذَلِكَ إِذَا آثَرَ التَّكْبِيرَ آخِرَ السُّورَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ إِذَا قَرَأَ الْفَاتِحَةَ وَأَرَادَ الشُّرُوعَ فِي السُّورَةِ كَبَّرَ وَبَسْمَلَ وَابْتَدَأَ السُّورَةَ. وَخَتَمَ مَرَّةً صَبِيٌّ فِي التَّرَاوِيحِ فَكَبَّرَ عَلَى الْعَادَةِ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الشَّافِعِيَّةُ فَرَأَيْتُ صَاحِبَنَا

ص: 427

الشَّيْخَ الْإِمَامَ زَيْنَ الدِّينِ عُمَرَ بْنَ مُسْلِمٍ الْقُرَشِيَّ رحمه الله بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ، وَهُوَ يُنْكِرُ عَلَى ذَلِكَ الْمُنْكِرِ وَيُشَنِّعُ عَلَيْهِ وَيَذْكُرُ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ الَّذِي حَكَاهُ السَّخَاوِيُّ وَأَبُو شَامَةَ وَيَقُولُ: رَحِمَ اللَّهُ الْخَطِيبَ ابْنَ جُمْلَةَ لَقَدْ كَانَ عَالِمًا مُتَيَقِّظًا مُتَحَرِّيًا. ثُمَّ رَأَيْتُ كِتَابَ الْوَسِيطِ تَأْلِيفَ الْإِمَامِ الْكَبِيرِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَبِي الْفَضْلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَحْمَدَ الرَّازِيِّ الشَّافِعِيِّ رحمه الله، وَفِيهِ مَا هُوَ نَصٌّ عَلَى التَّكْبِيرِ فِي الصَّلَاةِ كَمَا سَيَأْتِي لَفْظُهُ فِي الْفَصْلِ بَعْدَ هَذَا فِي صِيغَةِ التَّكْبِيرِ. وَالْقَصْدُ أَنَّنِي تَتَبَّعْتُ كَلَامَ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَصْحَابِنَا فَلَمْ أَرَ لَهُمْ نَصًّا فِي غَيْرِ مَا ذَكَرْتُ، وَكَذَلِكَ لَمْ أَرَ لِلْحَنَفِيَّةِ، وَلَا لِلْمَالِكِيَّةِ، وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَقَالَ الْفَقِيهُ الْكَبِيرُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُفْلِحٍ 55 فِي كِتَابِ الْفُرُوعِ لَهُ: وَهَلْ يُكَبَّرُ لِخَتْمَةٍ مِنَ الضُّحَى، أَوْ أَلَمْ نَشْرَحْ آخِرَ كُلِّ سُورَةٍ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَلَمْ تَسْتَحِبَّهُ الْحَنَابِلَةُ لِقِرَاءَةِ غَيْرِ ابْنِ كَثِيرٍ وَقِيلَ وَيُهَلِّلُ. انْتَهَى.

(قُلْتُ) : وَلَمَّا مَنَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيَّ بِالْمُجَاوَرَةِ بِمَكَّةَ وَدَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِمَّنْ صَلَّى التَّرَاوِيحَ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَّا يُكَبِّرُ مِنَ الضُّحَى عِنْدَ الْخَتْمِ فَعَلِمْتُ أَنَّهَا سُنَّةٌ بَاقِيَةٌ فِيهِمْ إِلَى الْيَوْمِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

ثُمَّ الْعَجَبُ مِمَّنْ يُنْكِرُ التَّكْبِيرَ بَعْدَ ثُبُوتِهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَعَنْ أَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ، وَيُجِيزُ مَا يُنْكَرُ فِي صَلَوَاتٍ غَيْرِ ثَابِتَةٍ، وَقَدْ نَصَّ عَلَى اسْتِحْبَابِ صَلَاةِ التَّسْبِيحِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْعِلْمِ كَابْنِ الْمُبَارَكِ، وَغَيْرِهِ مَعَ أَنَّ أَكْثَرَ الْحُفَّاظِ لَا يُثْبِتُونَ حَدِيثَهَا فَقَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ، وَصَاحِبُ التَّهْذِيبِ وَالتَّتِمَّةِ وَالرُّويَانِيُّ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْجَنَائِزِ مِنْ كِتَابِ الْبَحْرِ: يُسْتَحَبُّ صَلَاةُ التَّسْبِيحِ لِلْحَدِيثِ الْوَارِدِ، وَذَكَرَهَا أَيْضًا صَاحِبُ الْمُنْيَةِ فِي الْفَتَاوَى مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَقَالَ صَدْرُ الْقُضَاةِ فِي شَرْحِهِ لِلْجَامِعِ الصَّغِيرِ فِي مَسْأَلَةٍ " وَيُكْرَهُ التَّكْرَارُ وَعَدُّ الْآيِ ": وَمَا رُوِيَ مِنَ الْأَحَادِيثِ أَنَّ مَنْ قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ الْإِخْلَاصَ كَذَا مَرَّةً وَنَحْوَهُ فَلَمْ يُصَحِّحْهَا الثِّقَاتُ، أَمَّا صَلَاةُ التَّسْبِيحِ، فَقَدْ أَوْرَدَهَا الثِّقَاتُ، وَهِيَ صَلَاةٌ مُبَارَكَةٌ، وَفِيهَا ثَوَابٌ عَظِيمٌ، وَمَنَافِعُ كَثِيرَةٌ، وَرَوَاهَا الْعَبَّاسُ، وَابْنُهُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو.

(قُلْتُ) : وَقَدِ

ص: 428