الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْفَتْحَةِ الْمُمَالَةِ حَاصِلٌ أَيْضًا بَعْدَ الْأَلِفِ الْمُمَالَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنِ الْإِمَالَةُ بِسَبَبِ الْهَاءِ، وَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ مَكِّيٍّ وَأَصْحَابِهِ لِأَنَّ الْإِمَالَةَ عِنْدَهُمْ لَا تَكُونُ فِي الْهَاءِ كَمَا قَدَّمْنَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
خَاتِمَةٌ
قَوْلُهُ تَعَالَى: (آنِيَةٍ) فِي سُورَةِ الْغَاشِيَةِ يُمِيلُ مِنْهَا هِشَامٌ فَتْحَةَ الْهَمْزَةِ وَالْأَلِفَ بَعْدَهَا خَاصَّةً وَيَفْتَحُ الْيَاءَ وَالْهَاءَ. وَالْكِسَائِيُّ مِنْ طُرُقِنَا يَعْكِسُ ذَلِكَ فَيُمِيلُ فَتْحَةَ الْيَاءِ وَالْهَاءِ فِي الْوَقْفِ وَيَفْتَحُ الْهَمْزَةَ وَالْأَلِفَ، وَلَا يُمِيلُ الْجَمِيعَ إِلَّا قُتَيْبَةُ فِي رِوَايَتِهِ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ مِنْ مَذْهَبِهِ وَمَعْلُومٌ مِنْ طُرُقِهِ، وَأَمَّا نَحْوَ الْآخِرَةُ، وَبَاسِرَةٌ، وَكَبِيرَةً، وَصَغِيرَةً فِي رِوَايَةِ وَرْشٍ مِنْ طَرِيقِ الْأَزْرَقِ حَيْثُ يُرَقِّقُ الرَّاءَ فِي ذَلِكَ فَلَيْسَ كَمَذْهَبِ الْكِسَائِيِّ وَإِنْ سَمَّاهُ بَعْضُ أَئِمَّتِنَا إِمَالَةً كَالدَّانِيِّ وَقَدْ فَرَّقَ بَيْنَ ذَلِكَ فَقَالَ: لِأَنَّ وَرْشًا إِنَّمَا يَقْصِدُ إِمَالَةَ فَتْحَةِ الرَّاءِ فَقَطْ وَلِذَلِكَ أَمَالَهَا فِي الْحَالَيْنِ، وَالْكِسَائِيُّ إِنَّمَا قَصَدَ إِمَالَةَ الْهَاءِ وَلِذَلِكَ خَصَّ بِهَا الْوَقْفَ لَا غَيْرَ إِذْ لَا تُوجَدُ الْهَاءُ فِي ذَلِكَ إِلَّا فِيهِ انْتَهَى. وَهُوَ لَطِيفٌ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
بَابُ مَذَاهِبِهِمْ فِي تَرْقِيقِ الرَّاءَاتِ وَتَفْخِيمِهَا
التَّرْقِيقُ مِنَ الرِّقَّةِ، وَهُوَ ضِدُ السِّمَنِ. فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ إِنْحَافِ ذَاتِ الْحَرْفِ وَنُحُولِهِ. وَالتَّفْخِيمُ مِنَ الْفَخَامَةِ، وَهِيَ الْعَظَمَةُ وَالْكَثْرَةُ فَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ رَبْوِ الْحَرْفِ وَتَسْمِينِهِ فَهُوَ وَالتَّغْلِيظُ وَاحِدٌ إِلَّا أَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ فِي الرَّاءِ فِي ضِدِ التَّرْقِيقِ هُوَ التَّفْخِيمُ، وَفِي اللَّامِ التَّغْلِيظُ كَمَا سَيَأْتِي وَقَدْ عَبَّرَ قَوْمٌ عَنِ التَّرْقِيقِ فِي الرَّاءِ بِالْإِمَالَةِ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ كَمَا فَعَلَ الدَّانِيُّ وَبَعْضُ الْمَغَارِبَةِ، وَهُوَ تَجَوُّزٌ إِذِ الْإِمَالَةُ أَنْ تَنْحُوَ بِالْفَتْحَةِ إِلَى الْكَسْرَةِ وَبِالْأَلِفِ إِلَى الْيَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَالتَّرْقِيقُ إِنْحَافُ صَوْتِ الْحَرْفِ فَيُمْكِنُ اللَّفْظُ بِالرَّاءِ مُرَقَّقَةً غَيْرَ مُمَالَةٍ وَمُفَخَّمَةً مُمَالَةً، وَذَلِكَ وَاضِحٌ فِي الْحُسْنِ وَالْعِيَانِ وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ رِوَايَةً مَعَ الْإِمَالَةِ إِلَّا التَّرْقِيقُ، وَلَوْ كَانَ التَّرْقِيقُ إِمَالَةً لَمْ يَدْخُلْ عَلَى
الْمَضْمُومِ وَالسَّاكِنِ وَلَكَانَتِ الرَّاءُ الْمَكْسُورَةُ مُمَالَةً، وَذَلِكَ خِلَافُ إِجْمَاعِهِمْ. وَمِنَ الدَّلِيلِ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْإِمَالَةَ غَيْرُ التَّرْقِيقِ أَنَّكَ إِذَا أَمَلْتَ ذِكْرَى الَّتِي هِيَ فِعْلَى بَيْنَ بَيْنَ كَانَ لَفْظُكَ بِهَا غَيْرَ لَفْظِكَ بِذِكْرِ الْمُذَكَّرِ وَقَفًا إِذَا رَقَّقْتَ، وَلَوْ كَانَتِ الرَّاءُ فِي الْمُذَكِّرِ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ لَكَانَ اللَّفْظُ بِهِمَا سَوَاءً وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَا يُقَالُ: إِنَّمَا كَانَ اللَّفْظُ فِي الْمُؤَنَّثِ غَيْرَ اللَّفْظِ فِي الْمُذَكِّرِ لِأَنَّ اللَّفْظَ بِالْمُؤَنَّثِ مُمَالُ الْأَلِفِ وَالرَّاءِ وَاللَّفْظُ بِالْمُذَكِّرِ مُمَالُ الرَّاءِ فَقَطْ فَإِنَّ الْأَلِفَ حَرْفٌ هَوَائِيٌّ لَا يُوصَفُ بِإِمَالَةٍ، وَلَا تَفْخِيمٍ، بَلْ هُوَ تَبَعٌ لِمَا قَبْلَهُ فَلَوْ ثَبَتَ إِمَالَةُ مَا قَبْلَهُ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ لَكَانَ مُمَالًا بِالتَّبَعِيَّةِ كَمَا أَمَلْنَا الرَّاءَ قَبْلَهُ فِي الْمُؤَنَّثِ بِالتَّبَعِيَّةِ، وَلَمَّا اخْتَلَفَ اللَّفْظُ بِهِمَا وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ، وَلَا مَزِيدَ عَلَى هَذَا فِي الْوُضُوحِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَقَالَ الدَّانِيُّ فِي كِتَابِهِ التَّجْرِيدِ: التَّرْقِيقُ فِي الْحَرْفِ دُونَ الْحَرَكَةِ إِذَا كَانَ صِيغَتَهُ وَالْإِمَالَةُ فِي الْحَرَكَةِ دُونَ الْحَرْفِ إِذْ كَانَتْ لِعِلَّةٍ أَوْجَبَتْهَا، وَهِيَ تَخْفِيفٌ كَالْإِدْغَامِ سَوَاءٌ انْتَهَى. وَهَذَا حَسَنٌ جِدًّا وَأَمَّا كَوْنُ الْأَصْلِ فِي الرَّاءِ التَّفْخِيمَ، أَوِ التَّرْقِيقَ فَسَيَجِيءُ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي التَّنْبِيهَاتِ: آخِرَ الْبَابِ.
(إِذَا عُلِمَ ذَلِكَ) فَلْيُعْلَمْ أَنَّ الرَّاءَاتِ فِي مَذَاهِبِ الْقُرَّاءِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْمِصْرِيِّينَ، وَالْمَغَارِبَةِ، وَهُمُ الَّذِينَ رَوَيْنَا رِوَايَةَ وَرْشٍ مِنْ طَرِيقِ الْأَزْرَقِ مِنْ طُرُقِهِمْ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ اتَّفَقُوا عَلَى تَفْخِيمِهِ، وَقِسْمٌ اتَّفَقُوا عَلَى تَرْقِيقِهِ، وَقِسْمٌ اخْتَلَفُوا فِيهِ عَنْ كُلِّ الْقُرَّاءِ، وَقِسْمٌ اخْتَلَفُوا فِيهِ عَنْ بَعْضِ الْقُرَّاءِ. فَالْقِسْمَانِ الْأَوَلَانِ اتَّفَقَ عَلَيْهِمَا سَائِرُ الْقُرَّاءِ وَجَمَاعَةُ أَهْلِ الْأَدَاءِ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ، وَالشَّامِيِّينَ، وَغَيْرُهُمْ فَهُمَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِمَا وَالْقِسْمَانِ الْآخَرَانِ مِمَّا انْفَرَدَ بِهِمَا مَنْ ذَكَرْنَا وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَالْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا التَّقْسِيمَ إِنَّمَا يَرِدُ عَلَى الرَّاءَاتِ الَّتِي لَمْ يَجْرِ لَهَا ذِكْرٌ فِي بَابِ الْإِمَالَةِ فَأَمَّا مَا ذُكِرَ هُنَاكَ نَحْوَ ذِكْرَى، وَبُشْرَى، وَالنَّصَارَى وَالْأَبْرَارِ، وَالنَّارَ فَلَا خِلَافَ أَنَّ مَنْ قَرَأَهَا بِالْإِمَالَةِ، أَوْ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ يُرَقِّقُهَا، وَمَنْ قَرَأَهَا بِالْفَتْحِ يُفَخِّمُهَا. وَسَتَرِدُ عَلَيْكَ هَذِهِ مُسْتَوْفَاةً - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -.
(فَاعْلَمْ) أَنَّ الرَّاءَ لَا تَخْلُو مِنْ أَنْ تَكُونَ
مُتَحَرِّكَةً أَوْ سَاكِنَةً (فَالْمُتَحَرِّكَةُ) لَا تَخْلُو مِنْ أَنْ تَكُونَ مَفْتُوحَةً أَوْ مَضْمُومَةً أَوْ مَكْسُورَةً، فَالْمَفْتُوحَةُ تَكُونُ أَوَّلَ الْكَلِمَةِ وَوَسَطَهَا وَآخِرَهَا، وَهِيَ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ تَأْتِي بَعْدَ مُتَحَرِّكٍ وَسَاكِنٍ، وَالسَّاكِنُ يَكُونُ يَاءً وَغَيْرَ يَاءٍ (فَمِثَالُهَا) أَوَّلَ الْكَلِمَةِ بَعْدَ الْفَتْحِ (وَرَزَقَكُمْ، وَرَاعِنَا، وَقَالَ رَبُّكُمُ) ، وَبَعْدَ الْكَسْرِ (بِرَسُولِهِمْ، لِحُكْمِ رَبِّكَ) ، وَبَعْدَ الضَّمِّ (رُسُلُ رَبِّنَا) ، وَبَعْدَ السَّاكِنِ الْيَاءِ (فِي رَيْبٍ) ، وَغَيْرِ الْيَاءِ (بَلْ رَانَ، وَلَا رَطْبٍ، وَعَلَى رَجْعِهِ، وَالرَّاجِفَةُ) ، وَمِثَالُهَا وَسَطَ الْكَلِمَةِ بَعْدَ الْفَتْحِ (فَرَقْنَا، وَعَرَفُوا، وَتَرَاضٍ) ، وَبَعْدَ الضَّمِّ (غُرَابًا، وَفُرَاتًا، وَكَبُرَتْ، وَفُرَادَى) ، وَبَعْدَ الْكَسْرِ (فِرَاشًا، وَسِرَاجًا، وَكِرَامًا، وَدِرَاسَتِهِمْ، قِرَدَةً، الْآخِرَةَ، وَازِرَةٌ، صَابِرَةٌ، مُسْفِرَةٌ، وَالذَّاكِرَاتِ، وَلَأَسْتَغْفِرَنَّ، وَلَا يُشْعِرَنَّ، وَبَطِرَتْ، وَأُحْضِرَتِ) ، وَبَعْدَ السَّاكِنِ الْيَاءِ (حَيْرَانَ، وَالْخَيْرَاتِ، وَخَيْرًا) ، وَغَيْرُهُ وَنَحْوُ (صَغِيرَةً، وَكَبِيرَةً، وَمَصِيرَكُمْ) ، وَغَيْرِ الْيَاءِ عَنْ ضَمٍّ (وَالْعُمْرَةَ، وَغُفْرَانَكَ، وَسُورَةٌ، وَيُورَثُ) ، وَعَنْ فَتْحٍ (فَأَغْرَيْنَا، وَأَجْرَمُوا، وَزَهْرَةَ، وَالْحِجَارَةُ، وَمُبَارَكَةٍ) ، وَعَنْ كَسْرٍ (إِكْرَاهَ، وَالْإِكْرَامِ، وَإِجْرَامِي، وَإِصْرَهُمْ، وَإِخْرَاجًا، وَمِدْرَارًا) .
وَمِثْلُهَا آخِرَ الْكَلِمَةِ بَعْدَ الْفَتْحِ مُنَوَّنَةً (وَسَفَرًا، وَبُشْرًا، وَنَفَرًا، وَمُحْضَرًا) ، وَغَيْرَ مُنَوَّنَةٍ (الْبَقَرَ، وَالْحَجَرَ، وَالْقَمَرَ، وَلَا وَزَرَ) ، وَبَعْدَ الضَّمِ مُنَوَّنَةً (نُشُورًا، وَسُرُورًا، وَنُذْرًا) وَغَيْرَ مُنَوَّنَةٍ (كَبُرَ، وَلِيَفْجُرَ) ، وَبَعْدَ الْكَسْرِ مُنَوَّنَةً (شَاكِرًا، وَحَاضِرًا، وَظَاهِرًا، وَمُبْصِرًا، وَمُنْتَصِرًا، وَمُسْتَقَرًّا) ، وَغَيْرَ مُنَوَّنَةٍ (كَبَائِرَ، وَبَصَائِرُ، وَأَكَابِرَ، وَالْحَنَاجِرَ، فَلَا نَاصِرَ، وَلِيَغْفِرَ، وَخَسِرَ) ، وَبَعْدَ السَّاكِنِ الْيَاءِ مُنَوَّنَةً (خَيْرًا، وَطَيْرًا، وَسَيْرًا) وَنَحْوَ (قَدِيرًا، وَخَبِيرًا، وَكَبِيرًا، وَكَثِيرًا، وَتَقْدِيرًا، وَتَطْهِيرًا، وَمُنِيرًا، وَمُسْتَطِيرًا) ، وَغَيْرَ مُنَوَّنَةٍ (الْخَيْرُ، وَالطَّيْرَ، وَغَيْرَ، وَلَا ضَيْرَ) ، وَنَحْوَ (الْفَقِيرَ، وَالْحَمِيرَ، وَالْخَنَازِيرَ) ، وَبَعْدَ السَّاكِنِ غَيْرِ الْيَاءِ عَنْ فَتْحٍ مُنَوَّنَةٍ (أَجْرًا، وَبِدَارًا) ، وَغَيْرَ مُنَوَّنَةٍ (وَفَارَ، وَاخْتَارَ، وَخَرَّ) ، وَعَنْ ضَمٍّ (عُذْرًا، وَغَفُورًا، وَقُصُورًا) ، وَغَيْرَ مُنَوَّنَةٍ (فَمَنِ اضْطُرَّ) ، وَعَنْ كَسْرٍ مُنَوَّنَةٍ (ذِكْرًا، وَسِتْرًا، وَوِزْرًا، وَإِمْرًا، وَحِجْرًا، وَصِهْرًا) وَلَيْسَ فِي
الْقُرْآنِ غَيْرُ هَذِهِ السِّتَّةِ. وَغَيْرُ مُنَوَّنَةٍ (السِّحْرَ، وَالذِّكْرَ، وَالشِّعْرَ، وَوِزْرَ أُخْرَى، وَذِكْرَكَ، وَالسِّرَّ، وَالْبِرَّ) .
(فَهَذِهِ) أَقْسَامُ الرَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهَا. وَأَجْمَعُوا عَلَى تَفْخِيمِهَا فِي هَذِهِ الْأَقْسَامِ كُلِّهَا إِلَّا أَنْ تَقَعَ بَعْدَ كَسْرَةٍ، أَوْ يَاءٍ سَاكِنَةٍ وَالرَّاءُ مَعَ ذَلِكَ وَسَطَ كَلِمَةٍ، أَوْ آخِرَهَا فَإِنَّ الْأَزْرَقَ لَهُ فِيهَا مَذْهَبٌ خَالَفَ سَائِرَ الْقُرَّاءِ، وَهُوَ التَّرْقِيقُ مُطْلَقًا وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ أَصْلَيْنِ.
الْأَوَّلُ: أَنْ لَا يَقَعَ بَعْدَ الرَّاءِ حَرْفُ اسْتِعْلَاءٍ. فَمَتَى وَقَعَ بَعْدَ الرَّاءِ حَرْفُ اسْتِعْلَاءٍ فَإِنَّهُ يُفَخِّمُهَا كَسَائِرِ الْقُرَّاءِ وَوَقَعَ ذَلِكَ بَعْدَ الْمُتَوَسِّطَةِ فِي أَرْبَعَةِ أَلْفَاظٍ، وَهِيَ (صِرَاطٌ) كَيْفَ جَاءَ رَفْعًا وَنَصْبًا وَجَرًّا، مُنَوَّنًا وَغَيْرَ مُنَوَّنٍ؛ نَحْوَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ، اهْدِنَا الصِّرَاطَ، إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا، وَ (فِرَاقُ) وَهُوَ فِي الْكَهْفِ وَالْقِيَامَةِ.
الثَّانِي: إِنْ تَكَرَّرَ الرَّاءُ بَعْدُ وَوَقَعَ ذَلِكَ فِي ثَلَاثِ كَلِمَاتٍ ضِرَارًا. وَفِرَارًا. وَالْفِرَارُ، وَكَذَلِكَ يُرَقِّقُهَا إِذَا حَالَ بَيْنَ الْكَسْرَةِ وَبَيْنَهَا سَاكِنٌ فَإِنَّهُ يُرَقِّقُهَا أَيْضًا بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ: أَحَدُهَا أَنْ لَا يَكُونَ الْفَاصِلُ السَّاكِنُ حَرْفَ اسْتِعْلَاءٍ، وَلَمْ يَقَعْ مِنْ ذَلِكَ سِوَى أَرْبَعَةِ أَحْرُفٍ الْأَوَّلُ الصَّادُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِصْرًا فِي الْبَقَرَةِ إِصْرَهُمْ فِي الْأَعْرَافِ مِصْرًا مُنَوَّنًا فِي الْبَقَرَةِ، وَغَيْرَ مُنَوَّنٍ فِي يُونُسَ مَوْضِعٌ، وَفِي يُوسُفَ مَوْضِعَانِ. وَفِي الزُّخْرُفِ مَوْضِعٌ. الثَّانِي الطَّاءُ فِي قَوْلِهِ قِطْرًا فِي الْكَهْفِ فِطْرَتِ اللَّهِ فِي الرَّوْمِ.
الثَّالِثُ الْقَافُ: وَهُوَ وَقْرًا فِي الذَّارِيَاتِ. وَقَدْ فَخَّمَهَا الْأَزْرَقُ عِنْدَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْأَحْرُفِ فِي الْمَوَاضِعِ الْمَذْكُورَةِ، بِلَا خِلَافٍ. وَالْحَرْفُ الرَّابِعُ الْخَاءُ فِي إِخْرَاجٍ حَيْثُ وَقَعَ، وَلَمْ يَعْتَبِرْهُ حَاجِزًا وَأَجْرَاهُ مُجْرَى غَيْرِهِ مِنَ الْحُرُوفِ الْمُسْتَقِلَّةِ فَرَقَّقَ الرَّاءَ عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ. الشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ لَا يَكُونَ بَعْدَهُ حَرْفُ اسْتِعْلَاءٍ وَوَقَعَ ذَلِكَ فِي كَلِمَتَيْنِ إِعْرَاضًا فِي النِّسَاءِ وَإِعْرَاضُهُمْ فِي الْأَنْعَامِ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ (الْإِشْرَاقِ) فِي ص مِنْ أَجْلِ كَسْرِ الْقَافِ كَمَا سَيَأْتِي. وَالشَّرْطُ الثَّالِثُ أَنْ لَا تُكَرَّرَ الرَّاءُ فِي الْكَلِمَةِ فَإِنْ تَكَرَّرَ فَإِنَّهُ يُفَخِّمُهَا. وَالَّذِي فِي الْقُرْآنِ مِنْ ذَلِكَ مِدْرَارًا وَإِسْرَارًا وَالشَّرْطُ الرَّابِعُ أَنْ لَا تَكُونَ الْكَلِمَةُ أَعْجَمِيَّةً وَالَّذِي فِي الْقُرْآنِ مِنْ
ذَلِكَ إِبْرَاهِيمَ. وَعِمْرَانَ. وَإِسْرَائِيلَ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ فِي تَفْخِيمِ الرَّاءِ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ، وَقَدِ اخْتَلَفَ الرُّوَاةُ بَعْدَ ذَلِكَ عَنِ الْأَزْرَقِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذِهِ الْأَقْسَامِ فِي أَصْلٍ مُطَّرِدٍ وَأَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ.
(فَالْأَصْلُ الْمُطَّرِدُ) أَنْ يَقَعَ شَيْءٌ مِنَ الْأَقْسَامِ الْمَذْكُورَةِ مُنَوَّنًا فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى عَدَمِ اسْتِثْنَائِهِ مُطْلَقًا عَلَى أَيِ وَزْنٍ كَانَ وَسَوَاءً كَانَ بَعْدَ كَسْرَةٍ مُجَاوِرَةٍ، أَوْ مَفْصُولَةٍ بِسَاكِنٍ صَحِيحٍ مُظْهَرٍ، أَوْ مُدْغَمٍ، أَوْ بَعْدَ يَاءٍ سَاكِنَةٍ. فَالَّذِي بَعْدَ كَسْرَةٍ مُجَاوِرَةٍ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ حَرْفًا، وَهِيَ شَاكِرًا، وَسَامِرًا، وَصَابِرًا، وَنَاصِرًا، وَحَاضِرًا، وَطَاهِرًا، وَغَافِرِ، وَطَائِرٍ، وَفَاجِرًا، وَمُدْبِرًا، وَمُبْصِرًا، وَمُهَاجِرًا، وَمُغَيِّرًا، وَمُبَشِّرًا، وَمُنْتَصِرًا، وَمُقْتَدِرًا، وَخَضِرًا، وَعَاقِرًا وَالْمَفْصُولُ بِسَاكِنٍ صَحِيحٍ مُظْهَرٍ وَمُدْغَمٍ ثَمَانِيَةُ أَحْرُفٍ، وَهِيَ ذِكْرًا، وَسِتْرًا، وَوِزْرًا، وَأَمْرًا، وَحِجْرًا، وَصِهْرًا، وَمُسْتَقَرًّا، وَسِرًّا.
وَالَّذِي بَعْدَ يَاءٍ سَاكِنَةٍ فَتَأْتِي الْيَاءُ حَرْفَ لِينٍ وَحَرْفَ مَدٍّ وَلِينٍ فَبَعْدَ حَرْفِ لِينٍ فِي ثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ، وَهِيَ خَيْرًا، وَطَيْرًا، وَسَيْرًا، وَبَعْدَ حَرْفِ الْمَدِّ وَاللِّينِ مِنْهُ مَا يَكُونُ عَلَى وَزْنِ فَعِيلًا وَجُمْلَتُهُ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ حَرْفًا، وَهِيَ قَدِيرًا، وَخَبِيرًا، وَبَصِيرًا، وَكَبِيرًا، وَكَثِيرًا، وَبَشِيرًا، وَنَذِيرًا، وَصَغِيرًا، وَوَزِيرًا، وَعَسِيرًا، وَحَرِيرًا، وَأَسِيرًا.
وَمِنْهُ مَا يَكُونُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ الْوَزْنِ وَجُمْلَتُهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ حَرْفًا، وَهِيَ تَقْدِيرًا، وَتَطْهِيرًا، وَتَكْبِيرًا، وَتَبْذِيرًا، وَتَدْمِيرًا، وَتَتْبِيرًا، وَتَفْسِيرًا، وَقَوَارِيرَ، وَقَمْطَرِيرًا، وَزَمْهَرِيرًا، وَمُنِيرًا، وَمُسْتَطِيرًا فَرَقَّقُوا ذَلِكَ كُلَّهُ فِي الْحَالَيْنِ وَأَجْرَوْهُ مُجْرَى غَيْرِهِ مِنَ الْمُرَقَّقِ. وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي طَاهِرِ بْنِ خَلَفٍ صَاحِبِ الْعُنْوَانِ، وَشَيْخِهِ عَبْدِ الْجَبَّارِ صَاحِبِ الْمُجْتَبَى، وَأَبِي الْحَسَنِ بْنِ غَلْبُونَ صَاحِبِ التَّذْكِرَةِ، وَأَبِي مَعْشَرٍ الطَّبَرِيِّ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ، وَغَيْرِهِمْ. وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي الْكَافِي، وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى شَيْخِهِ أَبِي الْحَسَنِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ.
وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى اسْتِثْنَاءِ ذَلِكَ كُلِّهِ وَتَفْخِيمِهِ مِنْ أَجْلِ التَّنْوِينِ الَّذِي لَحِقَهُ، وَلَمْ يَسْتَثْنُوا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي طَاهِرِ ابْنِ هَاشِمٍ وَأَبِي الطَّيِّبِ
عَبْدِ الْمُنْعِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَأَبِي الْقَاسِمِ الْهُذَلِيِّ، وَغَيْرِهِمْ وَحَكَاهُ الدَّانِيُّ عَنْ أَبِي طَاهِرٍ وَعَبْدِ الْمُنْعِمِ وَجَمَاعَةٍ. وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى التَّفْصِيلِ فَاسْتَثْنَوْا مَا كَانَ بَعْدَ سَاكِنٍ صَحِيحٍ مُظْهَرٍ، وَهُوَ الْكَلِمَاتُ السِّتُّ ذِكْرًا وَسِتْرًا وَأَخَوَاتِهِ، وَلَمْ يَسْتَثْنُوا الْمُدْغَمَ، وَهُوَ: سِرًّا وَمُسْتَقَرًّا؛ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الْحَرْفَيْنِ فِي الْإِدْغَامِ كَحَرْفٍ وَاحِدٍ، إِذِ اللِّسَانُ يَرْتَفِعُ بِهِمَا ارْتِفَاعَةً وَاحِدَةً مِنْ غَيْرِ مُهْلَةٍ، وَلَا فُرْجَةَ، فَكَأَنَّ الْكَسْرَةَ قَدْ وَلِيَتِ الرَّاءَ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَافِظِ أَبِي عَمْرٍو الدَّانِيِّ وَشَيْخَيْهِ أَبِي الْفَتْحِ وَالْخَاقَانِيِّ، وَبِهِ قَرَأَ عَلَيْهِمَا، وَكَذَلِكَ هُوَ مَذْهَبُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُفْيَانَ وَأَبِي الْعَبَّاسِ الْمَهْدَوِيِّ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شُرَيْحٍ وَأَبِي عَلِيِّ بْنِ بَلِّيمَةَ وَأَبِي مُحَمَّدٍ مَكِّيٍّ وَأَبِي الْقَاسِمِ بْنِ الْفَحَّامِ وَالشَّاطِبِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. إِلَّا أَنَّ بَعْضَ هَؤُلَاءِ اسْتَثْنَى مِنَ الْمَفْصُولِ بِالسَّاكِنِ الصَّحِيحِ صِهْرًا. فَرَقَّقَهُ مِنْ أَجْلِ إِخْفَاءِ الْهَاءِ كَابْنِ شُرَيْحٍ وَالْمَهْدَوِيِّ وَابْنِ سُفْيَانَ وَابْنِ الْفَحَّامِ، وَلَمْ يَسْتَثْنِهِ الدَّانِيُّ، وَلَا ابْنُ بَلِّيمَةَ، وَلَا الشَّاطِبِيُّ فَفَخَّمُوهُ، وَذَكَرَ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا مَكِّيٌّ.
وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى تَرْقِيقِ كُلِّ مُنَوَّنٍ، وَلَمْ يَسْتَثْنُوا ذِكْرًا وَبَابَهُ فَمِنْهُمْ أَبُو الْحَسَنِ طَاهِرُ بْنُ غَلْبُونَ، وَغَيْرُهُ، وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَيْهِ وَأَجْمَعُوا عَلَى اسْتِثْنَاءِ: مِصْرًا، وَإِصْرًا، وَقِطْرًا، وَوِزْرًا، وَوَقْرًا مِنْ أَجْلِ حَرْفِ الِاسْتِعْلَاءِ.
(تَنْبِيهٌ) : قَوْلُ أَبِي شَامَةَ: وَلَا يَظْهَرُ لِي فَرْقٌ بَيْنَ كَوْنِ الرَّاءِ فِي ذَلِكَ مَفْتُوحَةً، أَوْ مَضْمُومَةً، بَلِ الْمَضْمُومَةُ أَوْلَى بِالتَّفْخِيمِ لِأَنَّ التَّنْوِينَ حَاصِلٌ مَعَ ثِقَلِ الضَّمِّ، قَالَ: وَذَلِكَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: هَذَا ذِكْرُ انْتَهَى.
(قُلْتُ) : وَقَدْ أَخَذَ الْجَعْبَرِيُّ هَذَا مِنْهُ مُسَلَّمًا فَغَلَّطَ الشَّاطِبِيَّ فِي قَوْلِهِ: وَتَفْخِيمُهُ ذِكْرًا وَسِتْرًا وَبَابَهُ - حَتَّى غَيَّرَ هَذَا الْبَيْتَ فَقَالَ: وَلَوْ قَالَ مِثْلَ:
كَذِكْرًا رَقِيقٌ لِلْأَقَلِّ وَشَاكِرٍ
…
خَبِيرٍ لِأَعْيَانٍ وَسِرًّا تَعَدَّلَا
لَنَصَّ عَلَى الثَّلَاثَةِ فَسَوَّى بَيْنَ ذِكْرٍ الْمَنْصُوبِ، وَذِكْرٍ الْمَرْفُوعِ، وَتَمَحَّلَ لِإِخْرَاجِ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الشَّاطِبِيِّ فَقَالَ: وَمِثَالَا النَّاظِمِ دَلَّا عَلَى الْعُمُومِ فَذَكَرَ مُبَارَكٌ مِثَالًا لِلْمَضْمُومِ، وَنَصَبَهَا لِإِيقَاعِ الْمَصْدَرِ عَلَيْهَا، وَلَوْ حَكَاهَا لَأَجَادَ انْتَهَى. وَهَذَا كَلَامُ مَنْ لَمْ
يَطَّلِعُ عَلَى مَذَاهِبِ الْقَوْمِ فِي اخْتِلَافِهِمْ فِي تَرْقِيقِ الرَّاءَاتِ وَتَخْصِيصِهِمُ الرَّاءَ الْمَفْتُوحَةَ بِالتَّرْقِيقِ دُونَ الْمَضْمُومَةِ وَأَنَّ مَنْ مَذْهَبُهُ تَرْقِيقُ الْمَضْمُومَةِ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ ذِكْرُ، وَبِكْرٌ، وَسِحْرٌ، وَشَاكِرٌ، وَقَادِرٌ، وَمُسْتَمِرٌّ، وَيَغْفِرُ، وَيَقْدِرُ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى التَّفْصِيلِ فِيمَا عَدَا مَا فُصِلَ بِالسَّاكِنِ الصَّحِيحِ فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى تَرْقِيقِهِ فِي الْحَالَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ يَاءٍ سَاكِنَةٍ نَحْوَ خَبِيرًا، وَبَصِيرًا، وَخَيْرًا وَسَائِرِ أَوْزَانِهِ، أَوْ بَعْدَ كَسْرَةٍ مُجَاوِرَةٍ نَحْوَ شَاكِرًا وَخَضِرًا وَسَائِرِ الْبَابِ. وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي عَمْرٍو الدَّانِيِّ وَشَيْخَيْهِ أَبِي الْفَتْحِ وَابْنِ خَاقَانَ، وَبِهِ قَرَأَ عَلَيْهِمَا، وَهُوَ أَيْضًا مَذْهَبُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ بَلِّيمَةَ وَأَبِي الْقَاسِمِ بْنِ الْفَحَّامِ وَأَبِي الْقَاسِمِ الشَّاطِبِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي الْكَافِي وَالتَّبْصِرَةِ، وَذَهَبَ الْآخَرُونَ إِلَى تَفْخِيمِ ذَلِكَ وَصْلًا مِنْ أَجْلِ التَّنْوِينِ وَالْوَقْفِ عَلَيْهِ بِالتَّرْقِيقِ كَابْنِ سُفْيَانَ، وَالْمَهْدَوِيِّ. وَهُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي فِي الْكَافِي، وَذَكَرَهُ فِي التَّجْرِيدِ عَنْ شَيْخِهِ عَبْدِ الْبَاقِي عَنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى أَبِيهِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ فِي الْوَقْفِ، وَانْفَرَدَ صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي بِتَرْقِيقِ مَا كَانَ وَزْنُهُ فَعَيْلًا فِي الْوَقْفِ وَتَفْخِيمِهِ فِي الْوَصْلِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ مَذْهَبُ شَيْخِهِ أَبِي الطَّيِّبِ.
وَأَمَّا الْأَلْفَاظُ الْمَخْصُوصَةُ فَهِيَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ: أَوَّلُهَا إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ فِي الْفَجْرِ. ذَهَبَ إِلَى تَرْقِيقِهَا مِنْ أَجْلِ الْكَسْرَةِ قَبْلَهَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ غَلْبُونَ، وَأَبُو الطَّاهِرِ صَاحِبُ الْعُنْوَانِ وَعَبْدُ الْجَبَّارِ صَاحِبُ الْمُجْتَبَى وَمَكِّيٌّ. وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى شَيْخِهِ ابْنِ غَلْبُونَ، وَذَهَبَ الْبَاقُونَ إِلَى تَفْخِيمِهَا مِنْ أَجْلِ الْعُجْمَةِ، وَهُوَ الَّذِي فِي التَّيْسِيرِ، وَالْكَافِي، وَالْهِدَايَةِ، وَالْهَادِي، وَالتَّجْرِيدِ، وَالتَّلْخِيصَيْنِ، وَالشَّاطِبِيَّةِ. وَالْوَجْهَانِ صَحِيحَانِ مِنْ أَجْلِ الْخِلَافِ فِي عُجْمَتِهَا. وَقَدْ ذَكَرَهُمَا الدَّانِيُّ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ.
ثَانِيهَا سِرَاعًا، وَذِرَاعًا، وَذِرَاعَيْهِ فَفَخَّمَهَا مِنْ أَجْلِ الْعَيْنِ صَاحِبُ الْعُنْوَانِ، وَشَيْخُهُ وَطَاهِرُ بْنُ غَلْبُونَ وَابْنُ شُرَيْحٍ وَأَبُو مَعْشَرٍ الطَّبَرِيُّ. وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ وَرَقَّقَهَا الْآخَرُونَ مِنْ أَجْلِ الْكَسْرَةِ، وَهُوَ الَّذِي فِي التَّيْسِيرِ وَالتَّبْصِرَةِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْهَادِي، وَالتَّجْرِيدِ، وَالشَّاطِبِيَّةِ. وَبِهِ
قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى فَارِسٍ وَالْخَاقَانِيُّ، وَذَكَرَ الْوَجْهَيْنِ ابْنُ بَلِّيمَةَ وَالدَّانِيُّ فِي الْجَامِعِ.
ثَالِثُهَا افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ، وَافْتِرَاءً عَلَيْهِ، وَمِرَاءً فَفَخَّمَهَا مِنْ أَجْلِ الْهَمْزَةِ ابْنُ غَلْبُونَ صَاحِبُ التَّذْكِرَةِ، وَابْنُ بَلِّيمَةَ صَاحِبُ تَلْخِيصِ الْعِبَارَاتِ، وَأَبُو مَعْشَرٍ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ، وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ وَرَقَّقَهَا الْآخَرُونَ مِنْ أَجْلِ الْكَسْرَةِ، وَذَكَرَ الدَّانِيُّ الْوَجْهَيْنِ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ.
رَابِعُهَا لَسَاحِرَانِ، وَتَنْتَصِرَانِ، وَطَهِّرَا فَفَخَّمَهَا مِنْ أَجْلِ أَلِفِ التَّثْنِيَةِ أَبُو مَعْشَرٍ الطَّبَرِيُّ وَأَبُو عَلِيِّ بْنُ بَلِّيمَةَ، وَأَبُو الْحَسَنِ بْنُ غَلْبُونَ، وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَيْهِ وَرَقَّقَهَا الْآخَرُونَ مِنْ أَجْلِ الْكَسْرَةِ، وَالْوَجْهَانِ جَمِيعًا فِي جَامِعِ الْبَيَانِ. خَامِسُهَا وَعَشِيرَتُكُمْ فِي التَّوْبَةِ فَخَّمَهَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَهْدَوِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ سُفْيَانَ، وَصَاحِبُ التَّجْرِيدِ، وَأَبُو الْقَاسِمِ خَلَفُ بْنُ خَاقَانَ، وَنَصَّ عَلَيْهِ كَذَلِكَ إِسْمَاعِيلُ النَّخَّاسُ. قَالَ: الدَّانِيُّ، وَبِذَلِكَ قَرَأْتُ عَلَى ابْنِ خَاقَانَ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَامَّةُ أَصْحَابِ أَبِي جَعْفَرِ بْنِ هِلَالٍ عَنْهُ.
قَالَ: وَأَقْرَأَنِيهِ غَيْرُهُ بِالْإِمَالَةِ قِيَاسًا عَلَى نَظَائِرِهِ انْتَهَى. وَرَقَّقَهَا صَاحِبُ الْعُنْوَانِ، وَصَاحِبُ التَّذْكِرَةِ، وَأَبُو مَعْشَرٍ، وَقَطَعَ بِهِ فِي التَّيْسِيرِ فَخَرَجَ عَنْ طَرِيقِهِ فِيهِ. وَالْوَجْهَانِ جَمِيعًا فِي جَامِعِ الْبَيَانِ، وَالْكَافِي، وَالْهِدَايَةِ، وَالتَّبْصِرَةِ، وَتَلْخِيصِ الْعِبَارَاتِ، وَالشَّاطِبِيَّةِ.
سَابِعُهَا وِزْرَكَ، ذِكْرَكَ. فِي أَلَمْ نَشْرَحْ فَخَّمَهَا مَكِّيٌّ، وَصَاحِبُ التَّجْرِيدِ، وَالْمَهْدَوِيُّ وَابْنُ سُفْيَانَ وَأَبُو الْفَتْحِ فَارِسٌ، وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَجْلِ تَنَاسُبِ رُءُوسِ الْآيِ. وَرَقَّقَهَا الْآخَرُونَ عَلَى الْقِيَاسِ. وَالْوَجْهَانِ فِي التَّذْكِرَةِ وَالتَّلْخِيصَيْنِ، وَالْكَافِي. وَقَالَ: إِنَّ التَّفْخِيمَ فِيهِمَا أَكْثَرُ. وَحَكَى الْوَجْهَيْنِ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ، وَقَالَ: إِنَّهُ قَرَأَ بِالتَّفْخِيمِ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ، وَاخْتَارَ التَّرْقِيقَ.
" ثَامِنُهَا " وِزْرَ أُخْرَى فَخَّمَهُ مَكِّيٌّ وَفَارِسُ بْنُ أَحْمَدَ، وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ، وَالْهَادِي، وَالتَّجْرِيدِ. وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ، وَذَكَرَ الْوَجْهَيْنِ فِي الْجَامِعِ. وَرَقَّقَهُ الْآخَرُونَ عَلَى الْقِيَاسِ.
" تَاسِعُهَا " إِجْرَامِي فَخَّمَهُ صَاحِبُ التَّجْرِيدِ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي التَّبْصِرَةِ، وَالْكَافِي، وَرَقَّقَهُ الْآخَرُونَ وَمَكِّيٌّ وَابْنُ شُرَيْحٍ فِي الْوَجْهِ الْآخَرِ، وَقَالَ: إِنَّ تَرْقِيقَهَا أَكْثَرُ.
" عَاشِرُهَا " حِذْرَكُمْ فَخَّمَهُ مَكِّيٌّ وَابْنُ شُرَيْحٍ وَالْمَهْدَوِيُّ وَابْنُ سُفْيَانَ، وَصَاحِبُ التَّجْرِيدِ، وَانْفَرَدَ بِتَفْخِيمِ حِذْرَكُمْ وَرَقَّقَ ذَلِكَ الْآخَرُونَ، وَهُوَ الْقِيَاسُ.
" الْحَادِي عَشَرَ " مِنْهَا لَعِبْرَةً، وَكِبْرَهُ فَخَّمَهَا صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ، وَالتَّجْرِيدِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْهَادِي، وَرَقَّقَهَا الْآخَرُونَ.
" الثَّانِي عَشَرَ مِنْهَا " وَالْإِشْرَاقِ. فِي سُورَةِ ص. رَقَّقَهُ صَاحِبُ الْعُنْوَانِ، وَشَيْخُهُ عَبْدُ الْجَبَّارِ مِنْ أَجْلِ كَسْرِ حَرْفِ الِاسْتِعْلَاءِ بَعْدُ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي التَّذْكِرَةِ، وَتَلْخِيصِ أَبِي مَعْشَرٍ، وَجَامِعِ الْبَيَانِ، وَبِهِ قَرَأَ عَلَى ابْنِ غَلْبُونَ، وَهُوَ قِيَاسُ تَرْقِيقِ فِرْقٍ وَفَخَّمَهُ الْآخَرُونَ، وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ وَابْنِ خَاقَانَ. وَهُوَ اخْتِيَارُهُ أَيْضًا، وَهُوَ الْقِيَاسُ.
" الثَّالِثَ عَشَرَ " حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ فَخَّمَهُ وَصْلًا مِنْ أَجْلِ حَرْفِ الِاسْتِعْلَاءِ بَعْدَهُ صَاحِبُ التَّجْرِيدِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْهَادِي، وَرَقَّقَهُ الْآخَرُونَ فِي الْحَالَيْنِ، وَالْوَجْهَانِ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ. قَالَ: وَلَا خِلَافَ فِي تَرْقِيقِهَا وَقْفًا انْتَهَى.
وَانْفَرَدَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ بِتَفْخِيمِهَا أَيْضًا فِي الْوَقْفِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وَالْأَصَحُّ تَرْقِيقُهَا فِي الْحَالَيْنِ، وَلَا اعْتِبَارَ بِوُجُودِ حَرْفِ الِاسْتِعْلَاءِ بَعْدُ لِانْفِصَالِهِ وَلِلْإِجْمَاعِ عَلَى تَرْقِيقِ الذِّكْرَ صَفْحًا. وَلِيُنْذِرَ قَوْمًا، وَالْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَعَدَمُ تَأْثِيرِ حَرْفِ الِاسْتِعْلَاءِ فِي ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ الِانْفِصَالِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَبَقِيَ مِنَ الرَّاءَاتِ الْمَفْتُوحَةُ مِمَّا اخْتَصَّ الْأَزْرَقُ بِتَرْقِيقِهِ حَرْفًا وَاحِدًا، وَهُوَ بِشَرَرٍ فِي سُورَةِ الْمُرْسَلَاتِ، وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ أَصْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ فَإِنَّهُ رَقَّقَ مِنْ أَجْلِ الْكَسْرَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ. وَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى تَرْقِيقِهِ فِي الْحَالَيْنِ، وَهُوَ الَّذِي قَطَعَ بِهِ فِي التَّيْسِيرِ، وَالشَّاطِبِيَّةِ، وَحَكَيَا عَلَى ذَلِكَ اتِّفَاقَ الرُّوَاةِ.
وَكَذَلِكَ رَوَى تَرْقِيقَهُ أَيْضًا أَبُو مَعْشَرٍ، وَصَاحِبُ التَّجْرِيدِ، وَالتَّذْكِرَةِ، وَالْكَافِي. وَلَا خِلَافَ فِي تَفْخِيمِهِ مِنْ طَرِيقِ صَاحِبِ الْعُنْوَانِ، وَالْمَهْدَوِيِّ وَابْنِ سُفْيَانَ وَابْنِ بَلِّيمَةَ. وَقِيَاسُ تَرْقِيقِهِ تَرْقِيقُ الضَّرَرِ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ رَوَى تَرْقِيقَهُ وَإِنْ كَانَ سِيبَوَيْهِ أَجَازَهُ وَحَكَاهُ سَمَاعًا مِنَ الْعَرَبِ، وَعَلَّلَ أَهْلُ الْأَدَاءِ تَفْخِيمَهُ مِنْ أَجْلِ حَرْفِ الِاسْتِعْلَاءِ قَبْلَهُ. نَصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي التَّيْسِيرِ، وَلَمْ يَرْتَضِهِ فِي غَيْرِهِ. فَقَالَ: لَيْسَ بِمَانِعٍ مِنَ الْإِمَالَةِ هُنَا
لِقُوَّةِ جَرَّةِ الرَّاءِ كَمَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْهَا كَذَلِكَ فِي نَحْوِ الْغَارِ، وَقِنْطَارًا انْتَهَى.
وَلَا شَكَّ أَنَّ ضَعْفَ السَّبَبِ يُؤَثِّرُ فِيهِ قُوَّةُ الْإِطْبَاقِ وَالِاسْتِعْلَاءِ بِخِلَافِ مَا مُثِّلَ بِهِ فَإِنَّ السَّبَبَ فِيهِ قَوِيٌّ وَسَيَأْتِي عِلَّةُ تَرْقِيقِهِ فِي الْوَقْفِ آخِرَ الْبَابِ.
وَبَقِيَ مِنَ الرَّاءَاتِ الْمَفْتُوحَةِ أَيْضًا مَا أُمِيلَ مِنْهَا نَحْوَ ذِكْرَى، وَبُشْرَى، وَنَصَارَى، وَسُكَارَى وَحُكْمُهُ فِي نَوْعَيْهِ التَّرْقِيقُ كَمَا تَقَدَّمَ وَهَذَا، بِلَا خِلَافٍ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَأَمَّا الرَّاءُ الْمَضْمُومَةُ فَإِنَّهَا أَيْضًا تَكُونُ أَوَّلَ الْكَلِمَةِ وَوَسَطَهَا وَآخِرَهَا.
وَتَأْتِي أَيْضًا فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ: بَعْدَ مُتَحَرِّكٍ وَسَاكِنٍ، وَالسَّاكِنُ يَكُونُ يَاءً وَغَيْرَ يَاءٍ، فَمِثَالُهَا أَوَّلًا بَعْدَ الْفَتْحِ وَرُدُّوا، وَرُمَّانٌ، وَأَقْرَبَ رُحْمًا، وَبَعْدَ الْكَسْرِ لِرُقِيِّكَ ; وَبِرُءُوسِكُمْ، وَبَعْدَ الضَّمِّ تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ، وَبَعْدَ السَّاكِنِ الْيَاءِ فِي رُؤْيَايَ، وَغَيْرِ الْيَاءِ الرُّجْعَى، وَهُمْ رُقُودٌ، وَلَوْ رُدُّوا.
وَمِثَالُهَا وَسَطَ الْكَلِمَةِ بَعْدَ الْفَتْحِ صَبَرُوا، وَأُمِرُوا، فَعَقَرُوهَا، وَبَعْدَ الضَّمِّ يَشْكُرُونَ، فَاذْكُرُوا، وَالْحُرُمَاتُ، وَبَعْدَ الْكَسْرِ الصَّابِرُونَ، وَمُمْطِرُنَا، وَطَائِرُكُمْ، وَيُبْصِرُونَ، وَيَغْفِرُونَ، وَيُشْعِرُكُمْ، وَبَعْدَ السَّاكِنِ الْيَاءِ كَبِيرُهُمْ، وَسِيرُوا، وَغَيْرُهُ. وَغَيْرِ الْيَاءِ عَنْ فَتْحٍ لَعَمْرُكَ، وَيَفْرُطَ، وَعَنْ ضَمٍّ نَحْوَ: وَزُخْرُفًا، وَعَنْ كَسْرٍ نَحْوَ عِشْرُونَ، وَيَعْصِرُونَ.
وَمِثَالُهَا آخِرَ الْكَلِمَةِ بَعْدَ الْفَتْحِ مُنَوَّنَةً بَشَرٌ، وَنَفَرَ، وَغَيْرَ مُنَوَّنَةٍ الْقَمَرَ، وَالشَّجَرِ، وَبَعْدَ الضَّمِّ مُنَوَّنَةً حُمُرٌ، وَسُرُرٍ، وَغَيْرَ مُنَوَّنَةٍ تُغْنِي النُّذُرُ، وَبَعْدَ الْكَسْرِ مُنَوَّنَةً شَاكِرٌ، وَكَافِرٍ، وَمُنْفَطِرٌ، وَمُسْتَمِرٌّ، وَغَيْرَ مُنَوَّنَةٍ السَّاحِرُ، وَالْآخِرُ، وَالسَّرَائِرُ، وَالْمُدَّثِّرُ، وَيَغْفِرُ، وَيَقْدِرُ، وَبَعْدَ السَّاكِنِ الْيَاءِ مُنَوَّنَةً قَدِيرٌ، وَخَبِيرٌ، وَحَرِيرٌ، وَغَيْرَ مُنَوَّنَةٍ الْعِيرُ، وَتَحْرِيرُ، وَأَسَاطِيرُ، وَ (عُزَيْرُ) ، وَغَيْرِ، وَالْخَيْرُ، وَبَعْدَ السَّاكِنِ غَيْرِ الْيَاءِ مُنَوَّنَةً: بِكْرٌ، وَذَكَرٍ، وَسِحْرٌ، وَغَيْرَ مُنَوَّنَةٍ السِّحْرَ، وَالذَّكَرُ، وَالْبِرَّ، وَيُقِرُّ.
" وَهَذِهِ أَقْسَامُ الْمَضْمُومَةِ مُسْتَوْفَاةٌ " فَأَجْمَعُوا عَلَى تَفْخِيمِهَا فِي كُلِّ حَالٍ إِلَّا أَنْ تَجِيءَ وَسَطًا، أَوْ آخِرًا بَعْدَ كَسْرٍ، أَوْ يَاءٍ سَاكِنَةٍ، أَوْ حَالَ بَيْنَ الْكَسْرِ وَبَيْنَهَا سَاكِنٌ فَإِنَّ الْأَزْرَقَ عَنْ وَرْشٍ رَقَّقَهَا فِي ذَلِكَ عَلَى اخْتِلَافٍ بَيْنَ الرُّوَاةِ عَنْهُ، فَرَوَى بَعْضُهُمْ تَفْخِيمَهَا
فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يُجْرُوهَا مُجْرَى الْمَفْتُوحَةِ. وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي الْحَسَنِ طَاهِرِ بْنِ غَلْبُونَ صَاحِبِ التَّذْكِرَةِ، وَأَبِي طَاهِرٍ إِسْمَاعِيلَ بْنِ خَلَفٍ صَاحِبِ الْعُنْوَانِ، وَشَيْخِهِ عَبْدِ الْجَبَّارِ صَاحِبِ الْمُجْتَبَى، وَغَيْرِهِمْ، وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى شَيْخِهِ أَبِي الْحَسَنِ.
" وَرَوَى " جُمْهُورُهُمْ تَرْقِيقَهَا، وَهُوَ الَّذِي فِي التَّيْسِيرِ وَالْهَادِي، وَالْكَافِي، وَالتَّلْخِيصَيْنِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالتَّبْصِرَةِ، وَالتَّجْرِيدِ، وَالشَّاطِبِيَّةِ، وَغَيْرِهَا. وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى شَيْخِهِ الْخَاقَانِيِّ وَأَبِي الْفَتْحِ وَنَقَلَهُ عَنْ عَامَّةِ أَهْلِ الْأَدَاءِ مِنْ أَصْحَابِ وَرْشٍ مِنَ الْمِصْرِيِّينَ، وَالْمَغَارِبَةِ. قَالَ: وَرَوَى ذَلِكَ مَنْصُوصًا أَصْحَابُ النَّخَّاسِ وَابْنُ هِلَالٍ وَابْنُ دَاوُدَ وَابْنُ سَيْفٍ وَبَكْرُ بْنُ سَهْلٍ وَمُوَاسُ بْنُ سَهْلٍ عَنْهُمْ عَنْ أَصْحَابِهِمْ عَنْ وَرْشٍ.
(قُلْتُ) : وَالتَّرْقِيقُ هُوَ الْأَصَحُّ نَصًّا وَرِوَايَةً وَقِيَاسًا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَاخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ رَوَوْا تَرْقِيقَ الْمَضْمُومَةِ فِي حَرْفَيْنِ، وَهُمَا: عِشْرُونَ، وَكِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَفَخَّمَهَا مِنْهُمْ أَبُو مُحَمَّدٍ صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ، وَالْمَهْدَوِيُّ وَابْنُ سُفْيَانَ، وَصَاحِبُ التَّجْرِيدِ. وَرَقَّقَهَا أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ وَشَيْخَاهُ أَبُو الْفَتْحِ وَالْخَاقَانِيُّ وَأَبُو مَعْشَرٍ الطَّبَرِيُّ وَأَبُو عَلِيِّ بْنُ بَلِّيمَةَ وَأَبُو الْقَاسِمِ الشَّاطِبِيُّ، وَغَيْرُهُمْ.
وَأَمَّا الرَّاءُ الْمَكْسُورَةُ فَإِنَّهَا مُرَقَّقَةٌ لِجَمِيعِ الْقُرَّاءِ مِنْ غَيْرِ خُلْفٍ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَهِيَ تَكُونُ أَيْضًا أَوَّلَ الْكَلِمَةِ وَوَسَطَهَا وَآخِرَهَا، فَمِثَالُهَا أَوَّلًا رِزْقًا، وَرِجْسٌ، وَرِيحًا، وَرِجَالٌ، وَرِكْزًا، وَرِضْوَانَ، وَرِبِّيُّونَ، وَمِثَالُهَا وَسَطًا فَارِضٌ. وَفَارِهِينَ. وَكَارِهِينَ. وَالطَّارِقُ. وَالْقَارِعَةُ. وَبِضَارِّهِمْ. وَيُوَارِي. وَعِفْريتٌ وَإِصْرِي، وَمِثَالُهَا آخِرًا إِلَى النُّورِ. وَبِالزُّبُرِ. وَمِنَ الدَّهْرِ. وَالطُّورَ. وَالْمَعْمُورِ. وَبِالنُّذُرِ. وَالْفَجْرِ. وَإِلَى الطَّيْرِ. وَالْمُنِيرِ. وَفِي الْحَرِّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْمَجْرُورَاتِ بِالْإِضَافَةِ، أَوْ بِالْحَرْفِ، أَوْ بِالتَّبَعِيَّةِ فَإِنَّ الْكَسْرَةَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ عَارِضَةٌ لِأَنَّهَا حَرَكَةُ إِعْرَابٍ، وَكَذَلِكَ مَا كُسِرَ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ فِي الْوَصْلِ نَحْوَ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ. وَمِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ، وَكَذَلِكَ مَا تَحَرَّكَ بِحَرَكَةِ النَّقْلِ نَحْوَ:(وَانْحَرِ انَّ شَانِئَكَ) . وَ (انْتَظِرِ انَّهُمْ) . وَ (فَلْيَكْفُرِ انَّا أَعْتَدْنَا) . وَ (انْظُرِ الَى) فَأَجْمَعَ
الْقُرَّاءُ عَلَى تَرْقِيقِ هَذِهِ الرَّاءَاتِ الْمُتَطَرِّفَاتِ وَصْلًا كَمَا أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى تَرْقِيقِهَا مُبْتَدَأَةً وَمُتَوَسِّطَةً إِذَا كَانَتْ مَكْسُورَةً. فَأَمَّا الْوَقْفُ عَلَيْهَا إِذَا كَانَتْ آخِرًا فَنَذْكُرُهُ فِي فَصْلٍ بَعْدَ ذَلِكَ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ -
وَأَمَّا الرَّاءُ السَّاكِنَةُ فَتَكُونُ أَيْضًا، أَوَّلًا وَوَسَطًا وَآخِرًا وَتَكُونُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بَعْدَ ضَمٍّ وَفَتْحٍ وَكَسْرٍ. فَمِثَالُهَا أَوَّلًا بَعْدَ فَتْحٍ (وَارْزُقْنَا. وَارْحَمْنَا)، وَبَعْدَ ضَمٍّ: ارْكُضْ، وَبَعْدَ كَسْرٍ (يَا بُنَيِّ ارْكَبْ) . وَأَمِ ارْتَابُوا. وَرَبِّ ارْجِعُونِ، وَالَّذِي ارْتَضَى، وَلِمَنِ ارْتَضَى فَالَّتِي بَعْدَ فَتْحٍ لَا بُدَّ أَنْ تَقَعَ بَعْدَ حَرْفِ عَطْفٍ. وَالَّتِي بَعْدَ ضَمٍّ تَكُونُ بَعْدَ هَمْزَةِ الْوَصْلِ ابْتِدَاءً، وَقَدْ تَكُونُ كَذَلِكَ بَعْدَ ضَمٍّ وَصْلًا. وَقَدْ تَكُونُ بَعْدَ كَسْرٍ عَلَى اخْتِلَافٍ بَيْنَ الْقُرَّاءِ كَمَا مَثَّلْنَا بِهِ فَإِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: بِعَذَابٍ ارْكُضْ يُقْرَأُ بِضَمِّ التَّنْوِينِ قَبْلُ عَلَى قِرَاءَةِ نَافِعٍ وَابْنِ كَثِيرٍ وَالْكِسَائِيِّ وَأَبِي جَعْفَرٍ وَخَلَفٍ وَهِشَامٍ. وَيُقْرَأُ بِالْكَسْرِ عَلَى قِرَاءَةِ أَبِي عَمْرٍو وَعَاصِمٍ وَحَمْزَةَ وَيَعْقُوبَ وَابْنِ ذَكْوَانَ. فَهِيَ مُفَخَّمَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِوُقُوعِهَا بَعْدَ ضَمٍّ وَلِكَوْنِ الْكَسْرَةِ عَارِضَةً، وَكَذَلِكَ أَمِ ارْتَابُوا. وَ (يَا بُنَيِّ ارْكَبْ) . وَرَبِّ ارْجِعُونِ وَنَحْوُهُ فَتَفْخِيمُهَا أَيْضًا ظَاهِرٌ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا. وَيَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي، وَيَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا، وَالَّذِينَ ارْتَدُّوا، وَتَفْرَحُونَ ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَا تَقَعُ الْكَسْرَةُ قَبْلَ الرَّاءِ فِي ذَلِكَ وَنَحْوِهِ إِلَّا فِي الِابْتِدَاءِ فَهِيَ أَيْضًا فِي ذَلِكَ مُفَخَّمَةٌ لِعُرُوضِ الْكَسْرِ قَبْلَهَا وَكَوْنِ الرَّاءِ فِي ذَلِكَ أَصْلُهَا التَّفْخِيمُ، وَأَمَّا الرَّاءُ السَّاكِنَةُ الْمُتَوَسِّطَةُ فَتَكُونُ أَيْضًا بَعْدَ فَتْحٍ وَضَمٍّ وَكَسْرٍ.
فَمِثَالُهَا بَعْدَ الْفَتْحِ بَرِقَ. وَخَرْدَلٍ. وَالْأَرْضِ وَيَرْجِعُونَ. وَالْعَرْشِ. وَالْمَرْجَانُ وَوَرْدَةً وَصَرْعَى. فَالرَّاءُ مُفَخَّمَةٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لِجَمِيعِ الْقُرَّاءِ لَمْ يَأْتِ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ خِلَافٌ فِي حَرْفٍ مِنَ الْحُرُوفِ سِوَى ثَلَاثِ كَلِمَاتٍ، وَهِيَ قَرْيَةٍ. وَمَرْيَمَ، وَالْمَرْءِ فَأَمَّا قَرْيَةٍ حَيْثُ وَقَعَتْ وَمَرْيَمَ فَنَصَّ عَلَى التَّرْقِيقِ فِيهِمَا لِجَمِيعِ الْقُرَّاءِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ سُفْيَانَ وَأَبُو مُحَمَّدٍ مَكِّيٌّ وَأَبُو الْعَبَّاسِ الْمَهْدَوِيُّ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ شُرَيْحٍ وَأَبُو الْقَاسِمِ
ابْنُ الْفَحَّامِ وَأَبُو عَلِيٍّ الْأَهْوَازِيُّ، وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَجْلِ سُكُونِهَا وَوُقُوعِ الْيَاءِ بَعْدَهَا، وَقَدْ بَالَغَ أَبُو الْحَسَنِ الْحُصْرِيُّ فِي تَغْلِيطِ مَنْ يَقُولُ بِتَفْخِيمِ ذَلِكَ فَقَالَ:
وَإِنْ سَكَنَتْ وَالْيَاءُ بَعْدُ كَمَرْيَمَ
…
فَرَقِّقْ وَغَلِّطْ مَنْ يُفَخِّمُ عَنْ قَهْرٍ
وَذَهَبَ الْمُحَقِّقُونَ، وَجُمْهُورُ أَهْلِ الْأَدَاءِ إِلَى التَّفْخِيمِ فِيهِمَا، وَهُوَ الَّذِي لَا يُوجَدُ نَصٌّ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْمُتَقَدِّمِينَ بِخِلَافِهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ فِي سَائِرِ الْأَمْصَارِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ الصَّحِيحُ. وَقَدْ غَلِطَ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ وَأَصْحَابُهُ الْقَائِلِينَ بِخِلَافِهِ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى الْأَخْذِ بِالتَّرْقِيقِ لِوَرْشٍ مِنْ طَرِيقِ الْأَزْرَقِ وَبِالتَّفْخِيمِ لِغَيْرِهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ بَلِّيمَةَ وَغَيْرِهِ، وَالصَّوَابُ الْمَأْخُوذُ بِهِ هُوَ التَّفْخِيمُ لِلْجَمِيعِ لِسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَ فَتْحٍ، وَلَا أَثَرَ لِوُجُودِ الْيَاءِ بَعْدَهَا فِي التَّرْقِيقِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ وَرْشٍ، وَغَيْرِهِ فِي ذَلِكَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَأَمَّا الْمَرْءِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ، وَالْمَرْءِ وَقَلْبِهِ فَذَكَرَ بَعْضُهُمْ تَرْقِيقَهَا لِجَمِيعِ الْقُرَّاءِ مِنْ أَجْلِ كَسْرَةِ الْهَمْزَةِ بَعْدَهَا وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْأَهْوَازِيُّ، وَغَيْرُهُ، وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنَ الْمَغَارِبَةِ إِلَى تَرْقِيقِهَا لِوَرْشٍ مِنْ طَرِيقِ الْمِصْرِيِّينَ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي بَكْرٍ الْأُذْفُوِيِّ وَأَبِي الْقَاسِمِ بْنِ الْفَحَّامِ وَزَكَرِيَّا بْنِ يَحْيَى وَمُحَمَّدِ بْنِ خَيْرُونَ وَأَبِي عَلِيِّ بْنِ بَلِّيمَةَ وَأَبِي الْحَسَنِ الْحُصْرِيِّ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ وَالتَّبْصِرَةِ، وَالْكَافِي، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: إِنَّ الْمَشْهُورَ عَنْ وَرْشٍ التَّرْقِيقُ، وَقَالَ ابْنُ شُرَيْحٍ التَّفْخِيمُ أَكْثَرُ وَأَحْسَنُ، وَقَالَ: الْحُصْرِيُّ:
وَلَا تَقْرَأَنْ رَا الْمَرْءِ إِلَّا رَقِيقَةً
…
لَدَى سُورَةِ الْأَنْفَالِ أَوْ قِصَّةِ السِّحْرِ
وَقَالَ الدَّانِيُّ: وَقَدْ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ هِلَالٍ، وَغَيْرِهِ يَرْوُونَ عَنْ قِرَاءَتِهِمْ تَرْقِيقَ الرَّاءِ فِي قَوْلِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ حَيْثُ وَقَعَ مِنْ أَجْلِ جَرَّةِ الْهَمْزَةِ، وَقَالَ: وَتَفْخِيمُهَا أَقْيَسُ لِأَجْلِ الْفَتْحَةِ قَبْلَهَا، وَبِهِ قَرَأْتُ انْتَهَى.
وَالتَّفْخِيمُ هُوَ الْأَصَحُّ وَالْقِيَاسُ لِوَرْشٍ، وَجَمِيعِ الْقُرَّاءِ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَذْكُرْ فِي الشَّاطِبِيَّةِ، وَالتَّيْسِيرِ، وَالْكَافِي، وَالْهَادِي، وَالْهِدَايَةِ، وَسَائِرُ أَهْلِ الْأَدَاءِ سِوَاهُ
وَأَجْمَعُوا عَلَى تَفْخِيمِ تَرْمِيهِمْ، وَفِي السَّرْدِ، وَرَبُّ الْعَرْشِ وَالْأَرْضِ وَنَحْوِهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَرْءِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَمِثَالُهَا بَعْدَ الضَّمِّ الْقُرْآنُ،، وَالْفُرْقَانَ، وَالْغُرْفَةَ، وَكُرْسِيُّهُ، وَالْخُرْطُومِ وَتُرْجِي، وَسَأُرْهِقُهُ، وَزُرْتُمُ فَلَا خِلَافَ فِي تَفْخِيمِ الرَّاءِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ. وَمِثَالُهَا بَعْدَ الْكَسْرَةِ فِرْعَوْنَ، وَشِرْعَةً، وَشِرْذِمَةٌ، وَمِرْيَةٍ، وَالْفِرْدَوْسِ، وَأَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ، وَأُحْصِرْتُمْ، وَاسْتَأْجِرْهُ، وَأُمِرْتُ، وَ (يَنْفَطِرْنَ) ، (وَقِرْنَ) فَأَجْمَعُوا عَلَى تَرْقِيقِ الرَّاءِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لِوُقُوعِهَا سَاكِنَةً بَعْدَ كَسْرٍ. فَإِنْ وَقَعَ بَعْدَهَا حَرْفُ اسْتِعْلَاءٍ فَلَا خِلَافَ فِي تَفْخِيمِهَا مِنْ أَجْلِ حَرْفِ الِاسْتِعْلَاءِ وَالَّذِي وَرَدَ مِنْهَا فِي الْقُرْآنِ سَاكِنَةً بَعْدَ كَسْرٍ، وَبَعْدَهَا حَرْفُ اسْتِعْلَاءٍ قِرْطَاسٍ فِي الْأَنْعَامِ وَفِرْقَةٍ، وَإِرْصَادًا فِي التَّوْبَةِ وَمِرْصَادًا فِي النَّبَأِ وَبِالْمِرْصَادِ فِي الْفَجْرِ ; وَقَدْ شَذَّ بَعْضُهُمْ فَحَكَى تَرْقِيقَ مَا وَقَعَ بَعْدَ حَرْفِ اسْتِعْلَاءٍ مِنْ ذَلِكَ عَنْ وَرْشٍ مِنْ طَرِيقِ الْأَزْرَقِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي، وَتَلْخِيصِ ابْنِ بَلِّيمَةَ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَهُوَ غَلَطٌ وَالصَّوَابُ مَا عَلَيْهِ عَمَلُ أَهْلِ الْأَدَاءِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَاخْتَلَفُوا فِي فِرْقٍ مِنْ سُورَةِ الشُّعَرَاءِ مِنْ أَجْلِ كَسْرِ حَرْفِ الِاسْتِعْلَاءِ، وَهُوَ الْقَافُ فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْمَغَارِبَةِ، وَالْمِصْرِيِّينَ إِلَى تَرْقِيقِهِ، وَهُوَ الَّذِي قَطَعَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْهَادِي، وَالْكَافِي، وَالتَّجْرِيدِ، وَغَيْرِهَا.
وَذَهَبَ سَائِرُ أَهْلِ الْأَدَاءِ إِلَى التَّفْخِيمِ، وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ نَصِّ التَّيْسِيرِ وَظَاهِرِ الْعُنْوَانِ وَالتَّلْخِيصَيْنِ، وَغَيْرِهَا. وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَنَصَّ عَلَى الْوَجْهَيْنِ صَاحِبُ جَامِعِ الْبَيَانِ، وَالشَّاطِبِيَّةِ، وَالْإِعْلَانِ، وَغَيْرِهَا. وَالْوَجْهَانِ صَحِيحَانِ إِلَّا أَنَّ النُّصُوصَ مُتَوَاتِرَةٌ عَلَى التَّرْقِيقِ، وَحَكَى غَيْرُ وَاحِدٍ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعَ، وَذَكَرَ الدَّانِيُّ فِي غَيْرِ التَّيْسِيرِ، وَالْجَامِعِ، أَنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُفَخِّمُ رَاءَ فِرْقٍ مِنْ أَجْلِ حَرْفِ الِاسْتِعْلَاءِ قَالَ: وَالْمَأْخُوذُ بِهِ التَّرْقِيقُ لِأَنَّ حَرْفَ الِاسْتِعْلَاءِ قَدِ انْكَسَرَتْ صَوْلَتُهُ لِتَحَرُّكِهِ بِالْكَسْرِ انْتَهَى.
وَالْقِيَاسُ