المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في الوقف على الراء - النشر في القراءات العشر - جـ ٢

[ابن الجزري]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ الْإِدْغَامِ الصَّغِيرِ

- ‌بَابُ حُرُوفٍ قَرُبَتْ مَخَارِجُهَا

- ‌بَابُ أَحْكَامِ النُّونِ السَّاكِنَةِ وَالتَّنْوِينِ

- ‌ الْإِظْهَارُ)

- ‌ الْإِدْغَامُ)

- ‌الْقَلْبِ

- ‌ الْإِخْفَاءَ

- ‌بَابُ مَذَاهِبِهِمْ فِي‌‌ الْفَتْحِ

- ‌ الْفَتْحِ

- ‌الْإِمَالَةِ

- ‌أَسْبَابُ الْإِمَالَةِ)

- ‌ وُجُوهُ الْإِمَالَةِ)

- ‌فَصْلٌ [في إمالة الألف التي بعدها راء متطرفة مكسورة]

- ‌[فصل في إمالة الألف التي هي عين من الفعل الثلاثي الماضي]

- ‌فَصَلٌ فِي إِمَالَةِ حُرُوفٍ مَخْصُوصَةٍ غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ

- ‌فَصْلٌ فِي إِمَالَةِ أَحْرُفِ الْهِجَاءِ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ

- ‌بَابُ إِمَالَةِ هَاءِ التَّأْنِيثِ وَمَا قَبْلَهَا فِي الْوَقْفِ

- ‌بَابُ مَذَاهِبِهِمْ فِي تَرْقِيقِ الرَّاءَاتِ وَتَفْخِيمِهَا

- ‌فَصْلٌ فِي الْوَقْفِ عَلَى الرَّاءِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ تَغْلِيظِ اللَّامَاتِ

- ‌بَابُ الْوَقْفِ عَلَى أَوَاخِرِ الْكَلِمِ

- ‌(فَأَمَّا السُّكُونُ)

- ‌(وَأَمَّا الرَّوْمُ)

- ‌(وَأَمَّا الْإِشْمَامُ)

- ‌بَابُ الْوَقْفُ عَلَى مَرْسُومِ الْخَطِّ

- ‌(فَأَمَّا الْإِبْدَالُ)

- ‌(وَأَمَّا الْإِثْبَاتُ)

- ‌(وَأَمَّا الْحَذْفُ)

- ‌وَأَمَّا وَصْلُ الْمَقْطُوعِ رَسْمًا

- ‌وَأَمَّا قَطْعُ الْمَوْصُولِ

- ‌بَابُ مَذَاهِبِهِمْ فِي يَاءَاتِ الْإِضَافَةِ

- ‌الْفَصْلُ الْأَوَّلُفِي الْيَاءَاتِ الَّتِي بَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَفْتُوحَةٌ

- ‌الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْيَاءَاتِ الَّتِي بَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَكْسُورَةٌ

- ‌الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْيَاءَاتِ الَّتِي بَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَضْمُومَةٌ

- ‌الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْيَاءَاتِ الَّتِي بَعْدَهَا هَمْزَةُ وَصْلٍ مَعَ لَامِ التَّعْرِيفِ

- ‌الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي الْيَاءَاتِ الَّتِي بَعْدَهَا هَمْزَةُ وَصْلٍ مُجَرَّدَةٌ عَنِ اللَّامِ

- ‌[الفصل السادس:] فِي الْيَاءَاتِ الَّتِي لَمْ يَقَعْ بَعْدَهَا هَمْزَةُ قَطْعٍ، وَلَا وَصْلٍ، بَلْ حَرْفٌ مِنْ بَاقِي حُرُوفِ الْمُعْجَمِ

- ‌بَابُ مَذَاهِبِهِمْ فِي يَاءَاتِ الزَّوَائِدِ

- ‌بَابُ بَيَانِ إِفْرَادِ الْقِرَاءَاتِ وَجَمْعِهَا

- ‌بَابُ فَرْشِ الْحُرُوفِ

- ‌ سُورَةِ الْبَقَرَةِ

- ‌سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ

- ‌سُورَةُ النِّسَاءِ

- ‌سُورَةُ الْمَائِدَةِ

- ‌سُورَةُ الْأَنْعَامِ

- ‌سُورَةُ الْأَعْرَافِ

- ‌سُورَةُ الْأَنْفَالِ

- ‌سُورَةُ التَّوْبَةِ

- ‌سُورَةُ يُونُسَ

- ‌سُورَةُ هُودٍ

- ‌سُورَةُ يُوسُفَ

- ‌سُورَةُ الرَّعْدِ

- ‌سُورَةُ إِبْرَاهِيمَ

- ‌سُورَةُ الْحِجْرِ

- ‌سُورَةُ النَّحْلِ

- ‌سُورَةُ الْإِسْرَاءِ

- ‌سُورَةُ الْكَهْفِ

- ‌سُورَةُ مَرْيَمَ

- ‌سُورَةُ طه

- ‌سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ

- ‌سُورَةُ الْحَجِّ

- ‌سُورَةُ الْمُؤْمِنُونَ

- ‌سُورَةُ النُّورِ

- ‌سُورَةُ الْفُرْقَانِ

- ‌سُورَةُ الشُّعَرَاءِ

- ‌سُورَةُ النَّمْلِ

- ‌سُورَةُ الْقَصَصِ

- ‌سُورَةُ الْعَنْكَبُوتِ

- ‌سُورَةُ الرُّومِ

- ‌سُورَةُ لُقْمَانَ

- ‌سُورَةُ السَّجْدَةِ

- ‌سُورَةُ الْأَحْزَابِ

- ‌سُورَةُ سَبَأٍ

- ‌سُورَةُ فَاطِرٍ

- ‌سُورَةُ يس

- ‌سُورَةُ وَالصَّافَّاتِ

- ‌سُورَةُ ص

- ‌سُورَةُ الزُّمَرِ

- ‌سُورَةُ الْمُؤْمِنِ

- ‌سُورَةُ فُصِّلَتْ

- ‌سُورَةُ الشُّورَى

- ‌سُورَةُ الزُّخْرُفِ

- ‌سُورَةُ الدُّخَانِ

- ‌سُورَةُ الْجَاثِيَةِ

- ‌سُورَةُ الْأَحْقَافِ

- ‌سُورَةُ مُحَمَّدٍ

- ‌سُورَةُ الْفَتْحِ

- ‌سُورَةُ الْحُجُرَاتِ

- ‌سُورَةُ ق

- ‌سُورَةُ الذَّارِيَاتِ

- ‌سُورَةُ الطُّورِ

- ‌سُورَةُ " وَالنَّجْمِ

- ‌سُورَةُ اقْتَرَبَتْ

- ‌سُورَةُ الرَّحْمَنِ

- ‌سُورَةُ الْوَاقِعَةِ

- ‌سُورَةُ الْحَدِيدِ

- ‌سُورَةُ الْمُجَادِلَةِ

- ‌سُورَةُ الْحَشْرِ

- ‌سُورَةُ الْمُمْتَحِنَةِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الصَّفِّ إِلَى سُورَةِ الْمُلْكِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الْمُلْكِ إِلَى سُورَةِ الْجِنِّ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الْجِنِّ إِلَى سُورَةِ النَّبَأِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ النَّبَأِ إِلَى سُورَةِ الْأَعْلَى

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الْأَعْلَى إِلَى آخِرِ الْقُرْآنِ

- ‌بَابُ التَّكْبِيرِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي سَبَبِ وُرُودِهِ

- ‌الْفَصْلُ الثَّانِي: فِي ذِكْرِ مَنْ وَرَدَ عَنْهُ وَأَيْنَ وَرَدَ وَصِيغَتِهِ

- ‌الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي صِيغَتِهِ وَحُكْمِ الْإِتْيَانِ بِهِ وَسَبَبِهِ

- ‌الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي أُمُورٍ تَتَعَلَّقُ بِخَتْمِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ

الفصل: ‌فصل في الوقف على الراء

إِجْرَاءُ الْوَجْهَيْنِ فِي فِرْقَةٍ حَالَةَ الْوَقْفِ لِمَنْ أَمَالَ هَاءَ التَّأْنِيثِ، وَلَا أَعْلَمُ فِيهَا نَصًّا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

(وَأَمَّا مِرفَقًا) ، فَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ الْأَدَاءِ تَفْخِيمَهَا لِمَنْ كَسَرَ الْمِيمَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ مِنْ أَجْلِ زِيَادَةِ الْمِيمِ وَعُرُوضِ كَسْرَتِهَا، وَبِهِ قَطَعَ فِي التَّجْرِيدِ وَحَكَاهُ فِي الْكَافِي أَيْضًا عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الْقُرَّاءِ، وَلَمْ يُرَجِّحْ شَيْئًا وَالصَّوَابُ فِيهِ التَّرْقِيقُ وَأَنَّ الْكَسْرَةَ فِيهِ لَازِمَةٌ وَإِنْ كَانَتِ الْمِيمُ زَائِدَةً كَمَا سَيَأْتِي، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يُرَقَّقْ إِخْرَاجًا وَالْمِحْرَابَ لِوَرْشٍ، وَلَا فُخِّمَتْ إِرْصَادًا، وَالْمِرْصَادِ مِنْ أَجْلِ حَرْفِ الِاسْتِعْلَاءِ، وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ آخِرَ الْبَابِ، وَأَمَّا الرَّاءُ السَّاكِنَةُ الْمُتَطَرِّفَةُ فَتَكُونُ كَذَلِكَ بَعْدَ فَتْحٍ، وَبَعْدَ ضَمٍّ، وَبَعْدَ كَسْرٍ فَمِثَالُهَا بَعْدَ الْفَتْحِ: يَغْفِرُ، وَلَمْ يَتَغَيَّرْ، وَلَا يَسْخَرْ، وَلَا تَذَرْ، وَلَا تَقْهَرْ، وَلَا تَنْهَرْ، وَمِثَالُهَا بَعْدَ الضَّمِّ فَانْظُرْ، وَأَنِ اشْكُرْ، فَلَا تَكْفُرْ فَلَا خِلَافَ فِي تَفْخِيمِ الرَّاءِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ لِجَمِيعِ الْقُرَّاءِ.

وَمِثَالُهَا بَعْدَ الْكَسْرِ اسْتَغْفِرْ، وَيَغْفِرُ، وَأَبْصِرْ، وَقَدِّرْ، وَاصْبِرْ، وَاصْطَبِرْ، وَلَا تُصَعِّرْ، وَلَا خِلَافَ فِي تَرْقِيقِ الرَّاءِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لِوُقُوعِهَا سَاكِنَةً بَعْدَ الْكَسْرِ، وَلَا اعْتِبَارَ بِوُجُودِ حَرْفِ الِاسْتِعْلَاءِ بَعْدَهَا فِي هَذَا الْقِسْمِ لِانْفِصَالِهِ عَنْهَا، وَذَلِكَ نَحْوَ فَاصْبِرْ صَبْرًا، وَأَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ، وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ.

‌فَصْلٌ فِي الْوَقْفِ عَلَى الرَّاءِ

قَدْ تَقَدَّمَ أَقْسَامُ الرَّاءِ الْمُتَطَرِّفَةِ، وَهِيَ لَا تَخْلُو فِي الْوَصْلِ إِمَّا أَنْ تَكُونَ سَاكِنَةً، أَوْ مُتَحَرِّكَةً فَإِنْ كَانَتْ سَاكِنَةً نَحْوَ اذْكُرْ ; فَلَا تَنْهَرْ، وَأَنْذِرْ قَوْمَكَ، أَوْ كَانَتْ مَفْتُوحَةً نَحْوَ أَمَرَ، وَلِيَفْجُرَ، وَلَنْ نَصْبِرَ، وَالسِّحْرَ، وَالْخَيْرُ، وَالْحَمِيرِ، أَوْ كَانَتْ مَكْسُورَةً لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ نَحْوَ وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ، وَأَنْذِرِ النَّاسَ، أَوْ كَانَتْ

ص: 104

كَسْرَتُهَا مَنْقُولَةً نَحْوَ (وَانْحَرِ انَّ شَانِئَكَ) ، وَ (انْظُرِ الَى الْجَبَلِ) وَ (فَاصْبِرِ انَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ) فَإِنَّ الْوَقْفَ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ بِالسُّكُونِ لَا غَيْرَ - وَإِنْ كَانَتْ مَكْسُورَةً - وَالْكَسْرَةُ فِيهَا لِلْإِعْرَابِ نَحْوُ بِالْبِرِّ، وَنَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ. وَبِالْحُرِّ. وَإِلَى الْخَيْرِ. وَلَصَوْتُ الْحَمِيرِ، أَوْ كَانَتْ كَسْرَتُهَا لِلْإِضَافَةِ إِلَى يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ نَحْوَ نَذْرٍ، وَنَكِيرِ، أَوْ كَانَتِ الْكَسْرَةُ فِي عَيْنِ الْكَلِمَةِ نَحْوَ يَسْرِ فِي الْفَجْرِ وَالْجَوَارِ فِي الشُّورَى وَالرَّحْمَنِ وَالتَّكْوِيرِ وَهَارٍ فِي التَّوْبَةِ عَلَى مَا فِيهِ مِنَ الْقَلْبِ كَمَا قَدَّمْنَا، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا الْكَسْرَةُ فِيهِ لَيْسَتْ مَنْقُولَةً، وَلَا لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ جَازَ فِي الْوَقْفِ عَلَيْهَا الرَّوْمُ وَالسُّكُونُ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ. وَإِنْ كَانَتْ مَرْفُوعَةً نَحْوُ قُضِيَ الْأَمْرُ، وَالْكِبَرُ. وَالْأُمُورُ وَالنُّذُرُ. وَالْأَشِرُ. وَالْخَيْرُ. وَالْعِيرُ جَازَ الْوَقْفُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِالرَّوْمِ، وَالْإِشْمَامِ وَالسُّكُونِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ. إِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَاعْلَمْ أَنَّكَ مَتَى وَقَفْتَ عَلَى الرَّاءِ بِالسُّكُونِ، أَوْ بِالْإِشْمَامِ نَظَرْتَ إِلَى مَا قَبْلَهَا. فَإِنْ كَانَ قَبْلَهَا كَسْرَةٌ، أَوْ سَاكِنٌ بَعْدَ كَسْرَةٍ، أَوْ يَاءٌ سَاكِنَةٌ، أَوْ فَتْحَةٌ مُمَالَةٌ، أَوْ مُرَقَّقَةٌ نَحْوَ بُعْثِرَ. وَالشِّعْرَ، وَالْخَنَازِيرَ ; وَلَا ضَيْرَ وَنَذِيرٍ، وَنَكِيرِ، وَالْعِيرُ، وَالْخَيْرُ وَبِالْبِرِّ. وَالْقَنَاطِيرِ، وَإِلَى الطَّيْرِ، وَفِي الدَّارِ وَكِتَابَ الْأَبْرَارِ عِنْدَ مَنْ أَمَالَ الْأَلِفَ وَبِشَرَرٍ عِنْدَ مَنْ رَقَّقَ الرَّاءَ رُقِّقَتِ الرَّاءُ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَهَا غَيْرُ ذَلِكَ فَخَّمْتَهَا. هَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْمَشْهُورُ الْمَنْصُورُ.

وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى الْوَقْفِ عَلَيْهَا بِالتَّرْقِيقِ إِنْ كَانَتْ مَكْسُورَةً لِعُرُوضِ الْوَقْفِ كَمَا سَيَأْتِي فِي التَّنْبِيهَاتِ آخِرَ الْبَابِ. وَلَكِنْ قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْكَسْرَةِ الْعَارِضَةِ فِي حَالٍ وَاللَّازِمَةِ بِكُلِّ حَالٍ كَمَا سَيَأْتِي - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

وَمَتَّى وَقَفْتَ عَلَيْهَا بِالرَّوْمِ اعْتُبِرَتْ حَرَكَتُهَا فَإِنْ كَانَتْ كَسْرَةً رَقَّقْتَهَا لِلْكُلِّ وَإِنْ كَانَتْ ضَمَّةً نَظَرْتَ إِلَى مَا قَبْلَهَا فَإِنْ كَانَ كَسْرَةً، أَوْ سَاكِنًا بَعْدَ كَسْرَةٍ، أَوْ يَاءً سَاكِنَةً رَقَّقْتَهَا لِوَرْشٍ وَحْدَهُ مِنْ طَرِيقِ الْأَزْرَقِ وَفَخَّمْتَهَا لِلْبَاقِينَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَبْلَهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَخَّمْتَهَا لِلْكُلِّ إِلَّا إِذَا كَانَتْ مَكْسُورَةً فَإِنَّ بَعْضَهُمْ يَقِفُ عَلَيْهَا بِالتَّرْقِيقِ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ كَسْرَةِ الْبِنَاءِ وَكَسْرَةِ الْإِعْرَابِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ آخِرَ الْبَابِ.

(فَالْحَاصِلُ) مِنْ هَذَا أَنَّ الرَّاءَ الْمُتَطَرِّفَةَ إِذَا سَكَنَتْ فِي الْوَقْفِ جَرَتْ

ص: 105

مُجْرَى الرَّاءِ السَّاكِنَةِ فِي وَسَطِ الْكَلِمَةِ تُفَخَّمُ بَعْدَ الْفَتْحَةِ وَالضَّمَّةِ، نَحْوَ الْعَرْشِ وَكُرْسِيُّهُ وَتُرَقَّقُ بَعْدَ الْكَسْرَةِ نَحْوَ شِرْذِمَةٌ وَأُجْرِيَتِ الْيَاءُ السَّاكِنَةُ وَالْفَتْحَةُ الْمُمَالَةُ قَبْلَ الرَّاءِ الْمُتَطَرِّفَةِ إِذَا سَكَنَتْ مُجْرَى الْكَسْرَةِ وَأُجْرِيَ الْإِشْمَامُ فِي الْمَرْفُوعَةِ مُجْرَى السُّكُونِ، وَإِذَا وُقِفَ عَلَيْهَا بِالرَّوْمِ جَرَتْ مُجْرَاهَا فِي الْوَصْلِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

تَنْبِيهَاتٌ

(الْأَوَّلُ) : إِذَا وَقَعَتِ الرَّاءُ طَرَفًا بَعْدَ سَاكِنٍ هُوَ بَعْدَ كَسْرَةٍ وَكَانَ ذَلِكَ السَّاكِنُ حَرْفَ اسْتِعْلَاءٍ وَوُقِفَ عَلَى الرَّاءِ بِالسُّكُونِ، وَذَلِكَ نَحْوَ (مِصْرَ. وَعَيْنَ الْقِطْرِ) فَهَلْ يُعْتَدُّ بِحَرْفِ الِاسْتِعْلَاءِ فَتُفَخَّمَ أَمْ لَا يُعْتَدُّ فَتُرَقَّقُ؟ رَأْيَانِ لِأَهْلِ الْأَدَاءِ فِي ذَلِكَ فَعَلَى التَّفْخِيمِ نَصَّ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ شُرَيْحٍ، وَغَيْرُهُ، وَهُوَ قِيَاسُ مَذْهَبِ وَرْشٍ مِنْ طَرِيقِ الْمِصْرِيِّينَ، وَعَلَى التَّرْقِيقِ نَصَّ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ فِي كِتَابِ الرَّاءَاتِ، وَفِي جَامِعِ الْبَيَانِ، وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ بِمَذْهَبِ الْجَمَاعَةِ لَكِنِّي أَخْتَارُ فِي مِصْرَ التَّفْخِيمَ، وَفِي (قَصْرٍ) التَّرْقِيقَ نَظَرًا لِلْوَصْلِ وَعَمَلًا بِالْأَصْلِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

(الثَّانِي) : إِذَا وَقَفْتَ بِالسُّكُونِ عَلَى بِشَرَرٍ لِمَنْ يُرَقِّقُ الرَّاءَ الْأُولَى رُقِّقَتِ الثَّانِيَةُ وَإِنْ وَقَعَتْ بَعْدَ فَتْحٍ، وَذَلِكَ أَنَّ الرَّاءَ الْأُولَى إِنَّمَا رُقِّقَتْ فِي الْوَصْلِ مِنْ أَجْلِ تَرْقِيقِ الثَّانِيَةِ فَلَمَّا وُقِفَ عَلَيْهَا رُقِّقَتِ الثَّانِيَةُ مِنْ أَجْلِ الْأُولَى فَهُوَ فِي الْحَالَيْنِ تَرْقِيقٌ لِتَرْقِيقٍ كَالْإِمَالَةِ لِلْإِمَالَةِ.

(الثَّالِثُ) : إِذَا وَقَفْتَ عَلَى نَحْوِ الدَّارُ، وَالنَّارَ، وَالنَّهَارِ، وَالْقَرَارُ، وَالْأَبْرَارِ لِأَصْحَابِ الْإِمَالَةِ فِي نَوْعَيْهَا رَقَقْتَ الرَّاءَ بِحَسَبِ الْإِمَالَةِ وَشَذَّ مَكِّيٌّ بِالتَّفْخِيمِ لِوَرْشٍ مَعَ إِمَالَةٍ بَيْنَ بَيْنَ فَقَالَ فِي آخِرِ بَابِ الْإِمَالَةِ فِي الْوَقْفِ لِوَرْشٍ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَنَّهُ يَخْتَارُ لَهُ الرَّوْمَ قَالَ مَا نَصُّهُ: فَإِذَا وَقَفْتَ لَهُ بِالْإِسْكَانِ وَتَرَكْتَ الِاخْتِيَارَ وَجَبَ أَنْ تُغَلِّظَ الرَّاءَ لِأَنَّهَا تَصِيرُ سَاكِنَةً قَبْلَهَا فَتْحَةٌ قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ تَقِفَ بِالتَّرْقِيقِ كَالْوَصْلِ لِأَنَّ الْوَقْفَ عَارِضٌ وَالْكَسْرَ مَنَوِيٌّ.

ص: 106

وَقَالَ: فِي آخِرِ بَابِ الرَّاءَاتِ: فَأَمَّا (النَّارُ) فِي مَوْضِعِ الْخَفْضِ فِي قِرَاءَةِ وَرْشٍ، فَتَقِفُ إِذَا سَكَّنَتْ بِالتَّغْلِيظِ وَالِاخْتِيَارُ أَنْ تَرُومَ الْحَرَكَةَ فَتُرَقِّقَ إِذَا وَقَفْتَ انْتَهَى، وَهُوَ قَوْلٌ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ، بَلِ الصَّوَابُ التَّرْقِيقُ مِنْ أَجْلِ الْإِمَالَةِ سَوَاءً أَسَكَّنْتَ أَمْ رُمْتَ لَا نَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا، وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَعَلَيْهِ أَهْلُ الْأَدَاءِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

(الرَّابِعُ) إِذَا وَصَلْتَ: ذِكْرَى الدَّارِ. لِوَرْشٍ مِنْ طَرِيقِ الْأَزْرَقِ رَقَّقْتَ الرَّاءَ مِنْ أَجْلِ كَسْرَةِ الذَّالِ فَإِذَا وَقَفْتَ رَقَّقْتَهَا مِنْ أَجْلِ أَلِفِ التَّأْنِيثِ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ نَبَّهَ عَلَيْهَا أَبُو شَامَةَ رحمه الله، وَقَالَ: لَمْ أَرَ أَحَدًا نَبَّهَ عَلَيْهَا فَقَالَ: إِنَّ (ذِكْرَى الدَّارِ) وَإِنِ امْتَنَعَتْ إِمَالَةُ أَلِفِهَا وَصْلًا فَلَا يَمْتَنِعُ تَرْقِيقُ رَائِهَا فِي مَذْهَبِ وَرْشٍ عَلَى أَصْلِهِ لِوُجُودِ مُقْتَضَى ذَلِكَ، وَهُوَ الْكَسْرُ قَبْلَهَا، وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ حَجْزُ السَّاكِنِ بَيْنَهُمَا فَيَتَّحِدُ لَفْظُ التَّرْقِيقِ، وَإِمَالَةٌ بَيْنَ بَيْنَ فِي هَذَا فَكَأَنَّهُ أَمَالَ الْأَلِفَ وَصْلًا انْتَهَى. وَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهَا أَبُو الْحَسَنِ السَّخَاوِيُّ، وَذَكَرَ أَنَّ التَّرْقِيقَ فِي ذِكْرَى الدَّارِ مِنْ أَجْلِ الْيَاءِ لَا مِنْ أَجْلِ الْكَسْرِ انْتَهَى. وَمُرَادُهُ بِالتَّرْقِيقِ الْإِمَالَةُ، وَفِيمَا قَالَهُ مِنْ ذَلِكَ نَظَرٌ، بَلِ الصَّوَابُ أَنَّ تَرْقِيقَهَا مِنْ أَجْلِ الْكَسْرِ.

(الْخَامِسُ) : الْكَسْرَةُ تَكُونُ لَازِمَةً وَعَارِضَةً فَاللَّازِمَةُ مَا كَانَتْ عَلَى حَرْفٍ أَصْلِيٍّ، أَوْ مُنَزَّلٍ مَنْزِلَةَ الْأَصْلِيِّ يَخِلُّ إِسْقَاطُهُ بِالْكَلِمَةِ وَالْعَارِضَةُ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَقِيلَ الْعَارِضَةُ مَا كَانَتْ عَلَى حَرْفٍ زَائِدٍ. وَإِلَيْهِ ذَهَبَ صَاحِبُ التَّجْرِيدِ، وَغَيْرُهُ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي (مِرْفَقًا) فِي قِرَاءَةِ مَنْ كَسَرَ الْمِيمَ وَفَتَحَ الْفَاءَ، وَهُمْ أَبُو عَمْرٍو وَيَعْقُوبُ وَعَاصِمٌ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ، كَمَا تَقَدَّمَ، فَعَلَى الْأَوَّلِ تَكُونُ لَازِمَةً فَتُرَقَّقُ الرَّاءُ مَعَهَا، وَعَلَى الثَّانِي تَكُونُ عَارِضَةً فَتُفَخَّمُ وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى تَرْقِيقِ الْمِحْرَابَ وَإِخْرَاجًا لِوَرْشٍ، دُونَ تَفْخِيمِ مِرْصَادًا، وَلَبِالْمِرْصَادِ مِنْ أَجْلِ حَرْفِ الِاسْتِعْلَاءِ بَعْدُ لَا مِنْ أَجْلِ عُرُوضِ الْكَسْرَةِ قَبْلُ كَمَا قَدَّمْنَا.

ص: 107

(السَّادِسُ) : اخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي أَصْلِ الرَّاءِ هَلْ هُوَ التَّفْخِيمُ، وَإِنَّمَا تُرَقَّقُ لِسَبَبٍ أَوْ أَنَّهَا عَرِيَّةٌ عَنْ وَصْفَيِ التَّرْقِيقِ وَالتَّفْخِيمِ فَتُفَخَّمُ لِسَبَبٍ وَتُرَقَّقُ لِآخَرَ؟ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى الْأَوَّلِ وَاحْتَجَّ لَهُ مَكِّيٌّ فَقَالَ: إِنَّ كُلَّ رَاءٍ غَيْرِ مَكْسُورَةٍ فَتَغْلِيظُهَا جَائِزٌ وَلَيْسَ كُلُّ رَاءٍ فِيهَا التَّرْقِيقُ ; أَلَّا تَرَى أَنَّكَ لَوْ قُلْتَ رَغَدًا، وَرُقُودٌ وَنَحْوُهُ بِالتَّرْقِيقِ لَغَيَّرَتْ لَفْظَ الرَّاءِ إِلَى نَحْوِ الْإِمَالَةِ؟ قَالَ: وَهَذَا مِمَّا لَا يُمَالُ، وَلَا عِلَّةَ فِيهِ تُوجِبُ الْإِمَالَةَ انْتَهَى.

وَاحْتَجَّ غَيْرُهُ عَلَى أَنَّ أَصْلَ الرَّاءِ التَّفْخِيمُ بِكَوْنِهَا مُتَمَكِّنَةً فِي ظَهْرِ اللِّسَانِ فَقَرُبَتْ بِذَلِكَ مِنَ الْحَنَكِ الْأَعْلَى الَّذِي بِهِ تَتَعَلَّقُ حُرُوفُ الْإِطْبَاقِ وَتَمَكَّنَتْ مَنْزِلَتُهَا لِمَا عُرِضَ لَهَا مِنَ التَّكْرَارِ حَتَّى حَكَمُوا لِلْفَتْحَةِ فِيهَا بِأَنَّهَا فِي تَقْدِيرِ فَتْحَتَيْنِ كَمَا حَكَمُوا لِلْكَسْرَةِ فِيهَا بِأَنَّهَا فِي قُوَّةِ كَسْرَتَيْنِ.

وَقَالَ آخَرُونَ: لَيْسَ لِلرَّاءِ أَصْلٌ فِي التَّفْخِيمِ، وَلَا فِي التَّرْقِيقِ، وَإِنَّمَا يَعْرِضُ لَهَا ذَلِكَ بِحَسَبِ حَرَكَتِهَا فَتُرَقَّقُ مَعَ الْكَسْرَةِ لِتُسْفِلَهَا وَتُفَخَّمُ مَعَ الْفَتْحَةِ وَالضَّمَّةِ لِتُصْعِدَهُمَا فَإِذَا سَكَنَتْ جَرَتْ عَلَى حُكْمِ الْمُجَاوِرِ لَهَا، وَأَيْضًا، فَقَدْ وَجَدْنَاهَا تُرَقَّقُ مَفْتُوحَةً، وَمَضْمُومَةً إِذَا تَقَدَّمَهَا كَسْرَةٌ، أَوْ يَاءٌ سَاكِنَةٌ فَلَوْ كَانَتْ فِي نَفْسِهَا مُسْتَحِقَّةً لِلتَّفْخِيمِ لَبَعُدَ أَنْ يَبْطُلَ مَا تَسْتَحِقُّهُ فِي نَفْسِهَا لِسَبَبٍ خَارِجٍ عَنْهَا كَمَا كَانَ ذَلِكَ فِي حُرُوفِ الِاسْتِعْلَاءِ. وَأَيْضًا فَإِنَّ التَّكْرَارَ مُتَحَقِّقٌ فِي الرَّاءِ السَّاكِنَةِ سَوَاءً كَانَتْ مُدْغَمَةً، أَوْ غَيْرَ مُدْغَمَةٍ. أَمَّا حُصُولُ التَّكْرَارِ فِي الرَّاءِ الْمُتَحَرِّكَةِ الْخَفِيفَةِ فَغَيْرُ بَيِّنٍ لَكِنَّ الَّذِي يَصِحُّ فِيهَا أَنَّهَا تَخْرُجُ مِنْ ظَهْرِ اللِّسَانِ وَيُتَصَوَّرُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَعْتَمِدَ النَّاطِقُ بِهَا عَلَى طَرَفِ اللِّسَانِ فَتُرَقَّقُ إِذْ ذَاكَ، أَوْ تُمَكِّنُهَا فِي ظَهْرِ اللِّسَانِ فَتُغَلَّظُ، وَلَا يُمْكِنُ خِلَافُ هَذَا فَلَوْ نَطَقْتَ بِهَا مَفْتُوحَةً، أَوْ مَضْمُومَةً مِنْ طَرَفِ اللِّسَانِ وَأَرَدْتَ تَغْلِيظَهَا لَمْ يُمْكَنْ، نَحْوُ الْآخِرَةُ، وَيُسِرُّونَ فَإِذَا مَكَّنْتَهَا إِلَى ظَهْرِ اللِّسَانِ غُلِّظَتْ، وَلَمْ يَكُنْ تَرْقِيقُهَا، وَلَا يَقْوَى الْكَسْرُ عَلَى سَلْبِ التَّغْلِيظِ عَنْهَا إِذَا تَمَكَّنَتْ مِنْ ظَهْرِ اللِّسَانِ إِلَّا أَنَّ تَغْلِيظَهَا فِي حَالِ الْكَسْرِ قَبِيحٌ فِي الْمَنْطِقِ

ص: 108

لِذَلِكَ لَا يَسْتَعْمِلُهُ مُعْتَبَرٌ، وَلَا يُوجَدُ إِلَّا فِي أَلْفَاظِ الْعَوَامِّ وَالنَّبَطِ. وَإِنَّمَا كَلَامُ الْعَرَبِ عَلَى تَمْكِينِهَا مِنَ الطَّرَفِ إِذَا انْكَسَرَتْ فَيَحْصُلُ التَّرْقِيقُ الْمُسْتَحْسَنُ فِيهَا إِذْ ذَاكَ، وَعَلَى تَمْكِينِهَا إِلَى ظَهْرِ اللِّسَانِ إِذَا انْفَتَحَتْ، أَوِ انْضَمَّتْ فَيَحْصُلُ لَهَا التَّغْلِيظُ الَّذِي يُنَاسِبُ الْفَتْحَةَ وَالضَّمَّةَ.

وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ مَعَ الْفَتْحَةِ وَالضَّمَّةِ مِنَ الطَّرَفِ فَتُرَقَّقُ إِذَا عَرَضَ لَهَا سَبَبٌ كَمَا يَتَبَيَّنُ فِي هَذَا الْبَابِ فِي رِوَايَةِ وَرْشٍ، وَلَا يُمْكِنُ إِذَا انْكَسَرَتْ إِلَى ظَهْرِ اللِّسَانِ ; لِئَلَّا يَحْصُلَ التَّغْلِيظُ الْمُنَافِرُ لِلْكَسْرَةِ فَحَصَلَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا دَلِيلَ فِيمَا ذَكَرُوهُ عَلَى أَنَّ أَصْلَ الرَّاءِ الْمُتَحَرِّكَةِ التَّفْخِيمُ، وَأَمَّا الرَّاءُ السَّاكِنَةُ فَوَجَدْنَاهَا تُرَقَّقُ بَعْدَ الْكَسْرَةِ اللَّازِمَةِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَقَعَ بَعْدَهَا حَرْفُ اسْتِعْلَاءٍ نَحْوَ فِرْدُوسِ وَتُفَخَّمُ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ فَظَهَرَ أَنَّ تَفْخِيمَ الرَّاءِ وَتَرْقِيقَهَا مُرْتَبِطٌ بِأَسْبَابٍ كَالْمُتَحَرِّكَةِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي ذَلِكَ دَلَالَةً عَلَى حُكْمِهَا فِي نَفْسِهَا فَأَمَّا تَفْخِيمُهَا بَعْدَ الْكَسْرَةِ الْعَارِضَةِ فِي نَحْوِ أَمِ ارْتَابُوا فَلِمَ لَا يَكُونُ حَمْلًا عَلَى الْمُضَارِعِ إِذْ قُلْتَ يَرْتَابَ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ فِي أَنَّ صِيغَةَ الْأَمْرِ مُقْتَطَعَةٌ مِنَ الْمُضَارِعِ، أَوْ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِ الْبَصْرِيِّينَ فِي أَنَّ الْأَمْرَ يُشْبِهُ الْمَقْطَعَ مِنَ الْمُضَارِعِ فَلَمْ يُعْتَدَّ بِمَا عَرَضَ لَهَا مِنَ الْكَسْرَةِ فِي حَالِ الْأَمْرِ، وَعِنْدَ ثُبُوتِ هَذَا الِاحْتِمَالِ لَمْ يَتَعَيَّنِ الْقَوْلُ بِأَنَّ أَصْلَهَا التَّفْخِيمُ.

(قُلْتُ) : وَالْقَوْلَانِ مُحْتَمَلَانِ وَالثَّانِي أَظْهَرُ لِوَرْشٍ مِنْ طُرُقِ الْمِصْرِيِّينَ، وَلِذَلِكَ أَطْلَقُوا تَرْقِيقَهَا، وَاتَّسَعُوا فِيهِ كَمَا قَدَّمْنَا. وَقَدْ تَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْمَكْسُورِ إِذَا لَمْ يَكُنْ قَبْلَهُ مَا يَقْتَضِي التَّرْقِيقُ فَإِنَّهُ بِالْوَقْفِ تَزُولُ كَسْرَةُ الرَّاءِ الْمُوجِبَةُ لِتَرْقِيقِهَا فَتُفَخَّمُ حِينَئِذٍ عَلَى الْأَصْلِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَتُرَقَّقُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي مِنْ حَيْثُ إِنَّ السُّكُونَ عَارِضٌ وَأَنَّهُ لَا أَصْلَ لَهَا فِي التَّفْخِيمِ تَرْجِعُ إِلَيْهِ فَيَتَّجِهُ التَّرْقِيقُ. وَقَدْ أَشَارَ فِي التَّبْصِرَةِ إِلَى ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: أَكْثَرُ هَذَا الْبَابِ إِنَّمَا هُوَ قِيَاسٌ عَلَى الْأُصُولِ وَبَعْضُهُ أُخِذَ سَمَاعًا وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّنِي أَقِفُ فِي جَمِيعِ الْبَابِ كَمَا أَصِلُ سَوَاءٌ أَسَكَّنْتُ، أَوْ رُمْتُ لَكَانَ لِقَوْلِهِ وَجْهٌ مِنَ

ص: 109

الْقِيَاسِ مُسْتَثْبِتٌ. وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ. وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى التَّرْقِيقِ فِي ذَلِكَ صَرِيحًا أَبُو الْحَسَنِ الْحُصْرِيُّ فَقَالَ:

وَمَا أَنْتَ بِالتَّرْقِيقِ وَاصِلُهُ فَقِفْ

عَلَيْهِ بِهِ إِذْ لَسْتَ فِيهِ بِمُضْطَرٍّ

وَقَدْ خَصَّ التَّرْقِيقَ بِوَرْشٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ شُرَيْحٍ وَأَبُو عَلِيِّ بْنُ بَلِّيمَةَ، وَغَيْرُهُمَا وَأَطْلَقُوهُ حَتَّى فِي الْكَسْرَةِ الْعَارِضَةِ. وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ كَسْرَةَ النَّقْلِ قَالَ فِي الْكَافِي: وَقَدْ وَقَفَ قَوْمٌ عَنْ وَرْشٍ عَلَى نَحْوِ وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ، وَفَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ بِالتَّرْقِيقِ كَالْوَصْلِ وَاسْتَثْنَوْا فَلْيَكْفُرْ إِنَّا، وَانْحَرْ إِنَّ قَالَ: وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ إِلَّا الرِّوَايَةُ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ بَلِّيمَةَ، وَزَادَ فَقَالَ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقِفُ بِالتَّرْقِيقِ وَيَصِلُ بِالتَّرْقِيقِ، وَلَا خِلَافَ أَنَّهَا مُرَقَّقَةٌ فِي الْوَصْلِ انْتَهَى.

وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْقَوْلَ بِالتَّفْخِيمِ حَالَةَ السُّكُونِ هُوَ الْمَقْبُولُ الْمَنْصُورُ، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ عَمَلُ أَهْلِ الْأَدَاءِ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ كَسْرَةِ الْإِعْرَابِ وَكَسْرَةِ الْبِنَاءِ كَمَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَنُنَبِّهُ عَلَيْهِ بَعْدَ هَذَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

وَتَظْهَرُ أَيْضًا فَائِدَةُ الْخِلَافِ إِذَا نَطَقْتَ بِالرَّاءِ سَاكِنَةً بَعْدَ هَمْزَةِ الْوَصْلِ فِي حِكَايَةِ لَفْظِ الْحَرْفِ إِذَا قُلْتَ أَرْكُمَا تَقُولُ - أَبْ أتْ ; فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ أَصْلَهَا التَّفْخِيمُ تُفَخَّمُ، وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ تُرَقَّقُ، وَكِلَاهُمَا مُحْتَمَلٌ إِذْ لَا نَعْلَمُ كَيْفَ ثَبَتَ اللَّفْظُ فِي ذَلِكَ عَنِ الْعَرَبِ. وَالْحَقُّ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ مَنْ زَعَمَ أَنَّ أَصْلَ الرَّاءِ التَّفْخِيمُ إِنْ كَانَ يُرِيدُ إِثْبَاتَ هَذَا الْوَصْفِ لِلرَّاءِ مُطْلَقًا مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا رَاءٌ فَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ لِمَا مَرَّ وَإِنْ كَانَ يُرِيدُ بِذَلِكَ الرَّاءَ الْمُتَحَرِّكَةَ بِالْفَتْحِ، أَوِ الضَّمِّ وَأَنَّهَا لَمَّا عَرَضَ لَهَا التَّحْرِيكُ بِإِحْدَى الْحَرَكَتَيْنِ قَوِيَتْ بِذَلِكَ عَلَى التَّفْخِيمِ فَلَا يَجُوزُ تَرْقِيقُهَا إِذْ ذَاكَ إِلَّا إِنْ وُجِدَ سَبَبٌ وَحِينَئِذٍ يُتَصَوَّرُ فِيهَا رَعْيُ السَّبَبِ فَتُرَقَّقُ وَرَفْضُهُ فَتَبْقَى عَلَى مَا اسْتَحَقَّهُ مِنَ التَّفْخِيمِ بِسَبَبِ حَرَكَتِهَا فَهَذَا كَلَامٌ جَيِّدٌ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

(السَّابِعُ) الْوَقْفُ بِالسُّكُونِ عَلَى أَنْ أَسْرِ فِي قِرَاءَةِ مَنْ وَصَلَ وَكَسَرَ النُّونَ يُوقَفُ عَلَيْهِ بِالتَّرْقِيقِ. أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْوَقْفَ عَارِضٌ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ فَإِنَّ الرَّاءَ قَدِ اكْتَنَفَهَا كَسْرَتَانِ، وَإِنْ زَالَتِ الثَّانِيَةُ وَقْفًا فَإِنَّ الْكَسْرَةَ

ص: 110