الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْآتِيَةِ، وَإِذَا ابْتَدَأَ وَجَبَتِ الْبَسْمَلَةُ، وَهَذَا سَائِغٌ جَائِزٌ لَا شُبْهَةَ فِيهِ وَلَقَدْ كَانَ بَعْضُ شُيُوخِنَا الْمُعْتَبَرِينَ إِذَا وَصَلَ الْقَارِئُ عَلَيْهِ فِي الْجَمْعِ إِلَى قِصَارِ الْفَصْلِ وَخَشِيَ التَّطْوِيلَ بِمَا يَأْتِي بَيْنَ السُّورَتَيْنِ مِنَ الْأَوْجُهِ يَأْمُرُ الْقَارِئَ بِالْوَقْفِ لِيَكُونَ مُبْتَدِئًا فَتَسْقُطُ الْأَوْجُهُ الَّتِي تَكُونُ لِلْقُرَّاءِ مِنَ الْخِلَافِ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ، وَلَا أَحْسَبُهُمْ إِلَّا آثَرُوا ذَلِكَ عَمَّنْ أَخَذُوا عَنْهُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي أُمُورٍ تَتَعَلَّقُ بِخَتْمِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ
مِنْهَا أَنَّهُ وَرَدَ نَصًّا عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ مِنْ رِوَايَةِ الْبَزِّيِّ وَقُنْبُلٍ، وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ إِذَا انْتَهَى فِي آخِرِ الْخَتْمَةِ إِلَى قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ قَرَأَ سُورَةَ (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) ، وَخَمْسَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ عَلَى عَدَدِ الْكُوفِيِّينَ، وَهُوَ إِلَى وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ لِأَنَّ هَذَا مَا يُسَمَّى الْحَالَّ الْمُرْتَحِلَ، ثُمَّ يَدْعُو بِدُعَاءِ الْخَتْمِ. قَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو: لِابْنِ كَثِيرٍ فِي فِعْلِهِ هَذَا دَلَائِلُ مِنْ آثَارٍ مَرْوِيَّةٍ وَرَدَ التَّوْقِيفُ فِيهَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَخْبَارٌ مَشْهُورَةٌ مُسْتَفِيضَةٌ جَاءَتْ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْخَالِفِينَ، ثُمَّ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ عُمَرَ. ثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ أَحْمَدَ الْبِرْتِيُّ ثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ فُلَيْحٍ الْمَكِّيُّ ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْوَةَ عَنْ خَالِهِ وَهْبِ بْنِ زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ دِرْبَاسٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَرَأَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ افْتَتَحَ مِنَ الْحَمْدِ، ثُمَّ قَرَأَ مِنَ الْبَقَرَةِ إِلَى وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، ثُمَّ دَعَا بِدُعَاءِ الْخَتْمَةِ، ثُمَّ قَامَ. حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، إِسْنَادُهُ حَسَنٌ إِلَّا أَنَّ الْحَافِظَ أَبَا الشَّيْخِ الْأَصْبَهَانِيَّ وَأَبَا بَكْرٍ الزَّيْنَبِيَّ خَالَفَا أَبَا طَاهِرِ بْنَ أَبِي هَاشِمٍ، وَغَيْرَهُ، فَرَوَيَاهُ عَنِ ابْنِ سَعْوَةَ عَنْ خَالِهِ وَهْبِ بْنِ زَمْعَةَ عَنْ أَبِيهِ زَمْعَةَ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ وَهُوَ الصَّوَابُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -. وَقَدْ سَاقَ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ طُرُقَهُ فِي آخِرِ مُفْرَدَاتِهِ لِابْنِ كَثِيرٍ فَقَالَ: فِيمَا أَخْبَرَنَا
الثِّقَاتُ مُشَافَهَةً عَنِ الشَّيْخِ التَّقِيِّ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْفَضْلِ الْوَاسِطِيِّ أَنَّ الشَّيْخَ عَبْدَ الْوَهَّابِ بْنَ عَلِيٍّ أَخْبَرَهُ عَنِ الْحَافِظِ أَبِي الْعَلَاءِ.
ذِكْرُ النَّبَأِ الْوَارِدِ بِقِرَاءَةِ سُورَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ
وَمِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ إِلَى قَوْلِهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ بَعْدَ الْخَتْمَةِ، وَهِيَ خَمْسُ آيَاتٍ فِي عَدَدِ الْكُوفَةِ وَأَرْبَعٌ فِي عَدَدِ غَيْرِهِمْ. أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُقْرِي أَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْمُقْرِي الْخَيَّاطُ أَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ الْمُقْرِئُ الْكَتَّانِيُّ قَالَ: فَلَمَّا خَتَمْتُ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى عَلَى ابْنِ ذُؤَابَةَ قَالَ لِي: كَبِّرْ مَعَ كُلِّ سُورَةٍ حَتَّى خَتَمْتُ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ قَالَ: وَقَالَ لِي أَيْضًا: اقْرَأِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ مِنَ الرَّأْسِ، فَقَرَأْتُ مِنْ خَمْسِ آيَاتٍ مِنَ الْبَقَرَةِ إِلَى قَوْلِهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ فِي عَدَدِ الْكُوفِيِّينَ، وَقَالَ: كَذَا قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ عَلَى مُجَاهِدٍ، وَقَرَأَ مُجَاهِدٌ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى أَبِي، فَلَمَّا خَتَمَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: اسْتَفْتِحْ بِالْحَمْدِ وَخَمْسِ آيَاتٍ مِنَ الْبَقَرَةِ، هَكَذَا قَالَ لِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ حِينَ خَتَمْتُ عَلَيْهِ.
(أَخْبَرَنَا) الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُقْرِي. أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ وَأَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَسْكَا وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَلِيٍّ قَالُوا: ثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى أَبُو حَبِيبٍ الْبِرْتِيُّ. ثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ فُلَيْحٍ ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ سَعْوَةَ عَنْ خَالِهِ وَهْبِ بْنِ زَمْعَةَ عَنْ أَبِيهِ زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ دِرْبَاسٍ مَوْلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى أُبَيٍّ، وَقَرَأَ أُبَيٌّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: إِنَّهُ كَانَ إِذَا قَرَأَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ افْتَتَحَ الْحَمْدَ ثُمَّ قَرَأَ مِنَ الْبَقَرَةِ إِلَى وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، ثُمَّ دَعَا بِدُعَاءِ الْخَتْمَةِ، ثُمَّ قَالَ:(أَخْبَرَنَا) أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُقْرِي أَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَكْفُوفُ. أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حَيَّانَ أَنَا أَبُو خُبَيْبٍ الْعَبَّاسُ بْنُ أَحْمَدَ الْبِرْتِيُّ. ثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ فُلَيْحٍ ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْوَةَ عَنْ خَالِهِ وَهْبِ بْنِ زَمْعَةَ عَنْ أَبِيهِ زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ دِرْبَاسٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَقَرَأَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَإِنَّهُ كَانَ إِذَا قَرَأَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ افْتَتَحَ مِنَ الْحَمْدِ، ثُمَّ قَرَأَ مِنَ الْبَقَرَةِ إِلَى وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، ثُمَّ دَعَا بِدُعَاءِ الْخَتْمِ، ثُمَّ قَامَ. (أَخْبَرَنَا) أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُقْرِي. أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْإِسْكَافُ. أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ مَنْصُورُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّنَدِيِّ الْمُقْرِي (ثَنَا) أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ الْقَطَّانُ (ثَنَا) أَبُو الْفَضْلِ جَعْفَرُ بْنُ دَرَسْتَوَيْهِ فِي جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ إِمْلَاءً (ثَنَا) عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ فُلَيْحِ بْنِ رَبَاحٍ الْمُقْرِي. (ثَنَا) عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْوَةَ عَنْ خَالِهِ وَهْبِ بْنِ زَمْعَةَ عَنْ زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ دِرْبَاسٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، أَوْ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قَرَأَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَيَقُولُ إِنَّهُ كَانَ إِذَا قَرَأَ عَلَى قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ افْتَتَحَ بِالْحَمْدِ، ثُمَّ قَرَأَ بَعْدَهَا أَرْبَعَ آيَاتٍ مِنَ الْبَقَرَةِ إِلَى قَوْلِهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، ثُمَّ دَعَا هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ دَرَسْتَوَيْهِ عَنِ ابْنِ مُفْلِحٍ فَأَدْخَلَ بَيْنَ وَهْبِ بْنِ زَمْعَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ أَبَاهُ زَمْعَةَ بْنَ صَالِحٍ، وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ أَبُو خُبَيْبٍ الْعَبَّاسُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ إِلَّا إِنَّهُ قَالَ: عَنْ دِرْبَاسٍ، وَعَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ يُشَكِّكْ.
(أَخْبَرَنَا) بِذَلِكَ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُقْرِي. أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ. (ثَنَا) أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ (ح) ، وَأَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُقْرِي أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْإِسْكَافُ. أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ مَنْصُورُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّنَدِيِّ الْمُقْرِي. أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ. أَنَا أَبُو خُبَيْبٍ الْعَبَّاسُ بْنُ أَحْمَدَ الْبِرْتِيُّ. وَقَرَأْتُ
عَلَى إِسْمَاعِيلَ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ أَحْمَدَ السَّرَّاجِ الْأَصْبَهَانِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَاطِرْقَانِيُّ 55 قَالَ: (أَخْبَرَنَا) مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَدٍّ الْخُزَاعِيُّ عَنِ الْجُرْجَانِيِّ أَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ خُشْنَامَ الْمَالِكِيُّ. أَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيُّ قَالَ: (ثَنَا) أَبُو خُبَيْبٍ الْعَبَّاسُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ أَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ فُلَيْحٍ (ثَنَا) عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْوَةَ عَنْ خَالِهِ وَهْبِ بْنِ زَمْعَةَ عَنْ أَبِيهِ زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ دِرْبَاسٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَرَأَ أُبَيٌّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَإِنَّهُ كَانَ إِذَا قَرَأَ (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) افْتَتَحَ مِنَ الْحَمْدِ، ثُمَّ قَرَأَ الْبَقَرَةَ إِلَى وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، ثُمَّ دَعَا بِدُعَاءِ الْخَتْمَةِ، ثُمَّ قَامَ. هَذَا حَدِيثُ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حَيَّانَ أَبِي الشَّيْخِ الْأَصْبَهَانِيِّ عَنْ أَبِي خُبَيْبٍ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الزَّيْنَبِيُّ فِي حَدِيثِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَرَأَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أُبَيٍّ، وَقَرَأَ أُبِيٌّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَإِنَّهُ كَانَ إِذَا قَرَأَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ افْتَتَحَ مِنَ الْحَمْدِ، ثُمَّ قَرَأَ الْبَقَرَةَ إِلَى وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، وَخَالَفَ أَبَا بَكْرٍ الزَّيْنَبِيَّ وَأَبَا مُحَمَّدِ بْنَ حَيَّانَ - أَبُو طَاهِرِ بْنُ أَبِي هَاشِمٍ وَأَبُو الْقَاسِمِ بْنُ النَّخَّاسِ وَأَبُو بَكْرٍ الشَّذَائِيُّ فَرَوَوْهُ عَنْ أَبِي خُبَيْبٍ عَنِ ابْنِ مُفْلِحٍ عَنِ ابْنِ سَعْوَةَ عَنْ خَالِهِ وَهْبِ بْنِ زَمْعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ دِرْبَاسٍ وَحْدَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي طَاهِرٍ فَأَخْبَرَنَا بِهِ شَيْخُنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الشَّيْبَانِيُّ أَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْخَيَّاطُ أَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْخَضِرِ السُّوسَنْجِرْدِيُّ.
(ح)، وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ أَيْضًا أَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الْحَمَّامِيُّ قَالَا: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ. أَنَا أَبُو خُبَيْبٍ الْعَبَّاسُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ. ثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ فُلَيْحٍ الْمَكِّيُّ أَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْوَةَ عَنْ خَالِهِ وَهْبِ بْنِ زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ دِرْبَاسٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَرَأَ عَلَى أُبَيٍّ، وَقَرَأَ أُبَيٌّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَرَأَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ افْتَتَحَ مِنَ الْحَمْدِ، ثُمَّ قَرَأَ إِلَى وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، ثُمَّ دَعَا بِدُعَاءِ الْخَتْمَةِ، ثُمَّ قَامَ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ النَّخَّاسِ وَأَبِي بَكْرٍ الشَّذَائِيِّ فَأَخْبَرَنَا بِهِ عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ بْنِ عَلِيٍّ الْأَصْبَهَانِيُّ. أَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ الْبَاطِرْقَانِيُّ. أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْخُزَاعِيُّ الْجُرْجَانِيُّ. ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ سَلْمَانَ النَّخَّاسُ بِبَغْدَادَ وَأَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ بِالْبَصْرَةِ قَالَا (حَدَّثَنَا) أَبُو خُبَيْبٍ الْعَبَّاسُ بْنُ أَحْمَدَ الْبِرْتِيُّ ثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ فُلَيْحٍ ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْوَةَ عَنْ خَالِهِ وَهْبِ بْنِ زَمْعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ دِرْبَاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَرَأَ عَلَى أُبَيٍّ، وَقَرَأَ أُبَيٌّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَرَأَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ افْتَتَحَ مِنَ الْحَمْدِ، ثُمَّ قَرَأَ مِنَ الْبَقَرَةِ إِلَى وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، ثُمَّ دَعَا بِدُعَاءِ الْخَتْمَةِ، ثُمَّ قَامَ. وَصَارَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا فِي أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ فِي قِرَاءَةِ ابْنِ كَثِيرٍ، وَغَيْرِهَا. وَقِرَاءَةِ الْعَرْضِ، وَغَيْرِهَا. حَتَّى لَا يَكَادَ أَحَدٌ يَخْتِمُ إِلَّا وَيَشْرَعُ فِي الْأُخْرَى سَوَاءٌ خَتَمَ مَا شَرَعَ فِيهِ، أَوْ لَمْ يَخْتِمْهُ، نَوَى خَتْمَهَا، أَوْ لَمْ يَنْوِهِ. بَلْ جُعِلَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ مِنْ سُنَّةِ الْخَتْمِ وَيُسَمُّونَ مَنْ يَفْعَلُ هَذَا الْحَالَّ الْمُرْتَحِلَ أَيِ الَّذِي حَلَّ فِي قِرَاءَتِهِ آخِرَ الْخَتْمَةِ وَارْتَحَلَ إِلَى خَتْمَةٍ أُخْرَى، وَعَكَسَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا هَذَا التَّفْسِيرَ كَالسَّخَاوِيِّ، وَغَيْرِهِ فَقَالُوا: الْحَالُّ الْمُرْتَحِلُ الَّذِي يَحِلُّ فِي خَتْمَةٍ عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الْأُخْرَى. وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَهُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ تَفْسِيرُ الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ الْحَالُّ الْمُرْتَحِلُ)، وَهَذَا الْحَدِيثُ أَصْلُهُ فِي جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ ذَكَرَهُ فِي آخِرِ أَبْوَابِ الْقِرَاءَةِ فَقَالَ:(حَدَّثَنَا) بَصَرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ (ثَنَا) الْهَيْثَمُ بْنُ الرَّبِيعِ (حَدَّثَنَا) صَالِحٌ الْمُرِّيُّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: (الْحَالُّ الْمُرْتَحِلُ) . هَذَا حَدِيثٌ
غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ (حَدَّثَنَا) مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (ثَنَا) صَالِحٌ الْمُرِّيُّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهَذَا عِنْدِي أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ الرَّبِيعِ.
(قُلْتُ) : فَجَعَلَ التِّرْمِذِيُّ عِنْدَهُ إِرْسَالَهُ أَصَحَّ مِنْ وَصْلِهِ لِأَنَّ زُرَارَةَ تَابِعِيٌّ. (وَأَخْبَرَنِي) بِهَذَا الْحَدِيثِ أَتَمَّ مِنْ هَذَا - الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَكْرِيِّ مُشَافَهَةً، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَافِظُ فِي كِتَابِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُوَيْرٍ (ثَنَا) مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَمْرَةَ (حَدَّثَنَا) أَبِي عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ الْحَافِظِ. أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْهَرَوِيُّ فِي كِتَابِهِ. ثَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ. ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ خَلِيلٍ. ثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ. ثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ أَخْبَرَنِي صَالِحٌ الْمُرِّيُّ. أَنَا قَتَادَةُ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: (عَلَيْكَ بِالْحَالِّ الْمُرْتَحِلِ) . قَالَ: وَمَا الْحَالُّ الْمُرْتَحِلُ؟ قَالَ: (صَاحِبُ الْقُرْآنِ كُلَّمَا حَلَّ ارْتَحَلَ) هَكَذَا رَفَعَهُ مُفَسَّرًا مُسْنَدًا، وَكَذَا رَوَاهُ مُسْنَدًا مُفَسَّرًا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ غَلْبُونَ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي سُوَيْدٍ عَنْ صَالِحٍ ثَنَا قَتَادَةُ عَنْ زُرَارَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَذَكَرَهُ، وَزَادَ فِيهِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْحَالُّ الْمُرْتَحِلُ؟ قَالَ: (فَتْحُ الْقُرْآنِ وَخَتْمُهُ، صَاحِبُ الْقُرْآنِ يَضْرِبُ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ، وَمِنْ آخِرِهِ إِلَى أَوَّلِهِ كُلَّمَا حَلَّ ارْتَحَلَ) . (وَأَخْبَرَتْنَا) شَيْخَتُنَا سِتُّ الْعَرَبِ الْمَقْدِسِيَّةُ مُشَافَهَةً رَحِمَهَا اللَّهُ أَنَا جَدِّي عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْبُخَارِيُّ. أَنَا أَبُو سَعْدٍ الصَّفَّارُ فِي كِتَابِهِ أَنَا زَاهِرُ بْنُ طَاهِرٍ. أَنَا الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ. أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ. ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ، وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي طَاهِرٍ الدَّقَّاقُ. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ قَالَا أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَفَّانَ. ثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ. ثَنَا صَالِحٌ الْمُرِّيُّ. أَخْبَرَنِي قَتَادَةُ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ:(عَلَيْكَ بِالْحَالِّ الْمُرْتَحِلِ) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْحَالُّ
الْمُرْتَحِلُ؟ قَالَ: (صَاحِبُ الْقُرْآنِ يَضْرِبُ فِي أَوَّلِهِ حَتَّى يَبْلُغَ آخِرَهُ وَيَضْرِبَ فِي آخِرِهِ حَتَّى يَبْلُغَ أَوَّلَهُ كُلَّمَا حَلَّ ارْتَحَلَ) . (وَأَخْبَرَنِي) بِهِ عُمَرُ بْنُ الْحَسَنِ قِرَاءَةً عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ. أَنَا أَبُو الْمَكَارِمِ فِي كِتَابِهِ. أَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَقْدِسِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ثَنَا أَبِي ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْمَرْوَزِيُّ بِالْبَصْرَةِ. ثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ فَذَكَرَهُ. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ عَاصِمٍ الْكِلَابِيِّ. ثَنَا صَالِحٌ الْمُرِّيُّ فَذَكَرَهُ مَرْفُوعًا، وَلَفْظُهُ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: (الْحَالُّ الْمُرْتَحِلُ)، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَمَا الْحَالُّ الْمُرْتَحِلُ؟ قَالَ: (الَّذِي يَقْرَأُ مِنْ أَوَّلِ الْقُرْآنِ إِلَى آخِرِهِ، وَمِنْ آخِرِهِ إِلَى أَوَّلِهِ)، وَأَخْبَرَنِي بِهِ عَالِيًا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْبَنَّا فِي آخَرِينَ مُشَافَهَةً عَنِ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ الْمَقْدِسِيِّ. أَنَا الْقَاضِي أَبُو الْمَكَارِمِ فِي كِتَابِهِ. أَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَدَّادُ. أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ. ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ. ثَنَا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى. ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي سُوَيْدٍ الزَّرَّاعُ. ثَنَا صَالِحٌ الْمُرِّيُّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ فَقَالَ: (الْحَالُّ الْمُرْتَحِلُ)، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا الْحَالُّ الْمُرْتَحِلُ؟ قَالَ: (صَاحِبُ الْقُرْآنِ يَضْرِبُ فِي أَوَّلِهِ حَتَّى يَبْلُغَ آخِرَهُ وَفِي آخِرِهِ حَتَّى يَبْلُغَ أَوَّلَهُ) رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِهَذَا اللَّفْظِ. وَرَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو الشَّيْخِ ابْنِ حَيَّانَ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ مِنْ طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ عَنْ صَالِحٍ بِهِ وَلَفْظُهُ (عَلَيْكُمْ بِالْحَالِّ الْمُرْتَحِلِ) فَذَكَرَهُ، وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْفِرْدَوْسِ، وَلَفْظُهُ: خَيْرُ الْأَعْمَالِ الْحِلُّ وَالرِّحْلَةُ، افْتِتَاحُ الْقُرْآنِ وَخَتْمُهُ، وَرَوَاهُ أَيْضًا الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو مُرْسَلًا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْجُمَحِيِّ ثَنَا صَالِحٌ الْمُرِّيُّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ الْحَالُّ الْمُرْتَحِلُ الَّذِي إِذَا خَتَمَ الْقُرْآنَ عَادَ فِيهِ) ، وَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مُرْسَلًا كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَالَ: إِنَّهُ أَصَحُّ. وَقَدْ قَطَعَ بِصِحَّةِ هَذَا الْحَدِيثِ أَبُو مُحَمَّدٍ مَكِّيٌّ، وَرَوَاهُ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ مُسْنَدًا مَرْفُوعًا كَمَا تَقَدَّمَ وَسَكَتَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ ضَعْفًا كَعَادَتِهِ وَضَعَّفَهُ الشَّيْخُ أَبُو شَامَةَ
مِنْ قِبَلِ صَالِحٍ الْمُرِّيِّ وَرَدَّ تَفْسِيرَهُ بِذَلِكَ فَقَالَ: وَكَيْفَمَا كَانَ الْأَمْرُ فَمَدَارُ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى صَالِحٍ الْمُرِّيِّ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا صَالِحًا فَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ، قَالَ: ثُمَّ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ، فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِهِ فَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ مَا ذَكَرَهُ الْقُرَّاءُ وَقِيلَ هُوَ إِشَارَةٌ إِلَى تَتَابُعِ الْغَزْوِ وَتَرْكِ الْإِعْرَاضِ عَنْهُ فَلَا يَزَالُ فِي حِلٍّ وَارْتِحَالٍ، ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ ابْنِ قُتَيْبَةَ فِي تَفْسِيرِهِ الْحَدِيثَ كَمَا سَيَأْتِي. ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا ظَاهِرُ اللَّفْظِ إِذْ هُوَ حَقِيقَةٌ فِي ذَلِكَ، وَعَلَى مَا أَوَّلَهُ بِهِ بَعْضُ الْقُرَّاءِ يَكُونُ مَجَازًا، وَقَدْ رَوَوُا التَّفْسِيرَ فِيهِ مُدْرَجًا فِي الْحَدِيثِ، وَلَعَلَّهُ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ.
(قُلْتُ) : وَفِيمَا قَالَهُ الشَّيْخُ، أَبُو شَامَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ نَظَرٌ مِنْ وُجُوهٍ:(أَحَدُهَا) : أَنَّ الْحَدِيثَ لَيْسَ مَدَارُهُ عَلَى صَالِحٍ الْمُرِّيِّ كَمَا ذَكَرَهُ، بَلْ رَوَاهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ أَيْضًا قَالَ الدَّانِيُّ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّبْعِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَسْرُورٍ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا سَحْنُونُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: (الْحَالُّ الْمُرْتَحِلُ) قَالَ: ابْنُ وَهْبٍ وَسَمِعْتُ أَبَا عَفَّانَ الْمَدَنِيَّ يَقُولُ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ (هَذَا خَاتِمُ الْقُرْآنِ وَفَاتِحُهُ)، وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ الْكِسَائِيِّ. حَدَّثَنَا الْحُصَيْبُ بْنُ نَاصِحٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا قَامَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى؟ قَالَ: (الْحَالُّ الْمُرْتَحِلُ)، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْحَالُّ الْمُرْتَحِلُ؟ قَالَ: (صَاحِبُ الْقُرْآنِ يَضْرِبُ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ، وَمِنْ آخِرِهِ إِلَى أَوَّلِهِ كُلَّمَا حَلَّ ارْتَحَلَ) فَثَبَتَ أَنَّ الْحَدِيثَ لَيْسَ مَدَارُهُ عَلَى صَالِحٍ الْمُرِّيِّ. (وَالثَّانِي) : أَنَّ كَلَامَ ابْنِ قُتَيْبَةَ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي آخِرِ كِتَابِ غَرِيبِ الْحَدِيثِ لَهُ مَا هَذَا نَصُّهُ: جَاءَ فِي الْحَدِيثِ (أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ الْحَالُّ الْمُرْتَحِلُ)، قِيلَ: مَا الْحَالُّ الْمُرْتَحِلُ؟ قَالَ: (الْخَاتِمُ الْمُفْتَتِحُ) ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ
بِإِثْرِ هَذَا: الْحَالُّ هُوَ الْخَاتِمُ لِلْقُرْآنِ شُبِّهَ بَرْجَلٍ مُسَافِرٍ فَسَارَ حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْمَنْزِلَ حَلَّ بِهِ، كَذَلِكَ تَالِي الْقُرْآنِ يَتْلُوهُ حَتَّى إِذَا بَلَغَ آخِرَهُ وَقَفَ عِنْدَهُ. وَالْمُرْتَحِلُ الْمُفْتَتِحُ لِلْقُرْآنِ شُبِّهَ بَرْجَلٍ أَرَادَ سَفَرًا فَافْتَتَحَهُ بِالْمَسِيرِ، قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ الْخَاتِمُ الْمُفْتَتِحُ أَيْضًا فِي الْجِهَادِ، وَهُوَ أَنْ يَغْزُوَ وَيُعْقِبَ، وَكَذَلِكَ الْحَالُّ الْمُرْتَحِلُ يُرِيدُ أَنْ يَصِلَ ذَاكَ بِهَذَا انْتَهَى. وَلَيْسَ فِيهِ حِكَايَةُ اخْتِلَافٍ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ غَايَتُهُ أَنَّهُ قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ الْخَاتِمُ الْمُفْتَتِحَ. وَلَا تَعَلُّقَ لِهَذَا الْكَلَامِ بِتَفْسِيرِ الْحَدِيثِ إِذْ قَدْ قَطَعَ أَوَّلًا بِتَفْسِيرِهِ عَلَى مَا فِي الْحَدِيثِ، بَلْ سَاقَ الْحَدِيثَ أَوَّلًا مُفَسَّرًا مِنَ الْحَدِيثِ، ثُمَّ زَادَ تَفْسِيرَهُ بَيَانًا وَأَنْتَ تَرَى هَذَا عِيَانًا. (وَالثَّالِثُ) : أَنَّ قَوْلَهُ هَذَا، ظَاهِرُ اللَّفْظِ يُشِيرُ إِلَى تَفْسِيرِهِ بِتَتَابُعِ الْغَزْوِ، وَلَيْسَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ لَوْ جُرِّدَ مِنَ التَّفْسِيرِ دَالًّا عَلَى تَتَابُعِ الْغَزْوِ، بَلْ يَكُونُ عَامًّا فِي كُلِّ مَنْ حَلَّ وَارْتَحَلَ مِنْ حَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ، أَوْ تِجَارَةٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. (وَالرَّابِعُ) : أَنَّ قَوْلَهُ: وَعَلَى مَا أَوَّلَهُ بِهِ الْقُرَّاءُ يَكُونُ مَجَازًا؛ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا التَّأْوِيلَ مَخْصُوصٌ بِالْقُرَّاءِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَوْ قَدَّرَ أَنَّ تَفْسِيرَهُ لَيْسَ ثَابِتًا فِي الْحَدِيثِ، فَقَدْ رَأَيْتُ تَفْسِيرَ ابْنِ قُتَيْبَةَ لَهُ، وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ التِّرْمِذِيِّ لَهُ فِي أَبْوَابِ الْقِرَاءَةِ تَدُلُّ قَطْعًا عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ هَذَا التَّأْوِيلَ، وَكَذَلِكَ أَوْرَدَهُ الْبَيْهَقِيُّ الْحَافِظُ، وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ كَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحُلَيْمِيِّ فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَعَدُّوا ذَلِكَ مِنْ آدَابِ الْخَتْمِ. (وَالْخَامِسُ) : قَوْلُهُ، وَقَدْ رَوَوُا التَّفْسِيرَ فِيهِ مُدْرَجًا فِي الْحَدِيثِ، وَلَعَلَّهُ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ فَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا صَرَّحَ بِإِدْرَاجِهِ فِي الْحَدِيثِ، بَلِ الرُّوَاةُ لِهَذَا الْحَدِيثِ بَيْنَ مَنْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ - فَسَّرَهُ بِهِ كَمَا هُوَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ وَبَيْنَ مَنِ اقْتَصَرَ عَلَى رِوَايَةِ بَعْضِ الْحَدِيثِ فَلَمْ يَذْكُرْ تَفْسِيرَهُ، وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الرَّاوِيَتَيْنِ فَتُحْمَلُ رِوَايَةُ تَفْسِيرِهِ عَلَى رِوَايَةِ مَنْ لَمْ يُفَسِّرْهُ، وَيَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى رِوَايَةِ بَعْضِ الْحَدِيثِ إِذَا لَمْ يُخِلَّ بِالْمَعْنَى، وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ عِنْدِهِمْ فِيهِ، وَلَا يَلْزَمُ
الْإِدْرَاجُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، وَأَيْضًا فَغَايَتُهُ أَنْ تَكُونَ رِوَايَةُ التَّفْسِيرِ زِيَادَةً عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، وَهِيَ مِنْ ثِقَةٍ وَزِيَادَةُ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ، فَدَلَّ مَا ذَكَرْنَاهُ وَقَدَّمْنَاهُ مِنَ الرِّوَايَاتِ وَالطُّرُقِ وَالْمُتَابَعَاتِ عَلَى قُوَّةِ هَذَا الْحَدِيثِ وَتَرَقِّيهِ عَلَى دَرَجَةِ أَنْ يَكُونَ ضَعِيفًا، إِذْ ذَاكَ مَا يُقَوِّي بَعْضُهُ بَعْضًا وَيُؤَدِّي بَعْضُهُ بَعْضًا، وَقَدْ رَوَى الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو أَيْضًا بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ إِذَا خَتَمُوا الْقُرْآنَ أَنْ يَقْرَءُوا مَنْ أَوَّلِهِ آيَاتٍ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ مَا اخْتَارَهُ الْقُرَّاءُ، وَذَهَبَ إِلَيْهِ السَّلَفُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو شَامَةَ: ثُمَّ وَلَوْ صَحَّ هَذَا الْحَدِيثُ وَالتَّفْسِيرُ لَكَانَ مَعْنَاهُ الْحَثَّ عَلَى الِاسْتِكْثَارِ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالْمُوَاظَبَةِ عَلَيْهَا فَكُلَّمَا فَرَغَ مِنْ خَتْمَةٍ شَرَعَ فِي أُخْرَى أَيْ أَنَّهُ لَا يَضْرِبُ عَنِ الْقِرَاءَةِ بَعْدَ خَتْمَةٍ يَفْرَغُ مِنْهَا، بَلْ يَكُونُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ دَأْبَهُ وَدَيْدَنَهُ انْتَهَى. وَهُوَ صَحِيحٌ فَإِنَّا لَمْ نَدَّعِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ دَالٌّ نَصًّا عَلَى قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَالْخَمْسِ مِنْ أَوَّلِ الْبَقَرَةِ عَقِيبَ كُلِّ خَتْمَةٍ، بَلْ يَدُلُّ عَلَى الِاعْتِنَاءِ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالْمُوَاظَبَةِ عَلَيْهَا بِحَيْثُ إِذَا فَرَغَ مِنْ خَتْمَةٍ شَرَعَ فِي أُخْرَى وَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ. وَأَمَّا قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ وَالْخَمْسِ مِنَ الْبَقَرَةِ فَهُوَ مِمَّا صَرَّحَ بِهِ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ أَوَّلًا الْمَرْوِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ كَثِيرٍ، وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فَلَا نَقُولُ إِنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ لِكُلِّ قَارِئٍ، بَلْ نَقُولُ كَمَا قَالَ أَئِمَّتُنَا فَارِسُ بْنُ أَحْمَدَ، وَغَيْرُهُ: مَنْ فَعَلَهُ فَحَسَنٌ، وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْهُ فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَامُ مُوَفَّقُ الدِّينِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قُدَامَى الْمَقْدِسِيُّ الْحَنْبَلِيُّ رحمه الله فِي كِتَابِهِ الْمُغْنِي أَنَّ أَبَا طَالِبٍ صَاحِبَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ قَالَ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ إِذَا قَرَأَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ يَقْرَأُ مِنَ الْبَقَرَةِ شَيْئًا؟ قَالَ: لَا، فَلَمْ يَسْتَحِبَّ أَنْ يَصِلَ خَتْمَةً بِقِرَاءَةِ شَيْءٍ انْتَهَى. فَحَمَلَهُ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّينِ عَلَى عَدَمِ الِاسْتِحْبَابِ، وَقَالَ: لَعَلَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ فِيهِ أَثَرٌ صَحِيحٌ يَصِيرُ إِلَيْهِ انْتَهَى. وَفِيهِ نَظَرٌ، إِذْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فَهِمَ مِنَ السَّائِلِ أَنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ فَقَالَ: لَا، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ قَبْلَ أَنْ يَدْعُوَ،
فَفِي كِتَابِ الْفُرُوعِ لِلْإِمَامِ الْفَقِيهِ شَمْسِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ مُفْلِحٍ الْحَنْبَلِيِّ: وَلَا يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَخَمْسًا مِنَ الْبَقَرَةِ. نَصَّ عَلَيْهِ. قَالَ الْآمِدِيُّ يَعْنِي قَبْلَ الدُّعَاءِ. وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ فَحَمَلَ نَصَّ أَحْمَدَ بِقَوْلِهِ " لَا " عَلَى أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الدُّعَاءِ، بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ دُعَاؤُهُ عَقِيبَ قِرَاءَةِ سُورَةِ النَّاسِ كَمَا سَيَأْتِي نَصُّ أَحْمَدَ رحمه الله، وَذَكَرَ قَوْلًا آخَرَ لَهُ بِالِاسْتِحْبَابِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
قَالَ السَّخَاوِيُّ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ: فَإِنْ قِيلَ، فَقَدْ قُلْتُمْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ:(مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ مِنْ عَمَلٍ أَنْجَى لَهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ) فَكَيْفَ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ؟
(قُلْتُ) : الْقُرْآنُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ إِذْ فِيهِ الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ عز وجل وَمَدْحُهُ، وَذِكْرُ آلَائِهِ وَرَحْمَتِهِ وَكَرَمِهِ، وَقُدْرَتِهِ وَخَلْقِهِ الْمَخْلُوقَاتِ وَلُطْفِهِ بِهَا وَهِدَايَتِهِ لَهَا. فَإِنْ قُلْتَ فَفِيهِ ذِكْرُ مَا حَلَّلَ وَحَرَّمَ، وَمَنْ أُهْلِكَ وَمَنْ أُبْعِدَ مِنْ رَحْمَتِهِ وَقِصَصِ مَنْ كَفَرَ بِآيَاتِهِ وَكَذَّبَ بِرُسُلِهِ، قُلْتُ: ذِكْرُ جَمِيعِهِ مِنْ جُمْلَةِ ذِكْرِهِ، إِذْ كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ كَلَامَهُ، وَأَيْضًا فَإِنَّ مِنَ الْمَدْحِ ذِكْرَ مَا أَنْزَلَهُ مِنَ التَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ، كَمَا أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ الثَّنَاءِ عَلَى الطَّبِيبِ أَنْ يُذْكَرَ بِأَنَّ لَهُ جِدًّا فِي حِمْيَةِ الْمَرِيضِ، وَمَنْعِهِ مِمَّا يَضُرُّهُ وَنَدْبِهِ إِلَى مَا يَنْتَفِعُ بِهِ. وَكَذَلِكَ أَيْضًا مِنْ جُمْلَةِ ذِكْرِ مَفَاخِرِ الْمَلِكِ ذِكْرُ أَعْدَائِهِ وَمُخَالَفَتِهِ وَكَيْفَ كَانَتْ عَاقِبَةُ خِلَافِهِمْ لَهُ وَمُحَارَبَتِهِمْ إِيَّاهُ مِنَ الْهَلَكَةِ وَالدَّمَارِ وَالْخَسَارِ، إِذًا الْقُرْآنُ أَفْضَلُ الذِّكْرِ.
(قُلْتُ) : وَرَدَ فِي هَذَا الْمَعْنَى أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ مِنْهَا أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ، فَقَالَ:" إِيمَانٌ بِاللَّهِ، ثُمَّ جِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ، ثُمَّ حَجٌّ مَبْرُورٌ "، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ " الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا، ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ، ثُمَّ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ "، وَفِي آخَرَ " وَاعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمُ الصَّلَاةُ " وَحَدِيثُ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ " قَالَ:" الصَّبْرُ وَالسَّمَاحَةُ "، وَقَالَ لِأَبِي أُمَامَةَ عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ فَقِيلَ فِي الْجَوَابِ إِنَّ الْمُرَادَ أَيٌّ مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ النَّظَائِرِ، لِذَلِكَ يُعَبَّرُ عَنِ الشَّيْءِ بِأَنَّهُ الْأَفْضَلُ مِنْ أَيٍّ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَفْضَلِ أَيِ الْمَجْمُوعِ فِي الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا الَّتِي لَا طَبَقَةَ أَعْلَى مِنْهَا، وَقِيلَ: إِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجَابَ كُلَّ سَائِلٍ بِحَسَبِ مَا هُوَ الْأَفْضَلُ فِي حَقِّهِ بِحَسَبِ مَا يُنَاسِبُهُ، وَالْأَصْلَحِ لَهُ، وَمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَيُطِيقُهُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
(تَنْبِيهٌ) الْمَعْنَى فِي الْحَدِيثِ " الْحَالُّ الْمُرْتَحِلُ " عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ عَمَلُ الْحَالِّ الْمُرْتَحِلِ، وَكَذَا " عَلَيْكَ بِالْحَالِّ " أَيْ عَلَيْكَ بِعَمَلِ الْحَالِّ الْمُرْتَحِلِ، وَأَمَّا مَا يَعْتَمِدُهُ بَعْضُ الْقُرَّاءِ مِنْ تَكْرَارِ قِرَاءَةِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ عِنْدَ الْخَتْمِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَهُوَ شَيْءٌ لَمْ نَقْرَأْ بِهِ، وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا نَصَّ عَلَيْهِ مِنْ أَصْحَابِنَا الْقُرَّاءِ، وَلَا الْفُقَهَاءِ سِوَى أَبِي الْفَخْرِ حَامِدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حَسَنَوَيْهِ الْقَزْوِينِيِّ فِي كِتَابِهِ حِلْيَةِ الْقِرَاءَةِ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ مَا نَصُّهُ: وَالْقُرَّاءُ كُلُّهُمْ قَرَءُوا سُورَةَ الْإِخْلَاصِ مَرَّةً وَاحِدَةً غَيْرَ الْهَرَوَانِيِّ عَنِ الْأَعْشَى فَإِنَّهُ أَخَذَ بِإِعَادَتِهَا ثَلَاثَ دُفُعَاتٍ وَالْمَأْثُورُ دُفْعَةٌ وَاحِدَةٌ انْتَهَى.
(قُلْتُ) : وَالْهَرَوَانِيُّ هَذَا هُوَ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالرَّاءِ، وَهُوَ الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْجُعْفِيُّ الْحَنَفِيُّ الْكُوفِيُّ كَانَ فَقِيهًا كَبِيرًا قَالَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ كَانَ مَنْ عَاصَرَهُ بِالْكُوفَةِ يَقُولُ لَمْ يَكُنْ بِالْكُوفَةِ مِنْ زَمَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ إِلَى وَقْتِهِ أَحَدٌ أَفْقَهُ مِنْهُ انْتَهَى. وَقَرَأَ بِرِوَايَةِ الْأَعْشَى عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ يُونُسَ عَنْ قِرَاءَتِهِ بِهَا عَلَى أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكِسَائِيِّ الْكُوفِيِّ صَاحِبِ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ صَاحِبِ الْأَعْشَى، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ اخْتِيَارًا مِنَ الْهَرَوَانِيِّ فَإِنَّ هَذَا لَمْ يُعْرَفْ فِي رِوَايَةِ الْأَعْشَى، وَلَا ذَكَرَهُ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَائِنَا عَنْهُ، بَلِ الَّذِينَ قَرَءُوا بِرِوَايَةِ الْأَعْشَى عَلَى الْهَرَوَانِيِّ هَذَا كَأَبِي عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيِّ صَاحِبِ الرَّوْضَةِ، وَأَبِي عَلِيٍّ غُلَامِ الْهَرَّاسِ شَيْخِ أَبِي الْعِزِّ وَكَالشَّرْمَقَانِيِّ وَالْعَطَّارِ شَيْخَيِ ابْنِ سَوَّارٍ وَكَأَبِي الْفَضْلِ الْخُزَاعِيِّ لَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ ذَلِكَ عَنِ الْهَرَوَانِيِّ، وَلَوْ ثَبَتَ عِنْدَهُمْ رِوَايَةً لَذَكَرُوهُ بِلَا شَكٍّ فَلِذَلِكَ قُلْنَا: إِنَّهُ يَكُونُ اخْتِيَارًا مِنْهُ وَالرَّجُلُ كَانَ فَقِيهًا عَالِمًا أَهْلًا لِلِاخْتِيَارِ فَلَعَلَّهُ رَأَى ذَلِكَ وَصَارَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا فِي أَكْثَرِ الْبِلَادِ عِنْدَ الْخَتْمِ فِي غَيْرِ الرِّوَايَاتِ، وَالصَّوَابُ مَا عَلَيْهِ السَّلَفُ لِئَلَّا يُعْتَقَدَ أَنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ وَلِهَذَا نَصَّ أَئِمَّةُ الْحَنَابِلَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُكَرِّرُ سُورَةَ الصَّمَدِ، وَقَالُوا: وَعَنْهُ يَعْنُونَ عَنْ أَحْمَدَ لَا يَجُوزُ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ
وَمِنَ الْأُمُورِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْخَتْمِ الدُّعَاءُ عَقِيبَ الْخَتْمِ
وَهُوَ أَهَمُّهَا، وَهُوَ سُنَّةٌ تَلَقَّاهَا الْخَلَفُ عَنِ السَّلَفِ، وَتَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ هَذَا الْفَصْلِ الْحَدِيثُ الْمَرْفُوعُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ طَرِيقِ ابْنِ كَثِيرٍ فِي أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو عَقِبَ الْخَتْمِ، ثُمَّ يَقُولُ: وَأَخْبَرَنِي الشَّيْخُ الْعَالِمُ الْمُسْنِدُ الصَّالِحُ أَبُو الثَّنَاءِ مَحْمُودُ بْنُ خَلَفِ بْنِ خَلِيفَةَ الْمَنْبَجِيُّ رحمه الله مُشَافَهَةً مِنْهُ إِلَيَّ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَسَبْعِمِائَةٍ بِدِمَشْقَ عَنِ الْإِمَامِ الْحَافِظِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ بْنِ خَلَفٍ الدِّمْيَاطِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَاجِّ يُوسُفُ بْنُ خَلِيلٍ الدِّمَشْقِيُّ الْحَافِظُ. أَخْبَرْنَا أَبُو سَعِيدٍ خَلِيلُ بْنُ أَبِي الرَّجَاءِ الدَّارَانِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَدَّادُ إِجَازَةً. أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ. أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَافِظُ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْإِمَامُ. حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ السَّكَنِ الطَّائِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ دُو أَلَ دُوزَ عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ - أَوْ قَالَ: مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ - كَانَتْ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَجَّلَهَا لَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنْ شَاءَ ادَّخَرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ " قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: لَمْ يَرْوِهِ عَنْ جَابِرٍ إِلَّا شُرَحْبِيلَ، وَلَا عَنْهُ إِلَّا مُقَاتِلُ بْنُ دُو أَلَ دُوزَ تَفَرَّدَ بِهِ الْمُحَارِبِيُّ، وَلَمْ يُسْنِدْ عَنْ مُقَاتِلٍ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ.
(قُلْتُ) : مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ كَمَا قِيلَ فَهُوَ ثِقَةٌ مِنْ رِجَالِ مُسْلِمٍ وَإِنْ يَكُنْ غَيْرَهُ فَلَا نَعْرِفُهُ مَعَ أَنَّ سَائِرَ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ، وَالْمُحَارِبِيُّ مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحَيْنِ إِلَّا أَنَّهُ يَرْوِي عَنِ الْمَجْهُولِينَ. (وَأَخْبَرَتْنَا) سِتُّ الْعَرَبِ بِنْتُ مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيَّةُ بِمَنْزِلِهَا مُشَافَهَةً أَنَا جَدِّي أَحْمَدُ بْنُ الْبُخَارِيِّ حُضُورًا قَالَ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو أَبُو الْقَاسِمِ زَاهِرٌ أَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَافِظُ أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَنَا أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ يَاسِينَ حَدَّثَنِي حَمْدُونُ بْنُ أَبِي عَبَّادٍ ثَنَا يَحْيَى بْنُ هَاشِمٍ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " مَعَ كُلِّ خَتْمَةٍ
دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ " كَذَا رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ، وَقَالَ: فِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ، وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ضَعِيفٍ عَنْ أَنَسٍ، أَخْبَرَنَاهُ أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَمْدَوَيْهِ أَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَرْنَاتِيُّ بِمَرْوَ أَنَا عَمْرُو بْنُ عُمَرَ بْنِ فَتْحٍ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ثَنَا أَبِي أَنَا أَبُو عِصْمَةَ، وَهُوَ نُوحٌ الْجَامِعُ مَرْوَزِيُّ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَهُ عِنْدَ خَتْمِ الْقُرْآنِ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ وَشَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ ". (وَأَخْبَرَنَا) شَيْخُنَا الْقَاضِي شَرَفُ الدِّينِ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَنَفِيُّ مُشَافَهَةً عَنْ أَبِي الْفَضْلِ أَحْمَدَ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ الدِّمَشْقِيِّ أَنَا أَبُو رَوْحٍ إِذْنًا أَنَا زَاهِرُ بْنُ طَاهِرٍ أَنَا الْإِمَامُ أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكَنْجَرُودِيُّ أَنَا الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحُلَيْمِيُّ أَنَا بَكْرٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ حَمْدَانَ الصَّيْرَفِيُّ. أَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ. ثَنَا مُقَاتِلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ثَنَا نُوحُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ عِنْدَ خَتْمِهِ "، وَبِهِ إِلَى الْحَافِظِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ أَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ أَنَا ابْنُ أَبِي عِصْمَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْفَرْغَانِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ قَالُوا: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبِ بْنِ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَكِيمٍ ثَنَا عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ الْمُلَائِيُّ مِنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنِ اسْتَمَعَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عز وجل طَاهِرًا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ وَمُحِيَتْ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ وَرُفِعَتْ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ، وَمَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فِي صَلَاةٍ قَاعِدًا كُتِبَتْ لَهُ خَمْسُونَ حَسَنَةً وَمُحِيَتْ عَنْهُ خَمْسُونَ سَيِّئَةً وَرُفِعَتْ لَهُ خَمْسُونَ دَرَجَةً، وَمَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فِي صَلَاةٍ قَائِمًا كُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ وَرُفِعَتْ لَهُ مِائَةُ دَرَجَةٍ، وَمَنْ قَرَأَهُ فَخَتَمَهُ كُتِبَتْ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ مُعَجَّلَةٌ، أَوْ مُؤَخَّرَةٌ " قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: تَفَرَّدَ بِهِ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، وَهُوَ مَجْهُولٌ.
(قُلْتُ) : قَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي كَامِلِهِ، وَقَالَ: حَدَّثَ عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْمُلَائِيِّ أَحَادِيثَ بَوَاطِيلَ، وَقَالَ يَحْيَى: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَقَالَ الْأَزْدِيُّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، وَقَدْ سَأَلْتُ شَيْخَنَا شَيْخَ الْإِسْلَامِ ابْنَ كَثِيرٍ
رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: مَا الْمُرَادُ بِالْحَرْفِ فِي الْحَدِيثِ؟ فَقَالَ: الْكَلِمَةُ، لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَلَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ لَا أَقُولُ " الم " حَرْفٌ وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ، وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ هُوَ الصَّحِيحُ إِذْ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْحَرْفِ حَرْفَ الْهِجَاءِ لَكَانَ أَلِفٌ بِثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ، وَلَامٌ بِثَلَاثَةٍ وَمِيمٌ بِثَلَاثَةٍ، وَقَدْ يَعْسُرُ عَلَى فَهْمِ بَعْضِ النَّاسِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَفَطَّنَ لَهُ فَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ لَا يَعْرِفُهُ. وَقَالَ لِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا مِنَ الْحَنَابِلَةِ إِنَّهُ رَأَى هَذَا فِي كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ مَنْصُوصًا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَلَكِنْ رُوِّينَا فِي حَدِيثٍ ضَعِيفٍ عَنْ عَوْنِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ مَرْفُوعًا (مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنَ الْقُرْآنِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا حَسَنَةً، لَا أَقُولُ " بِسْمِ اللَّهِ " وَلَكِنْ بَاءٌ وَسِينٌ وَمِيمٌ، وَلَا أَقُولُ " الم " وَلَكِنِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ وَالْمِيمُ)، وَهُوَ إِنْ صَحَّ لَا يَدُلُّ عَلَى غَيْرِ مَا قَالَ شَيْخُنَا. ثُمَّ رَأَيْتُ كَلَامَ بَعْضِ أَصْحَابِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي فُرُوعِهِ: وَإِنْ كَانَ فِي قِرَاءَةٍ زِيَادَةُ حَرْفٍ مِثْلَ " فَأَزَلَّهُمَا " وَ " أَزَالَهُمَا " وَ " وَصَّى " وَ " أَوْصَى " فَهِيَ الْأُولَى لِأَجْلِ الْعَشْرِ حَسَنَاتٍ، نَقَلَهُ حَرْبٌ.
(قُلْتُ) : وَهَذَا التَّمْثِيلُ مِنِ ابْنِ مُفْلِحٍ عَجِيبٌ فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ الْمُرَادُ بِالْحَرْفِ - اللَّفْظِيَّ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ " وَصَّى " وَ " أَوْصَى "، وَلَا بَيْنَ " أَزَالَهُمَا " وَ " أَزَلَّهُمَا "، إِذِ الْحَرْفُ الْمُشَدَّدُ بِحَرْفَيْنِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُمَثِّلَ بِنَحْوِ " مَالِكِ " وَ " مَلِكِ "، وَ " يَخْدَعُونَ " وَ " يُخَادِعُونَ "، ثُمَّ قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: وَاخْتَارَ شَيْخُنَا أَنَّ الْحَرْفَ الْكَلِمَةُ.
(قُلْتُ) : يَعْنِي شَيْخَهُ الْإِمَامَ أَبَا الْعَبَّاسِ ابْنَ تَيْمِيَةَ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هُوَ الصَّحِيحُ، وَقَدْ رَأَيْتُ كَلَامَهُ فِي كِتَابِهِ عَلَى الْمَنْطِقِ فَقَالَ: وَأَمَّا تَسْمِيَةُ الِاسْمِ وَحْدَهُ كَلِمَةً وَالْفِعْلِ وَحْدَهُ كَلِمَةً وَالْحَرْفِ وَحْدَهُ كَلِمَةً مِثْلَ هَلْ وَبَلْ فَهَذَا اصْطِلَاحٌ مُخْتَصٌّ بِبَعْضِ النُّحَاةِ لَيْسَ هَذَا مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ أَصْلًا، وَإِنَّمَا تُسَمِّي الْعَرَبُ هَذِهِ الْمُفْرَدَاتِ حُرُوفًا، وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَلَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ أَمَا إِنِّي لَا أَقُولُ " الم " - يَعْنِي: أَلِفْ لَامْ مِيمْ - حَرْفٌ وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ، وَلَامٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ) وَالَّذِي عَلَيْهِ مُحَقِّقُو الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَرْفِ الِاسْمُ وَحْدَهُ وَالْفِعْلُ وَحْدَهُ،
وَحَرْفُ الْمَعْنَى، لِقَوْلِهِ " أَلِفٌ حَرْفٌ "، وَهَذَا اسْمٌ. وَلِهَذَا لَمَّا سَأَلَ الْخَلِيلُ أَصْحَابَهُ عَنِ النُّطْقِ بِالزَّايِ مِنْ زَيْدٍ فَقَالُوا: زَايٌ فَقَالَ: نَطَقْتُمْ بِالِاسْمِ، وَإِنَّمَا الْحَرْفُ زَهْ. ثُمَّ بَسَطَ الْكَلَامَ فِي تَقْرِيرِ ذَلِكَ، وَهُوَ وَاضِحٌ. وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ مُفْلِحٍ عَنْ حَرْبٍ وَمَثَّلَ بِهِ - تَصَرُّفٌ مِنْهُ، وَإِلَّا فَلَا يَقُولُ مِثْلُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ إِنَّ " أَزَالَ "، أَوْلَى مِنْ " أَزَّلَ "، وَلَا " أَوْصَى "، أَوْلَى مِنْ " وَصَّى " لِأَجْلِ زِيَادَةِ حَرْفٍ، وَلِلْكَلَامِ عَلَى هَذَا مَحَلٌّ غَيْرُ هَذَا وَالْقَصْدُ تَعْرِيفُ ذَلِكَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَبِهِ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْفَقِيهُ. ثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ جَلِيسٌ كَانَ لِبِشْرِ بْنِ حَارِثٍ (ح) قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرَّوْذَبَارِيُّ ثَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ النَّحْوِيُّ. ثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى. ثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ شَيْخٌ لَهُ قَالَ: سَمِعْتُ بِشْرَ بْنَ الْحَارِثِ يَقُولُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْيَمَانِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ قَالَ: إِذَا خَتَمَ الرَّجُلُ الْقُرْآنَ قَبَّلَ الْمَلَكُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ قَالَ بِشْرُ بْنُ مُوسَى قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَحَدَّثْتُ بِهِ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ فَقَالَ: لَعَلَّ هَذَا مِنْ مُخْبَيَاتِ سُفْيَانَ وَاسْتَحْسَنَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ الْفَقِيهِ، وَبِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ. أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْمُطَّوِّعِيُّ. ثَنَا مِسْعَرُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ رحمه الله إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ يَجْتَمِعُ إِلَيْهِ أَصْحَابُهُ فَيُصَلِّي بِهِمْ فَيَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ عِشْرِينَ آيَةً، وَكَذَلِكَ إِلَى أَنْ يَخْتِمَ الْقُرْآنَ، وَكَذَلِكَ يَقْرَأُ فِي السَّحَرِ مَا بَيْنَ النِّصْفِ إِلَى الثُّلُثِ مِنَ الْقُرْآنِ فَيَخْتِمُ عِنْدَ السَّحَرِ فِي كُلِّ ثَلَاثِ لَيَالٍ وَكَانَ يَخْتِمُ بِالنَّهَارِ كُلَّ يَوْمٍ خَتْمَةً وَيَكُونُ خَتْمُهُ عِنْدَ الْإِفْطَارِ كُلَّ لَيْلَةٍ وَيَقُولُ: عِنْدَ كُلِّ خَتْمٍ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ. وَرَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاوُدَ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: (مَنْ خَتَمَ الْقُرْآنَ فَلَهُ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ)، وَعَنْ مُجَاهِدٍ:(تَنْزِلُ الرَّحْمَةُ عِنْدَ خَتْمِ الْقُرْآنِ)، وَعَنْهُ أَيْضًا:(إِنَّ الدُّعَاءَ مُسْتَجَابٌ عِنْدَ خَتْمِ الْقُرْآنِ) ، وَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَلَى اسْتِحْبَابِ ذَلِكَ فِي صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ، قَالَ: حَنْبَلٌ سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُولُ فِي خَتْمِ الْقُرْآنِ: إِذَا فَرَغْتَ
مِنْ قِرَاءَتِكَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ فَارْفَعْ يَدَيْكَ فِي الدُّعَاءِ قَبْلَ الرُّكُوعِ.
(قُلْتُ) : إِلَى أَيِّ شَيْءٍ تَذْهَبُ فِي هَذَا؟ قَالَ: رَأَيْتُ أَهْلَ مَكَّةَ يَفْعَلُونَ، وَكَانَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ يَفْعَلُهُ مَعَهُمْ بِمَكَّةَ. قَالَ عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ: وَكَذَلِكَ أَدْرَكْتُ النَّاسَ بِالْبَصْرَةِ وَبِمَكَّةَ، وَرَوَى أَهْلُ الْمَدِينَةِ فِي هَذَا أَشْيَاءَ، وَذُكِرَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه. وَقَالَ الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ فَقُلْتُ: أَخْتِمُ الْقُرْآنَ أَجْعَلُهُ فِي التَّرَاوِيحِ، أَوْ فِي الْوَتْرِ؟ قَالَ: اجْعَلْهُ فِي التَّرَاوِيحِ يَكُونُ لَنَا دُعَاءً بَيْنَ اثْنَيْنِ. قُلْتُ: كَيْفَ أَصْنَعُ؟ قَالَ: إِذَا فَرَغْتَ مِنْ آخِرِ الْقُرْآنِ فَارْفَعْ يَدَيْكَ قَبْلَ أَنْ تَرْكَعَ وَادْعُ بِنَا، وَنَحْنُ فِي الصَّلَاةِ وَأَطِلِ الْقِيَامَ. قُلْتُ: بِمَ أَدْعُو؟ قَالَ: بِمَا شِئْتَ، قَالَ: فَفَعَلْتُ كَمَا أَمَرَنِي، وَهُوَ خَلْفِي يَدْعُو قَائِمًا وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ. وَرُوِّينَا فِي كِتَابِ فَضَائِلِ الْقُرْآنِ لِأَبِي عُبَيْدٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ بِالْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ عَلَى أَصْحَابٍ لَهُ، فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَضَعُ عَلَيْهِ الرُّقَبَاءَ، فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الْخَتْمِ جَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَشَهِدَهُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. قَالَ الْإِمَامُ النَّوَوِيُّ: يُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ بَعْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ اسْتِحْبَابًا يَتَأَكَّدُ تَأْكِيدًا شَدِيدًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُلِحَّ فِي الدُّعَاءِ وَأَنْ يَدْعُوَ بِالْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ وَالْكَلِمَاتِ الْجَامِعَةِ وَأَنْ يَكُونَ مُعْظَمُ ذَلِكَ، بَلْ كُلُّهُ فِي أُمُورِ الْآخِرَةِ وَأُمُورِ الْمُسْلِمِينَ وَصَلَاحِ سُلْطَانِهِمْ وَسَائِرِ وُلَاةِ أُمُورِهِمْ، وَفِي تَوْفِيقِهِمْ لِلطَّاعَاتِ وَعِصْمَتِهِمْ مِنَ الْمُخَالَفَاتِ وَتَعَاوُنِهِمْ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَقِيَامِهِمْ بِالْحَقِّ وَاجْتِمَاعِهِمْ عَلَيْهِ وَظُهُورِهِمْ عَلَى أَعْدَاءِ الدِّينِ. انْتَهَى. وَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَلَى اسْتِحْبَابِ الدُّعَاءِ عِنْدَ الْخَتْمِ، وَكَذَا جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ. وَكَانَ بَعْضُ شُيُوخِنَا يَخْتَارُ أَنَّ الْقَارِئَ عَلَيْهِ إِذَا خَتَمَ - هُوَ الَّذِي يَدْعُو؛ لِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ. وَسَائِرُ مَنْ أَدْرَكْنَاهُمْ غَيْرَهُ يَدْعُو الشَّيْخُ، أَوْ مَنْ يُلْتَمَسُ بَرَكَتُهُ مِنْ حَاضِرِي الْخَتْمِ. وَالْأَمْرُ فِي هَذَا سَهْلٌ إِذِ الدَّاعِي وَالْمُؤَمِّنُ وَاحِدٌ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ وَأَبُو صَالِحٍ وَعِكْرِمَةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: دَعَا مُوسَى وَأَمَّنَ هَارُونُ. فَالدَّاعِي وَالْمُؤَمِّنُ وَاحِدٌ. وَكَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه يَجْمَعُ أَهْلَهُ وَجِيرَانَهُ عِنْدَ الْخَتْمِ رَجَاءَ
بَرَكَةِ دُعَاءِ الْخَتْمِ وَحُضُورِهِ. وَرُوِّينَا عَنْهُ فِي حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ، وَلَفْظُهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا خَتَمَ الْقُرْآنَ جَمَعَ أَهْلَهُ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ رَفْعُهُ وَهْمٌ، وَالصَّحِيحُ عَنْ أَنَسٍ مَوْقُوفًا، وَكَانُوا يَسْتَحِبُّونَ جَمْعَ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَالْعِلْمِ، فَقَدْ رُوِّينَا عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْحَكَمِ قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ مُجَاهِدٌ، وَعِنْدَهُ ابْنُ أَبِي لُبَابَةَ قَالَ: إِنَّمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْكَ أَنَّا نُرِيدُ أَنْ نَخْتِمَ الْقُرْآنَ وَكَانَ يُقَالُ: إِنَّ الدُّعَاءَ مُسْتَجَابٌ عِنْدَ خَتْمِ الْقُرْآنِ فَلَمَّا فَرَغُوا مِنْ خَتْمِ الْقُرْآنِ دَعَا بِدَعَوَاتٍ وَكَانَ كَثِيرٌ مِنَ السَّلَفِ يَسْتَحِبُّ الْخَتْمَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَلَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، وَاخْتَارَ بَعْضُهُمُ الْخَتْمَ وَهُوَ صَائِمٌ وَبَعْضٌ عِنْدَ الْإِفْطَارِ وَبَعْضٌ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَبَعْضٌ أَوَّلَ النَّهَارِ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ: مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَخَتَمَهُ نَهَارًا غُفِرَ لَهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَمَنْ خَتَمَهُ لَيْلًا غُفِرَ لَهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ. وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ أَنَّهُ قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ إِذَا خَتَمَ الرَّجُلُ الْقُرْآنَ صَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ وَبَقِيَّةَ لَيْلَتِهِ وَكَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَخْتِمُوا فِي قِبَلِ اللَّيْلِ وَقِبَلِ النَّهَارِ وَبَعْضٌ يَتَخَيَّرُ لِذَلِكَ الْأَوْقَاتَ الشَّرِيفَةَ وَأَوْقَاتَ الْإِجَابَةِ وَأَحْوَالَهَا، وَأَمَاكِنَهَا، كُلُّ ذَلِكَ رَجَاءَ اجْتِمَاعِ أَسْبَابِ الْإِجَابَةِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ وَقْتَ خَتْمِ الْقُرْآنِ وَقْتٌ شَرِيفٌ وَسَاعَتَهُ سَاعَةٌ مَشْهُودَةٌ، وَلَاسِيَّمَا خَتْمَةٍ قُرِئَتْ قِرَاءَةً صَحِيحَةً مَرْضِيَّةً كَمَا أَنْزَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى مُتَّصِلَةً إِلَى حَضْرَةِ الرِّسَالَةِ وَمَعْدِنِ الْوَحْيِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَنَى بِآدَابِ الدُّعَاءِ فَإِنَّ لَهُ آدَابًا وَشَرَائِطَ وَأَرْكَانًا أَتَيْنَا عَلَيْهَا مُسْتَوْفَاةً فِي كِتَابِنَا الْحِصْنِ الْحَصِينِ نُشِيرُ هُنَا إِلَى مَا لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ.
مِنْهَا: أَنْ يَقْصِدَ اللَّهَ تبارك وتعالى بِدُعَائِهِ غَيْرَ رِيَاءٍ، وَلَا سُمْعَةٍ قَالَ تَعَالَى فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَقَالَ تَعَالَى فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ، وَمِنْهَا: تَقْدِيمُ عَمَلٍ صَالِحٍ مِنْ صَدَقَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا لِلْحَدِيثِ الْمُجْمَعِ عَلَى صِحَّتِهِ حَدِيثِ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ أَوَوْا إِلَى الْغَارِ فَانْطَبَقَتْ عَلَيْهِمُ الصَّخْرَةُ، وَمِنْهَا: تَجَنُّبُ الْحَرَامِ أَكْلًا وَشُرْبًا وَلُبْسًا وَكَسْبًا لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ
يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟ رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَمِنْهَا: الْوُضُوءُ لِحَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا ضَرِيرَ الْبَصَرِ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَنِي قَالَ: إِنْ شِئْتَ دَعَوْتُ وَإِنْ شِئْتَ صَبَرْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ قَالَ: فَادْعُهُ فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَيُحْسِنَ وَضَوْءَهُ وَيَدْعُوَ. الْحَدِيثُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ. وَمِنْهَا: اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: اسْتَقْبَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْكَعْبَةَ فَدَعَا عَلَى نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ شَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ - الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَالْأَحَادِيثُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ. وَمِنْهَا: رَفْعُ الْيَدَيْنِ لِحَدِيثِ سُلَيْمَانَ يَرْفَعُهُ (إِنَّ رَبَّكُمْ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ فِي صَحِيحَيْهِمَا، وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(الْمَسْأَلَةُ أَنْ تَرْفَعَ يَدَيْكَ حَذْوَ مَنْكِبَيْكَ، أَوْ نَحْوَهُمَا) الْحَدِيثُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِمُ فِي صَحِيحِهِ، وَلِحَدِيثِ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (رَفْعُ الْيَدَيْنِ مِنَ الِاسْتِكَانَةِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ: فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ) رَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَلِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا جَمَعَ أَهْلَ بَيْتِهِ أَلْقَى عَلَيْهِمْ كِسَاءَهُ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:(اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي) الْحَدِيثَ. رَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَالْأَحَادِيثُ فِي رَفْعِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ - يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ كَثِيرَةٌ لَا تَكَادُ تُحْصَى، قَالَ الْخَطَابِيُّ إِنَّ مِنَ الْأَدَبِ أَنْ تَكُونَ الْيَدَانِ فِي حَالَةِ رَفْعِهِمَا مَكْشُوفَيْنِ غَيْرَ مُغَطَّاتَيْنِ.
(قُلْتُ) : رُوِّينَا عَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيِّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ: كُنْتُ لَيْلَةً بَارِدَةً فِي الْمِحْرَابِ فَأَقْلَقَنِي الْبَرْدُ فَخَبَّأَتْ إِحْدَى يَدَيَّ مِنَ الْبَرْدِ يَعْنِي فِي الدُّعَاءِ قَالَ: وَبَقِيَتِ الْأُخْرَى مَمْدُودَةً فَغَلَبَتْنِي عَيْنَايَ فَإِذَا تِلْكَ الْيَدُ الْمَكْشُوفَةُ قَدْ سُوِّرَتْ
مِنَ الْجَنَّةِ فَهَتَفَ بِي هَاتِفٌ يَا أَبَا سُلَيْمَانَ قَدْ وَضَعْنَا فِي هَذِهِ مَا أَصَابَهَا، وَلَوْ كَانَتِ الْأُخْرَى مَكْشُوفَةً لَوَضَعْنَا فِيهَا; قَالَ: فَآلَيْتُ عَلَى نَفْسِي أَنْ لَا أَدْعُوَ إِلَّا وَيَدَايَ خَارِجَتَانِ حَرًّا كَانَ، أَوْ بَرْدًا. (وَمِنْهَا) : الْجُثُوُّ عَلَى الرُّكَبِ وَالْمُبَالَغَةُ فِي الْخُضُوعِ لِلَّهِ عز وجل وَالْخُشُوعِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيَحْسُنُ التَّأَدُّبُ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى لِحَدِيثِ عَامِرِ بْنِ خَارِجَةَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ جَدِّهِ سَعْدٍ رضي الله عنه أَنَّ قَوْمًا شَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُحُوطَ الْمَطَرِ قَالَ: فَقَالَ: اجْثُوا عَلَى الرُّكَبِ، ثُمَّ قُولُوا يَا رَبِّ يَا رَبِّ قَالَ: فَفَعَلُوا فَسُقُوا حَتَّى أَحَبُّوا أَنْ يُكْشَفَ عَنْهُمْ. رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ، وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ إِذَا خَتَمَ الْقُرْآنَ دَعَا قَائِمًا كَمَا أَوْرَدَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِهِ الْوَفَا، وَغَيْرِهِ فَلَا يَصِحُّ وَسَيَأْتِي إِسْنَادُهُ وَالْكَلَامُ عَلَيْهِ آخِرًا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَإِذَا نَظَرَ الْعَاقِلُ إِلَى دُعَاءِ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَسَلَامُهُ وَكَيْفَ خُضُوعُهُمْ وَخُشُوعُهُمْ وَتَأَدُّبُهُمْ عَرَفَ كَيْفَ يَسْأَلُ رَبَّهُ عز وجل; فَمِنْ دُعَاءِ آدَمَ وَحَوَّاءَ عليهما السلام: رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ وَنُوحٍ عليه السلام رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ، أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ، وَمُوسَى عليه السلام تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ، رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ وَزَكَرِيَّا عليه السلام رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا وَأَيُّوبَ عليه السلام مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ وَإِبْرَاهِيمَ عليه السلام لَمَّا قَصَدَ الدُّعَاءَ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ فَأَضَافَ الشِّفَاءَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى دُونَ الْمَرَضِ تَأَدُّبًا. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ " اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ. أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ ظَلَمْتُ نَفْسِي وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ. وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا
إِلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ قَالَ الْخَطَابِيُّ رحمه الله: مَعْنَى وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ: الْإِرْشَادُ إِلَى اسْتِعْمَالِ الْأَدَبِ فِي الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ وَالْمَدْحُ لَهُ بِأَنْ يُضَافَ إِلَيْهِ مَحَاسِنُ الْأُمُورِ دُونَ مُسَاوِيهَا، وَلَمْ يَقَعِ الْقَصْدُ بِهِ إِلَى إِثْبَاتِ شَيْءٍ وَإِدْخَالِهِ تَحْتَ قُدْرَتِهِ وَنَفْيِ ضِدِّهِ عَنْهَا فَإِنَّ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ صَادِرَانِ عَنْ خَلْقِهِ، وَقُدْرَتِهِ لَا مُوجِدَ لِشَيْءٍ مِنَ الْخَلْقِ غَيْرُهُ، وَقَدْ يُضَافُ مَعَاظِمُ الْخَلِيقَةِ إِلَيْهِ عِنْدَ الدُّعَاءِ وَالثَّنَاءِ فَيُقَالُ: يَا رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ كَمَا يُقَالُ: يَا رَبَّ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، وَلَا يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ: يَا رَبَّ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ وَنَحْوِهَا مِنْ سُفْلِ الْحَيَوَانَاتِ وَحَشَرَاتِ الْأَرْضِ وَإِنْ كَانَتْ إِضَافَةُ جَمِيعِ الْحَيَوَانَاتِ إِلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الْخِلْقَةِ لَهَا وَالْقُدْرَةِ شَامِلَةً لِجَمِيعِ أَصْنَافِهَا. وَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ: لَوْ كُنْتَ بَيْنَ يَدَيْ مَلِكٍ تَطْلُبُ حَاجَةً لَسَرَّكَ أَنْ تَخْشَعَ لَهُ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ. (وَمِنْهَا) : أَنْ لَا يُتَكَلَّفَ السَّجْعُ فِي الدُّعَاءِ لِمَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: " وَانْظُرْ إِلَى السَّجْعِ مِنَ الدُّعَاءِ فَاجْتَنِبْهُ فَإِنِّي عَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ لَا يَفْعَلُونَ إِلَّا ذَلِكَ أَيْ لَا يَفْعَلُونَ إِلَّا ذَلِكَ الِاجْتِنَابَ ; قَالَ الْغَزَالِيُّ رحمه الله: الْمُرَادُ بِالسَّجْعِ هُوَ الْمُتَكَلَّفُ مِنَ الْكَلَامِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُلَائِمُ الضَّرَاعَةَ وَالذِّلَّةَ وَإِلَّا فَفِي الْأَدْعِيَةِ الْمَأْثُورَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ سَلَّمَ كَلِمَاتٌ مُتَوَازِنَةٌ غَيْرُ مُتَكَلَّفَةٍ. (وَمِنْهَا) : الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى أَوَّلًا وَآخِرًا أَيْ قَبْلِ الدُّعَاءِ، وَبَعْدَهُ كَذَلِكَ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي الْآيَاتِ. فَقَدَّمَ الثَّنَاءَ عَلَى اللَّهِ، ثُمَّ دَعَا، وَعَنْ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ
رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَأَثْنَى، ثُمَّ دَعَا تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ، وَلِمَا أَرْشَدَنَا اللَّهُ تَعَالَى فِي الْفَاتِحَةِ وَثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ " قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ فَنِصْفُهَا لِي، وَنِصْفُهَا لِعَبْدِي. وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ; إِذَا قَالَ عَبْدِي: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، قَالَ اللَّهُ: حَمِدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، قَالَ اللَّهُ: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، قَالَ اللَّهُ: مَجَّدَنِي عَبْدِي - الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ "، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رِضَى اللَّهِ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ " اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، اللَّهُمَّ طَهِّرْنِي بِالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وَالْمَاءِ الْبَارِدِ " الْحَدِيثَ. وَفِيهِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما فِي حَدِيثِهِ الطَّوِيلِ فِي صِفَةِ حَجِّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم بَدَأَ بِالصَّفَا فَرَقِيَ عَلَيْهِ حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَوَحَّدَ اللَّهَ وَكَبَّرَهُ، وَقَالَ:(لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ) ، ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَتَى الْمَرْوَةَ فَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ. (وَأَخْبَرَتْنَا) أُمُّ مُحَمَّدٍ بِنْتُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبُخَارِيِّ إِذْنًا، أَنَا جَدِّي عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا حَاضِرَةٌ. أَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الصَّفَّارِ أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ طَاهِرٍ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَافِظُ. أَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ. أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ. ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ جَابِرٍ. ثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ. ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ. ثَنَا أَبَانُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَحَمِدَ الرَّبَّ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ وَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ، فَقَدْ طَلَبَ الْخَيْرَ مِنْ مَكَانِهِ. رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ شُعَبِ الْإِيمَانِ، وَقَالَ: أَبَانُ هَذَا هُوَ ابْنُ أَبِي عَيَّاشٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.
(قُلْتُ) : رَوَى لَهُ أَبُو دَاوُدَ حَدِيثًا وَاحِدًا. وَقَالَ: مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ هُوَ طَاوُسُ الْقُرَّاءِ، وَالْحَدِيثُ لَهُ شَوَاهِدُ وَسَيَأْتِي آخِرَ الْفَصْلِ فِي حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ رضي الله عنهما مَا يَشْهَدُ لَهُ. وَقَدْ
رُوِّينَا عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا يَدْعُو فِي صِلَاتِهِ لَمْ يُمَجِّدْ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: عَجِلَ هَذَا، ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ، أَوْ لِغَيْرِهِ:" إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَمْجِيدِ رَبِّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ يَدْعُو بِمَا شَاءَ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: صَحِيحٌ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَزَادَ فِيهِ وَسَمِعَ رَجُلًا يُصَلِّي فَمَجَّدَ اللَّهَ وَحَمِدَهُ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" ادْعُ تُجَبْ وَسَلْ تُعْطَ " وَأَخْرَجَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ، وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَحَسَّنَهُمَا التِّرْمِذِيُّ. وَرَأَيْنَا بَعْضَ الشُّيُوخِ يَبْتَدِئُونَ الدُّعَاءَ عَقِيبَ الْخَتْمِ بِقَوْلِهِمْ: صَدَقَ اللَّهُ الْعَظِيمُ وَبَلَّغَ رَسُولُهُ الْكَرِيمُ، وَهَذَا تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ. وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ - إِلَى آخِرِهِ -، أَوْ بِمَا فِي نَحْوِ ذَلِكَ مِنَ التَّنْزِيهِ وَبَعْضُهُمْ (بِـ " الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)" لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم " كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِـ (الْحَمْدُ لِلَّهِ) فَهُوَ أَجْزَمُ "، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَلَا حَرَجَ فِي ذَلِكَ فَكُلُّ مَا كَانَ فِي مَعْنَى التَّنْزِيهِ فَهُوَ ثَنَاءٌ. وَفِي الطَّبَرَانِيِّ الْأَوْسَطِ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه: كُلُّ دُعَاءٍ مَحْجُوبٌ حَتَّى يُصَلَّى عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ. وَفِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه: الدُّعَاءُ مَوْقُوفٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا يَصْعَدُ مِنْهُ شَيْءٌ حَتَّى يُصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَقَالَ تَعَالَى دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَلِذَلِكَ اسْتَحَبَّ أَنْ يُخْتَمَ الدُّعَاءُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَمِنْهَا: تَأْمِينُ الدَّاعِي وَالْمُسْتَمِعِ لِحَدِيثِ " فَإِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِحَدِيثِ " أَوْجَبَ إِنْ خَتَمَ " فَقَالَ رَجُلٌ: بِأَيِّ شَيْءٍ يَخْتِمُ؟ فَقَالَ: " بِآمِينَ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. وَمِنْهَا: أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ حَاجَاتِهِ كُلَّهَا لِحَدِيثٍ يَرْفَعُهُ " لِيَسْأَلْ أَحَدُكُمْ رَبَّهُ
حَاجَاتِهِ كُلَّهَا حَتَّى يَسْأَلَ شِسْعَ نَعْلِهِ إِذَا انْقَطَعَ " رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ غَرِيبٌ. وَمِنْهَا: أَنْ يَدْعُوَ وَهُوَ مُتَيَقِّنٌ الْإِجَابَةَ يُحْضِرُ قَلْبَهُ وَيُعْظِمُ رَغْبَتَهُ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ " ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ. وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ " رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ، وَقَالَ: مُسْتَقِيمُ الْإِسْنَادِ. وَعَنْهُ يَرْفَعُهُ أَيْضًا " إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلْيُعْظِمِ الرَّغْبَةَ فَإِنَّهُ لَا يَتَعَاظَمُ عَلَى اللَّهِ شَيْءٌ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَمِنْهَا: مَسْحُ وَجْهِهِ بِيَدَيْهِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الدُّعَاءِ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَرْفَعُهُ " إِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَسَلُوهُ بِبُطُونِ أَكُفِّكُمْ، وَلَا تَسَلُوهُ بِظُهُورِهَا وَامْسَحُوا بِهَا وُجُوهَكُمْ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِمُ فِي صَحِيحِهِ، وَعَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا دَعَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ يَمْسَحُ وَجْهَهُ بِيَدَيْهِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. وَعَنْ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ لَمْ يَحُطَّهُمَا حَتَّى يَمْسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ. رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي صَحِيحِهِ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ فِي بَعْضِ الْأُصُولِ: صَحِيحٌ. وَرَأَيْتُ بَعْضَ عُلَمَائِنَا، وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي فَتَاوَاهُ أَنْكَرَ مَسْحَ الْوَجْهِ بِالْيَدَيْنِ عَقِيبَ الدُّعَاءِ; وَلَا شَكَّ عِنْدِي أَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
(وَرَأَيْتُ) أَنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي شِدَّةٍ نَزَلَتْ بِي وَبِالْمُسْلِمِينَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ لِي وَلِلْمُسْلِمِينَ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَدَعَا، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ صلى الله عليه وسلم. وَمِنْهَا: اخْتِيَارُ الْأَدْعِيَةِ الْمَأْثُورَةِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ كَانَ بَعْضُ أَئِمَّةِ الْقِرَاءَةِ يَخْتَارُونَ أَدْعِيَةً يَدْعُونَ بِهَا عِنْدَ الْخَتْمِ لَا يُجَاوِزُونَهَا، وَاخْتِيَارُنَا أَنْ لَا يُجَاوِزَ مَا وَرَدَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم أُوتِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَلَمْ يَدَعْ حَاجَةً إِلَى غَيْرِهِ، وَلَنَا فِيهِ صلى الله عليه وسلم أُسْوَةٌ;، فَقَدْ رَوَى أَبُو مَنْصُورٍ الْمُظَفَّرُ
بْنُ الْحُسَيْنِ الْأَرْجَانِيُّ فِي كِتَابِهِ فَضَائِلِ الْقُرْآنِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الضَّحَّاكِ فِي الشَّمَائِلِ كِلَاهُمَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي ذَرٍّ الْهَرَوِيِّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَقُولُ عِنْدَ خَتْمِ الْقُرْآنِ " اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي بِالْقُرْآنِ وَاجْعَلْهُ لِي إِمَامًا وَنُورًا وَهُدًى وَرَحْمَةً، اللَّهُمَّ ذَكِّرْنِي مِنْهُ مَا نُسِّيتُ وَعَلِّمْنِي مِنْهُ مَا جَهِلْتُ وَارْزُقْنِي تِلَاوَتَهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ وَاجْعَلْهُ لِي حُجَّةً يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ " حَدِيثٌ مُعْضَلٌ لِأَنَّ دَاوُدَ بْنَ قَيْسٍ هَذَا هُوَ الْفَرَّاءُ الدَّبَّاغُ الْمَدَنِيُّ مِنْ تَابِعِي التَّابِعِينَ يَرْوِي عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ. رَوَى عَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ وَكَانَ ثِقَةً صَالِحًا عَابِدًا مِنْ أَقْرَانِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ خَرَّجَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا أَعْلَمُ وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي خَتْمِ الْقُرْآنِ حَدِيثٌ غَيْرُهُ. (نَعَمْ) أَخْبَرَنِي الثِّقَاتُ مِنْ شُيُوخِنَا مُشَافَهَةً عَنِ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْمَقْدِسِيِّ قَالَ: أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ فِي كِتَابِهِ. أَنَا ابْنُ نَاصِرٍ. أَنَا عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ يُوسُفَ. أَنَا مُحَمَّدٌ الْجَوْهَرِيُّ أَنَا عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكَتَّانِيِّ. أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ. ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَيُّوبَ. ثَنَا الْحَارِثُ بْنُ شُرَيْحٍ ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا خَتَمَ الْقُرْآنَ دَعَا قَائِمًا كَذَا رَوَاهُ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِهِ الْوَفَا، وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ، إِذْ فِي سَنَدِهِ الْحَارِثُ بْنُ شُرَيْحٍ أَبُو عُمَرَ النَّقَّالُ، بِالنُّونِ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ وَتَكَلَّمَ فِيهِ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ أَبُو الْفَتْحِ الْأَزْدِيُّ: إِنَّمَا تَكَلَّمُوا فِيهِ حَسَدًا وَالْحَارِثُ مَعْدُودٌ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ إِمَامِنَا الشَّافِعِيِّ الْفُقَهَاءِ وَيَشْهَدُ لِهَذَا الْحَدِيثِ مَا أَخْبَرَتْنِي بِهِ الشَّيْخَةُ الصَّالِحَةُ سِتُّ الْعَرَبِ ابْنَةُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْمَقْدِسِيَّةُ مُشَافَهَةً بِمَنْزِلِهَا بِسَفْحِ قَاسِيُونَ. قَالَتْ: أَخْبَرَنَا جَدِّي الْمَذْكُورُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، وَأَنَا حَاضِرَةٌ عَنْ أَبِي سَعْدٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الصَّفَّارِ. أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ زَاهِرُ بْنُ طَاهِرٍ الشَّحَّامِيُّ أَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَافِظُ. أَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ. أَنَا
أَبُو الْفَضْلِ بْنُ خَمِيرَوَيْهِ الْكَرَابِيسِيُّ الدُّؤَلِيُّ بِهَا. ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ الْقُرَشِيُّ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ. ثَنَا عُمَرُ وَابْنُ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ رضي الله عنهما يَذْكُرُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ إِذَا خَتَمَ الْقُرْآنَ حَمِدَ اللَّهَ بِمَحَامِدَ، وَهُوَ قَائِمٌ، ثُمَّ يَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَكَذَبَ الْعَادِلُونَ بِاللَّهِ وَضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَكَذَبَ الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ مِنَ الْعَرَبِ وَالْمَجُوسِ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ، وَمَنْ دَعَا لِلَّهِ وَلَدًا، أَوْ صَاحِبَةً، أَوْ نِدًّا، أَوْ شَبِيهًا، أَوْ مِثْلًا، أَوْ مُمَاثِلًا، أَوْ سَمِيًّا، أَوْ عَدْلًا فَأَنْتَ رَبُّنَا أَعْظَمُ مِنْ أَنْ تَتَّخِذَ شَرِيكًا فِيمَا خَلَقْتَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا، اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا قَيِّمًا - قَرَأَهَا إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: - إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ الْآيَاتِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ - الْآيَتَيْنِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمْ مَا يُشْرِكُونَ بَلِ اللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى، وَأَحْكَمُ وَأَكْرَمُ وَأَجَلُّ وَأَعْظَمُ مِمَّا يُشْرِكُونَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ صَدَقَ اللَّهُ وَبَلَّغَتْ رُسُلُهُ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى جَمِيعِ الْمَلَائِكَةِ وَالْمُرْسَلِينَ وَارْحَمْ عِبَادَكَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ وَاخْتِمْ لَنَا بِخَيْرٍ وَافْتَحْ لَنَا بِخَيْرٍ وَبَارِكْ لَنَا فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَانْفَعْنَا بِالْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. ثُمَّ إِذَا افْتَتَحَ الْقُرْآنَ قَالَ مِثْلَ هَذَا وَلَكِنْ لَيْسَ أَحَدٌ يُطِيقُ مَا كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُطِيقُ، كَذَا أَخْرَجَهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِهِ شُعَبِ الْإِيمَانِ، وَقَالَ قَبْلَ ذَلِكَ: وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي دُعَاءِ الْخَتْمِ حَدِيثٌ مُنْقَطِعٌ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ، وَقَالَ: وَقَدْ
يَتَسَاهَلُ أَهْلُ الْحَدِيثِ فِي قَبُولِ مَا وَرَدَ مِنَ الدَّعَوَاتِ وَفَضَائِلِ الْأَعْمَالِ مَا لَمْ يَكُنْ فِي رِوَايَةِ مَنْ يُعْرَفُ بِوَضْعِ الْحَدِيثِ وَالْكَذِبِ فِي الرِّوَايَةِ، ثُمَّ سَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ بِإِسْنَادِهِ. وَأَبُو جَعْفَرٍ الْمَذْكُورُ فِي الْإِسْنَادِ هُوَ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَاقِرُ عليه السلام. وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ هُوَ الْإِمَامُ زَيْنُ الْعَابِدِينَ فَالْحَدِيثُ مُرْسَلٌ، وَفِي إِسْنَادِهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ، وَهُوَ شِيعِيٌّ ضَعَّفَهُ أَهْلُ الْحَدِيثِ وَوَثَّقَهُ شُعْبَةُ وَحْدَهُ وَيُقَوِّي ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ أَمَرَ الْفَضْلَ بْنَ زِيَادٍ أَنْ يَدْعُوَ عَقِيبَ الْخَتْمِ، وَهُوَ قَائِمٌ فِي صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ وَأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ مَعَهُ، وَقَدْ كَانَ بَعْضُ السَّلَفِ يَرَى أَنْ يَدْعُوَ لِلْخَتْمِ، وَهُوَ سَاجِدٌ كَمَا (أَخْبَرَتْنَا) الشَّيْخَةُ سِتُّ الْعَرَبِ بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ إِلَى الْحَافِظِ أَبِي بَكْرٍ الْبَيْهَقِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ. أَنَا أَبُو بَكْرٍ الْجُرْجَانِيُّ ثَنَا يَحْيَى بْنُ شَاسَوَيْهِ ثَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ السُّكَّرِيُّ. أَنَا عَلِيٌّ الْبَاسَانِيُّ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ رحمه الله يُعْجِبُهُ إِذَا خَتَمَ الْقُرْآنَ أَنْ يَكُونَ دُعَاؤُهُ فِي السُّجُودِ.
(قُلْتُ) : وَذَلِكَ كُلُّهُ حَسَنٌ أَيْضًا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ، وَهُوَ سَاجِدٌ.
وَأَمَّا مَا صَحَّ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْأَدْعِيَةِ الْجَامِعَةِ لِخَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، وَابْنُ أَمَتِكَ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ رَبِيعَ قَلْبِي وَنُورَ بَصَرِي وَجَلَاءَ حُزْنِي وَذَهَابَ هَمِّي؛ إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَ حُزْنِهِ فَرَحًا (أحب ر) .
اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ (م) .
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي هَزْلِي وَجَدِّي وَخَطَئِي وَعَمْدِي، وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي (مص) .
يَا مَنْ لَا تَرَاهُ الْعُيُونُ، وَلَا تُخَالِطُهُ الظُّنُونُ، وَلَا تَصِفُهُ الْوَاصِفُونَ، وَلَا تُغَيِّرُهُ
الْحَوَادِثُ، وَلَا يَخْشَى الدَّوَاهِيَ تَعْلَمُ مَثَاقِيلَ الْجِبَالِ وَمَكَايِيلَ الْبِحَارِ وَعَدَدَ قَطْرِ الْأَمْطَارِ، وَعَدَدَ وَرَقِ الْأَشْجَارِ، وَعَدَدَ مَا أَظْلَمَ عَلَيْهِ اللَّيْلُ وَأَشْرَقَ عَلَيْهِ النَّهَارُ لَا يُوَارِي مِنْهُ سَمَاءٌ سَمَاءً، وَلَا أَرْضٌ أَرْضًا، وَلَا بَحْرٌ مَا فِي قَعْرِهِ، وَلَا جَبَلٌ مَا فِي وَعْرِهِ اللَّهُمَّ اجْعَلْ خَيْرَ عُمُرِي آخِرَهُ وَخَيْرَ عَمَلِي خَوَاتِمَهُ وَخَيْرَ أَيَّامِي يَوْمَ أَلْقَاكَ فِيهِ (طس) .
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِيشَةً نَقِيَّةً وَمِيتَةً سَوِيَّةً وَمَرَدًّا غَيْرَ مُخْزٍ، وَلَا فَاضِحٍ (ط) .
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ الْمَسْأَلَةِ وَخَيْرَ الدُّعَاءِ وَخَيْرَ النَّجَاحِ وَخَيْرَ الْعَمَلِ وَخَيْرَ الثَّوَابِ وَخَيْرَ الْحَيَاةِ وَخَيْرَ الْمَمَاتِ وَثَبِّتْنِي وَثَقِّلْ مَوَازِينِي وَحَقِّقْ إِيمَانِي وَارْفَعْ دَرَجَتِي وَتَقَبَّلْ صَلَاتِي وَاغْفِرْ خَطِيئَاتِي وَأَسْأَلُكَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى مِنَ الْجَنَّةِ آمِينَ (مس ط) .
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فَوَاتِحَ الْخَيْرِ وَخَوَاتِمَهُ وَجَوَامِعَهُ وَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ وَبَاطِنَهُ وَظَاهِرَهُ وَالدَّرَجَاتِ الْعُلَى مِنَ الْجَنَّةِ آمِينَ (مس ط) .
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ مَا آتِي وَخَيْرَ مَا أَعْمَلُ وَخَيْرَ مَا بَطَنَ وَخَيْرَ مَا ظَهَرَ وَالدَّرَجَاتِ الْعُلَى مِنَ الْجَنَّةِ آمِينَ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تَرْفَعَ ذِكْرِي وَتَضَعَ وِزْرِي وَتُصْلِحَ أَمْرِي وَتُطَهِّرَ قَلْبِي وَتُحَصِّنَ فَرْجِي وَتُنَوِّرَ قَلْبِي وَتَغْفِرَ ذَنْبِي وَأَسْأَلُكَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى مِنَ الْجَنَّةِ آمِينَ (مس ط) .
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُبَارِكَ لِي فِي سَمْعِي، وَفِي بَصَرِي، وَفِي رِزْقِي، وَفِي رُوحِي، وَفِي قَلْبِي، وَفِي خُلُقِي، وَفِي أَهْلِي، وَفِي مَحْيَايَ وَفِي مَمَاتِي، وَفِي عَمَلِي وَتَقَبَّلْ حَسَنَاتِي وَأَسْأَلُكَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى مِنَ الْجَنَّةِ آمِينَ (مس ط) .
اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ (أمس) .
اللَّهُمَّ أَحْسِنْ عَاقِبَتَنَا فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا وَأَجِرْنَا مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الْآخِرَةِ (حب ط.)
اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا تَحُولُ بِهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعْصِيَتِكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ
مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مَصَائِبَ الدُّنْيَا وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمْنَا وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا، وَلَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا، وَلَا تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا، وَلَا مَبْلَغَ عِلْمِنَا لَا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لَا يَرْحَمُنَا (ت مس) .
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ وَالسَّلَامَةَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ وَالْغَنِيمَةَ مَنْ كُلِّ بِرٍّ وَالْفَوْزَ بِالْجَنَّةِ وَالنَّجَاةَ مِنَ النَّارِ (مس ط) .
اللَّهُمَّ لَا تَدَعْ لَنَا ذَنْبًا إِلَّا غَفَرْتَهُ، وَلَا هَمًّا إِلَّا فَرَّجْتَهُ، وَلَا دَيْنًا إِلَّا قَضَيْتَهُ، وَلَا حَاجَةً مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَّا قَضَيْتَهَا يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (طب) .
اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (خ م) .
وَعَنْ جَابِرٍ رَفَعَهُ: لَا تَجْعَلُونِي كَقَدَحِ الرَّاكِبِ فَإِنَّ الرَّاكِبَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنْطَلِقَ عَلَّقَ مَعَالِقَهُ وَمَلَأَ قَدَحًا فَإِنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَتَوَضَّأَ تَوَضَّأَ، أَوْ أَنْ يَشْرَبَ شَرِبَ وَإِلَّا أَهْرَقَهُ فَاجْعَلُونِي فِي أَوَّلِ الدُّعَاءِ، وَفِي وَسَطِهِ، وَفِي آخِرِهِ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ: إِذَا سَأَلْتَ اللَّهَ حَاجَةً فَابْدَأْ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ ادْعُ بِمَا شِئْتَ، ثُمَّ اخْتِمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بِكَرَمِهِ يَقْبَلُ الصَّلَاتَيْنِ، وَهُوَ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يَدَعَ مَا بَيْنَهُمَا، وَقَالَ ابْنُ عَطَاءٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ: لِلدُّعَاءِ أَرْكَانٌ وَأَجْنِحَةٌ وَأَسْبَابٌ وَأَوْقَاتٌ فَإِنْ وَافَقَ أَرْكَانَهُ قَوِيَ وَإِنْ وَافَقَ أَجْنِحَتَهُ طَارَ فِي السَّمَاءِ. وَإِنْ وَافَقَتْهُ مَوَاقِيتُهُ فَازَ وَإِنْ وَافَقَ أَسْبَابَهُ نَجَحَ، " فَأَرْكَانُهُ:" حُضُورُ الْقَلْبِ وَالرِّقَّةُ وَالِاسْتِكَانَةُ وَالْخُشُوعُ وَتَعَلُّقُ الْقَلْبِ بِاللَّهِ، وَقَطْعُهُ مِنَ الْأَسْبَابِ "، وَأَجْنِحَتُهُ:" الصِّدْقُ "، وَمَوَاقِيتُهُ " الْأَسْحَارُ "، وَأَسْبَابُهُ " الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ: وَهَذَا آخِرُ مَا قَدَّرَ اللَّهُ جَمْعَهُ وَتَأْلِيفَهُ مِنْ كِتَابِ " نَشْرِ الْقِرَاءَاتِ الْعَشْرِ ". وَابْتَدَأْتُ فِي تَأْلِيفِهِ فِي أَوَائِلِ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ بِمَدِينَةِ بَرْصَةَ وَفَرَغْتُ مِنْهُ فِي ذِي الْحِجَّةِ الْحَرَامِ مِنَ السَّنَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَأَجَزْتُ جَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَرْوُوهُ عَنِّي بِشَرْطِهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ. تَمَّ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى النِّصْفُ الثَّانِي مِنْ هَذَا الْكِتَابِ، وَبِهِ تَمَّ الْكِتَابُ.