المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في إمالة أحرف الهجاء في أوائل السور - النشر في القراءات العشر - جـ ٢

[ابن الجزري]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ الْإِدْغَامِ الصَّغِيرِ

- ‌بَابُ حُرُوفٍ قَرُبَتْ مَخَارِجُهَا

- ‌بَابُ أَحْكَامِ النُّونِ السَّاكِنَةِ وَالتَّنْوِينِ

- ‌ الْإِظْهَارُ)

- ‌ الْإِدْغَامُ)

- ‌الْقَلْبِ

- ‌ الْإِخْفَاءَ

- ‌بَابُ مَذَاهِبِهِمْ فِي‌‌ الْفَتْحِ

- ‌ الْفَتْحِ

- ‌الْإِمَالَةِ

- ‌أَسْبَابُ الْإِمَالَةِ)

- ‌ وُجُوهُ الْإِمَالَةِ)

- ‌فَصْلٌ [في إمالة الألف التي بعدها راء متطرفة مكسورة]

- ‌[فصل في إمالة الألف التي هي عين من الفعل الثلاثي الماضي]

- ‌فَصَلٌ فِي إِمَالَةِ حُرُوفٍ مَخْصُوصَةٍ غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ

- ‌فَصْلٌ فِي إِمَالَةِ أَحْرُفِ الْهِجَاءِ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ

- ‌بَابُ إِمَالَةِ هَاءِ التَّأْنِيثِ وَمَا قَبْلَهَا فِي الْوَقْفِ

- ‌بَابُ مَذَاهِبِهِمْ فِي تَرْقِيقِ الرَّاءَاتِ وَتَفْخِيمِهَا

- ‌فَصْلٌ فِي الْوَقْفِ عَلَى الرَّاءِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ تَغْلِيظِ اللَّامَاتِ

- ‌بَابُ الْوَقْفِ عَلَى أَوَاخِرِ الْكَلِمِ

- ‌(فَأَمَّا السُّكُونُ)

- ‌(وَأَمَّا الرَّوْمُ)

- ‌(وَأَمَّا الْإِشْمَامُ)

- ‌بَابُ الْوَقْفُ عَلَى مَرْسُومِ الْخَطِّ

- ‌(فَأَمَّا الْإِبْدَالُ)

- ‌(وَأَمَّا الْإِثْبَاتُ)

- ‌(وَأَمَّا الْحَذْفُ)

- ‌وَأَمَّا وَصْلُ الْمَقْطُوعِ رَسْمًا

- ‌وَأَمَّا قَطْعُ الْمَوْصُولِ

- ‌بَابُ مَذَاهِبِهِمْ فِي يَاءَاتِ الْإِضَافَةِ

- ‌الْفَصْلُ الْأَوَّلُفِي الْيَاءَاتِ الَّتِي بَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَفْتُوحَةٌ

- ‌الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْيَاءَاتِ الَّتِي بَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَكْسُورَةٌ

- ‌الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْيَاءَاتِ الَّتِي بَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَضْمُومَةٌ

- ‌الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْيَاءَاتِ الَّتِي بَعْدَهَا هَمْزَةُ وَصْلٍ مَعَ لَامِ التَّعْرِيفِ

- ‌الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي الْيَاءَاتِ الَّتِي بَعْدَهَا هَمْزَةُ وَصْلٍ مُجَرَّدَةٌ عَنِ اللَّامِ

- ‌[الفصل السادس:] فِي الْيَاءَاتِ الَّتِي لَمْ يَقَعْ بَعْدَهَا هَمْزَةُ قَطْعٍ، وَلَا وَصْلٍ، بَلْ حَرْفٌ مِنْ بَاقِي حُرُوفِ الْمُعْجَمِ

- ‌بَابُ مَذَاهِبِهِمْ فِي يَاءَاتِ الزَّوَائِدِ

- ‌بَابُ بَيَانِ إِفْرَادِ الْقِرَاءَاتِ وَجَمْعِهَا

- ‌بَابُ فَرْشِ الْحُرُوفِ

- ‌ سُورَةِ الْبَقَرَةِ

- ‌سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ

- ‌سُورَةُ النِّسَاءِ

- ‌سُورَةُ الْمَائِدَةِ

- ‌سُورَةُ الْأَنْعَامِ

- ‌سُورَةُ الْأَعْرَافِ

- ‌سُورَةُ الْأَنْفَالِ

- ‌سُورَةُ التَّوْبَةِ

- ‌سُورَةُ يُونُسَ

- ‌سُورَةُ هُودٍ

- ‌سُورَةُ يُوسُفَ

- ‌سُورَةُ الرَّعْدِ

- ‌سُورَةُ إِبْرَاهِيمَ

- ‌سُورَةُ الْحِجْرِ

- ‌سُورَةُ النَّحْلِ

- ‌سُورَةُ الْإِسْرَاءِ

- ‌سُورَةُ الْكَهْفِ

- ‌سُورَةُ مَرْيَمَ

- ‌سُورَةُ طه

- ‌سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ

- ‌سُورَةُ الْحَجِّ

- ‌سُورَةُ الْمُؤْمِنُونَ

- ‌سُورَةُ النُّورِ

- ‌سُورَةُ الْفُرْقَانِ

- ‌سُورَةُ الشُّعَرَاءِ

- ‌سُورَةُ النَّمْلِ

- ‌سُورَةُ الْقَصَصِ

- ‌سُورَةُ الْعَنْكَبُوتِ

- ‌سُورَةُ الرُّومِ

- ‌سُورَةُ لُقْمَانَ

- ‌سُورَةُ السَّجْدَةِ

- ‌سُورَةُ الْأَحْزَابِ

- ‌سُورَةُ سَبَأٍ

- ‌سُورَةُ فَاطِرٍ

- ‌سُورَةُ يس

- ‌سُورَةُ وَالصَّافَّاتِ

- ‌سُورَةُ ص

- ‌سُورَةُ الزُّمَرِ

- ‌سُورَةُ الْمُؤْمِنِ

- ‌سُورَةُ فُصِّلَتْ

- ‌سُورَةُ الشُّورَى

- ‌سُورَةُ الزُّخْرُفِ

- ‌سُورَةُ الدُّخَانِ

- ‌سُورَةُ الْجَاثِيَةِ

- ‌سُورَةُ الْأَحْقَافِ

- ‌سُورَةُ مُحَمَّدٍ

- ‌سُورَةُ الْفَتْحِ

- ‌سُورَةُ الْحُجُرَاتِ

- ‌سُورَةُ ق

- ‌سُورَةُ الذَّارِيَاتِ

- ‌سُورَةُ الطُّورِ

- ‌سُورَةُ " وَالنَّجْمِ

- ‌سُورَةُ اقْتَرَبَتْ

- ‌سُورَةُ الرَّحْمَنِ

- ‌سُورَةُ الْوَاقِعَةِ

- ‌سُورَةُ الْحَدِيدِ

- ‌سُورَةُ الْمُجَادِلَةِ

- ‌سُورَةُ الْحَشْرِ

- ‌سُورَةُ الْمُمْتَحِنَةِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الصَّفِّ إِلَى سُورَةِ الْمُلْكِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الْمُلْكِ إِلَى سُورَةِ الْجِنِّ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الْجِنِّ إِلَى سُورَةِ النَّبَأِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ النَّبَأِ إِلَى سُورَةِ الْأَعْلَى

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الْأَعْلَى إِلَى آخِرِ الْقُرْآنِ

- ‌بَابُ التَّكْبِيرِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي سَبَبِ وُرُودِهِ

- ‌الْفَصْلُ الثَّانِي: فِي ذِكْرِ مَنْ وَرَدَ عَنْهُ وَأَيْنَ وَرَدَ وَصِيغَتِهِ

- ‌الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي صِيغَتِهِ وَحُكْمِ الْإِتْيَانِ بِهِ وَسَبَبِهِ

- ‌الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي أُمُورٍ تَتَعَلَّقُ بِخَتْمِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ

الفصل: ‌فصل في إمالة أحرف الهجاء في أوائل السور

، وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ بِهِ قَرَأْنَا، وَبِهِ نَأْخُذُ وَأَمَّا عَابِدُونَ - كِلَاهُمَا - وَعَابِدٌ، وَهِيَ فِي الْكَافِرُونَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ أَيْضًا عَنْ هِشَامٍ، فَرَوَى إِمَالَتَهُ الْحُلْوَانِيُّ عَنْهُ، وَرَوَى فَتْحَهُ الدَّاجُونِيُّ، وَأَمَّا الْأَلِفُ بَعْدَ الصَّادِ مِنَ النَّصَارَى، نَصَارَى، وَبَعْدَ السِّينِ مِنْ أُسَارَى، كُسَالَى، وَبَعْدَ التَّاءِ مِنَ الْيَتَامَى. وَيَتَامَى، وَبَعْدَ الْكَافِ مِنْ سُكَارَى فَاخْتُلِفَ فِيهَا عَنِ الدُّورِيِّ عَنِ الْكِسَائِيِّ فَأَمَالَهَا أَبُو عُثْمَانَ الضَّرِيرُ عَنْهُ تِبَاعًا لِإِمَالَةِ أَلِفِ التَّأْنِيثِ وَمَا قَبْلَهَا مِنَ الْأَلْفَاظِ الْخَمْسَةِ وَفَتَحَهَا الْبَاقُونَ عَنِ الدُّورِيِّ، وَانْفَرَدَ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ عَنْهُ أَيْضًا عَنِ الدُّورِيِّ بِإِمَالَتِهِ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ فَخَالَفَ سَائِرَ الرُّوَاةِ مِنَ الطُّرُقِ الْمَذْكُورَةِ وَأَمَالَ تَرَاءَ الْجَمْعَانِ فَأَمَالَ الرَّاءَ دُونَ الْهَمْزَةِ حَالَ الْوَصْلِ حَمْزَةُ وَخَلَفٌ، وَإِذَا وَقَفَا أَمَالَا الرَّاءَ وَالْهَمْزَةَ جَمِيعًا وَمَعَهُمَا الْكِسَائِيُّ فِي الْهَمْزَةِ فَقَطْ عَلَى أَصْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ فِي ذَوَاتِ الْيَاءِ، وَكَذَا وَرْشٌ عَلَى أَصْلِهِ فِيهَا مِنْ طَرِيقِ الْأَزْرَقِ بَيْنَ بَيْنَ بِخِلَافٍ عَنْهُ فَاعْلَمْ ذَلِكَ وَشَذَّ الْهُذَلِيُّ، فَرَوَى إِمَالَةَ ذَلِكَ، ذَلِكُمْ عَنِ ابْنِ شَنَبُوذَ عَنْ قُنْبُلٍ وَأَحْسَبُهُ غَلَطًا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

‌فَصْلٌ فِي إِمَالَةِ أَحْرُفِ الْهِجَاءِ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ

وَهِيَ خَمْسَةٌ فِي سَبْعَ عَشْرَةَ سُورَةً (أَوَّلُهَا الرَّاءُ) مِنَ الر أَوَّلَ يُونُسَ، وَهُودٍ، وَيُوسُفَ، وَإِبْرَاهِيمَ، وَالْحِجْرِ ; وَمِنَ المر، أَوَّلَ الرَّعْدِ فَأَمَالَ الرَّاءَ مِنَ السُّوَرِ السِّتِّ أَبُو عُمَرَ وَابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ وَأَبُو بَكْرٍ، وَهَذَا الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ لِابْنِ عَامِرٍ بِكَمَالِهِ، وَعَلَيْهِ الْمَغَارِبَةُ، وَالْمِصْرِيُّونَ قَاطِبَةً، وَأَكْثَرُ الْعِرَاقِيِّينَ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُذْكَرْ فِي التَّذْكِرَةِ، وَالْمُبْهِجِ، وَالْكَافِي، وَأَبُو مَعْشَرٍ فِي تَلْخِيصِهِ، وَالْهُذَلِيُّ فِي كَامِلِهِ، وَغَيْرُهُمْ عَنْهُ سِوَاهُ إِلَّا أَنَّ الْهُذَلِيَّ اسْتَثْنَى عَنْ هِشَامٍ الْفَتْحَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَبْدَانَ يَعْنِي عَنِ الْحُلْوَانِيِّ عَنْهُ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ أَبُو الْعِزِّ فِي كِفَايَتِهِ، وَزَادَ الْفَتْحُ أَيْضًا لَهُ مِنْ طَرِيقِ الدَّاجُونِيِّ وَتَبِعَهُ عَلَى الْفَتْحِ

ص: 66

لِلدَّاجُونِيِّ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَ ابْنُ سَوَّارٍ وَابْنُ فَارِسٍ عَنِ الدَّاجُونِيِّ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي التَّجْرِيدِ عَنْ هِشَامٍ إِمَالَةً أَلْبَتَّةَ (قُلْتُ) : وَالصَّوَابُ عَنْ هِشَامٍ هُوَ الْإِمَالَةُ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ، فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ هِشَامٌ كَذَلِكَ فِي كِتَابِهِ أَعْنِي عَلَى الْإِمَالَةِ، وَرَوَاهُ أَيْضًا مَنْصُوصًا عَنِ ابْنِ عَامِرٍ بِإِسْنَادِهِ فَقَالَ: أَبُو الْحَسَنِ بْنُ غَلْبُونَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ النَّاصِحِ نَزِيلَ دِمَشْقَ قَالَ: (ثَنَا) أَحْمَدُ بْنُ أَنَسٍ يَعْنِي أَبَا الْحَسَنِ صَاحِبُ هِشَامٍ وَابْنُ ذَكْوَانَ قَالَ: (ثَنَا) هِشَامٌ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ الر مَكْسُورَةَ الرَّاءِ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو: الدَّانِيُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عَنْهُ يَعْنِي عَنْ هِشَامٍ، وَلَا يَعْرِفُ أَهْلُ الْأَدَاءِ عَنْهُ غَيْرَ ذَلِكَ انْتَهَى.

وَرَوَاهَا الْأَزْرَقُ عَنْ وَرْشٍ، بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ، وَالْبَاقُونَ بِالْفَتْحِ، وَانْفَرَدَ ابْنُ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ وَقَالُونَ وَالْعُلَيْمِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ بِإِمَالَةٍ بَيْنَ بَيْنَ وَتَبِعَهُ فِي ذَلِكَ الْهُذَلِيُّ عَنِ ابْنِ بُويَانَ عَنْ أَبِي نَشِيطٍ عَنْ قَالُونَ، وَانْفَرَدَ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ عَنْ أَبِي نَشِيطٍ عَنْ قَالُونَ بِالْإِمَالَةِ الْمَحْضَةِ مَعَ مَنْ أَمَالَ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ صَاحِبُ الْكَنْزِ مِنْ حَيْثُ أَسْنَدَ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِهِ. وَثَانِيهَا الْهَاءُ مِنْ فَاتِحَةِ كهيعص وَطه فَأَمَّا الْهَاءُ مِنْ كهيعص فَأَمَالَهَا أَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ، وَاخْتُلِفَ عَنْ قَالُونَ وَوَرْشٍ، فَأَمَّا قَالُونُ فَاتَّفَقَ الْعِرَاقِيُّونَ عَلَى الْفَتْحِ عَنْهُ مِنْ جَمِيعِ الطُّرُقِ، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْهَادِي، وَغَيْرِهِمَا مِنْ طُرُقِ الْمَغَارِبَةِ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي الْكَافِي، وَفِي التَّبْصِرَةِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: وَقَرَأَ نَافِعٌ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ الْفَتْحُ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ، وَقَطَعَ لَهُ أَيْضًا بِالْفَتْحِ صَاحِبُ التَّجْرِيدِ، وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ فَارِسِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ الْحَسَنِ يَعْنِي مِنْ طَرِيقِ أَبِي نَشِيطٍ، وَهِيَ طَرِيقُ التَّيْسِيرِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِيهِ فَهُوَ مِنَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي خَرَجَ فِيهَا عَنْ طُرُقِهِ، وَرَوَى عَنْهُ بَيْنَ بَيْنَ صَاحِبُ التَّيْسِيرِ، وَالتَّلْخِيصَيْنِ، وَالْعُنْوَانِ، وَالتَّذْكِرَةِ، وَالْكَامِلِ، وَالشَّاطِبِيَّةِ، وَهُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي فِي الْكَافِي وَالتَّبْصِرَةِ، وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ، وَعَلَى أَبِي الْفَتْحِ مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ يَعْنِي مِنْ طَرِيقِ

ص: 67

الْحُلْوَانِيِّ. وَأَمَّا وَرْشٌ فَرَوَاهُ عَنْهُ الْأَصْبَهَانِيُّ بِالْفَتْحِ. وَاخْتُلِفَ عَنِ الْأَزْرَقِ فَقَطَعَ لَهُ بَيْنَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ صَاحِبُ التَّيْسِيرِ، وَالتَّلْخِيصَيْنِ، وَالْكَافِي، وَالتَّذْكِرَةِ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي الْكَافِي وَالتَّبْصِرَةِ، عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَقَطَعَ لَهُ بِالْفَتْحِ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْهَادِي، وَصَاحِبُ التَّجْرِيدِ، وَهُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي فِي الْكَافِي وَالتَّبْصِرَةِ، وَانْفَرَدَ أَبُو الْقَاسِمِ الْهُذَلِيُّ بِبَيْنَ بَيْنَ عَنِ الْأَصْبَهَانِيِّ عَنْ وَرْشٍ، وَانْفَرَدَ ابْنُ مِهْرَانَ عَنِ الْعُلَيْمِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ بِالْفَتْحِ فَخَالَفَ فِي ذَلِكَ سَائِرَ النَّاسِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

وَأَمَّا الْهَاءُ مِنْ طه فَأَمَالَهَا أَبُو عَمْرٍو وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ وَأَبُو بَكْرٍ، وَاخْتُلِفَ عَنْ وَرْشٍ، فَفَتَحَهَا عَنْهُ الْأَصْبَهَانِيُّ ثُمَّ اخْتَلَفُوا عَنِ الْأَزْرَقِ فَالْجُمْهُورُ عَلَى الْإِمَالَةِ عَنْهُ مَحْضًا، وَهُوَ الَّذِي فِي التَّيْسِيرِ، وَالشَّاطِبِيَّةِ، وَالتَّذْكِرَةِ، وَتَلْخِيصِ الْعِبَارَاتِ، وَالْعُنْوَانِ، وَالْكَامِلِ، وَفِي التَّجْرِيدِ مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى ابْنِ نَفِيسٍ وَالتَّبْصِرَةِ، مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى أَبِي الطَّيِّبِ وَقَوَّاهُ بِالشُّهْرَةِ وَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي الْكَافِي، وَلَمْ يُمِلِ الْأَزْرَقُ مَحْضًا فِي هَذِهِ الْكُتُبِ سِوَى هَذَا الْحَرْفِ، وَلَمْ يَقْرَأِ الدَّانِيُّ عَلَى شُيُوخِهِ بِسِوَاهُ، وَرَوَى بَعْضُهُمْ عَنْهُ بَيْنَ بَيْنَ، وَهُوَ الَّذِي فِي تَلْخِيصِ أَبِي مَعْشَرٍ وَالْوَجْهُ الثَّانِي فِي الْكَافِي، وَفِي التَّجْرِيدِ أَيْضًا مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى عَبْدِ الْبَاقِي، وَهُوَ رِوَايَةُ ابْنِ شَنَبُوذَ عَنِ النَّحَّاسِ عَنِ الْأَزْرَقِ نَصًّا فَقَالَ: يُشِمُّ الْهَاءَ الْإِمَالَةَ قَلِيلًا.

وَانْفَرَدَ صَاحِبُ التَّجْرِيدِ بِإِمَالَتِهَا مَحْضًا عَنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، وَانْفَرَدَ الْهُذَلِيُّ عَنْهُ، وَعَنْ قَالُونَ بَيْنَ بَيْنَ وَتَابَعَهُ عَنْ قَالُونَ فِي ذَلِكَ أَبُو مَعْشَرٍ الطَّبَرِيُّ، وَكَذَا أَبُو عَلِيٍّ الْعَطَّارُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الطَّبَرِيِّ عَنْ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِي نَشِيطٍ إِلَّا أَنَّهُمَا يُمِيلَانِ مَعَهَا الطَّاءَ كَذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي، وَانْفَرَدَ فِي الْهِدَايَةِ بِالْفَتْحِ عَنِ الْأَزْرَقِ، وَهُوَ وَجْهٌ أَشَارَ إِلَيْهِ بِالضَّعْفِ فِي التَّبْصِرَةِ، وَانْفَرَدَ ابْنُ مِهْرَانَ بِالْفَتْحِ عَنِ الْعُلَيْمِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَبَيْنَ بَيْنَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو، وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَوَى ذَلِكَ عَنْهُ سِوَاهُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

" وَثَالِثُهَا الْيَاءُ " مِنْ كهيعص وَيس فَأَمَّا الْيَاءُ مِنْ كهيعص فَأَمَالَهَا ابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ، وَخَلَفٌ وَأَبُو بَكْرٍ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ هِشَامٍ، وَبِهِ قَطَعَ لَهُ ابْنُ مُجَاهِدٍ وَابْنُ شَنَبُوذَ وَالْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو

ص: 68

مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ، وَغَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ صَاحَبُ الْكَامِلِ، وَكَذَلِكَ صَاحَبُ الْمُبْهِجِ، وَكَذَلِكَ صَاحِبَا التَّلْخِيصَيْنِ بَيْنَ بَيْنَ، وَهُوَ الَّذِي فِي التَّذْكِرَةِ وَالتَّبْصِرَةِ، وَالْكَافِي، وَغَيْرِهَا.

وَرَوَى جَمَاعَةٌ لَهُ الْفَتْحَ كَصَاحِبِ التَّجْرِيدِ، وَالْمَهْدَوِيِّ، وَرَوَاهُ أَبُو الْعِزِّ بْنُ سَوَّارٍ وَابْنُ فَارِسٍ وَالْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ مِنْ طَرِيقِ الدَّاجُونِيِّ، وَاخْتُلِفَ عَنْ نَافِعٍ مِنْ رِوَايَتَيْهِ فَأَمَالَهَا بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ مَنْ أَمَالَ الْهَاءَ كَذَلِكَ فِيمَا قَدَّمْنَا وَفَتَحَهَا عَنْهُ مَنْ فَتَحَ عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الْهَاءِ سَوَاءٌ، وَكَذَلِكَ فِي انْفِرَادِ الْهُذَلِيِّ عَنِ الْأَصْبَهَانِيِّ وَابْنِ مِهْرَانَ عَنِ الْعُلَيْمِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَأَمَّا أَبُو عَمْرٍو فَوَرَدَ عَنْهُ إِمَالَةُ الْيَاءِ مِنْ رِوَايَةِ الدُّورِيِّ طَرِيقَ ابْنِ فَرَحٍ مِنْ كِتَابِ التَّجْرِيدِ مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى عَبْدِ الْبَاقِي وَغَايَةِ ابْنِ مِهْرَانَ وَأَبِي عَمْرٍو الدَّانِيِّ مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ فَارِسِ بْنِ أَحْمَدَ وَوَرَدَتِ الْإِمَالَةُ عَنْهُ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ السُّوسِيِّ فِي كِتَابِ التَّجْرِيدِ مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى عَبْدِ الْبَاقِي ابْنِ فَارِسٍ يَعْنِي مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرٍ الْقُرَشِيِّ عَنْهُ، وَفِي كِتَابِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيِّ عَنِ السُّوسِيِّ نَصًّا، وَفِي كِتَابِ جَامِعِ الْبَيَانِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ الرُّقِّيِّ وَأَبِي عِمْرَانَ بْنِ جَرِيرٍ حَسْبَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَامِعِ، وَقَدْ أَبْهَمَ فِي التَّيْسِيرِ وَالْمُفْرَدَاتِ حَيْثُ قَالَ عَقِبَ ذِكْرِهِ الْإِمَالَةَ: وَكَذَا قَرَأْتُ فِي رِوَايَةِ أَبِي شُعَيْبٍ عَلَى فَارِسِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ قِرَاءَتِهِ فَأُوهِمَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عِمْرَانَ الَّتِي هِيَ طَرِيقُ التَّيْسِيرِ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ الشَّاطِبِيُّ، وَزَادَ وَجْهَ الْفَتْحِ فَأَطْلَقَ الْخِلَافَ عَنِ السُّوسِيِّ، وَهُوَ مَعْذُورٌ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ الدَّانِيَّ أَسْنَدَ رِوَايَةَ أَبِي شُعَيْبٍ السُّوسِيِّ فِي التَّيْسِيرِ مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ فَارِسٍ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ قَرَأَ بِالْإِمَالَةِ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ مِنْ أَيِ طَرِيقٍ قَرَأَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ لِأَبِي شُعَيْبٍ.

وَكَانَ يَتَعَيَّنُ أَنْ يُبَيِّنَهُ كَمَا بَيَّنَهُ فِي الْجَامِعِ حَيْثُ قَالَ: وَبِإِمَالَةِ فَتْحَةِ الْهَاءِ وَالْيَاءِ قَرَأْتُ فِي رِوَايَةِ السُّوسِيِّ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ أَبِي عِمْرَانَ النَّحْوِيِّ عَنْهُ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ عَنْ قِرَاءَتِهِ، وَقَالَ فِيهِ: إِنَّهُ قَرَأَ بِفَتْحِ الْيَاءِ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ فَارِسٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي شُعَيْبٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عِمْرَانَ عَنْهُ عَنِ الْيَزِيدِيِّ فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يُنَبِّهْ عَلَى ذَلِكَ لَكُنَّا أَخَذْنَا مِنْ إِطْلَاقِهِ الْإِمَالَةَ لِأَبِي شُعَيْبٍ السُّوسِيِّ مِنْ كُلِّ طَرِيقٍ قَرَأَ بِهَا عَلَى أَبِي الْفَتْحِ

ص: 69

فَارِسٍ.

وَبِالْجُمْلَةِ فَلَمْ نَعْلَمْ إِمَالَةَ الْيَاءِ وَرَدَتْ عَنِ السُّوسِيِّ فِي غَيْرِ طَرِيقٍ مِنْ ذِكْرِنَا وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي طَرِيقِ التَّيْسِيرِ، وَالشَّاطِبِيَّةِ، بَلْ وَلَا فِي طُرُقِ كِتَابِنَا، وَنَحْنُ لَا نَأْخُذُ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ مَنْ ذَكَرْنَا، وَأَمَّا الْيَاءُ مِنْ يس فَأَمَالَهَا حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ وَأَبُو بَكْرٍ وَرَوْحٌ ; هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ جُمْهُورِ أَهْلِ الْأَدَاءِ عَنْ حَمْزَةَ. رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ بَيْنَ بَيْنَ، وَهُوَ الَّذِي فِي الْعُنْوَانِ وَالتَّبْصِرَةِ، وَتَلْخِيصِ أَبِي مَعْشَرٍ الطَّبَرِيِّ، وَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ مُجَاهِدٍ عَنْهُ، وَرَوَاهُ نَصًّا عَنْهُ كَذَلِكَ خَلَفٌ وَخَلَّادٌ وَالدُّورِيُّ وَابْنُ سَعْدَانَ وَأَبُو هِشَامٍ، وَقَدْ قَرَأْنَا بِهِ مِنْ طُرُقِ مَنْ ذَكَرْنَا.

وَاخْتُلِفَ أَيْضًا عَنْ نَافِعٍ فَالْجُمْهُورُ عَنْهُ عَلَى الْفَتْحِ، وَقَطَعَ لَهُ بِبَيْنَ بَيْنَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ بَلِّيمَةَ فِي تَلْخِيصِهِ، وَأَبُو طَاهِرِ بْنُ خَلَفٍ فِي عُنْوَانِهِ، وَبِهِ كَانَ يَأْخُذُ ابْنُ مُجَاهِدٍ، وَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الْكَامِلِ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ فَيَدْخُلُ بِهِ الْأَصْبَهَانِيُّ، وَكَذَا رَوَاهُ صَاحِبُ الْمُسْتَنِيرِ عَنْ شَيْخِهِ أَبِي عَلِيٍّ الْعَطَّارِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقٍ الطَّبَرِيِّ عَنْ أَصْحَابِهِ عَنْ نَافِعٍ، وَانْفَرَدَ ابْنُ مِهْرَانَ بِالْفَتْحِ عَنْ رَوْحٍ وَأَفْرَدَ أَبُو الْعِزِّ فِي كِفَايَتِهِ بِالْفَتْحِ عَنِ الْعُلَيْمِيِّ فَخَالَفَ سَائِرَ الرُّوَاةِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

(وَرَابِعُهَا) الطَّاءُ مِنْ طه، وَمِنْ طسم الشُّعَرَاءِ وَفِي الْقَصَصِ، وَمِنْ طس النَّمْلِ.

فَأَمَّا الطَّاءُ مِنْ طه فَأَمَالَهَا حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ وَأَبُو بَكْرٍ. وَالْبَاقُونَ بِالْفَتْحِ إِلَّا أَنَّ صَاحِبَ الْكَامِلِ رَوَى بَيْنَ بَيْنَ فِيهَا عَنْ نَافِعٍ سِوَى الْأَصْبَهَانِيِّ، وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ عَنْ أَبِي نَشِيطٍ فِيمَا ذَكَرَهُ ابْنُ سَوَّارٍ، وَانْفَرَدَ ابْنُ مِهْرَانَ عَنِ الْعُلَيْمِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ بِالْفَتْحِ، وَلَمْ يَرْوِهِ غَيْرُهُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

وَأَمَّا الطَّاءُ مِنْ طسم وَطس فَأَمَالَهَا أَيْضًا حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ وَأَبُو بَكْرٍ. وَانْفَرَدَ أَبُو الْقَاسِمِ الْهُذَلِيُّ عَنْ نَافِعٍ بِبَيِّنِ اللَّفْظَيْنِ، وَوَافَقَهُ فِي ذَلِكَ صَاحِبُ الْعُنْوَانِ إِلَّا أَنَّهُ عَنْ قَالُونَ لَيْسَ مِنْ طَرِيقِنَا.

(وَخَامِسُهَا) الْحَاءُ مِنْ حم فِي السَّبْعِ السُّوَرِ أَمَالَهَا مَحْضًا حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ، وَابْنُ ذَكْوَانَ وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَمَالَهَا بَيْنَ بَيْنَ وَرْشٌ مِنْ طَرِيقِ الْأَزْرَقِ، وَاخْتُلِفَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو فَأَمَالَهَا عَنْهُ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ صَاحِبُ التَّيْسِيرِ، وَالْكَافِي، وَالتَّبْصِرَةِ، وَالْعُنْوَانِ، وَالتَّلْخِيصَيْنِ

ص: 70

، وَالْهِدَايَةِ، وَالْهَادِي، وَالتَّذْكِرَةِ، وَالْكَامِلِ، وَسَائِرُ الْمَغَارِبَةِ، وَبِهِ قَرَأَ فِي التَّجْرِيدِ عَلَى عَبْدِ الْبَاقِي، وَقَالَ الْهُذَلِيُّ: وَعَلَيْهِ الْحُذَّاقُ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي عَمْرٍو، وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ عَنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى أَبِي أَحْمَدَ السَّامَرِّيِّ عَنْ أَصْحَابِهِ عَنِ الْيَزِيدِيِّ، وَعَلَى أَبِي الْقَاسِمِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جَعْفَرٍ الْفَارِسِيِّ وَأَبِي الْحَسَنِ بْنِ غَلْبُونَ عَنْ قِرَاءَتِهِمْ مِنْ رِوَايَتَيِ الدُّورِيِّ وَالسُّوسِيِّ جَمِيعًا وَفَتَحَهَا عَنْهُ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ وَالْمُسْتَنِيرِ، وَالْإِرْشَادَيْنِ، وَالْجَامِعِ، وَابْنُ مِهْرَانَ وَسَائِرُ الْعِرَاقِيِّينَ، وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ عَنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ الْحَسَنِ فِي الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْوَجْهَانِ صَحِيحَانِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

وَالْبَاقُونَ بِالْفَتْحِ، وَانْفَرَدَ أَبُو الْعِزِّ بِالْفَتْحِ عَنِ الْعُلَيْمِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ. وَانْفَرَدَ ابْنُ مِهْرَانَ بِالْفَتْحِ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ فَخَالَفَا سَائِرَ الرُّوَاةِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

وَقَدِ انْفَرَدَ الْهُذَلِيُّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ بِإِمَالَةِ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ فِي الْهَاءِ وَالْيَاءِ وَالطَّاءِ مِنْ فَاتِحَةِ مَرْيَمَ، طه، وَطسم، وَطس، وَيس مِنْ رِوَايَتَيْهِ لَمْ يَرْوِهِ غَيْرُهُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

(فَالْحَاصِلُ) أَنَّ الْهَاءَ وَالْيَاءَ مِنْ كهيعص أَمَالَهُمَا جَمِيعًا الْكِسَائِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ، وَكَذَا أَبُو عَمْرٍو مِنْ طَرِيقِ مَنْ ذَكَرَ عَنْهُ فِي رِوَايَتَيْهِ، وَأَمَالَهُمَا بَيْنَ بَيْنَ نَافِعُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَمَالَ الْهَاءَ وَفَتَحَ الْيَاءَ أَبُو عَمْرٍو فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ كَمَا ذَكَرْنَا وَفَتَحَ الْهَاءَ، وَأَمَالَ الْيَاءَ حَمْزَةُ وَخَلَفٌ وَابْنُ ذَكْوَانَ وَهِشَامٌ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ وَفَتَحَهُمَا الْبَاقُونَ وَهُمُ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَيَعْقُوبُ وَحَفْصٌ وَنَافِعُ فِي الْوَجْهِ الْآخَرِ، وَهِشَامٌ مِنْ طَرِيقِ مَنْ ذَكَرَ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ الْأَصْبَهَانِيُّ عَنْ وَرْشٍ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ، وَالْعُلَيْمِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ مِنْ طَرِيقِ الْهُذَلِيِّ.

وَأَمَالَ الطَّاءَ وَالْهَاءَ مِنْ طه حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ وَأَبُو بَكْرٍ. وَفَتَحَ الطَّاءَ، وَأَمَالَ الْهَاءَ أَبُو عَمْرٍو وَالْأَزْرَقُ عَنْ وَرْشٍ فِي أَحَدِ وَجْهَيْهِ وَالْأَصْبَهَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ التَّجْرِيدِ وَفَتَحَ الطَّاءَ، وَأَمَالَ الْهَاءَ بَيْنَ بَيْنَ الْأَزْرَقُ فِي الْوَجْهِ الْآخَرِ، وَقَالُونُ مِنْ طَرِيقِ مَنْ ذَكَرَ عَنْهُ. وَأَمَالَ الْهَاءَ فَقَطْ بَيْنَ بَيْنَ الْأَصْبَهَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْكَامِلِ وَفَتَحَهُمَا الْبَاقُونَ وَهُمُ ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ عَامِرٍ وَيَعْقُوبُ وَحَفْصٌ وَالْأَصْبَهَانِيُّ وَقَالُونُ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ، وَالْعُلَيْمِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ فِيمَا انْفَرَدَ بِهِ

ص: 71

الْهُذَلِيُّ، وَلَمْ يُمِلْ أَحَدٌ الطَّاءَ مَعَ فَتْحِ الْهَاءِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

تَنْبِيهَاتٌ

(الْأَوَّلُ) : أَنَّهُ كُلُّ مَا يُمَالُ أَوْ يَلْطُفُ وَصْلًا فَإِنَّهُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْقِرَاءَةِ إِلَّا مَا كَانَ مَنْ كَلِمٍ أُمِيلَتِ الْأَلِفُ فِيهِ مِنْ أَجْلِ كَسْرَةٍ وَكَانَتِ الْكَسْرَةُ مُتَطَرِّفَةً نَحْوَ الدَّارُ، الْحِمَارِ، هَارٍ، الْأَبْرَارِ، النَّاسِ، الْمِحْرَابَ فَإِنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ ذَهَبُوا إِلَى الْوَقْفِ فِي مَذْهَبِ مَنْ أَمَالَ فِي الْوَصْلِ مَحْضًا، أَوْ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ بِإِخْلَاصِ الْفَتْحِ، هَذَا إِذَا وَقَفَ بِالسُّكُونِ اعْتِدَادًا مِنْهُمْ بِالْعَارِضِ إِذِ الْمُوجِبُ لِلْإِمَالَةِ حَالَةَ الْوَصْلِ هُوَ الْكَسْرُ، وَقَدْ زَالَ بِالسُّكُونِ فَوَجَبَ الْفَتْحُ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي بَكْرٍ الشَّذَائِيِّ وَأَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْمُنَادِي وَابْنِ حَبَشٍ وَابْنِ أَشْتَهْ، وَغَيْرِهِمْ وَحُكِيَ هَذَا الْمَذْهَبُ أَيْضًا عَنِ الْبَصْرِيِّينَ، وَرَوَاهُ دَاوُدُ بْنُ أَبِي طَيِّبَةَ عَنْ وَرْشٍ، وَعَنِ ابْنِ كَيِّسَةٍ عَنْ سُلَيْمٍ عَنْ حَمْزَةَ وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى ذَلِكَ فِي مَذْهَبِ مَنْ أَمَالَ بِالْإِمَالَةِ الْخَالِصَةِ، وَفِي مَذْهَبِ مَنْ قَرَأَ بَيْنَ بَيْنَ كَذَلِكَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ كَالْوَصْلِ سَوَاءٌ إِذِ الْوَقْفُ عَارَضٌ وَالْأَصْلُ أَنْ لَا يُعْتَدَّ بِالْعَارِضِ، وَلِأَنَّ الْوَقْفَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْوَصْلِ كَمَا أُمِيلَ وَصْلًا لِأَجْلِ الْكَسْرَةِ فَإِنَّهُ كَذَلِكَ يُمَالُ وَقْفًا.

وَإِنْ عُدِمَتِ الْكَسْرَةُ فِيهِ وَلِيُفَرِّقْ بِذَلِكَ بَيْنَ الْمُمَالِ لِعِلَّةٍ وَبَيْنَ مَا لَا يُمَالُ أَصْلًا وَلِلْإِعْلَامِ بِأَنَّ ذَلِكَ فِي حَالِ الْوَصْلِ كَإِعْلَامِهِمْ بِالرَّوْمِ، وَالْإِشْمَامِ حَرَكَةَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْأَكْثَرِينَ مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ وَاخْتِيَارُ جَمَاعَةِ الْمُحَقِّقِينَ، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ مِنْ عَامَّةِ الْمُقْرِئِينَ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَذْكُرْ أَكْثَرُ الْمُؤَلِّفِينَ سِوَاهُ كَصَاحِبِ التَّيْسِيرِ، وَالشَّاطِبِيَّةِ، وَالتَّلْخِيصَيْنِ وَالْهَادِي، وَالْهِدَايَةِ، وَالْعُنْوَانِ، وَالتَّذْكِرَةِ، وَالْإِرْشَادَيْنِ، وَابْنِ مِهْرَانَ وَالدَّانِيِّ وَالْهُذَلِيِّ وَأَبِي الْعِزِّ،

ص: 72

، وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ فِي التَّبْصِرَةِ، وَقَالَ: سَوَاءٌ رُمْتَ، أَوْ سَكَّنْتَ وَرَدَّ عَلَى مَنْ فَتَحَ حَالَةَ الْإِسْكَانِ، وَقَالَ: إِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَلَا بِالْجِيدِ لِأَنَّ الْوَقْفَ غَيْرُ لَازِمٍ وَالسُّكُونَ عَارِضٌ (قُلْتُ) : وَكِلَا الْوَجْهَيْنِ صَحِيحَانِ عَنِ السُّوسِيِّ نَصًّا وَأَدَاءً، وَقَرَأْنَا بِهِمَا مِنْ رِوَايَتَيْهِ، وَقَطَعَ بِهِمَا لَهُ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ، وَغَيْرُهُ، وَقَطَعَ لَهُ بِالْفَتْحِ فَقَطِ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ فِي غَايَتِهِ، وَغَيْرِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ ذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِهِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جَرِيرٍ وَمَأْخُوذٌ بِهِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ حَبَشٍ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَنِيرِ، وَفِي التَّجْرِيدِ، وَابْنُ فَارِسٍ فِي جَامِعِهِ، وَغَيْرُهُمْ وَأَطْلَقَ أَبُو الْعَلَاءِ ذَلِكَ فِي الْوَقْفِ، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِسُكُونٍ وَقَيَّدَهُ آخَرُونَ بِرُءُوسِ الْآيِ كَابْنِ سَوَّارٍ وَالصِّقِلِّيِّ وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى الْإِمَالَةِ بَيْنَ بَيْنَ، وَمِنْ هَؤُلَاءِ مِنْ جَعَلَ ذَلِكَ مَعَ الرَّوْمِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْكَافِي، وَقَالَ: إِنَّهُ مَذْهَبُ الْبَغْدَادِيِّينَ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَطْلَقَ وَاكْتَفَى بِالْإِمَالَةِ الْيَسِيرَةِ إِشَارَةً إِلَى الْكَسْرِ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي طَاهِرِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ وَأَصْحَابِهِ وَحُكِيَ أَنَّهُ قَرَأَ بِهِ عَلَى ابْنِ مُجَاهِدٍ وَأَبِي عُثْمَانَ عَنِ الْكِسَائِيِّ، وَعَلَى ابْنِ مُجَاهِدٍ عَنْ أَصْحَابِهِ عَنِ الْيَزِيدِيِّ وَالصَّوَابُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِالْإِسْكَانِ وَإِطْلَاقُهُ فِي رُءُوسِ الْآيِ، وَغَيْرِهَا. وَتَعْمِيمُ الْإِسْكَانِ بِحَالَتَيِ الْوَقْفِ وَالْإِدْغَامِ الْكَبِيرِ كَمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ إِنَّ سُكُونَ كِلَيْهِمَا عَارِضٌ، وَذَلِكَ نَحْوَ النَّارِ رَبَّنَا، الْأَبْرَارِ رَبَّنَا، الْغَفَّارِ لَا جَرَمَ، الْفُجَّارَ لَفِي، وَذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ حَبَشٍ عَنِ ابْنِ جَرِيرٍ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ أَبُو الْفَضْلِ الْخُزَاعِيُّ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقَصَّاعِ، وَغَيْرُهُمَا، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي آخِرِ بَابِ الْإِدْغَامِ، وَقَدْ تَتَرَجَّحُ الْإِمَالَةُ عِنْدَ مَنْ يَأْخُذُ بِالْفَتْحِ مِنْ قَوْلِهِ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ لِوُجُودِ الْكَسْرَةِ بَعْدَ الْأَلِفِ حَالَةَ الْإِدْغَامِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ (قُلْتُهُ) قِيَاسًا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

وَيُشْبِهُ إِجْرَاءُ الثَّلَاثَةِ مِنَ الْإِمَالَةِ وَبَيْنَ بَيْنَ وَالْفَتْحِ لِإِسْكَانِ الْوَقْفِ إِجْرَاءَ الثَّلَاثَةِ مِنَ الْمَدِّ وَالتَّوَسُّطِ وَالْقَصْرِ فِي سُكُونِ الْوَقْفِ بَعْدَ حَرْفِ الْمَدِّ، لَكِنَّ الرَّاجِحَ فِي بَابِ الْمَدِّ هُوَ الِاعْتِدَادُ بِالْعَارِضِ، وَفِي الْإِمَالَةِ عَكْسُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَالَيْنِ أَنَّ الْمَدَّ مُوجِبُهُ الْإِسْكَانُ، وَقَدْ حَصَلَ فَاعْتَبَرُوا الْإِمَالَةَ مُوجِبَهَا الْكَسْرُ، وَقَدْ زَالَ فَلَمْ يُعْتَبَرْ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

ص: 73

(الثَّانِي) : أَنَّهُ إِذَا وَقَعَ بَعْدَ الْأَلِفِ الْمُمَالِ سَاكِنٌ فَإِنَّ تِلْكَ الْأَلِفَ تَسْقُطُ لِسُكُونِهَا وَلُقِيِّ ذَلِكَ السَّاكِنِ فَحِينَئِذٍ تَذْهَبُ الْإِمَالَةُ عَلَى نَوْعَيْهَا لِأَنَّهَا إِنَّمَا كَانَتْ مِنْ أَجْلِ وُجُودِ الْأَلِفِ لَفْظًا فَلَمَّا عُدِمَتْ فِيهِ امْتَنَعَتِ الْإِمَالَةُ بِعَدَمِهَا فَإِنْ وَقَفَ عَلَيْهَا انْفَصَلَتْ مِنَ السَّاكِنِ تَنْوِينًا كَانَ، أَوْ غَيْرَ تَنْوِينٍ، وَعَادَتِ الْإِمَالَةُ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ بِعَوْدِهَا عَلَى حَسَبِ مَا تَأَصَّلَ وَتَقَرَّرَ (فَالتَّنْوِينُ) يَلْحَقُ الِاسْمَ مَرْفُوعًا، وَمَجْرُورًا، وَمَنْصُوبًا وَيَكُونُ مُتَّصِلًا بِهِ فَالْمَرْفُوعُ نَحْوَ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ; وَأَجَلٍ مُسَمًّى، لَا يُغْنِي مَوْلًى، هُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى وَالْمَجْرُورُ نَحْوَ فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ، إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، عَنْ مَوْلًى، مِنْ رِبًا، مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَالْمَنْصُوبُ نَحْوَ قُرًى ظَاهِرَةً، أَوْ كَانُوا غُزًّا، أَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى، مَكَانًا سُوًى، أَنْ يُتْرَكَ سُدًى.

(وَغَيْرُ التَّنْوِينِ) لَا يَكُونُ إِلَّا مُنْفَصِلًا فِي كَلِمَةٍ أُخْرَى وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي اسْمٍ، وَفِعْلٍ. فَالِاسْمُ نَحْوَ مُوسَى الْكِتَابَ، عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ، الْقَتْلَى الْحُرُّ، جَنَى الْجَنَّتَيْنِ، الرُّؤْيَا الَّتِي، ذِكْرَى الدَّارِ، الْقُرَى الَّتِي وَالْفِعْلُ نَحْوَ طَغَى الْمَاءُ، أَحْيَا النَّاسَ.

وَالْوَقْفُ بِالْإِمَالَةِ، أَوْ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ لِمَنْ مَذْهَبُهُ ذَلِكَ فِي النَّوْعَيْنِ هُوَ الْمَأْخُوذُ بِهِ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَهُوَ الثَّابِتُ نَصًّا وَأَدَاءً، وَهُوَ الَّذِي لَا يُؤْخَذُ نَصًّا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْقُرَّاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ بِخِلَافِهِ، بَلْ هُوَ الْمَنْصُوصُ بِهِ عَنْهُمْ، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ فَأَمَّا النَّصُّ، فَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْأَنْبَارِيُّ: حَدَّثَنَا إِدْرِيسُ قَالَ: حَدَّثَنَا خَلَفٌ قَالَ: سَمِعْتُ الْكِسَائِيَّ يَقِفُ عَلَى: هُدًى لِلْمُتَّقِينَ بِالْيَاءِ، وَكَذَلِكَ: مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى، أَوْ كَانُوا غُزًّا، مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى، أَجَلٍ مُسَمًّى، وَقَالَ: يَسْكُتُ أَيْضًا عَلَى سَمِعْنَا فَتًى، فِي قُرًى، أَنْ يُتْرَكَ سُدًى بِالْيَاءِ وَمِثْلُهُ حَمْزَةُ. قَالَ: خَلَفٌ وَسَمِعْتُ الْكِسَائِيَّ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ أَحْيَا النَّاسَ الْوَقْفُ عَلَيْهِ أَحْيَا بِالْيَاءِ لِمَنْ كَسَرَ الْحُرُوفَ إِلَّا مَنْ يَفْتَحُ فَيَفْتَحُ مِثْلَ هَذَا.

قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ الْوَقْفُ عَلَى قَوْلِهِ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى بِالْيَاءِ. وَكَذَا مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ، وَكَذَا وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ، وَكَذَا طَغَى الْمَاءُ قَالَ: وَالْوَقْفُ عَلَى وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا بِالْيَاءِ.

وَرَوَى حَبِيبُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي طَيِّبَةَ عَنْ وَرْشٍ،

ص: 74

عَنْ نَافِعٍ قُرًى ظَاهِرَةً مَفْتُوحَةً فِي الْقِرَاءَةِ مَكْسُورَةً فِي الْوَقْفِ، وَكَذَلِكَ قُرًى مُحَصَّنَةٍ، سِحْرٌ مُفْتَرًى قَالَ الدَّانِيُّ: وَلَمْ يَأْتِ بِهِ عَنْ وَرْشٍ نَصًّا غَيْرُهُ. انْتَهَى.

وَمِمَّنْ حَكَى الْإِجْمَاعَ عَلَى هَذَا الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ وَأَبُو الْعَبَّاسِ الْمَهْدَوِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ بْنُ غَلْبُونَ وَأَبُو مَعْشَرٍ الطَّبَرِيُّ وَأَبُو مُحَمَّدٍ سِبْطُ الْخَيَّاطِ، وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَحْكِ أَحَدٌ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ سِوَاهُ. وَأَمَّا الْأَدَاءُ فَهُوَ الَّذِي قَرَأْنَا بِهِ عَلَى عَامَّةِ شُيُوخِنَا، وَلَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا أَخَذَ عَلَيَّ سِوَاهُ، وَهُوَ الْقِيَاسُ الصَّحِيحُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْأَدَاءِ إِلَى حِكَايَةِ الْفَتْحِ فِي الْمُنَوَّنِ مُطْلَقًا مِنْ ذَلِكَ فِي الْوَقْفِ عَمَّنْ أَمَالَ، وَقَرَأَ بَيْنَ بَيْنَ حَكَى ذَلِكَ أَبُو الْقَاسِمِ الشَّاطِبِيُّ رحمه الله حَيْثُ قَالَ: وَقَدْ فَخَّمُوا التَّنْوِينَ وَقْفًا وَرَقَّقُوا وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ صَاحِبُهُ أَبُو الْحَسَنِ السَّخَاوِيُّ فَقَالَ: وَقَدْ فَتَحَ قَوْمٌ ذَلِكَ كُلَّهُ. (قُلْتُ) : وَلَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا مِنْ أَئِمَّةِ الْقِرَاءَةِ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَلَا قَالَ بِهِ، وَلَا أَشَارَ إِلَيْهِ فِي كَلَامِهِ، وَلَا أَعْلَمُهُ فِي كِتَابٍ مِنْ كُتُبِ الْقِرَاءَاتِ، وَإِنَّمَا هُوَ مَذْهَبٌ نَحْوِيٌّ لَا أَدَائِيٌّ دَعَا إِلَيْهِ الْقِيَاسُ لَا الرِّوَايَةُ، وَذَلِكَ أَنَّ النُّحَاةَ اخْتَلَفُوا فِي الْأَلِفِ اللَّاحِقَةِ لِلْأَسْمَاءِ الْمَقْصُورَةِ فِي الْوَقْفِ فَحُكِيَ عَنِ الْمَازِنِيِّ أَنَّهَا بَدَلٌ مِنَ التَّنْوِينِ سَوَاءٌ كَانَ الِاسْمُ مَرْفُوعًا، أَوْ مَنْصُوبًا، أَوْ مَجْرُورًا وَسَبَبُ هَذَا عِنْدَهُ أَنَّ التَّنْوِينَ مَتَى كَانَ بَعْدَ فَتْحَةٍ أُبْدِلَ فِي الْوَقْفِ أَلِفًا، وَلَمْ يُرَاعِ كَوْنَ الْفَتْحَةِ عَلَامَةً لِلنَّصْبِ أَوْ لَيْسَتْ كَذَلِكَ.

وَحُكِيَ عَنِ الْكِسَائِيِّ، وَغَيْرِهِ أَنَّ هَذِهِ الْأَلِفَ لَيْسَتْ بَدَلًا مِنَ التَّنْوِينِ، وَإِنَّمَا هِيَ بَدَلٌ مِنْ لَامِ الْكَلِمَةِ لَزِمَ سُقُوطُهَا فِي الْوَصْلِ لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ التَّنْوِينِ بَعْدَهَا فَلَمَّا زَالَ التَّنْوِينُ بِالْوَقْفِ عَادَتِ الْأَلِفُ وَنَسَبَ الدَّانِيُّ هَذَا الْقَوْلَ أَيْضًا إِلَى الْكُوفِيِّينَ، وَبَعْضِ الْبَصْرِيِّينَ وَعَزَاهُ بَعْضُهُمْ إِلَى سِيبَوَيْهِ قَالُوا: وَهَذَا أَوْلَى مِنْ أَنْ يُقَدَّرَ حَذْفُ الْأَلِفِ الَّتِي هِيَ مُبْدَلَةٌ مِنْ حَرْفٍ أَصْلِيٍّ وَإِثْبَاتِ الْأَلِفِ الَّتِي هِيَ مُبْدَلَةٌ مِنْ حَرْفٍ زَائِدٍ، وَهُوَ التَّنْوِينُ.

وَذَهَبَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ، وَغَيْرُهُ إِلَى أَنَّ الْأَلِفَ فِيمَا كَانَ مِنْ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ مَنْصُوبًا بَدَلٌ مِنَ التَّنْوِينِ، وَفِيمَا كَانَ مِنْهَا مَرْفُوعًا، أَوْ مَجْرُورًا بَدَلٌ مِنَ الْحَرْفِ الْأَصْلِيِّ اعْتِبَارًا بِالْأَسْمَاءِ الصَّحِيحَةِ الْأَوَاخِرِ إِذْ لَا تُبَدَّلُ فِيهَا الْأَلِفُ مِنَ التَّنْوِينِ إِلَّا فِي

ص: 75

النَّصْبِ خَاصَّةً وَيُنْسَبُ هَذَا الْقَوْلُ إِلَى أَكْثَرِ الْبَصْرِيِّينَ وَبَعْضُهُمْ يَنْسُبُهُ أَيْضًا إِلَى سِيبَوَيْهِ قَالُوا: وَفَائِدَةُ هَذَا الْقَوْلِ إِلَى أَكْثَرِ الْبَصْرِيِّينَ وَبَعْضُهُمْ يَنْسُبُهُ أَيْضًا إِلَى سِيبَوَيْهِ قَالُوا: وَفَائِدَةُ هَذَا الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي الْوَقْفِ عَلَى لُغَةِ أَصْحَابِ الْإِمَالَةِ فَيَلْزَمُ أَنْ يُوقَفَ عَلَى هَذِهِ الْأَسْمَاءِ بِالْإِمَالَةِ مُطْلَقًا عَلَى مَذْهَبِ الْكِسَائِيِّ، وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ، وَعَلَى مَذْهَبِ الْفَارِسِيِّ وَأَصْحَابِهِ إِنْ كَانَ الِاسْمُ مَرْفُوعًا، أَوْ مَجْرُورًا وَأَنْ يُوقَفَ عَلَيْهَا بِالْفَتْحِ مُطْلَقًا عَلَى مَذْهَبِ الْمَازِنِيِّ، وَعَلَى مَذْهَبِ الْفَارِسِيِّ إِنْ كَانَ الِاسْمُ مَنْصُوبًا لِأَنَّ الْأَلِفَ الْمُبْدَلَةَ مِنَ التَّنْوِينِ لَا تُمَالُ، وَلَمْ يُنْقَلِ الْفَتْحُ فِي ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْقِرَاءَةِ.

(نَعَمْ) حَكَى ذَلِكَ فِي مَذْهَبِ التَّفْصِيلِ الشَّاطِبِيُّ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَتَفْخِيمُهُمْ فِي النَّصْبِ أَجْمَعُ أَشْمَلًا وَحَكَاهُ مَكِّيٌّ وَابْنُ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِي عَمْرٍو وَوَرْشٍ مِنْ طَرِيقِ الْأَزْرَقِ فَذَكَرَا الْفَتْحَ عَنْهُمَا فِي الْمَنْصُوبِ وَالْإِمَالَةَ فِي الْمَرْفُوعِ وَالْمَجْرُورِ، وَقَالَ مَكِّيٌّ: إِنَّ الْقِيَاسَ هُوَ الْفَتْحُ لَكِنْ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ نَقْلُ الْقِرَاءَةِ وَعَدَمُ الرِّوَايَةِ وَثَبَاتُ الْيَاءِ فِي الشَّوَاذِّ، وَقَالَ ابْنُ شُرَيْحٍ وَالْأَشْهَرُ هُوَ الْفَتْحُ يَعْنِي فِي الْمَنْصُوبِ خَاصَّةً، وَلَمْ يَحْكِيَا خِلَافًا عَنْ حَمْزَةَ وَالْكِسَائِيِّ فِي الْإِمَالَةِ وَقْفًا، وَأَمَّا ابْنُ الْفَحَّامِ فِي تَجْرِيدِهِ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ إِلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْإِمَالَةِ، بَلْ ذَكَرَ فِي بَابِ الرَّاءَاتِ بَعْدَ تَمْثِيلِهِ بِقَوْلِهِ قُرًى وَمُفْتَرًى التَّفْخِيمَ فِي الْوَصْلِ، وَأَمَّا فِي الْوَقْفِ فَقَرَأْتُ فِي الْوَقْفِ بِالتَّرْقِيقِ فِي مَوْضِعِ الرَّفْعِ وَالْخَفْضِ وَفَخَّمْتُ الرَّاءَ فِي مَوْضِعِ النَّصْبِ.

قَالَ: وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَحَكَى الدَّانِيُّ أَيْضًا هَذَا التَّفْصِيلَ فِي مُفْرَدَاتِهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَمْرٍو فَقَالَ: أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: فِي سَبَأٍ قُرًى ظَاهِرَةً فَإِنَّ الرَّاءَ تَحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ: إِخْلَاصُ الْفَتْحِ، وَذَلِكَ إِذَا وَقَفْتَ عَلَى الْأَلِفِ الْمُبْدَلَةِ مِنَ التَّنْوِينِ دُونَ الْمُبْدَلَةِ مِنَ الْيَاءِ، وَالْإِمَالَةُ وَذَلِكَ إِذَا وَقَفْتُ عَلَى الْأَلِفِ الْمُبْدَلَةِ مِنَ الْيَاءِ دُونَ الْمُبْدَلَةِ مِنَ التَّنْوِينِ قَالَ: وَهَذَا الْأَوْجَهُ، وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ، وَبِهِ آخُذُ، وَقَالَ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ، وَأَوْجَهُ الْقَوْلَيْنِ وَأَوْلَاهُمَا بِالصِّحَّةِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْمَحْذُوفَةَ هِيَ الْمُبْدَلَةُ مِنَ التَّنْوِينِ لِجِهَاتٍ ثَلَاثٍ إِحْدَاهُنَّ انْعِقَادُ إِجْمَاعِ السَّلَفِ مِنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم عَلَى رَسْمِ أَلِفَاتِ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ يَاءَاتٍ فِي كُلِّ الْمَصَاحِفِ. وَالثَّانِيَةُ وُرُودُ النَّصِّ

ص: 76

عِنْدَ الْعَرَبِ وَأَئِمَّةِ الْقِرَاءَةِ بِإِمَالَةِ هَذِهِ الْأَلِفَاتِ فِي الْوَقْفِ، وَالثَّالِثَةُ وُقُوفُ بَعْضِ الْعَرَبِ عَلَى الْمَنْصُوبِ الْمُنَوَّنِ نَحْوَ رَأَيْتُ زَيْدًا وَضَرَبْتُ عَمْرًا وَبِغَيْرِ عِوَضٍ مِنَ التَّنْوِينِ حَكَى ذَلِكَ سَمَاعًا مِنْهُمُ الْفَرَّاءُ وَالْأَخْفَشُ قَالَ: وَهَذِهِ الْجِهَاتُ كُلُّهَا تُحَقِّقُ أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ مِنْ إِحْدَى الْأَلِفَيْنِ هِيَ الْأُولَى الْمُنْقَلِبَةُ عَنِ الْيَاءِ دُونَ الثَّانِيَةِ الْمُبْدَلَةِ مِنَ التَّنْوِينِ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتِ الْمُبْدَلَةُ مِنْهُ لَمْ تُرْسَمْ يَاءً بِإِجْمَاعٍ، وَذَلِكَ مِنْ حَيْثُ لَمْ تُقْلَبْ عَنْهَا، وَلَمْ تُمَلْ فِي الْوَقْفِ أَيْضًا لِأَنَّ مَا يُوجِبُ إِمَالَتَهَا فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ، وَهُوَ الْكَسْرُ وَالْيَاءُ مَعْدُومٌ وُقُوعُهُ قَبْلَهَا، وَلِأَنَّهَا الْمَحْذُوفَةُ لَا مَحَالَةَ فِي لُغَةِ مَنْ لَمْ يُعَوِّضْ ثُمَّ قَالَ: وَالْعَمَلُ عِنْدَ الْقُرَّاءِ وَأَهَّلِ الْأَدَاءِ عَلَى الْأَوَّلِ يَعْنِي الْإِمَالَةَ قَالَ: وَبِهِ أَقُولُ لِوُرُودِ النَّصِّ بِهِ وَدَلَالَةِ الْقِيَاسِ عَلَى صِحَّتِهِ انْتَهَى.

فَدَلَّ مَجْمُوعُ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْمُنَوَّنِ لَا اعْتِبَارَ بِهِ، وَلَا عَمَلَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا هُوَ خِلَافٌ نَحْوِيٌّ لَا تَعَلُّقَ لِلْقُرَّاءِ بِهِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

(الثَّالِثُ) : اخْتُلِفَ عَنِ السُّوسِيِّ فِي إِمَالَةِ فَتْحَةِ الرَّاءِ الَّتِي تَذْهَبُ الْأَلِفُ الْمُمَالَةُ بَعْدَهَا لِسَاكِنٍ مُنْفَصِلٍ حَالَةَ الْوَصْلِ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً، وَسَيَرَى اللَّهُ، تَرَى النَّاسَ، يَرَى الَّذِينَ، النَّصَارَى الْمَسِيحُ، الْقُرَى الَّتِي، ذِكْرَى الدَّارِ، فَرَوَى عَنْهُ أَبُو عِمْرَانَ بْنُ جَرِيرٍ الْإِمَالَةُ وَصْلًا، وَهِيَ رِوَايَةُ عَلِيِّ بْنِ الرُّقِّيِّ وَأَبِي عُثْمَانَ النَّحْوِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ الْقُرَشِيِّ كُلُّهُمْ عَنِ السُّوسِيِّ، وَكَذَلِكَ رَوَى أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ الْيَزِيدِيِّ وَأَبُو حَمْدُونَ وَأَحْمَدُ بْنُ وَاصِلٍ كُلُّهُمْ عَنِ الْيَزِيدِيِّ، وَهِيَ رِوَايَةُ الْعَبَّاسِ بْنِ الْفَضْلِ وَأَبِي مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي عَمْرٍو، وَبِهِ قَطَعَ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ لِلسُّوسِيِّ فِي التَّيْسِيرِ، وَغَيْرِهِ، وَهُوَ قِرَاءَتُهُ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ عَنْ أَصْحَابِ ابْنِ جَرِيرٍ قَالَ الدَّانِيُّ: وَاخْتَارَ الْإِمَالَةَ لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ بِهَا نَصًّا وَأَدَاءً عَنْ أَبِي شُعَيْبٍ أَبُو الْعَبَّاسِ مَحْمُودُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَدِيبُ وَأَحْمَدُ بْنُ حَفْصٍ الْخَشَّابُ وَهُمَا مِنْ جُلَّةِ النَّاقِلِينَ عَنْهُ فَهْمًا وَمَعْرِفَةً قَالَ: وَقَدْ جَاءَ بِالْإِمَالَةِ فِي ذَلِكَ نَصًّا عَنْ أَبِي عَمْرٍو الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ انْتَهَى.

وَقَطَعَ بِهِ أَيْضًا لِلسُّوسِيِّ أَبُو الْقَاسِمِ الْهُذَلِيُّ

ص: 77

فِي كَامِلِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عِمْرَانَ، وَطَرِيقِ ابْنِ غَلْبُونَ يَعْنِي عَبْدَ الْمُنْعِمِ، وَهِيَ تَرْجِعُ أَيْضًا إِلَى أَبِي عِمْرَانَ وَمِمَّنْ قَطَعَ بِالْإِمَالَةِ لِلسُّوسِيِّ أَيْضًا أَبُو مَعْشَرٍ الطَّبَرِيُّ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ صَاحِبُ الْمُفِيدِ، وَصَاحِبُ التَّجْرِيدِ، مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ فَارِسٍ مُطْلَقًا، وَمِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى ابْنِ نَفِيسٍ فِي نَرَى اللَّهَ، وَسَيَرَى اللَّهُ خَاصَّةً، وَعَلَى النَّصَارَى الْمَسِيحُ فَقَطْ مِنْ قِرَاءَةِ ابْنِ نَفِيسٍ عَلَى أَبِي أَحْمَدَ، وَرَوَى ابْنُ جُمْهُورٍ، وَغَيْرُهُ عَنِ السُّوسِيِّ الْفَتْحَ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَذْكُرْ أَكْثَرُ الْمُؤَلِّفِينَ عَنِ السُّوسِيِّ سِوَاهُ كَصَاحِبِ التَّبْصِرَةِ، وَالتَّذْكِرَةِ، وَالْهَادِي، وَالْهِدَايَةِ، وَالْكَافِي، وَالْغَايَتَيْنِ، وَالْإِرْشَادَيْنِ وَالْكِفَايَةِ، وَالْجَامِعِ وَالرَّوْضَةِ، وَالتِّذْكَارِ، وَغَيْرِهِمْ.

وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ بْنِ غَلْبُونَ. وَإِنَّمَا اشْتُهِرَ الْفَتْحُ عَنِ السُّوسِيِّ مِنْ أَجْلِ أَنَّ ابْنَ جَرِيرٍ كَانَ يَخْتَارُ الْفَتْحَ مِنْ ذَاتِ نَفْسِهِ، كَذَا رَوَاهُ عَنْهُ فَارِسُ بْنُ أَحْمَدَ، وَنَقَلَهُ عَنْهُ الدَّانِيُّ، وَالْوَجْهَانِ جَمِيعًا صَحِيحَانِ عَنْهُ، ذَكَرَهُمَا لَهُ الشَّاطِبِيُّ وَالصَّفْرَاوِيُّ، وَغَيْرُهُمَا، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى تَرْقِيقِ اللَّامِ مِنَ اسْمِ اللَّهِ بَعْدَ هَذِهِ الرَّاءِ الْمُمَالَةِ فِي بَابِ اللَّامَاتِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -.

(الرَّابِعُ) إِنَّمَا يُسَوِّغُ إِمَالَةَ الرَّاءِ وُجُودُ الْأَلِفِ بَعْدَهَا فَتُمَالُ مِنْ أَجْلِ إِمَالَةِ الْأَلِفِ فَإِذَا وَصَلْتَ حَذَفْتَ الْأَلِفَ لِلسَّاكِنِ وَبَقِيَتِ الرَّاءُ إِمَالَةً عَلَى حَالِهَا فَلَوْ حَذَفْتَ تِلْكَ الْأَلِفَ أَصَالَةً لَمْ تَجُزْ إِمَالَةُ تِلْكَ الرَّاءِ، وَذَلِكَ نَحْوَ قَوْلِهِ: أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ، أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ لِعَدَمِ وُجُودِ الْأَلِفِ بَعْدَ الرَّاءِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا حُذِفَتْ لِلْجَزْمِ، وَمِنْ هَذَا الْبَابِ أَمَالَ حَمْزَةُ وَخَلَفٌ، رَاءَ تَرَاءَ الْجَمْعَانِ وَصْلًا كَمَا ذَكَرْنَا، وَأَمَالَ حَمْزَةُ وَخَلَفٌ وَأَبُو بَكْرٍ رَاءَ رَأَى الْقَمَرَ وَنَحْوَهُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَذَلِكَ وَرَدَ عَنِ السُّوسِيِّ مِنْ بَعْضِ الطُّرُقِ كَمَا قَدَّمْنَا، وَإِنَّمَا خُصَّتِ الرَّاءُ بِالْإِمَالَةِ دُونَ بَاقِي الْحُرُوفِ كَالسِّينِ مِنْ مُوسَى الْكِتَابَ وَاللَّامِ مِنَ الْقَتْلَى الْحُرُّ وَالنُّونِ مِنْ جَنَى الْجَنَّتَيْنِ مِنْ أَجْلِ ثِقَلِ الرَّاءِ وَقُوَّتِهَا بِالتَّكْرِيرِ تَخْصِيصُهَا مِنْ بَيْنِ الْحُرُوفِ الْمُسْتَقِلَّةِ بِالتَّفْخِيمِ فَلِذَلِكَ عُدَّتْ مِنْ حُرُوفِ الْإِمَالَةِ وَسَاغَتْ إِمَالَتُهَا لِذَلِكَ وَالْعِلَّةُ

ص: 78

فِي إِمَالَتِهَا مِنْ نَحْوِ يَرَى الَّذِينَ دُونَ قُرًى وَمُفْتَرًى كَوْنُ السَّاكِنِ فِي الْأَوَّلِ مُنْفَصِلًا، وَالْوَصْلِ عَارِضًا فَكَانَتِ الْإِمَالَةُ مَوْجُودَةً قَبْلَ مَجِيءِ السَّاكِنِ الْمُوجِبِ لِلْحَذْفِ بِخِلَافِ الثَّانِي فَإِنَّهُ مُتَّصِلٌ، وَإِثْبَاتُهُ عَارِضٌ فَعُومِلَ كُلٌّ بِأَصْلِهِ وَقِيلَ مِنْ أَجْلِ تَقْدِيرِ كَوْنِ الْأَلِفِ بَدَلًا مِنَ التَّنْوِينِ فَامْتَنَعَ لِذَلِكَ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ.

(الْخَامِسُ) إِذَا وَقَفَ عَلَى كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ، فِي الْكَهْفِ الْهُدَى ائْتِنَا فِي الْأَنْعَامِ تَتْرَى فِي الْمُؤْمِنُونَ أَمَّا كِلْتَا فَالْوَقْفُ عَلَيْهَا لِأَصْحَابِ الْإِمَالَةِ يُبْنَى عَلَى مَعْرِفَةِ أَلِفِهَا.

وَقَدِ اخْتَلَفَ النُّحَاةُ فِيهَا فَذَكَرَ الدَّانِيُّ فِي الْمُوَضَّحِ، وَجَامِعِ الْبَيَانِ أَنَّ الْكُوفِيِّينَ قَالُوا: هِيَ أَلِفُ تَثْنِيَةٍ. وَوَاحِدُ كِلْتَا، كِلْتَ، وَقَالَ الْبَصْرِيُّونَ هِيَ أَلِفُ تَأْنِيثٍ وَوَزْنُ كِلْتَا فِعْلَى - كَإِحْدَى. وَسِيمَا - وَالتَّاءُ مُبْدَلَةٌ مِنْ وَاوٍ وَالْأَصْلُ كَلِوَى قَالَ: فِعْلَى الْأَوَّلُ لَا يُوقَفُ عَلَيْهَا بِالْإِمَالَةِ لِأَصْحَابِ الْإِمَالَةِ، وَلَا بِبَيْنَ بَيْنَ لِمَنْ مَذْهَبُهُ ذَلِكَ، وَعَلَى الثَّانِي يُوقَفُ بِذَلِكَ فِي مَذْهَبِ مَنْ لَهُ ذَلِكَ قَالَ: وَالْقُرَّاءُ وَأَهْلُ الْأَدَاءِ عَلَى الْأَوَّلِ.

(قُلْتُ) : نَصَّ عَلَى إِمَالَتِهَا لِأَصْحَابِ الْإِمَالَةِ الْعِرَاقِيُّونَ قَاطِبَةً كَأَبِي الْعِزِّ وَابْنِ سَوَّارٍ وَابْنِ فَارِسٍ وَسِبْطِ الْخَيَّاطِ، وَغَيْرِهِمْ، وَنَصَّ عَلَى الْفَتْحِ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَحَكَى الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ شُرَيْحٍ، وَغَيْرُهُ، وَقَالَ مَكِّيٌّ: يُوقَفُ لِحَمْزَةَ وَالْكِسَائِيِّ بِالْفَتْحِ لِأَنَّهَا أَلِفُ تَثْنِيَةٍ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ، وَلِأَبِي عَمْرٍو بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ لِأَنَّهَا أَلِفُ تَأْنِيثٍ انْتَهَى. وَالْوَجْهَانِ جَيِّدَانِ وَلَكِنِّي إِلَى الْفَتْحِ أَجْنَحُ، فَقَدْ جَاءَ بِهِ مَنْصُوصًا عَنِ الْكِسَائِيِّ سَوْرَةُ بْنُ الْمُبَارَكِ فَقَالَ: كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ بِالْأَلِفِ يَعْنِي بِالْفَتْحِ فِي الْوَقْفِ.

وَأَمَّا إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا عَلَى مَذْهَبِ حَمْزَةَ فِي إِبْدَالِ الْهَمْزَةِ فِي الْوَقْفِ أَلِفًا قَالَ: الدَّانِيُّ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ الْفَتْحَ وَالْإِمَالَةَ فَالْفَتْحُ عَلَى أَنَّ الْأَلِفَ الْمَوْجُودَةَ فِي اللَّفْظِ بَعْدَ فَتْحَةِ الدَّالِ هِيَ الْمُبْدَلَةُ مِنَ الْهَمْزَةِ دُونَ أَلِفِ الْهُدَى وَالْإِمَالَةُ عَلَى أَنَّهَا أَلِفُ الْهُدَى دُونَ الْمُبْدَلَةِ مِنَ الْهَمْزَةِ قَالَ: وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَقِيسُ لِأَنَّ أَلِفَ الْهُدَى قَدْ كَانَتْ ذَهَبَتْ مَعَ تَحْقِيقِ الْهَمْزَةِ فِي حَالِ الْوَصْلِ فَكَذَا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مَعَ الْمُبْدَلِ مِنْهَا لِأَنَّهُ تَخْفِيفٌ

ص: 79

وَالتَّخْفِيفُ عَارِضٌ انْتَهَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ حِكَايَةُ ذَلِكَ عَنْ أَبِي شَامَةَ فِي، أَوَاخِرِ بَابِ وَقْفِ حَمْزَةَ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى كَلَامِ الدَّانِيِّ فِي ذَلِكَ وَالْحُكْمُ فِي وَجْهِ الْإِمَالَةِ لِلْأَزْرَقِ عَنْ وَرْشٍ كَذَلِكَ وَالصَّحِيحُ الْمَأْخُوذُ بِهِ عَنْهُمَا هُوَ الْفَتْحُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

وَأَمَّا تَتْرَى عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ نَوَّنَ فَيَحْتَمِلُ أَيْضًا وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنَ التَّنْوِينِ فَتُجْرَى عَلَى الرَّاءِ قَبْلَهَا وُجُوهُ الْإِعْرَابِ الثَّلَاثَةُ رَفْعًا، وَنَصْبًا وَجْرًا، وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ لِلْإِلْحَاقِ أُلْحِقَتْ بِجَعْفَرٍ نَحْوَ: أَرْطَى، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا تَجُوزُ إِمَالَتُهَا فِي الْوَقْفِ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي عَمْرٍو كَمَا لَا تَجُوزُ إِمَالَةُ أَلِفِ التَّنْوِينِ نَحْوَ أَشَدَّ ذِكْرًا، مِنْ دُونِهَا سِتْرًا. وَيَوْمَئِذٍ زُرْقًا، عِوَجًا وَلَا أَمْتًا، وَعَلَى الثَّانِي تَجُوزُ إِمَالَتُهَا عَلَى مَذْهَبِهِ لِأَنَّهَا كَالْأَصْلِيَّةِ الْمُنْقَلِبَةِ عَنِ الْيَاءِ. قَالَ الدَّانِيُّ وَالْقُرَّاءُ وَأَهْلُ الْأَدَاءِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَبِهِ قَرَأْتُ، وَبِهِ آخُذُ، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ مُجَاهِدٍ وَأَبِي طَاهِرِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ وَسَائِرِ الْمُتَصَدِّرِينَ انْتَهَى.

وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّاطِبِيِّ أَنَّهَا لِلْإِلْحَاقِ، وَنُصُوصُ أَكْثَرِ أَئِمَّتِنَا تَقْتَضِي فَتْحَهَا لِأَبِي عَمْرٍو وَإِنْ كَانَتْ لِلْإِلْحَاقِ مِنْ أَجْلِ رَسْمِهَا بِالْأَلِفِ، فَقَدْ شَرَطَ مَكِّيٌّ وَابْنُ بَلِّيمَةَ، وَصَاحِبُ الْعُنْوَانِ، وَغَيْرُهُمْ فِي إِمَالَةِ ذَوَاتِ الرَّاءِ لَهُ أَنْ تَكُونَ الْأَلِفُ مَرْسُومَةً يَاءً، وَلَا يُرِيدُونَ بِذَلِكَ إِلَّا إِخْرَاجَ تَتْرَى - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

(السَّادِسُ) رُءُوسُ الْآيِ الْمُمَالَةِ فِي الْإِحْدَى عَشَرَ سُورَةً مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا وَمُخْتَلَفٌ فِيهَا، فَالْمُخْتَلَفُ فِيهِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْمُمِيلِ مِنَ الْعَادِّينَ وَالْأَعْدَادُ الْمَشْهُورَةُ فِي ذَلِكَ سِتَّةٌ، وَهِيَ الْمَدَنِيُّ الْأَوَّلُ وَالْمَدَنِيُّ الْأَخِيرُ، وَالْمَكِّيُّ، وَالْبَصَرِيُّ، وَالشَّامِيُّ، وَالْكُوفِيُّ، فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ اخْتِلَافِهِمْ فِي هَذِهِ السُّوَرِ لِتَعْرِفَ مَذَاهِبَ الْقُرَّاءِ فِيهَا وَالْمُحْتَاجُ إِلَى مَعْرِفَتِهِ مِنْ ذَلِكَ هُوَ عَدَدُ الْمَدَنِيِّ الْأَخِيرُ لِأَنَّهُ عَدَدُ نَافِعٍ وَأَصْحَابِهِ، وَعَلَيْهِ مَدَارُ قِرَاءَةِ أَصْحَابِهِ الْمُمِيلِينَ رُءُوسَ الْآيِ، وَعَدَدُ الْبَصْرِيِّ لِيُعْرَفَ بِهِ قِرَاءَةُ أَبِي عَمْرٍو فِي رِوَايَةِ الْإِمَالَةِ وَالْمُخْتَلَفُ فِيهِ فِي هَذِهِ السُّوَرِ خَمْسُ آيَاتٍ، وَهِيَ قَوْلُهُ فِي طه مِنِّي هُدًى، زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا عَدَّهُمَا الْمَدَنِيَّانِ، وَالْمَكِّيُّ، وَالْبَصَرِيُّ

ص: 80

وَالشَّامِيُّ. وَلَمْ يَعُدُّهُمَا الْكُوفِيُّ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فِي النَّجْمِ وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَدَّهَا كُلُّهُمْ إِلَّا الشَّامِيَّ وَقَوْلُهُ فِي النَّازِعَاتِ فَأَمَّا مَنْ طَغَى عَدَّهَا الْبَصَرِيُّ، وَالشَّامِيُّ، وَالْكُوفِيُّ، وَلَمْ يَعُدَّهَا الْمَدَنِيَّانِ، وَلَا الْمَكِّيُّ. وَقَوْلُهُ فِي الْعَلَقِ أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى عَدَّهَا كُلُّهُمْ إِلَّا الشَّامِيَّ. فَأَمَّا قَوْلُهُ فِي طه وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى فَلَمْ يَعُدَّهَا أَحَدٌ إِلَّا الشَّامِيُّ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِلَهُ مُوسَى فَلَمْ يَعُدَّهَا أَحَدٌ إِلَّا الْمَدَنِيُّ الْأَوَّلُ، وَالْمَكِّيُّ وَقَوْلُهُ فِي النَّجْمِ عَنْ مَنْ تَوَلَّى لَمْ يَعُدَّهَا أَحَدٌ إِلَّا الشَّامِيُّ فَلِذَلِكَ لَمْ نَذْكُرْهَا إِذْ لَيْسَتْ مَعْدُودَةً فِي الْمَدَنِيِّ الْأَخِيرِ، وَلَا فِي الْبَصْرِيِّ إِذَا عُلِمَ هَذَا فَلْيُعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ فِي طه لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ. فَأَلْقَاهَا، عَصَى آدَمُ، ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ، حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَوْلُهُ فِي النَّجْمِ إِذْ يَغْشَى، عَمَّنْ تَوَلَّى، أَعْطَى قَلِيلًا، ثُمَّ يُجْزَاهُ. أَغْنَى. فَغَشَّاهَا وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فِي الْقِيَامَةِ أَوْلَى لَكَ، ثُمَّ أَوْلَى لَكَ وَقَوْلُهُ فِي اللَّيْلِ مَنْ أَعْطَى. لَا يَصْلَاهَا فَإِنَّ أَبَا عَمْرٍو يَفْتَحُ جَمِيعَ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ الْمُمِيلِينَ لَهُ رُءُوسَ الْآيِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِرَأْسِ آيَةٍ مَا عَدَا مُوسَى عِنْدَ مَنْ أَمَالَهُ عِنْدَ مَنْ أَمَالَهُ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَقْرَؤُهُ عَلَى أَصْلِهِ بَيْنَ بَيْنَ وَالْأَزْرَقُ عَنْ وَرْشٍ يَفْتَحُ جَمِيعَهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ غَلْبُونَ، وَأَبِيهِ عَبْدِ الْمُنْعِمِ وَمَكِّيٍّ، وَصَاحِبِ الْكَافِي، وَصَاحِبِ الْهَادِي، وَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ، وَابْنِ بَلِّيمَةَ، وَغَيْرِهِمْ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِرَأْسِ آيَةٍ وَيَقْرَأُ جَمِيعَهُ بَيْنَ بَيْنَ مِنْ طَرِيقِ التَّيْسِيرِ، وَالْعُنْوَانِ، وَعَبْدِ الْجَبَّارِ وَفَارِسِ بْنِ أَحْمَدَ وَأَبِي الْقَاسِمِ بْنِ خَاقَانِ لِكَوْنِهِ مِنْ ذَوَاتِ الْيَاءِ، وَكَذَلِكَ فَأَمَّا مَنْ طَغَى فِي النَّازِعَاتِ فَإِنَّهُ مَكْتُوبٌ بِالْيَاءِ وَيَتَرَجَّحُ لَهُ عِنْدَ مَنْ أَمَالَ الْفَتْحَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لَا يَصْلَاهَا فِي وَاللَّيْلِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ اللَّامَاتِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

(السَّابِعُ) إِذَا وَصَلَ نَحْوَ النَّصَارَى الْمَسِيحُ، يَتَامَى النِّسَاءِ لِأَبِي عُثْمَانَ الضَّرِيرِ عَنِ الدُّورِيِّ عَنِ الْكِسَائِيِّ فَيَجِبُ فَتْحُ الصَّادِ مِنَ النَّصَارَى وَالتَّاءِ مِنْ يَتَامَى مِنْ أَجْلِ فَتْحِ الرَّاءِ وَالْمِيمِ بَعْدَ الْأَلِفِ وَصْلًا فَإِذَا وَقَفَ عَلَيْهِمَا لَهُ

ص: 81