المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

تِلْكَ الْغُنَّةَ غُنَّةُ الْمِيمِ لَا غُنَّةُ النُّونِ وَالتَّنْوِينِ لِانْقِلَابِهِمَا إِلَى - النشر في القراءات العشر - جـ ٢

[ابن الجزري]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ الْإِدْغَامِ الصَّغِيرِ

- ‌بَابُ حُرُوفٍ قَرُبَتْ مَخَارِجُهَا

- ‌بَابُ أَحْكَامِ النُّونِ السَّاكِنَةِ وَالتَّنْوِينِ

- ‌ الْإِظْهَارُ)

- ‌ الْإِدْغَامُ)

- ‌الْقَلْبِ

- ‌ الْإِخْفَاءَ

- ‌بَابُ مَذَاهِبِهِمْ فِي‌‌ الْفَتْحِ

- ‌ الْفَتْحِ

- ‌الْإِمَالَةِ

- ‌أَسْبَابُ الْإِمَالَةِ)

- ‌ وُجُوهُ الْإِمَالَةِ)

- ‌فَصْلٌ [في إمالة الألف التي بعدها راء متطرفة مكسورة]

- ‌[فصل في إمالة الألف التي هي عين من الفعل الثلاثي الماضي]

- ‌فَصَلٌ فِي إِمَالَةِ حُرُوفٍ مَخْصُوصَةٍ غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ

- ‌فَصْلٌ فِي إِمَالَةِ أَحْرُفِ الْهِجَاءِ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ

- ‌بَابُ إِمَالَةِ هَاءِ التَّأْنِيثِ وَمَا قَبْلَهَا فِي الْوَقْفِ

- ‌بَابُ مَذَاهِبِهِمْ فِي تَرْقِيقِ الرَّاءَاتِ وَتَفْخِيمِهَا

- ‌فَصْلٌ فِي الْوَقْفِ عَلَى الرَّاءِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ تَغْلِيظِ اللَّامَاتِ

- ‌بَابُ الْوَقْفِ عَلَى أَوَاخِرِ الْكَلِمِ

- ‌(فَأَمَّا السُّكُونُ)

- ‌(وَأَمَّا الرَّوْمُ)

- ‌(وَأَمَّا الْإِشْمَامُ)

- ‌بَابُ الْوَقْفُ عَلَى مَرْسُومِ الْخَطِّ

- ‌(فَأَمَّا الْإِبْدَالُ)

- ‌(وَأَمَّا الْإِثْبَاتُ)

- ‌(وَأَمَّا الْحَذْفُ)

- ‌وَأَمَّا وَصْلُ الْمَقْطُوعِ رَسْمًا

- ‌وَأَمَّا قَطْعُ الْمَوْصُولِ

- ‌بَابُ مَذَاهِبِهِمْ فِي يَاءَاتِ الْإِضَافَةِ

- ‌الْفَصْلُ الْأَوَّلُفِي الْيَاءَاتِ الَّتِي بَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَفْتُوحَةٌ

- ‌الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْيَاءَاتِ الَّتِي بَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَكْسُورَةٌ

- ‌الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْيَاءَاتِ الَّتِي بَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَضْمُومَةٌ

- ‌الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْيَاءَاتِ الَّتِي بَعْدَهَا هَمْزَةُ وَصْلٍ مَعَ لَامِ التَّعْرِيفِ

- ‌الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي الْيَاءَاتِ الَّتِي بَعْدَهَا هَمْزَةُ وَصْلٍ مُجَرَّدَةٌ عَنِ اللَّامِ

- ‌[الفصل السادس:] فِي الْيَاءَاتِ الَّتِي لَمْ يَقَعْ بَعْدَهَا هَمْزَةُ قَطْعٍ، وَلَا وَصْلٍ، بَلْ حَرْفٌ مِنْ بَاقِي حُرُوفِ الْمُعْجَمِ

- ‌بَابُ مَذَاهِبِهِمْ فِي يَاءَاتِ الزَّوَائِدِ

- ‌بَابُ بَيَانِ إِفْرَادِ الْقِرَاءَاتِ وَجَمْعِهَا

- ‌بَابُ فَرْشِ الْحُرُوفِ

- ‌ سُورَةِ الْبَقَرَةِ

- ‌سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ

- ‌سُورَةُ النِّسَاءِ

- ‌سُورَةُ الْمَائِدَةِ

- ‌سُورَةُ الْأَنْعَامِ

- ‌سُورَةُ الْأَعْرَافِ

- ‌سُورَةُ الْأَنْفَالِ

- ‌سُورَةُ التَّوْبَةِ

- ‌سُورَةُ يُونُسَ

- ‌سُورَةُ هُودٍ

- ‌سُورَةُ يُوسُفَ

- ‌سُورَةُ الرَّعْدِ

- ‌سُورَةُ إِبْرَاهِيمَ

- ‌سُورَةُ الْحِجْرِ

- ‌سُورَةُ النَّحْلِ

- ‌سُورَةُ الْإِسْرَاءِ

- ‌سُورَةُ الْكَهْفِ

- ‌سُورَةُ مَرْيَمَ

- ‌سُورَةُ طه

- ‌سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ

- ‌سُورَةُ الْحَجِّ

- ‌سُورَةُ الْمُؤْمِنُونَ

- ‌سُورَةُ النُّورِ

- ‌سُورَةُ الْفُرْقَانِ

- ‌سُورَةُ الشُّعَرَاءِ

- ‌سُورَةُ النَّمْلِ

- ‌سُورَةُ الْقَصَصِ

- ‌سُورَةُ الْعَنْكَبُوتِ

- ‌سُورَةُ الرُّومِ

- ‌سُورَةُ لُقْمَانَ

- ‌سُورَةُ السَّجْدَةِ

- ‌سُورَةُ الْأَحْزَابِ

- ‌سُورَةُ سَبَأٍ

- ‌سُورَةُ فَاطِرٍ

- ‌سُورَةُ يس

- ‌سُورَةُ وَالصَّافَّاتِ

- ‌سُورَةُ ص

- ‌سُورَةُ الزُّمَرِ

- ‌سُورَةُ الْمُؤْمِنِ

- ‌سُورَةُ فُصِّلَتْ

- ‌سُورَةُ الشُّورَى

- ‌سُورَةُ الزُّخْرُفِ

- ‌سُورَةُ الدُّخَانِ

- ‌سُورَةُ الْجَاثِيَةِ

- ‌سُورَةُ الْأَحْقَافِ

- ‌سُورَةُ مُحَمَّدٍ

- ‌سُورَةُ الْفَتْحِ

- ‌سُورَةُ الْحُجُرَاتِ

- ‌سُورَةُ ق

- ‌سُورَةُ الذَّارِيَاتِ

- ‌سُورَةُ الطُّورِ

- ‌سُورَةُ " وَالنَّجْمِ

- ‌سُورَةُ اقْتَرَبَتْ

- ‌سُورَةُ الرَّحْمَنِ

- ‌سُورَةُ الْوَاقِعَةِ

- ‌سُورَةُ الْحَدِيدِ

- ‌سُورَةُ الْمُجَادِلَةِ

- ‌سُورَةُ الْحَشْرِ

- ‌سُورَةُ الْمُمْتَحِنَةِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الصَّفِّ إِلَى سُورَةِ الْمُلْكِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الْمُلْكِ إِلَى سُورَةِ الْجِنِّ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الْجِنِّ إِلَى سُورَةِ النَّبَأِ

- ‌وَمِنْ سُورَةِ النَّبَأِ إِلَى سُورَةِ الْأَعْلَى

- ‌وَمِنْ سُورَةِ الْأَعْلَى إِلَى آخِرِ الْقُرْآنِ

- ‌بَابُ التَّكْبِيرِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي سَبَبِ وُرُودِهِ

- ‌الْفَصْلُ الثَّانِي: فِي ذِكْرِ مَنْ وَرَدَ عَنْهُ وَأَيْنَ وَرَدَ وَصِيغَتِهِ

- ‌الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي صِيغَتِهِ وَحُكْمِ الْإِتْيَانِ بِهِ وَسَبَبِهِ

- ‌الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي أُمُورٍ تَتَعَلَّقُ بِخَتْمِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ

الفصل: تِلْكَ الْغُنَّةَ غُنَّةُ الْمِيمِ لَا غُنَّةُ النُّونِ وَالتَّنْوِينِ لِانْقِلَابِهِمَا إِلَى

تِلْكَ الْغُنَّةَ غُنَّةُ الْمِيمِ لَا غُنَّةُ النُّونِ وَالتَّنْوِينِ لِانْقِلَابِهِمَا إِلَى لَفْظِهَا وَهُوَ اخْتِيَارُ الدَّانِيِّ وَالْمُحَقِّقِينَ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ ذَهَبَ بِ‌

‌الْقَلْبِ

فَلَا فَرْقَ فِي اللَّفْظِ بِالنُّطْقِ بَيْنَ مِنْ مَنْ، وَإِنَّ مِنَ وَبَيْنَ هُمْ مِنْ، وَأَمْ مَنْ وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ إِدْغَامُ الْغُنَّةِ وَإِذْهَابُهَا عِنْدَ الْمِيمِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ، إِذْ لَا يُمْكِنُ النُّطْقُ بِهِ وَلَا هُوَ فِي الْفِطْرَةِ وَلَا الطَّاقَةِ وَهُوَ خِلَافُ إِجْمَاعِ الْقُرَّاءِ، وَالنَّحْوِيِّينَ، وَلَعَلَّهُمْ أَرَادُوا بِذَلِكَ غُنَّةَ الْمُدْغَمِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

وَأَمَّا الْحُكْمُ الثَّالِثُ وَهُوَ (الْقَلْبُ) فَعِنْدَ حَرْفٍ وَاحِدٍ وَهِيَ الْبَاءُ فَإِنَّ النُّونَ السَّاكِنَةَ وَالتَّنْوِينَ يُقْلَبَانِ عِنْدَهَا مِيمًا خَالِصَةً مِنْ غَيْرِ إِدْغَامٍ وَذَلِكَ نَحْوَ أَنْبِئْهُمْ، وَمِنْ بَعْدِ، وَصُمٌّ بُكْمٌ وَلَا بُدَّ مِنْ إِظْهَارِ الْغُنَّةِ مَعَ ذَلِكَ فَيَصِيرُ فِي الْحَقِيقَةِ إِخْفَاءُ الْمِيمِ الْمَقْلُوبَةِ عِنْدَ الْبَاءِ فَلَا فَرْقَ حِينَئِذٍ فِي اللَّفْظِ بَيْنَ أَنْ بُورِكَ، وَبَيْنَ: يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي إِخْفَاءِ الْمِيمِ وَلَا فِي إِظْهَارِ الْغُنَّةِ فِي ذَلِكَ وَمَا وَقَعَ فِي كُتُبِ بَعْضِ مُتَأَخِّرِيِ الْمَغَارِبَةِ مِنْ حِكَايَةِ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ فَوَهْمٌ، وَلَعَلَّهُ انْعَكَسَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْمِيمِ السَّاكِنَةِ عِنْدَ الْبَاءِ. وَالْعَجَبُ أَنَّ شَارِحَ أُرْجُوزَةِ ابْنِ بَرِّي فِي قِرَاءَةِ نَافِعٍ حَكَى ذَلِكَ عَنِ الدَّانِيِّ. وَإِنَّمَا حَكَى الدَّانِيُّ ذَلِكَ فِي الْمِيمِ السَّاكِنَةِ لَا الْمَقْلُوبَةِ وَاخْتَارَ مَعَ ذَلِكَ‌

‌ الْإِخْفَاءَ

. وَقَدْ بَسَطْنَا بَيَانَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ التَّمْهِيدِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

وَأَمَّا الْحُكْمُ الرَّابِعُ وَهُوَ (الْإِخْفَاءُ) وَهُوَ عِنْدَ بَاقِي حُرُوفِ الْمُعْجَمِ وَجُمْلَتُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ حَرْفًا وَهِيَ: التَّاءُ، وَالثَّاءُ، وَالْجِيمُ، وَالدَّالُ، وَالذَّالُ، وَالزَّايُ، وَالسِّينُ، وَالشِّينُ، وَالصَّادُ، وَالضَّادُ، وَالطَّاءُ، وَالظَّاءُ، وَالْفَاءُ، وَالْقَافُ، وَالْكَافُ. نَحْوَ: كُنْتُمْ، وَمَنْ تَابَ، جَنَّاتٍ تَجْرِي، وَالْأُنْثَى، مِنْ ثَمَرَةٍ، قَوْلًا ثَقِيلًا، أَنْجَيْتَنَا، إِنْ جَعَلَ، خَلْقٍ جَدِيدٍ، أَنْدَادًا، مِنْ دَابَّةٍ، وَكَأْسًا دِهَاقًا، أَأَنْذَرْتَهُمْ، مِنْ ذَهَبٍ، وَكِيلًا ذُرِّيَّةَ، تَنْزِيلُ، مِنْ زَوَالٍ، صَعِيدًا زَلَقًا، وَالْإِنْسَانُ، مِنْ سُوءٍ. وَرَجُلًا سَلَمًا، فَأَنْشَرْنَا، إِنْ شَاءَ، غَفُورٌ شَكُورٌ، وَالْأَنْصَارِ، أَنْ صَدُّوكُمْ، جِمَالَةٌ صُفْرٌ، مَنْضُودٍ، مَنْ ضَلَّ، وَكُلًّا ضَرَبْنَا، الْمُقَنْطَرَةِ، مِنْ طِينٍ، صَعِيدًا طَيِّبًا،

ص: 26

يُنْظَرُونَ، مِنْ ظَهِيرٍ، ظِلًّا ظَلِيلًا، فَانْفَلَقَ، مِنْ فَضْلِهِ، خَالِدًا فِيهَا، فَانْقَلَبُوا، مِنْ قَرَارٍ، سَمِيعٌ قَرِيبٌ، الْمُنْكَرِ، مِنْ كِتَابٍ، كِتَابٌ كَرِيمٌ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِخْفَاءَ عِنْدَ أَئِمَّتِنَا هُوَ حَالٌ بَيْنَ الْإِظْهَارِ وَالْإِدْغَامِ. قَالَ الدَّانِيُّ: وَذَلِكَ أَنَّ النُّونَ وَالتَّنْوِينَ لَمْ يَقْرُبَا مِنْ هَذِهِ الْحُرُوفِ كَقُرْبِهِمَا مِنْ حُرُوفِ الْإِدْغَامِ فَيَجِبُ إِدْغَامُهُمَا فِيهِنَّ مِنْ أَجْلِ الْقُرْبِ وَلَمْ يَبْعُدَا مِنْهُنَّ كَبُعْدِهِمَا مِنْ حُرُوفِ الْإِظْهَارِ فَيَجِبُ إِظْهَارُهُمَا عِنْدَهُنَّ مِنْ أَجْلِ الْبُعْدِ فَلَمَّا عُدِمَ الْقُرْبُ الْمُوجِبُ لِلْإِدْغَامِ وَالْبُعْدُ الْمُوجِبُ لِلْإِظْهَارِ أُخْفِيَا عِنْدَهُنَّ فَصَارَا لَا مُدْغَمَيْنِ وَلَا مُظْهَرَيْنِ، إِلَّا أَنَّ إِخْفَاءَهُمَا عَلَى قَدْرِ قُرْبِهِمَا مِنْهُنَّ، وَبُعْدِهِمَا عَنْهُنَّ فَمَا قَرُبَا مِنْهُ كَانَا عِنْدَهُ أَخْفَى مِمَّا بَعُدَا عِنْدَهُ قَالَ: وَالْفَرْقُ عِنْدَ الْقُرَّاءِ، وَالنَّحْوِيِّينَ بَيْنَ الْمَخْفِيِّ وَالْمُدْغَمِ أَنَّ الْمَخْفِيَّ مُخَفَّفٌ وَالْمُدْغَمَ مُشَدَّدٌ انْتَهَى - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

تَنْبِيهَاتٌ

(الْأَوَّلُ) : أَنَّ مَخْرَجَ النُّونِ وَالتَّنْوِينِ مَعَ حُرُوفِ الْإِخْفَاءِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ مِنَ الْخَيْشُومِ فَقَطْ وَلَا حَظَّ لَهُمَا مَعَهُنَّ فِي الْفَمِ لِأَنَّهُ لَا عَمَلَ لِلِّسَانِ فِيهِمَا كَعَمَلِهِ فِيهِمَا مَعَ مَا يَظْهَرَانِ عِنْدَهُ، أَوْ مَا يُدْغَمَانِ فِيهِ بِغُنَّةٍ وَحُكْمُهُمَا مَعَ الْغَيْنِ وَالْخَاءِ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ كَذَلِكَ، وَذَلِكَ مِنْ حَيْثُ أَجْرَى الْغَيْنَ وَالْخَاءَ مَجْرَى حُرُوفِ الْفَمِ لِلتَّقَارُبِ الَّذِي بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُنَّ، فَصَارَ مَخْرَجُ النُّونِ وَالتَّنْوِينِ مَعَهُمَا كَمَخْرَجِهِمَا مَعَهُنَّ، وَمَخْرَجُهُمَا عَلَى مَذْهَبِ الْبَاقِينَ الْمُظْهِرِينَ مِنْ أَصْلِ مَخْرَجِهِمَا، وَذَلِكَ مِنْ حَيْثُ أَجْرَوُا الْعَيْنَ وَالْخَاءَ مَجْرَى بَاقِي حُرُوفِ الْحَلْقِ لِكَوْنِهِمَا مِنْ جُمْلَتِهِنَّ دُونَ حُرُوفِ الْفَمِ.

(الثَّانِي) : الْإِدْغَامُ بِالْغُنَّةِ فِي الْوَاوِ وَالْيَاءِ، وَكَذَلِكَ فِي اللَّامِ وَالرَّاءِ عِنْدَ مَنْ رَوَى ذَلِكَ هُوَ إِدْغَامٌ غَيْرُ كَامِلٍ مِنْ أَجْلِ الْغُنَّةِ الْبَاقِيَةِ مَعَهُ. وَهُوَ عِنْدَ مَنْ أَذْهَبَ الْغُنَّةَ إِدْغَامٌ كَامِلٌ. وَقَالَ بَعْضُ أَئِمَّتِنَا إِنَّمَا هُوَ إِخْفَاءٌ، وَإِطْلَاقُ الْإِدْغَامِ

ص: 27

عَلَيْهِ مَجَازٌ، وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ أَبُو الْحَسَنِ السَّخَاوِيُّ فَقَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّ حَقِيقَةَ ذَلِكَ إِخْفَاءٌ لَا إِدْغَامٌ، وَإِنَّمَا يَقُولُونَ لَهُ إِدْغَامٌ مَجَازًا. قَالَ: وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ إِخْفَاءٌ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُبْقِي الْغُنَّةَ وَيَمْنَعُ تَمْحِيضَ الْإِدْغَامِ إِلَّا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَشْدِيدٍ يَسِيرٍ فِيهِمَا. قَالَ: وَهُوَ قَوْلُ الْأَكَابِرِ قَالُوا: الْإِخْفَاءُ مَا بَقِيَتْ مَعَهُ الْغُنَّةُ (قُلْتُ) : وَالصَّحِيحُ مِنْ أَقْوَالِ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ إِدْغَامٌ نَاقِصٌ مِنْ أَجْلِ صَوْتِ الْغُنَّةِ الْمَوْجُودَةِ مَعَهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ صَوْتِ الْإِطْبَاقِ الْمَوْجُودِ مَعَ الْإِدْغَامِ فِي أَحَطتُ ; وَبَسَطْتَ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ إِدْغَامٌ وُجُودُ التَّشْدِيدِ فِيهِ إِذِ التَّشْدِيدُ مُمْتَنِعٌ مَعَ الْإِخْفَاءِ. قَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو: فَمَنْ أَبْقَى غُنَّةَ النُّونِ وَالتَّنْوِينِ مَعَ الْإِدْغَامِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِدْغَامًا صَحِيحًا فِي مَذْهَبِهِ لِأَنَّ حَقِيقَةَ بَابِ الْإِدْغَامِ الصَّحِيحِ أَنْ لَا يَبْقَى فِيهِ مِنَ الْحَرْفِ الْمُدْغَمِ أَثَرٌ إِذْ كَانَ لَفْظُهُ يَنْقَلِبُ إِلَى لَفْظِ الْمُدْغَمِ فِيهِ فَيَصِيرُ مَخْرَجُهُ مِنْ مَخْرَجِهِ بَلْ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ كَالْإِخْفَاءِ الَّذِي يَمْتَنِعُ فِيهِ الْحَرْفُ مِنَ الْقَلْبِ لِظُهُورِ صَوْتِ الْمُدْغَمِ وَهُوَ الْغُنَّةُ. أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ أَدْغَمَ النُّونَ وَالتَّنْوِينَ وَلَمْ يُبْقِ غُنَّتَهُمَا قَلَبَهُمَا حَرْفًا خَالِصًا مِنْ جِنْسِ مَا يُدْغَمَانِ فِيهِ؟ فَعُدِمَتِ الْغُنَّةُ بِذَلِكَ رَأْسًا فِي مَذْهَبِهِ ; إِذْ غَيْرُ مُمْكِنٍ أَنْ تَكُونَ مُنْفَرِدَةً فِي غَيْرِ حَرْفٍ، أَوْ مُخَالِطَةً لِحَرْفٍ لَا غُنَّةَ فِيهِ لِأَنَّهَا مِمَّا تَخْتَصُّ بِهِ النُّونُ وَالْمِيمُ لَا غَيْرَ.

(الثَّالِثُ) : أَطْلَقَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى الْغُنَّةِ فِي اللَّامِ وَعَمَّمَ كُلَّ مَوْضِعٍ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إِذَا كَانَ مُنْفَصِلًا رَسْمًا نَحْوَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا، أَنْ لَا يَقُولُوا وَمَا كَانَ مِثْلُهُ مِمَّا ثَبَتَتِ النُّونُ فِيهِ، أَمَّا إِذَا كَانَ مُنْفَصِلًا رَسْمًا نَحْوَ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ. فِي هُودٍ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ فِي الْكَهْفِ. وَنَحْوَهُ مِمَّا حُذِفَتْ مِنْهُ النُّونُ فَإِنَّهُ لَا غُنَّةَ فِيهِ لِمُخَالَفَةِ الرَّسْمِ فِي ذَلِكَ وَهَذَا اخْتِيَارُ الْحَافِظِ أَبِي عَمْرٍو الدَّانِيِّ، وَغَيْرِهِ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ، قَالَ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ: وَاخْتَارَ فِي مَذْهَبِ مَنْ يُبْقِي الْغُنَّةَ مَعَ الْإِدْغَامِ عِنْدَ اللَّامِ أَلَّا يُبْقِيَهَا إِذَا عُدِمَ رَسْمُ النُّونِ فِي الْخَطِّ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى مُخَالَفَتِهِ لِلَفْظِهِ بِنُونٍ لَيْسَتْ فِي الْكِتَابِ. قَالَ: وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فِي هُودٍ، وَفِي قَوْلِهِ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا

ص: 28