الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - باب: شروط الصّلاة
122 -
قال الْمُصَنف (1):
"ويجب على المصلي تطهير ثوبة:
1 - طهارة الثوب:
لنصّ القرآن: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} ولقوله صلى الله عليه وسلم لمن سأله: هل يصلي في الثّوب الذي يأتي فيه أهله؟ فقال: "نعم؛ إلا أن يرى فيه شيئًا، فيغسلَه"، أخرجه أحمد، وابن ماجه، ورجال إسناده ثقات.
ومثله عن معاوية، قال: قلت لأم حبيبة: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في الثوب الذي يجامع فيه؟ قالت: نعم؛ إذا لم يكن فيه أذى؛ أخرجه أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه؛ بإسناد رجاله ثقات.
ومنها حديث خلعه صلى الله عليه وسلم النعل؛ أخرجه أحمد، وأبو داود، والحاكم، وابن خزمة، وابن حِبان، وله طُرُق عن جماعة من الصحابة يقوي بعضها بعضًا.
ومنها الأدلة في تعيين النجاسات.
2 - طهارة البدن:
وبدنه: لأنه أولى من تطهير الثوب، ولما ورد من وجوب تطهيره.
3 - طهارة المكان:
ومكانه من النجاسة: لما ثبت عنه، صلى الله عليه وسلم من رش الذنوب على بول الأعرابي، ونحو ذلك.
(1)(1/ 251 - 253).
وقد ذهب الجمهور إلى وجوب تطهير الثلاثة للصلاة، وذهب جمع إلى أن ذلك شرط لصحة الصلاة، وذهب آخرون إلى أنه سنة، والحق الوجوب؛ فمن صلى ملابسًا لنجاسة عامدًا؛ فقد أخل بواجب، وصلاته صحيحة، والشرطية التي يؤثر عدمها في عدم المشروط -كما قزره أهل الأصول-؛ لا يصلح للدلالة عليها إلا ما كان يفيد ذلك، مثل نفي القبول، أو نحو: لا صلاة لمن صلّى في مكان متنجس، أو النّهي عن الصلاة في المكان المتنجس؛ لدلالة النهي على الفساد.
وأما مجرّد الأمر فلا يصلح لإثبات الشروط؛ اللهم إلا على قول من قال: إن الأمر بالشيء نهي عن ضده، فليكن هذا منك على ذَكْرٍ، فإنك إن تفطنت له رأيت العجب في كتب الفقه، فإنهم كثيرًا ما يجعلون الشيء شرطًا، ولا يستفاد من دليله غير الوجوب، وكثيرًا ما يجعلون الشيء واجبًا، ودليله يدل على الشرطية، والسبب الحامل على ذلك: عدمُ مراعاة القواعد الأُصولية والذهول عنها.
والحاصل: أن ما دلّ على الشرطية دل على الوجوب وزيادة، وهو تأثير بطلان المشروط، وما دل على الوجوب لا يدلُّ على الشرطية؛ لأن غاية الواجب أنَّ تاركه يُذَمُّ، وأمَّا أنَّه يستلزم بطلانَ الشيء الّذي ذلك الواجبُ جزءٌ من أجزائه، أو عارض من عوارضه: فلا.
فمن حكم على الشيء بالوجوب وجعل عدمه موجبًا للبطلان أو حكم على الشيء بالشرطية، ولم يجعل عدمه موجبًا للبطلانْ فقد غفل عن هذين المفهومين".
قال الفقير إلى عفو ربه: إنَّما سمي الشرط شرطًا لتقدمه على الصلاة، ووجوبه من حين الدخول فيها كأشراط الساعة، وشروط الطلاق، وشروط الحمل، والشروط في العقود ونحو ذلك، وفي الجملة فالخلاف في عبارة لا في معنى.
وصورة المسألة -التي يتبين بها كون إزالة النجاسة شرطًا هي-: فيما لو دخل الصلاة عالمًا بها متعقدًا، فهل تصح صلاته؟
المتأمّل في الأدلة الواردة في السنة كقوله صلى الله عليه وسلم: "تنرهوا من البول، فإنّ عامّة عذاب القبر منه".
أخرجه: أحمد (1) وابن ماجة (2)، والدارقطني (3).
وقوله صلى الله عليه وسلم: "حتيه، ثم اقرصيه، ثم انضحيه، ثم صلي فيه" متفق عليه، البخاري (4) ومسلم (5).
وقوله صلى الله عليه وسلم: "إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من البول ولا القذر" متفق عليه البخاري (6) ومسلم (7).
"وأمر جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم بخلع نعليه" رواه أبو داود (8)، وأحمد (9)، والبيهقي (10).
-مع كونه غير عالم بها لا متعمدًا- كل ذلك يدل على أنّ الشّارع لم يأذن للعبد أن يصلي بالنجاسة أو أن يستمر بالصلاة بها إذا لم يعلم إلا بعد الشروع فيها، وقد قال صلى الله عليه وسلم:"من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد" متفق عليه، البخاري (11) ومسلم (12).
بهذا يتبين بطلان صلاة من صلّى بالنجاسة عالمًا بها قادرًا على
(1)"المسند"(2/ 326).
(2)
"السنن"(348).
(3)
"السنن"(1/ 47).
(4)
(307).
(5)
(675).
(6)
(220).
(7)
(661).
(8)
(650).
(9)
(3/ 20 - 92).
(10)
(2/ 431).
(11)
(2697).
(12)
(4493).
إزالتها، وهو داخل في قوله -تعالى-:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115)} (1)، وقوله:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)} (2).
123 -
قال الْمصَنِّف (3):
"وحديث الخمار إذا انتهض للاستدلال به على الشرطية: فهو خاص بالمرأة وقد عرفت مما سلف أن الذي يَسْتَلْزِمُ عدمُه عدمَ الصلاة -أي: بطلانها- هو الشرط أو الركن، لا الواجب، فمن زعم أن من ظهر شيء من عورته في الصلاة، أو صلى بثياب متنجسة؛ كانت صلاته باطلة: فهو مطالب بالدليل، ولا ينفعه مجرد الأوامر بالسَّتر أو التطهير؛ فإن غاية ما يستفاد منها الوجوب".
قال الفقير إلى عفو ربه: تقدم الجواب عليه.
124 -
قال الْمصَنِّف (4):
"ولا يسدل: الحديث النّهي عن السدل في الصلاة؛ وهو عند أحمد وأبي داود، والترمذي، والحاكم في "المستدرك" وفي الباب عن جماعة من الصحابة.
والسدل: هو إسبال الرجل ثوبه من غير أن يضم جانبيه بين يديه، بل يلتحف به، ويدخل يديه من داخل، فيركع ويسجد وهو كذلك".
قال الفقير إلى عفو ربه: أي: طرح ثوبه على كتفيه ولا يرد طرفه على الآخر، فإن رد أحد طرفيه على الكتف الأخرى، أو ضم طرفيه لم
(1)[النساء: 115].
(2)
[النور: 63].
(3)
(1/ 254).
(4)
(1/ 255).
يكره، وإن طرح القباء على الكتفين من غير أن يدخل يديه في الكفين فلا بأس بذلك باتفاق الفقهاء وليس من السدل المكروه، أفاده شيخ الإسلام (1).
125 -
قال الْمُصَنِّف (2):
"ولا يصلي في ثوب حرير: والأحاديث في ذلك كثيرة، وكلها يَدلُّ على المنع من لبس ثوب الحرير الخالص.
وأما المشوب: فالمذاهب في ذلك معروفة، فبعض الأحاديث يدلُّ على أنّه إنما يحرم الخالص لا المَشوب، كحديث ابن عباس عند أحمد، وأبي داود، قال: إنّما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الثوب المُصْمَت من القزّ.
قال ابن عباس: أما السديُّ والعَلَم؛ فلا نرى به بأسًا.
وبعضها يدل على المنع، كما وردت في حُلة السيراء؛ فإنه غضب لَما رأى عليًّا قد لبسها، وقال:"إني لم أبعث بها إليك لتلبسها، إنما بعثت بها إليك لتُشَقِّقَها خُمُرًا بين النساء"، وهو في "الصحيح".
والسِّيَراء -قد قيل-: إنَّها المخلوطة بالحرير لا الحرير الخالص، وقيل: إنها الحرير الخالص المخطط، وقيل غير ذلك.
ولكنه قد ورد في طريق من طرق هذا الحديث ما يفيد أنها غير خالصة، فأخرج ابن أبي شيبة، وابن ماجة، والدورقي، هذا الحديث بلفظ: قال علي: "أهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حلة مسيرة، إما سداها، وإما لحمتها" فذكر الحديث".
قال الفقير إلى عفو ربه: وينبغي أن يقيد ذلك بما رواه مسلم (3) عن عمر: "نهى نبي الله صلى الله عليه وسلم عن لبس الحرير إلا موضع إصبعين أو ثلاث أو أربع" كالطراز ويحرم الزائد.
(1)"الإحكام" للعلامة عبد الرحمن بن قاسم (1/ 166).
(2)
(1/ 256).
(3)
(5147).