المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌14 - باب: صلاة الكسوفين - النكت العلمية على الروضة الندية

[عبد الله العبيلان]

الفصل: ‌14 - باب: صلاة الكسوفين

فالصحابة أقوالهم فيها مختلفة، فالعجب من المصنف رحمه الله: كيف فطن لهذا في تلك، ولم يفطن في هذه!

وأما شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله؛ فالباب عنده واحد في كلا المسألتين.

وملخص القول في هذه المسألة: أن المسافر لا يخلو من أحوال:

الأولى: أن يكون سائرًا في الطريق؛ فهذا يقصر بالاتفاق.

الثانية: أن يصل إلى المدينة؛ وهو لا يجمع الإقامة التي تخرجه عن حد السفر، كحال النبي صلى الله عليه وسلم فهذا يقصر من غير تحديد.

الثالثة: أن يصل إلى بلد غير بلده، ويعزم على البقاء فترة تخرجه عن حدّ السفر -عرفًا- فهذا يتم ولا يقصر، والله أعلم.

‌14 - باب: صلاة الكسوفين

195 -

قال الْمُصَنِّف (1):

"وهي صلاة الآيات وهي سنَّة.

قال الماتن في "شرحه": أي: لعدم ورود ما يفيد الوجوب، ومجرد الفعل لا يفيد زيادة على كون المفعول مسنونًا، انتهى.

وزاد في "السيل الجرار": "اعلم أنه قد اجتمع هاهنا في صلاة الكُسوف الفعل والقول، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الشمس والقمر آيتان من آياتِ اللهِ، وإنهما لا يكسفان لموت أحدٍ ولا لحياته، فإذا رأيتموهما كذلك؛ فافزعوا إلى المساجد"، وفي رواية: "فصلوا وادعوا"، والظاهر الوجوب؛ فإن صح ما قيل من وقوع الإجماع على عدم الوجوب؛ كان صارفًا وإلا فلا "انتهى".

(1)(1/ 410).

ص: 206

قال الفقير إلى عفو ربه:

والأظهر: هو القول بالوجوب، لقوله صلى الله عليه وسلم:"فإذا رأيتم ذلك "فافزعوا إلى ذكر الله وإلى الصلاة". متفق عليه (1).

وفي رواية لمسلم (2): "فصلوا وادعوا الله، حتى يكشف ما بكم".

ولما كسفت الشمس خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم: مسرعًا فزعًا يجرّ رداءَه، وأخبر أنّ كسوفها سبب لنزول عذاب للناس، وأمر بما يزيل الخوف، فأمر بالصلاة والدعاء والاستغفار والصدقة والعتق.

وثبت في "الصحيح"(3): "أنّ النبي صلى الله عليه وسلم بعث مناديًا ينادي: "الصلاة جامعة".

وروى ابن أبي شيبة (4)، قال: حدثنا وكيع: ثنا سفيان عن عاصم بن عبيد الله، قال:"رأيت ابن عمر يهرول إلى المسجد في كسوف الشّمس، ومعه نعلاه".

196 -

قال الْمصَنِّف (5):

"يقرأ بين كل ركوعين وورد في كل كل ركعة ركوع: فقط في "صحيح مسلم" من حديث سموة".

قال الفقير إلى عفو ربه: قال الألباني رحمه الله: "ليس لسمرة حديث في مسلم، وكأَن الشوكاني سها فتبعه عليه المؤلف، فإن هذا الخطأ وقع في "الدراري المضية" للشوكاني (6)، وكأَنه أراد أن يقول: ابن سمرة -وهو عبد الرحمن-، فسها وقال: "سمرة".

(1) البخاري (1047)، مسلم (901).

(2)

(911).

(3)

البخاري (1045)، مسلم (901).

(4)

"المصنف"(2/ 470).

(5)

(1/ 412).

(6)

(1/ 214).

ص: 207

وحديث عبد الرحمن هذا في "مسلم"(1) بلفظ: "فقرأ سورتين، وركع ركعتين"، وهذا اللّفظ ليس صريحًا فيما ذكره المؤلف، فقد تأوّله البيهقي وغيره بأن مراده بذلك في كل ركعة (2)

وبعد كتابة ما تقدم، رأيت الشوكاني قد وقع في هذا الخطأ في كتابه، "نيل الأوطار"(3) -أيضًا-، وصرح فيه (4) بأن في الحديث الجملة التي نقلتها عن مسلم آنفًا" (5).

197 -

قال الْمُصَنِّف (6):

"وقد أورد على هذه الروايات المنسوبة إلى فعله صلى الله عليه وسلم إشكال هو: أنّه لم يصلها صلى الله عليه وسلم غير مرة واحدة فكيف تشعبت الروايات إلى هذه الصفات؟ وقد أُجيب عن ذلك بأجوبة ذكرها الماتن رحمه الله".

قال الفقير إلى عفو ربه: قال شيخ الإسلام: قد ورد في صلاة الكسوف أنواع؛ ولكن الذي استفاض عن أهل العلم بسنة النبي صلى الله عليه وسلم؛ ما رواه البخاري ومسلم من غير وجه -وهو الّذي استحبه أكثر أهل العلم- كمالك، والشافعي، وأحمد-:"أنه صلى بهم ركعتين، في كل ركعة ركوعان"، وقال البخاري وغيره من أهل العلم بالحديث: لا مساغ لحمل هذه الأحاديث -يعني: "في كل ركعة ثلاث ركوعات أو أربع أو خمس- على بيان الجواز إلا إذا تعددت الواقعة، وهي لم تتعدد، لأن مرجعها كلها إلى صلاته صلى الله عليه وسلم في كسوف الشمس يوم مات ابنه إبراهيم، وحينئذٍ يجب ترجيح أخبار الركوعين فقط؛ لأنّها أصح وأشهر"(7).

(1)(910).

(2)

انظر (25) من رسالتنا في "الكسوف".

(3)

(3/ 281).

(4)

(3/ 281).

(5)

"التعليقات الرضية"(1/ 412).

(6)

(1/ 414).

(7)

"الإحكام" للعلَّامة عبد الرحمن بن قاسم (1/ 499).

ص: 208