الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(خُذ جملَة الْبلوى ودع تفصيلها
…
مَا فِي الْبَريَّة كلهَا إِنْسَان)
(وَإِذا البياذق فِي الدسوت تفرزنت
…
فَالرَّأْي أَن يتبيذق الفرزان)
وَمِنْه أَيْضا الْكَامِل
(هَل لأيري مِمَّا عراه طَبِيب
…
أم لَهُ فِي هوى الملاح نصيب)
(يَا فقاح الملاح مَا لقضيبي
…
كل يَوْم يَأْتِي عَلَيْهِ عصيب)
(إِن جلدي عميرَة قد براني
…
فَأَنا مغرم سقيم كئيب)
(وبأيري لَا أير غَيْرِي غزال
…
آنس نافر بعيد قريب)
(تحسد الشَّمْس وَجهه وينادي ال
…
آمن من قده الْقَضِيب الرطيب)
وشعره ثَلَاث مجلدات غالبه سخف ومجون أَرَادَ يَحْكِي طَريقَة ابْن حجاج وَلَكِن فَاتَهُ الشنب وَله نتائج الفطنة فِي نظم كليلة ودمنة وَله كتاب الصادح والباغم ألفا بَيت أدعى فِي آخِره أَنه نظمه فِي عشر سِنِين عمله لسيف الدولة صدفة وَله كتاب فلك الْمعَانِي وَتُوفِّي قبل سنة أَربع وَقيل سنة تسع وَخمْس مائَة وَهُوَ الصَّحِيح
3 -
(الْعِمَاد الْكَاتِب مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حَامِد)
ابْن مُحَمَّد بن عبد الله بن عَليّ بن مَحْمُود بن هبة الله بن أَله بِفَتْح الْهمزَة وَضم اللَّام وَهُوَ الْعقَاب بالعجمي عماد الدّين أَبُو عبد الله بن صفي الدّين أبي الْفرج ابْن نَفِيس الدّين أبي الرَّجَاء الْكَاتِب الْأَصْفَهَانِي الْمَعْرُوف بِابْن أخي الْعَزِيز ولد بأصبهان سنة تسع عشرَة وَخمْس مائَة وَقدم بَغْدَاد وَهُوَ ابْن عشْرين سنة أَو نَحْوهَا وَنزل النظامية وبرع فِي الْفِقْه على ابي مَنْصُور سعيد بن الرزاز واتقن الْخلاف والنحو وَالْأَدب وَسمع الحَدِيث من أبي الْحسن عَليّ بن هبة الله)
بن عبد السَّلَام وَأبي مَنْصُور مُحَمَّد بن عبد الْملك بن خيرون وَأبي المكارم الْمُبَارك بن عَليّ السَّمرقَنْدِي وَأبي بكر أَحْمد ابْن عَليّ الْأَشْقَر وَغَيرهم وروى وَسمع من السلفى بالاسكندرية وَكَانَ شَافِعِيّ
3 -
الْمَذْهَب وَلما مهر تعلق بالوزير عون الدّين ابْن هُبَيْرَة فولاه نظر الْبَصْرَة ثمَّ نظر وَاسِط فَلَمَّا مَاتَ الْوَزير ضعف أمره فَقدم دمشق سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وتعرف بمدبر الدولة القَاضِي كَمَال الدّين الشهرزوري واتصل بطريقة بِنَجْم الدّين أَيُّوب وَالِد السُّلْطَان صَلَاح الدّين وَكَانَ يعرف عَمه الْعَزِيز من تكريت فاستخدمه كَمَال الدّين عِنْد السُّلْطَان نور الدّين الشَّهِيد فِي الانشاء فجبن أَولا وَكَانَ ينشئ بالعجمية وترقت مَنْزِلَته عِنْد نور الدّين وجهزه رَسُولا إِلَى بَغْدَاد أَيَّام المستنجد وفوض إِلَيْهِ تدريس الْمدرسَة الْمَعْرُوفَة بالعمادية بِدِمَشْق ورتبه فِي إشراف الدِّيوَان فَلَمَّا مَاتَ نور الدّين وَقَامَ وَلَده ضويق من الَّذين حوله فسافر إِلَى الْعرَاق وَلما بلغه وُصُول صَلَاح الدّين إِلَى دمشق وَأَخذهَا عَاد إِلَى الشَّام وَصَلَاح الدّين على حلب فمدحه وَلزِمَ ركابه إِلَى أَن اسْتَكْتَبَهُ وَمَال إِلَيْهِ واطلعه على سره وَكَانَ يضاهي الوزراء وَإِذا انْقَطع الْفَاضِل بِمصْر لمصَالح صَلَاح الدّين
قَامَ مقَامه وَلم يزل كَذَلِك إِلَى أَن توفّي صَلَاح الدّين فاختلت أَحْوَاله وَلم يجد فِي وَجهه بَابا فَلَزِمَ بَيته وَأَقْبل على التصنيف إِلَى أَن توفّي مستهل شهر رَمَضَان سنة سبع وَتِسْعين وَخمْس مائَة وَدفن بمقابر الصُّوفِيَّة بِدِمَشْق وَكَانَ بَينه وَبَين القَاضِي الْفَاضِل سنة فِي الْوَفَاة ولعمري لقد كَانَ ذَا قدرَة على النّظم والنثر أَكثر مِنْهُ وَأرى أَن شعره ألطف من نثره لإنه أَكثر من الجناس فِيهِ وَبَالغ حَتَّى يعود كَلَامه كَأَنَّهُ ضرب من الرقي والعزائم وَإِنَّمَا لطف نظمه بِالنِّسْبَةِ إِلَى نثره لإن الْوَزْن كَانَ يضايقه فَلَا يَدعه يتَمَكَّن من الجناس وَقد عَابَ النَّاس مِمَّن لَهُ ذوق وفطرة سليمَة كَثْرَة التَّجْنِيس لإنه دَلِيل التَّكَلُّف وَقَالُوا كلما قل كَانَ أحسن ورؤى كالطراز فِي الثَّوْب وَالْخَال الْوَاحِد فِي الوجنة الْكَامِل
(والخد بهجته بخال وَاحِد
…
وتقل فِيهِ بِكَثْرَة الخيلان)
وَأَيْنَ مرماه من مرمى القَاضِي الْفَاضِل وَيَا بعد مَا بَين المنزعين وَيَا فرق مَا بَين الطَّرِيقَيْنِ الْكَامِل
(إِنِّي رَأَيْت الْبَدْر ثمَّ رَأَيْتهَا
…
مَاذَا عَليّ إِذا عشقت الأحسنا)
وَانْظُر إِلَى الْقُرْآن الْكَرِيم وَالْأَحَادِيث النَّبَوِيَّة والْآثَار المروية عَن الصَّحَابَة وَالسَّلَف هَل تَجِد)
الجناس فِي ذَلِك كُله إِلَّا أقل من غيبَة الرَّقِيب وَوصل الحبيب وَلم اقل هَذَا غضاً من قدره وَلَا فضاً لختم سره إِذْ هُوَ الْبَحْر العجاج وَفَارِس الْكِتَابَة الَّذِي يفرج بأنابيب أقلامه مضايق العجاج وَلَكِن لما زَاد فِي اسْتِعْمَال الجناس ضَاقَتْ بتردده الأنفاس وَأصْبح الْكَلَام من الْقُلُوب وحشياً وَمن الأسماع حوشيا أَلا ترى قَوْله فَلَمَّا أَرَادَ الله السَّاعَة الَّتِي جلاها لوَقْتهَا وَالْآيَة الَّتِي لَا أُخْت لَهَا فَتَقول هِيَ أكبر من أُخْتهَا أفضت اللَّيْلَة الماطلة إِلَى فجرها ووصلت الدُّنْيَا الْحَامِل إِلَى تَمام شهرها وَجَاءَت بواحدها الَّذِي تُضَاف إِلَيْهِ الْأَعْدَاد ومالكها الَّذِي لَهُ الأَرْض بِسَاط وَالسَّمَاء خيمة والحبك أطناب وَالْجِبَال أوتاد وَالشَّمْس دِينَار والقطر دَرَاهِم والأفلاك خدم والنجوم أَوْلَاد لما كَانَ هَذَا خَالِيا من الجناس عذب فِي السّمع وقعه واتسع فِي الْإِحْسَان صقعه ورشفه اللب مدامة وَكَانَ عِنْد من لَهُ ذوق أطرب من تغريد حمامة وَقَوله ورد الْكتاب الْكَرِيم الْأَشْرَف الَّذِي كرم وَشرف وأسعد وأسعف وأجنى الْعِزّ وأقطف وأوضح الْجد وَعرف وقوى الْعَزْم وَصرف والهج بِالْحَمْد وأشغف وَجمع شَمل الحبى وَألف فَوقف الْخَادِم عَلَيْهِ وأفاض فِي شكر فيض فَضله المستفيض وتبلج وَجه وجاهته وتأرج نبا نباهته مَا عرفه من عوارفه الْبيض وَأمنت بمكارمه المكاره وَزَاد فِي قدر التائه قدره النابه وافترت مباسم مراسمه عَن ثنايا مناجحه ورفد طلائع صنائعه فسر بمنن منائحه وَاسْتمرّ على هَذَا النهج إِلَى آخِره فَانْظُر إِلَى قلق هَذَا التَّرْتِيب وكل كَلَامه من هَذَا النمط وغالب مَا ينشئه إِذا تحامل السّمع لَهُ سقط وَلم يكفه هَذَا بل أَنه يكثر من رد الْعَجز على الصَّدْر كَقَوْلِه وسر أولياءه وأولي مسرته وأقدر يَده وأيد قدرته وآزر دولته وأدال موازرته وَبسط مكنته وَمكن بسطته وأسعد جده وَأَجد سعادته وَأَرَادَ نجحه وأنجح إِرَادَته وَأجل جيله وسر أسرته وحاط حماه وَحمى حوطته وَلَا زَالَ معروفه مواليا ومواليه مَعْرُوفا وَوَصفه حسنا وإحسانه مَوْصُوفا وألفه بارا وباره مألوفا وَعطفه كَرِيمًا
وَكَرمه مَعْطُوفًا وَقد اقتصرت على هَذَا الْقدر وقلما يَخْلُو كَلَامه من هَذَا النَّوْع الغث وَالضَّرْب الرث وَله رسائل الْتزم فِي وَاحِدَة الدَّال فِي كل كلمة وَالضَّاد فِي الْأُخْرَى وَالْمِيم فِي الْأُخْرَى والشين فِي أُخْرَى وَأَشْيَاء من هَذَا النمط الَّذِي يقذفه السّمع ويمجه يقطعهُ الانكار ويحجه وديوانه يدْخل فِي أَربع مجلدات كبار وَمن نظمه الرمل
(وهضيم الكشح فِي حبي لَهُ
…
لم يزدني كاشحي إِلَّا اهتضاما)
(كرم العاشق فِيهِ مثل مَا
…
لؤم العاذل فِيهِ حِين لاما)
)
(بقوام علم الهز القنا
…
ولحاظ تودع السكر المداما)
(أتراه إِذْ تثنى ورنا
…
سمهريا هز أم سل حساما)
(خَدّه يجرحه لحظ الورى
…
فَلِذَا عَارضه يلبس لاما)
(ويريك الْخط مِنْهُ دائرا
…
هَالة الْبَدْر إِذا حط اللثاما)
(وكثيب الرمل قد أخجله
…
وقضيب البان ردفاً وقواماً)
ويعجبني قَوْله فِي أترجة الطَّوِيل
(وأترجة صفراء لم أدر لَوْنهَا
…
أَمن فرق السكين أم فرقة السكن)
(بِحَق عرتها صفرَة بعد خضرَة
…
فَمن شجر بَانَتْ وَصَارَت إِلَى شجن)
وَمثله قَول الْأُخَر الْبَسِيط
(أمسيت أرْحم أترجا وَأَحْسبهُ
…
فِي صفرَة اللَّوْن من بعض الْمَسَاكِين)
(عجبت مِنْهُ فَمَا أَدْرِي أصفرته
…
من فرقة الْغُصْن أَو خوف السكاكين)
وَمن هَذِه الْمَادَّة قَول الْغَزِّي الْبَسِيط
(كالشمع يبكي وَلَا يدْرِي أعبرته
…
من صُحْبَة النَّار أَو من فرقة الْعَسَل)
ويعجبني قَوْله أَيْضا أَعنِي الْعِمَاد الْخَفِيف
(هِيَ كتبي فَلَيْسَ تصلح من بعدِي لغير الْعَطَّار والاسكافي)
(هِيَ إِمَّا مزاود للعقاقي
…
ر وَإِمَّا بطائن للخفاف)
قَالَ ابْن ظافر فِي بَدَائِع الْبِدَايَة أَخْبرنِي الشريف فَخر الدّين أَبُو البركات الْعَبَّاس ابْن مُحَمَّد العباسي الْحلَبِي قَالَ أَخْبرنِي القَاضِي الْأَجَل عماد الدّين أَبُو حَامِد مُحَمَّد الْأَصْفَهَانِي كَاتب الْملك النَّاصِر نور الله ضريحه قَالَ كنت أعشق بالموصل صَبيا سِرَاجًا وَكَانَ يواصلني فَكلما استويت على عَرْشه قَالَ لي اكتم عَليّ وَلَا تنطق بِحرف وَيزِيد فِي ذَلِك فصنعت فِي بعض الْأَيَّام بديها السَّرِيع
(فديت سِرَاجًا إِذا لم يرج
…
للوصل عِنْدِي أحد راج هُوَ)
(يَقُول لي اركبني وَلَا تفشه
…
يُرِيد الجامي واسراجه)
وَكتب إِلَيْهِ النشؤ أَحْمد بن نفاذة يستدعيه أَيَّام المشمش الطَّوِيل
(دَعَا النَّاس للذات مشمش جلق
…
فقد أَسْرعُوا من كل غرب ومشرق)
)
(فَقُمْ يَا عماد الدّين تحظ بِأَكْلِهِ
…
وَلَا تثن عَنهُ عَزمَة السّير تسبق)
(وَقل حِين يَبْدُو أَحْمَر اللَّوْن مشرقاً
…
وَيَا حسنه من أَحْمَر اللَّوْن مشرق)
(لأكلك مَا يلقى الْفُؤَاد وَمَا لقى
…
وللتوت مَا لم يبْق مني وَمَا بَقِي)
فَأجَاب الْعِمَاد عَن ذَلِك الطَّوِيل
(تغنم زمَان الْجُود فِي اللَّهْو وأسبق
…
وفز باجتماع الشمل قبل التَّفَرُّق)
(هلموا إِلَيْنَا نَحْو مشمش جلق
…
وَثمّ لما نهوى على الْأكل نَلْتَقِي)
(تصفر شوقاً لانتظار قدومنا
…
وَمن يتشوق ذَا الْفَضَائِل يشتق)
(وَمَا رمقت للشوق رمد عيونه
…
فَإِن تترمق مِنْهُ تنظر وترمق)
(نواظر أحداق لَهَا فِي حدائق
…
نواضر أَن يحدق بهَا الْمَرْء يحذق)
(إِذا حضرت أطباقه غَابَ رشدنا
…
لما نتلاقى من مشوق وشيق)
(لِأَن مذاب الشهد فِيهِ مجسد
…
أجد لَهُ عهد الرَّحِيق الْمُعْتق)
(وَمَا اصفر إِلَّا خوف أَيدي جناته
…
فَلَيْسَ لَهُ أَمن من المتطرق)
(حكى جمرات بالأضي قد تعلّقت
…
فيا عجبا من جمره الْمُتَعَلّق)
(كَأَن نُجُوم الأَرْض فَوق غصونه
…
فيا حيرتا من نجمه المتألق)
(وحباتها محمرة وجناتها
…
فَمن يرهَا مثلى يحب ويعشق)
(بَدَت بَين أوراق الغصون كَأَنَّهَا
…
كرات نضار فِي لجين مطرق)
فَلَمَّا أنشدت للسُّلْطَان صَلَاح الدّين قَالَ تَشْبِيه الْوَرق باللجين غير مُوَافق فَإِن الْوَرق أَخْضَر فَقَالَ الْعِمَاد بالزمرد محدق الطَّوِيل
(تساقطها أشجارها فَكَأَنَّهَا
…
دَنَانِير فِي أَيدي الصيارف ترتقي)
وَكتب الْعِمَاد إِلَيْهِ أَيْضا جَوَابا من أَبْيَات المنسرح
(مُصَور بل مدور عجب
…
ترى بِهِ وَهُوَ جامد شعلا)
(فَفِي قُلُوب الْأَشْجَار مِنْهُ جذي
…
وَفِي ظُهُور الغصون مِنْهُ حلى)
(طلوا بِمَاء النضار ظَاهره
…
لباطن فِي حشاه نَار طلا)
(حلى تبر على عرائس أَغْصَان تشكت من قبلهَا عطلا)
(حمر حسان الْوُجُوه قد لبست
…
من خضر أوراقها لَهَا حللا)
)
(عرائس من خدورها برزت
…
تحسب أشجارها لَهَا كللا)
(وَهِي كشهب السَّمَاء راجمة
…
جن جناة بقطفها كفلا)
(عيونها الرمد فِي ترقبنا
…
جاحظة أبرزت لنا مقلا)
وَمن شعر الْعِمَاد الْكَاتِب الْكَامِل
(متلون كمدامعي متعفف
…
كضمائري مُتَعَذر كوسائلي)
(أَنا فِي الضنى كالخصر مِنْهُ اشتكي
…
من جَائِر مَا يشتكي من جائل)
وَمن شعره يمدح المستنجد بِاللَّه الطَّوِيل
(وَمَا كل شعر مثل شعري فِيكُم
…
وَمن ذَا يقيس البازل الْعود بالنفض)
(وَمَا عز حَتَّى هان شعر ابْن هَانِيء
…
وللسنة الغراء عز على الرَّفْض)
وَمن شعره أَيْضا الْبَسِيط
(أفدى الَّذِي خلبت قلبِي لواحظه
…
وخلدت لدغات الْحبّ فِي كَبِدِي)
(صِفَات ناظره سقم بِلَا ألم
…
سكر بِلَا قدح جرح بِلَا قَود)
(معشق الدل من تيه وَمن صلف
…
مرنح الْعَطف من لين وَمن ميد)
(على محياه من نَار الصَّبِي شعل
…
وَورد خديه من مَاء الْحَيَاة ندى)
ويحكى عَنهُ أَنه قَالَ يَوْمًا للفاضل سر فَلَا كبا بك الْفرس فَأَجَابَهُ القَاضِي دَامَ عَلَاء الْعِمَاد وَهَذَا الْجَواب أول مصراع للْقَاضِي نَاصح الدّين الأرجاني فَإِن كَانَ الْفَاضِل استحضره فَحسن وَإِن كَانَ اخترعه فَأحْسن وكلا الْكَلَامَيْنِ مِمَّا يقْرَأ مقلوباً واجتمعا يَوْمًا فِي موكب السُّلْطَان وَقد انْتَشَر الْغُبَار لِكَثْرَة الفرسان بِمَا سد الفضاء فأنشده الْعِمَاد فِي الْحَال مرفل الْكَامِل
(أما الْغُبَار فَإِنَّهُ
…
مِمَّا أثارته السنابك)
(والجو مِنْهُ مظلم
…
لَكِن أنار بِهِ السنابك)
(يَا دهر لي عبد الرحي
…
ر فلست أخْشَى مس نابك)
قلت لَيْسَ بَين الثَّالِث وَمَا قبله علاقَة وَإِنَّمَا الجناس اضطره إِلَى ذَلِك وَلما مَاتَ الْوَزير عون الدّين اعتقل الْعِمَاد فِي جملَة من اعتقل لإنه كَانَ يَنُوب عَنهُ فِي نظر وَاسِط فَكتب إِلَى عماد الدّين ابْن رَئِيس الرؤساء استاذ دَار المستنجد بِاللَّه أَمِير الْمُؤمنِينَ الْكَامِل
(قل للْإِمَام علام حبس وَلِيكُم
…
أولُوا جميلكم جميل ولائه أوليس إِذْ حبس الْغَمَام وليه
…
خلى أَبوك سَبيله بدعائه)
وَهَذَا الْمَعْنى فِي غَايَة الْحسن لإنه أَشَارَ إِلَى قصَّة الْعَبَّاس فِي الاسْتِسْقَاء وَدُعَاء عمر ابْن الْخطاب رضي الله عنه بِالْعَبَّاسِ فامطروا وَكَانَ إِذا دخل عَلَيْهِ من يعودهُ فِي مَرضه ينشد مجزوء الْخَفِيف
(أَنا ضيف بربعكم
…
أَيْن أَيْن المضيف)
(أنكرتني معارفي
…
مَاتَ من كنت أعرف)
قَالَ شمس الدّين مَحْمُود الْمروزِي كنت بِحَضْرَة القَاضِي الْفَاضِل رحمه الله وَكَانَ الْعِمَاد الْكَاتِب حَاضرا عِنْده فَلَمَّا انْفَصل قَالَ الْفَاضِل للْجَمَاعَة بِمَ تشبهون الْعِمَاد وَكَانَ عِنْده فَتْرَة عَظِيمَة وجمود فِي النّظر وَالْكَلَام فَإِذا أَخذ الْقَلَم أَتَى بالنثر وَالنّظم فكلهم شبهه بِشَيْء فَقَالَ مَا أصبْتُم هُوَ كالزناد ظَاهره بَارِد وباطنه فِيهِ نَار وَمن شعر الْعِمَاد الْكَاتِب السَّرِيع
(اقنع وَلَا تطمع فَإِن الْفَتى
…
كَمَاله فِي عزة النَّفس)
(وَإِنَّمَا ينقص بدر الدجى
…
لأَخذه النُّور من الشَّمْس)
وَمِنْه أَيْضا مجزوء الرجز
(أبصرني مبلبلا و
…
فِي الغرام ممتحن)
(فَقَالَ من قَاتله
…
قلت لَهُ قَائِل من)
أَخذه من قَول الأول وَهُوَ مَشْهُور الرجز
(قَالَت لترب مَعهَا مُنكرَة
…
لوقفتي هَذَا الَّذِي نرَاهُ من)
(قَالَت فَتى يشكو الْهوى متيماً
…
قَالَت بِمن قَالَت بِمن قَالَت بِمن)
وَمِنْه قَول أبي الطّيب الْكَامِل
(قَالَت وَقد رَأَتْ اصفراري من بِهِ
…
وتنهدت فأجبتها المتنهد)
وَمن شعر الْعِمَاد الطَّوِيل
(وَمَا هَذِه الْأَيَّام إِلَّا صَحَائِف
…
نورخ فِيهَا ثمَّ تمحي وتمحق)
(وَلم أر فِي دهري كدائرة المنى
…
توسعها الآمال والعمر ضيق)
وصنف الْبَرْق الشَّامي وَهُوَ مَجْمُوع تَارِيخ بَدَأَ فِيهِ بِذكر نَفسه واتصاله بِخِدْمَة نور الدّين وَصَلَاح الدّين وَسَماهُ بذلك لإنه شبه تِلْكَ الْأَيَّام لطيبتها وسرعتها بالبرق وَهُوَ فِي سبع مجلدات وَالْفَتْح الْقُدسِي وَيُقَال إِنَّه لما عرضه على الْفَاضِل قَالَ سمه الْفَتْح القسي فِي الْفَتْح الْقُدسِي قلت)
وَلَو قَالَ الْفَتْح الْقُدسِي فِي الْفَتْح الْقُدسِي لَكَانَ أحسن لأنّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لحسان روح الْقُدس ينفث فِي روعك ونصرة الفترة وعصرة القطرة تَارِيخ الدولة السلجوقية والبرق الشَّامي فِي أَخْبَار صَلَاح الدّين وفتوحه وأحواله وحوادث الشَّام فِي أَيَّامه وَكتاب خطْفَة البارق وعطفة الشارق وَكتاب عتب الزَّمَان فِي عُقبى الْحدثَان وأخبار الْمُلُوك السلجوقية ونحلة الرحلة وَحلية العطلة وخريدة الْقصر وجريدة الْعَصْر والذيل عَلَيْهَا ورأيتها بِخَطِّهِ وَيُقَال إِنَّه لما فرغ مِنْهَا جهزها إِلَى القَاضِي الْفَاضِل فِي ثَمَانِيَة اجزاء فَلَمَّا وقف عَلَيْهَا مَا أَعْجَبته وَقَالَ أَيْن الْآخرَانِ لِأَنَّهُ قَالَ خري ده يَعْنِي خرى عشرَة لِأَن ده بالعجمي عشرَة وَمن هُنَا أَخذ ابْن سناء