الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت شعر منحط رَكِيك وَتُوفِّي سنة خمس وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة
3 -
(الصاحب محيي الدّين ابْن ندي الْجَزرِي)
)
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سعيد بن ندي الصاحب الْكَبِير محيي الدّين ابْن الصاحب شمس الدّين الْجَزرِي وَسَيَأْتِي ذكر أَبِيه وَذكر أَوْلَاده وَذكر مماليكه توفّي رَحمَه الله تَعَالَى بِدِمَشْق سنة إِحْدَى وَخمسين وسِتمِائَة اسْتَقل الصاحب محيي الدّين بتدبير الْملك بالجزيرة بعد وَفَاة وَالِده شمس الدّين وَكَانَ فَاضلا محباً للفضلاء مقربا مكرماً لَهُم يلازمهم أبدا ويتحفونه بالفوائد ويؤلفون لَهُ التصانيف الْحَسَنَة فَمِمَّنْ كَانَ عِنْده الإِمَام رشيد الدّين الفرغاني وَالشَّيْخ أثير الدّين الْأَبْهَرِيّ وَصدر الدّين الخاصي وضياء الدّين أَبُو طَالب السنجاري وَالشَّيْخ شرف الدّين التيفاشي صَاحب فصل الْخطاب وَهُوَ فِي أَرْبَعَة وَعشْرين مجلداً وَالشَّيْخ شهَاب الدّين أَبُو شامة وَنور الدّين ابْن سعيد المغربي الأديب وَنجم الدّين القمراوي وَغير هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء كَانُوا أَعْيَان ذَلِك الْعَصْر كل مِنْهُم فَرد زَمَانه فِي فنه وَله صنف ابْن سعيد كتاب الْمغرب فِي محَاسِن أهل الْمغرب وَكتاب الْمشرق فِي أَخْبَار الْمشرق وَذكره فِي أول كِتَابه وَذكر لَهُ تَرْجَمَة طَوِيلَة وَكَانَ مشغوفاً بِجمع المحاسن مُولَعا بإحياء الرسوم البرمكية وَلما فتح الْكَامِل ابْن الْعَادِل دمشق وَعبر الْفُرَات اجْتمع بِهِ فَأَحبهُ وَأقَام يتدرج فِي الِاجْتِمَاع بِهِ أَربع سِنِين ثمَّ فاوض صَاحب الجزيرة فِيهِ وأضافه إِلَيْهِ وخوله فِي نعمه وَزَاد فِي بره وتمثل عِنْدَمَا اجْتمع بالكامل وشرق غَيره أَنه قَالَ الطَّوِيل
(وَمَا شِئْت إِلَّا أَن أذلّ عواذلي
…
على أنَّ رَأْيِي فِي هَوَاك صوابُ)
(وَأعلم قوما خالفوني وشرَّقوا
…
وغرّبتُ أَنِّي قد ظَفرت وخابوا)
فَاشْتَدَّ اهتزاز الْكَامِل لهَذَا الاستشهاد وَقَالَ يَا محيي الدّين أَنْت وَالله أولى بهما من المتنبي قلت وَمن هُنَا نقل الاستشهاد بهما النَّاصِر دَاوُد لما كتب إِلَى الْكَامِل بمخالفة الْأَشْرَف وَسَيَأْتِي ذَلِك فِي تَرْجَمَة النَّاصِر وَكَانَ وَالِد محيي الدّين فَاضلا وَأَوْلَاد محيي الدّين فضلاء شعراء ومماليكه فضلاء مِنْهُم أيدمر المحيوي الشَّاعِر الْفَاضِل الْمَشْهُور وأيبك المحيوي الْكَاتِب الْفَائِق الْفَاضِل وَسَيَأْتِي ذكر كل مِنْهُم فِي مَكَانَهُ وصنف محيي الدّين مصنفات مِنْهَا لطائف الواردات وَكتاب معالم التَّدْبِير وَكتاب مراشد الْملك وَكتاب ضوابط الْملك وَكتاب وظائف الرِّئَاسَة وَكتاب التَّذْكِرَة الملوكية
وَمن الشُّعَرَاء الَّذين مدحوه جمَاعَة مِنْهُم زكى الدّين ابْن أبي الْأصْبع وَأكْثر من إمداحه وَشرف الدّين ابْن قديم وَبدر الدّين ابْن المسجف وَأحمد بن منهال وَشرف الدّين ابْن الحلاوي
ووجيه)
الدّين ابْن العالمة والوزير شرف الدّين مُحَمَّد ابْن نظيف وَزِير الْحَافِظ صَاحب جعبر ويوسف بن عَليّ الْقرشِي وَنجم الدّين ابْن المنفاح الطَّبِيب وَمُحَمّد بن عمار الْمَكِّيّ وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن مِسْكين وَابْن سعيد المغربي وَغَيرهم
وَكَانَ الصاحب محيي الدّين يترسل جيدا من ذَلِك مَا كتبه إِلَى أَخِيه الصاحب عماد الدّين وَقد طلب مِنْهُ شَيْئا من ملبوسه وَهُوَ أَيْن أَنْت مِمَّا نَحن فِيهِ أكتب إِلَيْك وتكتب إِلَيّ والغفلة شَامِلَة والحيرة سابغة وَقد رين على الْقُلُوب وَزَاد الوله حَتَّى إلهي الْعُقُول وفاض حَتَّى أعشى الْأَبْصَار ل قد كُنَّا فِي غَفلَة من هَذَا الْأَنْبِيَاء فواعجبا كَيفَ لَا ينفطر مَا لَا أُسَمِّيهِ وينشق لِكَثْرَة مَا أحوم حول القَوْل فِيهِ وَلَا أوفيه إِن شرحت فاضت نفوس فضلا عَن عُيُون وترامت إِلَى مهاوي الْإِثْم فِيهِ ظنون وَلَو أبديت بعضه أَخَاف أَن يفْطن بعض النَّاس وَلَو أفضت فِيهِ أخْشَى أَن لَا يحملهُ سمع وَلَا يَسعهُ قرطاس وَالرِّضَا بِالْقضَاءِ يمْنَع من استبطاء مُقَدّر اللِّقَاء وَمن غرائب هَذِه الْحَال أَنَّك تكون فِي شَرق الأَرْض وأكون فِي غربها فتستدرج الآمال الْأَجْسَام حَتَّى تجعلها كقاب قوسين أَو أدنى ثمَّ يفْطن بِنَا الزَّمَان فَيجْعَل أجسامنا سهاما ويرمينا بقوسه إِلَى الْبعد الْأَقْصَى الْخَفِيف
(أَيهَا المنكح الثريا سهيلاً
…
عمرك الله كَيفَ يَجْتَمِعَانِ)
(هِيَ شامية إِذا مَا اسْتَقَلت
…
وَسُهيْل إِذا اسْتَقل يمَان)
وَلَقَد عَام السابح فِي بَحر الْفِكر ليستخرج من قَعْره مَا يَسْتَعِين بِهِ على هَذَا الدَّهْر فَلم ير إِلَّا أثرا بعد عين فَبعث شعاراً بليه واستدعى دثارا ساميه ليتلاقى فِيهَا جسوم مَا تلاقى قانعاً فِي الْوَقْت الْحَاضِر بِقَلِيل هُوَ كثير راجياً من الله جمع الشمل وَهُوَ على جمعهم إِذا يَشَاء قدير الشورى الوافر
(فليت هوى الْأَحِبَّة كَانَ عدلا
…
فَحمل كل قلب مَا أطاقا)
وَبِالْجُمْلَةِ أَلَيْسَ إِذا صَار الْمَرْء فِي غامض علمه يُقَال من حَيْثُ الصُّورَة كَانَ أمل بطانته وظهارته أَن يصل مِنْهُ نبأ يقر الْعين وَيسر السّمع ويبهج النَّفس من كَونه فِي نعيم وَفِي غرف من عليين وَفِي جنَّة عالية قطوفها دانية الحاقة وأكلها دَائِم الرَّعْد وَبَين أَشجَار وأنهار وأثمار وَفِي جنَّات ونهر فِي مقْعد صدق عِنْد مليك مقتدر الْقَمَر فصاحبكم وبعيدكم فِي هَذِه الْحَالة يتقلب وَفِي هَذِه النِّعْمَة يصلكم خبر التَّوَاتُر عَنهُ بِهَذِهِ الحظوة فليرض بِهَذَا الْمِقْدَار فِي الِاجْتِمَاع واحسبوه فِي غامض علم الله تَعَالَى من حَيْثُ الْمَعْنى وَلما توجه فلذة الكبد وسر الرّوح وَسَوَاد النَّاظر وسويداء الْقلب وشارفنا ثنايا الْوَدَاع أهملت مَشْرُوع التشييع حذرا أَن تفيض عُيُون وتتقرح)
جفون وَيظْهر مَكْتُوم وتلجئ ضَرُورَة إِلَى مَا لَا يَلِيق بذوي المرائر الأبية والنحائز الْعَظِيمَة الطَّوِيل
(وَلما شربناها ودب دبيبها
…
إِلَى مَوضِع الْأَسْرَار قلت لَهَا قفى)
(مَخَافَة أَن يَسْطُو عَليّ دخيلها
…
فَيظْهر مني بعض مَا كَانَ قد خَفِي)