الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَا رَبك بظلام للعبيد فصلت أَي بِذِي ظلم هَذَا كَلَام الشَّيْخ جمال الدّين مُحَمَّد بن مَالك رَحمَه الله تَعَالَى قلت مَعْنَاهُ لَيْسَ بِذِي ظلم وَلَا يفهم صِيغَة الْمُبَالغَة مِنْهُ كَقَوْلِنَا ضراب وشراب وقتال لِأَنَّهُ إِذا نفيت الْمُبَالغَة فِي الظُّلم فَلَا يلْزم من نَفيهَا نفي مُطلق الظُّلم تَعَالَى الله عَن ذَلِك بل هُوَ الحكم الْعدْل
وَكَذَا استغنوا بِبِنَاء فَاعل بِمَعْنى صَاحب كَذَا عَن يَاء النّسَب فَقَالُوا لِابْنِ وتامر وطاعم وكاس ورامح بِمَعْنى ذِي لبن وَذي تمر وَذي طعم وَذي كسْوَة وَذي رمح وَقد يستغنون بِفعل عَن يَاء النّسَب فَقَالُوا رجل طعم وَلبس وَعمل بِمَعْنى ذِي طعم وَذي لبس وَذي عمل وَمِنْه قَول الراجز أنْشدهُ سِيبَوَيْهٍ الرجز
(لست بليلي وَلَكِنِّي نهر
…
لَا أدْلج اللَّيْل وَلَكِن ابتكر)
أَرَادَ وَلَكِنِّي نهاري أعمل فِي النَّهَار وكل صانع عِنْد الْعَرَب فَهُوَ إسكاف قَالَ الشَّاعِر الرجز وشعبتا ميس براها اسكاف أَي نجار والناصح الْخياط والنصاح الْخَيط والهاجري الْبناء والهالكي الْحداد لِأَن أول من عمل الْحَدِيد الْهَالِك والسفسير السمار والعصاب الغزال والقسامي الَّذِي يطوي الثِّيَاب أول طيها حَتَّى تنكسر على طيها والماسخي بِالْخَاءِ والحاء القواس
(الْفَصْل الْخَامِس)
(فِي بَيَان الْعلم والكنية واللقب)
(وَكَيْفِيَّة تَرْتِيب ذَلِك مَعَ النِّسْبَة على اختلافها المتنوع)
أعلم أَن الدَّال على معِين مُطلقًا أما أَن يكون مصدرا بأب أَو أم كَأبي بكر وَأبي الْحسن أَو كَأُمّ كُلْثُوم وَأم سَلمَة وَأما أَن يشْعر برفعة الْمُسَمّى كأنف النَّاقة وملاعب الأسنة وَعُرْوَة الصعاليك وَزيد الْخَيل والرشيد والمأمون والواثق والمكتفي وَالظَّاهِر والناصر وَسيف الدولة وعضد الدولة وجمال الدّين وَعز الدّين وأمام الْحَرَمَيْنِ وَحجَّة الْإِسْلَام وَملك النُّحَاة وَأما أَن يشْعر بضعَة الْمُسَمّى كجحي وَشَيْطَان الطاق وَأبي العبر وجحظة والعكوك وَقد لَا يشْعر)
بِوَاحِد مِنْهُمَا بل أجري عَلَيْهِ ذَلِك لواقعة جرت مثل غسل الْمَلَائِكَة وَحمى الدبر ومطين وَصَالح جزرة والمبرد وثابت قطنة وَذي
الرمة والصعق وصردر وحيص بيص فَهَذِهِ الْأَقْسَام الثَّلَاثَة تسمى الألقاب وَإِلَّا فَهُوَ الِاسْم الْخَاص كزيد وَعَمْرو وَهَذَا هُوَ الْعلم وَقد يكون الْعلم مُفردا كَمَا تقدم وَقد يكون مركبا أما من فعل وفاعل كتأبط شرا وبرق نَحوه وَأما من مُضَاف ومضاف إِلَيْهِ كَعبد الله وَأما من اسْمَيْنِ قد ركبا وَجعلا بِمَنْزِلَة اسْم وَاحِد كسيبويه والمفرد قد يكون مرتجلاً وَهُوَ الَّذِي مَا اسْتعْمل فِي غير العلمية كمذجح وأدد وَقد يكون مَنْقُولًا أما من مصدر كسعد وَفضل أَو من اسْم فَاعل كعامر وَصَالح أَو من اسْم مفعول كمحمد ومسعود أَو من أفعل تَفْضِيل كأحمد وأسعد أَو من صفة كثقيف وَهُوَ الدَّرْب بالأمور الظافر بالمطلوب وسلول وَهُوَ الْكثير السل وَقد يكون مَنْقُولًا من اسْم عين كأسد وصقر وَقد يكون مَنْقُولًا من فعل مَاض كأبان وشمر أَو من فعل مضارع كيزيد ويشكر) ثَمَرَة هَذَا الْمَطْلُوب (إِذْ قد عرفت الْعلم والكنية واللقب فسردها يكون على التَّرْتِيب تقدم اللقب على الكنية والكنية على الْعلم ثمَّ النِّسْبَة إِلَى الْبَلَد ثمَّ إِلَى الأَصْل ثمَّ إِلَى الْمَذْهَب فِي الْفُرُوع ثمَّ إِلَى الْمَذْهَب فِي الِاعْتِقَاد ثمَّ إِلَى الْعلم أَو الصِّنَاعَة أَو الْخلَافَة أَو السلطنة أَو الوزارة أَو الْقَضَاء أَو الأمرة أَو المشيخة أَو الْحَج أَو الحرفة كلهَا مقدم على الْجَمِيع فَتَقول فِي الْخلَافَة أَمِير الْمُؤمنِينَ النَّاصِر لدين الله أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد السامري أَن كَانَ ولد بسر من رَأْي الْبَغْدَادِيّ فرقا بَينه وَبَين النَّاصِر الْأمَوِي صَاحب الأندلس الشَّافِعِي الْأَشْعَرِيّ إِن كَانَ يتمذهب فِي الْفُرُوع بِفقه الشَّافِعِي ويميل فِي الِاعْتِقَاد إِلَى أبي الْحسن الْأَشْعَرِيّ ثمَّ تَقول الْقرشِي الْهَاشِمِي العباسي وَتقول فِي السلطنة السُّلْطَان الْملك الظَّاهِر ركن الدّين أَبُو الْفَتْح بيبرس الصَّالِحِي نِسْبَة إِلَى استاذه الْملك الصَّالح التركي الْحَنَفِيّ البندقدار أَو السِّلَاح دَار وَتقول فِي الوزراء الْوَزير فلَان الدّين أَبُو كَذَا فلَان وتسرد الْجَمِيع كَمَا تقدم ثمَّ تَقول وَزِير فلَان وَتقول فِي الْقُضَاة كَذَلِك القَاضِي فلَان الدّين وتسرد الْبَاقِي كَمَا تقدم وَتقول فِي الْأُمَرَاء كَذَلِك الْأَمِير فلَان الدّين وتسرد الْبَاقِي إِلَى أَن تجْعَل الآخر وظيفته الَّتِي كَانَ يعرف بهَا قبل اللمرة مثل الجاشنكير أَو الساقي أَو غَيرهمَا وَتقول فِي أَشْيَاخ الْعلم الْعَلامَة أَو الْحَافِظ أَو الْمسند فِي من عمر وَأكْثر الرِّوَايَة أَو الإِمَام أَو الشَّيْخ أَو الْفَقِيه وتسرد الْبَاقِي إِلَى أَن تختم الْجَمِيع بالأصولي أَو النَّحْوِيّ أَو المنطقي وَتقول فِي أَصْحَاب الْحَرْف فلَان الدّين وتسرد الْجَمِيع إِلَى أَن تَقول الحرفة أما الْبَزَّاز أَو الْعَطَّار أَو الْخياط فَإِن كَانَ النّسَب إِلَى أبي بكر)
الصّديق رضي الله عنه قلت الْقرشِي التَّيْمِيّ الْبكْرِيّ لِأَن قُريْشًا أَعم من أَن يكون تيميا والتيمي أَعم من أَن يكون من ولد أبي بكر رضي الله عنه وَأَن كَانَ النّسَب إِلَى عمر بن الْخطاب رضي الله عنه قلت الْقرشِي الْعَدْوى الْعمريّ وَإِن كَانَ النّسَب إِلَى عُثْمَان بن عَفَّان رضي الله عنه قلت الْقرشِي الْأمَوِي العثماني وَإِن كَانَ النّسَب إِلَى عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه قلت الْقرشِي الْهَاشِمِي الْعلوِي وَإِن كَانَ النّسَب إِلَى طَلْحَة رضي الله عنه قلت الْقرشِي التَّيْمِيّ الطلحي وَإِن كَانَ النّسَب إِلَى الزبير رضي الله عنه قلت الْقرشِي الْأَسدي الزبيرِي وَإِن كَانَ النّسَب إِلَى سعد بن أبي وَقاص رضي الله عنه قلت الْقرشِي الزُّهْرِيّ السَّعْدِيّ وَإِن كَانَ النّسَب
إِلَى سعيد رضي الله عنه قلت الْقرشِي الْعَدوي السعيدي إِلَّا أَنه مَا نسب إِلَيْهِ فِيمَا علم وَإِن كَانَ النّسَب إِلَى عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رضي الله عنه قلت الْقرشِي الزُّهْرِيّ الْعَوْفِيّ من ولد عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَإِن كَانَ النّسَب إِلَى أبي عُبَيْدَة بن الْجراح قلت الْقرشِي من ولد أبي عُبَيْدَة على أَنه مَا أعقب هَذَا الَّذِي ذكرته هَهُنَا هُوَ الْقَاعِدَة الْمَعْرُوفَة والجادة المسلوكة المألوفة عِنْد أهل الْعلم وَإِن جَاءَ فِي هَذَا الْكتاب فِي بعض التراجم مَا يُخَالف ذَلِك من تَقْدِيم وَتَأْخِير فَإِنَّمَا هُوَ سبق من الْقَلَم وَذُهُول من الْفِكر وَإِنَّمَا قررت هَذِه الْقَاعِدَة ليرد مَا خَالف الأَصْل إِلَيْهَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق
) تَنْبِيه (كلما رفعت فِي أَسمَاء الْآبَاء وَالنّسب وزدت انتفعت بذلك وَحصل لَك الْفرق فقد حكى أَبُو الْفرج الْمعَافى بن زَكَرِيَّا النهرواني قَالَ حججْت فِي سنة وَكنت بمنى أَيَّام التَّشْرِيق فَسمِعت مناديا يُنَادي يَا أَبَا الْفرج فَقلت لَعَلَّه يُرِيدنِي ثمَّ قلت فِي النَّاس كثير مِمَّن يكنى أَبَا الْفرج فَلم أجبه ثمَّ نَادَى يَا أَبَا الْفرج الْمعَافى فهممت بإجابته ثمَّ قلت قد يكون اسْمه الْمعَافى وكنيته أَبَا الْفرج فَلم أجبه فَنَادَى يَا أَبَا الْفرج الْمعَافى بن زَكَرِيَّا فَلم أجبه فَنَادَى يَا أَبَا الْفرج الْمعَافى بن زَكَرِيَّا النهرواني فَقلت لم يبْق شكّ فِي مناداته إيَّايَ إِذْ ذكر كنيتي واسمي وَاسم أبي وبلدي فَقلت هأنذا فَمَا تُرِيدُ فَقَالَ لَعَلَّك من نهروان الشرق فَقلت نعم فَقَالَ نَحن نُرِيد نهروان الغرب فعجبت من اتِّفَاق ذَلِك انْتهى وَكَذَلِكَ الْحسن بن عبد الله العسكري أَبُو أَحْمد اللّغَوِيّ صَاحب كتاب التَّصْحِيف وَالْحسن بن عبد الله العسكري أَبُو هِلَال صَاحب كتاب الْأَوَائِل كِلَاهُمَا الْحسن بن عبد الله العسكري وَالْأول توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَثَلَاث مائَة وَالثَّانِي كَانَ مَوْجُودا فِي سنة خمس وَتِسْعين وَثَلَاث مائَة فاتفقا فِي الِاسْم وَاسم الْأَب وَالنِّسْبَة وَالْعلم وتقاربا فِي الزَّمَان وَلم يفرق بَينهمَا إِلَّا بالكنية لِأَن الأول أَبُو أَحْمد وَالثَّانِي أَبُو هِلَال وَالْأول ابْن عبد الله ابْن سعيد بن إِسْمَاعِيل وَالثَّانِي ابْن عبد)
الله بن سهل بن سعيد وَلِهَذَا كثير من أهل الْعلم بالتاريخ لَا يفرقون بَينهمَا ويظنون أَنَّهُمَا وَاحِد وستقف إِن شَاءَ الله تَعَالَى على ترجمتهما فِي مكانهما وَكَذَلِكَ أَبُو بكر مُحَمَّد بن عَليّ الشَّاشِي الشَّافِعِي هَذِه الكنية وَالِاسْم وَاسم الْأَب وَالنِّسْبَة إِلَى الْبَلَد وَإِلَى الْمَذْهَب الْجَمِيع مُشْتَرك بَين الْإِمَامَيْنِ الْمَشْهُورين أَحدهمَا الْفَقِيه الْمُحدث الأصولي اللّغَوِيّ الشَّاعِر الْمَعْرُوف بالقفال الْكَبِير وَالْآخر الْفَقِيه صَاحب الطَّرِيقَة الْمَشْهُورَة وَالْأول وَفَاته سنة خمس وَسِتِّينَ وثلاثمائة وَالثَّانِي وَفَاته سنة خمس وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة وَالْأول مُحَمَّد بن عَليّ بن إِسْمَاعِيل وَالثَّانِي مُحَمَّد بن عَليّ بن حَامِد وَكَذَلِكَ مُحَمَّد بن عَليّ كِلَاهُمَا شرح المقامات الحريرية أَحدهمَا مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد أَبُو عبد الله يعرف بِابْن حميدة الحلى توفّي سنة خمسين