الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وست مائَة وَتُوفِّي فِي شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وست مائَة كَانَ عَالما فَاضلا زاهداً عابداً ورعاً كريم الْأَخْلَاق حسن الْأَوْصَاف جميل الْعشْرَة جم الْفَوَائِد من نظمه فِي تَرْتِيب حُرُوف كتاب الْمُحكم فِي اللُّغَة لِابْنِ سيدة الطَّوِيل
(عَلَيْك حروفاً هن غير غوامض
…
قيود كتاب جلّ شَأْنًا ضوابطه)
(صِرَاط سوى زل طَالب دحضه
…
تزيد ظهوراً إِذْ تناءت روابطه)
(لذلكم نلتذ فوزا بمحكم
…
مُصَنفه أَيْضا يفوز وضابطه)
3 -
(عماد الدّين ابْن الْعَرَبِيّ أَخُو سعد الدّين)
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ ابْن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله بن عَرَبِيّ عماد الدّين أَبُو عبد الله قَالَ الشَّيْخ قطب الدّين اليونيني كَانَ فَاضلا سمع الْكثير وَسمع مَعنا صَحِيح مُسلم على الشَّيْخ بهاء الدّين أَحْمد بن عبد الدايم الْمَقْدِسِي وَتُوفِّي بِدِمَشْق فِي شهر ربيع الأول سنة سبع وَسِتِّينَ وست مائَة وَدفن عِنْد وَالِده بسفح قاسيون وَقد نَيف على الْخمسين وَلما كَانَ بحلب كتب إِلَيْهِ أَخُوهُ سعد الدّين الْمُقدم ذكره آنِفا الْبَسِيط
(مَا للنوى رقة ترثى لمكتئب
…
حران فِي قلبه والدمع فِي حلب)
(قد أَصبَحت حلب ذَات الْعِمَاد بكم
…
وجلق إرم هَذَا من الْعجب)
3 -
(الْكَامِل ابْن الْعَادِل)
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَيُّوب ابْن شادي بن مَرْوَان السُّلْطَان الْملك الْكَامِل نَاصِر الدّين أَبُو الْمَعَالِي وَأَبُو المظفر ابْن السُّلْطَان الْملك الْعَادِل أبي بكر وَسَيَأْتِي ذكر وَالِده ولد بِمصْر سنة سِتّ وَسبعين وَخمْس مائَة وَأَجَازَ لَهُ الْعَلامَة ابْن)
بري وَأَبُو عبد الله بن صَدَقَة الْحَرَّانِي وَعبد الرَّحْمَن بن الْخرقِيّ وَخرج لَهُ أَبُو الْقَاسِم بن الصفراوي أَرْبَعِينَ حَدِيثا وسمعها جمَاعَة تملك الديار المصرية أَرْبَعِينَ سنة شطرها فِي أَيَّام وَالِده وَعمر دَار الحَدِيث بِالْقَاهِرَةِ فِي سنة إِحْدَى وَعشْرين وست مائَة وَجعل ابْن دحْيَة شيخها والقبة على ضريح الشَّافِعِي وجر إِلَيْهَا المَاء من بركَة الْحَبَش إِلَى حَوْض السَّبِيل والسقاية وهما على بَاب الْقبَّة الْمَذْكُورَة وَله المواقف المشهودة فِي الْجِهَاد بدمياط الْمدَّة الطَّوِيلَة وَأنْفق الْأَمْوَال الْكَثِيرَة وَكَانَ يحب أهل الْعلم ويجالسهم ويؤثر الْعدْل شكا إِلَيْهِ ركبدار أَن استاذه استخدمه شهرا بِلَا جامكية فألبس الْغُلَام قماش استاذه وأركبه فرسه وألبس الاستاذ قماش الْغُلَام وَأمره بِخِدْمَة الركبدار وَحمل مداسه سِتَّة أشهر وَكَانَت الطّرق آمِنَة فِي أَيَّامه وَبعث وَلَده الْملك المسعود أطسيس افْتتح الْيمن والحجاز وَمَات قبله وَورث أَمْوَالًا عَظِيمَة وَلما بلغه وَفَاة أَخِيه الْأَشْرَف سَار إِلَى دمشق وَقد ملكهَا أَخُوهُ الصَّالح فحاصره وَأَخذهَا مِنْهُ وَاسْتقر بقلعتها فَلم يمتع بهَا وَمَات بعد شَهْرَيْن بهَا فِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وست مائَة فِي بَيت صَغِير وَلم يشْعر بِهِ أحد من هيبته مرض بالسعال والإسهال نيفاً وَعشْرين يَوْمًا وَلم يتحزن النَّاس عَلَيْهِ ولحقهم بهتة وَكَانَ فِيهِ جبروت وَمن عدله الممزوج بالعسف إِنَّه شنق جمَاعَة من الأجناد فِي أكيال شعير أخذوها وَدفن بالقلعة فِي تَابُوت وَنقل إِلَى تربته الْمَعْرُوفَة بِهِ بِجَانِب الشميصاتية
وشباكها إِلَى صحن جَامع دمشق وَخلف وَلدين الْعَادِل أَبَا بكر والصالح أَيُّوب والصاحبة وَكَانَ عِنْده مسَائِل غَرِيبَة من النَّحْو وَالْفِقْه ويوردها فَمن أَجَابَهُ حظي عِنْده حضر عِنْده زين الدّين ابْن معط فِي جملَة الْعلمَاء فَسَأَلَهُمْ الْكَامِل فَقَالَ زيد ذهب بِهِ يجوز فِي زيد النصب فَقَالُوا لَا فَقَالَ ابْن معط نعم يجوز النصب على أَن يكون الْمُرْتَفع بِذَهَب الْمصدر الَّذِي دلّت عَلَيْهِ ذهب وَهُوَ الذّهاب وعَلى هَذَا فموضع الْجَار وَالْمَجْرُور الَّذِي هُوَ بِهِ النصب فَيَجِيء من بَاب زيد مَرَرْت بِهِ وَيجوز فِي زيد النصب كَذَلِك هَهُنَا فَاسْتحْسن الْكَامِل جَوَابه وَأمره بِالسَّفرِ إِلَى مصر فسافر إِلَيْهَا وَقرر لَهُ مَعْلُوما جيدا وَكَانَ لَا يزَال يحضر عِنْده جمَاعَة من الْفُضَلَاء وَله نظم نقلت من خطّ ابْن سعيد المغربي قَالَ أورد الصاحب كَمَال الدّين ابْن العديم للْملك الْكَامِل الْبَسِيط
(إِذا تحققتم مَا عِنْد عبدكم
…
من الغرام فَذَاك الْقدر يَكْفِيهِ)
(أَنْتُم سكنتم فُؤَادِي وَهُوَ منزلكم
…
وَصَاحب الْبَيْت أَدْرِي بِالَّذِي فِيهِ)
وَقد مدحه ابْن سناء الْملك بقصيدة أَولهَا الطَّوِيل
(على خاطري يَا شغله مِنْك أشغال
…
وَفِي ناظري يَا نوره مِنْك تِمْثَال)
)
(وَفِي كَبِدِي من نَار خدك شعلة
…
وَمَوْضِع مَا أخليت مِنْهَا هُوَ الْخَال)
مِنْهَا فِي الْمَدْح الطَّوِيل
(جنى عسل الْفَتْح الْمُبين برمحه
…
وَلَا غرو أَن اسْم الرديني عَسَّال)
(لَهُ صولة الرئبال فِي مايس القنا
…
وَلَا ريب أَن ابْن الغضنفر رئبال)
(إِذا صال فِي يَوْم النزال تفصلت
…
لَا عدائه بِالرُّعْبِ والذعر أوصال)
وَمن حلم الْكَامِل مَا حَكَاهُ صَاحب كتاب الْإِشْعَار بِمَا للملوك من النَّوَادِر والأشعار فَإِنَّهُ حكى أَن بعض خواصه كَانَ قد صَار بِحَيْثُ يَبْدُو من فلتات لِسَانه كَلِمَات فِيهَا غلظة فِي حق الْملك الْكَامِل ودام على ذَلِك إِلَى أَن مَاتَ ذَلِك الشَّخْص فَلَمَّا مَاتَ قَالَ لبَعض ثقاته امْضِ إِلَيْهِ بِسُرْعَة وائتني بِمَا فِي كمرانه وَأتي بِشَيْء مثل الذرور فَاحْضُرْ الطَّبِيب وَقَالَ بِمحضر من خواصه مَا هَذَا فَقَالَ سم فَقَالَ لأَصْحَابه لهَذَا مَعَ هَذَا الشَّخْص ثَلَاث سِنِين يترقب أَن يَجْعَل مِنْهُ وَأَنا أعلم بِهِ وَمَا أَحْبَبْت أَن أفضحه وَكَانَ لَيْلَة جَالِسا فَدخل عَلَيْهِ مظفر الْأَعْمَى فَقَالَ لَهُ أجز يَا مظفر وَأنْشد مخلع الْبَسِيط قد بلغ الشوق منتهاه فَقَالَ مظفر وَمَا دري العاذلون مَا هُوَ فَقَالَ السُّلْطَان ولي حبيب رأى هواني فَقَالَ مظفر وَمَا تَغَيَّرت عَن هَوَاهُ
فَقَالَ السُّلْطَان رياضة النَّفس فِي احتمالي فَقَالَ مظفر وروضة الْحسن فِي حلاه فَقَالَ السُّلْطَان اسمر لدن القوام المى فَقَالَ مظفر يعشقه كل من يرَاهُ فَقَالَ السُّلْطَان ريقته كلهَا مدام فَقَالَ مظفر ختامها الْمسك من لماه فَقَالَ السُّلْطَان ليلته كلهَا رقاد فَقَالَ مظفر وليلتي كلهَا انتباه فَقَالَ السُّلْطَان وَمَا يرى ان يهين عبدا فَسكت مظفر سَاعَة فَقَامَ وَقَالَ)
بِالْملكِ الْكَامِل احتماه وَكَانَت فِي يَد الْكَامِل ورقة يكْتب فِيهَا مَا ينظمانه فألقاها من يَده إِلَى الزين الدمياطي وَأمره أَن يكْتب لِئَلَّا يكْتب مديحه بِيَدِهِ قَالَ مظفر فَقلت مخلع الْبَسِيط
(الْعَالم الْعَامِل الَّذِي
…
فِي كل حلاه ترى أَبَاهُ)
(لَيْث وغيث وَبدر تمّ
…
ومنصب جلّ مرتقاه)
وَلما اسْتردَّ الْكَامِل دمياط من الفرنج وطلبوا مِنْهُ الْأمان أرسل إِلَيْهِم ابْنه الصَّالح أَيُّوب وَابْن أَخِيه شمس الْمُلُوك وَجَاءَت مُلُوك الفرنج إِلَى الْكَامِل فالتقاهم وأنعم عَلَيْهِم وَضرب لَهُم الْخيام وَوصل الْأَشْرَف مُوسَى والمعظم عِيسَى فِي تِلْكَ الْحَالة إِلَى المنصورة فِي ثَالِث شهر رَجَب سنة ثَمَان عشرَة وست مائَة فَجَلَسَ الْكَامِل مَجْلِسا عَظِيما فِي خيمة كَبِيرَة عالية وَمد سماطاً عَظِيما وأحضر مُلُوك الفرنج والخيالة ووقف أَخَوَاهُ الْأَشْرَف والمعظم فِي خدمته وَقَامَ رَاجِح الحلى الشَّاعِر وَأنْشد قَوْله الطَّوِيل
(هَنِيئًا فَإِن السعد رَاح مخلداً
…
وَقد أنْجز الرَّحْمَن بالنصر موعدا)
(حبانا إِلَه الْخلق فتحا بدا لنا
…
مُبينًا وأنعاماً وَعزا مُؤَبَّدًا)
(تهلل وَجه الدَّهْر بعد قطوبه
…
وَأصْبح وَجه الشّرك بالظلم أسودا)
(وَلما طَغى الْبَحْر الخضم بأَهْله التطغاة وأضحى بالمراكب مزبدا أَقَامَ لهَذَا الدّين من سل عزمه
…
صقيلاً كَمَا سل الحسام المهندا)
(فَلم ينج إِلَّا كل شلو مجدل
…
ثوى مِنْهُم أَو من ترَاهُ مُقَيّدا)
(ونادى لِسَان الْكَوْن فِي الأَرْض رَافعا
…
عقيرته فِي الْخَافِقين ومنشدا)
(أعباد عِيسَى أَن عِيسَى وَحزبه
…
ومُوسَى جَمِيعًا ينصران مُحَمَّدًا)