الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بن مسْعدَة املاء قَالَ سَمِعت عبد الله بن سَلام يَقُول أَنْشدني عَبدة بن زِيَاد الْأَصْبَهَانِيّ من قَوْله الْكَامِل
(دين النَّبِي مُحَمَّد أَخْبَار
…
نعم المطية للفتى الْآثَار)
(لَا تخدعن عَن الحَدِيث وَأَهله
…
فَالرَّأْي ليل والْحَدِيث نَهَار)
(ولربما غلط الْفَتى سبل الْهدى
…
وَالشَّمْس بازغة لَهَا أنوار)
أَنْشدني وَالِدي أَبُو عَمْرو مُحَمَّد قَالَ أَنْشدني وَالِدي أَبُو بكر مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن يحيى بن سيد النَّاس رحمهمَا الله تَعَالَى قَالَ أَنْشدني الْحَافِظ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد بن مفرج النباتي قَالَ أَنْشدني أَبُو الْوَلِيد سعد السُّعُود بن أَحْمد بن هِشَام قَالَ أَنْشدني الْحَافِظ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن عبد الْملك أَنْشدني أَبُو أُسَامَة يَعْقُوب قَالَ أَنْشدني وَالِدي الْفَقِيه الْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد ابْن حزم لنَفسِهِ الرمل
(من عذيري من أنَاس جهلوا
…
ثمَّ ظنُّوا أَنهم أهل النّظر)
(ركبُوا الرَّأْي عناداً فسروا
…
فِي ظلام تاه فِيهِ من غبر)
(وَطَرِيق الرشد نهج مهيع
…
مثل مَا أَبْصرت فِي الْأُفق الْقَمَر)
(وَهُوَ الْإِجْمَاع وَالنَّص الَّذِي
…
لَيْسَ إِلَّا فِي كتاب أَو أثر)
وَالله الْمَسْئُول أَن يلهمنا رشدا يدلنا عَلَيْهِ وَدلَالَة تهدينا إِلَى مَا يزلفنا لَدَيْهِ وهداية يسْعَى نورها بَين أَيْدِينَا إِذا وقفنا يَوْم الْعرض بَين يَدَيْهِ بمنه وَكَرمه
3 -
(جمال الدّين مُحَمَّد بن نَبَاته مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْحسن)
ابْن أبي الْحسن بن صَالح بن عَليّ بن يحيى بن طَاهِر بن مُحَمَّد بن الْخَطِيب أبي يحيى عبد الرَّحِيم بن)
نَبَاته الفارقي الأَصْل الْمصْرِيّ المولد الحذاقي الشَّافِعِي جمال الدّين أَبُو بكر الأديب النَّاظِم الناثر تفرد بلطف النّظم وعذوبة اللَّفْظ وجودة الْمَعْنى وغرابة الْمَقْصد وجزالة الْكَلَام وانسجام التَّرْكِيب وَأما نثره فَإِنَّهُ الْغَايَة فِي الفصاحة سلك مَنْهَج الْفَاضِل رحمه الله وحذا حذوه واطفأ نور ابْن عبد الظَّاهِر فَلم يدع لَهُ فِي الْقُلُوب حظوة وَأما خطه فأغلى قيمَة من الدّرّ لَو رزق حظا وأغزر دِيمَة من الْغَيْث إِلَّا أَن الزَّمَان أصبح قلبه عَلَيْهِ فظاً لَو أنصفه الدَّهْر كَانَ للْكتاب إِمَامًا وَلَو رقاه رتباً يَسْتَحِقهَا لغرد سجعه حَماما وانسجم لَفظه غماماً وطلع بدر فَضله تَمامًا الْكَامِل
(وغضارة الْأَيَّام تأبى أَن يرى
…
فِيهَا لأبناء الذكاء نصيب)
(ولذاك من صحب اللَّيَالِي طَالبا
…
جدا وفهماً فَاتَهُ الْمَطْلُوب)
ولد بِمصْر فِي زقاق الْقَنَادِيل سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وست مائَة وَنَشَأ بالديار المصرية وَبهَا تأدب واشتغل بفني النّظم والنثر وَسمع مِمَّن أمكنه السماع مِنْهُ وَكَانَ لَهُ بِالْقَاضِي عَلَاء الدّين ابْن عبد
الظَّاهِر اجْتِمَاع وَله مِنْهُ نصيب وَورد إِلَى الشَّام سنة خمس عشرَة تَقْرِيبًا ومدح أكابرها وأجازوه ومدح الْملك المؤيَّد عماد الدّين إِسْمَاعِيل صَاحب حماة فَأَجَازَهُ وَجعل ذَلِك عَادَة لَهُ فِي كل سنة فمدحه بمدائح حَسَنَة ثمَّ لما مَاتَ رحمه الله اسْتمرّ بذلك الرَّاتِب لَهُ وَلَده الْملك الْأَفْضَل نَاصِر الدّين مُحَمَّد وَكَانَ يرتحل إِلَى حلب وطرابلس ثمَّ إِنَّه اقْتصر آخر أمره على الْإِقَامَة بِدِمَشْق والانجماع عَن النَّاس وَقَررهُ الصاحب أَمِين الدّين أَمِين الْملك رحمه الله أَن يكون فِي كل سنة نَاظر القمامة بالقدس الشريف أَيَّام زِيَارَة النَّصَارَى لَهَا فَيتَوَجَّه يُبَاشر ذَلِك وَيعود وأضيف لَهُ إِلَى نكد الزَّمَان أَنه لم يَعش لَهُ ولد فَدفن فِيمَا أَظن قَرِيبا من سِتَّة عشر ولدا كلهم إِذا ترعرع وَبلغ خمْسا أَو سِتا أَو سبعا يتوفاه الله تَعَالَى فيجد لذَلِك الآلام المبرحة ويرثيهم بالأشعار الرائقة الرقيقة كتبت إِلَيْهِ من الديار المصرية فِي سنة تسع وَعشْرين وَسبع مائَة استدعاه لاجازته لي صورته الْحَمد لله على نعمائه وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على خير انبيائه مُحَمَّد وَآله وَصَحبه واصفيائه المسؤول من إِحْسَان سيدنَا الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْعَلامَة رحْلَة الْأَدَب قبْلَة ذَوي التحصين لَهُ فِي التَّحْصِيل والدأب الَّذِي تبيت شوارد الْمعَانِي صرعي تخوله للطافة تخيله وتمسي الْأَلْفَاظ العذبة طوع تحوله فِي التَّرْكِيب وتحيله فأمسى وَله النسيب الَّذِي يضْحك من الْعَبَّاس من رقته وَيُقِيم صريع الغواني إِلَى مقته بعد مقته والغزل الَّذِي يشيب لَهُ فود الْوَلِيد ويسترق الْحر من كَلَام عبيد والتشبيه الَّذِي لَو علمه ابْن المعتز لما نصب الْهلَال فخاً لصيد النُّجُوم وَلَو تعاطاه حفيد جريج لقيل لَهُ ألم تسمع ألم)
غلبت الرّوم الرّوم والمديح الَّذِي لَو بلغ زهيراً لقَالَ مَا أَنا من هَذِه الحدائق أَو اتَّصل نبأه بالمتنبي لاشتغل عَن ذكر العذيب وبارق والرثاء الَّذِي نقص عِنْده أَبُو تَمام بعد أَن رفع لَهُ لِوَاء الشّرف وَالْفَخْر وَقَالَ هَذِه عذوبة الزلَال لَا مَا تفجر من الخنساء على صَخْر والترسل الَّذِي سقى الْفَاضِل كأسغ الحتوف لما شبه الغمود بالكمائم وَالسُّيُوف بالأزهار وأذهله حَتَّى صحت لَهُ قسْمَة التَّجْنِيس فِي الْخَيل والخيال بَين المراقب والمراقد واخطأت مَعَه فِي المرابع والمساجد بَين الأنواء والأنوار وَالْكِتَابَة الَّتِي تَغْدُو الطروس بهَا وَكَأَنَّهَا برود محبرة أَو سَمَاء بالنجوم زاهرة أَن لم ترض أَن تكون فِي الأَرْض رياضا مزهرة الْكَامِل
(أدب على الحصري يَعْلُو تاجه
…
وَله ابْن بسام بكي ألوانا)
(وَترسل سُبْحَانَ من قد زَاده
…
مِنْهُ وَأعْطى الْفَاضِل النقصانا)
(وَكِتَابَة لعلوها فِي وَضعهَا
…
لَيْسَ ابْن مقلة عِنْدهَا انسانا)
(فلكم أخي فضل رَأَتْ عَيناهُ فِي ال أوراق لِابْنِ نَبَاته بستانا)
جمال الدّين أبي بكر مُحَمَّد ابْن الشَّيْخ الإِمَام الْحَافِظ شمس الدّين مُحَمَّد بن نَبَاته جمع الله
بِهِ شتات الْأَدَب فِي دوحة هَذِه الدولة وَلم بِهِ شعث ابنائه الَّذين لَا صون لَهُم وَلَا صولة وَأقَام بِهِ عماد أَبْيَات الشّعْر الَّتِي لولاه لما عرفت دَار مية من اطلال خَوْلَة بمنه وَكَرمه اجازة كَاتب هَذِه الأحرف مَا لَهُ فسح الله فِي مدَّته من رِوَايَة المصنفات فِي الْأَحَادِيث النَّبَوِيَّة والتأليفات الأدبية على اخْتِلَاف أوضاعها وتباين أجناسها وأنواعها بِحَسب مَا تأدى ذَلِك إِلَيْهِ واتصل بِهِ من قِرَاءَة أَو سَماع أَو إجَازَة أَو وَصِيَّة أَو جادة من مَشَايِخ الْعلم الَّذين أَخذ عَنْهُم واجازة مَا لَهُ أحسن الله إِلَيْهِ من مقول نظماً أَو نثراً تأليفاً أَو وضعا اجازة خَاصَّة واثبات مَا لَهُ من التصانيف إِلَى هَذَا التَّارِيخ بِخَطِّهِ الْكَرِيم واجازة مَا لَعَلَّه يَقع لَهُ بعد ذَلِك اجازة عَامَّة على أحد الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَسْأَلَة فَإِن الرياض لَا يَنْقَطِع زهرها والبحار لَا تنفد دررها واثبات مَا يحسن ايراده فِي هَذِه الاجازة من المقاطيع الرائقة والأبيات اللائقة وَذكر نسبه ومولده ومكانه فَأجَاب بِمَا صورته بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم أما بعد حمدا لله الَّذِي إِذا توجه ذُو السُّؤَال إِلَيْهِ فَازَ وَإِذا دعى كرمه ذَوُو الطّلب أجَاب وَأَجَازَ وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد كعبة الْقَصْد الَّتِي لَيْسَ بَينهَا وَبَين النجح حجاز وعَلى آله وَصَحبه حقائق الْفضل والفصل وَمن بعدهمْ مجَاز فَلَو لزم فِي كل الْأَحْوَال تناسب المخاطبة وَكَانَ جَوَاب السُّؤَال بِحَسب مَا بَينهمَا من شرف الْمُنَاسبَة لما رضى سجع الحمائم لمطارحته نوعا من الأطيار وَلَا قبل فصحاء الأول مُرَاجعَة الصدى من الديار)
وَلَا قنع غمز حواجب الْأَحِبَّة برد الْقُلُوب الهائمة فِي أَوديَة الأفكار وَلَكِن تَقول الأكابر والاتباع تبذل من الْأَجْوِبَة جهدها وتنفق مِمَّا عِنْدهَا وتجرد الأماثل سيوف النُّطْق وَلَا تتعدى الْأَوْلِيَاء من الطَّاعَة حَدهَا وَلما كنت أَيهَا الراقم برود هَذَا السُّؤَال ببيانه والمنشئ روض هَذَا الاستدعاء بآثار السحب من بنانه والسائل الَّذِي هزت المعاطف فضائله وسحرت أَرْبَاب الْعُقُول عقائله وَأقَام المسؤول مقَاما لَيْسَ هُوَ من أَهله فليتق الله سائله فريد فن الْأَدَب الَّذِي لَا يُبَارى وبحره الَّذِي لَا يهدى غائص قلمه الدّرّ إِلَّا كبارًا وَذَا الْيَد الْبَيْضَاء فِيهِ الَّذِي طالما آنس من جَانب ذهنه الشريف نَارا وخليله الَّذِي اطلع على أسراره الدقيقة ورئيسه الَّذِي لَو جارى ابْن المعتز وتمت ولَايَته لَكَانَ خَلِيل أَمِير الْمُؤمنِينَ على الْحَقِيقَة وناظمه الَّذِي يسرى الطائيان تَحت علمه المنشور وكاتبه الَّذِي يتبحح العبدان بِالدُّخُولِ تَحت رقّة الْمَأْثُور طالما شافه مِنْهُ الْعلم وَجها جميلا وَقدرا جَلِيلًا ولاقى من لَا ينْدَم على صحبته فَيَقُول لَيْتَني لم أَتَّخِذ فلَانا خَلِيلًا الْفرْقَان فَهُوَ الْغَرْس الَّذِي يقصر عَن آمالي وَصفه الشجري ويفخر الدّين وَالْعلم بشخصه وَلَفظه فَهَذَا يَقُول غرسى وَهَذَا يَقُول ثمرى كم أغْنى بمفرد شخصه عَن فضلاء جيل وَكم بدا للسمع وَالْبَصَر من بَنَات فكره بثينة وَمن وَجهه جميل وَكم تنزهت الأفكار من لَفظه وخطّه بَين ريحَان وَورد لَا بَين أذخر وجليل وَكم دَامَ عَهده وودّه حَتَّى كَاد يبطل قَول الأول دَلِيل على أَن لَا يَدُوم خَلِيل توّد الشهب لَو كَانَت حَصْبَاء غَدِير طرسه وتغار الْأُفق إِذا طرز يراع دَرَجه بالظلماء أردية شمسه ويتحاسد النّظم والنثر على مَا تنْتج مُقَدمَات مَنْطِقه من النتائج وينشده كل مِنْهُمَا إِذا حاول القَوْل خَلِيل الصَّفَا هَل أَنْت بِالدَّار عائج إِن كتب أغضى ابْن مقلة من الْحَسَد على قذاة وَحمل ابْن البواب لحجبته عَصا الْقَلَم قَائِلا مَا ظلم من أشبه أَبَاهُ وَإِن نحا النَّحْو لباه عشرا
ولأنت أعطاف الْحُرُوف قسراً وتشاجرت الْأَمْثِلَة على لَفظه فَلَا غرو أَن ضرب زيد عمرا يترجل كَلَام الْفَارِسِي بَين يَدَيْهِ ويطير لفظ ابْن عُصْفُور حذرا من الْبَازِي المطل عَلَيْهِ وَإِن شعر هامت الشُّعَرَاء بِذكرِهِ فِي كل وَاد وَحمل ذكرهَا فِي كل نَاد ونصبت بيوته على يفاع الشّرف كَمَا تنصب بيُوت الأجواد طالما بلد لبيدا وَولي شعر ابْن مقبل مِنْهُ شَرِيدًا وَقَالَت الْآدَاب لبحتري لَفظه ألم نربك فِينَا وليدا الشُّعَرَاء وَإِن نثر فَمَا الدّرّ الْيَتِيم إِلَّا تَحت حجره وَلَا الزهر النَّضِير إِلَّا مَا ارتضع من أخلاف قطره وَلَا المترسلون إِلَّا من تصرف فِي ولَايَة البلاغة تَحت نَهْيه وَأمره وَإِن تكلم على فنون الْأَدَب روى الظما وجلا مَعَاني الْأَلْفَاظ كالدمى وَقَالَ الْعرُوض لَهُ وَلابْن أَحْمد خليلي هبا بَارك الله فيكما هَذَا وَكم أثنى قدم عُلُوم الْأَوَائِل على فكره الْحَكِيم وَشهِدت رِوَايَة الْأَحَادِيث النَّبَوِيَّة بفضله وَمَا أَعلَى من شهد بفضله)
الحَدِيث وَالْقَدِيم الْبَسِيط
(علت بِهِ دَرَجَات الْفضل واتضحت
…
دقائق من مَعَاني لَفظه البهج)
(هَذَا وليل الشَّبَاب الجون منسدل
…
فَكيف حِين يضيء الشيب بالسرج)
(يَا حبذا أعين الْأَوْصَاف ساهرة
…
بَين الدقائق من علياه والدرج)
بدأتني أعزّك الله من الْوَصْف بِمَا قل عَنهُ مَكَاني واضمحل عياني وَكَاد من الخجل يضيق صَدْرِي وَلَا ينْطَلق لساني الشُّعَرَاء وحمغلت كاهلي من الْمَنّ مَا لم يسْتَطع وَضربت لذكرى فِي الْآفَاق نوبَة خليلية لَا تَنْقَطِع وَسَأَلتنِي مَعَ مَا عنْدك من المحاسن الَّتِي لَهَا طرب من نَفسهَا وثمر من غرسها أَن أجيبك وأجيزك وأوازن بمثقال كلمي الْحَدِيد أبريزك وأقابل لسنك الْمُطلق بلساني المحصور وَأثبت استدعاءك الجليلي على بَيت مَال نطقي المكسور فتحيرت بَين أَمريْن أَمريْن وَوَقع ذهني السقيم بَين دائين مضرين إِن فعلت مَا أمرت فَمَا أَنا من ارباب هَذَا الْقدر العالي والصدر الحالي وَمن أَنا من أَبنَاء مصر حَتَّى أتقدم لهَذَا الْملك الْعَزِيز وَكَيف أطالب مَعَ اقتار علمي وفهمي بِأَن أُجِيب واجيز وَأَيْنَ لمقيد خطوى هَذِه الوثبات وَإِنِّي يماثل قُوَّة هَذَا الْغَرْس ضعف هَذَا النَّبَات وَأَن منعت فقد أَسَأْت الْأَدَب وَالْمَطْلُوب حسن الْأَدَب مني وأهملت الطَّاعَة الَّتِي أَقرع بعْدهَا بِرُمْح الْقَلَم سنى وفاتني شرف الذّكر الَّذِي امْتَلَأَ بِهِ حَوْض الرِّجَال وَقَالَ قطني ثمَّ ترجح عِنْدِي إِن أُجِيب السُّؤَال وأقابل بالامتثال وأتحامل على ظلع الْأَقْوَال صَابِرًا على تهكم سائلي مُعظما قدري كَمَا قيل بتغافلي منقاداً إِلَى جنَّة استدعائك من السطور بسلاسلي وأجزت لَك أَن تروى عني مَا تجوز لي رِوَايَته من مسموع
ومأثور ومنظوم ومنثور وإجازة ومناولة ومطارحة ومراسلة وَنقل وتصنيف وتنضيد وتفويف وماض ومتردد وَآت على رَأْي بعض الروَاة ومتجدد وَجَمِيع مَا تضمنه استدعاؤك فأجمع مَا يكون لَفظه المتفرد كَاتبا لَك بذلك خطى مشترطاً عَلَيْك الشَّرْط الْمُعْتَبر فَلْيَكُن قبولك يَا عَرَبِيّ الْبَيَان جَوَاب شرطي ذَاكِرًا من لمع خبري مَا أَبْطَأت بِذكرِهِ وَأَرْجُو أَن أبطئ وَلَا أخطئ فَأَما مولدِي فبمصر المحروسة فِي ربيع الأول سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وست مائَة بزقاق الْقَنَادِيل وَأما شُيُوخ الحَدِيث الَّذين رويت عَنْهُم سَمَاعا وحضوراً فَمن أقدمهم الشَّيْخ شهَاب الدّين أَبُو الهيجاء غَازِي بن أبي الْفضل بن عبد الْوَهَّاب نزيل قطيا الْمَعْرُوف بِابْن الردّاف سَمِعت عَلَيْهِ بعض الغيلانيات وَهُوَ الْجُزْء الثَّانِي وَالثَّالِث من تجزئة أحد عشر جُزْءا وَالشَّيْخ عزّ الدّين أَبُو نصر عبد الْعَزِيز بن أبي الْفرج الحصري الْبَغْدَادِيّ سَمِعت عَلَيْهِ جُزْءا من أَحَادِيث خرجها لَهُ وَالِدي وَالشَّيْخ الْعَالم شهَاب الدّين أَحْمد بن أبي)
مُحَمَّد إِسْحَاق بن مُحَمَّد الهمذاني الأبرقوهي سَمِعت عَلَيْهِ السِّيرَة النَّبَوِيَّة بِقِرَاءَة الشَّيْخ فتح الدّين ابْن سيّد النَّاس وَأما من أجازني مِنْهُم بِمصْر وَغَيرهَا من الْأَمْصَار فكثير أخبرنَا الشَّيْخ الْمسند عز الدّين أَبُو الْعِزّ عبد الْعَزِيز بن عبد الْمُنعم بن عَليّ الحرّاني رحمه الله أجازة انا الشَّيْخ أَبُو الْفتُوح يُوسُف بن الْمُبَارك بن كَامِل قِرَاءَة عَلَيْهِ وَأَنا حَاضر بِبَغْدَاد أَنا الشَّيْخ أَبُو مَنْصُور عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد الْقَزاز قِرَاءَة عَلَيْهِ وَأَنا أسمع أَنا الشَّيْخ أَبُو الْغَنَائِم عبد الصَّمد بن عَليّ بن مُحَمَّد قِرَاءَة عَلَيْهِ وَأَنا حَاضر قيل لَهُ أخْبركُم أَبُو الْحسن عَليّ بن عمر بن أَحْمد الدَّارَقُطْنِيّ ثَنَا مُحَمَّد بن عَليّ بن إِسْمَاعِيل الْأَيْلِي ثَنَا أَحْمد بن الْمُعَلَّى بن يزِيد ثَنَا حَمَّاد بن الْمُبَارك ثَنَا مُحَمَّد بن شُعَيْب ثَنَا مَرْوَان بن جنَاح عَن هِشَام بن عُرْوَة أَنه أخبرهُ عَن عُرْوَة بن الزبير عَن عَائِشَة زوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ أَن من الشّعْر حِكْمَة وَأما الْفُضَلَاء والأدباء الَّذين رويت عَنْهُم وَرَأَيْت مِنْهُم فَمنهمْ القَاضِي الْفَاضِل محيي الدّين أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن الشَّيْخ رشيد الدّين عبد الظَّاهِر الْكَاتِب الْمصْرِيّ وَالشَّيْخ الإِمَام بهاء الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن ابراهيم بن النّحاس النَّحْوِيّ الْحلَبِي والأمير الْفَاضِل شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد ابْن الصاحب المورخ شرف الدّين اسماعيل التيتي الْآمِدِيّ اقترح عَليّ وَلم أبلغ الْحلم نظما فِي زِيَادَة النّيل فَقلت مرفل الْكَامِل
(زَادَت أَصَابِع نيلنا
…
وطمت فأكمدت الأعادي)
(وَأَتَتْ بِكُل جميلَة
…
مَا ذِي أَصَابِع ذِي أيادي)
وَالشَّيْخ الْعَالم علم الدّين قيس بن سُلْطَان الضَّرِير من أهل منية بني خصيب قَرَأت عَلَيْهِ كثيرا من كتب الْأَدَب الْمَشْهُورَة وَكَانَ كثيرا مَا يستنشدني إِلَيّ أَن أنشدته قولي الْبَسِيط
(يَا غائبين تعللنا لغيبتهم
…
بِطيب لَهو وَلَا وَالله لم يطب)
(ذكرت والكأس فِي كفي لياليكم
…
فالكأس فِي رَاحَة وَالْقلب فِي تَعب)
فَقَالَ أتعب وَالله جدعك الْقرح وَالشَّيْخ الْعَالم بهاء الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بِابْن الْمُفَسّر أَنْشدني يَوْمًا لنَفسِهِ الرمل
(لَا أرى لي فِي حَياتِي رَاحَة
…
ذهبت لَذَّة عيشي بِالْكبرِ)
(بَقِي الْمَوْت لمثلي ستْرَة
…
يَا آلهي أَنْت أولى من ستر)
فَأَنْشَدته لي الْخَفِيف
(بقلت وجنة الْمليح وَقد ولي
…
زمَان الصَّبِي الَّذِي كنت أملك)
)
(يَا عذار الْمليح دَعْنِي فَإِنِّي
…
لست فِي ذَا الزَّمَان من خل بقلك)
وَالشَّيْخ الأديب الْفَاضِل سراج الدّين عمر الْوراق الْمصْرِيّ سمعته ينشد لنَفسِهِ الْكَامِل
(يَا خجلتي وصحائفي سود غَدا
…
وصحائف الْأَبْرَار فِي إشراق)
(وتوقعي لموبخ لي قَائِل
…
أكذا تكون صَحَائِف الْوراق)
والأديب الْفَاضِل نصير الدّين الْمَنَاوِيّ الحمامي أَنْشدني لنَفسِهِ الطَّوِيل
(أحب من الدُّنْيَا إِلَيّ وَمَا حوت
…
غزال تبدي لي بكأس رحيق)
(وَقد شهِدت لي سنة اللَّهْو أنني
…
أحب من الصَّهْبَاء كل عَتيق)
فَأَنْشَدته لي الْكَامِل
(إِنِّي إِذا آنست هما طَارِقًا
…
عجلت باللذات قطع طَرِيقه)
(ودعوت أَلْفَاظ الْمليح وكأسه
…
فنعمت بَين حَدِيثه وعتيقه)
وَجَمَاعَة يطول ذكرهم ويعز على أَن لَا يحضرني الْآن إِلَّا شعرهم وَأما مصنفاتي الَّتِي هِيَ كالياسمين لَا تَسَاوِي جمعهَا وَلَوْلَا جبر الخزائن الشَّرِيفَة السُّلْطَانِيَّة الملكية المؤيدية لَهَا مَا استجزت نصبها وَلَا رَفعهَا فَهِيَ كتاب مجمع الفرائد كتاب الْقطر النباتي كتاب شرح الْعُيُون فِي شرح رِسَالَة ابْن زيدون كتاب منتخب الْهَدِيَّة من المدائح المؤيدية كتاب الْفَاصِل من انشاء الْفَاضِل كتاب زهر المنثور كتاب سجع المطوق كتاب ابزار الْأَخْبَار كتاب شَعَائِر الْبَيْت التَّقْوَى وَلم يكمل إِلَى الْآن الأرجوزه الْمُسَمَّاة فرائد السلوك فِي مصائد الْمُلُوك أجزت لَك أعزّك الله رِوَايَتهَا عني وَرِوَايَة مَا أدونه وأجمعه بعْدهَا حَسْبَمَا اقترحه استدعاؤك ونمقه ونسخه وحققه وتضمنه سؤالك الَّذِي تَصَدَّقت بِهِ على فمنك السُّؤَال ومنك الصَّدَقَة وَالله تَعَالَى يشْكر عَهْدك الْجَمِيل وكلماتك الجزلة وكرمك الجزيل ويمتع فنون الْفَضَائِل الملتجئة إِلَى ظلّ قلمك الظليل وَلَا يعْدم الأحباب الْآدَاب من اسْمك وسمتك خير صَاحب وخليل بمنه وَطوله تمت الْإِجَازَة ثمَّ أنني سَمِعت من لَفظه كتاب منتخب الْهَدِيَّة والقطر النباتي وَكنت قد كتبت عَلَيْهِ وَأَنا بِالْقَاهِرَةِ الوافر
(بحقك لَا تقل فِيمَن تقضي
…
وَفَاتَ لقد مضى بالطيبات)
(وَرَاح وشعره حُلْو رَقِيق
…
فَمَا يتَكَلَّم الْقطر النباتي)
وَسمعت من لَفظه فرائد السلوك وَسمعت من لَفظه الْمُنْتَخب المنصوري وَسمعت من لَفظه النحلة الأنسية فِي الرحلة القدسية وغالب مَا انشأه من النّظم والنثر سمعته وَكنت قد كتبت بِالْقَاهِرَةِ على قِطْعَة)
أهداها من شعره الوافر
(أيا ابْن نَبَاته أهديت شعرًا
…
نَصِيبي سكر مِنْهُ وسكر)
(يفوت الْغَيْث عدا وَهُوَ حُلْو
…
فشعرك كَيفَ مَا حاولت قطر)
وَقد اخْتَار من دواوين الشُّعَرَاء جملَة مِنْهَا ديوَان ابْن الرُّومِي وديوان ابْن سناء الْملك وديوان ابْن قلاقس وديوان ابْن حجاج وَهُوَ اخْتِيَار جيد سَمَّاهُ تلطيف المزاج من شعر ابْن حجاج وديوان شرف الدّين شيخ الشُّيُوخ وبيني وَبَينه مكاتبات كَثِيرَة ومراجعات أثيرة مِنْهَا مَا كتبه إِلَيّ وَأَنا بِالْقَاهِرَةِ سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة وَهُوَ الْبَسِيط
(رضيت بالكتب بعد الْقرب فَانْقَطَعت
…
حَتَّى رضيت سَلاما فِي حواشيها)
وَينْهى أَنه كَانَ كسير الخاطر حسير النَّاظر لانْقِطَاع بر مَوْلَانَا الممتاز ولامتناع الْمَمْلُوك من الْمُكَاتبَة ظنا أَن بَينهَا وَبَين الْقَصْد حجاز فَلَمَّا وقف الْآن على ذكره فِي حَاشِيَة مُكَاتبَة جمالية اسْتَأْنف للخاطر سُرُورًا وَأقَام وزن الْبَيْت القلبي وَكَانَ مكسوراً وَوضع الطرس على وَجه خطه الْأَعْمَى فَارْتَد بَصيرًا يُوسُف وَجمع بَين ذَلِك الخاطر وَاللَّفْظ وَالْقلب وَإِنَّمَا جمع مِسْكينا ويتيما وأسيرا الْإِنْسَان وسره أشهد الله أَن يكون مَعْدُود الذّكر فِي الْحَاشِيَة واستوقف أَلْفَاظ العتاب وَقد كَانَت إِلَى درج الأدراج مَاشِيَة الطَّوِيل
(حَلَال لليلى أَن تروع فُؤَاده
…
بهجر ومغفور لليلى ذنوبها مرفل الْكَامِل)
(لَا تقرعن سَماع من تهوى
…
بتعداد الذُّنُوب)
(مَا ناقش الأحباب
…
إِلَّا من يعِيش بِلَا حبيب)
وَقد علم الله شوق الْمَمْلُوك إِلَى تِلْكَ الْخَلَائق وربيعها والألفاظ وبديعها وشجوه الَّذِي أخْفى الْجلد وأبانه ووحشته الَّتِي أفردته سَهْما وَاحِدًا فِي دمشق لَا فِي كنَانَة الْبَسِيط
(لم يتْرك الدَّهْر لي خلا أسر بِهِ
…
إِلَّا اصطفاه بنأي أَو بهجران)
وَالله تَعَالَى يحرس مَوْلَانَا حَيْثُ كَانَ ويمده بمعونتي الْمَكَان والإمكان ويصون نفاسة نَفسه وَإِن تَغَيَّرت على أحبابها وأعرضت عَن غلمانها ويأبى ناموس الرُّتْبَة أَن يُقَال عَن أَصْحَابهَا وَلَا يعْدم الْأَوْلِيَاء على الْقرب والبعد أَن يجتنوا من نظمه ونثره ثَمَر الْبَيَان متشابهاً الْمَمْلُوك يقبل يَد الجناب الأخوي البرهاني شكر الله احسانه وأوضح فِي اسْتِحْقَاق رتب الْفضل برهانه وود الْمَمْلُوك لَو رَآهُ عِنْد الْقدوم من حلب فَكَانَ يُوفي بعض قروض فَضله وفروض بذله وَلَكِن أَبى الْحَال الْمُنَاسب إِلَّا أَن تبدأ هَدِيَّة ذَلِك الْمولى تحيته فيقابلها الْمَمْلُوك ببخله يَا مَوْلَانَا بلغ الْمَمْلُوك تقدم الْمقر الْفُلَانِيّ وتبينه وتعينه وَأَرَادَ الْمَمْلُوك مطالعته
وَعرض وسائله وَلكنه ذكر حِكَايَة بعض جُفَاة الْأَعْرَاب ومتعجرفيهم وَقد اشْتَدَّ بِهِ ضعفه فَقَالَ لَهُ بعض إخوانه تب إِلَى الله تَعَالَى فَقَالَ يَا أخي إِن عافاني تبت فَإِنِّي لَا أقبل القسر فَإِن نظر ذَلِك الْمقر إِلَى الْمَمْلُوك ونفعه كتب وَقَالَ وأطاب وَأطَال ونهض فِي خدمَة أَيَّامه بِمَا لَا ينْهض بِهِ سواهُ من أهل الْمقَال وَإِلَّا الطَّوِيل
(كِلَانَا غَنِي عَن أَخِيه حَيَاته
…
وَنحن إِذا متْنا أَشد تَغَانِيًا)
فَكتبت إِلَيْهِ الْجَواب عَن ذَلِك وَينْهى وُرُود الْمِثَال العالي وَالْفضل الَّذِي نصب لي لِوَاء الْفَخر لَو أَنه كَمَا أعهده متوالي وَالْبر الَّذِي كم تمسكت بحباله فَأرْسل الحبا لي وَالرَّوْض الَّذِي هُوَ لِابْنِ الشجري نِهَايَة الْأَمَانِي فِي الأمالي والأزاهر الَّتِي أَصبَحت من جناة جناتها فَلَا بدع إِذا كنت لنار عتبها الْيَوْم صالي الطَّوِيل
(إِذا لم يخن صب فَفِيمَ عتاب
…
وَإِن لم يكن ذَنْب فمم يُتَاب)
(أجل مَا لنا إِلَّا هواكم جِنَايَة
…
فَهَل عنْدكُمْ غير الصدود عِقَاب)
فَوقف الْمَمْلُوك عَلَيْهِ بعد أَن تمثل وَاقِفًا لَدَيْهِ وَشَاهد ذَلِك اللَّفْظ الرَّقِيق الْمُشْتَمل على العتب الْفظ وَتحقّق أَن هَذَا من جزئيات مَا سَاق إِلَيْهِ الْقسم وحض عَلَيْهِ الْحَظ مخلع الْبَسِيط
(وغايتي أَن الوم حظي
…
وحظي الْحَائِط الْقصير)
وَلَقَد علم الْمَمْلُوك عِنْد رُؤْيَته أَنه غمامة تقَعْقع بالعتب رعدها عِنْد الفض وَرَسُول جَاءَ بعد فَتْرَة يَدْعُو الْقلب إِلَى الْكسر والطرف إِلَى الغض وخصم يروع بالعتب ويروق باللطف وَكَذَا جرى لِأَن الروع تعجل نَقده فِي النض الْبَسِيط
(هَذَا عتابك إِلَّا أَنه مقة
…
قد ضمن الدّرّ إِلَّا أَنه كلم)
فيا لَهُ من عتاب مَا حاك العتابى مِنْهُ لقطَة لَفْظَة وَلَا رقا إِلَى رقته عتاب جرى بَين الزَّمَان وجحظة وَلَا استحضر مهديه عِنْد تسطيره من الْقُرْآن الْكَرِيم وليجدوا فِيكُم غلظة التَّوْبَة الطَّوِيل
(وأطيبُ أَيَّام الهَوَى يَوْمك الَّذِي
…
تُروَّعُ بالهجران فِيهِ وبالعتب)
(إِذا لم يكن فِي الحبِّ سخطٌ وَلَا رضى
…
فَأَيْنَ حلاوات الرسائل والكتب)
ومولانا فَإِنَّهُ كبث لما كتب وعبث لما عتب وَنَفث بعد أَن لبث وَلَو اجتث الود لاجتنب وَلَكِن دلّ بِهَذَا على أَنه لَيْسَ لَهُ أغراض من الْإِعْرَاض وَأَنه لَا يَلِيق بوده الثَّابِت التبذل فِي التبدل وَلَا يعْتَاد أَن يعتاض وَالْقَائِل مَا أشرف همته مجزوء الرمل
(لست سَمحا بودادي
…
كل من نَادَى أَجَبْته)
)
ولعمري أَن مَوْلَانَا سباق غايات وَرب آيَات وَصَاحب دهاء لَا بل دهاشات علم أَنه نكب عَن الْوَفَاء وَظهر عَن لطفه مَا لَا يَلِيق بِهِ من الْجفَاء وأهمل الْمَمْلُوك هَذِه الْمدَّة وطمع فِي ضعفه وَظن أَنه لَيْسَ لذكره كرة بعد الْفِرَار وَلَا ردة فَتلا سُورَة من العتب سكنت مَا عِنْد الْمَمْلُوك
من السُّورَة وَأمكنهُ غَفلَة الرقباء فاختلس الزورة وسابق حراف الْمَمْلُوك وقاطع عَلَيْهِ الذرْوَة الْبَسِيط
(تشكي الْمُحب وتشكو وَهِي ظالمة
…
كالقوس تصمى الرمايا وَهِي مرنان)
وَقد تمثل الْمَمْلُوك بِهَذَا الْبَيْت دون غَيره من الْأَمْثَال لِأَنَّهُ أنسب بمولانا وَأقرب وتخيل مَا يعهده من توهم مَوْلَانَا فَلم يقل يلْدغ ويصي كالعقرب على أَن الْمَمْلُوك أَحَق بِهَذِهِ المعاتبة وأليق بِأَن يصدر عَنهُ مثل تِلْكَ الْمُكَاتبَة وَإِذ قد فتح هَذَا الْبَاب ونوقش فِي مثل هَذَا الْحساب فاسكب دموعك يَا غمام ونسكب نظهر مَا فِي زَوَايَا الجوانح من الخبايا وَنَتبع مَا فِي الْقلب إِن كَانَ حب مَوْلَانَا ترك مِنْهَا بقايا وَإِن كَانَ مَوْلَانَا حمل الْبَرِيد هَذِه البطاقة فَعِنْدَ الْمَمْلُوك مَا يعجز عَن حمله المطايا هَيْهَات مَا هَذَا مقَام يحصل فِيهِ الصَّفَا وَلَو كَانَ هَذَا مَوضِع العتب لاشتفى الْبَسِيط
(فَمَا يقوم لأهل الْحبّ بَيِّنَة
…
على بَيَاض صباح أَو سَواد دجا الطَّوِيل)
(وَإِن شِئْت ألقينا التَّفَاضُل بَيْننَا
…
وَقُلْنَا جميلاً واقتصرنا على الود)
استطرد الْمَمْلُوك بِهَذَا الْفَصْل وَهُوَ قَبِيح بِصدق ولَايَة ونكتة سَواد كَأَنَّهَا الْخَال لَكِنَّهَا مَا تلِيق بوجنة صفائه وَلَكِن الود إِذا مَا صفا لم يتَحَمَّل مَعَه الضَّمِير أَذَى وَلم تغمض الجفون مِنْهُ على قذى الْبَسِيط
(مَا ناصحتك خبايا الود من رجل
…
مَا لم ينلك بمكروه من العذل)
(محبتي فِيك تأبى إِن تسامحني
…
بِأَن أَرَاك على شَيْء من الزلل)
وَإِن اتّفق اقتراب فَلِكُل سُؤال جَوَاب وَمن كل جرم متاب وَلكُل صَغِيرَة وكبيرة مناقشة وحساب وَلكُل ظمأ إِمَّا سقيا رَحْمَة أَو سقيا عَذَاب الوافر
(وَإِن ظَفرت بِنَا أَيدي المنايا
…
فكم من حسرة تَحت التُّرَاب)
وَقد اشْتغل الْمَمْلُوك بِهَذَا الْفَصْل وَلَو وفْق فِي هَذِه الْخدمَة قطع مِنْهَا هَذَا الْوَصْل وَجرى على عَادَته فِي الأغضاء وَطلب النَّصْر بالبصر لَا بِالنّصب مجزوء الْكَامِل
(فالعمر أقصر مُدَّة
…
من أَن يضيع بالعتاب)
ويستغفر الله الْمَمْلُوك من هَذَا على أَن مَوْلَانَا عود الْمَمْلُوك بِالِاحْتِمَالِ إِذا آذَى وَيرجع إِلَى وصف مِثَال مَوْلَانَا فَيَقُول أَنه الحديقة وَالرَّوْض الَّذِي جمع الأزاهر إِلَّا أَنه عدم شقيقه وَالْفضل الَّذِي صدر)
عَن أمثل النَّاس طَرِيقه والقادم الَّذِي كَأَنَّهُ ولد جَاءَ بعد الْيَأْس وَأَن عملت لَهُ الدُّمُوع عقيقة الْبَسِيط
(وَالله مَا فتنت عَيْني محاسنه
…
إِلَّا وَقد سحرت أَلْفَاظه أُذُنِي)
فمتع الله الْوُجُود بكلم مَوْلَانَا الَّتِي هِيَ عوذة من الْغَيْر وجمال الْكتب وَالسير وَلَا أخلى الله من فَوَائده وَلَا قطع مَا أجراه على الْمَمْلُوك من عوائده وَقد بلغ الْمَمْلُوك سَلَامه وجبره مَمْلُوكه الْأَخ فَدَعَا وابتهل وشب جمر شوقه إِلَى رُؤْيَته بَعْدَمَا اكتهل وَقَالَ لَا بُد من الْعود إِلَى جنابه إِن كَانَ فِي الْعُمر مهل وَإِمَّا الْإِشَارَة الْكَرِيمَة فِي أَمر من ذكره مَوْلَانَا وَأَنه تعين وَتمكن وَتبين والنادرة اللائقة بذلك الْمقَام فَيَقُول الْمَمْلُوك أَنه مَا عَامل كَمَا عومل وَلَا قَابل كَمَا قوبل بل ادكر ركود الدَّهْر وهباته وَعمل بقول الحيص بيص فِي أبياته بعد أَن كبا سَرِيعا وخر للفم وَالْيَدَيْنِ صَرِيعًا الْكَامِل
(فعففت عَن أثوابه لَو إِنَّنِي
…
كنت المقطر بزني أثوابي)
تمّ الْجَواب وَكتب إِلَيّ فِي وَقت لرمل
(دمت للآداب تنشي رسمها
…
بيراع خطوه خطو فسيح)
(لَيْت شعري أَنْت يَا باعثها
…
بَعْدَمَا مَاتَت خَلِيل أم مسيح)
فأجبت بِقَوْلِي الرمل
(اخْتَلَفْنَا لبديع النّظم فِي
…
كل مَا تهديه من لفظ فصيح)
(قَالَ غَيْرِي هُوَ زهر قَالَ لَا
…
قلت زهر قَالَ لي هَذَا الصَّحِيح)
وَكتب إِلَيّ يطْلب مني عَارِية كتاب التشبيهات لِابْنِ ظافر السَّرِيع
(لفظ ابْن ظافر قد ظَفرت بِهِ
…
وفؤاد حبي مِنْهُ غير خلي)
(فبأحمد وَهُوَ الشفيعلنا
…
أمتع أَبَا بكر بِلَفْظ عَليّ)
وَينْهى أَنه يحب لفظ على وتثقيله يزِيد ومنن مَوْلَانَا الْمَعْهُودَة لَا يثقل عَلَيْهَا أَن تفيء وتفيد وَقد سمع بِكِتَاب الْمشَار إِلَيْهِ وسؤاله مُشَاهدَة ذَلِك المحبوب وعارية هَذَا الْكتاب مُدَّة ثَلَاثَة أَيَّام ذَلِك وعد غير مَكْذُوب هود
فاشتغلت عَن تَجْهِيزه بالحمى ثمَّ أنني جهزته وكتبت مَعَه السَّرِيع
(العَبْد مجبول الطباع على
…
مَا تشْتَهي فِي القَوْل وَالْعَمَل)
(وَمَعَ التوالي فِي ودادك لم
…
أمنع أَبَا بكر كَلَام عَليّ)
فَكتب إِلَيّ قبل وُصُوله إِلَيْهِ الطَّوِيل)
(عذيري مِنْهُ معرضًا متجنباً
…
كَأَنِّي لَهُ نَحْو الوداد أجاذب)
(قسا فَوق مَا تعتو الْجبَال فَلم يجب
…
نداي وأصداء الْجبَال تجاوب)
فَكتبت الْجَواب عَن ذَلِك الطَّوِيل
(عذيري من مولى يرى الْعذر وافراً
…
بسيطاً وَمَا إقباله مُتَقَارب)
(يصد دلالاً عَن ودادي وينثني
…
وَقبل صُدُور الذَّنب مني يُعَاتب)
فَلَمَّا تَأَخّر كتاب التشبيهات الْمَذْكُور وَلم يُرْسِلهُ كتبت إِلَيْهِ الْبَسِيط
(قد قلت إِن ثَلَاثًا عمر غيبته
…
عني وَذَلِكَ وعد غير مَكْذُوب)
وَلَيْسَ وَعدك شَاة سَاقهَا الزَّمن الْجَانِي فعلقها مِنْهُ بعرقوب فَكتب الْجَواب عَن ذَلِك الْبَسِيط
(جَاءَت وَمن طرسها سَاق يُدِير على
…
سَمْعِي من اللَّفْظ فِيهِ خير مشروب)
(فحبذا هُوَ من سَاق نعمت بِهِ
…
وَإِن تعرض فِيهِ ذكر عرقوب)
وَكتب إِلَيّ وَأَنا ضَعِيف الطَّوِيل
(نثقل إِذْ نبغي بلفظك طبنا
…
من الْهم والجسم الشريف نحيل)
(فها أَنْت فِينَا كالنسيم بِلُطْفِهِ
…
طَبِيب يداوي النَّاس وَهُوَ عليل)
(وحاشاك من شكوى اعتلال سينقضي
…
قَرِيبا كَمَا تختاره وَيَزُول)
(فَلَا غير أجفان الْمليح سقيمة
…
وَلَا غير أرداف الْمليح ثقيل)
فَكتبت الْجَواب عَن ذَلِك الطَّوِيل
(لحماي نَار جاءها مِنْك جنَّة
…
غصون رباها بالبديع تميل)
(تهدلت الأفنان مِنْهَا فخاطري
…
لَهُ بَين هاتيك الظلال مقيل)
(فأبدعت فضلا مِنْك بِالْحَقِّ قَاضِيا
…
وَلَيْسَ لَهُ عني بِذَاكَ عدُول)
(وَأَنت حبيب الشّعْر أَصبَحت سيداً
…
كَمَا أنني مولى وَالِاسْم خَلِيل)
وَكنت أَجْلِس أَنا وَهُوَ عِنْد شباك الكاملية نتذاكر فِي الْجَامِع الْأمَوِي كل لَيْلَة بعد صَلَاة الْعَصْر فغبت بعض اللَّيَالِي لشغل عرض فَكتب إِلَيّ المتقارب
(أمولاي غبت وخلفتني
…
من الْهم ذَا فكرة خاضعه)
(فها أَنا بعْدك فِي جَامع
…
وَلَكِن قلبِي فِي جَامعه)
فَكتبت الْجَواب إِلَيْهِ عَن ذَلِك المتقارب)
(وقفت على نظمك المشتهي
…
وعاينت روضته اليانعة)
(فكم ألف مثل غُصْن النقا
…
وهمزتها فَوْقهَا ساجعه)
(أَقَامَت على الود لي حجَّة
…
وَلَكِن عَن النَّاس لي قاطعه)
(وَقد سمع العَبْد ألفاظها
…
فيا حسنها فِي الحشا واقعه)
(وَأصْبح شكري لَهَا تالياً
…
وَجُمْلَته للثنا جَامعه)
(ورحت لباب الثنا قارعاً
…
إِلَى أَن تصيب العدي قارعه)
فَلَمَّا وقف عَلَيْهَا وانْتهى إِلَى الرَّابِع مِنْهَا قَالَ هَذَا التَّالِي والجامعة مَا كَانَا لي فِي حِسَاب وَلما حضرت من الْقَاهِرَة أهْدى إِلَيّ طَعَام بسلى فكتبة إِلَيْهِ من أَبْيَات الوافر
(ظَنَنْت العَبْد عَن مصر تسلى
…
فأهدى جودك الوافي بسلى)
(نعم اذكرتني عَيْشًا بِمصْر
…
واقبالاً من الدُّنْيَا تولى)
(طَعَام فَوْقه لحم شهي
…
إِلَى كل النُّفُوس فَكيف يقلى)
(ودهن فَوْقه قد كَانَ صبا
…
تلظت ناره حَتَّى تسلى)
وَكتب إِلَيّ مَعَ خونجه شرائح الْخَفِيف
(شبه الْمَرْء من هداياه يدْرِي
…
فِي العلى والسقوط حكما بِحكم)
(وَكَذَا فِي هديتي لي شبه
…
حَيْثُ أَنِّي وَتلك قِطْعَة لحم)
وكتبت إِلَيْهِ ملغزا فِي بَاب السَّرِيع
(قل لي مَا شَيْء إِذا رمت إِن
…
تعكسه لم تستطع ذَلِك)
(ترَاهُ فِي طول المدى وَاقِفًا
…
فِي خدمَة الْمَمْلُوك وَالْمَالِك)
(ذُو حَاجِب مِنْهُ مُحِيط بِهِ
…
وَرُبمَا اعتاق بأسمالك)
(وَإِن حوى آنِفا يكن طوله
…
فأعجب لهَذَا الْأَمر فِي حالك)
(كم صَاح من طارقة رُبمَا
…
حلت بِهِ مثل الدجى الحالك)
(وَلم تزل تقرعه فِي الْقَفَا
…
مِنْهُ وَلم يشْعر بأفعالك)
(وَلَيْسَ شَيخا وَهُوَ ذُو دورة
…
طَرِيقه يعرفهَا السالك)
(تأمنه إِن غبت دهراً على
…
مَا تصطفيه النَّفس من مَالك)
(مبن على ضم وَفتح مَعًا
…
يجره النَّفْع لأشغالك)
)
(والحشو مَنْسُوب إِلَيْهِ وَلَا
…
يعرف مَا أَحْمد من مَالك)
(وَكم يُولى صاحباً ظَهره
…
وَمثل ذَا الْعَيْب رضى آلك)
(بَينه لَا زلت فصيح اللها
…
فَإِنَّهُ لم يخف عَن بالك)
فَكتب إِلَيّ الْجَواب السَّرِيع
(فتحت لي بَابا من الود مَا
…
عهدته يرضى بإهمالك)
(فحبذا لغزك من فاتح
…
ودك لي من بعد اغفالك)
(ألغزته فِي وَاقِف خاضع
…
كَالْعَبْدِ فِي تصريف أفعالك)
(مَا فِيهِ من عيب وَيَا طالما
…
قد رده فِي حكمه مَالك)
(لَكِن لَهُ فِي وَسطه غَالِبا
…
قرع أعاذ الله من ذَلِك)
(يُقَال للأمرد أَو غَيره
…
هَذَا لعمري شَرط ادخالك)
(وَرُبمَا بِالْوَطْءِ أزعجته
…
فِي عقبه مَعَ طهر أعمالك)
(لَا الشّعْر والتوشيح يدْرِي وَمن
…
تصريعك استملى واقفالك)
(وَكم بدا يحمل لوحاً وَمَا
…
خطّ عَلَيْهِ بعض أقوالك)
(يخْشَى إِذا أبصرته مرتجاً
…
فأعجب لَهُ فِي كل أحوالك)
(ودقه الْخَارِج لَا يختفي
…
وَرُبمَا يحلو لسؤالك)
(اعجبني وَالله مَعَ نظمه
…
رضوانك الْمَعْهُود يَا مَالك)
وَكتب إِلَيّ ملغزاً فِي قلم المنسرح
(يَا فَاضلا قد عني لرتبته
…
ناثر در الثنا وناظمه)
(مَا اسْم سقيم باك كَانَ عَليّ
…
أحشائه صبوة تلازمه)
(يبكي على الْوَصْل وَهُوَ واجده
…
وَلَيْسَ يبكيه وَهُوَ عادمه)
(وَهُوَ أُلُوف وَعِنْده ملق
…
لم يسْتَطع قلبه يكاتمه)
(قل فِيهِ مَا شِئْت إِن حذفت وَإِن
…
حرفت واشرح مَا أَنْت عالمه)
(وقم بفن بك استقام فَمَا
…
ثمَّ لمولاي من يقاومه)
فَكتب إِلَيْهِ الْجَواب المنسرح
(يَا من بِهِ الشّعْر راق راقمه
…
وباسمه رَاح وَهُوَ باسمه)
)
(ألغزت فِيمَا إِذا سعى رسمت
…
خطاه روضاً تزهى كمائمه)
(إِن طَابَ فِي سجعه وَطَالَ فَقل
…
بإن الْحمى رجعت حمائمه)
(وَهُوَ لَدَى الروع صارم ذكر
…
فِي كف أهل الانشاء قائمه)
(أَمْسَى لباريه سَاجِدا ببكى
…
وَعز بَين الْأَنَام راحمه)
(وَطَالَ عمر الْبكاء مِنْهُ فَأجرى
…
أسود المقلتين ساجمه)
(يدْرِي ضميري وَمَا ألم بِهِ
…
وَهُوَ على سره يزاحمه)
(كل حِسَاب الْأَنَام يعمله
…
فَكيف تقوى بِهِ قوائمه)
(وَكم لَهُ من تراجم صدرت
…
إِلَى عَدو بهَا تزاحمه)
(حوشيت من عَكسه فَمَا أحد
…
يرضى بِهِ صاحباً يلازمه)
(ودمت للباهرات تبدعها
…
مَا هطلت فِي الْحمى غمائمه)
وَكتب إِلَيّ ملغزا فِي كباد المنسرح
(يَا شَامِل الْبر زانه خلق
…
يشْتَغل الْمَدْح فِي مهذبه)
(مَا اسْم لشَيْء بِحكم همي لَا
…
أَقُول فِيهِ وَلَا أَقُول بِهِ)
(مشتبه الْأَمر كَاد أَكْثَره
…
يخفى على الْفِكر فِي تقلبه)
(لَكِن إِذا مَا جعلت دابك فِي ال قلب فَمَا أمره بمشتبه)
فَكتبت إِلَيْهِ الْجَواب عَن ذَلِك المنسرح
(يَا من نحا الْفضل فاقتني جملا
…
مَا أبعد النَّاس من مقربه)
(دابك عكس الَّذِي تحاوله
…
مني فِي ملغز بعثت بِهِ)
(أحرفه أَربع فَإِن سقط ال أول باد الْبَاقِي لمنتبه)
(رَأَيْت من شَاءَ قلب أحرفه
…
كابد أَشْيَاء من تقلبه)
(فِي الشّجر الْأَخْضَر النَّضِير بدا
…
كَأَنَّهُ الْجَمْر فِي تلهبه)
وَكتب إِلَيّ معاتبا المنسرح
(يَا خليلي بل سَيِّدي لم ذَا
…
قُلُوبنَا بالفراق مندهشه)
(ووحشة بَيْننَا يحركها
…
نَحْو الجفا فَهِيَ هَكَذَا وحشه)
فَكتبت الْجَواب المنسرح)
(عَبدك هَذَا العتاب صبره
…
وَنَفسه بالملام منكمشه)
(وَكَانَ من قبل إِذْ تلاطفه
…
يقْرَأ تَصْحِيف نَفسه نقشه)
وَلما حضر من الْقُدس أهْدى إِلَيّ حزاما وَكتب مَعَه مجزوء الْبَسِيط
(بلد بعد الذكاء ذهني
…
تشَتت الرزق فِي الْبِلَاد)
(وَغير مستنكر حمَار
…
أهْدى حزاماً إِلَى جواد)
فَكتبت الْجَواب الْخَفِيف
(عُرْوَة الود من طباعي وثقى
…
قبل تهدي الحزام يَا ابْن الْكِرَام)