الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(لَا تنس لي يَا قاتلي فِي الْهوى
…
حشاشةً من حرقي تنسلي)
(لَا ترس لي ألْقى بِهِ فِي الْهوى
…
سِهَام عَيْنَيْك منى ترسل)
(لَا تخت لي يشرف قدري بِهِ
…
إلاّ إِذا مَا كنت بِي تختلي)
(لَا جنك لي تطرب أوتاره
…
إلاّ ثَنَا يملى على جنكلي)
وَحكى لي من لَفظه الَّذِي لَحِقَنِي من الكلفة بِسَبَب السُّلْطَان أَحْمد النَّاصِر بن النَّاصِر مُحَمَّد فِي توجهنا إِلَيْهِ إِلَى الكرك وإحضاره مِنْهَا للجلوس على كرْسِي الْملك بقلعة الْجَبَل والتقدمة لَهُ بعد ذَلِك وَفِي حَالَة التَّوَجُّه إِلَيْهِ لمحاصرته بالكرك مبلغ ألف ألفٍ وأربعمئة ألفٍ وَتُوفِّي الْأَمِير بدر الدّين رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنة سِتّ وَأَرْبَعين وسبعمئة
(الْجُنَيْد)
3 -
(الصُّوفِي رضي الله عنه
الْجُنَيْد أَبُو الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن الْجُنَيْد النهاونديّ الأَصْل الْبَغْدَادِيّ القواريري الخزاز قيل أَن أَبَاهُ كَانَ قواريرياً يَعْنِي زجّاجاً وَكَانَ هُوَ خزازاً وَكَانَ شيخ العارفين وقدوة السالكين وَعلم الْأَوْلِيَاء فِي زَمَانه
ولد بِبَغْدَاد بعد الْعشْرين ومئتين وتفقه على أبيثور وَسمع من الْحسن بن عَرَفَة وَغَيره واختصَّ بِصُحْبَة السَّري السّقطي والْحَارث المحاسبي وَأبي حَمْزَة الْبَغْدَادِيّ وأتقن الْعلم ثمَّ أقبل على شانه ورزق من الذكاء وصواب الْأَجْوِبَة مَا لم يرْزق مثله فِي زَمَانه وَكَانَ ورده فِي كل يَوْم ثلاثمئة رَكْعَة وَكَذَا كَذَا ألف تَسْبِيحَة
وَقَالَ غير مرَّة علمنَا مضبوط بِالْكتاب وَالسّنة كَانَ المترسَّلون الكتّاب يحضرونه لألفاظه والمتكلمون لزمام علمه والفلاسفة لدقة مَعَانِيه
وَقَالَ كنت العببين يَدي السَّري السَّقطِي وَأَنا ابْن سبع سِنِين وَبَين يَدَيْهِ جمَاعَة يَتَكَلَّمُونَ فِي الشُّكْر فَقَالَ لي يَا غُلَام مَا الشُّكْر فَقلت أَن لَا تَعْصِي الله بِنِعْمَة فَقَالَ أخْشَى أَن يكون حظك من الله لسَانك قَالَ فَلَا أَزَال أبْكِي على هَذِه
الْكَلِمَة الَّتِي قَالَهَا لي
قَالَ أَبُو بكر العطوي كنت عِنْد الْجُنَيْد حِين احْتضرَ فختم الْقُرْآن ثمَّ ابْتَدَأَ فَقَرَأَ من الْبَقَرَة سبعين آيَة ثمَّ مَاتَ
وَقَالَ أَبُو نعيم أخبرنَا الخالديّ كِتَابَة قَالَ رَأَيْت الْجُنَيْد فِي النّوم فَقلت لَهُ مَا فعل الله بك فَقَالَ طاحت تِلْكَ الإشارات وَغَابَتْ تِلْكَ الْعبارَات وفيت تِلْكَ الْعُلُوم ونفدت تِلْكَ الرسوم وَمَا نفعنا إلاّ رَكْعَات كنّا نركعها فِي الأسحار
وَقَالَ الْجُنَيْد قاللي خَالِي سريّ السَّقطي تكلَّم على النَّاس وَكَانَ فِي قلبِي حشمة عَن النَّاس فإنّي كنت أتهم نَفسِي فِي اسْتِحْقَاق ذَلِك فَرَأَيْت النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنَام وَكَانَت لَيْلَة جُمُعَة فَقَالَ لي تكلَّم على النَّاس فانتبهت وأتيت بَاب السِّري قبل أَن يصبح فدققت الْبَاب فَقَالَ لي لم تصدّقنا حَتَّى قيل لَك فَقَعَدت فِي غدٍ للنَّاس بالجامع وانتشر فِي النَّاس أَن الْجُنَيْد قعد يتَكَلَّم فَوقف عليَّ غُلَام نَصْرَانِيّ متنكراً وَقَالَ أَيهَا الشَّيْخ مَا معنى قَول رَسُول الله صلى الله عليه وسلم اتَّقوا فراسة الْمُؤمن فَإِنَّهُ ينظر بِنور الله فأطرقت ثمَّ رفعت رَأْسِي فَقلت اسْلَمْ فقد)
حَان إسلامك فَأسلم وَقَالَ مَا نتفعت بِشَيْء انتفاعي بِأَبْيَات سَمعتهَا قيل لَهُ وَمَا هِيَ قَالَ مَرَرْت بدرب الْقَرَاطِيس فَسمِعت جَارِيَة تغني من دَار فأنصت فسمعتها تَقول من الطَّوِيل
(إِذا قلت أهْدى الهجر لي حلل الضنى
…
تَقُولِينَ لَوْلَا الهجر لم يطب الْحبّ)
(وَإِن قلت هَذَا الْقلب أحرقه الْهوى
…
تَقول بنيران الْهوى شرف الْقلب)
(وَإِن قلت مَا أذنبت قلت مجيبةً
…
حياتك ذنبٌ لَا يُقَاس بِهِ ذَنْب)
فصعقت وَصحت فَبينا أَنا كَذَلِك إِذا بِصَاحِب الدَّار قد خرج فَقَالَ مَا هَذَا يَا سيّدي فَقلت لَهُ ممّا سَمِعت قَالَ أشهدك أَنَّهَا هبة مني لَك فَقلت قد قبلتها وَهِي حرةٌ لوجه الله تَعَالَى ثمَّ دفعتها لبَعض أَصْحَابنَا بالرباط فَولدت لَهُ ولدا نبيلاً وَنَشَأ أحسن نشوء
وحجّ الْجُنَيْد على قَدَمَيْهِ ثَلَاثِينَ حجَّة على الْوحدَة وَصَحبه أَبُو الْعَبَّاس ابْن سُرَيج الْفَقِيه الشَّافِعِي فَكَانَ إِذا تكلم فِي الْأُصُول وَالْفُرُوع أعجب الْحَاضِرين فَيَقُول أَتَدْرُونَ من أَيْن لي هَذَا هَذَا من بركَة مجالستي أَبَا الْقَاسِم الْجُنَيْد وَسُئِلَ عَن الْعَارِف فَقَالَ من نطق عَن سرّك وَأَنت سَاكِت