الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ستٍّ وَسِتِّينَ ومئة وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين ومئتين وَله الْمَبْسُوط والمختصر
3 -
(مولى أُسَامَة بن زيد)
حَرْمَلَة مولى أُسَامَة بن زيد مولى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تَابِعِيّ قَلِيل الحَدِيث يروي عَن أُسَامَة حَدِيثه عِنْد الحجازيِّين
3 -
(أَبُو زبيد الطَّائِي)
حَرْمَلَة بن الْمُنْذر بن معد يكرب بن حَنْظَلَة بن النُّعمان بن حيَّة بن سعنة هُوَ أَبُو زبيد الطَّائِي
كَانَ نَصْرَانِيّا وَهُوَ أحد المعمَّرين يُقَال إِنَّه عَاشَ مئة وَخمسين سنة وَأدْركَ الْإِسْلَام وَلم يسلم وَاسْتَعْملهُ عمر بن الْخطاب على صدقه قومه وَلم يسْتَعْمل عمر نَصْرَانِيّا غَيره وَبَقِي إِلَى أَيَّام مُعَاوِيَة ورثى عَليّ بن أبي طَالب وَكَانَ ينادم الْوَلِيد بن عقبَة بن أبي معيط بِالْكُوفَةِ فلمّا خرج الْوَلِيد عَنْهَا وَشهد عَلَيْهِ بِشرب الْخمر قَالَ أَبُو زبيد من الْخَفِيف فلعمر الْإِلَه لَو كَانَ للسيف مصالٌ وللسِّنان مجَال
(مَا تناسيتك الصفاء وَلَا الودَّ
…
وَلَا حَال دُونك الأشغال)
(ولحمَّيت لحمك المتغضي
…
ضلَّةً من ضلالهم مَا اغتالوا)
(غير مَا طَالِبين ذحلاً وَلَكِن
…
مَال دهرٌ على أنَاس فمالوا)
وَكَانَ أَبُو زبيد من زوّار الْمُلُوك خاصّة مُلُوك الْعَجم وَكَانَ عَالما بسيرتهم فَكَانَ عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عونه يقرِّبه ويدني مَجْلِسه فيتذاكران مآثر الْعَرَب وَأَشْعَارهَا فَالْتَفت إِلَيْهِ عُثْمَان وَقَالَ لَهُ يَا أَخا تبَّع الْمَسِيح أسمعنا بعض قَوْلك فقد أنبئت أنّك تجيد الشّعْر فأنشده قَوْله يصف الْأسد من الْبَسِيط
(من مبلغٌ قومِي النائين إِذْ شحطوا
…
أَن الْفُؤَاد إِلَيْهِم شيقٌ ولع)
(وَالدَّار إِن تنئهم عني فإنّ لَهُم
…
ودّي ونصري إِذا أعداؤهم نصعوا)
)
مِنْهَا فِي ذكر الْأسد
(كَأَنَّمَا يتفادى أهل أَمرهم
…
من ذِي زَوَائِد فِي أرساغه فدع)
(ضرغامة أهرت الشدقين ذِي لبد
…
كَأَن برنساً فِي القاع مدّرع)
(بالثّني أَسْفَل من جمّاء لَيْسَ لَهُ
…
إلاّ بنيه وإلاّ عرسه شيع)
(ابنَّ عرنسةً عنّابها أشبٌ
…
وَدون غايتها مستوردٌ شرع)
(شَاس الهبوطرنا الحاميين مَتى
…
ينشع بوادره يحدث لَهَا فزع)
(أَبُو شتيمين من حصّاء قد أفلت
…
كَأَن أطباءها فِي رَفعهَا رقع)
(أعطتهما جهدها حَتَّى إِذا وحمت
…
وصدّا فَلَا غيل وَلَا جذع)
(ثمَّ استفاها وَلم يقطع فطاءهما
…
عَن التصبب لَا شعب وَلَا قذع)
(وردين قد أخذا أَخْلَاق شيخهما
…
ففيهما جرْأَة الظلماء والجشع)
(غذاهما بدماء الْقَوْم مذ شديا
…
فَمَا يزَال بوصلي رَاكب يضع)
(على جناجنه من ثَوْبه هببٌ
…
فيهنَّ من صائك مستكره دفع)
(أفرَّ عَنهُ بَنو الخالات جرأته
…
لَا الصَّيد يمْنَع مِنْهُ وَهُوَ مُمْتَنع)
(فِيمَا اكتسبن رئيسٌ غير منتقص
…
وَلَيْسَ فِيمَا يرى من كَسبه طمع)
(مستصرع مَا دنا منهنّ مكتنت
…
بالعرق محتلماً مَا فَوْقه قنع)
(على حطامٍ من القصباء عِنْدهمَا
…
من شكَّة الْقَوْم مجزوع ومنصدع)
(سهمٌ وقوسٌ وعكّازٌ وَذُو شطب
…
لم يتَّرك لومةً فِي رقّه الصَّنع)
(مفراً وَآخر مُرْتَد بداميةٍ
…
ومحنق بَعْدَمَا التجنيق مطلع)
(ألفاه غيَّر بعد الْقَوْم رحلته
…
فَلم يعرِّج عَلَيْهِ الْقَوْم واندفعوا)
(فأبصرته وَرَاء الْقَوْم كالئة
…
عينٌ وَلَو أرقت مَا إِن بهَا قمع)
(فأجمرت حرجاً خوصاً وَقد ذبلت
…
وأيقنت أَنه قد كلل الشِّبَع)
(وَقد دَعَا دَعْوَة والسّاق شاخصةٌ
…
فَوق الْعِرَاقِيّ فَلم يلووا وَقد سمعُوا)
(وثار إعصار هيج بَينهم وخلت
…
بالكور لأياً وبالأنساع تمتصع)
(شَجرا وغدراً وعيناً غير غافلة
…
عَن الْغُبَار وظناً أَن ستتَّبع)
(وخرَّ مُسْتَلْقِيا مِنْهَا لهامته
…
وشنّه حبلها فِي خربه قطع)
)
فَقَالَ لَهُ عُثْمَان تالله تفتأ تذكر الْأسد مَا حييت إِنِّي لأحسبك جَبَانًا هيداناً فَقَالَ كلاّ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَلَكِنِّي شهِدت مشهداً وَرَأَيْت مرأى لَا يزَال ذكره بقلبي فَقَالَ لَهُ عُثْمَان وأنى كَانَ ذَلِك قَالَ خرجت فِي صيابةٍ أشرافٍ من أفناء قبائل الْعَرَب ذَوي هَيْئَة وشارةٍ حسنةٍ ترتمي بِنَا المهارى بأكساء القروانات وعبداننا على فتوِّ الْخَيل وَالْبِغَال وَنحن نُرِيد الْحَارِث بن الشمر الغسّاني ملك الشَّام فاخروطّ بِنَا السّير فِي حمارَّة القيظ فأصابنا عَطش شَدِيد حَتَّى إِذا عصبت الأفواه وذبلت الشفاه وشالت الْمِيَاه وأذكت الجوزاء المعزاء وذاب الصَّيد وصرّض الجندب وضاف العصفور الضبَّ فِي وجاره قَالَ قَائِل أَيهَا الركب غوّروا بِنَا فِي ضوج الْوَادي لنقيل وَإِذا وادٍ قد بدا لنا كثير الدَّغل دَائِم الغلل شجراؤه مغنَّة وأطياره مرنَّة فحططنا رحالنا بأصول دوحات كنهبلات ونبعات متهدلات فأصبنا من فضلات المزاود وأتبعناها بِالْمَاءِ الْبَارِد وَإِنَّا لنصف حرَّ يَوْمنَا ومماطلته إِذْ صرَّ أقْصَى الْخَيل أدنيه وفحص الأَرْض بيدَيْهِ فوَاللَّه مَا لبث أَن جال وحمحم وبال ثمَّ فعل فعله الْفرس الَّذِي يَلِيهِ وَاحِدًا وَاحِدًا فتضعضعت الْخَيل وتكعكعت الْإِبِل وتقهقرت البغال فَمن نافر بشكاله وناهض بعقاله فَعلمنَا أَن قد أَتَيْنَا وَأَنه السَّبع لَا محَالة فِينَا فَفَزعَ كل امرىء منا إِلَى سَيْفه فاستلّه من
جربانه ووقفنا زعفاً أَرْسَالًا رزدقاً وَأَقْبل أَبُو الْحَارِث من أجمته يتظالع فِي مشيته كَأَنَّهُ مجنوب أَو فِي هجار معصوب لصدره نحيط ولبلاعمه غطيط ولطرفه وميض ولأرساغه نقيض كَأَنَّمَا يخبط هشيماً أَو يطَأ صريماً وَإِذا هامةٌ كالمجنّ وخدّ كالمسنّ وعينان سجراوان كَأَنَّهُمَا سراجان يقدان وقصرةٌ ربلة ولهزمةٌ رهلةٌ وكتد مغبط وزورٌ مغرط وعضدٌ مفتول وساعدٌ مجدول وكفَّ شثنة البراثن إِلَى مخالب كالمحاجن فَضرب بِيَدِهِ فأرهج وكشر فأفرج عَن أَنْيَاب كالمعاول مصقولةٍ غير مغلولة وفم أشدق كالغار الأخرق ثمَّ تمطّى فأشربيديه ثمَّ حفز وركه برجليه حَتَّى صَار طوله مثلَيْهِ ثمَّ أقعى فاقشعرَّ ثمَّ مثل فاكفهرَّ ثمَّ تجهّم فازبأرَّ فَلَا وَذُو بَيته فِي السَّمَاء مَا اتَّقيناه إلاّ بِأول أخٍ لنا من فَزَارَة ضخم الجزارة فوقصه ثمَّ أقعصه ثمَّ نفضه
نفضةً فقصقص مَتنه وبقر بَطْنه وَجعل يلغ فِي ذمه فذمَّرت أَصْحَابِي فَبعد لأيٍ مَا استقدموا فهجهجنا بِهِ فكرَّ مقشعراً بزبرةٍ كأنّ بهَا شيهماً حوليّاً فاختلج من دُوننَا رجلا أعجز ذَا حوايا فنفضه نفضةً تزايلت لَهَا مفاصله ثمَّ نهم فقرقر ثمَّ زفر فبربر ثز زأر فجرجر ثمَّ لحظ فزمجر فوَاللَّه لخلت الْبَرْق يتطاير من تَحت جفونه عَن شِمَاله وَيَمِينه فأرعشت الْأَيْدِي)
واصطكَّت الأرجل وأطَّت الأضلاع وارتجت الأسماع وَلَحِقت الْمُتُون بالبطون وشخصت الْعُيُون وَسَاءَتْ الظنون واحزألَّت الْمُتُون ثمَّ تبهنس وحلَّق ثمَّ حدّق وحملق فَإِذا لَهُ عينان سجراوان مثل وهج الشرر كَأَنَّمَا نقر بالمناقير عَن عرض حجر لَونه ورد وزئيره رعدٌ وجبهته عَظِيمَة وهامته شتيمة إِن استقبلته قلت أدرع وَإِن استدبرته قلت أقدع وَإِذا اللَّيْل اعرنكس تبغَّى وتحسَّ هوله شَدِيد وشرّه عنيد وخيره بعيد من قَاسم ظلم وَمن بارز حطم وَمن مَال غشم من الطَّوِيل
(عبوسٌ شموخ مطرخمٌّ مكابر
…
جريء على الْأَعْدَاء للقرن قاهر)
(براثنه شثنٌ وَعَيناهُ فِي الدُّجى
…
كجمر غضاً فِي وَجهه الشَّرُّ طَائِر)
(بدلُّ بأنياب حدادٍ كَأَنَّهَا
…
إِذا قلّص الأشداق عَنْهَا حناجر)
فحبق أحد الْحَاضِرين فَقَالَ لَهُ عُثْمَان مَه رضَّ الله فَاك فَلَقَد رعَّبت الْمُسلمين هلاّ قلت كَمَا قَالَ بشر بن أبي عوَانَة الْأَسدي من الوافر
(أفاطم لَو شهِدت بِبَطن خبثٍ
…
وَقد لَاقَى الهزبر أَخَاك بشرا)