الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرجل حَتَّى يدع الصَّلَاة فِي جمَاعَة قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين هَذِه كلمة مقيتة بل لَا تتمّ مُرُوءَة الرجل وَدينه حَتَّى يلْزم الصَّلَاة فِي الْجَمَاعَة وَهَذَا قَالَه حجاج لما فِي طباعه فِي البذخ والرئاسة لِأَنَّهُ يرى مزاحمة النَّاس فِي الصَّلَاة يُنَافِي ماهو فِي من الصّلف والتيه فَالله يسامحه
وَهُوَ من طبقَة أبي حنيفَة فِي الْعلم وَلَكِن رفع الله أَبَا حنيفَة بالورع وَالْعِبَادَة
قَالَ بَعضهم لحجاج بن أرطاه مَا رَأَيْت أحسن أَصَابِع مِنْك قَالَ إِنَّهَا مدارج للكرم وَتُوفِّي سنة خمس وَأَرْبَعين ومئة وروى لَهُ مُسلم مَقْرُونا وروى لَهُ الْأَرْبَعَة الْبَاقُونَ
3 -
(السَّهمي)
حجاج بن الْحَارِث بن قيس بن عدي السَّهمي هَاجر إِلَى الْحَبَشَة وَانْصَرف إِلَى الْمَدِينَة بعد أحد وَهُوَ أَخُو السَّائِب وَعبد الله وَأبي قيس بن الْحَارِث بن قيس بن عديّ لأبيهم وأمهم
3 -
(الْأَسْلَمِيّ)
الْحجَّاج بن مَالك بن عُوَيْمِر الْأَسْلَمِيّ كَانَ ينزل العرج لَهُ حديثٌ وَاحِد رَوَاهُ عَنهُ عُرْوَة بن الزبير لم يسمعهُ مِنْهُ عُرْوَة لِأَنَّهُ أَدخل بَينه وَبَينه فِيهِ ابْنه الْحجَّاج بن الْحجَّاج أَنه سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا يذهب عني مذمة الرَّضَاع قَالَ الغرَّة عبد أَو أمةٌ
3 -
(ابْن يُوسُف الثَّقَفِيّ)
الحجّاج بن يُوسُف بن الحكم الثَّقَفِيّ أَمِير الْعرَاق ولد سنة
أَرْبَعِينَ أَو إِحْدَى وَأَرْبَعين وَتُوفِّي سنة خمس وَتِسْعين روى عَن ابْن عَبَّاس وَسمرَة بن جُنْدُب وَأَسْمَاء بنت الصّديق وَابْن عمر
قَالَ النَّسَائِيّ لَيْسَ بِثِقَة وَلَا مأمونٍ وَقَالَ أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء مَا رَأَيْت أحدا أفْصح من الْحجَّاج وَالْحسن وَالْحسن أفصحهما وَقَالَ عون كنت إِذا سَمِعت الْحجَّاج يقْرَأ عرفت أَنه طالما درس الْقُرْآن وَقيل إِنَّه كَانَ يَقْرَؤُهُ كل لَيْلَة وَقَالَ عتبَة بن عَمْرو مَا رَأَيْت عقول النَّاس إلاّ قَرِيبا بَعْضهَا من بعض إلاّ الْحجَّاج وَإيَاس ابْن مُعَاوِيَة فَإِن عقولهما كَانَت ترجح على عقول النَّاس أحصي مَا قتل صبرا فَبلغ ذَلِك مئة وَعشْرين ألفا وَعرضت بعد مَوته السجون فَوجدَ فِيهَا ثَلَاثَة وَثَلَاثُونَ ألفا لم يجب على أحدهم قطعٌ وَلَا صلب وَقَالَ الْهَيْثَم بن عدي مَاتَ الحجّاج وَفِي سجنه ثَمَانُون ألفا مِنْهُم ثَلَاثُونَ ألف امْرَأَة وَقَالَ عمر بن عبد الْعَزِيز لَو)
تخابثت الْأُمَم وَجِئْنَا بالحجاج لغلبناهم مَا كَانَ يصلح لدينا وَلَا آخِرَة وَلما توفّي لَيْلَة سبع وَعشْرين من شهر رَمَضَان وَله خمسٌ وَخَمْسُونَ سنة توفّي بواسط وعفّي قَبره وَأجْرِي عَلَيْهِ المَاء وَكَانَ يَقُول وَهُوَ فِي السِّيَاق اللَّهُمَّ اغْفِر لي فَإِن النَّاس يَزْعمُونَ أَنَّك لَا تغْفر لي وَكَانَ ينشد قَول عبيد بن سُفْيَان العكليّ من الْبَسِيط
(يَا ربّ قد حلف الْأَعْدَاء واجتهدوا
…
أَيْمَانهم أنني من سَاكِني النَّار)
(أيحلفون على عمياء ويحهم
…
مَا علمهمْ بعظيم الْعَفو غفار)
وَكتب إِلَى الْوَلِيد بن عبد الْملك كتابا يُخبرهُ فِيهِ بمرضه وَكتب فِي آخِره من الطَّوِيل
(إِذا مَا لقِيت الله عنّي رَاضِيا
…
فَإِن سرُور النَّفس فِيمَا هُنَالك)
(فحسبي حَيَاة الله من كل ميتٍ
…
وحسبي بَقَاء الله من كل هَالك)
(لقد ذاق هَذَا الْمَوْت من كَانَ قبلنَا
…
وَنحن نذوق الْمَوْت من بعد ذَلِك)
وَكَانَ مَرضه بالآكلة وَقعت فِي بَاطِنه فَدَعَا بالطبيب لينْظر إِلَيْهَا فَأخذ لَحْمًا وعلّقه فِي خيط وسرَّحه فِي حلقه وَتَركه سَاعَة ثمَّ أخرجه وَقد لصق بِهِ دود كثير وسلط الله عَلَيْهِ الزَّمْهَرِير فَكَانَت الكوانين تجْعَل حوله مَمْلُوءَة نَارا وتجدنى مِنْهُ حَتَّى تحرق جلده وَهُوَ لَا يحسّ بهَا
وشكا مَا يجده إِلَى الْحسن الْبَصْرِيّ فَقَالَ لَهُ قد نهيتك أَن تتعرّض إِلَى الصَّالِحين فلججت فَقَالَ لَهُ يَا حسن لَا أَسأَلك أَن تسْأَل الله أَن يفرّج عني وَلَكِنِّي أَسأَلك أَن تسأله أَن يعجل قبض روحي وَلَا يُطِيل عَذَابي فَبكى الْحسن بكاء عَظِيما وَأقَام الْحجَّاج على هَذِه الْحَالة خَمْسَة عشر يَوْمًا وَلما بلغت الْحسن وَفَاته قَالَ اللَّهُمَّ قد أمتَّه فأمت عنّا سنَّته قَالَ ذَلِك بعد مَا سجد شكراَ لله تَعَالَى وَلما حَضرته الْوَفَاة أحضر منجماً وَقَالَ لَهُ هَل ترى فِي علمك ملكا يَمُوت فَقَالَ نعم وَلست هُوَ فَقَالَ كَيفَ ذَلِك قَالَ المنجم إِن الَّذِي يَمُوت اسْمه كُلَيْب فَقَالَ الْحجَّاج أَنا هُوَ وَالله بذلك سمَّتني أُمِّي وَأوصى عِنْد ذَلِك وَقَالَ المَسْعُودِيّ فِي مروج الذَّهَب إِن الفارعة أم الْحجَّاج بنت همام بن عُرْوَة بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ كَانَت تَحت الْحَارِث بن كلدة الثَّقَفِيّ حَكِيم الْعَرَب فَدخل مرّة عَلَيْهَا سحرًا فَوَجَدَهَا تتخلَّل فَبعث إِلَيْهَا بِطَلَاقِهَا فَقَالَت لم بعثت إليّ بطلاقي هَل لشَيْء رَابَك مني قَالَ نعم دخلت عَلَيْك فِي السَّحر وَأَنت تتخللين فَإِن كنت بادرت الغدا فَأَنت شرهة وَإِن كنت بتِّ والطّعام بَين أسنانك فَأَنت قذرة فَقَالَت كل ذَلِك لم يكن لكنني تخللت من شظايا السِّوَاك فتزوّجها بعده يُوسُف عقيل الثَّقَفِيّ فَولدت لَهُ الْحجَّاج مشوّهاً لَا دبر لَهُ)
فَنقبَ عَن دبره وأبى أَن يقبل ثدي أمه أَو غَيرهَا وأعياهم أمره فَيُقَال إِن الشَّيْطَان تصور لَهُم فِي صُورَة الْحَارِث بن كلدة وَقَالَ لَهُم اذبحوا جدياً أسود وأولفوه دَمه فَإِذا كَانَ فِي الْيَوْم الثَّانِي فافعلوا بِهِ كَذَلِك وَإِذا كَانَ فِي الْيَوْم الثَّالِث فاذبحوا لَهُ تَيْسًا أسود وأولفوه دَمه ثمَّ اذبحوا لَهُ أسود سالخاً فأولفوه دَمه وأطلوا بِهِ وَجهه فإنّه يقبل الثدي فِي الْيَوْم الرَّابِع فَفَعَلُوا بِهِ ذَلِك فَكَانَ لَا يصبر عَن سفك الدِّمَاء وَكَانَ يَقُول أنّ أكبر لذاته سفك الدِّمَاء وارتكاب الْأُمُور الَّتِي لَا يقدم عَلَيْهَا غَيره
وَقَالَ ابْن عبد ربّه إِن الفارعة الْمَذْكُورَة كَانَت امْرَأَة الْمُغيرَة بن شُعْبَة وَإنَّهُ هُوَ الَّذِي طَلقهَا لأجل الْحِكَايَة الْمَذْكُورَة وَذكر أَيْضا أَن الْحجَّاج وأباه كَانَا يعلمَانِ الصّبيان بِالطَّائِف ثمَّ أَن الْحجَّاج لحق بِروح بن زنباع وَزِير عبد الْملك وَكَانَ فِي عداد شرطته إِلَى أَن رأى عبد الْملك انحلال عسكره وَأَن النَّاس لَا يرحلون برحيله وَلَا ينزلون بنزوله فَشَكا ذَلِك إِلَى روح بن زنباع فَقَالَ إِن فِي شرطتي رجلا لَو قلّده أَمِير الْمُؤمنِينَ عسكره لأرحل النَّاس برحيله وأنزلهم بنزوله يُقَال لَهُ الْحجَّاج بن يُوسُف قَالَ فإنّا قد قلّدناه ذَلِك فَكَانَ لَا يقدر أحدٌ أَن يتَخَلَّف عَن الرحيل وَالنُّزُول
إلاّ أعوان روح بن زنباع فَوقف عَلَيْهِم وَقد رَحل النَّاس وهم على طَعَام يَأْكُلُون فَقَالَ لَهُم مَا منعكم أَن ترحلوا لرحيل أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالُوا لَهُ إنزل يَا بن اللحناء وكل مَعنا فَقَالَ لَهُم هَيْهَات ذهب ذَلِك ثمَّ أَمر بهم فجلدوا بالسياط وطوَّفهم فِي الْعَسْكَر وَأمر بفسطاط روح فَأحرق بالنَّار فَدخل روحٌ على عبد الْملك باكياً وَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إنّ الْحجَّاج الَّذِي كَانَ فِي شرطتي ضرب غلماني وأحرق فساطيطي قَالَ عليّ بِهِ فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ قَالَ مَا حملك عَلَى مَا فعلت قَالَ أَنا مَا فعلت قَالَ وَمن فعل ذَلِك قَالَ أَنْت إِنَّمَا يَدي يدك وسوطي سَوْطك وَمَا على أَمِير الْمُؤمنِينَ أَن يخلف لروحٍ مَا ذهب لَهُ عوض الْفسْطَاط فسطاطين وَعوض الْغُلَام غلامين وَلَا يكسرني فِيمَا قدّمني لَهُ فأخلف لروحٍ مَا ذهب لَهُ وتقدّم الْحجَّاج فِي مَنْزِلَته وَكَانَ ذَلِك أوّل مَا عرف من كفاتيه وَكَانَ للحجاج فِي الفتك والسَّفك والعقوبات غرائب لم يسمع بِمِثْلِهَا وَهِي مَشْهُورَة عَنهُ مدوّنة وَيُقَال إِن زِيَاد بن أَبِيه أَرَادَ أَن يتشبه بعمر بن الْخطاب رضي الله عنه فِي ضبط الْأُمُور والحزم والصّرامة وَإِقَامَة السياسات فأسرف وَتجَاوز الحدَّ وَأَرَادَ الْحجَّاج أَن يتشبّه بِزِيَاد فَأهْلك ودمّر وخطب يَوْمًا فَقَالَ فِي أثْنَاء كَلَامه أَيهَا النَّاس إِن الصَّبْر عَن محارم الله أَهْون من الصَّبْر على عَذَاب الله فَقَامَ إِلَيْهِ رجل)
فَقَالَ لَهُ وَيحك يَا حجاج مَا أصفق وَجهك وأقلّ حياءك فَأمر بِهِ فحبس فَلَمَّا نزل عَن الْمِنْبَر دَعَا بِهِ وَقَالَ لقد اجترأت عليّ فَقَالَ أتجترىء على الله وَلَا تنكره وتجترىء عَلَيْك فتنكره
فخلّى سَبيله وَذكر أَبُو الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ فِي تلقيح فهوم أهل الْأَثر أَن الفارعة أم الْحجَّاج هِيَ المتمنيّة وَلما تمنّت كَانَت تَحت الْمُغيرَة بن شُعْبَة وَسَيَأْتِي ذكر ذَلِك إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي تَرْجَمَة نصر بن حجاج فِي حرف النُّون فِي بَابه وَقيل إِن عُرْوَة بن الزبير كنى أَخَاهُ عِنْد عبد الْملك بن مَرْوَان فَقَالَ لَهُ الْحجَّاج أتكني أَخَاك الْمُنَافِق عِنْد أَمِير الْمُؤمنِينَ لَا أمّ لَك فَقَالَ عُرْوَة أَلِي تَقول هَذَا يَا ابْن المتمنيّة وَأَنا ابْن عَجَائِز الْجنَّة صفيّة وَخَدِيجَة وَعَائِشَة وَحكى أَبُو أَحْمد العسكري فِي كتاب التَّصْحِيف أَن النَّاس غبروا يقرأون الْقُرْآن فِي مصحف عُثْمَان بن عَفَّان رضي الله عنه نيفاً وَأَرْبَعين سنة إِلَى أَيَّام عبد الْملك بن مَرْوَان ثمَّ كثر التَّصْحِيف وانتشر بالعراق فَفَزعَ الْحجَّاج إِلَى كتَّابه وسألهم أَن يضعوا لهَذِهِ الْحُرُوف المشتبهات عَلَامَات فَيُقَال إِن نصر بن عاصمٍ قَامَ بذلك فَوضع النُّقط أفراداً وأزواجاً وَخَالف بَين أماكنها فغبر النَّاس بذلك زَمَانا لَا يَكْتُبُونَ إلاّ منقوطاً وَكَانَ مَعَ اسْتِعْمَال النقط يَقع التَّصْحِيف فأحدثوا الإعجام فَكَانُوا يتَّبعون النقط والإعجام فَإِذا أغفل الِاسْتِقْصَاء عَن الْكَلِمَة لم توفّ
حُقُوقهَا إعترى التَّصْحِيف فالتمسوا حِيلَة فَلم يقدروا فِيهَا إلاّ على الْأَخْذ من أَفْوَاه الرِّجَال بالتلقين
وَالْحجاج هُوَ الَّذِي بنى وَاسِط وَكَانَ شُرُوعه فِيهَا فِي سنة أَربع وَثَمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ وَفرغ مِنْهَا فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَفتح عَلَيْهِ جملةٌ من الْبِلَاد مِنْهَا بُخَارى وبلخ والصُّغد وَقتل من الصَّحَابَة عبد الله بن الزبير وَرمى الْكَعْبَة بالمنجنيق وَختم جمَاعَة من الصَّحَابَة فِي أَعْنَاقهم وأيديهم مِنْهُم جَابر وَأنس بن مَالك وَقَالَ لَو أدْركْت عبد هُذَيْل لضَرَبْت عُنُقه يَعْنِي ابْن مَسْعُود وَقَالَ كذبت أمّ أَيمن وَقَالَ إِن كَانَ سُلَيْمَان لحسود يَعْنِي ابْن دَاوُد عليهما السلام وَقتل من سَادَات التَّابِعين سعيد بن جُبَير وَغَيره وَأَرَادَ قتل الْحسن الْبَصْرِيّ مرَارًا فعصمه الله عَنهُ قَالَ الْحَافِظ ابْن عَسَاكِر وَهُوَ الْخَبَر الَّذِي أخبر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَنه بخرج فِي ثَقِيف وَكَانَ عمر وعليُّ يدعوان على أهل الْعرَاق بتعجيل الْغُلَام الثَّقَفِيّ وَهُوَ الْحجَّاج وَقَالَ ابْن الْكَلْبِيّ سَمِعت الْحجَّاج يَقُول يزْعم أهل الْعرَاق أَنِّي بَقِيَّة ثَمُود وَنعم وَالله البقيّة بَقِيَّة ثَمُود مَا نجا مَعَ صَالح أحد إلاّ الْمُؤمنِينَ وَكَانَ شيد النصح لدولة بني مَرْوَان مُجْتَهدا فِيهَا يرى إِبَاحَة قتل من كَانَ يخالفهم أَو يطعن عَلَيْهِم وَبِهَذَا التَّأْوِيل قتل من قتل وَقَالَ فِي بعض خطبه اسمعوا)
وَأَطيعُوا لخليفة الله وصفيّه عبد الْملك وَالله لَو أمرت النَّاس أَن يخرجُوا من الْمَسْجِد فَخَرجُوا من بَاب آخر لحلَّت لي دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالهمْ وَالله لَو أخذت ربيعَة بمضر لَكَانَ ذَلِك لي من الله حَلَالا وَقَالَ فِي وَصيته عِنْد الْمَوْت هَذَا مَا أوصى بِهِ الْحجَّاج بن يُوسُف وفيهَا وَلَا يعرف إلاّ طَاعَة الْوَلِيد بن عبد الْملك عَلَيْهَا يحيى وَعَلَيْهَا يَمُوت وَعَلَيْهَا يبْعَث وَأوصى بتسعمئة درع جَدِيد ستمئة مِنْهَا لمنافقي أهل الْعرَاق يغرون بهَا وثلاثمئة للترك وَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن عَنْبَسَة بن سعيد بن الْعَاصِ قيل للحجاج بن يُوسُف حِين أجلى النبط من الْأَمْصَار إِلَى أصولهم مَاذَا دعَاك إِلَى إجلائهم فَقَالَ حَدثنِي ثَلَاثَة عشر من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا ازدادت النبط فِي الْإِسْلَام عزّاً إلاّ ازْدَادَ الْإِسْلَام ذلاً فَذَلِك الَّذِي دَعَاني إِلَى إجلائهم وَعَن ثَابت عَن أنسٍ قَالَ حدثت الْحجَّاج بِحَدِيث العرنيّين فَلَمَّا كَانَت الْجُمُعَة قَامَ يخْطب فَقَالَ أتزعمون أَنِّي شَدِيد الْعقُوبَة هَذَا أنس حَدثنِي عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَنه قطع أَيدي رجال وأرجلهم وسمل أَعينهم قَالَ أنسٌ فوددت أَنِّي مت قبل أَن أحدثه وَقَالَ عمر بن
عبد الْعَزِيز وَذكر الْحجَّاج لقد ولي الْعرَاق وَهُوَ أوفر مَا يكون من الْعِمَارَة فأخسَّ بِهِ إِلَى أَرْبَعِينَ ألف ألف وَلَقَد أدِّي بِهِ إليّ فِي عَامي هَذَا ثَمَانُون ألف ألف وَإِن بقيت إِلَى قَابل رَجَوْت أَن يؤدَّى إليّ مَا أدّي إِلَى عمر بن الْخطاب مئة ألف ألف وَعشرَة آلَاف الف
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر كَانَ عمر بن عبد الْعَزِيز يبغض الحجّاج فَنَفْس عَلَيْهِ بكلمةٍ قَالَهَا عِنْد الْمَوْت اللَّهُمَّ اغْفِر لي فَإِنَّهُم يَزْعمُونَ أَنَّك لَا تفعل
وَقيل لِلْحسنِ كنت تَقول الآخر شرٌّ وَهَذَا عمر بن عبد الْعَزِيز بعد الْحجَّاج فَقَالَ الْحسن لَا بدَّ للنَّاس من متنفسات وأرجف النَّاس بِمَوْتِهِ فَخَطب وَقَالَ إِن طَائِفَة من أهل الْعرَاق وَأهل الشقاق والنفاق نَزغ الشَّيْطَان بَينهم فَقَالُوا مَاتَ الْحجَّاج وَمَات الْحجَّاج فَمه وَهل يَرْجُو الْحجَّاج الْخَيْر إلاّ بعد الْمَوْت وَالله مَا يسرُّني أَن لَا أَمُوت وأنّ لي الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَمَا رَأَيْت الله رَضِي التخليد إلاّ لأهون خلقه عَلَيْهِ إِبْلِيس حَيْثُ قَالَ إِنَّك من المنظرين فأنظره إِلَى يَوْم الدّين وَلَقَد دَعَا الله العَبْد الصَّالح فَقَالَ هَب ي ملكا لَا يَنْبَغِي لأحد من بعدِي فأعطاهالله الْبَقَاء فَمَا عَسى أَن يكون أَيهَا الرجل وكلكم ذَلِك الرجل كَأَنِّي وَالله بِكُل حيٍّ مني ومنكم مَيتا وَبِكُل رطب يَابسا ثمَّ نقل فِي ثِيَاب أَكْفَانه إِلَى ثَلَاثَة أَذْرع طولا فِي ذِرَاع عرضا فَأكلت الأَرْض لَحْمه ومصَّت صديده وَانْصَرف الحبيب من وَلَده فقسم الحبيب من مَاله إِن الَّذين يعْقلُونَ)
يعْقلُونَ مَا أَقُول ثمَّ نزل
قَالَ الزبْرِقَان كنت عِنْد أبي وَائِل فَجعلت أسبُّ الْحجَّاج وأذكر مساوئه فَقَالَ لَا تسبّه وَمَا يدْريك لَعَلَّه قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِر لي فغفر لَهُ وَقَالَ رجل لِسُفْيَان أشهد على الْحجَّاج وعَلى أبي مُسلم أَنَّهُمَا فِي النَّار فَقَالَ لَا إِذا أقرّا بِالتَّوْحِيدِ وَسمع ابْن سِيرِين رجلا يسبُّ الْحجَّاج فَقَالَ مَه أَيهَا الرجل إِنَّك لَو وافيت يَوْم الْقِيَامَة كَانَ أَصْغَر ذَنْب عملته قطّ أعظم عَلَيْك من أعظم ذَنْب عمله الْحجَّاج وَاعْلَم أَن الله حكمٌ عدلٌ إِن أَخذ من الْحجَّاج لمن ظلمه شَيْئا فسيأخذ للحجّاج مِمَّن ظلمه فَلَا تشغلنَّ نَفسك بسبّ أحد ورؤي فِي الْمَنَام هُوَ وَعبد الْملك يسحبان أمعاءهما فِي النَّار وَفِي مَنَام آخر قَالَ قتلني بِكُل قتلة قتلت بهَا إنْسَانا ثمَّ عزلت مَعَ الْمُوَحِّدين
وَلم يخلِّف الْحجَّاج لما مَاتَ غير ثلاثمئة دِرْهَم ومصحفاً وسيفاً وسرجاً ورحلاً وَكَانَ يَقُول عِنْد احتضاره مَا لي وَلَك يَا سعيد بن جُبَير وَلما مَاتَ لم يعلم بِمَوْتِهِ أحد حَتَّى أشرفت جاريةٌ فَقَالَت أَلا إِن مطعم الطَّعام ومفلَّق الْهَام وَسيد أهل الشَّام قد مَاتَ من الْبَسِيط
(الْيَوْم يَرْحَمنَا من كَانَ يغبطنا
…
وَالْيَوْم يأمننا من كَانَ يخشانا)
وَبَقِي الْحجَّاج والياً للحجاز ثَلَاث سِنِين وللعراق عشْرين سنة لعبد الْملك وتسعاً للوليد وَمَات الْوَلِيد بعد الْحجَّاج بِتِسْعَة أشهر
وَالْحجاج أول من أطْعم على ألف خوان كل خوان عَلَيْهِ عشرَة رجال وَعَلِيهِ جنب شواء وثريدة وسمكة ورنيّة فِيهَا عسل وَأُخْرَى فِيهَا لبن وَكَانَ يَقُول لمن يحضر غداءه رَسُولي إِلَيْكُم الشَّمْس إِذا